رواية مداهنة عشق الفصل السابع 7 بقلم اسماء ايهاب

 

 

رواية مداهنة عشق الفصل السابع بقلم اسماء ايهاب

انهت أسيل ارتداء ثيابها و وضع زينتها البسيطة التي ترسم معالم وجهها المليح برقة و وقفت ترتب هيئتها امام المرآة عدلت من ياقة قميصها الرسمي ابتسمت برضا و هي تمد يدها لتأخذ زجاجة عطرها المفضل و تنثر منه علي ثيابها و رقبتها ثم وضعته محله علي طاولة الزينة و توجهت نحو زوجها الغافي الغارق بعالم الاحلام و لم يشعر بها و هي تتحرك بالغرفة و تتجهز جلست الي جواره علي طرف الفراش ابتسمت بحب و هي تتأمل ملامحه المحببة لها و تمد يدها تمرر اناملها علي وجنته التي تنبتت بها بعض الشعر قبل ان تميل بخفة تلثم وجنته بقبلة حانية ثم اعادت القبلة بجبهته و انتقلت يدها علي خصلات شعره تمسد عليها هامسة بلطف و رقة :
_ حبيبي قوم هتتأخر علي الشغل 

همهم باجابة ناعسة و هو يأخذ يدها عن رأسه يحتضنها لتتوقف عن العبث معه و ايقاظه ، ضحكت اسيل بمرح علي حركته المعتادة و رفعت يدها الاخري تعبث من جديد بخصلاته قائلة بتنبيه :
_ فارس قوم بقي هتتأخر 

فتح عينه بكسل و ما ان رأها امامه حتي ابتسم تلقائياً و قبل يدها المحتجزة بين احضانه قائلاً بصوت متحشرج اثر النوم :
_ صباح الخير يا حبيبتي 

انحنت تقبل وجنته من جديد ثم استندت علي مرفقها لتصبح قريبة منه و تمرر يدها الاخري علي كتفه بحنو تهمس بحب :
_ صباح النور يا عيوني ، يلا قوم خلينا نفطر سوا قبل ما اروح الشغل

جذب ذراعها اليه برفق يحاول جعلها تتسطح الي جواره قائلاً بنعاس :
_ تعالي بس نامي في حضني شوية و بعدين نبقي نشوف موضوع الفطار دا

ضحكت بدلال قبل ان تحاول ابعاده عنها متحدثة :
_ هتأخر و الله عندي اجتماع مهم بس عايزة افطر مع حبيبي قبل ما اخرج 

تنهد بقوة و هو يعتدل نائماً علي ظهره يتماطع بكسل قبل ان يردف بهدوء :
_ حاضر هقوم حضريلي بس هدومي 

اومأت اليه و تركته يأخذ وقته حتي يستفيق و اتجهت نحو الغرفة الصغيرة المخصصة للملابس لتخرج له ملابسه التي عبارة عن حله من اللون الازرق الداكن و رابطة عنق مماثلة للون و قميص ابيض و اخرجت حذاء اسود من الجلد اللامع و في النهاية اخذت ساعة يد فضية فاخرة كانت هديتها له منذ شهر تقريباً ثم خرجت الي غرفتها واضعة ملابسه علي الفراش و حذاءه علي الارض اخذت هاتفها تنوي النزول ابتسمت بحب قبل ان تتوجه الي باب المرحاض تطرق طرقة واحدة قائلة بهدوء :
_ انا نازلة احضر الفطار علي ما تخلص يا فارس 

نزلت الدرج متوجهة الي المطبخ وجدت العاملة تحضر وجبة الفطور و تخبرها انها سوف تخرجه علي الطاولة علي الفور لتأخذ أسيل بعض من الصحون علي صنية فضية متوسطة الحجم تساعد العاملة في وضع الطعام علي الطاولة و حين انتهت استمعت الي رنين هاتفها لتسرع الي اخذ هاتفها عن الطاولة عقدت حاجبيها بتعجب حين رأت رقم غير معروف لكنها فتحت الاتصال واضعة الهاتف علي اذنها تهتف بهدوء :
_ الو ، أسيل التهامي مين معايا 

استمعت الي صوت تعلم هويته تمام العلم و لذلك امتعض وجهها بضيق و هي تستمع الي تلك الجملة المقيتة :
_ و الله صوتك وحشني يا اسيل 

التفتت تنظر الي الدرج لتري هل نزل زوجها و حين اطمئنت انه لم يصل بعد التفتت من جديد مبتعدة قليلاً حتي النافذة الزجاجية تنظر الي الخارج حيث الحديقة تتحدث من بين اسنانها المتلاحمة بغضب :
_ انت عايز اية بتكلمني لية ؟

تأتأ باستفزاز قبل ان يجيبها بهدوء مبتسماً :
_ انتي لية دايما عصبية كدا 

صكت علي اسنانها بقوة اكبر تكبح ما بداخلها من غضب اتجاه ذلك الشخص ثم تحدثت بحدة تضغط علي كف يدها الاخر بقوة :
_ اسمع اذا شوفت رقمك تاني هيكون ليا تصرف مش هيعجبك و ساعتها هتندم انك كلمتني اصلاً

انهت حديثها بشراسة لم تعهدها علي نفسها قبلاً و لكن كان من شدة انفعالها و ما كادت ان تغلق الهاتف حتي سمعت صوته يصدح بأذنها من جديد جعلها تتجمد بمحلها غير قادرة علي اغلاق المكالمة و لا حتي الرد عليه :
_ علي اية كل الانفعال دا و انا اللي مكلمك اباركلك علي الصفقة الجديد لجوزك معايا 

ظلت في صمت لدقيقة حتي نطقت بتلعثم متسائلة ان كان صح سمعها :
_ مـ ، معاك انت ؟!

صدحت ضحكته المقيتة من الطرف الاخر جعلها تستفيق تماماً من صدمتها و انتبهت الي حديثه التالية الذي كان يتهكم به من زوجها :
_ هو كمان بيخبي عليكي شغله كنت فاكر انك انتي اللي بتساعديه 

انهي حديثه بصوت ساخر يلقي الي حالتها المادية الافضل عن زوجها الجديد في مجال الاعمال لتستشيط غضباً منه و تتحدث بصوت مرتفع دون وعي منها قائلة باحتقار :
_ انت احقر راجل ممكن اشوفه في حياتي و لا يمكن هصدق ان فارس يشتغل معاك ابداً و المرادي مش هسكتلك يا امير 

ما ان انتهي حديثها حتي اغلقت المكالمة الهاتفية و هي تتنفس بحدة و ساد وجهها اللون الاحمر من شدة الغيظ و لم تنتبه الا علي صوت زوجها من الخلف و الذي لم يأتي الا علي اسم امير التي نطقته أسيل في نهاية جملتها بصوت مرتفع ليهتف بهدوء :
_ بتكلمي مين يا أسيل 

انتفض جسدها بارتباك حين صدح صوته خلفها تماماً لتتنفس بهدوء عدة مرات قبل ان تلتفت اليه تتحدث بصوت ثابت حتي لا يظهر غضبها او حتي ارتباكها :
_ مفيش يا حبيبي شغل 

تقدم فارس نحوها بخطوات هادئة و عينه قد تغيرت نظراتها و اصبحت قاتمة تنب عن غضبه من كذبها عليه و قد سمع اسم ذلك الحقير يصدح بقوة بأذنه جعل من الغضب يأكل احشائه اكلاً و زاد ذلك الغضب حين لم تخبره هي عن ذلك ، دس يديه في جيب بنطاله حين توقفت قدميه امامها تماماً همهم اولاً بتفهم قبل ان ينظر الي عينها مباشرةً قائلاً بهدوء لا يليق بتلك النظرات الحادة :
_ و هو امير دلوقتي بقالك معاه شغل ؟

صمتت و لم يجيب علي سؤاله لتبتلع ريقها بتوتر جلي علي وجهها و هي تنظر الي نظراته الحادة و غضبه الذي يظهر تدريجياً علي صفحات وجهه و افجلت حين التفت يضرب المقعد بقدمه بغته و في حركة سريعة يصيح بغضب ظهر للتو علي نبرته :
_ ما تنطقي كلمتي امير لية 

مررت يدها علي خصلات شعرها الذي تساقط علي جبهتها لترفعه الي الاعلي قبل ان تتقدم منه تضع يدها علي ذراعه تمسد عليه بحنو قائلة بنبرتها الرقيقة التي اصبحت الآن تثير استفراز غضبه الشديد :
_ طب اهدي بس و الله مانا اللي كلمته هو اللي كلمني 

امسك ذراعها الايمن بقوة يقبض عليه بكف يده قائلاً بصوت مرتفع و لم يهتم الي ألمها الذي ظهر في تأوه خرج متألم من بين شفتيها :
_ و تردي عليه لية 

كادت ان تجيب عليه ليتابع هو غير سامحاً لها بالتبرير و هو يشعر بالغيرة الشديدة تتأكله قائلاً بعصبية :
_ مقفلتيش في وشه لية 

حاولت فك اسر ذراعها الذي ألمها بشدة و هي تصرخ به بضيق من شدة غضبه الذي يجعلها تتألم دون وعي منه :
_ لانه كان بيباركلي علي الصفقة اللي عملتها معاه 

و حين نطقت بجملتها تلك حتي تراخت يده عن ذراعها لتسحبه سريعاً تمسد عليه برفق و هي تتألم في حين عقد هو حاجبيه بتعجب يردد بتساؤل :
_ صفقة اية دي اللي مع امير ؟

عقدت ذراعيها امام صدرها و هي تنظر اليه بصمت غاضب و هذا جعله يشير الي الباب يهتف بتساؤل حاد و هو لا يستوعب انها من الممكن ان تكون صدقت حديث ذلك الحقير عن شراكته معه :
_ انت عايزة تفهميني اني هسيب كل الشركات دي و هحط ايدي في ايد واحد كان خطيب مراتي لا و كمان شغله شمال ؟

و قبل ان تتحدث و تفسر له رأيها كان يصدح صوت هاتفها ينبه عن وجود رسالتين نظرت بالهاتف بعدم اهتمام لتغلق صوته و لكن لفت انتباهها تلك الجملة المكتوبة لتفتح الرسالة لتجد صورة لورقة و اسفل قد كُتب :
_ لو مش مصدقة ادي العقد و امضت جوزك عليه 

ابتلعت صدمتها و هي ترفع الهاتف امام زوجها تريه تلك الصورة الذي اتسعت عينه بذهول فور رؤيتها و التقط الهاتف يدقق بتلك الصورة و ما ان رأي امضاء صحيح له حتي هتف بعدم تصديق : 
_ مستحيل

***********************************
عاد من العمل في الصباح ككل يوم لعمله في خدمة التوصيل الليلية و اتجه الي البناية المقتن بها حتي يصعد تلك الغرفة الخاص به و يتنعم بنوم هادئ يريح به جسده المتعب و ما كاد ان يصعد الدرج حتي وجد آسيا تخرج من البناية ترتدي ملابس رياضية سوداء و تضع حقيبة كبير بعض الشئ علي كتفها ترفع خصلات شعرها العسلية المموجة الي الاعلي و يتدلي خلف ظهرها مرت عينه عليها بتفحص و قد اظهرت تلك الملابس قوامها الممشوق و المتناسق و المُلفت كـ "عارضة ازياء" ، ابتسمت آسيا بغرور حين التقطت عينه التي تدور عليها و يلتمع بها الاعجاب واضحاً كوضوح الشمس لترفع يدها تلوح امام عينه حتي ينتبه اليها قائلة بمكر :
_ انت روحت فين يا زيزو 

حمحم بخشونة يستعيد السيطرة علي نفسه و شروده بها الذي وضعه بموقف مُحرج الآن و رفع يده يعبث بخصلات شعره بحرج قبل ان يتحدث بهدوء مبتسماً :
_ صباح الخير 

اتسعت بسمتها الهادئة و هي تعدل الحقيبة علي كتفها تجيبه :
_  صباح النور 

نظر اليها باستفهام و هو يري ملابسها الرياضية قبل ان يسأل بتردد و بداخله يريد ان يجبرها علي مرافقتها لاي مكان تريده :
_ تحبي اوصلك لو رايحة مكان بعيد 

ازدادت دقات قلبها لثواني و هي تفكر ان تذهب معه بدلاً من السيارة التي طلبتها من ذلك الموقع الالكتروني الشهير و التي علي وشك الوصول بعد دقائق معدودة أرادت ان تقضي معه بعض الوقت و دون داعي لتبرير فعلتها لنفسها ابتسمت و هي تنظر الي هاتفها لتلغي ذلك الطلب تردف بتأييد لحديثه :
_ ياريت ، انا رايحة الچيم و هو بعيد عن هنا بكتير 

اشار الي دراجته النارية التي كانت علي بعد قليل منهما و تقدم عنها يصعد الدراجة و صعدت هي خلفه محتضنة حقيبتها تملي عليه العنوان و انطلق الاخر بالدراجة سريعاً رغم شعوره بالارهاق الشديد الذي يغزو جسده و لكن قبل وصولها المكان المنشود وضعت يدها علي كتفه متحدثة بصوت مرتفع حتي يستمع اليها وسط الضجيج بالشارع :
_ استني انا غيرت رأيي مش هروح الچيم 

اوقف الدراجة علي جانب الطريق و التفت برأسه اليها يسأل بتعجب عن قرارها الذي تغير باللحظة الأخيرة :
_ لية ؟ اومال هتروحي فين 

هي بالاصل اوقفته دون ان تعلم اين تريد الذهاب غير النادي الرياضي و لكنها تود لو يأخذها الي اي مكان جديد عليها لم تذهب اليه قبلاً من تلك الاماكن البسيطة الذي يعرفها حتي دون ان تفكر ان كان سيناسبها ام لا لذلك وضعت يدها علي كتفه تتحدث برقة :
_ انا عايزاك توديني اي مكان بسيطة نفطر فيه اي مكان مروحتوش قبل كدا 

ابتسم و هو يعلم الي اين سيأخذها الآن دون حتي التفكير لدقيقة في ارهاقه او عدم رغبته في تناول اي طعام اومأ اليها يخبرها بهدوء :
_ هنروح مكان قريب من هنا امسكي جامد 

امسكت بكنزته من الخلف حيث انطلق هو من جديد حيث وجهته و التي كانت منطقة شعبية قريبة منهما نظرت حولها بتعجب و هي لا تجد اي مطعم في هذا المكان حتي توقف امام عربة صغيرة لبيع "الفول و الفلافل" تجمدت و هي تنظر الي العربة بارتباك و لم تكن تتوقع ان يأتي بها الي هنا كيف ستعترض الآن و تسبب له الاحراج و قد لاحظت انه صاحب عزة نفس و لا يقبل بأن يحط احداً من شأنه ، نزل عن الدراجة و أخبر البائع بطلبه قبل ان يلتفت اليها قائلاً بمرح :
_ اظن دا مكان عمرك ما روحتيه 

راقب تعابير وجهها للحظات قبل ان يكمل حديثه قاصداً اغاظتها و لا يعلم لما فعل فقط يريدها ان تتجادل معه و تتحدث اكبر قدر ممكن :
_ بس لو من العيال الفافي و مش هتتحملي الاكل دا نروح مكان تاني 

كانت تود لو تصرخ و تخبره انها من تلك الفئة و تريد الذهاب علي الفور و لكن ابي عنادها ان تفعل بل نزلت عن الدراجة و هي ترفع رأسها بغرور قائلة :
_ لا طبعاً انا اقدر اكل اي حاجة علي فكرة

اشار لها ان تقترب من العربة و بالفعل وقفت الي جواره امام العربة و قد وضع لهما البائع طلبهما مد يده لها بقطعة من الخبز لتأخذها منه بتردد و نفسها تحذرها بعدم المجازفة فهي لا تتناول سوا الطعام الصحي فقط و لم تكن تتناول غيرهم منذ صغرها لكنها مدت يدها تتناول لقمة من صحن "الفول" و للحق نال اعجابها و اتسعت عينها بانبهار من مذاقه و همهمت باستمتاع و هي تتذوقه لأول مرة بحياتها ، ابتسم باتساع علي ردة فعلها و راقبها و هي تكمل طعامها بنهم و شهية و أكل بهدوء غير راغب بالطعام من الاصل بل هو ياكل حتي لا تتراجع عن تناولها الطعام حذرها حين وجدها تأخذ قطعة اخري من الخبز و تبلغ البائع بوضع بعض الفلافل التي تكاد تنتهي قائلاً :
_ آسيا كفاية مدوسيش اوي هتتعبي و دي اول مرة تأكلي منها

ابتلعت ما بفمها و هي تراقب البائع يضع لها المزيد امامها قائلة بضيق :
_ ملكش دعوة 

ثم التفتت تنظر اليه رافعة حاجبها الايسر بغيظ تكمل حديثها و تذكر تلك الكلمة الذي وصفها منذ قليل :
_ انت فاكرني فافي و لا اية 

كبح ضحكته بصعوبة و هو ينفي برأسه ثم اشار الي الصحون من جديد باستسلام لرغبتها في تناول المزيد ثم هتف بمزاح :
_ انا مفكرتش حاجة براحتك كملي بس افتكر اني قولتلك بلاش 

***********************************
استعدت جنة للتأكد من اخر التجهيزات اللازمة للعرض القادم و قد كانت ترتدي فستان من اللون الابيض الطويل به فتحة طولية عن ساقها تصل الي فخذها ذات اكمام طويلة و فتحة صدر واسعة بعض الشئ و وضعت بعض مستحضرات التجميل بشكل هادئ علي وجهها نظرت في المرآة من جديد تلقي نظرة علي مظهرها و خصلاتها الحريرية المرتبة و ما ان التفتت حتي وجدت يوسف "چو" امامها تنفست بهدوء و هي تحاول لملمت شتات نفسها و عدم اظهار توترها امامه و ستحاول قدر المستطاع ان تنفذ وصية آسيا لها في تجاهله و عدم الاهتمام بوجوده ، نظر اليها برضا علي مظهرها الذي يظهر مميز ككل مرة ليردف بجدية :
_ قوليلهم بس يأكدوا علي سوستة الفستان

هزت رأسها بهدوء كأجابة صامتة منها عكس تلك المرات التي كانت تتلهف للرد عليه كاد ان يذهب من امامها الا انه توقف ينظر اليها من جديد قائلاً بتساؤل :
_ آسيا عاملة اية دلوقتي ؟

قبضت علي كفها بقوة تحاول السيطرة علي غيظها منه و من تصرفاته الغبية لكنها رسمت ابتسامة لطيفة علي ثغرها تجيبه بهدوء :
_ الحمد لله احسن يا يوسف كان ممكن تكلمها علي فكرة بدل ما كل شوية تسألني 

اجابها ببساطة و هو يرفع كتفيه الي الاعلي قائلاً :
_ مبتردش 

صكت علي اسنانها بغيظ و هي تلتفت برأسها الي الجهة اليسري هامسة بغضب منه :
_ ردت الماية في زورك يا اخي

عقد حاجبيه حين لم يستمع الي ما تقول لينظر الي وجهها و هو يسأل باستفسار :
_ بتقولي حاجة يا جنة 

نفت برأسها و هي تلتفت للمرة الاخيرة للمرآة تنظر الي نفسها متحدثة بجمود لا تعلم كيف خرج بحديثها اليه :
_ لا ابداً بقول اني رايحة اظبط ظهر الفستان يا يوسف

انصرف يوسف يراقب سير التحضيرات في حين كانت هي تسب نفسها و حماقتها التي اوقعتها في حب هذا المتبلد حتي بدأت تخبر عاملة الحياكة بما تريد ثم و اتجهت الي المقعد تجلس بهدوء حتي تأتي و تبدأ بعملها و هي تحاول تجاهل يوسف و عدم الاهتمام بوجوده متبعة تعليمات آسيا حتي وجدته يقف امامها ينادي بأسمها سعدت داخلها من نجاح الخطة في اقل من يوم واحد و لكن سرعان ما بهت وجهها و ظهر علي ملامحها الغضب حين تحدث لها بهدوء :
_ ينفع تيجي معايا نزور آسيا ؟

************************************
تتسطح آسيا علي الفراش يظهر عليها الاعياء الشديد و بيدها قنية طبية لتصل المحاليل الي وريدها بعد ان اغشي عليها بالشارع لشدة حساسية معدتها التي اعتادت علي الطعام الصحي و بمجرد انتهائها من تلك الوجبة الدسمة التي تناولتها لاول مرة سقطت علي الارض اسفل قدمي زيدان الذي صُدم مما حدث لها و لكنه تدارك نفسه سريعاً و حملها يهرول بها نحو اقرب مشفي ، تأوهت بألم و هي تفتح عينها ببطئ تحاول الاستفاقة ليجلس زيدان القرفصاء جوار الفراش متسائلاً بقلق :
_ انتي كويسة يا آسيا 

اصدرت آنة متألمة و هي تنظر اليه متسائلة بارهاق :
_ حصل اية ؟

_ ما قولتلك متدوسيش و كفاية لحد ما لقيتك مرة واحدة متكومة علي الارض 

اجابها زيدان بمرح و هو يحاول كبح ضحكته بصعوبة لتظهر ابتسامة واسعة علي محياه لم يستطع التحكم بها متذكراً هيئتها و هي تكمل طعامها غير مبالية بتحذيره ، امتعض وجهها بغيظ و هي تصيح به بضيق :
_متكومة !! و بعدين ما انت اللي ودتني من الاول لعربية الفول و انا اكلي كله صحي 

رفع حاجبه متهكماً قبل ان يقف معتدلاً يدس يده بجيب بنطاله قائلاً بسخرية :
_ بس انا وديتك تدوقي مش تخلصي علي عربية الفول و بعدها تقولي اكلي كله صحي 

تأففت بضيق من نفسها هذه المرة فقد حذرها عدة مرات من تناولها تلك الكمية لكنها لم تستمع له مصممة ان تثبت له بكل حماقة انها قوية تقدر علي تحمل اي شئ حتي و ان كان هذا الطعام و ليست من الاشخاص "الفافي" كما وصفهم هو لتضم شفتيها بغيظ قبل ان تسأل :
_ طب هروح امتي ؟ 

ابتسم و هو يري لومها لنفسها جلياً علي صفحات وجهها المرهق ليحاول ان ينهي هذا الموقف حتي لا يزداد غضبها قائلاً :
_ هروح انادي للدكتور و اجي 

خرج من الغرفة بعد ان انهي جملته متوجهاً نحو الطبيب في حين وضعت هي يدها علي معدتها تحمد الله ان الامر قد مر بسلام هذه المرة علي وعد بعدم تكرار التجربة مرة اخري ابداً ...

وصلت أمام البناية بعد ان سمح لها الطبيب بالرحيل من المشفي نزلت من سيارة الاجرة التي استقلتها معه بعد ان ترك دراجته النارية في أمانة بائع "الفول" و فر بها نحو المشفي تقدمت نحو الداخل في هدوء و هو خلفها يتسأل عن حالها الآن و ما كادت ان تصعد الدرج حتي استمعا صوت من خلفهما امام بوابة البناية :
_ استني يا آسيا 

تعرف هذا الصوت حق معرفة لذا ظهر الحنق علي معالم وجهها و هي تلعن صاحبه و اوقاته الخاطئ ، التفتت لتجد يوسف يقترب منها و خلفه تقف جنة تنظر اليها بأعتذار تفحصها يوسف جيداً ترتدي ثيابها الرياضية و يبدو عليها الاعياء لذا خطر علي عقله ان قد اصابها مكروة اثناء ممارستها الرياضة ليتحدث بقلق واضعاً محاوطاً كتفيها براحتي يده في تقرب منفر :
_ مال وشك حصلك حاجة في الچيم 

نظرت الي يده التي علي كتفها كما فعل زيدان الذي ذم شفتيه كابحاً غيظه من وقاحة هذا الشاب رفعت حاجبها باستنكار و هي تبعد يده عنها بقوة قائلة :
_ انا تمام يا چو تمام 

ضغطت علي حروف كلماتها بتحذير مبطن يعلمه جيداً ليبتعد عنها خطوة الي الخلف في حين نطق  زيدان مشيراً اليها بالوداع قائلاً باستهزاء :
_ طب اسيبك مع اللذاذة دي كلها و اروح اجيب المكنة 

اومأت اليه و هي تكبح ضحكتها مجيبة :
_ شكراً يا زيدان 

غمز بعينه تلقائياً و هو يشير بجوار اذنه علي هيئة هاتف و تحدث بمشاكسة :
_ لو احتاجتي حاجة كلميني 

جذب اسلوبه في الحديث معها انتباه يوسف الذي تحدث مشيراً اليه باستنكار :
_ مين دا 

نظر اليه زيدان من اعلي الي اسفل و هو يتحدث بحدة :
_ عبده البواب يخصك في حاجة 

توجه نحو الخارج ليأتي بدراجته النارية تاركاً يوسف يغلي من الغضب و آسيا التي تحاول كبح ضحكتها بصعوبة حتي تحدث جنة لتنقذ الموقف قائلة :
_ بلاش نطلع بقي عند جدك طالما اطمنا عليكي 

نظرت اليها آسيا بتوعد و هي تضيق عينها عليها قبل ان تشير الي الاعلي قائلاً بهدوء :
_ لا اتفضلوا نطلع البيت بيتكم 

***********************************
حاوطت رُقية رأسها بكلتا يديها و هي تشعر بألم يكاد يفتك بها لا يهدئ ابداً مهما حاولت من شدة بكائها و تفكيرها الدائم في حل للخروج من تلك الورطة التي اوقعتها بها زوجة خالها كيف يخف ألمها و عقلها لا يكف عن نسج خيالات واقعية عن وضعها حين تتزوج ذلك الرجل ، استمعت الي دقات علي باب غرفتها لتسمح للطارق بالدخول بصوت ابح غير واضح و لكن فُتح الباب و دلفت اليها "سماح" و هي ترتدي ملابس الخروج نظرت الي حالتها تلوي شفتيها بسخرية قبل ان تتحدث بحدة تلفت انتباه الاخري :
_ انا نازلة رايحة لعطاء عشان تحدد مع الراجل ميعاد كتب الكتاب و هشتريلك شوية حاجات بالفلوس اللي بعتهالك

نظرت اليها رقية بغضب و اعين حمراء منتفخة اثر البكاء تهتف بشراسة و كأنها تود لو تقوم بقتلها الآن بدم بارد :
_ مش عايزة حاجة 

عقدت سماح حاجبيها بضيق من تلك الفتاة التي لا تشكرها مهما فعلت معها و تحدثت بغضب :
_ ان شاء الله ما عوزتي حاجة انا مضطر اجبلك عشان منظر خالك قدام الراجل بعد ما بعت الفلوس 

انهت حديثها و هي ترمقها باستياء قائلة بحدة :
_ يتك قرف بومة ، دا الراجل هيتطفش منك و من بوزك

خرجت من الغرفة غالقة الباب خلفها بقوة و هي تتمتم بكلمات حانقة علي افعال رقية حينها وقفت رقية عن الفراش تدور حول نفسها بهسترية و هي تشعر بالضياع و عقلها كالمطرقة لا تقف عن الدق و صوت انفاسها المتسارعة اصبحت تنافش دقات عقارب الساعة ...

ارتمت جالسة علي ركبتيها و قد هدأت تماماً و كأن الله انزل السكينة علي قلب تلك المسكينة و ارتسمت ابتسامة علي ثغرها حين انار لها الله الطريق و رأت الحل امام اعينها الذابلة لتهمس بلهفة :
_ عمتي 

كيف لم تفكر في اللجوء الي عمتها منذ البداية كيف استطاعت ان تنسي وجودها لمجرد اشياء قد مضي عليها سنوات ، وقفت سريعاً عن الارض و اتجهت نحو خزانة الملابس تأخذ حقيبتها الكبيرة المخصصة للسفر و القت بها ملابسها و مستلزمتها باهمال حتي انتهت لتغلق الحقيبة و تبدأ في تبديل ملابسها و جسدها يرتجف بحماس شديد لفت حجابها بأهمال و اخذ الحقيبة تجرها خلفها قبل ان تخرج من المنزل بشكل نهائي هاربة من افعال زوجة خالها و تجبرها عليها و محاولة اخراجها من منزل والدتها اخرجت الهاتف بعد ان وصلت الطريق العام ترسل لخالها رسالة نصية قصيرة معتذرة منه عن هروبها و تفسر له ما قامت زوجته بفعله اغلقت الهاتف نهائياً و القته بحقيبته متنهدة بارتياح ثم رفعت رأسها الي الاعلي تهمس برجاء تناجي ربها :
_ يارب ساعدني ، مش عايزة اشوفه تاني مش عايزة اتوجع تاني 



تعليقات



×