رواية كحك العيد الفصل الثالث والاخير بقلم سمر ابراهيم
صرخة مدوية خرجت منه ليستيقظ فزعًا وهو يتصبب عرقًا، هرولت والدته نحوه لتحتضنه بقلق وحدثته بحنان وهي تمسح على ظهره:
- مالك يا ضنايا بتصرخ ليه؟
دفن رأسه في أحضانها وكأنه يختبئ من شيء يخيفه وبدأ جسده يرتجف بقوة لتخرج الكلمات منه متقطعة:
- هـ هبة يـ يما هبة.
رفعت رأسه لتجعله ينظر إليها معقبة بلهفة:
- مالها هبة يا واد فيها ايه؟
ازداد بكائه فور تذكره ذلك الحلم المخيف الذي رآه الآن لتهدئه والدته محاولة حثه على الحديث عله يخبرها بشيء ذا فائدة تخبرهم بمكان ابنة أخو زوجها والتي كانت بمثابة طفلتها فهو الوحيد الذي رآها قبيل اختفائها ورأى من كانت تصحبها:
- اهدى يا حبيبي وبطل عياط وقولي مالها هبة بالراحة كدا.
ازدرد بخوف وبدأ يقص عليها ما رآه.
- شوفتها في الحلم في مكان ضلمة وعمالة تصرخ وتنادي عليا ولما قربت منها كان وشها ازرق وهدومها مبلولة وعليها طين، أول ما شافتني شاورتلي على مكان لما بصيت عليه لقيت الولية اللي كانت ماشية معاها مدياني ضهرها برضه وفجأة جت وخدتها وجريت جريت وراهم عشان أجيبها منها ملحقتهاش ضاعت مني تاني أني السبب لو كنت لحقتها الصبح مكانش زمانها راحت.
قال جملته الأخيرة وانهار في البكاء لتبكي والدته هي الأخرى وهي تحتضنه بشدة داعية المولى عز وجل أن تعود الطفلة سالمة ليعود الهدوء ويعم هذا المنزل مرة أخرى.
ما هي سوى لحظات حتى فزع الجميع على صوت طرقات عالية على باب المنزل ليهم الجميع ليروا من الطارق متأملين بسماع أخبار جيدة ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وجد خالد أمامه شيخ الغفر يلهث ويخبره من بين أنفاسه المتقطعة:
- هِمْ بسرعة يا خالد يبني تعالى معايا لقينا بنتك.
لم يتمالك نفسه من فرط سعادته ليحدثه بابتسامة واسعة:
- بتتكلم جد يا شيخ الغفر لقيتوا البت؟ ياما انت كريم يارب لقيتها فين طيب؟
تغيرت تعابير وجهه الفرحة فور رؤيته له منكسًا رأسه لا ينطق بشيء ليشعر بقبضة تعتصر قلبه فاقترب منه متحدثًا بريبة:
- ساكت ليه يا شيخ الغفر هي البت جرالها حاجة؟
ما كاد ينهي حديثه حتى استمع إلى صراخ زوجته من خلفه والتي أقبلت وهي تبكي بانهيار:
- البت حصلها إيه يا خالد بتي مالها؟
أمسك بها محاولًا تهدئتها بالرغم من تيقنه من حدوث شيء سيء لطفلته:
- اهدي بس يا أم هبة البت كويسة إن شاء الله.
أنهى حديثه ووجه نظره تجاه شيخ الغفر ليسأله بنفاذ صبر:
- انطق يا حاج عبد الرحيم حصل إيه متحرقش أعصابنا.
رفع الرجل رأسه ببطء لتخرج الكلمات من فمه بصعوبة بالغة:
- البقية في حياتك يا خالد يبني.
وكأن الزمن توقّف عند تلك اللحظة. تجمّد كل شيء من حوله، لم يعد يرى الألوان، ولم يعد يسمع الأصوات، كان واقفًا في منتصف الضوضاء، فصوت صرخات النساء كان يملأ المكان لكن الصمت وحده هو ما احتل عالمه، العيون التي ترمقه لم تعد تعني شيئًا، والوجوه التي تتحرّك أمامه بدت وكأنها أشباح تسبح في فراغ بعيد.
كل شيء فقد وزنه، فقد معناه. لم يكن هناك سوى ذلك الخبر الذي تسلّل إلى عقله، استوطن قلبه، وأغلق عليه أبوابه. لم يعد هناك صوت سوى رجع الكلمات التي ارتطمت بجدران روحه، تكرّرت حتى أصبحت صدى بعيدًا لا ينتهي.
مشى بين الناس كأنه لا ينتمي إليهم، نظراته زائغة، عيناه ثابتتان على اللاشيء. تحرّك العالم من حوله، لكنه ظلّ عالقًا هناك، في تلك اللحظة، في ذلك الخبر، في ذلك الصمت الذي ابتلعه بالكامل.
لا يعلم كيف استطاع الوصول إلى حيث توجد جثة طفلته ليجدها ملقاة على الأرض مغطاة بملاءة وحولها العديد من أهل القرية الذين أفسحوا له الطريق فور رؤيتهم له.
يقدم قدم ويؤخر الأخرى وعينيه مسلطتين على تلك الملاءة يدعو يدخله ألا تكون طفلته ولكن كل أماله ذهبت ادراج الرياح فور إزاحتها عنها ورؤيته لوجهها الشاحب أزرق اللون لينهار ويفترش الأرض بجوارها وسط تعاطف جميع من حوله ليتقدم عمدة القرية نحوه مربتًا على كتفه محدثًا إياه بمؤازرة:
- وحد الله يا خالد يبني كله مقدر ومكتوب.
رفع رأسه لينظر إليه بعينين ممتلئتين بالدموع دون أن يستطع النطق وقبل أن ينبس العمدة ببنت شفه التفت الجميع على صوت صافرة سيارة الشرطة معلنة عن قدوم ضابط المركز للتحقيق فيما حدث
❈-❈-❈
علامات الحزن تكتسي وجهه فور رؤيته جثة الطفلة والتي من الواضح بأنها قد عانت كثيرا قبيل وفاتها كما أنه يشفق على حال والدها الذي يفترش الأرض بجوار جثة طفلته لا يحرك ساكنًا وكأنه قد انفصل عن الواقع، ولكنه حاول التعامل مع الموقف بعملية فاتجه نحو العمدة متحدثًا وهو يدور بعينيه نحو جميع الواقفين:
- مين اللي اكتشف الجثة.
أشار نحو امرأة تقف بعيدًا، ترتجف خوفًا يحيط بها الغفر الخاصين به من كل جانب، نظر إليها الضابط بتفحص ثم اقترب منها بخطوات بطيئة حتى وقف أمامها ليزداد خوفها وارتجاف جسدها حتى كادت أن تفقد الوعي ولكنه باغتها بأسئلته التي حاولت الإجابة عليها قدر استطاعتها:
- انتي اللي لقيتي الجثة:
اومأت له بموافقة دون أن تنطق فاستأنف أسئلته بعملية:
- كنتي رايحة فين بدري كدا؟ وشوفتي إيه بالظبط؟
حاولت التحدث ولكن خانتها كلماتها فلن تستطع النطق ليرتعد جسدها فور سماعها لصوته الغاضب:
- انطقي بدل ما أحبسك.
حاولت استجماع قوتها لتجيبه فخرج صوتها مرتعشًا:
- كـ كنت ر رايحة أسرح على أكل عيشي يا سعادة البيه ديه طريقي اللي بمشي منه كل يوم في نفس الميعاد.
عقب بثبات:
- كملي شوفتي إيه؟
انهمرت دموعها فور تذكرها ما رأت وأجابته بتلعثم:
- كنت معدية من قدام الترعة واليومين دول المية قليلة زي ما جنابك شايف بضرب بعيني لقيت شوال مرمي ومفتوح وظاهر منه رجول بني آدم اني شوفت المنظر صوت وأهل البلد اتلموا على صوتي ولما طلعوه عرفنا أنها هبة بنت خالد ابن الحاج عيد العظيم.
- يعني مشوفتيش حاجة كدا ولا كدا وانتي جاية؟ حد معدي من جنب الترعة؟ ولا حد بيرمي الشوال؟
نفت برأسها وأجابته بصدق:
- لا والله يا باشا مشوفتش أيتها حاجة اللي شوفته أني قولتلك عليه.
زفر بضيق وأمر رجاله باصطحابها نحو المركز للتحقيق معها مرة أخرى عله يصل لنتيجة.
استجوب جميع أفراد أسرتها والذين برغم انهيارهم إلا أنهم حاولوا مساعدته قدر استطاعتهم حتى يصلوا إلى الجاني فتقرير الطب الشرعي يقول أن الطفلة قتلت عن طريق الخنق بل وتركت مدة طويلة بعد قتلها حتى تيبس جسدها قبل وضعها في الجوال وهذا كان سبب رئيسي في اكتشافها سريعا.
الكثير من التحريات التي لم تسفر عن شيء فلا يوجد أثر للجاني فأسرة المجني عليها لا يتهمون أحد ولا يوجد عداوة بينهم وبين أحد آخر سواء بداخل القرية أم خارجها لم يكن هناك شيء سوى قول ابن عمها عندما قال بأنه رأى من اختطفتها من ظهرها ووصف له ما كانت ترديه بالتفصيل، وبالرغم من أنه بهذا يكون يبحث عن إبرة في كومة قش ولكنه لم يكن يملك خيار آخر سوى ذلك فلقد أقفلت في وجهه جميع الأبواب.
كات يأخذ الطفل والذي لم يتجاوز الثامنة من عمره يوميًا ليتجول به بين شوارع القرية عله يجد ضالته ويتعرف على المجرمة وإن كان ذلك يبدوا وكأنه درب من الجنون ولكنه لا يملك سواه.
❈-❈-❈
يركض خلفها مسرعًا بغية اللحاق بها ولكنه يفشل في ذلك فكلما اقترب من الإمساك بها يجدها تبتعد أكثر فأكثر فأخذ، يصيح باسمها:
- هبه، يا هبة تعالي روحتي فين؟
كانت تلوح له من بعيد وكأنها تريد منه أن يلحقها وهذا ما حدث بالفعل ليجدها تدخل أحد شوارع القرية لتختفي بداخل أحد المنازل القديمة فذهب خلفها وأخذ يطرق الباب أكثر من مرة ولكن دون فائدة وكأن المنزل فارغ خالي من السكان.
استيقظ فزعًا وهو يصرخ باسمها كعادته منذ اختفائها، العرق يتصبب منه ويلهث بشدة وكأنه كان في سباق للركض، يتلفت حوله بفزع يبحث عنها وكأنه لم يستفيق بالكامل بعد ولا يدرك بأنها لم تعد موجودة وعند استيعابه لذلك انهمرت الدموع من عينيه دون توقف نعم فلقد كانت بمثابة أخته الصغيرة يلوم نفسه كل دقيقة على فقدها مئات الفرضيات التي تدور بعقله الصغير دون توقف فلو لم يتركها ويذهب للعب بعيدًا عنها لكانت معه الآن، لو استطاع اللحاق بها في ذلك اليوم لما قتلت، لو ركض أسرع خلفها لما كانت اختفت دون رجعة، إحساس الذنب المسيطر عليه يقتله رغم صغر سنه.
أما بالنسبة لباقي العائلة فلقد سيطر الحزن على المنزل بأكمله ففي زوايا ذاك المكان الذي كان يومًا يضجّ بالفرح، حيث كانت الضحكات تُطرّز الجدران بألوان البهجة، حلّ الصمتُ الثقيل كضيفٍ غير مرغوب فيه. تبدّلت الأجواء، وارتدت الأرواح ثوب الكآبة، وكأن الحزن قد اتخذ من هذا المكان مسكنًا دائمًا بعد أن كان الفرح سيده.
أصبح الهواء مشبعًا بالآهات الخفية، والأركان التي شهدت الضحكات ولعب الصغار باتت شاهدةً على وجوهٍ شاحبة وعيونٍ مثقلة بالدموع. كأن الزمن أدار ظهره للمكان، فتركه يواجه وحدته، يُحصي الذكريات التي كانت تملؤه دفئًا، قبل أن تهاجر الفرحات إلى دروبٍ أخرى.
❈-❈-❈
يمسك بيد الضابط ليسير معه في شوارع القرية ينظر إلى ملابس النساء بتفحص عله يجد ضالته ولكنه توقف فجأة أمام أحد الشوارع الصغيرة متلفتًا حوله وكأنه يتذكر شيئًا ما وفي لحظة ترك يده وركض مسرعًا داخل الشارع ليهرول حسام من خلفه ليجده يقف لاهثًا أمام منزل قديم يشير نحو بابه الخشب بعينين ممتلئتان بالدموع متحدثًا بصوت مختنق بالبكاء:
- أختي هبة كانت هنا.
رغم تعجب الضابط لكنه قرر مجاراته وقام بالطرق على الباب عدة مرات حتى انفتح لتطل من خلفه امرأة شابة فصرخ أحمد فور رؤيته لها ولما ترتديه:
- هي دي اللي خدت أختي هي دي اللي خدتها.
فزعت المرأة فور رؤيتهم وتحدثت بذعر غير مدركة لما يخرج من فمها:
- أني معملتش حاجة ديه هو اللي خنقها أني ماليش دعوة.
هل ما حدث الآن حقيقة أم هو حلم من كثرة انشغاله بتلك القضية مستحيلة الحل فلقد كان يائسًا منذ عدة دقائق يفكر في إغلاق ملفها، فلا يوجد دليل واحد يدل على القاتل لتأتي الصدفة وتسوقه إليه دون سعي منه.
كان المستحيل جدارًا صلبًا، لا يُكسر ولا يُخترق، كحلم بعيد يلوّح من خلف الضباب. لكن الإرادة حين اشتعلت، تحوّل ذاك الجدار إلى باب، والمستحيل صار مُمكنًا، كنجمةٍ ظنوا أنها لن تسقط، فإذا بها تضيء الطريق.
تم القبض عليها هي وزوجها لينتشر الخبر في أنحاء القرية "وهيبة ابنة الحاجة زينب قد قتلت هبة حفيدة الحاج عبد العظيم" وفور وصول الخبر لأسرة الطفلة صعق الجميع فور سماعهم إياه خاصة سعاد فكيف استطاعت فعل ذلك؟ ولماذا؟ فلقد اعتادوا العطف عليها وإعطائها ما تحتاجه لقد كانت هي وزوجها يبحثون عنها معهم كيف استطاعت ذلك؟ الكثير من الأسئلة التي لا توجد لها إجابة سوى أنها ينطبق عليها مقولة "اتق شر من أحسنت إليه".
❈-❈-❈
يقفان أمام الضابط الموكل بالقضية مقيدي الأيدي يرتجفان من الخوف خاصة من نظراته الحادة والعدائية التي يرمقهما بها، شرع في استجوابهما لمعرفة ما حدث فبدأ بها سائلًا إياها بحدة:
- قتلتيها ليه؟
نفت برأسها وهي تردد بدموع تشبه دموع التمسيح إلى حدٍ كبير:
- مقتلتهاش يا بيه والله ما قتلتها ديه هو اللي قتلها.
فزع زوجها فور سماعها لكلماته فحدجها بصدمة جاحظ العيين ثم حول نظره نحو حسام وحرك رأسه يمينًا ويسارًا بسرعة شديدة وتحدث محاولًا نفي ما قالته:
- متصدقهاش يا بيه أني ماليش دعوة بكل ديه أني جيت من برا لقيتها خانقاها وساعتها معرفتش أعمل إيه خوفت أبلغ عنها عشان خاطر بتي الصغيرة فسكت غصب عني.
ازداد عضبه من حديثه فضرب بيده على سطح المكتب وصاح بغضب:
يعني خوفت على بنتك ومخوفتش من اللي حصل لعيلة صغيرة ممكن بنتك تكون مكانها في يوم من الأيام.
أنهى حديثه ونظر إليها مضيقًا عيناه وحدثها بصوت يشبه فحيح الأفاعي:
- هتقولي اللي حصل بالتفصيل ولا أوريكي الوش التاني وصدقيني مش هتحبي تشوفيه فأحسنلك تعترفي باللي حصل من غير لف ولا دوران.
ازدردت بخوف وبدأت بسرد ما حدث بتردد ولكنها لا تملك خيارًا آخر غير ذلك:
- أني هقول على كل حاجة حصلت يا بيه، أني كنت محتاجة فلوس عشان أجيب كحك العيد وهدوم لبنتي الصغيرة، روحت اشتغلت في بيتهم بس هما كرشوني بعد يومين وساعتها الدنيا اتقفلت في وشي وفي يوم كنت راحة اتحايل عليهم يرجعوني الشغل تاني لقيت البت واقفة بتلعب قدام الباب كنا ساعة عصاري ومفيش حد في الشارع الشيطان لعب في دماغي قولت آخدها آخد منها الحلق واسيبها تاني مكانش في نافوخي حاجة تانية ساعتها روحتلها وقولتلها تيجي معايا أديها حاجة تديها لأمها وعشان البت كانت عارفاني جت معايا بس واحنا ماشيين سمعت حد بينده عليها خدتها ومديت في مشيتي علشان ميحصلناش ولما وصلت الدار قلعتها الحلق ومشيتها قولتلها روحي لأمك بس هي بعد ما طلعت عالباب قالتلي أني هقول لأمي وأبويا إنك قلعتيني الحلق يا وهيبة ساعتها خوفت تقولهم واتفضح في البلد كلها ناديت عليها تاني وقولتلها انتي صدقتي يا بت يا هبة دا أني بضحك معاكي تعالي خدي الحلق أهه ومديت إيدي بالحلق صدقتني ودخلت وساعتها قفلت الباب ودخلتها الأوضة وقلعت الأشرب اللي كنت متعصبة بيه ولفيته حوالين رقبتها وخنقتها وكتمت نفسها بواحظ تاني وكتفت إيدها ورجلها ورميتها تحت السرير على ما تخلص ساعتها حسين جه من الشغل ولما عرف اتخض بس كان اللي حصل حصل سيبنا الدار ومشينا روحنا عند الجيران نتفرج عالتلفزيون ولما البلد انشاعت إنها تايهة روحنا ندور عليها معاهم عشان محدش يشك فينا ولما رجعنا آخر الليل حطيناها في شوار وحسين خده عشان يرميه.
كادت أن تكمل ولكنه أشار إليها بيده أن تصمت ليوجه حديثه لزوجها بوجه تتضح عليه علامات الغضب:
- كمل انت حصل إيه لما خدت الشوال؟
ازدرد بخوف وهو يجيبه بتوتر:
- لما خدت الشوال مكونتش عارف أروح بيه فين لقيت بيت ليه فرندة قدامي قولت أرميه فيها وأهي التهمة تلبس اللي ساكنين في الشقة خصوصا إنهم سكان مش من أهل البلد بس بعد ما عديت لقيت فيه صوت ونور الأوضة والع خوفت يفتحوا ويشوفوني واتفضح نطيت تاني ومشيت بالشوال لحد ما وصلت للترعة رميتها ومشيت والدنيا كانت ضلمة مكونتش اعرف إن مفيش مية في الترعة وإن الجتة هتبان علطول.
كان الغضب يتأجج بداخله كلما استمع لتفاصيل جريمتيهما فكيف يمكن لهما أن يفعلا ذلك بهذه السهولة هل قالت بأنها ذهبت لتشاهد التلفاز وتركتها تلفظ أنفاسها الأخيرة؟ ليقسم بداخله بأنه لولا وظيفته لكان أرداهما الآن دون أن يرف له جفن ولكن عليه احترام القانون.
❈-❈-❈
قاما بتمثيل الجريمة في حضور وكيل النائب العام وأهل القرية الذين تم منعهم عنهما بصعوبة شديدة خاصة عائلة الطفلة الذين كانوا عازمين على قتلهما لولا حرص رجال الأمن على منع ذلك وبعد المحاكمة تم الحكم عليها بالسجن المؤبد لمدة خمسة وعشرون عاما إما زوجها فحكم عليه بخمسة عشر عامًا وتربت ابنتها مع والدتها فعاشت منبوذة من الجميع ولم يجرؤ أحد على السكن في المنزل الذي حدثت به الجريمة فظل مهجورًا إلى الآن يخشاه أطفال القرية لتظل قصتها لسنوات طويلة مادة خصبة للأمهات لتخويف أطفالهم بها فإن لم يطيعوهم ستأخذهم وهيبة وتقتلهم كما قتلت هبة لا تخرج من المنزل وقت العصاري فوهيبة تقف أمام الباب تختطف الأطفال الصغار، احتسي اللبن حتى لا تأتي وهيبة وتأخذك وغيرها من الحكايات التي كانت تؤتي ثمارها بنجاح فكان وهيبة هي الفزاعة التي تخيف بها الأمهات أطفالهم فيفعلون ما يأمرونهم به دون قيد أو شرط خائفين من عودة وهيبة مرة أخرى.
تمت