رواية اسرت قلبه ( كاملة جميع الفصول ) بقلم سولييه نصار


 رواية اسرت قلبه المقدمة

-خالتو نوال أنا رايحة الكلية .
قالتها مياس وهي تأخذ حقيبة الظهر الخاصة بها ثم ارتدتها مسرعة ...وضعت النظارة الشمسية على حجابها الوردي بينما كانت ترتدي قميص احمر طويل وبنطال ازرق من الجينز ...تضع كحل اسود على عينيها مبرزا جمال اتساع عينيها الزرقاء  وأحمر شفاه باهت تمسك هاتفها لكي تتصل  بخطيبها وحب حياتها عندما تخرج ...
-يا مياس يا بنتي طب افطري الأول !
قالتها نوال وهي تخرج من المطبخ وبيدها تحمل صينية بها بضع شطائر وعصير جوافة المفضل لديها ..ولكن مياس هزت رأسها وقالت :
-هأكل في الكلية سلام يا خالتو..
ثم قبلت خالتها وخرجت من الشقة السكنية مسرعة ...أخرجت هاتفها واتصلت به ...
-أيوة يا حبيبي  صباح الخير .....ازيك .....أنت في العيادة صح ؟!
ابتسمت وهي تستمع لصوته العذب وقالت :
-انا رايحة الكلية دلوقتي ...متنساش أنك النهاردة أنت معزوم عندنا ...أنا هطبخلك بإيدي ..
ضحكت بخفوت :
-طيب سلام مش هعطلك عن شغلك ...ربنا معاك ..
ثم أغلقت الهاتف وابتسمت وهي تكمل سيرها خارجة البناية الراقية التي تسكن بها ...تشعر وكأنها تطير من السعادة ...فها هي خطيبة ذلك الرجل الذي احبته....رغم سنواتها العشرون لم يدق قلبها الا له هو ..قابلت مياس عمر عندما ذهبت له لكي تفحص خالتها حيث ان عمر هو طبيب عظام مشهور حيث تعيش ...حدثت الشرارة بينهما منذ اللحظة الاولى ...وهو لم ينتظر  اكثر ...لم يكن يبحث عن علاقة عاطفية عابرة...بل كان يريد الاستقرار ...والاستقرار كانت فكرة تلمع براسه ما ان رآها...شعر ان تلك هي المرأة التي يريد ان يقضي حياته معها ...امرأة جميلة ..خفيفة الظل ...صغيرة ...ومتعلمة أيضا حيث انها ترتاد كلية العلوم ...كانت بها كل مواصفات فتاة أحلامه التي أرادها يوماً...ولانه رجل يستغل الفرص في اليوم التالية لزيارتها زارهما هو طالباً يدها للزواج...هكذا دون تفكير...دون  تريث ...هو يراها فرصة يجب استغلالها وهو استغل فرصته وحصل عليها!!
ابتسمت وهي تخرج من شرودها وهي تضع كفها الصغير داخل جيب بنطالها وهي تشرد مرة أخرى ...
لم تنتبه مياس للرجل الغريب الذي كان يراقبها من بعيد وفي عينيه شر كبير ..بل كانت مبتسمة وهي تسير تشعر ان احوالها على ما يُرام....صحيح انها فقدت اهلها بحادث مؤ لم منذ عامين الا ان الله عوضها بخالتها التي تحبها كثيرا فقد ترملت خالتها منذ صغرها ولم تكن تنجب لذلك لم تتزوج مرة آخرى لذلك اعطتها كل العاطفة في قلبها ..
تنهدت مياس وهي تفكر لو تزوجت ماذا ستفعل خالتها ...لذلك قررت ان تتحدث مع عمر في إمكانية أن تعيش معهما بعد الزواج فهي لا يمكنها أن تتركها بمفردها 
قررت ان تُسرع قليلا وتستقل سيارة أجرة الا أن فجأة رجل ضخم اقترب منها يضع كِمامه سوداء  على وجهه  . .نظرت إليه بقلق ونظرت حولها وجدت المكان خالي نوعا ما ...كادت ان تتراجع الا أن هذا. الرجل أخرج زجاجة ثم  أمسك ذراعها بغلظة وسكب الحمض على   وجهها لتصرخ مياس بقوة وتغطي جانب وجهها وهي تشعر بالغليا ن به ...
دفعها وهر ب الرجل مسرعا بينما سقطت مياس على الأرض وهي تصرخ !!
...........
-في المشفي ...
-أستاذ عامر ايه اللي حصل ...
قالتها نوال وهي تنهت بقوة ...منذ ان اخبرها عامر بوجود مياس في المشفي تركت ما بيدها بسرعة ..
اطرق عامر وقال :
-أنا كنت خارج من العمارة لقيتها واقعة على الأرض وبتصر خ وهي مغطية وشها ..فركبتها عربيتي وجبتها هنا فورا ...
-ايوة بس ايه اللي حصل ؟!!
قالتها نوال بر عب ثم أكملت :
-ليه كانت ماسكة وشها...
ابتلع عامر ريقه وقال:
-فيه حد رش حمض على وشها...
لطمت نوال بقوة وصرخت والدموع تحتشد بعينيها وتقول :
-يا حبيبتي ...يا حبيبتي !!!
-خالتي !!!
كان هذا صوت عمر الذي جاء لاهثاً....اقتربت منه نوال والدموع تنهمر من عينيها بينما تمسكه من ذراعه بقوة وتقول :
-مياس....مياس يا عمر ...مياس....
ثم لم تتحمل ما حدث وأُغشي عليها ...
........
بعد مرور ثلاث أشهر  ...
وبعد عدة عمليات لم تُسفر عن أي شئ سوى انها زادت من الأ لم الذي تشعر به مياس ...وكانت النتيجة هو تشوه دائم وروح ممتلئة بالمرارة !!
.........
في غرفة مظلمة كروح صاحبتها...لا تدل أبداً على وجود حياة بها ...الستائر منسدلة والمرآة مغطاه بقماش ثقيل ...
كانت مياس جالسة على فراشها  ..دموعها تتساقط بتتابع على وجهها ...
طرقة صغيرة على الباب اتبعها دخول خالتها ...بسرعة أنزلت مياس غطاء النقاب الأسود التي ترتديه دوما 
نظرت نوال إليها بشفقة وقالت:
-ليه يا بنتي قاعدة في الضلمة ؟!
-معلش يا خالتو أنا مرتاحة كده ....
تنهدت نوال بحزن ولكنها لم تجادلها أكثر من هذا ...رغم كل الذي تفعله الا انها لم تستطيع أن تُصلح الضر ر النفسي بمياس فها هي بعد حادثتها تركت حتى كليتها ولم تعد تداوم حتى انها ترفض الذهاب للاختبارات...
...ابتسمت وقالت لها: 
-مياس حبيبتي  خطيبك برا حابب يشوفك .
-عمر ..
قالتها بلهفة وهي تمسح دموعها من تحت نقابها  لتهز نوال رأسها وتقول :
-اخرجيله ...
    .....
بعد عشر دقائق بالضبط كانت مياس قد خرجت من الغرفة ترتدي فستان أزرق لطيف ...تُغطي وجهها بالنقاب وابتسامة مترددة على شفتيها وهي ترى خطيبها التي كانت ملامحه فارغة تماما...عينيه السوداء كانت جوفاء لا مشاعر بها إطلاقاً بينما وجهه الوسيم  ذو التقاطيع الرائعة  كان متجهم ارتعش قلبها وكل ما كانت تريده ان تلقي نفسها بين ذراعيه وتبكي ...تبكي ما حدث لها 
-عمر ..
-أنا كُنت بجيلك كل يوم الفترة اللي فاتت بس خالتك قالت أنك مش مستعدة تقابلي أي حد ...
تنهدت مياس وجلست وهي تفرك كفيها..كانت تتوقع ان تجد في صوته اللهفة ولكن الفراغ هو كل ما شعرت به :
-أسفة يا عمر الأيام اللي فاتت كانت صعبة شوية عليا ...
-عارف يا مياس ...
قالها متنهداً ثم أكمل :
-أنا أسف عشان بيحصلك ده كله ...وأسف على اللي هيحصل بعد كده !
نظرت إليه بحيرة ليقول هو بإرتباك :
-أنا مش هقدر أكمل يا مياس !!!
ترطبت عينيها بالدموع وقالت بإختناق :
-ليه ...ليه يا عمر ؟!
ولكنه لم يرد عليها ...فرفعت النقاب وقالت:
-عشان ده ؟!عشان بقيت مشو هة عايز تسيبني؟!!!!بصلي يا عمر ...أنا لسه مياس ...مياس حب حياتك زي ما كنت بتقول دايما و...
ولكنها بترت حديثها عندما وجدته  يشيح  بوجهه وهو يغمض عينيه بقوة وقال:
-مش هقدر أتحمل ...سامحيني يا مياس مش هقدر أتحمل !!
كان شكلها صعب عليه تحمله ...هو يحبها ولكن لن يكون شخص مخادع ويخبرها ان جمالها لا يهمه ...هو يهتم بجمالها كثيرا .. ..فهذا هو أول شئ جذبه لها ..كيف يعيش مع امرأة يحبها ولكن لا يطيق النظر لوجهها !!
شهقت وقد بدأت الدموع تطفر من عينيها ....لم ينظر إليها وظل مشيحاً وجهه وخلع طوق الزواج من إصبعه ووضعه على الطاولة قائلاً:
-بتمنى ربنا يعوضك بالأحسن مني ... سلام...
ثم نهض ليُغادر مسرعاً ولكنها قبضت على كفه وقالت بصوت منهار:
-عمر ...متسبنيش ...أنا هعمل عملية تاني وهرجع زي الأول بس متسبنيش أنت كمان !!!
أمسك عُمر كفها وأبعده عن كفه وقال بحزن :
-أنا أسف .
ثم تركها مُسرعاً وذهب خارجاً ...تاركاً إياها وهي محطمة !!

تعليقات



×