قصة منزل رقم 79 كاملة بقلم صبحي المصري
"المنزل رقم 79"
في حي قديم من أحياء القاهرة، كان في شارع مهجور معروف باسم "زقاق المَوتى"، اسم غريب لكن ليه سبب.
في نص الشارع ده كان موجود بيت متهالك، رقمه "79"، محدش بيعدي قدامه بعد المغرب، ومفيش حد بيجرؤ حتى يبصله.
بطل قصتنا اسمه "آدم"، شاب شغوف بالتصوير، خصوصًا تصوير الأماكن المهجورة.
في يوم وهو بيبحث عن مواقع جديدة، سمع عن المنزل ده، وقرر من غير تفكير إنه يروح يصوره.
وصل آدم للمكان قبل المغرب بشوية. الجو كان غريب... السكون مرعب، كأن الشارع كله ميت.
وقف قدام البيت، كانت الواجهة مكسورة، الشبابيك مكسره بالكامل، والباب مخلوع متآكل من الرطوبة.
آدم ابتسم لنفسه، قال:
"مكان مثالي للصور..."
دخل جوه...
أول ما عدى عتبة الباب، حس بتغير فجائي في الجو... برد قارس خبطه، كأنه دخل فريزر.
مسك الكاميرا، وابتدى يصور، بس لما بيفتح الصور... كان بيلاقي خيالات بتتحرك وراه!
"غريبة..."
اتجاهل اللي شافه، وكمل الجولة جوه البيت.
الدور الأرضي كان مليان أتربة وأثاث مكسور. الأرض كانت بتطلع صرير تحت رجليه.
فجأة، وهو بيصور أوضة صغيرة جنب السلم، الكاميرا فصلت لوحدها، ومفيش سبب واضح.
مسك كشافه وكمل.
وهو طالع السلم للدور التاني، حس بحاجه بتلمس كعب رجله... لف وراه بسرعة!
مفيش حد.
بس وهو بيتلفت، لمح طرف فستان أبيض بيختفي في الأوضة اللي عالشمال.
اتجمد مكانه...
قلبه كان بيدق بعنف، بس فضوله خلاه يكمل.
دخل الأوضة...
كانت فاضية.
بس على الحيطة كان في رسمة قديمة باهتة... لست وطفلة واقفين جنب البيت ده.
وش الست كان ملامحه مشوهة... عينيها سودا بالكامل.
آدم حس بدوخة خفيفة...
وفجأة، باب الأوضة اتقفل لوحده!
لف على الباب، حاول يفتحه... مقفول.
ابتدى يسمع صوت خبط تقيل جاي من جدران الغرفة... صوت أنين مكتوم... كأن حد بيتعذب جوه الحيطة نفسها!
صرخ بأعلى صوته، ومفيش حد سمعه.
وفجأة، ظهر في نص الأوضة ضوء خفيف، طالع من تحت الأرضية الخشبية.
ركع آدم على الأرض، حاول يشوف مصدر الضوء...
لقى فتحة صغيرة بين الألواح الخشب. لما قرب عينه، شاف مشهد بشع:
ناس كتير مربوطين بسلاسل، بيصرخوا من الألم، ووشوشهم مشوهة، وجسمهم متآكل، كأنهم اتحبسوا هنا من قرون!
اترجع لورا مفزوع...
وابتدى يحس بشيء بيخرج من الحيطة: أيدين، سودا ومليانة جروح، بتتحرك ناحيته.
صرخ آدم تاني...
وفجأة، الباب اتفتح بقوة، وريح عنيفة خبطته.
جري بكل سرعته، نازل السلم، وهو سامع صوت خطى تقيلة بتجري وراه.
وهو بيخرج من الباب، حس بإيد تشده من ضهره...
بص بسرعة، لمح وجه الست اللي كانت مرسومة على الحيطة... بس المرة دي كانت قدامه حقيقية، وعنيها سودا بالكامل، مبتسمه ابتسامة شيطانية!
شد نفسه بأقصى قوته، وطلع جاري برا البيت.
أول ما خرج للشارع، كل حاجة رجعت هادية.
بس القصة مخلصتش هنا...
من يومها، كل ليلة الساعة 3 الصبح، بيتكرر نفس الكابوس:
آدم يحس إنه نايم جوه البيت ده، محبوس، وبيصحى مفزوع وهو مش قادر يتنفس.
ولما راح لشيخ كبير عشان يساعده، قاله:
"البيت ده مش بيت عادي... ده بوابة لمكان تاني. والست دي مش روح، دي كيان شرير مربوط بالمكان. انت اتفتحت عليك بوابة، ومش هتقفل إلا لو رجعت للبيت، وعملت اللي المفروض يتعمل."
بس السؤال اللي محير آدم...
إيه هو اللي المفروض يتعمل؟
آدم قعد قدام الشيخ، صوته مبحوح من الرعب، ووشه شاحب.
الشيخ، كان راجل كبير في السن، لابس جلباب أبيض بسيط، وعينيه مليانة وقار وخبرة سنين.
بصله بتركيز وقال له:
> "البوابة اللي فتحتها يا بني مش بوابة أرواح... دي بوابة للجان المردة.
المكان دا زمان، في العهد العثماني، كان سجن سري للي بيعملوا أعمال سحر أسود. السحرة كانوا بيتحبسوا فيه، ويتعمل عليهم تعاويذ خبيثة علشان أرواحهم ماتطلعش أبداً... لما ماتوا، أجسادهم اندفنت جوه الجدران... والبيت اتحول لقبضة شيطان."
آدم كان بيرتعش...
سأل بصوت مكسور:
"أنا اتفتحت عليا بوابة؟ يعني إيه يعني؟ هيفضلوا يتبعوني؟!"
رد الشيخ بنبرة جدية:
> "كل ليلة هيحاولوا يسحبوا روحك... لو ما قفلناش البوابة، مش بس انت اللي هتضيع، أي حد يقرب منك هيصيبه أذى. لازم نرجع البيت، نعمل طقس الختم، ونواجه اللي جوه."
آدم، رغم خوفه، وافق.
كان يحس إن كل يوم بيقربه أكتر من الهلاك.
---
ليلة المواجهة
الشيخ جهز أدوات غريبة:
كتاب قديم جلد عليه رموز مش مفهومة.
مبخرة دخانها تقيل وريحتها تخنق.
ومياه مقروء عليها آيات مخصوصة.
دخلوا البيت بعد نص الليل.
أول ما عبروا الباب، الجو اتغير تمامًا.
كأنك دخلت جوه كابوس حي.
الأرض كانت بتتحرك تحت رجليهم كأنها بتنفس... والحيطان بتصدر خبطات متقطعة.
آدم كان بيعرق رغم البرد الشديد.
الشيخ رفع المبخرة، وابتدى يقرأ آيات بصوت جهوري.
فجأة، ظهر كيان قدامهم:
ست بشعر منكوش، عيون سودا بتسيل دم، وصوتها خشن زي كأن مئات بيصرخوا مرة واحدة:
> "مش هتخرجوا من هنا!!!"
آدم كان على وشك ينهار، بس الشيخ صرخ:
> "اثبت! هي تحاول تخوفك بس. ماتخليش خوفك يفتحلها باب جواك!"
الشيخ طلب من آدم إنه يدور جوه البيت على "اللوح الأسود"، قطعة خشب مدفونة في الأرض... هي كانت مفتاح البوابة.
آدم بدأ يدور...
كان بيسمع أصوات ناس بتهمس وبتنادي عليه باسمه، بيحاولوا يضللوه.
فجأة، وهو بيخبط بإيده على الأرض، سمع صوت "طَقطقة".
لقى لوح خشب مختلف عن باقي الأرضية.
بدأ يحفر فيه بأيديه العارية...
طلع لوح أسود عليه رسومات سحرية.
أول ما طلع اللوح...
الأرض اتشقّت قدامه!
طلعت أيادي سودة مليانة مخالب بتحاول تسحبه لجوا الأرض.
الشيخ بسرعة سكب المية المقروء عليها فوق اللوح، وبدأ يقرأ دعاء طويل، صوت الشيخ كان بيرج المكان.
الأيادي كانت بتصرخ وتولول، والأرض كانت بتتهز كأنها بتحتضر.
آدم حس بألم شديد في جسمه...
كأن الأرواح بتحاول تنتزع روحه.
في لحظة فارقة، صوت قوي جه من المبخرة، وخرج منها لهب أبيض لفّ المكان كله.
الكيان اللي كان بيطاردهم صرخ صرخة تقطع القلب واختفى فجأة.
الأرض رجعت هادية...
والبيت كله سكت.
الشيخ وهو بيترنح من الإرهاق قال:
> "البوابة تقفلت... بس آثارها هتفضل موجودة هنا للأبد."
---
بعد سنين
آدم بقى مصور محترف، مشهور بتوثيق الأماكن الغريبة، لكنه عمره ما رجع للبيت ده.
والبيت؟
بيت رقم 79...
اتهدّ بعد كام سنة، بس كل الناس بتقول إن الأرض اللي اتبنى عليها المبنى الجديد...
لسه بيطلع منها همسات في الليل...
ولسه في ناس بتحلف إنهم شافوا ست بفستان أبيض بتبص عليهم من بعيد.
انتهت احداث الرواية نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا