![]() |
رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الرابع والثلاثون بقلم رحمة نبيل
فتحت عينها ببطء شديد وهي تحاول أن تستوعب أين هي وما سر كل ذلك الألم المنتشر في جسدها بأكمله، حتى ضربتها مشاهد قريبة لحريق هائل التهم المكتب، ثم ركضها للمرحاض وهي تحاول الاحتماء به بيأس شديد من النجاة، لكنها فقط كانت تؤخر لحظتها بقدر الإمكان، ثم سقوطها ارضًا لتغيب عن الوعي وتستيقظ على صوت مناجاة أحدهم وهو يتوسلها لتفتح عينها .
انتفض جسد راسيل بقوة وهي تستوعب أن ذلك الـ (الاحدهم) لم يكن سوى مارسيلو، تأوهت بصوت مرتفع وهي تنظر لارجاء الغرفة بتعجب، فهذه ليست نفسها الغرفة التي استيقظت بها في الامس، تنفست راسيل بعنف وهي تشعر بالألم بدأ يعاودها وبقوة، وقبل أن تفتح فمها للصراخ، وجدت باب الغرفة يُفتح وأحدهم يتقدم منها، أغمضت عينها بسرعة تبعد سحابة الدموع التي كانت تشوش رؤيتها، ثم نظرت مجددًا لذلك الوجه المألوف لهاء قبل أن تسقط دموعها وتقول :
" هايز ؟!"
ابتسمت هايز بحنان وهي تتحرك وخلفها ممرضة أحضرها مارسيلو لأجل مساعدتها :
" واخيرًا استيقظت الجميلة النائمة، لقد كاد أميرك يحطم المنزل أعلى رؤوسنا جميعًا "
نظرت لها راسيل ببلاهة قبل أن تضحك هايز وهي تتحرك لمعاينة الأجهزة المتصلة بها :
" مارسيلو منذ الأمس وهو يرابط بجانبك، ولم يرحل سوى في الصباح الباكر لإنهاء بعض العمل وقال أنه سيعود مجددًا "
تجاهلت راسيل كل ما سمعت وهي تعلق على الكلمة الوحيدة التي جذبت انتباهها :
" عمل ؟! اي عمل هذا ؟! هل يعمل مارسيلو من الأساس؟! ثم أليس من المفترض أنه نائمٌ في هذه اللحظات من النهار ؟! ما الذي حدث ؟! هل أنا في عالم موازي أم ماذا ؟!"
ابتسمت هايز بسمة صغيرة وهي تقول بجدية :
" حسنًا لا اعلم عما تتحدثين، لكنه هو من أخبرني أنه ذاهب لعمل وسيعود قريبًا لأجلك يا جميلة "
نظرت لها راسيل ببلاهة، ثم شردت في السقف فوقها وهي تقول بتعب وقد بدأت تشعر بالنعاس مجددًا :
" ما الذي حدث لي؟! ولِمَ أشعر أن جسدي مقيد بهذا الشكل ؟!"
صمتت هايز وهي تنظر لها بحزن ثم جلست جوارها على الفراش تمسك يدها وهي تقول بجدية :
" حسنًا هايز الأمر هو أن الحريق كان مخيفًا ونجاتك منه كانت معجزة كبيرة؛ لذلك حبيبتي لا تحزني ولتشكري الرب أنكِ حية الان "
سقطت دموع دون شعور وقد خمنت ما حدث لها، ورغم ذلك أبت إلا أن تتأكد :
" ما الذي حدث لي هايز، ولا تخدعيني، هل ...هل ..هل تشوهت بالكامل ؟!"
انحنت هايز وهي تمسك يد راسيل بحنان مرددة بلهفة :
" لا لا حبيبتي أنتِ جميلة ومازلتِ كذلك، فقط هناك بعض الحروق التي تحتاج منك وقت وصبر ومع الأدوية والتقدم الحديث سيختفي كل ذلك ولن يترك سوى آثار صغيرة جدًا غير ملحوظة "
سقطت دموع راسيل وهي تقول بتساؤل :
" هل....هل علم مارسيلو بالأمر ؟! هل علم أنني أصبحت مشوهة ؟!"
صمتت قبل أن تنفجر في البكاء بقوة :
" هل علم أنني لم اعد جميلة كما كنت ؟!"
ارتفعت شهقات راسيل بقوة في الغرفة وهايز تنظر لها بعجز ولا تدري كيف تساعدها، ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تتحدث بأي كلمة من شأنها أن تُحسّن نفسية راسيل، وقبل أن تفكر حتى في فتح فمها، خرج صوت اجش حنون من الخلف يردد :
" ما هذا الصباح المشرق ؟!"
انتفضت راسيل في جلستها وهي تحاول أن تخفي وجهها بعيدًا عن عين مارسيلو وذلك بعد عجزها عن مسح دموعها، بينما هايز ابتسمت بلطف لهما ثم انسحبت بهدوء للخارج .
تحرك مارسيلو صوب فراش راسيل وهو يبتلع ريقه خوفًا من رؤية أي نظرة رفض أو كره في عينها، بينما هي كانت تهرب منه خوفًا أن ترى نظرات ازدراء أو اشمئزاز منها، الأعين تتوارى بخوف، والقلوب ترتجف بشوف، وما بين الخوف والشوق معركة طويلة فاز بها الشوق .
تحرك مارسيلو صوب الجهة التي أبعدت راسيل عينها لها ودموعها تهبط بقوة، وقف أمامها وهي تأبى أن تنظر له، لكن مارسيلو لم يبتعد أو ينفذ تلك الرغبة في عينيها وهو يجلس على ركبتيه أمامها، في لفتة جعلتها تفتح عينها بصدمة .
بينما مارسيلو لم يهتم وهو ينظر لها برجاء :
" مستعد لطلب الصفح منكِ أمام الجميع، مستعد أن اقضي ما تبقى من عمري هكذا حتى تغفري لي راسيل "
كان يتحدث وهو ينظر لعينها بوجع ينافس خاصتها، وكأنه هو من تأذى واحترق.
سقطت دموع راسيل بصدمة وهي ما تزال تفتح عينها بصدمة كبيرة هامسة :
" مارسيلو ما الذي تفعله ؟!"
اقترب مارسيلو منها وهو مازال يجلس على ركبتيه يقول بلطف :
" أفعل ما يجب فعله راسيل، اطلب الصفح منكِ، أنا من تسبب في كل ذلك، وبسببي تعانين الآن، أنا فقط يمكنني تحمل أي شيء، إلا أن أرى نظرة كره في عينك "
سقطت دموع راسيل وهي تمد يدها بتردد صوب وجنته، ثم حركت اصبعها عليها بهدوء كبير وهي تقول بشرود :
" لكنني لا الومك مارسيلو، أنا لم افعل ولن أفعل"
سقطت دموع مارسيلو بقوة وهي يتمسك بيدها يدفن وجهه بها يقول من بين شهقاته التي تراها للمرة الأولى :
" لا لا، بل أنا مذنب، أنا المتسبب في كل ذلك راسيل، أنا هو المتسبب في كل المك"
ربتت راسيل على وجنته وهي تقول بوجع بدأ يشتعل في جسدها بعدما انسحب تأثر المهدأ من دمائها:
" اشششش أنت لست مذنبًا، بل أنت منقذي مارسيلو"
صمتت ثواني قبل أن تقول ببسمة :
" لطالما كنت كذلك، أنقذتني من الجليد سابقًا والآن انقذنتي من النيران، ويبدو أن تلك النيران قد اذابت ما ترسب على قلبك من جليد تلك المرة "
ابتسم مارسيلو من بين دموعها وهو يمسحها بقوة يقول بمزاح :
" الأمر يختلف، عندما انقذتك يوم الجليد تمنيت قتلك، بينما الآن اشتاق لضمك "
انتهى من كلماته وهو ينظر بعينها التي توترت من كلماته ثم ابتلعت ريقها وهي تقول بتردد :
" هل، هل يمكنك إحضار بعض المياه لي؟! أشعر بالعطش "
نهض مارسيلو بسرعة وهو يمنحها قبلة هادئة أعلى رأسها، ثم ابتسم لها وتحرك صوب الخارج بسرعة يردد في مرح غاب عنه منذ ما حدث :
" حسنًا، رغم أنني أعلم أنكِ تكذبين وتريدين صرفي من الغرفة بأي حجة، لكنني سأذهب وأرسل لكِ ما تريدين، وسوف أمر عليكِ في المساء "
____________________
تراجع الرجل للخلف وهو يرفع يده للأعلى وعلى فمه ترتسم بسمة لا هوية لها يشير بعينه لرجاله أن يخفضوا أسلحتهم، وبالفعل بدأ الرجال يخفضون أسلحتهم واحدًا تلو الاخر، وروما تهبط الدرجات وعلى فمها ترتسم بسمة مخيفة ثم قالت بشر :
" جيد، يبدو أنكم مازلت تحتفظون بالقليل من ذكائكم، والآن اعزائي، تحركوا للخلف وتجمعوا في نقطة واحدة "
نظر الرجال لبعضهم البعض وبدأوا يتحركون حسب تعليمات روما وأوامر قائدهم الذي أخبرهم أن ينفذوا ما تقوله، بينما روما تنظر لهم بغموض وقبل أن تفتح فمها وتتحدث بشيء وجدت باب القصر الداخلي يُفتح وتطل عليهم سيلين التي دخلت وهي ترتدي فستان طويل ملئ بالزهور وتضع حول رقبتها طوق كبير من الزهور ساحبة خلفها حقيبة سفر وهي تقول بسعادة :
" ها أنا عدت احبائي و..."
توقفت عن حديثها وهي تنظر لما يحدث أمامها في المنزل بعدم فهم وعينها تتسع شيئًا فشيء قبل أن تشير لبعض الاشياء الملقاة ارضًا :
" مهلًا من هو ذلك القذر الذي حرك مزهرياتي الثمينة من مكانها ؟!"
نظر لها الرجال ببلاهة لثواني، قبل أن يجدوا تلك السيدة تدير رأسها صوبهم بسرعة الرصاص مضيقة عينها بشك وهي تشير بعكازها لهم :
" أنتم من فعلتم الأمر ؟!"
هز الرجال رأسهم بسرعة كبيرة وخوف قبل أن يرمقهم قائدهم بشر لذلك الخوف من مجرد عجوز :
" ابتعدي عن هنا ايتها العجوز وأرحلي لمصلحتك "
وقبل أن يتبع جملته تلك بأي كلمة إضافية كان عكاز سيلين يهبط فوق رأسه وصوتها يرج المنزل وهي تقول بشر :
" وهل هو منزل والدك لتأمرني أن أرحل منه أيها الحقير الوغد؟! "
تبعت حديثها بضربة أخرى وهي تصرخ في وجهه :
" تقتحم منزلي بكل وقاحة وتعبث بأشيائي، ثم تأمرني بالرحيل ؟! هل أنا خادمة والدك أيها العفن ؟!"
رفع الرجل عينه بشر لسيلين وهو ينتزع العكاز منها ثم دفعها به بعنف شديد وبعدها حطمه لها بقوة صارخًا :
" طفح الكيل، انتهوا مما جئنا لأجله "
وفي ثواني كان الرجال يخرجون أسلحتهم، لولا صوت الرصاص الذي خرج من قناصة روما وهي تقول بشر :
" حركة واحدة منكم ولن تكون لديكم فرصة لفعل أخرى"
تحدث الرجل وهو يصطنع أنه مرتعب خاصة بعدما رأى باقي البنات تختبئن أعلى الدرج في انتظار ما سيحدث، وفيور تبتلع ريقها برعب وهي تتمنى أن ينتهي كل ذلك دون مشاكل :
" اوووه جسدي يرتجف خوفًا ..."
" نعم حري بك ذلك في الحقيقة "
ولم يكن ذلك الصوت صوت روما بل كان صوتًا آخر رجوليًا يأتي من خلف الجميع تحديداً من جهة من باب القصر، فتحت روما عينها برعب وهي تبصر انطونيو والجميع معه؛ لذلك ألقت السلاح سريعًا ارضًا وهي تبتسم بسمة غبية .
بينما انطونيو نظر لما يحدث وهو يقول بحاجب مرفوع :
" والآن هلّا تكرم أحدكم وشرح لي ما يحدث في المنزل هنا ؟!"
ابتسم فبريانو وهو ينظر لسلاحه الذي يستقر ارضًا جوار قدم روما التي تحركت بخوف للأعلى جوار جميع الفتيات :
" يبدو أنها حفلة نسائية انطونيو، ما كان علينا المجئ بهذا الشكل المفاجئ، حتى لا تخجل الفتيات "
تحدث وهو يشير للرجال الذين بهتت ملامحهم بشدة لتلك المفاجئة الغير مدبر لها ...
تحركت سيلين وهي تقترب من جميع الاحفاد تستنجد بهم :
" احبائي الصغار، انظروا لما فعله هؤلاء الحمقى بي وبمنزلي الغالي، لقد بعثروا اشيائي كلها مستغلين أنني في رحلة، لكن الرب أراد أن اكشفهم وجئت في الوقت المناسب "
تحدث جاكيري وهو ينظر لهم :
" حسنًا انطونيو لنسامحهم هذه المرة لأجل ما فعلوه بسيلين، هذا أقل ما نقدمه لهم "
نظرت له سيلين بشر، ليتحدث ماركوس وهو ينظر لفيور التي كانت ترتعش خوفًا :
" ما بكِ فيور وما الذي يحدث هنا؟! فليتحدث أحدكم بحق الله "
هبطت جولي الدرج بسرعة وهي تحمل سلاحًا كانت تخبئه تحسبًا لأي شيء، وهي تركض صوب مارتن تشير بالسلاح للرجال :
" جيد أنك اتيت مارتن، هؤلاء الرجال هنا كانوا يريدون قتلنا جميعًا، انظر لقد كانوا يهددون فيور منذ البارحة وقد خططت روما حتى نستدرجهم للمنزل ثم تتصل رفقة بجاكيري وتخبره أن يحضركم بسرعة وتغلق الاتصال، وأنا يا مارتن ذهبت لغرفتك وبحثت كثيرًا عن سلاح حتى احمي به نفسي ولم أجد، حتى اقترحت تلك الحمقاء روبين أن نسرق أسلحة من غرفة فبريانو فهو لديه الكثير "
صمتت قليلًا ثم رفعت السلام أمام عين مارتن بانبهار غبي :
" انظر لهذا مارتن، أنه يضئ في الظلام، أليس هذا رائعًا ؟!"
نظر فبريانو لروبين التي كانت تنظر لسقف المنزل تدعي الشرود كما لو أنها لم تستمع للتو لأي شيء، بينما روما ضربت وجهها بغيظ من غباء جولي تقول بحنق :
" الآن سأموت ضحية لغباء جولي، وما اسوء واحقر من هكذا موتة !"
نظر انطونيو للسلاح الذي كانت تحمله روما وهو يقول :
" قناصة ؟!"
ابتلعت روما ريقها وهي تتخفى خلف روز التي كانت ترتجف من نظرات جايك المتعلقة بالسلاح في يدها، تحاول جذب روما من خلفها :
" لا تختبئي خلفي روما، ابتعدي عني يكفيني ما أنا به "
اقتربت جولي من مارتن وهي تقول برجاء :
" مارتن هل يمكنني أن احتفظ بذلك السلاح الذي يضئ؟!"
قبّل مارتن راس جولي بحنان وهو يربت علينا كطفل صغير :
" حبيبتي اذهبي وقفي جوار الفتيات حتى ننتهي، هيا "
نظرت له جولي ثواني قبل أن تتحرك بسرعة صوب الفتيات، لكنها واثناء مرورها من أمام اللصوص، رفعت سلاحها في وجوههم وهي تقوم بحركة سخيفة وكأنها على وشك إطلاق رصاصة، لكن ما لم تحسب له حسابًا أن الرصاصة خرجت بالفعل من المسدس لتصيب خصر أحد الرجال، صرخت جولي بصوت عالي وهي تلقي السلاح راكضة للأعلى بسرعة .
بينما مارتن اغلق عينه بقوة يحاول أن يهدأ نفسه ويمنعها من الذهاب الآن والإمساك بجولي وسجنها في غرفتها لباقي عمرها.
تحدث انطونيو بجدية :
" جايك، آدم، خذوهم على الملحق الخاص بالقصر حتى ألحق بكم "
أخرج كلًا من ادم وجايك اسلحتهم وهم يقودون الرجال حيث أمرهم انطونيو، وقد انقادوا خلفهم بالفعل لعلمهم أن أي مقاومة في هذه اللحظة لن تكون في صالحهم البتة.
بينما تحرك ماركوس صوب فيور التي كانت ترتعش بقوة وجذبها من يدها صوب الغرفة الخاصة به دون أن يستمع لأي كلمة تخرج منها .
في حين أن انطونيو رمق روما بشر وهو يقول :
" تحملين قناصة روما ؟! هل تظنين نفسك في أحد افلام الاكشن يا امرأة ؟! أنتِ تحملين طفلًا بداخلك؛ لذلك لا تكوني بهذا الإهمال "
نظرت له روما بحنق وهي تقول :
" أنا لم أكن سأستخدمها انطونيو، وقد خططت لاحضاركم في الوقت المناسب "
تحدث جاكيري بسخرية :
" لِمَ لم يخبرنا أحدكم بالأمر بدلًا من كل ذلك ؟؟"
تحدثت رفقة وهي تحاول تبرير خطتهم العبقرية _ حسب ظنهم جميعًا_ لذا قالت وهي تبتلع ريقها بقلق من ردة فعله :
" في الحقيقة جاكي نحن أردنا أن تكون الخطة محكمة، فهم كانوا يراقبون المنزل حتى يتأكدوا من رحيلكم اجمعين؛ لذلك لم نخبركم حتى لا تفسدوا خطتنا "
أشار جاكيري عليه وهو يقول :
" نحن من سنفسد خطتكم ؟!"
أشار بعضها للفتيات اللواتي كان البعض منهم كروبين و روز يحملون الأسلحة بشكل مثير للضحك :
" وهم من سينجحون الخطة ؟! هل تمزحون معنا ؟!"
نظر فبريانو للجميع وهو يقول :
" ذكريني أن أغلق باب غرفتي مرة أخرى روبين ....."
نظرت روبين له ببسمة لطيفة تحاول بها أن تحسّن من موقفها، ثم قالت بصدق :
" اقسم أنني كنت سأعيد كل شيء لمكانه قبل أن ينتهي كل ذلك، فقط كنا سنستعمله لاخافة الرجال به ونعيده مجددًا "
ضحك انطونيو بسخرية وهو يصعد الدرج متجاهلًا روما :
" لاخافة الرجال، أم لاضحكاهم!! اقسم أنني رأيت أحدهم يكبت ضحكته بصعوبة حتى لا تهتز صورته كمجرم اماكم، وفي الحقيقة أنا أقدر له ثباته الانفعالي أمامكم"
نظرت روما لاثره قبل أن تتحرك خلفه بسرعة وهي تناديه، بينما نظرت حوليثلمل يحدث وهي تقول :
" ألم نبلي حسنًا، لقد حاولنا إنقاذ الموقف "
ابتسم مارتن بسخرية وهو يلقي بجسده على الأريكة :
" حسنًا حبيبتي احسنتم صنيعًا، لا تفعلوا هذا مجددًا"
تحركت جولي حتى وصلت لمارتن وهي تقول :
" هل كنت سيئة لهذه الدرجة مارتن ؟!"
فتح مارتن ذارعيه لها وهو ينظر لها بحب وحنان يدعوها لتسكن أحضانه :
" لا لا حبيبتي أنتِ لستِ سيئة لهذه الدرجة "
ابتسمت جولي وهي تتمرغ في أحضانه بحب، لتتجمد حين سماعها باقي جملته :
" بل أنتِ اسوء من هذه الدرجة بمراحل ...."
______________________
كان في انتظار سماع أي كلمة قد تهدأ من عواصف غضبه التي ستطيح في أي لحظة بتلك الصغيرة، والتي لا تحتاج حتى لعواصف كيف تطيح بها، يكفيها مجرد نسمة هواء رقيقة لتنقلع من أرضها .
ابتلعت ريقها تحاول تلاشي أي تواصل بصري منه وصوتها يخرج مجيبًا سؤاله المعلق الذي ألقاه بمجرد أن خطى لتلك الغرفة معها، سؤاله الذي خرج بكل هدوء كما لو أنه يسألها عن حالها أو ما شابه :
" هل يمكنك اخباري ما الذي حدث للتو فيور ؟!"
ترددت كثيرًا في الإجابة، وهاجس في تلك اللحظة يخبرها أنه كان من الضروري أخباره بكل شيء، لكنها خشيت أن يقوده غضبه ويفسد الخطة ويؤذي ذلك الحقير رفيقها.
رفعت عينها له تحاول أن تستفز حنانه ليشفق عليها، لكن كل ما رأته هو نظرة عابسة منه :
" أنا أنتظر "
" حسنًا ماركوس الأمر هو...لقد ....البارحة ....اسمع فقط أنا كنت "
صمتت مجددًا حتى كاد غضب ماركوس يطيح بها، بعدما استنفذت بصمتها ذلك كل ذرة هدوء استدعاها :
" ماذا فيور تحدثي قبل أن أذهب واقتلهم جميعًا ثم أعود لأكمل صب غضبي عليكِ "
أغمضت فيور عينها بقوة وهي تقول دفعة واحدة :
" هم رجال ذلك الحقير الذي كنت أعمل لديه، جاءوا لسرقة بعض الأشياء من القصر "
وإن ظنت أن حديثها ذلك خفف من وطأة ما حدث، فهي مخطئة تمامًا فما زاد ذلك الحمق الذي تسرب من فمها سوى في إشعال غضبه أكثر، ليقطع المسافة بينهما وقبل حتى أن تتخذ خطوة واحدة للخلف، أمسك يدها بعنف يجذبها صوب صدرة بقوة قائلًا بصوت بدا هادئًا، لكنه في الحقيقة مرعبًا :
" ماذا قلتِ؟! جعلتِ بعض الاوغاد يقتحمون منزلي في وجود جميع النساء لأجل سرقتنا فيور ؟! "
فتحت فيور عينها بصدمة وهي تستوعب الآن ما وصل لعقله، هل يظن أنها متآمرة معهم أو...
وقبل أن تكمل سلسلة أفكارها كانت يد ماركوس تضغط أكثر وأكثر على ذراعها وصوته يخرج خافتًا بشكلٍ مرعب وخيبة الأمل تملئ عينه :
" يبدو أن تلك القذارة التي انغمستِ بها، مازالت متأصلة بروحك فيور "
دون أن تشعر سقطت دمعة من عينها وهي تحاول أن تفتح فمها للتحدث، تحاول التحدث للدفاع عن نفسها أمامه، تصرخ في وجهه أنها ليست تلك السيئة التي يتحدث عنها، هي لم تكن يومًا بتلك الحقارة التي يتحدث عنها.
لكن كل ما خرج كان صوتًا ضعيفًا في وسط شهقات عالية متوجعة :
" لست كذلك ماركوس "
وبمجرد الانتهاء من تلك الكلمات البسيطة التي استلزمت منها جهدًا مضنيًا، انفجرت فيور في بكاء مرتفع وهي تسقط ارضًا تكتم بكائها بيديها، وصوت صياحها يعلو شيئًا فشيء مرددة بقوة :
" لست كذلك، أنا لست كذلك، أنا لست كذلك ماركوس "
بكت اقوى بشكل جعل ماركوس يتحرك بكل هدوء خارج المكان دون قول كلمة واحدة وقلبه يؤلمه لدموعها تلك، لكن وقبل أن يمسك مقبض الباب، ازدادت حدّة بكاء فيور، ما جعله يدفع إحدى المزهريات جوار المنزل بعنف كبير صارخًا من بين أنفاسه الغاضبة :
" تبًـــــــــــــــــا لكِ "
عاد بخطوات سريعة صوب فيور ينحني جاذبًا إياها لاحضانه، مربتًا عليها وكأن ذلك الصارخ منذ ثواني لم يكن هو، ربت ماركوس على ظهرها بحنان شديد وهو يقبل رأسها هامسًا :
" اشششش لا تبكي فيور، آسف، أنا آسف صغيرتي، أنا فقط غضبت لأجل تعريض نفسك والجميع للخطر بكل غباء، اقسم أن كل ما صدر مني بسبب غضبي، أنتِ لستِ قذرة فيور "
رفعت فيور وجهها له بحنق كبير وهي تقول من بين دموعها :
" حقًا؟! شكرًا للطفك ماركوس "
ابتسم ماركوس وهو يمسح دموعها بحنان مقبلًا عينيها بلطف :
" أنا فقط غاضب منكِ فيور، لذلك أتحدث بكلام لا اعنيه حقًا "
لم تتحدث فيور بكلمة سوى :
" أنت لا تثق بي ماركوس صحيح ؟!"
" لا لا، اقسم أنني قد افقد الثقة بنفسي، ولا أفعل بكِ فيور، منذ ذلك اليوم الذي دقّ قلبي لكِ، سلمتك كل ما املك، ثقتي وحبي وكل شيء فيور؛ لذلك لا تشككي للحظة واحدة في أمر ثقتي بكِ"
صمت ينتظر ردًا منها، أي إشارة تخبره أنها لم تغضب من ذلك الهراء الذي أخرجه منذ ثواني بسبب غضبه، هو غضب وأخرج ذلك الحديث والذي يقسم أنه لم يعني كلمة واحدة فيه، كان فقط يعبر عن غضبه بشكل غبي، ثم ركض ليكمل صب غضبه على أي شيء تطوله يده، لكن صوت بكائها وتكومها كطفل شريد على نفسها اصابه في مقتل وهو يعود لها معتذرًا كالاحمق، دون أن يمر ثواني فقط على غضبه .
تنفس ماركوس وهو يمرر يده بحنان على ظهر فيور وهو مستند على الفراش:
" فيور تحدثي ولا تجعليني أشعر بالذنب أكثر حبيبتي "
لكن لم يصل له رد، أبعد وجهها بلطف عن صدره وهو يقول بحزن ظنًا أنها ما تزال حزينة :
" فيــ...."
لكن تفاجئ أنها نائمة بعمق، تشنج فم ماركوس بغباء وهو يقول بعدم فهم :
" حقًا فيور ؟! هل هذا وقت مناسب لنومك ؟!"
لكنه رغم ذلك ضمها له وعدل من وضعيتها مقبلًا رأسها بحنان :
" لا بأس عندما تستيقظين سنكمل الشجار، استراحة صغيرة لن تحدث ضررًا ....."
______________________
دخلت روز غرفتها بسرعة وهي تدفع الباب خلفها بقوة كبيرة، بعدما رأت هرولة جايك بمجرد أن لمحها تتحرك من موقعها صوب غرفتها .
لكن وقبل أن تغلق الباب وضع جايك جسده بسرعة كبيرة مانعًا إياها من ذاك، وصوته يصدح في المكان بغضب :
" تحملين سلاحًا وتهددين مجرمين ؟! أجننتِ أنتِ ؟! ماذا لو أن أحدهم أطلق رصاصة في عقلك الفارغ ذلك ؟؟"
صرخت روز برعب وهي تحاول دفع الباب بقوة بينما جايك يمنع إغلاقه بسبب جسده الذي يحول ما دون ذلك، تحدث بحنق وهو يراها تدفع بكل قوتها :
" سوف تقسمين جسدي شطرين إن أستمر دفعك لي ثواني أخرى"
لكن روز لم تتراجع عن دفعها له، بل وضعت جسدها كله خلف الباب حتى تمنعه من الدخول وهي تقول بإصرار على رحيله :
" أرحل إذن، فأنا لن أسمح لك أن تخطو لغرفتي وتلك العقدة بين حاجبيك موجودة"
ابتسم جايك بسمة باردة وهو يرفع يده يتلمس عقدة حاجبيه يحاول إزالتها :
" ها هي ذا، نزعت لكِ تلك العقدة التي تزعجك حبيبتي والآن ابتعدي من خلف ذلك الباب اللعين قبل أن ادفعه أنا واجعل جسدك يلتصق في الحائط كرسمة غير مكتملة لفنان مختل "
كان صوته حادًا وهو ينهي جملته، مما جعل روز تفكر في حديثه جديًا وهي تخفف دفعها للباب شيئًا فشيء، قبل أن تبتعد فجأة للخلف بسرعة فاجئت جايك، حتى أنه سقط ارضًا بعنف وهي تشاهد بأعين متسعة، ثم اقتربت منه ببطء خطوة واحدة تردد :
" جايك هل أنت بخير ؟! هل تأذيت ؟!"
لكن جايك لم يجبها بل فقط استمر في اغماض عينه بقوة وملامح الوجع قد تمكنت من وجهه، بينما يمسك يده بقوة، فتحت روز فمها بخوف من اذيتها له، انحنت قليلًا وهي تربت على وجهه بحنان :
" جايك أنا آسفة لم اقصد، هل أنت بخير ؟!"
لم يجبها جايك لتصفعه روز بخفة وهي تحاول أن تجعله يفيق :
" هيييه مابك ؟! كل هذا لأجل سقطة ؟!"
فتح جايك عينه فجأة بشكل جعل روز تصرخ برعب وهلع وكأنها رأت لتوها وحشًا مرعبًا، تألمت من السقطة التي تسبب بها رعبها، لكنها لم تسمح لها أن تعيق زحفها بعيدًا عن جايك برعب، ولم تكد تزحف بعيدًا عنه، حتى شعرت بجسدها يُسحب مجددًا للخلف،حاولت التمسك بالأرض لكنها فشلت في ذلك وهي تصرخ وكأنها في أحد افلام الرعب :
" لا لا لا، أنقذوني، لا النجدة "
لكن جايك جذبها بقوة له وهو يعتدل في جلسته ثم انحنى صوبها يهمس بشر :
" يبدو أن دلالي لكِ افسدك زهرتي، أصبحتِ مدللة بشكل مبالغ به"
رفعت روز عينها له وهي تقول بحنق :
" أي دلال هذا ؟! إن كنت تسمي ايقافك لي ساعات في الهواء البارد وأنا اترجف كعصفور صغير لأجل رسمك لي، فأرجوك توقف عن الدلال، أنا أريد قسوتك رجاءً، فقد شبعت دلالًا حتى كادت عظامي تتجمد البارحة"
نظر لها جايك بشر قبل أن يقول :
" وهذا أيضًا ما تقولينه بسبب دلالك، حسنًا روز منذ اليوم سأعاملك كما اعامل أي فتاة عادية "
دفعته روز وهي تنهض تعدل من وضع ثيابها وشعرها ثم قالت ببسمة مستفزة :
" نعم رجاءً، والآن أسمح لي أود تغيير ثيابي والراحة قليلًا"
ابتسم جايك وهو يقول متحركًا صوب الباب :
" أنتِ من اردتِ هذا، تجهزي فسوف نرحل بعد قليل "
" إلى أين ؟!"
اجاب جايك قبل أن يغلق الباب بعنف مخيف خلفه :
" لا شأن لكِ، نفذي ما اطلبه فقط "
______________________
دخلت روما الغرفة خلف انطونيو وهي تحاول الحديث معه، لكن اوقفتها ملامحه الحادة، تقسم أنها لم تكن ستخاطر بالأمر، والدليل هو استدعائهم في النهاية .
انكمشت ملامح روما بتعجب ترى انطونيو يلقي أغراضها في حقيبة سفر، ثم يعود ويحضر اغراض أخرى ويلقي بها، وهي تقف في مكانها ترمقه ببلاهة .
" ما ...ما الذي تفعله انطونيو ؟؟ ما شأنك بثيابي ؟!"
تحدث انطونيو دون أن ينظر صوبها :
" سوف ترحلين من هنا و.."
وقبل أن يكمل كلمته سمع انطونيو صرخة روما العالية الثائرة :
" مــــاذا ؟! أرحل من هنا ؟! هل تطردني من المنزل انطونيو ؟؟ هل جننت ؟؟ كل هذا لأنني كنت أحمل سلاحًا؟! ألم تكن أنت من يتوسلني لتعلم إطلاق النيران ؟!"
نظر لها انطونيو نظرات ارعبتها، لكنها لم تتراجع وهي تنظر له منتظرة الإجابة منه، وقد أتتها الإجابة وهي تراه يتحرك نحوها قاطعًا المسافة في خطوتين فقط وهو يمسك ذراعها بشر يقول وعينه تلقي لها بشرارٍ :
" كان هذا وقت كنتِ روما فقط، وليس روما وطفلي "
فتحت روما عينها بصدمة من حديثه لتقول ببسمة غير مصدقة :
" مهلًا هل تقصد القول أن كل ما يهمك في الأمر هو طفلك ؟!"
رمقها انطونيو بحنق :
" هل أنتِ بلهاء يا امرأة ؟! "
أبعدت روما يده عنها بعنف كبير صارخة :
" لستُ بلهاء انطونيو، بل أنت هو الاحمق، أنا لست غبية لاغفل عن مقصدك وراء حديثك السابق "
فتح عينه بصدمة وهو يحاول أن يستوعب ما قالت منذ دقائق، هل وصفته للتو بأحمق ؟! هو احمق ؟!
ويبدو أن تساؤلاته جميعها كانت واضحة على وجهه وبقوة لدرجة أن روما اجادت قرائتها وهي تقول بعناد متجاهلة الغضب الذي بدأ يسيطر على انطونيو :
" ماذا هل آلمتك تلك الكلمة انطونيو ؟! لا بأس الحقيقة موجعة دائمًا "
انتهت من جملتها وهي تتحرك بإباء صوب حقيبتها، اغلقتها بعنف وبعدها ألقتها ارضًا لتخرج العجلات الخاصة بها، نهضت روما مستقيمة في وقفتها، ثم شددت من ضغطها على الحقيبة وبعدها تحركت بهدوء صوب الخارج، لكن وقبل أن تفطر حتى في أن تخطو خطوة واحدة بعيدًا عنه، كان صوت انطونيو يعلو مزلزلًا في المكان بأكمله :
" اقسم إن تحركتِ خطوة أخرى روما، ساجعلكِ تبكين ندمًا "
تيبست اقدام روما دون إرادة منها، ولا تعلم أهو خوفًا منه أم رغبة منها في سماعه يعتذر لها ويخبرها كم يحبها هي، لكن كل ما حدث كان أن انطونيو اقترب منها من الخلف وهو يهمس بشر :
" اياكِ روما، اياكِ والحديث معي مجددًا بهذا الشكل، فأنتِ آخر انسان في هذه الحياة أتمنى أن يبصر غضبي "
مدّ يده ببطء يمسك بخاصتها لتغمض روما عينها تأثرًا لقربه خاصة أن أنفاسه الدافئة كانت تلفح رقبتها بقوة، انتظرت أن يتحدث أو يبادر حتى ويضمها، انتظرت وانتظرت حتى استمعت لصوت غلق الباب العنيف، فتحت روما عينها بصدمة كبيرة وهي ترى أنه أخذ منها الحقيبة ورجل هكذا بكل بساطة دون حتى أن يكلف نفسه عناء مراضتها، فتحت فمها بغيظ كبير وهي تهمس :
" حقًا ؟؟؟"
________________
خطت لذلك المنزل الذي جعل عينها تكاد تلتصق بحدود اجفانها، لشدة اتساعهما، ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تدعي عدم الاهتمام، لكن كيف ذلك وهي تقف الآن في مكان بهذا الجمال، بل والاكثر أن هذا المكان ليس سوى منزل من خطف دقات قلبها منذ رؤيتها له لأول مرة .
توقفت بلانكا ( راقصة الحانة ) في منتصف المنزل وهي تستمع لكلمات ذلك الرجل الذي أوصلها لهنا بناءً على أوامر سيده :
" إلى هنا ينتهي دوري، ابقي هنا حتى يأتي سيدي "
وبمجرد انتهاء حديثه حتى سارع بالخروج من المنزل وكأنه كهف لوحش مدمر، لم تهتم بلانكا بالأمر كثيرًا وهي تتحرك في أرجاء المنزل وعينها تدور في كل مكان، مدت أصابعها الرشيقة وخلعت معطفها الذي يخفي خلفه فستانًا رقيقًا من النوع القصير، ألقت بلانكا معطفها على الأريكة بلا اهتمام، ثم تحركت في المكان بهدوء تتفحصه ببسمة منبهرة :
" بالطبع ذلك الوسيم لن يعيش في أقل من هكذا منزل "
" سأعتبر هذه مجاملة لطيفة منك "
استدارت بلانكا بعنف صوب ذلك الصوت الذي تسمعه لأول مرة، لتجد أن ذلك الرجل الذي تجهل هويته بالتحديد وحتى اسمه، بل وأنها للمرة الأولى تسمع صوته، بعدما كان يأتي ليراقبها بصمت ويرحل .
ابتسم ايثان وهو يتحرك صوب بلانكا بهدوء جعل جسدها يرتجف، خوفًا أو شوقًا لقربه الذي لم يكتمل آخر مرة، لا تدري في الحقيقة سبب ارتجافها .
توقف ايثان على بُعد خطوة واحدة منها وهو يبتسم بسمة واسعة ثم انحنى بعض الشيء وهو يقول ببسمة جانبية وصوت رجولي خافت كما لو كان همسًا :
" اغلقي فمك "
والآن فقط انتبهت بلانكا أن فمها كان مفتوحًا؛ لذلك حاولت أن تخرج من تلك الحالة حتى لا تبدو بلهاء أمامه تحدثت وهي تنظر حولها بلا اهتمام :
" أنا فقط كنت افحص المنزل، ذوقك رفيع، يشبه منزلي كثيرًا"
ابتسم ايثان بسخرية :
" حقًا ؟!"
ردت له بلانكا البسمة بأخرى مشاكسة :
" نعم، لكن خاصتي أجمل بكثير، وأكثر دفئًا من هذا و...."
وقبل أن تكمل كلمتها شعرت به يجذبها لاحضانه بشكل مفاجئ وهو يقول هامسًا :
" لا عجب أنه دافئ، فمن تسكنه شعلة حارقة "
نظرت بلانكا لعينه ثواني ثم قالت دون مقدمات :
" ما اسمك ؟!"
صمت ايثان ثواني قبل أن يقول ببسمة :
" ايثان "
مدت بلانكا يده تتحسس وجنته وهي تقول بشرود في عينه :
" ايثان ؟! اسمٌ يليق بك "
ابتسم ايثان وهو يضمها له أكثر:
" اممم وكذلك هو خاصتك بلانكا "
ضيقت بلانكا ما بين حاجبيها بتعجب :
" كيف علمت اسمي ؟!"
ضحك بصخب وهو يقترب من وجنتها مقبلًا إياها بلطف شديد ثم همس :
" يبدو أنكِ لا تجهلين اسمي فقط، بل تجهلين الكثير حولي عزيزتي بلانكا "
صمت ثواني ثم أضاف بخبث :
" لكن لا بأس لدينا الوقت بأكمله لمعرفة كل شيء....."
___________________
صعد جاكيري الدراجة النارية الخاصة به، ثم صعدت خلفه رفقة وهي تضع خوذة أعلى رأسها وهي تتمسك بخصره، ابتسم جاكيري وهو يتمركز على دراجته، ثم أمسك المقود جيدًا وهو يقول ببسمة وغمزة :
" تمسكي حبيبتي "
وقبل أن تتحدث رفقة بكلمة كانت الدراجة تختفى من مرمى بصر الجميع أمام القصر.
تحدث مارتن بشفقة وهو مازال يضم جولي له بحنان :
" مسكينة تلك الفتاة التي ذهبت ضحية غبائها، من هو المجنون الذي يصعد خلف جاكيري الدراجة النارية ؟! نحن نكون في سيارة مغلقة من جميع الاتجاهات وأخشى أن أجد جسدي مقذوف من النافذة وممد على الأرض أسفل عجلات السيارة، حقًا تلك الفتاة اشجع من رأت عيني "
في نفس الوقت هبط فبريانو درج المنزل الداخلي وهو يجذب سترته له بسبب برودة الأجواء، وخلفه تركض روبين تحاول مجاراة خطواته.
" ما بكم تقفون هكذا، تحركوا "
كان هذا صوت انطونيو الذي خرج من المنزل متجاهلًا تمامًا روما التي ترمقه بحنق كبير تتعجب غضبه، بينما هي من يحق لها الغضب هنا.
وكذلك كانت روز التي كان جايك يعاملها بكل برود عكس عادته.
بينما كان آدم يمسك ايان بيد والأخرى يضم بها هايز له.
وفيور تتمسك في ماركوس وكأنها ذاهبة مع والدها لحفلٍ ما .
نظر لهم انطونيو ثم أمرهم بعينه وهو يتحرك :
" تحركوا "
وبالفعل تحرك كلٌ لسيارته ومعه زوجته أو حبيبته البعض مبتسم والبعض حانق والبعض الآخر لا يفهم شيء مما يحدث .
توقفت روبين أمام سيارة فبريانو التي كانت مرتفعة كثيرًا عن القديمة :
" أنت غيرت عربيتك ؟!"
هز فبريانو رأسه وهو يجهز سيارته للانطلاق :
" القديمة حطمها جاكيري"
نظرت روبين للسيارة بحيرة :
" وأنت بتشتري دي مفكرتش أن فيه بني ادمين هيركبوها معاك؟! بعدين أنا مش فاهمة أنت جايبها عالية على اساس ايه؟! ما أنت قصير أنت كمان، ولا هو جلد ذات وخلاص "
نظر لها فبريانو وهو يقول متشنجًا :
" قصير ؟! مين ده ؟! أنا ؟!"
هزت روبين رأسها بنعم وهي تحاول الصعود للسيارة، حيث استندت بيدها على السيارة، تحاول رفع جسدها حتى تصل لها تقول بحنق :
" اه قصير، أنت مشوفتش ابن عمك اللي وشه شبه لوح الجبس طول الوقت طويل ازاي ؟! ده بيمشي يدوس على خلق الله "
لوى فبريانو فمه بحنق وهو يقول :
" ليس لأن انطونيو وإخوته طويلي القامة بشكل مبالغ به، تقولين أنني قصير، أنا طولي مناسب للشخص العادي، بغض النظر عن العمالقة ابناء عمي الأكبر"
شعرت روبين بانفاسها تكاد تزهق وهي ترفع قدم واحدة على السيارة ويدها تمسك بارضيتها، بينما قدمها الأخرى مازالت تحاول الوصول للسيارة :
" شوف يا اخي مهما اختلفت الصفات فيكم كلكم، هتجمعكم انعدام النظر والدم في الآخر، كلكم معدومي الدم والاحساس والله، يعني أنا بخرج في الروح عشان اطلع ناطحة السحاب اللي أنت راكبها دي وأنت ولا أنت هنا، بتجادلني في طولك، بتزعلك يا قصير يعني ؟! طب يا قصير "
لوى فبريانو فمه بحنق وهو يميل بجسده صوب النافذة الخاصة بها، ثم مدّ يده يضم خصرها وبعدها جذبها فجأة وبقوة جعلتها تنقلب في السيارة وقدمها مرتفعة في الهواء، وقبل أن تتحدث بكلمة وجدت فبريانو يميل نحوها يقبل خدها بحنان ثم ربت على شعرها متجاهلًا أمر سقوطها رأسًا على عقب وهو يقول بحنان :
" لا بأس سأضع لك درجة مساعدة لتصعدي عليها "
نظرت له روبين وهي مازالت كما هي تقول بغيظ منه ومن تصرفاته العنيفة :
" أنت ثقيل يالا، ثقيل ورخم ومستفز والله "
ابتسم لها فبريانو وهو يتحرك بسيارته بعدما أغلقت الباب تلقائيًا:
" حسنًا هذه مجاملة لطيفة منك ارنبي الوردي، اشكرك"
اعتدلت روبين في جلستها بصعوبة، تحاول أن تتحكم في غضبها ثم قالت بغيظ :
" احنا رايحين فين دلوقتي ؟!"
" مكان "
ابتسمت روبين بالنهار شديد وهي تردد :
" مكان ؟! ده بجد؟! تصدق لما قولتلي اجهز عشان خارجين فكرت أننا رايحين زمان، طلعنا رايحين مكان"
ابتسم فبريانو ولم يعلق على حديثها بكلمة وهو يزيد من سرعة سيارته وخلفه جميع سيارات العائلة وكأنهم ذاهبين لاحتلال مدينة أو ما شابه .
بينما وعلى أطراف المدينة كان جاكيري قد سبق الجميع بالعديد من الكيلو مترات ورفقة خلفه قد تقطعت أحبالها الصوتية لكثرة صراخها :
" ليتعفن جسدي قبل أن أصعد معك لدراجة نارية مرة أخرى، اعدني لاخي، أريد أن أموت في وطني"
لكن جاكيري لم يهتم كعادته وهو يزيد من سرعته أكثر وأكثر متحدثًا بهدوء ليس وكأن الدراجة تطير بهم :
" اهدئي حبيبتي واستمتعي بالهواء العليل "
صرخت رفقة وهي تشدد من احتضان خصره أكثر وأكثر وصوتها يعلو حتى كاد يسبب الصمم لجاكيري:
"هواء عليل ؟! أنت ليه محسسني أنني رايحين نقضي شم النسيم في حديقة الاورمان ؟! أنت متخلف؟!"
" تؤ تؤ تؤ، وأنا من حسبت أن الأمر سينال إعجابك رفكة ؟! خيبتي أملي، ظننت أنكِ من نوع الفتيات النشيطات التي تعشق المغامرة والمخاطرة، وهذه هي المرة الثانية التي تثبتي لي عكس ذلك بعد تلك المرة التي ذهبنا بها لمدينة الالعاب في مصر"
أجابت رفقة وهي تتمسك به باكية بخوف :
" يا عم أنا سيدة في أواخر الثمانينات من عمري، وعايزة اقضي باقي حياتي مأنتخة(متمددة) على الكنبة وبسأسأ(يغمس) بسكوت نواعم في الشاي بلبن، أنا مش وش مغامرات ولامخاطرات، أنا اكبر مخاطرة ممكن اعملها هي اني احط البطاطس في الزيت من غير ما اجري من جنب الطاسة "
ورغم أن جاكيري يرتدي سماعته التي تسهل له فهم كلمات رفقة، إلا أن بعض كلماتها كانت صعبة عليه؛ لذلك تحدث بهدوء :
" حسنًا حسنًا لقد وصلنا على أية حال توقفي عن الصراخ في أذني لقد بدأت السماعة تصدر ضجيجًا وكأنها على وشك الانفجار، هي لا تتحمل كل ذلك الصخب جوارها "
لم تجب عليه رفقة، بل كل ما فعلته هي أنها دفنت وجهها في ظهره بقوة ويدها تشتد أكثر وأكثر على خصره وهي تتحدث بخوف :
" أنا خائفة، جاكيري أنا خائفة كثيرًا "
وفي ثواني فقط كانت الدراجة تسير بسرعة منخفضة جدًا وصوت جاكيري يصدح بحنان وهو يقول :
" أنا آسف رفكة، لم أقصد أن اخيفك حبيبتي، لن افعلها مجددًا معكِ، لا تخافي "
ابتسمت رفقة بسمة واسعة عاشقة وهي تقبل ظهره بحب، قبل أن تشعر بتوقف الدراجة، رفعت عينها ببطء وهي تنظر حولها بتعجب لتجد أنهم في مكان ملئ بالاشجار كما لو كانت غابة ما، وأمامهم يقبع قصر كبير، نظرت رفقة لجاكيري بتعجب وهي تساله بعينها عما يحدث، لكن فجأة سمع الاثنان صوت توقف سيارة جوارهما، التفتا ليجدا سيارة إسعاف يهبط منها مايك الذي قال ببسمة :
" كنت اعلم أنك أول من ستصل من بين الجميع "
تحدثت رفقة بجهل لما يحدث وعينها تتحرك على ذلك الفراش الذي يحمل جسد لورا :
" ما الذي يحدث هنا بحق الله ؟!"
____________________
توقف بسيارته أمام باب منزل لولو وهو ينظر كل ثانية بساعته في انتظار أن تطل عليه بهيئتها المدمرة، ابتسم اسكندر بسمة واسعة يتذكر ذلك اليوم من بعد مواجهتهما في النادي القتالي، وهي تتجنبه، فبعد انتهاء القتال بينهما، رأت مريم تقترب منه وهي تحييه على ما فعل .
اشتعلت وقتها عين جاسي بشر أثناء تحركها خارج المكان كله بهدوء وبرود لا يتناسبان مع الموقف .
اتسعت بسمته وهو يراها تخرج من المنزل مرتدية بنطال من خامة الجينز يعلوه ستره واسعة من اللون الازرق وقد لملمت خصلات شعرها للخلف .
صعدت جاسي السيارة وهي تقول ببسمة واسعة وهدوء :
" اتأخرت عليك ؟!"
هز اسكندر رأسه بلا وهو يمنحها بسمة مغرمة، فهمت هي معناها سريعًا ورغم ذلك تحدثت بكل هدوء :
" يلا طيب اتحرك عشان منتأخرش "
ورغم عدم فهم اسكندر للأمر، إلا أنه انقاد لحديثها، يتحرك بسيارته وهو يرتدي نظارته الشمسية ليس لشيء سوى لاخفاء نظراته عنها أسفل عدساتها السوداء، وكأن نظراته تخفى عنها بالأساس.
ابتسمت جاسي وهي تخرج هاتفها تتصفحه بهدوء شديد تقول بعدم اهتمام :
" لا بس تصدق مريم طلعت قمر ؟! عندك حق تساعدها الحقيقة "
ارتسمت بسمة خبيثة على فم اسكندر وهو يراها تدور حول مركز ذلك الموضوع مجددًا وكم راقه الأمر :
" اممم ريمو قمر فعلًا "
رفعت جاسي جاجبها وهي تبعد عينها عن الهاتف، ثم قالت بسخرية :
" ريمو !؟"
" اصل هي بتحب نناديها ريمو بدل مريم "
تجاهلت جاسي حديثه وهي تقول :
" طب سرع شوية عشان منتأخرش، وتتأخر أنت على النادي والانسة ريمو، وكمان عشان تلحق تعد العضلات من اول اليوم قبل ما تتأثر بالعوامل الخارجية وتتمدد ولا تنكمش ولا حاجة "
ضحك اسكندر بصوت مرتفع وهو يكمل طريقه :
" ياستي هو عشان عضلاتك بتفش لوحدها يبقى الكل كده ؟ لا خلي بالك عضلات مريم متربية على الغالي "
ابتسمت جاسي ثواني قبل أن تضيف منهية الحديث معه وهي ترى المكان المنشود يلوح في الأفق :
" طب ابقى اسألنا كده مريم مربية عضلاتها على ايه يمكن نستفيد منها، بدل ما أنت حالتك بقت من سيء لاسوء كده "
أنهت حديثها وهي تهبط من السيارة مغلقة الباب خلفها بعنف، ثم تحركت للمكان الذي توقفت أمامه السيارة والذي كان( مطار القاهرة الدولي ) حاول اسكندر أن يخفض صوت ضحكاته وهو يهبط من السيارة راكضًا خلف جاسي التي وجدها تقف فجأة في منتصف قاعة الانتظار وهي تصرخ بصوت مرتفع سعيد :
" صدّيق ..."
فتح اسكندر عينه ببلاهة وصدمة يرى جاسي تركض صوب أحد الرجال الذين خرجوا للتو، يحمل أعلى كتفه حقيبة ويجر اخرى وعلى فمه ترتسم بسمة واسعة قبل أن يركض صوب جاسي يلتقطها في أحضانه بقوة غافلًا تمامًا عن تلك الكتلة البشرية التي بدأت تحترق خلفهم .
كان اسكندر يشعر بدمائه تغلي بين أوردته وهو يرى استقبال جاسي لذلك الرجل، وهي يوم عادت للبلاد كاد يسقط ارضًا لأنها ابتسمت له فقط، تمتم اسكندر بغيظ متحركًا صوب الاثنين بعدما شعر فجأة بأنها خدعته حينما أخبرته أنها ذاهبة لاستقبال ضيف جدتها .
تمتم اسكندر بحنق :
" ما أنتِ حلوة وبتحضني اهو، ولا هو لازم ابقى هندي ولابس بلوزة لغاية الركبة عشان اتحضن "
توقف اسكندر أمام الاثنين تزامنًا مع انتهاء جملته، ثم ودون أي مقدمات كان يدفع يده بينهما، يبعد الاثنين عن احضان بعضهما البعض بقوة، دافعًا صديق للخلف يقول بفم مزموم :
" كفاية احضان يا حبيبي مش تكية ابوك هي"
نظرت جاسي بصدمة لاسكندر :
" اسكندر ؟"
رمقها اسكندر بشر قبل أن يهمس لها :
" اشششش اصبري عليا أنتِ يا كدابة لما اشوف الاستاذ ده "
استدار بعدها لصدّيق وهو يقول بالهندية التي يتقن البعض منها بحكم احتكاكه فترة طويلة بالعديد من الهنود في أحد مصانع البلاد :
" اسمع يا سيد تلك الفتاة خلفي إياك أن تتجرأ وتلمسها مجددًا"
فتحت جاسي فمها وعينها بانبهار وهي تستمع لاسكندر :
" ايه ده أنت بتتكلم هندي يا اسكندر ؟! مش معقول بجد "
لم ينزل اسكندر عينه عن صديق الذي كان ما يزال يرمقه ببسمة خبيثة، ليضيف اسكندر بسخرية :
" وياريت عاجب يا ختي، ده الواحد ناقص يطير عشان يعجب "
استدار بعدها اسكندر لصديق ولم يكد يتحدث حتى تحرك صدّيق بكل هدوء صوب جاسي يضم كتفها بحنان له، ثم قال بتجاهل لاسكندر الذي كان في تلك اللحظة يتخيل ابشع الميتات لذلك الهندي القذر :
" اشكرك على ترحيبك اللطيف سيد اسكندر، وأنا أيضًا سعدت كثيرًا لرؤيتك، وأشعر بأنني سأقضي اجازة سعيدة هنا رفقتك ورفقة العزيزة جاسي "
ابتسم اسكندر بسمة لا معنى لها وهو يراقب رحيلهما، ثم تحرك بكل هدوء صوبهما يدفع صدّيق بعنف بعيدًا عن جاسي وبعدها جذب يد جاسي له، متحركًا صوب الخارج يردد بتوعد :
" نعم ستكون اجازة سعيدة سيد اميتاب تشان، ناماستي in Egypt يا حبيب اخوك ......."
______________________
كان الصمت يعني المكان بشكل مريب، لم يتطوع أحدهم للحديث، أو يكلف نفسه عناء شرح سبب وجودهم في هذا المكان، النظرات المتبادلة بين الفتيات تشعرك كما لو أنهن يتوقعن الغدر في أي لحظة، وجودهم في هذا المكان المريب المحاط بالاشجار وإصابة لورا وراسيل التي اكتشفوها الآن فقط، وصدمتهم بما حدث للاثنتين دون علم كل ذلك اثار داخل جميع الفتيات تساؤل مصحوب بالخوف من القادم .
وبعد انهيار وبكاء على الفتاتين، اطمئن الجميع على صحتهما، وقد تولت هايز رفقة بعض الممرضات أمر الاعتناء بالاثنتين، وها هم بعد كل ذلك يجلسون في بهو ذلك القصر أو القلعة أو أيًا كانت مهيتها في انتظار أي تفسير .
ازدادت زفرات روما المغتاظة وهي تمسح وجهها بحنق، ليس لأجل ذلك الهدوء المقيت، بل لتجاهل انطونيو التام لها وكأنها هواء جواره، ضربت الطاولة أمامها بقدمها في عنف كبير وقد بدأت تشعر بغضبها يشتعل وجنونها يبدأ في الطفو على السطح :
" مـــــــــــاذا ؟!هل احضرتمونا هنا لتأملنا ؟! فليتحدث أحدكم قبل أن انهض من هنا وارحل....وحدي "
ضغطت على آخر كلمة وكأنها توجه رسالة لأحدهم، لكن يبدو أن ذلك الاحدهم ليس مهتمًا بأيًا مما يحدث؛ لذلك لم يمنحها ولو حتى نظرة واحدة .
تحدثت رفقة بحنق وهي تنظر لجميع الفتيات المجتمعات في البهو عدا بالطبع لورا وراسيل، مالت قليلًا على روبين وهي تردد بريبة :
" أنا ليه شامة ريحة محمد علي والقلعة في الموضوع ده ؟!"
حركت روبين عينها بين الجميع بشك قبل أن تنظر لرفقة وهي تهمهم بريبة مشابهة لخاصة رفقة، ثم رددت بجهل :
" محمد علي مين ؟!"
ادرات رفقة رأسها لروبين ونظرات الصدمة تعلو وجهها :
" اصلًا ؟! خلاص يا روبين خلاص يا حبيبتي اعتبريني مقولتش حاجة"
رمقتها روبين ثواني بجهل وهي تحاول أن تربط تلك الكلمتين ببعضهم لتعلم ما تقصده قبل أن تصرخ شاهقة :
" قصدك مذبحة القلعة ؟؟؟ هيدبحونا كلنا !!"
نظر لها فبريانو وجاكيري بتعجب من كلماتها لتشعر روبين بضربة قوية تصيب خصرها، وبالطبع لم تكن بحاجة للاستدارة حتى تعلم من الفاعل، اخفضت روبين صوتها وهي تنظر حولها لجميع الرجال بشك وكأنهم مجرمين :
" تفتكري جمعونا كلنا هنا عشان اللي عملناه ؟!"
هزت رفقة رأسها بنعم، ليعلو صوت جاكيري الذي تحدث بحنق :
" هذا ما هداكما إليه عقلكما الصغير، حقًا ؟!"
نظرت له رفقة بحنق قبل أن تشير لكل الفتيات في المكان :
" إذن فسّر جمعكم لنا في هذا المكان المريب الذي يشبه تلك القصور المشهورة في افلام الرعب "
اجاب فبريانو بخيبة أمل مصطنع :
" كشفتمانا، ظننا أن الأمر غير واضح، لكننا لم نحسب حسابًا لذكائكما؛ لذلك ربما نبدأ بكما قبل أن تخبرا الباقيين بالأمر "
تحدثت رفقة بحنق :
" ولورا وراسيل ذنبهم ايه بس دول الاتنين متدشدشين "
رمقت بعدها روما قائلة بحنق :
" كل هذا بسببك وبسبب عقلك الفارغ روما، ما الذي كان ليحدث لو أننا أخبرنا الجميع بما حدث ها ؟! لكن لااا السيدة روما القوية تستطيع هزيمتهم شر هزيمة بمساعدة جولي المدمرة "
تحدثت جولي بأعين مغلقة ناعسة وهي ما تزال تلقي برأسها على كتف مارتن :
" هيييه أنا بالفعل استطعت هزيمتهم، ألم تري كيف أصبت أحدهم برصاصة من سلاحي المضئ "
نفخت رفقة باستهزاء ثم نظرت لجاكيري الذي كان يرمقها ببسمة جانبية جعلتها تغتاظ قائلة :
" ماذا ؟! لِمَ ترمقني بهذا الشكل ؟! "
ابتسم جاكيري وهو يقول بغمزةٍ :
" هائمٌ بكِ "
وفي ثواني فقط انقلبت ملامح رفقة ١٨٠ درجة وكأن غضبها لم يكن.
كانت فيور تجلس وهي تنظر لوجه ماركوس مبتسمة بحب وهو فقط شارد بما يحدث وما سيحدث، لكن رغم ذلك لم تتوقف يده عن تمسيد رأسها بحنان ولطف .
وبعد أن طال صمت الجميع بلا أي توضيح قرر انطونيو التحدث واخيرًا بما سيحدث :
" حسنًا إليكم الأمر، أنتم جميعًا بلا استثناء ستظلون محتجزين هنا، حتى اقول أنا عكس ذلك، وغير مسموح لأي واحدة منكن بأن تخطو خارج هذ?