رواية طريق المقابر ( عهد الملعون ) ( جميع فصول الرواية كاملة ) بقلم عبد الناصر محمد

رواية طريق المقابر ( عهد الملعون ) الفصل الاول بقلم عبد الناصر محمد

"طريق المقابر: عهد الملعون"

انا حاسس بكل حاجه، انا شايفهم و حاسس بكل لمسة كأنها نار بتاكل في جسمي.. 

انا حاسس بالسواد اللي بياكل في كل عروقي، المسخ دا بيحاول يخليني نسخه تانية منه.. بس انا ميت، انا متأكد اني ميت و دا اكيد عزاب من ربنا ليا.. 

بس كان وسط العزاب اللي انا فيه دا، في صوت بسيط انا بسمعه كأن في حد بينبش في القبر من فوقي، 

معرفش انا كنت قادر اركز مع الصوت دا ازاي في وسط العزاب اللي انا فيه.. كأني بوهم نفسي ان حد جاي ينجدني... 

بس مره وحده الجسس كلها بدأت تتراجع و تبعد عن جسمي، و ناا ببصلهم و مش قادر اتحرك من مكاني، بصيت لجسمي اللي اتشوه و السواد اللي لسه مكمل فيه، حتى بعد ما هما بعدوا عني ، مبقيتش فاهم حاجه.. 

الكيان كان واقف قدامي، مبتسم ابتسامة مفهاش أي رحمة.

"لسه قدامك فرصة لو عايز تخرج."

رفعت عيني ، ببصله و ملامحي بين الرعب واليأس، ولساني نطق بصوت متكسر: 

"إزاي؟"

الكيان ميل ناحيتي، نبرة صوته كانت همسة باردة، همسة بتدخل تحت جلدي زي سكينة بتقطع فيه، انا كل دقيقة بتعدي عليا هنا بتعيشني في عزاب عمري ما شوفته:

"بيعها لي."

حسيت بقلبي بيقف للحظة.

"ابيع إيه…؟"

"روحك ياحسن،انت بقيت ملعون ومحدش هينجدك غيري."

انا النفس كان بيطلع مني بسرعة، دماغي بتلف، عارف إن مفيش مفر، مفيش مخرج… مفيش فرصة تانية.

رديت قولتله.. "ولو وافقت…؟"

ابتسملي وقتها، وعيونه السودا لمعت في الضلمة.
"هسيبك تخرج… بس روحك هتبقى القربان الأول، ودمك هيبقى المفتاح… وبعد أول خطوة، مفيش رجوع، ولا حتى للموت ياسيدي، اي رأيك؟."

مكنتش فاهم يقصد ايه بس مش مهم، المهم اني اخرج من اللي انا فيه دا. 

"موافق،موافق علي كل اللي تطلبه مني."

انا قولتها بس الصوت اللي خرج مني دا مش بتاعي، صوت كان طالع من جوايا بس مش صوتي.. 

في اللحظة دي، مد إيده، إيده اللي كانت مليانة شقوق سودا، بتنزف حاجة شبه الدم ، وحطها على صدري.

"دلوقتي الدم اتكتب، روحك بقت ملكي ،هتخرج من هنا بس مش هتخرج لوحدك، انا سحبتك لحد هنا اه بس انت اللي جيتلي برجليك، انت حررتني و دلوقتي انت فعلا بقيت الملعون."

انا صرختي شقت الضلمة، في حاجة بتخرج مني… حاجة مش ملموسة لكنها كانت كل حاجة جوايا، إحساسي، كياني، كل حاجه بتهرب من جسمي...جسمي اللي بقى متكفن في كفن اسود، كفن انا شوفته و لمسته قبل كدا. 

وفي اللحظة دي.. صوت الحفر بدأ فوقي من تاني...
صوت النبش و التكسير رجع... 
الصوت كان واضح المره دي … صوت حاجة بتتحرك… حد بيشيل الحجر اللي اتقفل عليا ونا في القبر..!

الجو بقى عبارة عن سكون تام... و فجأة نور باهت بيدخلي جوه القبر، نور جاي من شمعة بسيطة، 
بس لسه ملامح اللي فتح القبر مش باينه... 

قرب من القبر اكتر....

الرعب و الهلع مسكني، من المنظر اللي انا شايفه قدام عيني 
"اييييييييهه... ازايي، مين داااا..؟!!" 

اللي كان واقف فوق القبر… مش حد عادي..

دا انا، انا اللي كنت بنبش في القبر وبحاول افتحه ، بس مش نفس النسخة المشوهة اللي انا عليها دلوقتي… لا ده حسن الحقيقي.. 
سليم،  وملامحه طبيعية، نفس الشخص اللي دخل القبر قبل ما المسخ دا يدفنه.

النسخة بصت لي بصدمة، كأنها مش قادرة تصدق اللي شايفاه... انا عايز اصرخ، عايز امد إيدي ليه، اطلب منه يساعدني… بس جسمي مش ملكي.

حسيت بإيدي بتتحرك لوحدها… كل حركة مش بإرادتي، انا بتفرج على جسمي وهو بيتحرك لوحده… أو لأ، مش لوحده—جسمي و روحي بقوا تحت حكم الكيان خلاص وانا مجرد شاهد على اللي بيعمله بس.

"كنت دايما مستنيك، كنت لازم تكون هنا علشان تسد مكانك... تحت الارض في حاجات مش لازم تطلع".

الصوت خرج مني بنفس النبرة اللي سمعتها قبل كدا.. نفس الكلام، نفس الصدمة و الحسرة اللي كنت فيها مرسومة علي وش حسن. 

ايدي اتمدت بقوة… شدت النسخة اللي قدامي لجوه القبر، بنفس العنف اللي انا اتسحب بيه قبل كدا… نفس المشهد بيتكرر، نفس السيناريو، لكن الضحية نسخه تانية مني.

عيني كانت مليانة رعب، مش لأني شايف نفسي بتسحب للقبر…  لأني مش قادر اوقف نفسي... صوتي محبوس، أفكاري كانت صريخ مستمر، بس انا مجرد شاهد… شاهد على نهايتي اللي بتتكرر تاني قدام عيني.

النسخة التانية بتاعتي وقعت مكاني… واللحظة اللي جسمها لمس الأرض، كل حاجة حواليها بدأت تتحرك… الكيانات المتفحمة قربت منها، بدأت تلمسها، نفس اللعنة اللي مسكت فيا، كأن القبر الملعون دا لازم العزاب فيه يفضل مستمر ليوم الدين... والقبر اتقفل عليه. 

"حلقة الدم اكتملت، لعنة قديمة ولازم تتحقق، وكل اللي من دمك و ساعدك… لازم يشوف بعنية."

الكيان كان بيتكلم بصوتي، الكيان اللي كان مسجون أخيرًا بقى حر ..  بقى حر بسبب جهلي و فضولي، اللي بقى السبب ف اللي حصل و لسه هيحصل، اللعنة منتهتش، اللعنة لسه هتبدأ. 

وفي اللحظة دي، خرج برا القبر... 

"نفس الكفن اللي رسمته ف خيالك ياحسن  نفس الوش و الملامح اللي كنت بتشوفها في احلامك ، نفس العنين اللي مليانه سواد." 

"تحت الارض في حاجات مكنش لازم تخرج يا ملعون".

اتحركت لحد ماطلعت ع اول طريق المقابر في نفس السيناريو القديم، نفس الماشية و نفس السواد، وقفت و انا دماغي بتفكر في اللي ممكن يحصل.. ودلوقتي انا باخد اول خطوة في طريقي الجديد...  
الفصل الثانى من هنا
 

تعليقات



×