رواية مداهنة عشق الفصل السادس 6 بقلم اسماء ايهاب

 

رواية مداهنة عشق الفصل السادس بقلم اسماء ايهاب

_ جنة جربي الفستان الازرق بدل ماريا 

هتف بها ذلك الشاب و هو يحاول اظهار العارضات في احسن صورة فهو العرض التجريبي الاخير لما سيعرض غداً امام الحضور ، امسكت جنة بذلك الثوب تتفحصه قبل ان تذهب في طريقها لتبديل ملابسها التي لم تكن مقتنعة بها بالاصل زفرت و هي تغلق السحاب الجانبي للثوب مررت يدها علي القماش الحريري الناعم علي جسدها المضغوط بشكل علوي ثم عصقت خصلاتها القصيرة الي الاعلي 
و تقدمت الي الخارج حيث زميلاتها من العارضات و لكنها تجمدت بمحلها و ازدادت وتيرة دقات قلبها بقوة حتي ظنت للحظة ان قلبها سيتوقف عن العمل تماماً و هي تجد يوسف امامها يتقدم نحوها بخطواته الرتيبة الهادئة و لا تعلم سر وجوده الآن اخذت نفساً عميقاً تحاول تهدئ نفسها قبل ان تقف امامه تستطرد بتعجب :
_ يوسف ! خير في اية

حمحم بخشونة و هو يعبث بخصلات شعره الشقراء بحرج مجيباً عليها بهدوء :
_ اصل انتي و آسيا محدش بيرد علي الفون و محبتش اروحلها عند جدها فجيت اسألك هي عاملة اية النهاردة 

بهتت ملامح وجهها فجأة و ارتجفت يدها اليمني قبل ان تقبض عليها بقوة حتي لا تظهر ضعفها له و هتفت بهدوء شديد لا يدل علي ما بداخلها :
_ هي بخير الحمد لله بقت احسن كتير 

اشار بيده الي اذنه كأنه يمسك الهاتف قائلاً بهدوء :
_ طب ممكن تكلميها عشان اطمن عليها 

هزت رأسها بايجاب موافقة و هي تبحث بعينها عن هاتفها قائلة ابتسامة باهتة :
_ حاضر 

اخذت هاتفها الموضوع علي طاولة الزينة الكبيرة و تقدمت نحوه من جديد لكي تهاتف آسيا ليطمئن قلبه عليها و تأكدت من صحة قرارها حين اجبرت نفسها علي محاولة محو اي مشاعر قد تكنها اتجاهه وقفت امامه تنظر الي وجهه للحظات صامتة لن يفهم هو فحوي حديث عينيها ثم اخفضت بصرها نحو الهاتف لتتفاجأ بشخص يجذب مشبك الشعر الخاص بها قائلاً بصوت هادئ جاد :
_ متلميش شعرك عشان مش لايق كدا مع الفستان 

التفتت اليه و رفعت يدها اليسري الي خصلات شعرها ترتبها بهدوء و لم يكن الا مصمم الازياء الخاص بالعرض "عبدالرحمن" مد يده باقراط فضية بها فصوص زرقاء قائلاً بابتسامة هادئة :
_ خدي الحلق دا البسيه معاه 

اومأت اليه مبتسمة و هي تأخذ الاقراط تضع واحداً تلو الاخر بأذنها شاكرة اياه في حين لفت انتباهه وجود "چو" الغير متوقع ليمد يده له كي يصافحه قائلاً ببشاشة :
_ ازيك يا چو اول مرة اشوفك في بروڤا ليا 

ابتسم يوسف و هو يصافحه ثم اشار الي جنة مجيباً بهدوء :
_ جاي لجنة خمس دقايق و ماشي 

نفي عبدالرحمن برأسه و هو يربت علي كتفه قائلاً بود :
_ لا مش هسيبك تمشي رأيك يهمني في التصاميم الجديدة 

_ ان شاء الله 

ما ان هتف بها يوسف حتي التفت عبدالرحمن الي بقية الفتيات يصفق بيده يحثهن عن الاسرع قائلاً بحماس :
_ طب يلا يا بنات كله جاهز 

فتحت جنة هاتفها و اتت برقم هاتف صديقتها آسيا ثم مدت يدها بالهاتف اليه قائلة بتعجل :
_ خد كلمها انت و قولها اني هكلمها كمان شوية 

نظر يوسف بحرج الي الهاتف بيدها و الي وجهها المبتسم ليمط شفتيه السفلية و هو يعدل من خصلات شعره للمرة العاشرة حتي الآن قائلاً :
_ طب خلاص انا هاجي اتفرج علي البروڤا و بعدين نبقي نكلمها 

و بسعادة طفلة احضر لها مُعلمها جائزة لحصولها علي المرتبة الاولي ابتسمت باتساع و هي تشير نحو صالة العرض تهتف بلطف :
_ اتفضل

غادر يوسف المكان و التفتت هي حيث المرآة لتكمل زينتها و تعيد وضع احمر الشفاه خاصتها في حين خرجت الفتيات واحدة تلو الاخري في عرض تجريبي طالما يفضلها عبد الرحمن حتي لا يحدث اي خطأ نظرت الي هيئتها المكتملة بالمرآة و هي سعيدة بوجوده بالخارج و كأنه قادم لاجلها و لاجل ان يظل الي جوارها تتناسي الآن لما هو جاء بالاصل

***********************************
وقفا امام المحل التجاري لبيع المثلجات و هي تتصارع مع حقيبتها لتجد السماعات الخارجية التابعة لهاتفها لـ يلتفت هو اليها مشيراً نحو البائع متسائلاً بهدوء :
_ عايزة طعم اية

رفعت رأسها له بعد ان وجدت سماعاتها و ابتسمت بهدوء مجيبة :
_ فانيليا 

اشار بكف يده اليسري لها ان تقف قبل ان يخبرها قائلاً :
_ استني هنا و انا هجيب و اجي 

كاد ان يذهب الا انها امسكت بذراعه العضلي توقفه عن السير قائلة بلهفة خشي ان تكون قد ورطته و ليس باستطاعته دفع ثمن المثلجات :
_ بس انا اللي عزماك 

امتعض وجهه بضيق و رفع رأسه الي الاعلي حتي لا تصدر عنه ردة فعل عنيفة و بعد لحظات من الصمت استطرد بغيظ :
_ علي فكرة معايا ادفع بطلي استفزاز 

دلف سريعاً الي المحل متجاهل نظراتها المتعجبة له لترفع كتفيها بعدم فهم لشخصيته تتمتم بخفوت :
_ غريب 

وضعت سماعاتها باذنها و اوصلتها بالهاتف تستمع الي الموسيقي المفضلة لديها حتي يأتي هو تتابع المارة و ما حولها حتي رأته امامها يمد يده لها بالمثلجات بيضاء اللون ابتسمت ببشاشة و هي تأخذها منه هامسة بامتنان :
_ شكراً 

بادلها الابتسامة بهدوء و و اخذها ليجلسا علي الدراجة النارية الخاصة به بدلاً من الوقوف امام المحل و اخذا يلتهمان المثلجات معاً حتي اتي آسيا اتصال من جنة صديقتها لتفتح الاتصال مجيبة عليها بهدوء :
_ الو .. الحمد لله بخير يا حبيبتي متقلقيش 

صمتت تستمع الي صوت الغبية رفيقتها و هي تطلب منها محادثة يوسف علي الهاتف الخاص بها و انه اتي خصيصاً اليها ليطمئن قلقه لتهتف بعدها آسيا باستنكار من أفعاله :
_ چو !! و الله ما عنده ريحة الدم 

قاطعتها صديقتها دون ان تسوء اليه اكثر تبلغها بصوت راجي ان تتحدث اليه و كان رد آسيا بالموافقة بكلمة واحدة تعلم صديقتها بعدها انها ستقوم بتوبيخها فيما بعد :
_ تمام 

قلبت عينها بملل و هي تستمع الي صوت يوسف من الطرف الاخر يسأل عن احوالها بلهفة استطاع اشعال غضبها بلحظات لتتمتم بغيظ واضح :
_ الو ازيك يا چو .. لا انا تمام مفيش حاجة 

صمتت تستمع اليه و يظهر علي وجهها معالم الضيق اكثر فاكثر حتي صاحت مستنكرة افعاله الصبيانية :
_ قولتلك تمام يا چو متأڤورش 

التمعت عينها بخبث ما ان اتي بسيرة تلك المدعوة كارما ثم هتفت بمكر قائلة :
_ و الله الاجراء اللي عايز تاخده براحتك 

بدأ في حديث سخيف بعد ذلك لتقاطعه هاتفة بضيق :
_ ممكن تعطي الفون لجنة عشان عايزاها 

لحظات و كانت تتحدث جنة من الطرف الاخر لتصرخ بها آسيا بغيظ و لو كانت امامها لفتكت بها الآن :
_ انتي يا مهزأة علي الله تعطيه الفون يكلمني تاني انتي سامعة 

اغلقت الهاتف بوجهها و لم ترغب في سماع ردها وضعت الهاتف بجيب بنطالها تكمل التهام المثلجات التي سالت بين يديها ليتحدث زيدان بتهكم مرح :
_ واضح انك بتحبيه اوي 

ضحكت بخفة قبل ان تتحدث بهدوء موضحة الأمر له و كأن هذا بالفعل يهمه :
_ انا فعلاً مش بكرهه بس مضايقة منه الغبية جنة صاحبتي بتحبه و كل الناس عارفة الا هو ، الغبي راح لها شغلها و اصر عليها تكلمني يطمن عليا 

مسح يديه بمحرمة ورقية بعد ان انتهي من المثلجات يمحو ما بيده ثم هتف بلا مبالاة مفسراً لها وجه نظره كرجل :
_ تلاقيها بس مش بتتقل عليه لو تقلت عليه هيجري وراها 

اتسعت حدقتي عينيها بادراك لما يقوله ثم هتفت بضيق من ذلك الاحمق :
_ تصدق صح حتي لو هي مش معترفة كلنا عارفين انها بتحبه اكيد هو كمان عارف 

تنحنح بخشونة و هو ينظر اليها مركزاً علي تفاصيل وجهها قائلاً بتأكيد :
_ كارفلها اكيد ، قوليلها بس تتقل شوية هيجري وراها 

تحدث في ختام جملته ببساطة و كأنه يثق بما يقول جعل ابتسامة لطيفة ترتسم علي محياها و هي تخبره انها ستأخذ بنصيحته و تجعل صديقتها تتعامل معه بطريقة اخري من الآن فصاعداً لكنها صمتت قاطعة استرسال حديثها حين باغتها متسائلاً بهدوء :
_ و انتي في حد في حياتك ؟

نظراته كانت ثاقبة مراقباً ردة فعلها حين القي عليها هذا السؤال لتجيبه بابتسامة صغيرة :
_ لا مفيش حد في حياتي 

انهت تناولها المثلجات و هي تنظر الي يدها الملطخة ببقاياه بضيق و لم تنتبه الي زيدان الذي اخرج من جيبه محرمة اخري و مد يده يمسح ما علق بيدها برفق جعل من قلبها يخفق بقوة تأثرت بفعلته الرقيقة ثم القي المحرمة المتسخة من يده هاتفاً بهدوء :
_ عايزة تروحي مكان تاني ؟

لمعت عينها ببريق جذاب و نظرت اليه مبتسمة قبل ان تنفي برأسها مجيبة علي سؤاله :
_ لا هروح لجدو 

ليصعد هو دراجته النارية مستعد للذهاب قائلاً :
_ طيب يلا اركبي 

صعدت خلفه الدراجة و امسكت بكنزته بقوة حين انطلق هو سريعاً في طريقه نحو المنزل و صوتها الداخلي يخبرها ان تهدئ قليلاً هذا مجرد اعجاب بنوع مختلف من الرجال لم تلتقي به من قبل و لا يجب ان تلتفت لذلك ابداً 

**********************************
خرجت رقية من غرفتها صوت خالها بالردهة بعد ان استجمعت نفسها قليلاً تحت تهديدات زوجة خالها التي ان حاولت تنفيذ احدهم فقط ستحرقها حية تنهدت بحزن و اختناق شديد و هي تتقدم بالجلوس امام صبري في هدوء و هي تعلم تمام العلم لما يريدها  ، نظر اليها يحاول ان يستشف ما بداخلها و لكن لم يكن معلوم له شئ لا تعبير واحد علي معالمها ليتحدث صبري متسائلاً :
_ سماح قالتلك علي العريس ؟

اومأت اليه رقية في اجابة صامتة منها ليتنهد الاخر بثقل قبل ان يتحدث بجدية متسائلاً من جديد :
_ و انتي اية رأيك 

شعرت باختناق شديد يكاد يسقطها جثة هامدة اسفل قدم خالها الآن لتنظر في الاتجاه المعاكس لخالها تحاول ان تتحكم بنوبة البكاء التي اقتحمتها جعلت دموعها تتشكل بعينها كغيمة سوداء و لكن سقط نظرها علي زوجة خالها التي تقف جوار باب غرفتها تعقد ذراعيها امام صدرها تنتظر سماعها موافقتها و هي تنظر إليها بتهديد رافعة حاجبها الايسر لاعلي بتحذير الا تخطئ ، ابتلعت رقية غصتها و هي تمحو دموعها سريعاً بخفية عن نظر خالها ثم التفتت اليه و هي تتنفس بصوت مرتفع متحدثة بهدوء :
_ موافقة يا خالو 

ظهرت الدهشة علي معالم وجه صبري و لم يكن يتخيل موافقتها علي ذلك الرجل ابداً فلم توافق علي كريم الذي كان شاب بعمر الزهور الا بعد فترة طويلة واجهت بها ضغط كبير من الجميع و الآن توافق علي هذا الرجل بكل بساطة وقف عن مقعده و تقدم ليجلس الي جوارها يردد بتعجب لأمرها :
_ انتي متأكدة من قرارك يا رقية ؟ يا بنتي راجعي نفسك دا قد ابوكي و جوازك هيبقي في السر 

اومأت من جديد و هي تضع رأسها بالارض تتمتم بالموافقة ليصك علي اسنانه بغيظ و هو يمسك بذراعها و يأمرها برفع رأسها و النظر اليه و فعلت ما أمر نظرت اليه بأعين خاوية ليتحدث بضيق :
_ رقية سماح ضغطت عليكي في الموضوع دا لو قالتلك كلمة بس قوليلي 

نفت رقية برأسها و اردفت بصوت ابح :
_ لا يا خالو محدش ضغط عليا انا موافقة  

صمت صبري و ترك ذراعها و لم يجد ما يمكن قوله بعد موافقتها و حينها تقدمت منهما سماح و هي ترفع خصلات شعرها الي الاعلي بمشبك الشعر تهتف بابتسامة مرحة :
_ ها طمنوني العروسة وافقت 

هب صبري واقفاً عن مقعده و اتجه الي غرفته دون كلمة و هو يشعر بالضيق من موافقتها علي هذه الزيجة و ما ان اغلق الباب بقوة خلفه حتي انتفضت سماح تركض اتجاه رقية تجلس الي جوارها و هي تتحدث بسعادة :
_ عملتي عين العقل دلوقتي تشوفي الهنا اللي هتبقي فيه 

نظرت اليها رقية باحتقار و تركت مغادرة نحو غرفتها و داخلها غضب لا ينضب من تلك السيدة التي لا تمت للانسانية بصله و لكن لم تهتم سماح كثيراً بما حدث انما اراحت ظهرها الي الخلف و هي تزفر بارتياح شديد لما حدث هامسة :
_ أخيراً هتغور من وشي 

***********************************
وقف ناجي عن مقعده يضع حفنة من الاموال علي الطاولة بعد ان انتهي من عدها جيداً يتأكد انها علي وشك النفاذ كما اخبره وليد تنهد بضيق و هو يشير الي الأموال قائلاً بغيظ :
_ الفلوس بدأت تخلص و انتوا لسة ملقتوش حد جديد 

تحدث احد الاضلاع الثلاثة و الذي لم يكن سوا عماد الذي هتف بجدية و هو يضع ما بيده من اموال :
_ يا ناجي الحكومة مش هتسكت و عينها مفتحة 

اجابه ناجي بثقة و هو يتقدم جالساً علي طرف المقعد قائلاً :
_ متخافش محدش يقدر يمسك علينا غلطة واحدة 

زفر عماد بضيق شديد من ثقة ناجي الزائدة بلا داعي و تحدث بانفعال رافعاً سبابته في وجه الاخر :
_ لازم ناخد حذرنا بردو دي فيها اعدام يا ناجي

التقم وليد ثمرة التفاح و هو يتحدث بصوت غير واضح اثر فمه الممتلئ بلا مبالاه :
_ و هو احنا مستعجلين علي اية مش لما يبقي اللي معانا يخلص 

نظر اليه ناجي شزراً ثم خلع نعله و القاه بوجهه و هو يصرخ بغضب :
_ انت مفيش منك منفعة ، اطفح يا اخويا اطفح 

تأوه وليد بألم و هو يضع يده علي وجهه ثم دب بقدميه علي الارض كالاطفال و تحرك متجهاً الي غرفته و هو يتمتم بحنق علي اضطهاده الدائم بينهما ليزفر عماد بضيق و هو يضرب كف بالاخر قائلاً بغيظ :
_ عمره ما هيسترجل هيفضل عيل

و حين انتهي من جملته صدح صوت هاتف ناجي الذي اخرجه سريعاً و ابتهج وجهه حين وجد رقم الطبيب ليفتح الاتصال سريعاً قائلاً بحفاوة :
_ باشا ، اخبارك يا دكترة 

صمت ناجي يستمع الي الطبيب و قد شحب وجهه فجأة انتهت المكالمة دون ان ينطق ناجي بكلمة واحدة سأل عماد بتعجب من معالم وجهه :
_ مالك يا ناجي ؟

صك ناجي علي اسنانه بقوة و هو يطرق علي فخذيه بعنف قائلاً :
_ دكتور الغبرة بيقول اننا لازم نخفي شوية عن العيون و ان الحكومة قالبة الدنيا علي الواد الاخير دا طلع ابن محامي كبير و له وزنه

ظهر الغضب جلياً علي وجهه و قد صدق حدسه و ليتحدث بحدة مشيراً اليه بالصبر :
_ مش قولتلك بلاش نضيع نفسنا اهدي بقي شوية و خلينا نروح الشقة التانية شوية 

ليتراجع ناجي الي الخلف يريح ظهره الي الخلف و هو يزفر بكل ما يعتري صدره من غضب ليضرب يده علي يدي المقعد بقوة قبل ان يتحدث بجدية :
_ تمام جهز نفسك انت و اخوك خلينا نمشي 

***********************************
توقف زيدان امام البناية و هو يتنفس بهدوء لتنزل آسيا عن الدراجة تعدل من خصلات شعرها التي جعلتها الرياح مشعثة ثم هتفت بمزاح و هي تربت علي كتفه ببعض القوة :
_ الف شكر يا سطا زيدان حسابك كام يا ريس 

التفت اليها و قد رسم الغضب علي وجهه ثم اشار نحو بوابة البناية قائلاً بحدة :
_ امشي من قدامي يا عسل عشان هكشملك

اسرعت آسيا تصعد علي الدرج تسبق زيدان و هي تضحك بمرح و لم تنتبه الي سقوط سوارها الفضي التي تفضله ليصعد زيدان خلفها بهدوء ليجد السوار علي الدرج الي جوار قدمه انحني يأخذه و تفحصه باعجاب لتلك النقوش المرسومة عليه و أسمها محفور بمنتصفها اخذ يتلمس اسمها بطرف اصبعه قبل ان يهتف بهدوء :
_ الاسويرة وقعت منك 

التفتت اليه سريعاً و بتلقائية امسكت معصمها الأيسر الفارغ من السوار لتنزل من جديد تلك الدرجات التي صعدتها حتي وقفت امامه تنظر الي السوار ببسمة هادئة ثم مدت يدها اليه قائلة :
_ كنت هزعل اوي لو ضاع مني 

نظر الي بسمتها الهائمة بتعجب ليمد يده لها بالسوار قائلاً :
_ شكله غالي عليكي اوي

و بدلاً من اخذ السوار من يده مدت له يدها حتي يضع السوار بمعصمها قائلة بشرود :
_ اوي متتصورش قد اية 

انتهي من اغلاق السوار حول معصمها لتسحب يدها بلطف منه و التفتت لتصعد الدرج سريعاً حتي وصلت الي باب شقة جدها فتحت الباب و حين وجدته قد وصل إليها همست بصوت هادئ حتي لا يسمعها جدها :
_ شكراً علي كل حاجة اشوفك تاني يا زيزو 

ضحكت بمرح علي تعبير وجهه الممتعضة قبل ان تغلق الباب خلفها تاركة اياه يتمتم بحنق من تلك المجنونة قبل ان يصعد الي الغرفة التي يقتن بها حتي يستريح قليلاً قبل ميعاد عمله 

***********************************
عاد آدم من عمله و هو يتنهد بثقل شاعراً بتعب شديد يحتل جسده اثر مجهوده بالعمل القي المفاتيح علي الطاولة العالية المجاورة للباب ثم تقدم من الداخل و كانت في استقباله والدته "السيدة سحر" التي خرجت للتو من المطبخ تجفف يدها بمنشفة صغيرة ابتسمت بحب و هي تقف امامه تربت علي كتفه قائلة :
_ حمد الله علي سلامتك يا حبيبي 

_ الله يسلمك 

اجابها بهدوء قبل ان يتوجه الي غرفته حتي ينعم ببعض الراحة لتكمل والدته حديثها قائلة :
_ غير هدومك علي ما اجهزلك الاكل 

فتح باب غرفته تزامناً مع اجابته عليها بهدوء دون النظر إليها :
_ اكلت في المستشفى 

اوقفته من جديد و هو تمسك بذراعه تجذبه نحو الأريكة ليجلس عليها قائلة بحماس :
_ تعالي اقعد عايزاك في موضوع مهم 

جلس مستكين علي الاريكة منتظر حديث والدته التي جلست الي جواره تعبث بهاتفها قليلاً قبل ان تجد مرادها لتمد يدها له بالهاتف قائلاً :
_ اهي ، بص يا آدم جايبالك حتة عروسة مفيش في جمالها شوف عيونها الخضرا دي طبيعية علي فكرة 

اشاح ببصره عن الهاتف و لم يلقي حتي نظرة واحدة اتجاه تلك الصورة و هو يزفر بضيق جثم فوق صدره و هو يواجه محاولات والدته من جديد لاقناعه بالزواج رغم اعتراضه الدائم و لكنها لم تصمت أيضاً بل نكزته بيده بالهاتف تردد من جديد بمرح :
_ يا واد بص في الصورة انت مكسوف و لا اية 

اخذ منها الهاتف و وضعه علي الطاولة دون النظر به ثم اعتدل بجسده ليكون مقابلاً لامه ينظر اليها بصمت و هي تعلم معني تلك النظرة التي حقاً تؤلم روحها عينه التي انطفئ لمعتها تعاتبها بصمت تلقي عليها اتهامات غير منطوقة و لكنها تعلمها ابتلعت ريقها بارتباك حين طال صمته و لكنه و أخيراً قطع هذا الصمت المُربك حين هتف بصوت هادئ و لكن تخرج نبرته حزينة :
_ بتحاولي تعملي اية يا ماما ، مش كدا كفاية و تسبيني اعيش زي مانا عايز 

ربتت السيدة سحر علي ذراعه بهدوء و هي تبرر له ما كانت تسعي اليه :
_ انا مبحاولش اعمل حاجة يا آدم انا عايزاك تتجوز و تفرح 

ابتسم بلا مرح ابتسامة تنم عن ما بداخله من حزن ثم اعتدل بجلسته يستند بظهره الي الاريكة يعقد ذراعيه امام صدره قائلاً بتهكم :
_ مانا كنت بعمل دا فعلاً و مكنش عجبك 

اغمضت عينها بقوة عدة لحظات ثم فتحتها من جديد تنظر اليه بضيق و تمد يدها لتمسك بذقنه توجه رأسه اليها تهتف بحنق :
_ انا مش فاهمة انت موقف حياتك عليها لية خالتك قالتلي انها اتجوزت يبقي شوف حياتك انت كمان و عيش 

شعر باختناق شديد و كأنه حبال سميكة تلتف حول رقبته تحاول سحب روحه منه هو يعلم هذه الحقيقة بل رأها بأم عينه و لكن الآن هي تؤلم اكثر وضع يده علي رقبته و هو يخبرها ببعض الحدة قائلاً :
_ عارف عارف يا ماما انها اتجوزت عارف انها بقت مع حد تاني عارف ، و بردو عارف اني قولتلك متجبيش سيرة الجواز تاني انا مش هتجوز كدا تمام

انهي حديثه الحاد و هب واقفاً عن الاريكة يتوجه بخطوات غاضبة نحو الغرفة من جديد و لكن جملة والدته التالي كانت بمثابة السكين الذي نحر عنقه حين تحدثت بغضب من اسلوبه معها بالحديث :
_ و هي متمسكتش بيك لية زي ما انت متمسك بيها و محافظ علي ذكراها 

و الي هنا و طفح الكيل هي اكثر الناس عمل بما حدث و لا يمكن غفرانه و تخطيه و لكنها لازالت مستمرة في وضع حبيبته بمحل الخائنة التي لم تجلس علي ذكراه باكية علي الاطلال سيكون من الغباء ان انتظر منها فعل ذلك بعد ما فعلته والدته معها التفت اليها بوجهه ينظر الي غضبها الظاهر علي معالم وجهها بكل وضوح و كأنها بالفعل لم تخطئ ابداً ليهتف بسخرية من تصرفاتها قائلاً :
_ السبب انتي اول واحدة عارفاه و مش محتاجة اقولك عليه و لا عايزة تعرفي ؟

اختفي الغضب عن وجهها و بهتت ملامحها حين واجهها ابنها بحقيقة فعلتها بشكل غير مباشر لتصمت غير قادرة علي الدفاع عن نفسها من جديد فلا اي حديث سيبرر فعلتها حسب حديثه لها عدة مرات ، ابتسم بسخرية علي تلك النهاية المتكرر لحديثه معها عن ما حدث نظر داخل غرفته ملاحظاً اختفاء عدة صور فوتوغرافيه تجمعه مع محبوبته كانت معلقة علي الحائط بشكل مُلفت في محاولة منها لمحو تلك الفتاة من ذاكرته و الالتفات الي حياته ، اغمض عينه بقوة يحاول السيطرة علي غضبه الذي يتفاقم داخله قبل ان يتلفت ينظر الي والدته مجدداً قائلاً بتحذير :
_ لو دخلت تاني و ملقتش الصور مش هقعد في البيت ، هاتي الصور يا ماما 

انهي حديثه بحدة و صوت مرتفع لتتنهد السيدة سحر قبل ان تقف لتأتي اليه بتلك الصور من داخل غرفة التخزين ليقترب يأخذها منها و يتوجه في غضب الي غرفته و ما ان اغلق الباب حتي احتضن تلك الصور بقوة و هو يتنفس بهدوء حتي تهدئ تلك العاصفة التي قامت داخله و حين هدأت انفاسه الهادرة قليلاً توجه سريعاً نحو الحائط يعلق عليه الصور كما كانت و هو يهمس باصرار داخل نفسه :
_ و لو عدي الف سنة مش هطلعك من قلبي ابداً

تعليقات



×