رواية مداهنة عشق الفصل الخامس 5 بقلم اسماء ايهاب

 

رواية مداهنة عشق الفصل الخامس بقلم اسماء ايهاب


اغلقت الهاتف بعد ان اخبرها "زيدان" انه تجهز و سينزل لها فوراً للذهاب سوياً حيث تشاء تدافعت القوة و الرغبة في الانتقام داخلها و هي تنظر بالمرآة لتلقي نظرة اخيرة علي مظهرها النهائي ابتسمت و هي تعيد خصلاتها الي الخلف في مظهر ملفت ثم التفتت تخبر جدها الموجود بالداخل انها ستغادر لبعض الوقت لحل امر هام ثم ستعود ظهرت ابتسامة واسعة خبيثة علي ثغرها الوردي اللامع قبل ان تضع حقيبتها الشخصية علي كتفها تفتح الباب بهدوء وجدته يقف جوار الباب يستند علي الحائط عاقداً ذراعيه امام صدره في مظهر رجولي مُلفت ابتسمت بلطف و هي تخبره بحماس :
_ انا جاهزة ، يلا 

صُدم من مظهرها المُلفت و ثيابها الغير محتشمة فقد كانت فتحة صدر كنزتها يظهر بداية نهديها قصيرة تكاد تظهر بطنها ترتدي بنطال ملتصق بها يظهر تفاصيلها بسخاء ، ارتفعت دقات قلبه باضطراب و هو يراها تعدل من كنزتها لتزداد تلك الفتحة اتساعاً ليقبض علي كف يده يتحكم من اضطرابه المفاجئ و هو يشير الي جسدها بيده الاخري هاتفاً بتساؤل :
_ ه‍و انتي هتنزلي معايا كدا ؟

نظرت آسيا الي نفسها سريعاً لتدري ما الخطأ بمظهرها و لكنها لم يلفت انتباهها اي شئ لترفع رأسها اليه من جديد متسائلة بضيق :
_ كدا اللي هو ازاي ؟

جذب نفس طويل الي داخله ليكبح سيل من الكلمات الوقحة التي قد تخرج منه من شدة غيظه و داخله لا يريد ان يتهور بالحديث و ينبه انه ليس من حقه التدخل بذلك الامر و لكنه علي النقيض كان يشعر بالضيق لوقاحتها و رغبتها بالخروج كاسية عارية وسط الجميع ليشير بيده نحو باب الشقة قائلاً ببرود حاول اتقانه :
_ معلش مش هينفع امشي مع واحدة اقول للناس الفرجة ببلاش 

امتعض وجهها و كادت ان تسبه بما تعرف من كلمات لكنه اوقف اعتراضها علي حديثه السابق بابتسامة صفراء يجيبها علي ما يدور بخلدها و كأنه يستمع لما بداخلها :
_ حتي لو مليش علاقة بيكي دا مبدأ ، معلش البسي حاجة مقفولة عن كدا ياما تنسي اني انزل معاكي كدا احنا في منطقة شعبية 

توقفت للحظات تنظر اليه بضيق و غضب و لكنه لم يبالي بل نظر الي ساعة يده قبل ان يستند علي الحائط من جديد عاقداً ذراعيه امام صدره قائلاً بهدوء :
_ بلاش النظرات دي و عرفيني بس هتغيري و لا اطلع اكمل نومي

دبت بقدمها بالارض بغيظ و هي تلتفت الي الداخل دون التفوه بكلمة واحدة ليبتسم هو بسخرية و اخذ يطلق صفير خافت بلحن موسيقي مميز حتي تخرج هي و بعد مرور خمسة عشر دقيقة خرجت من جديد ترتدي كنزة من اللون الرمادي تتخطي خصرها بقليل محتشمة ذات اكمام طويلة و فتحة صدر مغلقة و بنطال من اللون الاسود يصل الي بعد ركبتيها تنهدت بضيق و هي تشير الي جسدها تسأل بغيظ :
_ كدا تمام ؟

ضم شفتيه و هو يرمقها بنظرة متفحصة لتضيق عينه ببسمة مستهزة قائلاً بتهكم :
_ هو يا تعري من فوق يا تعري من تحت ، يلا مش مهم يلا بينا 

اغمضت عينها للحظات تحاول تمالك نفسها و عدم اتخاذ ردة فعل عنيفة او ان تنشب اظافرها الطويلة بوجهه ليتخلي عن ابتسامته الساخرة المقيتة تلك زفرت بضيق و هي تصعد خلفه علي الدراجة النارية خاصته تمسكت بكنزته بقوة قبل ان ينطلق هو سريعاً حيث المكان التي املته عليه حتي تنفذ ما نوت فعله 

***********************************
دلف آدم الي مكتبه بالمشفي بعد ان انتهي من عمله مقرراً اخذ استراحة جسدية قليلة قبل التوجه الي المنزل لينعم بالنوم العميق المريح لعقله الذي لا يكف عن التفكير فيما يحدث هذه الايام رمي جسده بثقل علي المقعد التابع لمكتبه و اراح ظهره الي الخلف باسترخاء و لكن عقله لم يسترخي بل اخذ يذكره ببعض الأشياء المزعجة له التي حدث بالماضي ، زفر بقوة و هو يضع يده علي رأسه هامسة بضجر :
_ كفاية تفكير بقي 

زفر باختناق و هو يقف عن المقعد من جديد تقدم يقف امام النافذة الزجاجية الصغيرة لينظر الي الخارج حيث المارة و قد عادت اليه بعض من المواقف المقيتة التي اصبحت راسخة بعقله مالت شفتيه في ابتسامة حزينة و يصدح صوتها الخافت الحزين بأذنه و كأنه قبضة من فولاذ تعتصر قلبه "خلاص يا آدم مبقاش ينفع نكمل" صدح بعقله مشهده وقتها و صراخاته المعترضة و تعنيفه لها علي ما تتفوه به تلك الحمقاء و امسك بذراعها يجذبها نحوه و قد نفرت عروق رقبته ابتلعت ريقها بتوتر و عينها الدامعة تخبره ان هذا الحديث يخرج رغماً عنها لتحاول ابعاد يده عنها و هي تجده يكمل صراخه الحاد عليها :
_ هو انا مش قولتلك ميهمنيش اللي حصل انا هعرف اصلح كل حاجة انتي بتتلككي و لا اية

ابتلعت غصتها و قد استطاعت الابتعاد عنه لتردد بصوت مختنق :
_ بتلكك !! انت مستوعب اللي حصل اصلاً يا آدم انت فاهم اية اللي حصل انا ماما تعبانة جداً من يومها 

اغمض عينه بقوة ثم صمت قليلاً يستجمع نفسه حتي لا يتفوه بما يندم عليه و يجرح مشاعرها به و هو ادري الناس برقة مشاعرها و حساسيتها من الكلمات المؤذية و ما حدث ليس بالهين ليتهمها بذلك ليتنهد و هو ينظر اليها بعمق يمسك يدها رغماً عنها و عن مقاومتها ثم اقترب منها خطوة اخري هامساً بصدق لامس قلبها و بحب يظهر بأعينه اللامعة بشغف :
_ انا اسف علي اي حاجة حصلت ، انتي بس اللي تهميني ، انا بحبك

لم تقدر علي كبح دموعها اكثر من ذلك لتطلق صراحها لتتساقط علي وجنتيها و هي تتمسك بيده كما يتمسك بها و اكثر هامسة بصوت باكي و كأنه لحن حزين يُعزف علي اوتار قلبه :
_ انا كمان بحبك يا آدم بس خلاص مينفعش نكمل 

اطلق تاوة خافت متألم من صميم قلبه و هو يعود من تلك الذكري البائسة يسند رأسه علي الحائط المجاور له يهمس بقلب منفطر :
_ بس انا لسة بحبك ، مش قادر اتخطي

اتجه من جديد الي مكتبه يرتمي عليه بحدة و قد علت وتيرة انفاسه يحاول التخلص من تلك الذكري التي تمر امام ناظريه الآن بسرعة كبيرة و ايقاف نفسه عن استنزاف طاقته أكثر من ذلك يكفي ما يعانيه منذ ذلك الوقت و عدم قدرته علي تخطيها كما فعلت هي و يلعن كل الظروف التعيسة التي كانت حاجز بينهما و لكن حين بدأت تهاجمه الذكريات من جديد هب واقفاً عن المقعد و اخذ يخلع المأزر الابيض عنه و يلملم اغراضه حتي يرحل سريعاً و يهرب من كل ذلك بالنوم الملاذ الوحيد له منذ فترة طويلة 

***********************************
اخذ يحرك المقعد الدوار و هو مسترخي يريح رأسه الي الخلف و يطرق بانامله علي ذراعي المقعد في قلق يظهر جلي علي ملامح وجهه شديدة الحدة و تلك التجاعيد البسيطة بجبهته و حول عينه اعطته هالة قوية علي عكس طبيعتها في اظهار تقدم العمر و الضعف زفر بضيق و هو يلتفت بالمقعد لينظر الي ساعة الحائط و يري كم مر الوقت و هو في انتظار رجاله طرق بيده بقوة علي ذراع المقعد بغضب حين مر اكثر من ساعتين و لم يعود اي منهما و كاد ان يمد يده ليأخذ الهاتف ليجد طرق علي باب غرفة مكتبه ، اذن للطارق بالدخول و ظهر التلهف علي وجهه حين دخل أحد رجاله متقدماً اليه و هتف بحماس قائلاً بصوته الغليظ :
_ طمني اتأكدت من كلام السعيد 

اومأ اليه الاخر و هو يقف امام المكتب يجيبه بجدية :
_ ايوة يا طارق باشا كلام الواد السعيد صح محدش عارف حاجة عن قاسم و مختفي لا بيكون في البيت و لا في القسم و الدنيا مقلوبة عليه و زمايله بيدوره في كل مكان 

ابتسم "طارق" بسعادة و هو يطرق بيده بانتصار علي سطح المكتب ثم اشار الي الرجل ليكرر حديثه الذي جعله أكثر سعادة ليريح ظهره علي المقعد و قد تعالت قهقهته بشدة حتي ادمعت عينه ، مسح دمعة سقطت من عينه من شدة الضحك و هو يدور بالمقعد من جديد متحدثاً بثقة :
_ حذرته و قولتله ميقفش قدامي مسمعش الكلام ، فاده في اية العناد 

التفت لينظر الي الرجل الذي يقف بثبات يراقب ردة فعل رب عمله بتعجب لكم الحقد الذي يظهر عليه اتجاه هذا الضابط ، تشرست ملامحه اكثر و هو يهمس ببغض من بين اسنانه :
_ انا بمحي اللي يفكر يحاربني 

طرقع باصابعه بتذكر و اشار اليه متسائلاً بجدية :
_ طب و اخوه اللي في المستشفى اطمنت انه مرحش زيارة 

أومأ الاخر من جديد و هو يخبره بهدوء :
_ الواد تبعنا هناك بيقول مبيروحش 

امسك بقلمه الفضي المميز بين اصابعه يلاعبه باحترافية و هو يخبره بحدة و يشدد علي كل حرف يخرج من فمه قائلاً :
_ عايزك تتابع مع اللي تبعنا في المستشفى الواد دا ميخرجش منها الا جثة 

تعجب ذاك الشاب من حديثه علي شاب مريض لا حول له و لا قوة لا يشعر بما حوله بالاصل ليتحدث مستفسراً بفضول :
_ و هو اخوه المريض دا اللي تايه عن الدنيا منه خوف يا كبير ؟

نبرة الاستخاف ب "عُدي" في حديثه جعلت السخرية ترتسم علي وجه طارق قبل ان يجيبه شارداً :
_ منه كله الخوف انت متعرفش عُدي الدميري و اللي هيعمله لو عرف ان قاسم اتقتل 

تنهد بقوة ثم اشار اليه بالخروج من الغرفة قائلاً بصرامة :
_ يلا روح و نفذ اللي قولتهولك و ابعتلي السعيد ياخد بقية حسابه 

***********************************
كانت اسيل تجلس علي طاولة الطعام بجوار فارس تتناول وجبة الغذاء نظرت اليه و هو يجلس بصمت شارد الذهن فمنذ ذلك الموقف بينهما عندما خرج غاضباً من شئ لم تستطع ان تعرف ما به و حين سألته لم يجب سوا انه علي ما يرام و ان هناك ازمة بسيطة بعمله و سوف تُحل قريباً تنهدت و هي تمد يدها تمسد علي ذراعه برقة هامسة بتساؤل :
_ انت احسن دلوقتي ؟ 

رفع رأسه ينظر اليها بلا تعابير و لكن ما هي سوا لحظات حتي ارتسمت ابتسامة هادئة علي محياه حتي تتطمئن قائلاً :
_ كويس ، معلش متزعليش شوية مشاكل في الشغل بس مش اكتر

وضعت يدها علي وجنته تداعب شعيرات ذقنه التي بدأت بالانبات قائلة بحنو :
_ انا متفهمة دا يا حبيبي و عارفة انك بتحاول تقف علي رجلك من تاني

منحها ابتسامة واسعة تتبعها نظرته العاشقة لها التي ترضيها و تشعرها بالاحتواء يردف بامتنان لتفهمها وضعه تلك الفترة :
_ شكراً يا حبيبتي 

تنهدت و هي تسحب يدها عنه تمسك بالشوكة و السكين من جديد لتتابع تناول طعامها و ما كادت ان تضع قطعة من اللحم بفمها حتي توقفت يدها في منتصف الطريق تنظر من جديد الي زوجها و كأنها قد تذكرت شئ هام ثم وضعت الشوكة بالصحن هاتفة بهدوء :
_ انا عايزة اقولك اني احتمال اسافر دبي لفرع الشركة هناك لان فيه عرض جديد و ممكن يحتاجوني

هز رأسه بتفهم و هو يلوك الطعام بفمه لتميل برأسها الي اليمين متسائلة بنبرة لطيفة يشوبها الرجاء :
_ هينفع تيجي معايا ؟

ضم شفتيه بأسف و هو يجيبها بهدوء :
_ معلش يا حبيبتي مش هينفع اسيب الشغل هنا في وقت حرج زي دا 

تنهد و هي تلعن غبائها هذه المرة فهو مشوش و مضطرب من تلك المشاكل التي تلاحق عمله و هي تريد اخذه و التنزه لتبتعد عن مقعدها لتقف خلف مقعده تحاوط عنقه من الخلف تميل لتستند بذقنها علي كتفه و انسدلت خصلاتها الطويلة الي جواره تهمس بحب بعد ان طبعت قبلة هادئة علي جانب عنقه :
_ تعرف اني لو سافرت هتوحشني اوي

امسك بذراعيها المحاوط له يجعلها تقف الي جواره و من ثم حاوط خصرها يسحبها بهدوء لتجلس علي قدميه ابتسم و هو يزيح خصلة عن عينها قائلاً :
_ انتي هتوحشيني اكتر اوعدك لو الوضع تمام معايا هظبط و اجي معاكي 

طبعت قبلة رقيقة علي وجنته قبل ان تميل تضع رأسها علي كتفه تحاوط خصره تقرب نفسها منه و هي تهمس بحب و تمني :
_ ياريت يا فارس هبقي مسبوطة و انت جنبي

غمرها بين ذراعيه يحتضنها برفق و هو يستغل تلك الغمرة في الاسترخاء بين احضانها و الاستمتاع بهدوء تلك اللحظات و دفئ احتوائها له مفرغاً عقله من اي شئ قد يؤرقه تنهد بقوة و هو يتنفس رائحتها العطرة و ازداد شعوره بالراحة حين اخذت تمرر يدها اليسري بخصلات شعره بلطف مستوعبة كم هو بحاجتها الآن و هي مستعدة منحه ذلك الهدوء بكل حب و دون لحظة تردد واحدة فهي تريد ازاحة عنه كل هم يثقل نفسه 

************************************
دلفت كارما الي منزلها الفاخر باحدي المناطق الراقية و هي تدندن اغنيتها المفضلة بسعادة و شعور كبير بالنصر يتسرب الي داخلها يجعل الثقة تدب داخل روحها اكثر فأكثر فقد استطاعت ببساطة ان تُجلس غريمتها "آسيا" في منزلها دون المشاركة بأكبر عرض ازياء يتجهزون اليه منذ اكثر من شهر كامل و اخذت محلها اليوم لتكون العارضة الرئيسية لذلك العرض و ضربت بتهديدات "چو" عرض الحائط اطلقت ضحكة صاخبة و هي تتذكر شكل آسيا و هي ملقاه باهمال علي الارض لا حول لها و لا قوة و لكن قطع ضحكتها العالية تلك شهقة حادة خرجت منها بذعر بعدما دلفت الي الردهة ليصدح صوت ماكر بالارجاء مليئ بالثقة و القوة :
_ اية يا كارما هانم خضيتك

ابتلعت كارما ريقها بصعوبة و هي تحاول تمالك نفسها حين وجدت آسيا تجلس بالردهة بكل ثقة لم تهتز واضعة قدم علي الاخري تنظر اليها بنظرات خبيثة ماكرة ، اعادت كارما خصلاتها الي الخلف و هي تتقدم منها بهدوء قائلة بتهكم :
_ اية دا آسيا زيارة غير سعيدة بالمرة يا حبيبتي و الله

وقفت امامها بالضبط و انحنت نحوها تستند بيد علي الاريكة و الاخري تتلمس جروح هي من احدثتها قائلة بسخرية و شماتة :
_ اوه هو انا عملت كدا بس يا خسارة انا افتكرت اثرت اكتر من كدا 

ابتسامة مظلمة ارتسمت علي شفتي آسيا و قبل ان تستوعب كارما ما يحدث و بحركة واحدة خفيفة كانت آسيا تجذبها بقوة تجلسها محلها و تقف هي امامها و تدنو نحوها ، شحبت وجه كارما و هي تنظر الي وضع آسيا و قد بدت لها انها سترد لها الصاع فاكثر منه لذلك حاولت التملص منها و لكن قبضة آسيا علي خصلات شعرها بقوة كادت ان تقتلعها لها و هي تهمس الي جوار اذنها بفحيح كالافاعي :
_ قولتلك مليون مرة مش انا اللي تسكت علي اي حركة زبالة من بتوعك ، انا آسيا التهامي 

ختمت حديثها بنطق اسمها بتباهي و من بعدها أطلقت الاخري صرخة متألمة حين جذبت آسيا شعرها بقوة اكبر حتي تقطعت بعض من الخصلات بيدها ثم بيدها الاخري صفعتها ثلاث صفعات قوية احست كارما بخدر بوجنتها و انشغلت بألمها و لم تشعر بآسيا حين مدت يدها الي الطاولة الي جوارها تأخذ مقص حاد النصل و بدون لحظة تردد واحدة امسكت بخصلات شعرها تقصها بعنف قبل ان تقف معتدلة تأرجح تلك الخصلات امام ناظريها و بابتسامة ساخرة تحدثت :
_ اترحمي علي الغالي 

صرخت كارما بأعتراض واضعة يدها علي رأسها ثم بدأت بالبكاء و النحيب بصوت مرتفع تنعي شعرها العزيز الذي كان محور اهتمامها دائماً و كانت آسيا علي علم بذلك جيداً تنفست بانتشاء ما ان رأت الدموع بعين غريمتها لتلقي قصاصات الشعر الي الارض و هي تقول بمرح مصطنع :
_ لا اهدي كدا دي البداية 

و لم تعطي لها فرصة لاستيعاب جملتها حتي هبطت علي وجنتها بصفعة اخري اكثر قوة و شراسة و ابتعدت دون اضافة كلمة لتتقدم من تلك الطاولة الطويلة المرتفعة المزينة ببعض من القطع الخزفية المميزة المهوسة كارما بهم و التي تنفق عليهم الكثير من الأموال و المبالغ بها ايضاً و اخذت تلقي بواحدة تلو الاخري علي الارض و هي تشعر بهدوء يغدق اعصابها و قد كانت تغلي كالمرجل منذ ان فعلت كارما بها فعلتها و ان لم تكن فعلت ما فعلته الآن لكانت توفيت قهراً و هي اعلم الناس بنفسها ارتسمت ابتسامة واسعة هادئة علي محياها و هي تتقدم مرة اخري من تلك الباكية بحُرقة تمسك بقصاصات شعرها و ترتفع شهقاتها بحدة و بلحظة خدشت رقبتها باظافرها الحادة كما فعلت بها و هي تنظر داخل عينها بقوة غريبة و لم تعبأ لبكائها و لا سبابها عليها و لا تهديداتها الخاوية بل تحدثت من جديد بهدوء :
_ و البقية تأتي يا كارما هانم و لسة هتدفعي التمن غالي

تركتها و رحلت دون الالتفات خلفها تركتها تلملم شتات نفسها قبل ان تشهق شهقة مرتفعة تقف علي قدميها بانهاك شديد و بدأت بالصراخ علي حرسيها لتبتسم آسيا و هي تسرع خطواتها اكثر حتي قابلها الحراس لتشير الي الخلف قائلة :
_ ادخلوا كلموا الهانم بسرعة محتاجكم 

ما ان رأت الحراس الشخصين لها و الذين يعلمون من هي آسيا جيداً لذلك سمحوا لها بالدخول منذ قليل يدلفون سريعاً حتي اطلقت قدميها للرياح متقدماً سريعاً من زيدان المنتظر لها امام البوابة الكبيرة و قفزت علي ظهره في حركة مباغتة منها لم تحسب لها حساب ثم حاوطت خصره بقدميها قائلة بصوت لاهثة اثر ركضها :
_ اجري بسرعة 

كان هو متجمد بمحله لم يتسوعب حركتها المفاجأة بعد و لم يخطر بباله يوماً ان تتجرأ امرأة و تفعل فعلتها ، شعرت بتصلب جسده بصدمة و كأنه يري اسد امامه سيلتهمه بأي لحظة لتزفر بحنق و هي تربت علي كتفه بحدة تحثه علي التحرك بسرعة نحو دراجته النارية التي اصرت علي ابعادها قليلاً لكي لا يتمكن الحراس من اخذ ارقامها تتسبب له في اي اذي هتفت سريعاً مشيرة نحو الدراجة :
_ مش وقت اندهاش خالص اجري بسرعة 

اجبر قدميه المتحجرة بالارض علي التحرك و وضع يده علي قدميها حتي لا تنزلق عن ظهره ثم اسرع خطواته راكضاً نحو الدراجة حين استمع صوت الحراس يصيحون بأسمها و يبدو انها فعلت شئ لم يتوقعه و الا لم يكن ليوافق علي مرافقتها و أخيراً انتبه الي انفاسه المتصارعة اثر ضربات قلبه القوية التي تطرق بقوة داخل صدره و قربها ينبهه بالخطر و لكنها تزيد الامر حين لفت يدها حول رقبته بقوة تحتضنه من الخلف تحثه علي الاسراع و ما ان وصل الي دراجته حتي انزلها عن ظهره برفق و صعد الي الدراجة النارية قائلاً بحدة و قد اضطرب بشدة من تلقائية فعلتها :
_ انتي عملتي اية يا مجنونة انتي 

صعدت خلفه علي الدراجة متمسكة بكنزته بقوة مستعدة لانطلاقه و الذي كان سريعاً اصدر عنه صوت مرتفع مزعج و غمامة سوداء شديدة غطت علي اوجه الحراس الذين لحقوا بهما صرخت هي بحماس و هي تنظر الي الخلف لتري كم ابتعدا عن منزل كارما ثم التفتت من جديد تتشبث اكثر به ثم هتفت به بمرح :
_ سوق اسرع 

هتف زيدان باستنكار و هو يقلل من سرعته بعد ان ابتعد القدر الكافي :
_ اسرع اية المكنة تتقلب بينا 

لتقف هي تستند علي كتفه بكلتا راحتيها تصرخ بحماس صاخب كالاطفال حتي جلست من جديد حين رأت محل لبيع المثلجات لتربت علي كتفه بيدها اليمني و تشير باليسري الي ذلك المكان قائلة بابتسامة بشوشة علي محياها :
_ وقف بقي هناك ، بما اني مبسوطة هعزمك علي ايس كريم 

اوقف الدراجة لتنزل هي سريعاً و ما كادت ان تذهب باتجاه المحل حتي اوقفها يفرد ذراعه امامها قائلاً بهدوء :
_ ممكن افهم انتي عملتي اية الاول و بيت مين دا 

ابتسمت و هي تبعد ذراعه من امامها ثم اردفت بمكر واضعة يدها علي الجُرح الموجود بعنقها الطويل :
_ كنت باخد حق الخربوش 

غمزت بعينها اليسري في نهاية حديثها جعلته يبتسم باتساع متعجب من نفسه كيف له ان يوافق علي مرافقتها دون ان تبوح له بالمكان المنشود فقط حتي لا يطفئ حماسها الذي كان يلتمع بعينها ، خفتت ابتسامته و هو ينظر اليها من جديد بزاوية اخري احب هذا الجانب منها دون التعجرف الذي ازعجه سابقاً احب روحها التي دبت بها الحماس حين اخذت بثأرها كما وضحت له مثيرة للاستكشاف لا محال اصدرت صفير عالي علي شروده التي لاحظته و نظراته المسلطة عليها و قد رفرف قلبها بغرور انثوي بحت لتقترب منه برأسها ناظرة الي عينه مباشرةً في تواصل اصابه بالتوتر للحظة تهمس بثقة :
_ ما تطولش النظرة احسن تقع و انا اللي يقع فيا مبيقومش 

انهت حديثها بنظرة ذات مغزي ثم وقفت معتدلة ترتب خصلات شعرها بغرور ليبتسم علي جملتها التي اهتز لها لوهلة قبل ان يبتعد عن دراجته النارية مستعد للذهاب معها قائلاً بذات الثقة :
_ انا مبقعش عموماً 

ارتفعت جانب شفتيها بابتسامة قبل ان تشير اليه ان يتبعها قائلة بصوت ضاحك :
_ ما يقع الا الشاطر يا زيزو

تقدمته في السير اتجاه المحل في حين تسلطت عينه عليها في تعجب من شخصيتها المتقلبة و التي تفاجأه واضعاً يده بتلقائية خلف رأسه يعبث بخصلات شعره مبتسماً ثم همس بخفوت :
_ و انا شاطر الصراحة 

************************************
_ مش موافقة انتي عايزة تجوزيني راجل قد جدي حرام عليكي ترضيها لبنتك 

صرخت بتلك الجملة رُقية مستهجنة من حديث سماح زوجة خالها و التي تقنعها بالزواج من رجل بعمر والدها ان لم يكن جدها و بكل وقاحة تحمل لها صورته تتباهي به و كأنه اوسم رجال العالم فقط لتتخلص منها يا لوقاحتها انه منزل والدتها و قد سمحت لصبري بالمكوث به لانها تعلم ان ليس بمقدرته شراء منزل او حتي دفع ايجار لاصحاب البيوت ، تطاير الشر من عينيها صوب تلك المتسلطة التي تفرض الرأي عليها و زاد ذلك الغضب حين هتفت سماح بحدة :
_ بقولك اية متجبيش سيرة بنتي ، و هتوافقي يا رقية غصب عنك 

اشتعل الغضب اكثر بقلب رقية متعجبة من تبجحها عليها في ذلك الأمر و كأنها شئ يُباع و يُشتري بين يديها لترمقها بازدراء و هي تصرخ بها بحدة :
_ مش هتقدري تجبريني 

ابتسمت سماح ابتسامة صفراء و هي تقف عن جلستها بالمقعد المجاور لفراش رقية قائلة بهدوء ما لم تتوقعه الاخري :
_ بس خالك هيجبرك لما يعرف ان كريم طلقك عشان لاقاكي في حضن واحد تاني 

اتسعت اعين رقية بصدمة و شحب وجهها ببهوت اثر ذلك الاتهام الشنيع و لم تتخيل يوماً ان تتعدي سماح حدودها و تصيب شرفها و سمعتها و لكنها تثق ان زوجها السابق لن يفعل و لن يقول شئ ليس بها لتصرخ بها و هي تنتفض واقفة امامها بشجاعة :
_ كدابة و خالي هيروح لكريم و كريم هيقول الحقيقة 

صدحت ضحكة ساخرة من سماح قبل ان تلاعب حاجبيها تتذكر كيف رفض كريم الحديث او اللقاء مع خالها و لم يُفسر له حتي سبب الطلاق ، اشعلت تلك الحركة التي فعلتها حنق رقية ثم دفعتها سماح بكتفها بقوة قبل ان تجيبها بنبرة ساخرة متهكمة :
_ كريم مش هيرضي يقابله اصلا فهيروح يسأل حماتك الغالية اللي بتحبك اوي

توازنت رقية قبل ان تسقط و وقفت باعتدال تبتلع ريقها بخوف من اتجاه حديثها و هي متأكدة ان والدة زوجها السابق سوف تتفنن في الحديث الكاذب عنها و تعلم تمام العلم كم تكرهها و لم تظهر هذا الا بعد ان اتمت زواجها من كريم شعرت باختناق شديد يجتاحها و قبضة قوية تعتصر قلبها بألم قاتل و اشتدد الألم حين ربتت سماح بقسوة علي وجنتها اليمني قائلة بنبرة قوية :
_ و ساعتها حماتك مش هتكدب الكلام دا دي هتزود عليه يا حبيبتي و هتبقي فضيحة بجلاجل

تأوهت رقية واضعة يدها علي وجنتها و ارتجفت بقوة و هي تتخيل ما ستتعرض له ان صدقت سماح و نفذت ما تخطط له لترتمي جالسة محلها علي طرف الفراش تنظر اليها بسكون و لكن كان الصخب داخلها لا يسكن و صراخ حاد تكبحه بصدرها سوف يقتلها لتتنهد سماح بارتياح و قد وصلت الي مبتغاها لتمد يدها بالصورة الفوتوغرافية لها قائلة بسخرية :
_ خدي صورة عريسك يا عروسة 

ما ان اتمت جملتها حتي خرجت من الغرفة غالقة الباب خلفها في حين كانت رقية جالسة تشعر بالتيه و الضياع تعالت انفاسها بقوة و صدرها يعلو و يهبط بقوة و لم تقدر علي الثبات لتبدأ بالبكاء بقوة و شهقاتها تتعالي تشعر انها بلا حيلة و لا يوجد ما يمكن فعله ، مزقت تلك الصورة الفوتوغرافية المتواجدة بيدها و ضربت علي فخذيها عدة مرات لشعورها بالقهر و الضعف تدعو الله ان يخلصها مما وقعت به و ان يبعد عنها كيد زوجة خالها 

تعليقات



×