رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نداء علي


  رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الثاني والثلاثون  بقلم نداء علي 



وبعضنا يأبى الرحيل وإن رحل، تتشبث بنا ذكرياته ورائحة عشقه فنستشعر حنينا لا ينته كلما مضى زمن، وهكذا كنت أنت، كما أمطار الشتاء تهرول ماضيه لكنها لا تنسى بل تعفو إليها أرواحنا في كل حين.


لم يخيل إليه أن يعنفه أحدهم بتلك الكيفية والأدهى انه غير قادر عن الرد، استمع إلى ثورة نوح العارمة وعاتبه قائلاً


أنا آسف يا عمي، ان شاء الله خطأ غير مجصود، أنا شفت سهيلة بالصدفة ولو حضرتك مكذبني ممكن تسألها


نوح بحدة : لا أسألك ولا اسألها، أنا بتكلم معاك دلوك راچل لراچل، انت خطيب بتي على عيني وراسي، تشرف البيت في أي ساعة تحبها ولو كل يوم عمري ما هتكلم ولا ألومك، بالعكس هجول بيحب بتي ورايد يشوفها كل يوم، لكن تروحلها الچامعة وتخرچوا سوا بدون إذني، ملكش عندي غير شبكتك تاخدها وكل واحد يروح لحال سبيله، أنا راچل صعيدي ياعم وان كان عاچبك. 


سب سفيان في سره ذلك الواشي قائلاً


اكيد ابن خالها الحيوان هو اللي راح وفتن عليا، صبرك عليا يارائد الكلب،انتظر نوح قليلاً وعندما طال انتظاره زأر بغضب :


ساكت ليه يابني، كان كلامي زعلك؟!


سفيان بهدوء : لأ طبعاً ياعمي، كلامك على عيني وراسي وطبيعي تخاف على بنتك وتغير عليها، أنا فاهم حضرتك وإن شاء الله ربنا ييسر الحال واچيلك آخر الأسبوع ونتكلم على راحتنا واللي يريحك أكيد هنفذه.


تنهد نوح قائلاً


تشرف يا سفيان، مع السلامة دلوك أسيبك تشوف


شغلك.


التفت نوح فوجد ميادة تنظر إليه بمشاكسة، بادلها نظراتها بغيظ قائلاً


بتضحكي على إيه يابت خالي، اقتربت منه إلى أن جلست بجواره فمالت برأسها فوق كتفه قائلة


ياعيني عالحلو لما تبهدله الأيام ويبقى حما ويفتري على عريس بنته. 


ضرب رأسها بخفة قائلاً


جومي يابت شوفي رايحة فين، راسي صدعت من الواد البارد خطيب بنتك بزياداكي انتِ التانية. 


قبلت باطن يده قائلة


سلامتك من الصداع، بس حقيقي انت غلطان يانوح، ازاي تسمع كلام رائد وانت عارف إنه قاصد يوقع بينك وبين سفيان. 


نوح بغضب :


وااه، الواد كلامه مظبوط، ايه اللي يخلي بنتك تخرچ مع سفيان، معندهاش بيت يچيلها فيه، ولا مفكرانا خواچات وهنسكت.


ابتسمت بمرح قائلة


يا سلام، وانت لما كنت بتخرج زمان معايا كان حد بيعترض


نظر إليها بوله هامساً


أنا غير الكل، وبعدين انتِ كنتي مرتي وجتها


وكزته بغيظ قائلاً


لأ ياخويا، وقتها انت مكنتش تعرف إني مراتك يابن شهيرة، سيب البت في حالها وبعدين سهيلة متربية ومستحيل تعمل حاجة غلط. 


ضمها بين يديه قائلاً


مفيش حاچة الأيام دي مستحيلة، ولو أنا ضامن بنتي وتربيتي مضمنش تربية غيري، وبعدين بذمتك أنا في حد زيي، ده أنا كنت بخاف عليكِ من نفسي، وحتى لو كنت مفكرك واحدة تانية، كان جلبي خابر إنك ملكي، حبيبتي وبت خالي.. 


نكست رأسها قائلة


برده خف شوية عن البنت علشان خاطري، سيبها تتعرف عليه يا نوح، سهيلة بريئة ومعندهاش لوع، أنا كتير بخاف عليها من الناس. 


أعلن نوح إصراره على موقفه قائلاً :


متتعبيش نفسك عالفاضي، الواد سفيان ده لازم يعرف حدوده وفهمي بنتك ان لو اتكررت وخرچت معاه من ورا ضهري، بالله العظيم لكون مفركش الچوازه ومطرح ما يحط راسه يحط رچليه ورچلين أبوه.


💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮


كلماته كانت ماكرة مثله، يدس بين طياتها سمُ يتغلغل في الأرواح، يصمت قليلاً ويعاود هجومه المتأني من جديد، كانت ديمه شاردة ولؤي بصره معلق بها، سهيلة مفطور فؤادها ويزيد يشتعل غيظاً. 


تحدث يسري بشماته متوارية خلف حزنه الزائف :


الحمد لله على كل حال، طول عمري بتمنى أشوف حفيد لابني، يوم ماأعرف ان مراته حامل يموت العيل، مش عارف والله إيه الحظ ده. 


يزيد بشراسة :


ما خلاص يا يسري، الولاد لسه صغيرين بكرة ربنا يعوضهم ان شاء الله، والمهم عندنا سلامة ديمه لا عيال ولا زفت. 


يسري : وانت بتشخط فيا كده ليه، انت لو عندك عيال كنت هتحس بس نقول ايه، قلبك جامد. 


لؤي : في إيه يا بابا، مينفعش الكلام ده.


اعتدلت ديمه بصعوبة ناظرة إلى يسري باشمئزاز ونفور قائلة :


اتفضل حضرتك ارتاح، روح يا لؤي انت ووالدك أنا مش عاوزة حد معايا غير بابا وماما. 


يسري بجنون


شايف يا سي يزيد تربيتك، علشان تصدق ان الأصل غلاب وان الأشكال دي....


نهرته سهيلة بألم ورغبة في الفتك به


اخرس بقى، انت إيه مفيش عندك دم خالص، اتفضل امشي انت من ساعة ما وصلت ولسانك بيأذي الكل، حاجة قرف بجد.


يسري باستهزاء : والله طلعلك صوت انتِ كمان يا سهيلة، هنقول إيه ما انتِ السبب، ضحكتي على عقل يزيد وحرمتيه يكون أب ومفكراني عبيط زيه وهسيبلكم ابني هو كمان وتحرموه من حتة عيل يشيل إسمه، الست القوية بتجيب بدل العيل عشرة، لكن بنتك دي، أشار إليها بدونية قائلاً


زي ما بتقولوا عنها، بنتكم! شكلها هتقطع خلف على كده وفين بقى على ما تحمل من تاني.


اعترض لؤي قائلاً


لو سمحت يابابا، الموضوع ده يخصني أنا ومراتي بس، مفيش حد تاني يتدخل فيه، اتفضل معايا نروح ديمه محتاجة ترتاح. 


يسري : خليك انت أنا ماشي لوحدي بس افتكر كلامي كويس، وانت يا يزيد اوعى تتخيل مثلاً إنك هتتحكم فيا أنا وابني، تحرك نحو الباب قائلاً بصوت تعمد أن يتردد صداه بينهم


كانت جوازة مهببة، ورطة ومش هنعرف نخلص منها. 


💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬


توجه صوب والده، يلتقط أنفاسه بصعوبة من فرط سرعته، نظر إليه جاد بترقب قائلاً 


خبر إيه يا جواد، بتچري ليه عالصبح، وإيه اللي مصحك دلوك من الأساس؟! 


جواد بجدية


أنا رايد انزل الشركة معاك، هشتغل معاكم 


ابتسم جاد بسعادة واقترب منه خطوات إلى أن قلص ما يحول بينهما، تحدث إليه بصوت متشكك متسائلا : 


يا ريت، بس اشمعنى دلوك يعني 


نظر جواد من حوله قليلاً وكأنه يستدعي كلمات مناسبة تقلل من توتره وتظهر مدى رغبته الحقيقية في البدء من جديد عله يلحق بالركب الذي سبقه من قبل، سيعمل على استعادة سهيلة ويثبت للجميع أنه الأفضل والأحق بها، بينما جاد يقرأ تعابير وجهه وكأنه خبير في تتبع الأثر، يدرك يقينا ما يخطط له ابنه وبداخله جزء مؤيد له، راغب في مؤازته وجزء آخر ناقم عليه وعلى رعونته التي افقدته الحق في الارتباط بأبنة عمته، تنهد جاد قليلاً فهو في مفترق طرق، اما أن يختطف إليه ابنه فيشكله من جديد على يديه ويصنع منه رجلاً مسؤولاً، واما أن يفقده ويتركه كما هو، فتى لا يعلم قيمة الحياة وقسوتها. 


حرك رأسه موافقاً لكنه لم يمنحه عرضا مجانياً بل اشترط بعض من قوانينه الخاصة عندما قال 


تمام، انزل وجت ما تحب، بس اسمع انت هتنزل تدرب زيك زي أي شاب خريچ هندسة، اوعى تفكر نفسك مدير وتيچي تخرب الشركة، هربطلك مرتب كَبير يمكن مفيش واحد في سنك يحلم بيه، وده لأنك ابني، لكن الشغل نفسه هتمشي فيه واحدة واحدة لحد ما أشوف بعيني النتيچة وأعرف انك كد المسؤولية، ايه رأيك، موافج ولا لاه؟! 


أشار جواد إليه بالموافقة دون تردد قائلاً 


وحد يرفض عرض بالشكل ده، ان شاء الله بكرة الصبح هكون في الشركة. 


أومأ جاد في صمت وغادر نحو سيارته وبقي جواد كما هو يتطلع بإتجاه الشرق، حيث تبتسم الشمس معلنة عن جمالها الساحر كما لو أنها تبارك خطاه نحو البدء بخطوات صائبة. 


💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬


طال انتظارها له بينما هو يتلذذ بنظراتها، لقد تعمد الصمت، نعم يتقافز بصدره نبض عاشق لها تغمره سعادة لا حد لها، لكنه عازم أن يقطع خيوط الوهن والوهم، عليه أن يبثها عشقه بوضوح علها ترضخ وتثق بصدقه، انتهى من حمامه الدافيء وارتدى ملابسه بترو، خرج إليها فأسرعت نحوه قائلة


ايه يا سلمان، انت هتنام جوة، الأكل برد وأنا قاعدة مستنية


ازاحها من طريقه بلطف اغضبها قائلاً


اتغدي انتِ أنا مليش نفس.


سماء : ولما انت ملكش نفس خلتني استنى ليه


القى بجسده فوق الفراش دون النظر إليها قائلاً


معلش، اتعودت آكل لحالي، متنسيش إنك غايبة من فترة وأكيد حاچات كتير اتغيرت


صاحت بغيرة


حاجات إيه إن شاء الله!


سلمان : أقصد مواعيد الأكل، انتِ عقلك راح لفين، اوعي تفكري اني هتكلم عن نسوان لا سامح الله.


عضت شفتيها بغيظ قائلة


انت بتعاقبني صح؟!


جلس بضيق ونظر إليها متحدثاً بجدية


انتِ رچعتي ليه يا سما، لاچل خاطر أمي وابويا ولا عشاني.


نكست رأسها بخجل قائلة


وانت وهما إيه، رجعت علشان أهلك ناس مينفعش نرفضلهم طلب، وعلشانك طبعاً


سلمان : كتر خيرك والله، هتخليني أفكر إنك هتحبيني. سماء بصدق


انت عارف إني بحبك


سلمان : ولو هتحبيني تبعدي عني وتاخدي عيالي من حضني، هتحبيني وتطلبي الطلاج وتصممي عليه، حب غريب جوي، ويا ترى هتمشي تاني امتى، بعد شهر ولا سنه، يمكن النهاردة مثلاً يچيلك رسالة چديدة وتكتشفي إني راچل غدار وخاين


انهارت باكية فتوقف عن حديثه قائلاً بحدة


هتبكي ليه دلوك، أنا سألتك سؤال وافتكر ان حضرتك عندك چواب


سماء : مش همشي يا سلمان، أنا آسفه، مش ده اللي انت عاوز تسمعه، أنا غلطانة وبعتذر منك


مسح وجهه مرات متتالية، نفض عنه الغطاء وتوجه نحوها قائلاً 


وأنا هعمل ايه بأسفك، وايه اللي اتغير، أنا كيه ما جولتي راچل خاين وبتاع نسوان، غيرتي رأيك لييييه؟! 


سماء : سلمان ارجوك خلاص أنا مش عاوزة اتكلم. 


سلمان : هنتكلم وغصب عنك، أنا رايد افهم دلوك رچعتي ليه؟! 


ترددت قليلاً لكنها لم تفلح في الصمت، اجابته بصوت خائف قائلة 


أنا رحت المستشفى عندك انبارح وسمعت كلامك مع الدكتورة. 


سلمان : اههه، اكده وضحت الصورة، المدام اتوكدت إني بريء، راچعة ومطمنة بعد ما سمعتي كلامنا بنفسك. 


سماء : انت ظالمني على فكرة، والله العظيم أنا كنت هرجع مع ماما نوارة لأني مقدرش ازعلها 


سلمان بسخرية : لكن تزعلي ابنها عادي 


اقتربت منه ناظرة إلى وجهه باشتياق جعله يخشى القرب منها فبينه وبين نعيمها لحظات، عليه أن يتراجع كي لا يضعف أمامها، لاحظت هي تردده فبادرت باحتضانه هامسة 


أنا عارفة إنك زعلان مني، وعندك حق، بس صدقني انت بالنسبة ليا حلم واتحقق، المشكلة مش فيك خالص، المشكلة فيا أنا. 


تردد بعقله ما قالته والدتها من قبل، لم يشأ أن يكمل حديثهما الآن وربما لم يستطع، هو راغب بقربها ولا شيء آخر، التفت إليها و ضمها بقوة تتغنى شوقا، بادلته هي باحتياج فهمس إليها 


هنتكلم بعدين، دلوك هنتحاسبوا يا سما، وهنشوف كيف جدرتي تبعدي عني المدة دي. 


💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮


تراجعت إلى حافة الأريكة التي تجمعها به قائلة بنفور


لو سمحت متحاولش مرة تانية تمسك ايدي، مفهوم؟!


ابتسم بغرور قائلاً


عادي انتِ خطيبتي بلاش تعقيد.


نظرت إليه بسخرية قائلة


انت إزاي كده، في راجل يقبل على نفسه يرتبط بواحدة مش عاوزاه، لأ وبتتصرف بعشم أوي وكأننا بنحب بعض كمان، حقيقي مش فهماك. 


ارتشف القليل من الكوب الذي أمامه ونظر إليها بتحدي قائلاً :


وانت مفكرة لما تقوليلي نفركش خلاص، اسمع كلامك ونودع بعض من سكات، أنا راجل ناضج، مش بتاع الكلام الفاضي ده، أنا أتقدمت ووالدك وافق وانتِ عجباني، يبقى خلاص الموضوع انتهى متتعبيش نفسك كتير لأن جوازنا هيتم فياريت تتعودي من دلوقت.


رنا بثقة مهزوزة


مش هيحصل، أنا مش بحبك، وعلى العموم أنا مش كنت عاوزة اقولك حفاظاً على مشاعرك بس بما إنك بارد كده، انا مرتبطة بشخص تاني وبنحب بعض، ومش عاوزة راجل تاني غيره، حتى لو فضلت طول عمري من غير جواز، فهمت؟!

الفصل الثالث والثلاثون من هنا 

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
 

تعليقات



×