رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم رحمة نبيل

 

رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس والثلاثون بقلم رحمة نبيل



أعلم أن عنوان الفصل قد يكون محزنًا للبعض _ مثلي _ لكنني أعدكم بنهاية سترضي الجميع، ومفاجأت ستسعدكم باذن الله .

مع العلم أنه تبقى الفصل الأخير ...
والخاتمة التي ستكون بمثابة حلقة خاصة لهم .

وكم أحزنني كتابة تلك الكلمات، لكن لكل شيء نهاية كما تعلمون .

والآن أترككم من الفصل الجديد...قراءة ممتعة .

لا تنسوا الصلاة على النبي قبل البدء ❤️

____________________

جميع الفتيات في غرفة راسيل منهم من يتحدث ومنهم من يضحك والبعض الآخر نائم بكل كسل جوار راسيل، كجولي التي قضت ليلتها أسفل الأمطار مع مارتن .

فتحت جولي عين واحدة تستمع للحوار القائم بين رفقة وروبين وفيور لتقول بحنق وهي تشير لـ لورا التي كانت آثار الإرهاق واضحة عليها :

" كله بسبب حبيب تلك الفتاة، أخبرته منذ أشهر طويلة أن ينتهي من العمل على فستان الزفاف الخاص بي، لكن لا السيد مافو لديه ما يشغله عن صنع فستان لأجلي "

ضحكت لورا بخفة وهي تقول وقد شعرت بتميزها في هذه النقطة ليخرج صوتها مستفزًا جولي :

" نعم جولي لقد أخبرني مايك عن فستانك، وهو بدأ تصميمه بالفعل "

ابتسمت جولي بحماس وهي تعتدل في جلستها على فراش راسيل بعنف ليهتز جسد راسيل التي صرخت بحنق :

" هيييه ببطء "

أشارت لها جولي معتذرة ثم نظرت للورا بحماس :

" حقًا، ومتى اخبرك أنه ينتوي الانتهاء منه ؟!"

ابتسم لورا بسمة صغيرة وهي تقول بكل برود مستفز :

" بعدما ينتهي من خاصتي اولًا "

نظرت لها جولي ثواني دون ردة فعل قبل أن تقول بكل بساطة :

" كان مارتن محقًا حينما أخبرني أننا لن نتزوج إذا اعتمدنا على مايك، ثم أنا زفافي قبلكما؛ لذا من المفترض أن ينتهي من خاصتي قبلكما أيضًا "

رفعت لورا حاجبها وهي تقول :

" ومن قال لكِ أن زفافك قبلي ؟!"

" ربما لأنني دخلت هذه العائلة القذرة قبلك !!"

لم تكد لورا تفتح فمها حتى قاطعتهم روما بحنق كبير وهي تضع يدها بينهما وكأنها تمنعهما من المشاجرة :

" حسنًا حسنًا توقفا، في النهاية الجميع سيتزوج لا يهم من سيفعل اولًا، لكن الجميع سيفعل حسنًا "

ابتسمت روبين وهي تقول بسعادة ورأس مرفوعة فخرًا :

" فابري أخبرني أنني سأقيم زفافي بعد انتهاء العمل المعلق معهم، أي بعد اسبوع تقريبًا "

نظر لها الجميع باهتمام لتردد هايز بتعجب :

" هذا ما أخبرني به آدم، لكن عن أي عمل يتحدثون ؟!"

تحدثت جولي بلا اهتمام وهي تتسطح مجددًا بنعاس جوار راسيل التي كانت تستمع بكل اهتمام للحوار ..

" ماذا برأيك ؟! بالطبع يقتلون بعض الرجال، أو يفجرون بعض المنازل "

وبمجرد انتهاء كلماتها البسيطة خرجت ثلاث شهقات عالية من ثلاث فتيات لتفتح جولي عينها بصدمة وهي تنظر للجميع حولها وللتو فقط انتبهت أن البعض هنا لم يعلم بعد حقيقة تلك العائلة .

تحدثت وهي تبتلع ريقها ببسمة غبية :

" اقصد يقتلون بعض الجرذان والحيوانات المفترسة، فتلك العائلة تعمل في مجال البيئة و..."

صمتت ثم قالت وعينها تدور على ملامح لورا المصدومة وراسيل التي كانت تفتح عينها باتساع وفيور التي كان فمها مفتوح بشكل مثير للضحك...

" هل أفسدت الأمور ؟؟"

عضت روما شفتيها بغيظ كبير تنظر لجولي بحنق مشيرة للثلاث فتيات :

" لا حبيبتي لم تفعلي، أنتِ فقط على وشك تخريب ثلاث علاقات "

نظرت جولي للفتيات بخوف وهي تقول :

" حسنًا ارجوكم لا تسيئوا فهمهم، هم مجرمين قذرين وقاتلين أيضًا، لكن اقسم أنهم جميعهم ذوي قلوب حنونة ...احيانًا "

صمتت ثواني ثم قالت ببسمة مرتابة :

" هل يمكننا أن نعيد ذلك الحوار منذ البداية وندّعي أن شيئًا لم يكن ؟!"

ابتسمت روبين وهي تنظر لجميع الوجوه المصدومة :

" حسنًا أنتم لديكم طريق طويل لاستيعاب الأمر، لكن صدقوني هم مجرمون في غاية اللطف اقسم "

نظرت لها رفقة بسخرية لاذعة :

" أنتِ آخر من يتحدث عن اللطف، من معك لا يمت للطف بصلة من الأساس "

نظرت لها روبين بحنق وهي تصرخ في وجهها مدافعة عن فبريانو بكل ما تملك :

" بل هو كذلك، هو لطيف، بل هو الطفهم جميعًا، فبريانو ألطف شخص في التسعة "

قالت كلماتها بشراسة ثم رفعت اصبعها في وجه رفقة بحنق :

" ولا تتحدثي عنه بكلمة واحدة سيئة حتى لا انسى من أنتِ وانهض لنزع شعرك المستفز هذا بيدي هاتين" 

فتحت رفقة فمها لتجيب روبين لكن منعتها روما التي وضعت يدها أمامهما كما فعلت منذ ثواني بين لورا وجولي :

" توقفا بحق الله، أنتما تتحدثان في أمور بعيدة كل البعد عما نتحدث عنه، ما شأن الفتيات الآن بلطف فبريانو ؟! هم الآن في صدمة، قدّروا ذلك قليلًا "

انتهت من حديثها، ثم عادت بنظرها للفتيات الثلاث وهي تقول :

" حسنًا الأمر ليسا كما تظنون، هم بالفعل مجرمون، لكنهم اخيار "

تحدثت فيور بفم مفتوح ببلاهة لا تعي ما يُقال أمامها ولا تستوعب تبرير روما الغبي :

" لقد كان يناديني بفيور اللصة، ويصرخ بوجهي لأجل الأمر، كان يكره كوني لصة بينما هو قاتل "

تنحنحت جولي قائلة ببسمة صغيرة :

" لكنه ليس لص، أخبرني مارتن أنهم يومًا لم يسرقوا احدًا، حسنًا عدا بعض الأشياء الصغيرة كجاسوب شخصي او بعض الملفات وغيرها من تلك الأمور التي يتخذها زعماء المافيا دليلًا ضد بعضهم البعض "

اتسعت عين راسيل أكثر وهي تهمس بصدمة :

" مافيا؟؟؟؟؟؟"

نظرت روما بشر لجولي التي اختفت أسفل الغطاء وهي تقول بنبرة توشك على البكاء :

" آسفة اقسم أن لساني الغبي هذا لا يصمت أبدًا، بل يتحمس عند الحديث عن تلك الأمور، أنا آسفة "

ضربت روما وجهها بحنق وهي تهمس :

" ليكون الله في عونك مارتن ...."

_________________

بدأت الحفل وبدأ الجميع بالتوافد للقصر الشرقي الخاص باليخاندرو والذي قرر أن يقيم فيه الاحتفال بعيدًا عن قصر العائلة الرئيسي  .

كانت النظرات المتبادلة بين جميع الاحفاد والتي يحفها الغموض اكبر دليل على أن ذلك الحفل لن يمر مرور الكرام كما يدّعي انطونيو، بل إن نظراتهم تخبرك أن هناك حرب على وشك النشوب في بهو القصر الفسيح، لكن أي حرب ومن هم أطراف الحرب لا أحد يعلم.

تحرك انطونيو صوب المسرح الذي يتوسط المكان وهو يدور بعينه بين الجميع يتأكد أن الكل حضر، لكن عينه لم تبصر وجه ايثان بين الجمع .

أشار لمارتن الذي اقترب منه وهو يقول بجدية :

" اخبر جدي أن ايثان لم يحضر، وأخبره أيضًا أن مورتيانو كذلك لم يفعل و..."

وقبل أن يكمل حديثه أبصر رجلًا في أواخر عقده الخامس يتحرك في البهو بكل كبرياء خلفه ثلاث رجال ضخام الجسد، نظراته تتحرك بين جميع الضيوف، حتى توقفت عينه على انطونيو الذي كان يطيل النظر به، ابتسم له انطونيو بسمة صغيرة يهز رأسه في تحية بسيطة، ردها الرجل ببسمة باردة اصغر .

ربت انطونيو على كتف مارتن وهو يقول :

" لا بأس ها هو مورتيانو قد حضر تبقى فقط ايثان، انتظر حتى يأتي، ثم أخبر جاكيري أن يبدأ باولى فقرات الحفل قبل كلمة جدي "

تحرك انطونيو بمجرد انتهاء حديثه صوب الدرج الذي يتوسط البهو الكبير والذي يجلس على فبريانو بعدم اهتمام وعينه تدور على الجميع بلا اهتمام، قبل أن يجد انطونيو يعلو رأسه :

" ما الذي تفعله فبريانو ؟! من المفترض أنك تؤمن الحفل في الخارج مع ماركوس وآدم "

رفع فبريانو عينه لانطونيو وهو يقول ببسمة صغيرة :

" لا، أنا أريد أن أشاهد الحفل، فليس كل يوم يُتاح لك رؤية مثل هذا الكم من القذارة مجتمع في مكان واحد، الأمر أشبه بالجحيم حيث يجتمع الاوغاد "

هز انطونيو رأسه بملل ثم أشار له بجدية :

" حسنًا لكن أنت مسؤول امامي عن تأمين الحفل، لا اريد أي مشاكل به فبريانو  "

هز فبريانو رأسه بحسنًا، ثم عاد بنظره يرمق الجميع باستمتاع وكأنه يجلس في عرض لفيلمٍ ما .

بينما كان كلًا من جاكيري وجايك أسفل كواليس المسرح يتحدثان عن العروض التي من المفترض أن تُقام، وجوارهما مايك ينتهي مع مارتن من توصيل بعض اسلاك الشاشات الضخمة .

تحدث مارتن بسخرية لاذعة :

" احبائي نحن في حفل تنصيب جدكما على بعض المناطق وليس حفل زفافه، ما كل تلك الأغاني والرقصات ؟! هل تظنان أن الرجال في الخارج متفرغين لكل ذلك ؟!"

ابتسم جاكيري بهدوء وهو يجيبه :

" حسنًا عزيزي الأمر هو أن جميع من في الخارج اوغاد قذرين يقضون نصف يومهم في الحانات بين الراقصات وينامون على ضوضاء الموسيقى؛ لذلك نعم هم سيكونون مهتمين بالعروض، ثم كما قلت هذا بمثابة إعلان عن توسيع رقعة سيطرة جدك، لذلك الأمر يستحق الاحتفال حقًا "

ابتسم له مارتن وهو يشير لمايك أن يحمل الحاسوب :

" انتبه لهذا مايك حتى اعود "

وبالفعل أمسك مايك الحاسوب وهو ينظر لما يُعرض عليه باهتمام قبل أن يعود مارتن ومعه حاسوب آخر، أشار مايك للحاسوب في يده بتعجب :

" هذا ليس حاسوبك صحيح ؟!"

هز مارتن رأسه بنعم وهو يضع الحاسوب الذي بيده على طاولة ما يقول بجدية :

" نعم الحاسوب الذي معك هو نفسه الذي احضرناه في إحدى المهمات، وهو من كان ذلك الحقير واتسون الذي أراد قتلي يريد سرقته "

هز مايك رأسه بتفهم وهو يتابع ما يفعل مارتن باهتمام .

وفي الخارج كان أنطونيو يراقب الباب بجدية كبيرة في انتظار ظهور ايثان، والذي لم يخيب ظنه، فبعد انتظار عشر دقائق دخل ايثان من باب القصر بكل ثقة وكبرياء يليق بمكانته وبه، مرتديًا افخم البذلات وعلى فمه تعلو ابتسامة ليست بالبريئة أبدًا، يسير خلفه رجلان .

ابتسم انطونيو وهو يخرج هاتفه ثم اتصل بأحدهم وهو يقول :

" ابدأ الحفل فقد وصل جميع ضيوفنا ..."

______________________

كانت روما تراقب الفوضى حولها والصرخات التي بدأت تعلو بين الجميع والشجارات التي بدأت بالنشوب بينهم، ولا تفهم كيف حدث هذا، فبعد ثواني من انفجار القنبلة التي ألقتها جولي نشب قتال كبير بين جولي ولورا وراسيل اللتين كانتا تهاجمان عمل الرجال ويصفان الجميع بالاوغاد.

قيدت رفقة جولي بصعوبة التي كانت تود أن تنقض على لورا صارخة :

" اقسم أن انزع رأسك كلها، يبدو أن الضربة التي تلقيتها سابقًا تسببت لكِ في مشاكل عقلية وجب عليكِ معالجتها"

اجابتها لورا تحاول النهوض من على الكرسي المتحرك لولا يد هايز التي كانت تحاول جعلها تهدأ لأجل صحتها ...

" تتحدثين وكأنهم نصبوكِ محامي الدفاع الخاص بهم، افيقي أنتِ تدافعين الأن عن مجرمين، ألا يستوعب عقلك الصغير مقدار ما تفعلينه ؟!"

اجابتها جولي بصراخ :

" لا، عقلي الصغير كما تدعين لا يستوعب ما يفعله، فقلبي الكبير يعلم جيدًا حقيقة هؤلاء القذرين كما تصفينهم، عم ليسوا سيئين أبدًا، بل هم افضل من يمكن مقابلتهم في حياتك، ليس ذنبهم أنهم ولدوا ليجدوا أنفسهم أصبحوا جزءًا من عالم قذر، ولا تتجرأي على المساس بأحدهم أنا أحذرك "

كانت جولي تتحدث وهي ترفع اصبعها في وجه لورا التي امتلأت عينها بالدموع، ليس لحديث جولي، بل لشعورها أنها ترتكب خطأ فادح بحبها لمايك، وفجأة دون مقدمات انفجرت في البكاء تدفن وجهها بين يديها :

" أنتِ لا تفهمين، لا أحد منكم يفهم، أنا لا أستطيع أن أعيش حياتي مع شخص يتخذ العنف مبدأ، أنا لا أستطيع العيش مع شخص قد يقتلني أو يضربني بكل سهولة دون أن يرّف له جفن، لا يمكنني عيش تلك الدائرة مرة أخرى، انا اكتفيت "

انتهت من حديثها وهي تنفجر في بكاء حار وأصوات من الماضي تعود لها بعدما ظنت أنها انتهت منها وأصبحت بخير، ظنت وخاب ظنها .

ارتفعت أصوات شهقات لورا تحت أعين الجميع المصدومة من انهيارها بهذا الشكل، ولا أحد يعلم أن تماسكها لم يكن سوى قشرة واهية تخفي خلفها براكين من الجراح وصوت من الماضي يعود لها اقوى واقوى.

صرخت لورا بصوت عالٍ تحاول أن تخرج بعض الاوجاع داخلها وصوت بعيد يتردد في أذنها:

" هل تظنين أن تهديدك لي بوالدك قد يخيفني ؟!" 
‏رنت ضحكته في أذنها وهو يضيف بصوت مخيف :
‏"  أنتِ لا تعلمين ما يمكنني فعله، أنا لست بتلك البساطة التي اظهر بها أمامك، أنا استطيع قتل والدك دون أن يرف لي جفن، ولن تكون تلك مرتي الأولى التي أمسك بها سلاح واقتل أحدهم، بل يمكنك القول أن القتل أصبح هواية مفضلة لي، لذلك لا تجبريني على ممارسة تلك الهواية معكِ"
‏صرخت لورا بوجع وهي تحاول نزع يده عن شعرها وصوت بكائها يتعالى بقوة تترجاه :
‏" لا لا لن افعل، اقسم أنني لن افعل، دعني وشأني وأقسم أنني لن أخبر أحد بشيء "

انحنى بوجهه مقابلًا لوجهها يمسك ذقنها بحدة هامسًا ؛

" ابنة خالتي العزيزة، سأخبرك بالأمر للمرة الأخيرة، لا فرار لكِ مني سوى بالموت، الموت فقط "

" لورا ما بكِ؟! يا ويلتي ساعديني هايز "

كان ذلك صوت روما التي سحبت لورا بعنف من تلك الذكريات البعيدة، ترى ارتجاف جسد لورا بعنف وهي تصرخ بصوت عالٍ دون أن تشعر بالمحيط ولا ترى نظرات الرعب على وجوه الجميع .

بكت هايز وهي تقول :

" هي لا تستجب لشيء، لقد سجنت نفسها في عالم آخر"

تحركت روما سريعًا للخارج تركض صوب الهاتف المتواجد في ممر الغرف، تكتب رقم انطونيو بسرعة ويد مرتجفة وبكاء جولي العالي يصل لها وهي تعتذر للورا وتتوسل لها أن تفيق .

استمر رنين الهاتف طويلًا قبل أن يتوقف عن الرنين، حاولت مرة أخرى وايضًا لا رد، بكت روما بغضب وهي تلقي الهاتف بعنف، قبل أن تتذكر شيئًا ما .

أمسكت روما الهاتف وهي تسحبه صوب الغرفة تقول بسرعة بمجرد دخولها :

"هل يملك أحدكم رقم مايك ؟!"

نظر لها الجميع بجهل والبعض يفكر في أمر امتلاكه لرقم مايك، لتتحدث روما مقاطعة كل ذلك وهي تنظر لجولي التي كانت تبكي برعب ظنًا أنها من تسبب في كل ما حدث للورا :

" جولي تعالى واتصلي بمارتن، هو الوحيد الذي لا يترك هاتفه "

وكان ذلك اول حب لجأ له عقل روما، فهي لا تضمن أن تجرب الاتصال بالآخرين لربما لا يجيب أحدهم كما فعل انطونيو، لكن مارتن دائمًا يحمل هاتفه لي كل مكان .

أشارت جولي للورا ببكاء :

" لكن هي لا...."

قاطعتها روما بحدة :

" هيا جولي افعلي ما أخبرتك به"

تحركت جولي صوب الهاتف بأقدام مرتجفة، ثم ضغطت بعض الارقام بسرعة كبيرة تضع الهاتف على أذنها لتسمع رنينه الذي كان يصدر تزامنًا مع ارتفاع ضربات قلبها ...

ثواني ووصل لها صوت مارتن الذي كان يضع اللمسات الأخيرة على ما يفعل :

" مرحبًا "

" مارتن ..."

خرج اسم مارتن مرتجفًا مهزوزًا من فم جولي التي كانت تبكي بقوة.
انتفض مارتن من الجانب الآخر وهو يقول بفزع :

" جولي ؟! ما بكِ حبيبتي هل حدث شيء لكِ"

هزت جولي رأسها بنعم وكأن مارتن يبصرها في تلك اللحظة، ثم قالت وهي تنظر لحالة لورا التي كانت تبكي دون وعي وكأنها انفصلت عن العالم حولها :

" لورا مريضة للغاية ولا تجيب أحد منا، اعطي الهاتف لمايك نريده أن يحدثها لربما يساعدنا "

مسح مارتن وجهه وهو يرى أن الحفل على وشك البدء، لكنه رغم ذلك تحدث بهدوء وهو يعود حيث مايك :

" حسنًا اهدئي حبيبتي كل شيء سيكون بخير حسنًا، سوف اعطي الهاتف الآن لمايك، لكن فقط توقفي عن البكاء"

تحدثت جولي بصوت منخفض :

" حسنًا "

أبعدت جولي الهاتف عن أذنها وهي تقربه من أذن لورا ..

وعلى الجانب الآخر اقترب مارتن من مايك وهو يربت على كتفه يقول بجدية :

" مايك لورا على الهاتف تود التحدث معك "

نظر له مايك بتعجب يأخذ الهاتف من بين يديه مرددًا بعدم فهم :

" لورا؟! لِمَ لم تتصل بهاتفي"

لم يجب عليه مارتن وهو يشير له أن يجيبها، وكذلك فعل مايك الذي تحرك بعيدًا عن الجميع نسبيًا :

" لورا؟! "

ومن الجانب الآخر كانت لورا ما تزال تبكي دون ردة فعل، حتى وصل لها همسة مايك باسمها ليزداد بكائها أكثر حتى بدأت شهقاتها ترتفع وتصل لاذنه.

كان مايك يتعجب عدم وصول أي رد من جهتها، حتى وصل له صوت شهقات عالية، بدأت ترتفع شيئًا فشيء، ليدق قلبه بعنف كبير بعد تمييزه لصاحب تلك الشهقات .

" لورا حبيبتي ؟! لماذا تبكين ؟! هل حدث لكِ شيء اميرتي ؟! ما بكِ ؟!"

ازدادت شهقات لورا وهي تتمسك بالهاتف في قوة كبيرة مرددة من بين شهقاتها دون أن تهتم لمن حولها :

" لقد هربت منه لأنه كان يعنفني ويضربني ويؤذيني جسديًا ونفسيًا، ظننتك غيره مايك، ظننتك حنونًا لا تعرف للعنف طريق، لكن الآن اكتشفت أنك مثله، بل وربما اسوء منه "

فتح مايك عينه بصدمة ينظر حوله، ثم عاد باهتمامه للهاتف يقول متعجبًا :

" ماذا ؟! هل تدركين معنى حديثك لورا ؟! تشبهينني بذلك الحقير ؟! أنا ؟!"

" نعم أنت، على الأقل لم يخدعني، بل كان يتباهى بالأمر امامي، بينما أنت مايك ..."

صمتت وهي تنخرط في موجة بكاء أخرى تردد من بين دموعها وشهقاتها بصعوبة :

" لقد احببتك كما لم افعل يومًا، احببتك مايك "

مسح مايك وجهه وهو لا يفهم شيء مما تقول :

" لورا حبيبتي اهدئي ما السبب وراء كل ذلك الحديث، أنا لا افهم شيء "

" أنت يا مايك ... أنت..... أنت قاتل ومجرم وتخدعني "

فتح مايك عينه بصدمة مما سمع، ابتلع ريقه يرى نظرات مارتن المتسائلة نحوه، لكنه لم يهتم بتوضيح ما يحدث؛ لذلك تحدث بهدوء متجاهلًا ضربات قلبه السريعة :

" حسنًا لورا استمعي لي، أنا لم اخدعك اقسم أن الأمر ليس كما تظنين ابدًا، الأمر له أبعاد كثيرة لا تستطيع شرحها عبر الهاتف، لكنني اقسم لكِ أنني لم اخدعك ولن افعل، أنا مايك لورا، مايك نفسه الذي عرفتيه منذ البداية ولم أدعي شيء يومًا "

صمت يستمع لبكائها :

" لورا حبيبتي لا تبكي ارجوكِ، أنا الآن مشغول وعندما تعود سأخبرك بكل شيء اقسم أنني سافعل، لكن حتى اعود توقفي عن البكاء وتأكدي أنني أحبك أكثر من حياتي كلها، وانتي لم اخدعك أبدًا حسنًا ؟!"

لم تجب عليه لورا وهي مازالت تشعر بوجع في قلبها، لكن مايك أبى أن يغلق الهاتف قبل سماع صوتها :

" حسنًا لورا ؟!"

صمتت لورا ثواني قبل أن تمسح دموعها ببطء وقد ارتسمت بسمة صغيرة على فمها وهي تردد بهدوء وقلبها بدأ يخفق بشكل طبيعي وقد ساهمت كلمات مايك في تهدئتها :

" حسنًا "

ابتسم مايك بسمة متردد ثم قال قبل أن يغلق الهاتف :

" احبك لورا، انتظريني وسوف أخبرك كل شيء حسنًا ؟!"

انتهى من حديثه ثم اغلق الهاتف سريعًا وهو يعطيه لمارتن الذي دسه في جيبه قائلًا بجدية :

" كل شيء بخير !!"

هز مايك رأسه بنعم يعود للعمل وهو يتنهد براحة نسبية ..

بينما على الطرف الآخر تحدثت روما ببسمة لتخرج الجميع من ذلك الصمت :

" يبدو أن لمايك تأثير ساخر ها ؟!"

أطلقت الفتيات جمعهن ضحكات عالية، قبل ان تقترب جولي من لورا وتعتذر بحزن عما فعلت :

" آسفة لورا، اقسم أنني لم أقصد أن اتسبب لكِ في كل ذلك "

ابتسمت لها لورا بحنان :

" لا بأس جولي، لا علاقة لكِ بالأمر "

انتهت من حديثها متجاهلة الوجع الذي استقر بقلبها وموجة الحزن التي أطاحت بكل مباني سعادتها مدمرة اياها بالكامل، لكنها تطمئن نفسها أن كل شيء سيكون بخير ومايك لن يخدعها، هو لم يفعل .

وعلى عكس لورا لم تكن فيور متأثرة بالأمر كثيرًا، ربما ساهمت نشأتها بين المجرمين ورؤيتها لتلك الأعمال طوال الوقت، في ترسيخ فكرة أن تلك الأمور ليست بالشيء المهم، وأن القتل والسرقة وكل ذلك أمور عادية.

بينما راسيل كانت تعيد في رأسها جميع تصرفات مارسيلو السابقة معها وحديثه عن عمله كقاتل والذي ظنته مزاحًا، وذلك اليوم حينما كاد أحدهم يختطفهما من مطار روسيا وهو تصدى له بكل بساطة، كل ذلك يفسر حديث جولي، الأمر كان واضحًا لكنها هي من تغافلت عنه، وفي النهاية يجب أن تتحدث مع مارسيلو بكل جدية حول ذلك الأمر ......

_________________________

بدأت الحفل وبدأ كل نادل يتحرك حاملًا بين يديه المشروبات لتوزيعها على جميع الحضور وقد بدأ البعض منهم يتبادل احاديث جادة حول أعمالهم، وبدأت الضحكات تعلو شيئًا فشيء حتى صعد انطونيو المسرح يقف أعلاه وهو يتحدث ليستدعي انتباه الجميع وبكل هدوء ورقي قال :

" مرحبًا بالجميع، شكرًا لحضوركم اليوم وتلبية دعوة جدي، البعض منكم سبق له معرفة الغرض من هذا الحفل، والبعض الآخر يجهل الأمر، لكن لا داعي للحيرة فبعد قليل سيكون معكم جدي للتحدث حول كل شيء يدور في رأسكم الآن، لكن قبل ذلك دعونا نستمتع ونحتفل قليلًا "

انتهى انطونيو حديثه وهو يغمز الجميع مبتسمًا بسمة عادية في ظاهرها، خبيثة في باطنها، انتهى من حديثه ثم هبط وتحرك للاسفل في نفس الوقت الذي صعدت إحدى فرق الغناء للمسرح واشعلت الأجواء .

تحرك انطونيو بخطوات ماكرة صوب طاولة ايثان الذي كان يراقب ما يحدث حوله بأعين غامضة وكأنه يضمر للجميع شيئًا لا يسر البتة .

فجأة سمع ايثان صوتًا جواره يتحدث بجدية :

" اتمنى أن تكون الحفلة ليست بالثقيلة عليك "

ابتسم له ايثان وهو يرفع كأسه :

" نحن لم نبدأ بعد، سوف اخبرك برأيي في نهاية الحفل "

اعتدل انطونيو في وقفته وهو يقول بجدية :

"في انتظار ذلك، رغم يقيني أن جميع الفقرات ستنال إعجابك، وهذا هدفنا الأول فأنت ضيف الشرف اليوم سيد ايثان "

رفع ايثان كأسه لانطونيو في الهواء وكأنه يشكره مبتسمًا بهدوء، ثم عاد بعينه للمنصة التي اشتعلت بالغناء وقد بدأ بعض الرجال يندمجون في الحفل .

وعلى أحدى الطاولات كان اليخاندرو يجلس بكل هدوء يستمتع بكل ما يحدث في انتظار بدأ الحفلة الفعلية، أبصر انطونيو الذي اقترب منه وجلس على الطاولة جواره يراقب ما يفعل اخويه على المسرح .

نفخ انطونيو بحنق كبير وهو يمسح وجهه :

" لقد اخبرتهما ألا يفعلا ذلك، بحق الله كيف سيخافنا الجميع بعد ما فعلوه ؟! "

كان انطونيو يتحدث بحنق وهو يشير للمسرح حيث جايك وجاكيري اللذان لم يتحملا روعة الأغنية أو الموسيقى لينضما من فورهما للفقرة وقد بدأ بعض الضيوف يفعل المثل معهما .

رفع جاكيري يده في الهواء وهو يحرك قدمه بمهارة عالية وجايك جواره يتماشى مع حركاته، والاثنان اندمجا بشكل كبير في الرقص وقد بدأ الحماس يعلو بين الجميع والرقص يشتعل .

امسك جاكيري بيد جايك ليبدأ الاثنان في القفز بشكل منظم والقيام بحركات متقنة تتماشى مع الموسيقى في الخلف .

بينما فبريانو كان يجلس على الدرج وهو يبتسم بسخرية واسعة، قبل أن تنطلق ضحكات عالية وهو يرى حركات جايك وهو يقفز فوق المسرح :

" هذا ممتع أكثر مما كنت اتوقع حقًا "

وبعد فقرة طويلة من الغناء والرقص هبط جاكيري وهو يتنفس بعنف يضرب كفه بكف جايك :

" احسنت يا اخي كانت هذه المرة هي الاروع حقًا "

ضحك جايك وهو يضرب كتفه بكتف جاكيري :

" نعم كنت رائعًا يا اخي، ما رأيك أن نفعلها مجددًا؟!"

ضحك جاكيري جاذبًا أخاه صوب الكواليس من الخلف وهو يرى بعض الرجال يتجهزون للعرض التالي :

" لا العرض التالي خاص لا يمكننا افساده "

ضحك مارتن وهو يقول بسخرية :

" جيد أنك تدرك أن ما تفعلانه هو افساد للعروض وليس مشاركة "

لم يهتم له جاكيري وهو يقترب من الستار يراقب الفرقة الراقصة وقد بدأت ترتص على المسرح يردد بخبث :

" هذا العرض بالتحديد لا يمكنني أن افوته "

وبالفعل بدأت الإضاءة تخفت شيئًا فشيء، قبل أن تتركز أكثر الإضاءة على المسرح حيث ارتصت فرقة راقصة من رجال ونساء مرتدين زي متشابه بشكل كبير .

بدأت الموسيقى تصدح في المكان وبدأ الجميع في التحرك بشكل منظم وجميع الأعين ننتبه لما يحدث.

بدأ الرجال في التحرك اولًا بشكل منظم، ثم النساء كذلك قبل أن يهبط رجل من الاعلى وهو يتحرك برشاقة يغني بعض الكلمات الحماسية، ثم استقر على المسرح ليدور حوله الجميع وتظهر فجأة من العدم فتاة تحركت لمنتصف المسرح حيث الراقص الرئيسي واقتربت منه لتشاركه الرقص .

ابتسم جاكيري وهو يقول بحنق :

" لولا أنني اخاف على حياتي مما ستفعله رفقة، لكنت أنا الراقص الرئيسي في ذلك العرض "

انتبه بعدها للفتاة التي بدأت تتمايل بقوة بين ذراعي الشاب وقد اشتعل المسرح برقص الاثنين، وازدادت الإضاءة بشكل كامل على المسرح لتتضح ملامح جميع الراقصين المرتدين لاقنعة تحمل شعار الفرقة.

ازدادت الأغنية حماسًا وقد بدأت الراقصة تتحرك على المسرح بكل رشاقة قبل أن تهبط لتمر على جميع الرجال والجميع يحاول الاقتراب منها، ثم استقرت أمام طاولة ايثان تتمايل حوله بشكل جعله يبتسم بسخرية لاذعة وهو حتى لا يهتم لرؤية وجهها، لكن فجأة شعر بيده الفتاة توضع على كتفه بشكل مثير للاستفزاز، نظر ليدها بحنق وقبل أن يحرك يده لرفعها، اقتربت منه الفتاة فجأة حتى كادت تصبح في أحضانه بالكامل تضع قبلة على وجنته قبل أن تبتعد وتنزع قناع وجهها الذي يماثل قناع باقي أعضاء الفرقة وتظهر وجهها أمامه .

سقط كأس ايثان ارضًا فجأة وهو يراها أمامه تتمايل كما تفعل كل مرة، تتمايل بنفس الرشاقة ونفس الإثارة، هل يتخيل أم أن من تتراقص الآن هي بلانكا ؟؟؟؟

غمزت له بلانكا وهي تتحرك صوب المسرح مجددًا لتكمل رقصتها بكل إثارة وبسمة واسعة خبيثة تعلو وجهها ترمق ايثان بخبث ومكر، تستمع بنظرات الصدمة المرتسمة على وجهه، يسعدها الشحوب الذي تمكن منه .

وعلى طاولة اليخاندرو كان انطونيو يراقب ما يحدث باستمتاع يردد بجدية أثناء ارتشافه لبعض المشروبات غير الكحولية :

" هذه فقط البداية عزيزي ايثان "

شعر ايثان بطعنة توجه لصدره، آخر شخص توقع غدره في حياته هو أول شخص خانه وبكل بساطة، كان من الممكن أن يظن أنها جاءت هنا دون أن تعلم شيء كأي راقصة، لكن نظراتها تلك ونظرات انطونيو المنتصرة تخبره أمر واحد ... أنه أكبر احمق .

____________________________

ابتسم فبريانو يتحرك نحو الخارج ليتأكد أن كل شيء، لكن أثناء خروجه لمح بطرف عينه حركة غير طبيعية في الجانب الشرقي للقصر، لذلك ودون تفكير تحرك صوب تلك الجهة بخفة خلف بعض الرجال الذين كانوا ينسحبون واحدًا تلو الآخر نحوها .

توقف فبريانو في مكان غير ظاهر يراقب هؤلاء الرجال والذين يتوسطهم لوكاس يتحدث معهم بصوت منخفض بحديث لم يصل لفبريانو، ابتسم بسخرية وهو يردد :

" إذن العزيز لوكاس هو من يجري ذلك الاجتماع المغلق ؟!"

اتسعت بسمته، ثم انسحب بكل بساطة دون أن يفعل شيء وعينه تبرق بشر، يخرج هاتفه يضعه على أذنه وهو يتحدث بجدية للطرف الآخر:

" لا أريد لأحد أن يتدخل حتى اعطيكم إشارة بذلك ومن يخالف تعليماتي فسوف يتعرض للتحقيق، أيًا كان ما تسمعونه أو ترونه، لا تتدخلوا قبل أن أخبركم أنا بذلك "

انتهى فبريانو من إعطاء أوامره، ثم اغلق الهاتف وتوجه صوب أبناء عمومته الذين يتلون أمر تأمين القصر من الخارج حتى يطمئن على كل شيء، لكن قبل ذلك ارسل رسالة لانطونيو يخبره فيها بأمر لوكاس وما يفعله .

__________________

هبطت بلانكا من المسرح تحت تصفيق الجميع الحار والصرخات المهللة لها، ابتسمت بسخرية وهي تتحرك بعيدًا عن المسرح، لكن وقبل أن تخطو خطوة واحدة أخرى كانت هناك يد تجذبها بقوة مخيفة صوب إحدى الزوايا المظلمة، لم تقاوم ولم تصرخ لعلمها بالفاعل .

دفع ايثان بلانكا صوب الجدار بقوة يضع يده حول رقبتها يكاد يخرج روحها بين يديه وعيونه تلتمع بالغضب والكره والوجع :

" لماذا ؟!"

كلمة واحدة اختصر بها ايثان كل ما شعر به، بينما صدره يتحرك بقوة وغضب وخذلان، لكن بلانكا لم تهتم لكل ذلك وهي تبتسم في وجهه ابتسامة لم تظهر له بسبب الظلام :

" لماذا ماذا ؟!"

" لا تتلاعبي بي أيتها الحقيرة، لماذا خدعتيني ؟؟" 

ابتسمت بلانكا وهي تحرك يدها على ذراعه التي تقيد رقبتها ثم قالت مجاهدة التعب جراء إمساكه لها بهذه الطريقة :

" ومن قال إنني خدعتك ؟! هل وعدتك بشيء وخذلتك بوعدي ؟! لا أتذكر أنني فعلت، أنت فقط كنت تحضرني للرقص في منزلك وتدفع لي مقابل ذلك، وهم فعلوا كذلك، احضروني هنا ودفعوا لي مقابل الأمر، هذا ما أفعله ارقص مقابل حفنة من الأموال "

انتهت بلانكا من كلماتها وهي تبعد يده عنها بقوة، ثم دفعته بغضب بعيدًا عنها :

" لا تظن نفسك مميزًا لأجل أنني ارقص لك وحدك، الأمر فقط أن أموالك كانت مغرية لي وبشدة عزيزي، لذلك ارجوك لا تضع نفسك في مكانة أنا لم اضعك بها، والآن اعتذر لك علىّ تبديل ثيابي لأجل العودة لعملي "

انتهت من كلماتها ثم تحركت صوبه تقبل وجنته بهدوء و بطء هامسة له قبل أن ترحل مستغلة حالة الجمود التي دخل بها :

" لا تظن يومًا أنك المسيطر على هذا العالم، فمقارنة بآخرين غيرك، أنت مجرد ذبابة "

تحركت بلانكا بكل هدوء يناقض نظراتها بعيدًا عن ايثان بعدما ألقت به في هوة بعيدة وقد أعادته جملتها الأخيرة للخلف سنين عديدة، وجملة مماثلة تتردد على لسان أحد اقرب الرجال له بعدما فشل في إحدى مهماته التي اوكلها له ليرفع مسدسه في وجهه  وهو يردد بجحود متناسيًا كل ما سبق وقدمه لأجله، بل وتجاهل أنه الآن يقف في منزل ذلك الرجل، لم يهتم سوى لمعاقبته على خطأه الأخير ليبث الرعب في قلوب باقي رجاله.

" أخطأت وانا لا اسمح بالاخطاء "

وقبل أن تخرج رصاصته سمع صوت ذلك الشاب يتردد بحقد وغضب وعيونه تدمع بقوة على سنوات اضاعها هباءً :

" من تظن نفسك يا هذا ؟! لا تسمح بالخطأ ولا تسامح المخطأ وكأنك نصبت نفسك حاكمًا لهذا العالم، لا تظن يومًا أنك المسيطر على هذا العالم، فمقارنة بآخرين غيرك، أنت مجرد ذبابة "

وبمجرد انتهاء جملة الشاب انطلقت رصاصة من مسدس ايثان ليخر صريعًا ونظرات ايثان تكاد تحرقه، بعدما تمكن منه الغضب، غير منتبهًا لتلك الفتاة المراهقة التي كانت تختبأ خلف أحد الأبواب  تغلق عينها وفمها بقوة وقد ابتلعت صرختها المرتعبة مما رأته للتو، أخاها وآخر من تبقى لها في هذه الحياة قُتل أمام عينها لأجل شخص ديكتاتور، سقطت دموع تلك الفتاة وهي تنظر لوجه ذلك الرجل جيدًا وكأنها تحفر صورته في رأسها حتى لا تنساها، وقد التمعت عينها بغضب مخيف وكأن شيطان تلبسها .

مسحت بلانكا دموعها  تخرج من تلك الدوامة التي سقطت بها، ثم قالت وهي تصعد لإحدى السيارات وعينها تودع القصر :

" ها أنا قد نفذت وعدي لك يا اخي، ووضعت ذلك الحقير على بداية طريق موته، موته بشكل ابشع مما تخيلت "

أغلقت عينها بقوة وهي ترى نظرات مايك لها بعدما أمنّ خروجها من القصر وودعها، لترحل إلى مكان آخر بعيد عن كل ذلك وأكثر امانًا لها، بعدما تعرف عليها منذ سنوات وأصبحت له صديقة، ثم علم ما حدث لأخيها في إحدى الليالي بعدما احتست الكثير من المشروبات، ومنذ ذلك الوقت ومايك قرر مساعدتها عاملًا بالمقولة التي تقول ( عدو عدو صديقي ) وهكذا بدأت بلانكا تعمل في الحانة التي يرتادها ايثان خصيصًا وحاولت بشتى الطرق لفت انتباهه وادعاء الاعجاب به وأمام عينها يلمع انتقامها، انتقام لمقتل أخيها على يد ذلك الحقير ايثان .

ابتسم مايك وهو يعود للقصر مجددًا شاكرًا بلانكا والتي ساعدتهم في معرفة اماكن أعوان ايثان حينما اختطفوهم واحدًا تلو الآخر وكذلك أخبرتهم بخطته لليوم حينما كانت معه، مقابل مساعدتها في الانتقام لأخيها ممن قتله، وهو سينفذ وعده .

وما لم يدركه مايك أنه أثناء رحلة الانتقام تلك، سقطت بلانكا وبكل غباء في عشقه، ودون أن تعي دق قلبها له، لكنها لم تدع لقلبها فرصة أن ينغمس أكثر في ذلك وهي تسلم رقبة ايثان لهم بكل حقد وغضب .

وفي السيارة مسحت بلانكا دموعها وهي ترى السيارة قد ابتعدت عن المدينة كثيرًا لتعود بنظرها للطريق أمامها تعد نفسها ببداية جديدة، بداية حياة جديدة، بروح جديدة . .

__________________

عاد ايثان لمقعده بملامح غير تلك التي خرج بها وقد بدا كما لو أنه في عالم آخر غير ذلك الذي يحيطه، لقد فقد للتو آخر ما يربطه بانسانيته، فقد آخر ما اشعره بأن له قلب، خدعته وبكل بساطة، اغمض عينه بقوة يحاول أن يتمالك نفسه حتى ينهي ما جاء لأجله قبل أن يفتح عينه مجددًا، يستمع لصوت اليخاندرو الذي صعد لتوه إلى المنصة وتحدث بصوت قوي جهوري :

" مرحبًا بضيوفي الاعزاء، ارجو أن يكون الحفل قد نال اعجابكم، ولأجل ألا أطيل عليكم دعوني أخبركم سبب جمعي لكم اليوم"

صمت قليلًا ثم أضاف بجدية كبيرة :

" بالطبع البعض منكم يدرك ما حدث منذ شهور في الحفل الاخير، وتلك الحادثة المأساوية والتي لولا تصرف وذكاء احفادي لكنا نحن ايضًا أحد ضحاياها، بعدما هجمت الشرطة وتمكنت من الجميع "

تنهد بحزن مصطنع ثم أضاف :

" ولأجل ما حدث أصبحت العديد من المناطق مكشوفة بشكل كامل، لا تقع تحت حكم أحد، لذلك قررت أن أُنصب نفسي حاكمًا عليها واضمها لحدودي بالكامل "

فجأة عُرضت صور على الشاشة العملاقة وغيرها من الشاشات التي تملء القاعة تعرض أماكن عديدة، أشار لها اليخاندرو في حديثه وهو يقول بكل جدية :

" كما ترون تلك هي بعض الإمكان التي ستنضم لحدودي منذ اليوم، وبالطبع أنتم تعلمون جيدًا أنني لا أحب أن يسئ أحدهم التصرف فيما يخصني، لذلك أردت جمعكم واخباركم بالأمر حتى لا يفكر أحد ويـ ..."

توقف اليخاندرو عن الحديث وهو يرى حركات غريبة بين الجميع في الاسفل وقد بدأت الهمسات تعلو والملامح تحتد أكثر والانظار جميعها موجهة على الشاشات بشكل مرعب، حرك اليخاندرو نظره للشاشات ليفتح عينه ويتراجع بصدمة مصطنعة وهو يهمس :

" يا ويلي ما هذا ؟! ما الذي حدث هنا ؟!"

وقد كانت الشاشة تعرض صورًا لبعض الملفات بتوقيعات البعض، وصورًا أخرى لبعض الأشخاص في اجتماعات بشكل مريب، والاسوء هي تلك المقاطع المصورة التي رصدت جماعة ايثان يخططون للانتهاء من جماعة أخرى، ومقطعًا آخر رصد جماعة ثانية تتآمر ضد جماعة ايثان وغيرها وغيرها من المؤتمرات التي حيكت في الظلام وقد حان وقت كشفها .

وكل تلك المعلومات حصل عليها اليخاندرو من ذلك الحاسوب الذي أحضره احفاد في إحدى المهمات التي ارسلهم بها .

رسم اليخاندرو ملامح الحنق بمهارة وهو يصيح بصوت مرتفع على مارتن الذي يقبع في الكواليس:

" ما هذا يا مارتن توقف عن العبث، لقد أغضبت الجميع يا بني "

أعاد نظره للجميع الذين بدأت أيديهم تتجه صوب الأسلحة والاعين تُشكّل ساحة لحرب جديد، واليخاندرو يتحدث ببساطة وبسمة صغيرة :

" اعتذر لكم، حفيدي يحب اللعب كثيرًا بتلك الاشياء، تجاهلوا الأمر رجاءً"

في ذلك الوقت تقدم فبريانو وهو يصعد للمنصة جوار جده يأخذ المكبر من بين يديه وقد قرر أنه إن مُنع من استخدام سلاحه، فهو لم يُمنع من استخدام لسانه ..

" ما بكم جميعًا لِمَ تنظرون لبعضكم البعض بهذه النظرات، ليس وكأنكم لا تعلمون الأمر بالفعل، الجميع هنا يعلم قذارة الآخرين، والجميع يعلم ما يضمره الآخرين له، لذلك لا تدعوا الصدمة، فالقذارة لا يمكن اخفاؤها"

صمت ثم أضاف وهو يتجاهل الأسلحة التي بدأت ترتفع :

" ما الأمر يا قوم لقد كانت رائحتكم العفنة تفوح منكم بالفعل، لكن انتم من استمريتم في سد انوفكم، وبخ العطر في الجو لأجل اخفاء عفنكم؛ لذلك لا داعي لكل ذلك العنف الذي يظهر في حركاتكم، فقط اهدأوا ودعوا جدي يكمل خطبته "

انتهى فبريانو من حديثه ليرى أحد الرجال ينهض معلنًا بداية الحرب وهو يرفع مسدسه في وجه رجل آخر صارخًا :

" تتآمر لأجل قتلي ؟! ويخيل لك عقلك المريض أنك قد تتمكن من ذلك ؟!" 

ضحك الرجل بقوة وهو يسحب زناد مسدسه وقبل أن تخرج رصاصة من مسدسه كانت أخرى تستقر في رأسه من أحد أعوان الرجل الذي كاد يقتله...

سقط الرجل الأول ارضًا ليصيح آخر بغضب :

" الويل لكم، لم أعلم أن القذارة قد وصلت بكم لهذه الدرجة "

تحدث فبريانو في مكبر الصوت بسخرية :

" كان الأمر واضحًا، أنت فقط من كنت ابلهًا ولم تنتبه "

وبمجرد انتهاء جملة فبريانو حتى اشتعلت الحرب في بهو القصر ليتبادل الجميع الرصاص فيما بينهم، لا أحد يهتم من معه ومن ضده، الجميع يقتل بعضهم البعض دون تفرقة، وكذلك كان ايثان الذي كان يقاتل بكل ما يملك بعدما تجاسر عليه البعض بقوة حتى كادوا يفتكون به.

ابتسم انطونيو بسمة خبيثة وهو يتحرك صوب المسرح حيث جده واليخاندرو، ثم تحرك صوب المسرح من الخلف وهو يتحدث بجدية :

" الجميع اخرجوا من باب القبو وانتبهوا لجدي، جاكيري وفبريانو تعالوا معي لنتولى أمر ايثان ولوكاس، هيا نفذوا ما أمرتكم به، وبمجرد خروجكم أخبروا رجالنا أن يغلقوا جميع أبواب القصر ويتركوا باب القبو فقط هيا "

وبالفعل تحرك الجميع تبعًا لأوامر انطونيو، في حين أن انطونيو تحرك رفقة جاكيري وفبريانو صوب سطح القصر حيث رجال ايثان الذين أمرهم الاخير بالتمركز فوق السطح لاصطياد كل من يخرج من الحفل، بعدما نجح في دس رجاله بين رجال انطونيو.

وصل الثلاثة للسطح ليجدوا أن هناك العديد من الرجال يرتصون على سور المنزل الخاص بهم، أطلق فبريانو رصاصة في الهواء ليستدعي انتباههم، وبالفعل التفت له الجميع بسرعة كبيرة يرفعون أسلحتهم في وجوه الثلاثة .

ابتسم انطونيو وهو يقول بجدية :

" هذا عيب، تقتحمون منزلنا وتصعدون لسطحه دون استئذان، ثم ترفعون أسلحتكم في وجوهنا، هذه وقاحة كبيرة "

وبمجرد انتهاء كلمات انطونيو حتى بدأت الرصاصات تتساقط عليهم والتحم الطرفين في القتال بعنف مخيف ....

________________

وبعد محاولات عديدة وصل ايثان لباب القصر بصعوبة كبيرة بعدما أُصيب ببعض الجروح الطفيفة جراء قتاله، ورغم أنه ما حضر الحفلة إلا ليشاهد بعينه مقتل اليخاندرو وأحفاده على يد رجاله، لكنه سيكتفي بسماع خبر موتهم بعدما يتخلص رجاله من الجميع، فقد وزعوا متفجرات في جميع أرجاء المنزل، والآن من يخرج من المنزل سيُقتل، ومن يبقى به، سيُفجر .

قتل ايثان كل من قابله من رجال انطونيو وركض لسيارته التي تقف قرب القصر، صعد لها سريعًا حيث ينتظره لوكاس وفقًا لخطتهم :

" هيا لوكاس تحرك بسرعة "

وبالفعل تحرك لوكاس بالسيارة بسرعة كبيرة حتى يتمكن من الخروج من محيط القصر دون أن يتمكن منه حراس اليخاندرو، نظر ايثان خلفه وهو يتنهد بتعب شديد يعود برأسه للخلف، فهو اليوم لم يفشل في تحقيق ما كان يصبو إليه فقط، بل وخسر حبه الوحيد في هذه الحياة، كل شيء تدمر ولم يتبقى له سوى أمله الوحيد في نجاح خطته وتمكن رجاله من الانتهاء من الجميع، ويتفرد هو بكامل السيطرة .

" هل أنت بخير سيدي ؟!"

نظر له ايثان دون أي ردة فعل قبل أن يشير له أن يقود دون كلمة واحدة، ثم اغمض عينه بتعب ولوكاس يقود صوب المطار حسب الخطة التي وضعها رفقة ايثان .

مرت دقائق عديدة ومازال لوكاس يقود بكل هدوء كما أمره ايثان، فتح الاخير عينه وهو يزفر بوجع، لكن فجأة انتبه إلى الطريق الذي يسلكه لوكاس .

" إلى أين ؟! هذا ليس طريق المطار"

ابتسم لوكاس بسمة مخيفة وهو يردد بصوت بدا غريبًا على ايثان، بل والأغرب هو أن لوكاس نزع وجهه امان أعين ايثان الجاحظة بصدمة وهو يرى الوجه المألوف الذي ظهر له من أسفل القناع، تحدث بجهل وفزع يتحرك في مكانه :

" كيف....كيف....أنت"

ضحك مارسيلو بصوت مرتفع وهو يقول :

" نعم صحيح هذا ليس طريق المطار، بل طريق الجحيم سيدي"

انتهى مارسيلو من قول كلماته ونظراته تحمل لايثان من الوعيد ما قد يهلك قرية كاملة، سارع ايثان للامساك بسلاحه حتى يدافع عن نفسه، لكن حالت رصاصة مارسيلو التي أصابت ذراعه ما دون ذلك، وتردد صوت مارسيلو بعدما نجح في إزالة ذلك الجهاز الذي يجعله يغير صوته :

" لا تغضبني وتُعجل من موتك، دعنا نستمتع ولا تكن مفسدًا للمتع"

أمسك ايثان يده بوجع كبير وهو يرمق مارسيلو بغضب :

" أتظن أنني خائف منك ؟!"

ابتسم مارسيلو وهو يتوقف في أحد الأماكن النائية ثم هبط من السيارة وتوجه صوب مقعد ايثان وأمسك بثيابه في عنف كبير يدفعه للهبوط والغضب يسيطر على ملامحه :

" ينبغي أن تفعل صدقني "

ألقاه مارسيلو ارضًا بعنف، ثم أخرج من جيبه سلاحه وصوت ايثان يتردد بغضب مخيف :

" منذ متى ؟! منذ متى وأنت تخدعني وماذا فعلت بلوكاس ؟!"

ابتسم مارسيلو وهو ينحني بجذعه صوب جسد ايثان ثم قال بنبرة مرعبة :

" اووه لا تقلق العزيز لوكاس الآن رفقة شقيقته الصغرى في رحلة إلى باريس، أنت تعرف أن الأجواء هناك في هذا الوقت تكون رائعة، ومنذ متى فلا تقلق ليس منذ زمنٍ بعيد، لقد كان من حسن حظي وسوء حظك، أن بنية جسدي تشبه خاصة لوكاس؛ لذلك وقع الاختيار علىّ أن أعمل في خدمتك سيدي "

قال كلماته الاخير وهو ينحني بسخرية، قبل أن يقف مجددًا، ثم قال بأعين مشتعلة وصوت بارد مخيف :

" ما كان عليك افتعال ذلك الحريق ايثان صدقني "

ابتسم ايثان وهو يقول بوجع :

" كل هذا لأجل مساعدتك الشخصية ها ؟! صدقني كل ما حدث لها أنت السبب به، لو أن طريقها لم يتقاطع مع خاصتك ما كنت فعلت لها شيئًا، لكن أنت من اضطررتني لأكون دنيئًا "

ابتسم مارسيلو وهو يضرب رصاصة في قدمه بعنف ثم قال :

" حسنًا الأن دوري لاريك دنائتي أنا أيضًا، وأقسم لك أن أجعل صرخاتك تملء المكان كما فعلت معها ايثان "

صمت ثم انحنى على ركبته وهو يخرج زجاجه بها سائل ما وصبه دون كلمة على جرح قدمه ليعلو صراخ ايثان في المكان بجنون وصوت مارسيلو يتردد بخفوت :

" سوف اجعلك تشعر بكل ما شعرت به بسببك، لكنني لن أحرقك لا تقلق، بل سأفعل الاسوء ...."

________________

كان القتال بين رجال ايثان وانطونيو وجاكيري وفبريانو ما يزال مشتعلًا،لكن وبسبب هروب البعض وقتل البعض أصبح الأمر أكثر سهولة، كان فبريانو يقتل كل من يقابله دون تفكير، بينما جاكيري يكتفي بإصابات بليغة وانطونيو يقتل من يقتل ويصيب من يصيب هو حتى لا يهتم .

ابتسم فبريانو وهو يبصر قرب انتصارهم بعدما أضحت أعدادهم قليلة بشكل كبير، لكن فجأة توقفت يده عما تفعل بعد سماعه صوت صرخة اتت من خلفه، صرخة تسببت في شلّ حركته لثانية؛ ثانية كانت كافية ليستغلها أحدهم ويضربه ضربة اسقطته ارضًا، لكن فبريانو لم يهتم وهو يرفع عينه ليبصر جاكيري الذي كان يمسك صدره بوجع ودماؤه تسيل بقوة قبل أن يسقط ارضًا على ركبتيه بعنف .

رفع ذلك الرجل سلاحه يستغل ما حدث لفبريانو وقبل أن يطلق رصاصته كان انطونيو يسبقه ويفعل هو صارخًا بوجه فبريانو أن ينهض ويتمالك نفسه ويساعده لينتهوا منهم حتى ينقذوا جاكيري .

كان انطونيو يصرخ في وجه فبريانو بينما هو يتمنى لو ينهار جوار أخيه ويضمه له بقوة، لكن بعد إصابة جاكيري وانهيار قوة فبريانو بهذا الشكل، كان هو الامل الوحيد للخروج من هنا سالمين .

تحرك فبريانو بضعف واقدام مرتجفة صوب جاكيري وهو يقول بصدمة لا يستوعب ما يحدث حوله :

" جاكيري "

انحنى قليلًا صوب رأس جاكيري الذي كان يجاهد لفتح عينه والتحدث، لكن لم يستطع، رفع فبريانو رأسه بحنان يضعها على قدمه وهو يربت على وجهه :

" ما بك يا اخي، ما بك ؟! هل تتألم، جاكيري هل تتألم ؟!"

كان يتحدث وهو يتحسس موضع الجرح الذي كان ينزف بقوة وقد توقف عقله عند تلك النقطة.

صرخ انطونيو بقوة يرى أخاه يلفظ أنفاسه، بينما هو يحتاج لمن يساعده في الانتهاء منهم، حاول أن يتصل حتى برجاله، لكنه لا يمتلك فرصة لفعل ذلك، كان يشعر بقلبه ينتفض وجعًا هو حتى لا يمتلك فرصة الأن لينهار لأجل أخيه .

رفع فبريانو رأس جاكيري يضمها إليه وهو يقول بحنان دون أن يشعر بدموعه التي تتسابق على وجنتيه :

" انظر الىّ جاكيري، انظر الىّ يا اخي، ارجوك انظر الىّ"

لكن لم يصدر من جاكيري أي حركة تدل على استجابته لنداء فبريانو، وضع فبريانو يده على صدر جاكيري لمنع دماءه في محاولة بائسة هداه لها عقله، قبل أن ينفجر فجأة في بكاء عالي لم يحدث يومًا وهو يصرخ وعقله بدأ يهزي:

" يا اخي افتح عينيك، جاكيري ارجوك لا تتركني، لا تفعل ارجوك يا اخي، لا تتركني، لا أستطيع العيش دونك، من سيخفف عني أحزاني، لمن ألجأ حينما اود أن أخرج ما يعتريني من وجع ها ؟! "

ضمه أكثر وهو يبكي بعنف اكبر صارخًا :

" جاكيري ارجوك، أنا ارجوك، لأجلي لا ترحل، اقسم أنني سأتدمر، سأنهار دونك يا اخي، لا تتركني يا أخي، ليس أنت أرجوك جاكيري "

كانت يتحدث وهو يضم رأسه بقوة وصرخاته وبكائه يرتفع أكثر وأكثر حتى بدا وكأنهما وقود لغضب انطونيو الذي اشتعل أكثر وأكثر حتى ضرب أحدهم بقدمه والآخر برأسه ليسقطا ارضًا وقبل أن يتحركا حركة إضافية كانت رصاصات انطونيو تستقر في صدورهم .

ركض انطونيو صوب فبريانو يحاول جذب جسد جاكيري من بين يديه للذهاب به لأي مشفى، لكن يبدو أن الصدمة دفعت عقل فبريانو لتلك الحجرة المظلمة التي كانت يتمسك فيها بجاكيري وهو يبكي خائفًا أن يحين دوره أو دور جاكيري حتى دخل البعض وارادوا أبعاده عن جاكيري .

تمسك فبريانو بجس
تعليقات



×