رواية سوء تفاهم سامر ورحمه الفصل الرابع عشر بقلم بتول عبدالرحمن
الجملة وقعت في المكان كالقنبلة، أول حد اعترض كان أبو ليلى، اللي رفع رأسه بسرعة وقال بحدة "مش هيحصل، ليلى مش هتخرج من هنا، أنا مش هقدر أكون بعيد عنها."
مراد بصله بهدوء، وعينيه مكانتش فيها أي تردد "يا عمي، ليلى دلوقتي مراتي، وشرعًا، المفروض تعيش معايا، تسمع كلامي أنا، مش كلام حد تاني، وأنا قررت اخدها ونمشي"
الجد بصله وقال باستهجان "وايه السبب اللي يخليك تاخد القرار ده؟"
اتنهد وقال " عايز اكون حر انا ومراتي"
ثريا رفعت حاجبها بسخرية " قصدك ان........"
مراد لف نظره ليها وقال بهدوء حاسم "لو تقصدي إنك السبب، فهقول لاء، إنتي مش قاعدة هنا علطول، فبالتالي مش عاملالي أي مشكلة، لكن... متنسوش إن شغلي في القاهرة، وحياتي هناك اصلا "
مراد سكت فجده كمل وقال "كمل، عايز أسمع كل اللي في دماغك."
مراد لف عينه ناحية أمه، اللي كانت ساكتة، بتراقب بصمت، وبصوت هادي لكنه حاسم قال "وللمرة الألف، هقولك يا أمي، ياريت تيجي معايا، متسبيش نفسك في المكان ده، اللي عمرك ما كنتِ مرتاحة فيه."
الكل بص ناحيتها منتظر ردها، لكنها نزلت عينيها وقالت بصوت ضعيف "مش هقدر، هنا مكاني، وهفضل فيه طول عمري."
مراد شدد على أسنانه، لكنه ما ضغطش عليها أكتر، هو عارف إنها اتعودت على الحياة دي، لكنها مش عارفة إنها تستحق حياة أفضل، رفع عينه تاني ناحية جده اللي لسه عيونه عليه، جده سأله بهدوء مخيف "ولو قولت لاء؟"
مراد بص له بثبات، متهزش ولا اتردد، قال بحزم "يبقى أنا آسف، بس القرار مش في إيد حد غيري"
سهام وثريا كانوا بيتبادلوا النظرات، ثريا حست أن لو مراد مشي هيا مش هتعرف تخلص من ليلى، لازم تتصرف، قالت " وايه كمان؟ بتكافئها بايه تاني يا مراد، واحده زي دي مينفعش تعمل عشانها كل ده، دي زيها زي الخدم اللي هنا"
مراد حرك رأسه بيأس، قال بهدوء " وده انتي قررتيه خلاص، بقيتي انتي اللي تقرري وتاخدي القرارات"
وقفت بعيون مليانة غضب وقسوة، نظرتها كانت بتخترق مراد، اللي كان واقف قدامها ببرود، ملامحه مبتتحركتش وهو بيسمعها بتتكلم بحدة "إنت اتجوزتها وداريت عنها فضيحة بجلاجل، وانت عارف كويس أوي إن اللي زيها مصيرهم إيه؟"
مراد رفع حاجبه ببرود وقال بصوت هادي لكنه كان مرعب "مصيرهم إيه؟"
شدت ضهرها وبصوت جاف قالت "مصيرهم القتــ ـل، البنت دي عار على العيلة، لما حد بيغلط غلطة زي دي يبقى لازم يموت."
الهواء في الصالة بقى تقيل، الكل كان بيتابع المواجهة دي بترقب، بس مراد؟ مراد كان واقف ببرود خطير، ابتسم بخبث وقال بنبرة كلها تحدي "حلو، خليكي قد كلامك بقى."
عقدت حواجبها بعدم فهم، لكنه حوّل نظره فجأة ناحية رحمة، اللي حسّت إن الدم انسحب من جسمها وهيا شايفه نظراته
صوت مراد جه واضح، قاطع السكون المخيف اللي حلّ على المكان "كده في حد هنا يستحق يموت."
رحمة اتجمدت في مكانها، عينيها وسعت بخوف، هل معقول... معقول عرف حاجة؟!
"بالظبط... يا ترى هتصلح غلطتك بقى؟"
مراد ضحك بسخرية، ضحكة كانت مليانة تهديد أكتر، وبنبرة باردة قال "مغلطتش عشان أصلحها، بس في حد تاني واقف بينا هنا يستحق القتل، لأن زي ما قولتي... هو ضيع شرف العيلة."
رحمة حست بجسمها بيترج، قلبها كان بيدق بسرعة جنونية، فهمت إنه يقصدها، قررت تنسحب بهدوء قبل ما تتحول المواجهة دي لكابوس، بس مجرد ما حاولت تتحرك، صوته جه أقوى، أقسى، وكأنه كان مستني اللحظة دي "رايحة فين يا رحمة؟ مسمعتيش كلام جدتك اللي أمك زنت عليها بيه ولا إيه؟ يا ترى ليكي نفس الرأي؟"
رحمة حسّت إنها محاصرة، عيون الكل عليها، وكأنها متهمة في محكمة، لكنها كانت متأكدة من حاجة واحدة... مراد مش هيسيبها تهرب بسهولة.
لفّ عينه في الصالة، كل الوجوه كانت متجمدة، الصدمة حاضرة في كل نظرة، حتى ثريا اللي كانت دايمًا متماسكة، لأول مرة ملامحها تهتز.
رحمة، واقفة مكانها، عينيها اتغرقت بالدموع، أول مرة تحس بالخوف بالشكل ده، صوتها طلع مهزوز وهي بتقول بتردد "يعني إيه؟ مش فاهمة..."
مراد قرب خطوة، نبرته كانت أخطر وهو بيرد "أفهمك، وماله..."
مدّ إيده بهدوء، مسك الفون، وصله بالشاشة الكبيرة، وفي لحظه ظهر فيديو…
الكل شافه، كل حاجة بقت واضحة، رحمه كانت مع الشاب اللي ماشيه معاه، في وضع مش ولا بد
صدمة، غضب، عدم تصديق… رحمة حست برجليها بتترج، نفسها بقى متقطع، كأنها وقعت في حفرة ملهاش قاع.
مراد، بهدوء قاتل، قفل الفيديو، بصّ لجده مباشرة وقال بصوت واضح "إيه يا جدو؟ فيه تبرير؟ يا ترى، إيه بقى التبرير على فيديو زي ده؟ بكامل قواها العقلية، مع واحد هي ماشية معاه، مش أول مرة، لا كانت مغيبة، ولا كانت في الشارع، ولا حتى بحجابها!"
الصالة غرقت في سكون مرعب، محدش قادر يرد، محدش قادر حتى يتحرك، كل العيون كانت موجهة ناحية سهام، اللي وقفت متجمدة، ملامحها فقدت لونها، قلبها كان بيدق بجنون وهي بتبص لبنتها… بنتها اللي كانت دايمًا فخورة بيها، دلوقتي واقفة قدامها وعارها مفضوح قدام العيلة كلها.
رحمة رفعت عيونها، بصت لأمها بضعف، لكن سهام مقدرتش تردلها النظرة، كل حاجة كانت بتنهار حواليهم… واللي جاي أسوأ
الجد بصّ لرحمة بعيون مليانة غضب وقسوة، صوته جه قوي وثابت " الفيديو ده حقيقي ؟!"
سهام اللي ردت بسرعه وقالت " اكيد لاء يابا، انت تصدق ان رحمه تعمل كده؟!"
قال بحده " مطلبتش منك انتي اللي تتكلمي"
وجه نظره لرحمه وقال " ردي يا بنت بنتي"
رحمه كانت بترتجف، مش مصدقه اللي بيحصل، ازاي اصلا، بصتله وقالت بصوت مهزوز "جدي، و... والله العظيم ما عملت حاجة!"
الجد ضرب بعكازه الأرض، صوته كان كالرعد وهو بيقول "الكلام ده ميكفيش! الفيديو واضح وصريح، وانتي ساكته ومش قادرة تدافعي عن نفسك!"
دموع رحمة كانت بتنزل غصب عنها، قلبها كان بيدق بجنون، نظرات العيلة كلها كانت مصوبة عليها، سهام كانت واقفة مكانها، مش قادرة تدافع عن بنتها أكتر من كده، كأنها منهارة من جواها.
رحمة هزت راسها بضعف وقالت "جدي، حد لعب في الفيديو… حد عايز يوقعني في المصيبة دي… أنا مستحيل أعمل كده، مستحيل!"
مراد ضحك بسخريه، الجد سكت شويه بيفكر وقال
"هسيبلك فرصة واحدة… زي ما عملت مع ليلى، لو هو مستعد ييجي ويتجوزك، هتمشي معاه بالحلال، لكن لو مجاش، أبوكي هيعرف، وانتي عارفة هو ممكن يعمل إيه!"
رحمة شهقت بخوف، جسمها بدأ يرتجف، عرفت إن الجد مبيهددش، وإن اللي جاي أخطر بكتير من اللي فات.
مراد، اللي كان واقف متابع المواجهة بنظرة باردة، رفع حاجبه وقال بصوت ساخر لكن فيه حدة "هو مش لسه هيعرف؟ الفيديو مع البلد كلها."
الكل شهق بصدمه، عارفين إن والد رحمة راجل شديد، راجل مبيقبلش الغلط، راجل ممكن يقتلها بدون تردد لمجرد أنها غلطت غلطه زي دي
ثريا حست إن الأرض بتتهز تحتها، لأول مرة تفقد السيطرة على الأمور، سهام وقفت مكانها، عنيها بتلمع بالدموع، مش مصدقة إن حياتهم كلها ممكن تنهار في لحظة.
رحمة رفعت عينيها بخوف، بصت لجدها، بعدين لمراد، وقالت بصوت متقطع "لا… لا يمكن…"
لكن الحقيقة كانت واضحة… النهاية قربت، ومفيش مفر
مراد كمل بصوت أقوى، نبرته كانت كلها غضب وتهديد "أنا فصلت الفيديو…اللي اتشاف جزء صغير، لسه الفيديو كامل وأسوأ من كده، ولو عايزين تتأكدوا، هتلاقوه مع أي حد في البلد."
الهدوء اللي كان في الصاله اتكسر بصوت شهقات مكتومة، عيون مليانه بالخوف، وقلوب بترتعش، كل واحد فيهم استوعب معنى الكلام، الكارثة مش بس جوه البيت ده… الكارثة انتشرت!
مراد رفع صوته أكتر، عنيف، قاطع، ملامحه كانت مرسومة بالغضب القاتل "أنا حلفت قسم… حلفت إني أنتقم لليلى من اللي أذاها، وأنتوا؟ فضحتوها مرتين قبل كده! آه، مش بنفس الصورة، بس أنا انتقامي أقوى… أنا مش بسيب حقي!"
كانت كلماته زي السكاكين بتطـ ـعن الكل، سهام كانت واقفة، قلبها بيتقطع، إحساس القهر قتــ ـلها، إزاي بنتها تتفضح بالمنظر ده؟ إزاي الفضيحة تجيب العار للعيلة بالشكل ده؟
رحمة نفسها كانت بتترجف، أدركت إن نهايتها خلاص قربت، عداد عمرها بدأ يخلص، وأي محاولة للنجاة دلوقتي شبه مستحيلة.
أما ثريا، فكانت مشلولة، لسه من لحظات كانت بتقول لازم ليلى تتحاسب، لكن دلوقتي… هل كلامها ده ينطبق على رحمة كمان؟ هل هتقدر تواجه الحقيقة بالطريقة اللي فرضتها على غيرها؟
أم مراد كانت واقفة وقلقانة، كانت عارفة إن اللي حصل مش هيعدي، وإن النار اللي ولعوها هتحرق الكل، بلا استثناء.
أما أبو ليلى، فكان واقف متحير، مش عارف يفرح إن مراد رجع حق بنته، ولا يزعل على بنت أخته اللي اتدمرت حياتها!
وأخطرهم الجد، كان متجمد مكانه، نظرته قاسية بس عنيه فيها لمحة صدمة، الأمور وسعت، خرجت عن السيطرة، ورغم إنه عمره ما شجع القتل… إلا إنه عارف إن أبو رحمة مستحيل يسكت.
دلوقتي، كلهم في انتظار العاصفة اللي على وشك إنها تبتلعهم
الباب اتفتح بعنف، صوته دوّى في المكان زي طلقة رصاص، وكل العيون اتجهت ناحية المدخل، وهناك… وقف أبو رحمة، ملامحه كانت مرعبة، وراه رجالة كتير، وشوشهم كلها غضب واستعداد للدم!
صوته جه زي الطوفان وهو بيقول بغضب مكتوم "فينها؟ فين ال*** اللي جابتلي العار؟"
رحمة حست برجليها بتخونها، نفسها اتحبس، وعينيها لفّت على الكل كأنها بتدور على مهرب… بس مفيش مهرب!
ثريا كانت واقفة ثابتة، لكنها حسّت إن الوضع خرج عن السيطرة، نظرتها راحت لمراد اللي كان واقف مكانه ببرود، كأنه مجرد متفرج.
أبو رحمة لفّ بعينه على الموجودين، ولما وقعت عينه على بنته، كان المنظر أشبه بعاصفة، خطى ناحيتها بخطوات سريعة، رحمة تلقائيًا تراجعت، لكن كان مستحيل تهرب "يا بنت الـ...!"
إيده ارتفعت بسرعة، لكنها منزلتش، لأن صوت سهام قطع الجو المشحون وهي بتصرخ "لاااااا! بالله عليك يا أخويا، دي بنتك، حرام عليك، اسمعني!"
أبو رحمة لفلها، عنيه كانت مليانة احتقار وهو بيقول "بنتي؟ دي لسه بنتي؟ دي فضحتنا ووسخت اسمنا كله! مهي ربيتك الوسخه "
رحمة كانت مرعوبة، دموعها محبوسه في عينيها وهي بتبصله برجاء، لكن ماقدرتش تنطق بأي كلمة.
" هغسل عاري بايدي"
صوته كان قاطع، محدش قدر يعترض، شد رحمة من دراعها، جرّها معاه رغم مقاومتها الضعيفة، ووسط توسلات سهام اللي انهارت على الأرض وهي بتعيط، خرج من البيت، ورجالته اتبعوه.
حاولت تروح وراهم، لكن الجد وقفها بنظرة صارمة، صوته جه قاطع "انتي السبب في كل ده، لو كنتي ربيتي بنتك صح ما كنتوش وصلتوا للفضيحة دي!"
دموعها نزلت، مش عارفة ترد، مش عارفة تعمل إيه، في اللحظة دي حست إنها فقدت كل حاجه
الدنيا سكنت للحظات ، كأن كل الأصوات ماتت.
ثريا أخدت نفس عميق ومسحت على جبينها، وبصت لمراد، اللي كان لسه واقف بجمود، كأنه مشافش أي حاجة.
أما سهام، فرفعت عنيها له، نظرتها كانت مليانة كره، مش مصدقة إنه كان واقف متفرج ومعملش أي حاجة، بل كان سبب اللي حصل
"إنت السبب!"
نطقت بيها بصوت مليان حقد، قبل ما تمشي وتسيب المكان، سايبه وراها جو مليان توتر، ونظرات كلها تساؤل عن اللي جاي
رحمه في عربية ابوها مرعوبه، الأجواء مشحونة بالخوف والتوتر، عقلها مش قادر يستوعب اللحظة اللي هي فيها، أبوها وصل لمكان مهجور وبعيد، شدها بعنف من العربيه، صوته كان بيزلزل المكان "وسختي شرفك يا ***، جبتيلي العار!"
رحمة كانت في حالة انهيار تام، حاولت تتكلم، تدافع عن نفسها، بس هو كان بيصرخ، مش مهتم بكل توسلاتها، وكل اللي قاله كان "لازم أغسل عاري بإيدي!"
طلع المسدس من جيبه ووجهه ناحيتها، دمه بيغلي
رحمة، وهي في حالة انهيار تام، حاولت بكل ما تبقى لها من قوة تتوسل ليه، وقالت بصوت خافت، مكسور "والله ما كان قصدي! والله ما كنت أعرف! أنا آسفة، آسفة! سامحني، اديني فرصه"
لكن مشاعر الغضب كانت أقوى من كل شيء، هو كان متجاهل تمامًا توسلاتها، مسدس في إيده، ضغط على الزناد... الوقت كان بيقف، وكان قلبها بيدق بسرعة، وكل شيء حواليها كان في حالة من الهمس والصمت المقلق، طلعت الرصاصه عرفت اتجاهها، فوقعت على الأرض سايحه في دمها
عدت أيام على موت رحمة، البيت كان أشبه بمقبرة، السكون قاتل وكل زاوية فيه مشبعة بالحزن والندم، أمها، سهام، كانت عايشة بنص روح، عيونها غارقة في السواد، والدموع بقت جزء من ملامحها، مفيش حاجة قادره تخفف وجعها، الا الانتقام
مراد كان واقف قدام ليلى، ملامحه جامدة، لكن في عينيه كان فيه نوع من الحزن، وكأن الموضوع أكبر من مجرد قرار هيمشيه في حياته، ليلى كانت لسه مش مستوعبة اللي حصل، هزت راسها، عينها مليانة دموع، والموقف كان بيخنقها، حسّت إنها في عالم تاني.
مراد قرب منها وقال لها بهدوء "ليلى، كان لازم ده يحصل، هما كانوا بيخططوا يعذبوا فيكي من الأول، كانوا عايزين يدمروا حياتك، كانوا عايزين يعملوا فيكي نفس اللي حصلها"
ليلى ردت بصوت متأثر "أنا خوفت يا مراد... القتل هنا سهل، سهل جدًا."
مراد حط إيده على كتفها وقال "وأنتِ مش لوحدك، هنمشي من هنا، خلاص كده، مينفعش نعيش وسط الناس دي تاني."
ليلى هزت راسها وقالت له " لازم نمشي، نمشي ونبدأ حياتنا من جديد، نعيش مع بعض بعيد عن كل ده."
مراد بصلها بنظرة هاديه، ابتسم وقال "وهنبدأ من أول وجديد، هنكون مع بعض في مكان ما يهمناش فيه حد غيرنا"
سهام كانت قاعدة في أوضتها، عنيها مسمرة في الفراغ، ودماغها شغالة بأقصى سرعة، الحزن على رحمة كان قاتلها، بس دلوقتي الغضب هو اللي كان مسيطر، مراد… لازم يدفع التمن، لازم يحس بنفس الوجع اللي حسته، لازم يندم على اللحظة اللي وقف ضدهم فيها، هيا عارفه هتحرق قلبه ازاي
مراد نزل وراح آخر الجنينه، لقى شاديه مستنياه هناك، أول ما شافته، قربت منه بسرعة وقالت بصوت متوتر "ناويين يخلصوا من مدام ليلى، قالوا هيخلصوا منها زي ما عملوا قبل كده في أي حد وقف قدامهم."
مراد ضيق عينيه وقال بحزم "قولي التفاصيل يا شادية، عايز أعرف كل حاجه."
شادية أخدت نفس وقالت "سمعت مدام سهام بتقول إنها هتنتقم لرحمة، بس مكنوش بيتكلموا في التفاصيل، كل اللي عرفته إن ثريا هانم قالتلها تتخلص منها من غير شوشره."
مراد حس بغضب مكتوم، بس مسح على دقنه بايده وحاول يفضل هادي " بس كده؟!"
شاديه هزت راسها وقالت " ايوه، مستنيين الوقت المناسب"
مراد بص لها نظرة كلها جدية وقال " حاولي تعرفي ناويين يعملوا ايه بالظبط، عايز التفاصيل"
شادية بلعت ريقها وردت بثقة "حاضر، هحاول"
تاني يوم مراد دخل اوضته، كانت ليلى واقفة مستنياه وكل حاجة جاهزة، دخل وبص حواليه، قبل ما يسأل بهدوء "كله جاهز؟"
هزت رأسها وقالت "آه، لميت كل حاجة، بس تفتكر بابا هنا هيكون كويس؟"
مراد رد بثقة "مش هيقدروا يعملوا حاجة، مشكلتهم معايا أنا."
ليلى اتنهدت بقلق وقالت "يبقى نمشي بسرعة، حاسة إني مخنوقة أوي هنا، خاصة كل ما أشوف عمتو سهام، بتبصلي كأني السبب في اللي حصل لبنتها."
مراد قال بحزم "لو حد السبب يبقى هي، متحطيش في دماغك وانسي كل اللي فات، من النهاردة هنبدأ حياة جديدة بعيدة عن كل ده."
راح ناحية الشنط، مسكها وقال وهو خارج "هنزل الشنط في العربية، خليكي هنا."
ليلى بصتله وهو ماشي، قلبها مقبوض، لكنها حاولت تقنع نفسها إنهم خلاص هيسيبوا كل حاجة وراهم، وهما على وشك بداية جديدة
سهام كانت مراقباهم، سامعه كل كلامهم، شافت مراد بينقل الشنط بحرص، ابتسمت بخبث وهي بتهمس لنفسها "مش بالسُّهولة دي يا ابن اخويا."
في الوقت ده، كان مراد بيحط آخر شنطة في العربية، وبعدها ليلى نزلت وهي متوترة، ركبت جنبه وقالت " انت شايف انه صح نمشي من غير ما نعرف حد"
مراد بصلها وقال " لما نوصل أو حتى نخرج من هنا هرن علي جدو اعرفه، بس لازم نمشي في السر آمان اكتر"
ليلى اتنهدت وقالت وهي بتبص حواليها " أنا فعلا مش هرتاح غير لما نخرج من هنا، حاسة بخنقة."
مراد رد وهو بيحاول يطمنها "احنا خلاص في اخر خطوه، إن شاء الله خير."
بعد فتره ليلى بصتله وقالت " مراد انا عايزه اقولك حاجه"
بصلها وقال " سامعك، قولي "
ابتسامتها وسعت وقالت " أنا......"
لكن قبل ما تكمل الجملة، فجأة ظهرت عربيتين قدامهم قطعوا طريقهم
ليلى شهقت بخوف، قلبها بدأ يدق بسرعة، وهي بتبص لمراد بقلق، بس هو كان كل خوفه عليها، مش على نفسه.
بصلها بجدية وقال "اقفلي العربية، ومتفتحيش الباب مهما حصل."
مسكت إيده بسرعة وعينيها مليانة رعب "لاء، متنزلش، مراد، لاء!"
لكن مراد كان قراره محسوم، قال بحزم "اهدي، واسمعي الكلام."
سحب إيده منها، نزل وقفل العربية بإحكام، مستعد لأي حاجة هتحصل إلا أنها تتإذي
مراد وقف قدام العربية، عينيه بتتحرك بسرعة بين العربيتين اللي حاصروه.
البابين اتفتحوا وخرج منهم رجالة كتير، ملامحهم شرسة وكلهم مسلحين.
شد اكتافه واستعد، صوته كان هادي لكنه محمل بالتهديد " من غير شوشره، ابعدوا عن طريقي احسن ليكوا"
بس محدش رد، واحد منهم رفع سلاحه وابتسم بسخرية "مش بمزاجك، احنا مش هنأذيك"
شاور على ليلى وقال " بس سلمهالنا"
مراد شد حواجبه، ضحك بسخريه، وبسرعة، أول ما حس إن الحوار مش هينفع، ضرب أول واحد قريب منه، حركته كانت سريعة وقوية، خلّته يوقع السلاح من إيده، لكنه ماكانش لوحده، الرجالة هجمت عليه دفعة واحدة، كان بيقاوم، يضرب ده ويوقع التاني، بس كانوا كتير، كل ما يوقع واحد، غيره يهجم عليه.
ليلى كانت بتصرخ جواه العربية، بتضرب على الإزاز وهي شايفة مراد بيتكالبوا عليه، حاولت تفتح الباب، لكن القفل كان محكم.
ضربة قوية جات لمراد على ضهره، وقع على ركبه وهو بيحاول يستجمع نفسه، لكن قبضة تانية نزلت على وشه، نزف من شفته لكنه حاول يقوم، بس رجالة كتير كانت متركزة عليه، ماسكينه وبيضربوه بعنف.
واحد منهم راح للعربية، كسر الإزاز وسحب ليلى وهي بتصرخ "مراد!!"
مراد حاول يقوم، حاول يوصلها، لكن ضربوه تاني، وقع على الأرض وهو مش قادر يتحرك، نظرته كانت كلها غضب وهو شايفهم بياخدوها قدامه، صوته طلع ضعيف لكنه محمل بوعد "هجيبيكوا.. والله لهجيبيكوا!"
ليلى فضلت تصرخ وهي بتتحرك معاهم، عينيها مليانة دموع، كل اللي في بالها إنها تفضل مع مراد، لكن الضلمه غطتها لما حطوا حاجة على وشها، وحطوها في العربيه واتحركوا، مراد حاول بكل قوته يتماسك، لكن كل قواه انهارت، عينيه قفلت مع بعد العربيه عنه
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم