رواية العزف علي نياط القلوب الفصل الثاني
ظلت غاليه جالسه فى غرفتها تبكى ماذا ستفعل وكيف لها أن تقابله بعد ما حطم حياتها
ماذا لو اعتذرت للأولاد؟" همست بها في الفراغ، وكأنها تنتظر احد ان يجيبها . "هل سيقبلون اعتذاري؟ هل سيفهمون؟"
ليتهم يعلمون فقط... ليتهم يرون الوحش الحقيقي خلف قناع الأب المثالي.
تحول الحب في قلبها إلى رماد الكراهية، نارًا خامدة تترك وراءها سوادًا لا يمحى. كيف يمكن لقلب حمل كل هذا الود أن ينقلب هكذا؟ كيف يمكن لشخص كان الأمان ذاته أن يصبح مصدر هذا الألم العميق؟
عادت دموعها للانهمار بغزارة،
سمعت غاليه طرق على الباب فذهب مسرعه للمرحاض
وقامت لتغسل وجهها المتورم من البكاء فقد شعرت بالعجز والوحدة تلتفان حولها ككابوس خانق. كانت تقف على حافة الهاوية، تتأرجح بين الرغبة في المصالحة واليأس من إمكانية تحقيقها.
ـ مين بيخبط
ـ انا يا ماما ريان
ـ ادخل يا حبيبى
ـ ها هنروح لبابا امته
ـ ينفع يا ريان نأجل مشوار بابا كام يوم يكون انكل عيسى فضى يوديكوا
ـ لا مش موافق بابا وحشنى اوى وغير كده هياخدنا انا ومالك عشان يجبلنا اسكوتر جديد بالكهربا كان نفسنا فيه بس مالحقناش نجيبه
شعرت بالعجز من حديث ابنائها فهى مهما فعلت لم تستطع توفير تلك الرفاهيه التر يوفرها لهم ذلك الشخص
ـ خلاص روح الاوضه بتاعتك وانا هتصرف
ـ انا هخلى بابا يجبلى تليفون عشان مافضلش اتحايل عليكى كده
نظرت له غاليه ولم تتحدث فاليفعل ما يشاء
عادت مره اخرى وجلست شارده امام تبك الشرفه الصغيره فى غرفتها تتذكر سبب كر*اهيه عيسى لها
Flash back
عندما اذدادت مشاكها مع رياض وذاد عن*فه معها لجأت لعمها كى يخلصها منه رفض عمها الطلاق فهو يراه وصمه عار فى عائلتهم
ـ يا عمى ابوس ايدك خلصنى منه انا مش قادره استحمل تانى وخايفه الولاد يتعلموا منه وخايفه عليهم
ـ ماعندناش طلاق فى العيله ولو صممتى على اللى فى دماغك هتبقى انتى الخسرانه الوحيده
تدخل عيسى محاولا أن يقنع والده
ـ يا بابا انا حاولت اتكلم معاه عشر دقايق ماستحملتش مبالك هى معشراه بقالها خمس سنين ،
طيب بلاش كده المصالح اللى كانت بينا خلصت خلاص يعنى مش هنحتجله تانى فلزمتها ايه بقى تكمل مع واحد زيه
ـ بص انت وهى انا قولت الى عندى ومش هعيده وانتى بلاش تبقى مره (ست ) خرعه كده انشفى قدامه ولا هو ماسك عليكى حاجه مانتى لو ست عدله مكنش عمل معاكى كده انما انتى خايبه روحى شوفى الستات اللى جوزك بيصرف عليهم وماشى معاهم عاملين ازاى واعملى زيهم وحافظى على بيتك بدل ما تطلبى الطلاق ، مهو ليه حق صحيح يبص بره من منظرك ده انا مبقتش عارف اشوف وشك من كتر ماهو احمر من الزن مره نكد صحيح
قال حديثه وتركهم وذهب
جلست غاليه على أقرب مقعد واذداد البكاء
ـ عجبك كده يا عيسى انا خلاص هم*وت نفسى انا زهقت من الحياه دى
ـ ماتقوليش كده انتى عندك عيال محتاجينك وابوهم مش هيعملهم حاجه بصى انا جاتلى فكره انا هساعدك من ورا بابا انك تطلقى ونحطه قدام الامر الواقع
ـ بجد يا عيسى
ـ اه بجد ومش عايز منك أى حاجة غير انك تدعيلى اتجوز ليلى انتى عارفه انا بحبها اوى من ايام الجامعه ومصدقت بابا وافق اتجوزها الجيش بتاعى هيخلص كمان ٦ شهور وبعدها اتقدملها رسمى انا بفرش بيتى من دلوقتي عشان لما اخرج نتجوز على طول
ـ ربنا يتمملك بخير يارب حافظ عليها يا عيسى الست بتبقى محتاجه حد يطبطب عليها ويقولها كبمه حلوه الست ممكن تضحى بكل شئ عشان الامان وراجل يحبها
ـ حاضر يا غاليه وربنا يعوضك خير اللى فات
وبالفعل مر شهر ومع ضغط عيسى على رياض تم الطلاق وبعدها علم عمها من رياض بطلاقها
ذهب اليها عمها غاضباً وقام بضر*بها وحبسها فى المنزل إلى ان انتهت عدتها وبعدها اخذ منها اولادها عنوه
وقفت غاليه تترجاه
ـ يا عمى ابوس ايدك ابوس رجلك ولادى صغيرين
ـ زى ما روحتى بطولك ترجعى بطولك مش انتى نفذتى اللى فى دماغك وعيسى ساعدك اتحملوا بقى النتيجه
ـ خلاص رجعهم وانا اعملك اللى انت عايزه
ـ تتجوزى عيسى
ـ إزاى يا عمى عيسى متكلم على ليلى ومدى ابوها وعد وغير كده انا اكبر منه
ـ اكبر منه بسنه وهو ابن عمك وشريكك يبقى يتحمل نتيجه عصيان ابوه
ـ يا عمى ابوس ايدك انا بعتبره اخويا ومحدش وقف جمبى غيره
ـ انا قولت اللى عندى ولادك هيفضلوا معايا لحد جوازك من عيسى ولم ماتمش هوديهم لابوهم وانتى عارفه ابوهم ممكن يعمل ايه مش بعيد يمو*تهم
اه صحيح وحاجة تانيه عيسى لو عرف إن الولاد معايا وقتها انسى فعلاً إن ليكى عيال حتى لو اتجوزتى عيسى
جلست غاليه على الارض تبكى ماذا لو علم عيسى ماذا ستقول له حتما سيك*رهها فهو دائما ما يتحدث عن ليلى ومدى حبه لها كيف ستتصرف
عاد عيسى من الجيش وهو سعيد فأخيرا اقترب موعد لم شمله على حبيبته
دخل منزله وجد ابيه جالس منتظره ووالدته جالسه بجواره بوجه حزين لا حول لها ولا قوه لا تستطيع فعل شئ
اقترب منه عيسى وقبله هو ووالدته
ـ اخيرا يا حاج خلصت جيش وهتنفذ وعدك وتخطبلى ليلى رسمى وتحدد كمام معاد الفرح وانتى يا ست الكل بكره تفرحى بيا وتشيلى احفادك
صمتت والده لم تجيب عليه وقام والده بالحديث دون رحمه
ـ انت هتتجوز على طول مش هيكون فى خطوبه
شعر عيسى كأنه طير هل سيتحقق حلم العمر ولكن فى اللحظه التاليه سمع من أباه ما هوى به فى سابع ارض بعد ان اكمل اباه حديثه
ـ انت هتتجوز من غاليه بنت عمك
صمت تام فى المكان عقله اصبح لا يستوعب ما يقال
ماذا يقول والده
ـ ماما بابا بيقول ايه انتى سمعاه
لم تستطع الام الرد عليه فقط جلست تبكى
ـ بابا غاليه اختى الكبيرة وانا بساعدها كأخ ليه تضيع فرحتى بسببها
ـ اتحمل نتيجه افعالك
ـ طيب خد رأيها اكيد هى مش موافقه
ـ لا موافقه ومرحبه كمان
ـ مستحيل انا هروح اسالها مستحيل تعمل فيها كده
ذهب بعدها مسرعا لغرفه غاليه وطرق الباب فتحت غاليه ووجدته امامها شعرت أن جسدها قد شُل من الصدمه
ـ غاليه صحيح اللى سمعته ده انتى موافقه تتجوزينى
ـ حاولت غاليه التماسك قدر الامكان حتى لا يظهر شئ وامسكت مقبض الباب بعنف حتى لا تهتز امامه
ـ موافقه يا عيسى
نظر لها عيسى بزهول مما تقوله
ـ غاليه انتى سامعه نفسك بتقولى ايه ؟؟ انا عيسى اخوكى اللى ساعدتك انك تتخلصى من رياض وولادك يبقوا معاكى وانتى عارفه انى بحب ليلى وعايز اتجوزها ، انتى بتقولى ايه ؟؟
مكنش ده كلامك قبل ما اسافر ايه اللى حصل ؟
بابا ضايقك او ضغط عليكى قوليلى وهتصرف
ـ لا محدش ضغط عليا وبعدين يا عيسى انت عارف كلام الناس عن المطلقه ايه عشان كده وافقت اننا نتجوز
ـ انتى اتجننتى ؟! طيب وليلى ؟
ـ بص احنا نتجوز وبعدها بكام شهر اتجوز ليلى انا موافقه
ظل عيسى يضحك بصوت عالى
ـ انتى مرتباها بقى وطمعتى فيا ، عايزانى اتجوزك وبعدين اتجوزها ، بتقولى كده عشان انتى عارفه ومتاكده انها هترفض طيب ايه رأيك بقى مش هتجوزك وهقف قدام ابويا لتانى مره بسببك
عاد عيسى الى والده مره اخرى يترجاه
ـ يا بابا عشان خاطرى سايق عليك حبيبك النبى بلاش ابوس ايدك سبنى اتجوز اللى بحبها برضاك بدل ما تبقى غصب عنك
تحدث والده بتجبر
ـ لا هتتجوز بنت عمك مش انت اتسببت فى طلاقها يبقى اتجوزها انا معنديش ستات تبقى مطلقه زلز فكرت إنك تعصا اوامرى وقتها قول على اهل ليلى يا رحمان يا رحيم هشوه صورتك قدامهم ومش بس كده هتسبب فى خراب بيته ، تفتكر ليلى لما اعمل كده هتفضل تحبك وتوافق عليك
عشان كده يا عيسى اسمع كلامى المأذون جاى انهترده هتكتب عليها وتاخدها وتروحوا شقه اهلها تقعدوا فيها
لم يستطع عيسى أن يقف امام والده اكثر من ذلك خرج من المنزل وذهب لمكان فارغ وظل يبكى كطفل صغير ماذا سيقول ليلى وماذا سيفعل فى وعده
فى غرفه غاليه عندما خرج عيسى ظلت تبكى بحرقه على ما يحدث معها لما الكل يعاملها بهذه الطريقة حتى الشخص الوحيد الذى كان رحيما بها اصبح يمقتها ، نظرات الغضب والاتهام في عينيه اخترقت قلبها كسهام مسمومة.
شعرت غالية بالوحدة القاتلة تلتف حولها كالأفعى، تخنق أنفاسها وتزيد من شعورها بالعجز. لم يكن لديها من تلجأ إليه، لم يكن هناك كتف تستند عليه. كانت وحيدة تمامًا في مواجهة هذا العالم القاسي
وعيسى ماذا سترى منه فى المستقبل بالتأكيد سيحملها كل العواقب
صعد عمها الى غرفتها وفتح الباب
ـ جهزى نفسك عشان كتب كتابك بليل
ـ انا نفذت كلامى رجعلى ولادى وحشونى عايزه اطمن عليهم زمانهم بيعيطوا
ـ بكره هجبهملك شقه اهلك اللى هتعيشى فيها مع عيسى
قامت غاليه وارتدت فستان بسيط لا يمت للفرح بأى صله فقط ارتدت شئ يدارى جسد*ها
ونزلت للاسفل وجلست برفقه زوجه عمها
كان الصمت يعم المكان لا احد يجد ما يتحدث به فالكل مغلوب على امره
بعد فتره أتى عيسى وبعده المأذون وتم عقد قرانهم وقاموا بعدها يإشهار الزواج ، واخذها عيسى وذهبوا لمنزل أهلها وعندما دخلوا المنزل بدأ عيسى فى الحديث
ـ اوعى تفرحى وتفتكرى انى هرضى بالأمر الواقع لا انا بقيت احتقرك الظاهر انى كنت فاهمك غلط بس ملحوقه انتى هتشوف. واحد تانى خالص
ثم نظر حوله وسأل عن ابنائها
ـ صحيح فين عيالك سيباهم لواحدهم على أساس انى ممكن اقربلك هه تبقى غبيه انا هنام فى الاوضه دى وانتى شوفياك حته تانيه نامى فيها ومن بكره تجيبى عيالك معاكى انتى فاهمه
ثم تحدث بتهكم " يا عروسه "
دخل عيسى غرفته وصوته مبحوح من البكاء وقام بالاتصال بليلى وقص لها جميع ما حدث