رواية التائهه الفصل الثاني بقلم ايمان محمد
صمت فجأة حين أغلقت الهاتف بوجهه فوضع السماعة وأنكس رأسه بحزن، وغادر وظل يأتي يومياً ليسأل عنها بلا أمل وعَلِمَ مصادفة من والدها أنها تتنقل من بلد لأخري ولا تنوي العودة مطلقاً ومازاد الطين بلة أن والدته دون مقدمات أبدت كرهها لكارما فقرر أن يبتعد وبدأ العمل في فرع الشركه في لندن وطلب من والده التدخل لمعرفة سبب كراهية والدته المفاجئة لكارما حيث إتضح أن سكرتيرته البائسة التي لم يطردها بعد أن تسببت في سوء فهم بينه وبين كارما؛ لأنها بأمس حاجه للوظيفة أو هكذا أخبرته حين ثار غاضباً عليها لفعلتها تلك كما تأسفت؛ لأن عشقها له أنساها مكانتها وظن أنها أدركت خطئها ولن تعيد الكرة ورغم أنه لاحظ محاولاتها، لكنه لم يكن يظنها عن قصد كما أنه لا طاقة له بمجادلة عقيمة، فمن هو ليمنعها عن حبه إذا كان لا يستطيع منع قلبه عن عشق (كارما) ولكنها كانت طامعة تريده حتى ولو لم يكن لها حيث أبلغت والدته أن (كارما) تتلاعب به وهى السبب في بؤسه وأدخلت برأسها أن (كارما) فتاة لعوب تأسر قلوب الرجال ثم تتركها محطمة، وحين تقصى والده عنها علم أن وصفها لكارما ينطبق عليها هى وأنها تريد (يوسف) لأمواله فطردها، ونشر شائعة أنها من إستقالت؛ منعاً للقيل والقال، بعدها عَلِمَ (يوسف) بعودة (كارما) وأراد العودة لكن والده منعه فقد أخبره والدها أنها لم تعد من تلقاء نفسها بل مجبرة بعد أن جمد والدها رصيدها المالي بالبنك كما أنها عادت مختلفة، حادة الطباع، قاسية، مغرورة حتى ملابسها التي كان ينتقضها تعتبر محتشمة مقارنةً بما ترتديه الآن، ولو كان بداخلها سابقاً ألماً تخفيه باللامبالاة أصبح بداخلها حقداً وغروراً وعودته ستجعل الأمور تزداد سوءاً ليس إلا؛ لذا لم يعد وانكب على العمل عله ينسى، لكن بعد وقت ليس بطويل أخبره (فادي) أنها إنتقلت إلي جامعته وتحاول جاهدة التقرب منه ورغم ملاحظتها لتعلقه بنسمه إلا أنها لا تتراجع بل على العكس تؤذي نسمه بتعليقاتها اللاذعة التي جعلت علاقته بنسمه أسوأ مما هى عليه كما أنه يظنها تفعل هذا لتؤذي (يوسف) والحل هو غياب (يوسف) ودوام رفض (فادي) لها علها تيأس وتهدأ، لكنهما كانا مخطئين فقد إزدادت حقداً مع الأيام، وقرر (يوسف) التصدي لها حينها عَلِمَ بقدومها مع (فادي) وزملائهما لرحله ستمر بلندن حيث قرر أن يرافقهم ليعيد تربيتها وترويضها.
_______________
طرق حاد على باب الغرفه أفلج ساكينيها حيث ركض أحدهم، فتح الباب ليجد تلك البلهاء بمنامتها القصيره تدفعه بغضب وتدلف باحثه عن (فادي) الذي كان يشد الغطاء على جسده، ويحاول إستيعاب جرأتها لتدخل بثياب نوم كهذه إلى غرفة شباب بمنتصف الليل لا بل وتصرخ به أيضا!
- إنت لسه هتبرقلي قوم إتنيل على عينك شوف اللي بيحصل!
- جري إيه؟!
-إنت لسه هتسأل، قوم!
- أخرجي وأنا أقوم.
- لأ قوم حالاً.
ضاق ذرعاً بها وصرخ غاضباً : أقوم ف أني مصيبه تاخدك إيه عميتي منتش شايفه إني عريان؟!
إتسعت عيناها بذهول حين أدركت وضعها الأحمق بثوبها القصير الشفاف بغرفه نوم واحدة مع ثلاثة شباب شبه عرايا؛ فركضت مذعورة إلي الخارج ووقفت تعنف نفسها لسهوها بهذا الشكل حتى خرج (فادي) وألقي ردءاً على وجهها فأمسكت به ونظرت إلي (فادي) بغضب لكنه لم يبالي.
-إلبسي الروب ده بلا مسخره وقلة حيا.
قضمت شفتها السفلية غيظاً وإرتدته مرغمة فإستنشقت عبير عطر (يوسف) به فتخدر جسدها حينها أدركت أن الرداء له، وأحست كأنه يحتضنها بين ذراعيه وكادت تسبح في عالم آخر لكن سخرية (فادي) من ردة فعلها أيقظتها.
-بيتهيألي الروب ده مناسب ليكي هيدفيكي ويداريكي...
ثم صمت لبرهة ينظر لها بتسليه واردف بنظرة ذات مغزي: ويهديكي.
كادت تخلعه وتلقي به في وجهه ولكنها تذكرت سبب مجيئها هنا فأجابته بتشفي: بدل ما تتفلسف عليا روح شوف حبيبة قلبك سكرانه ضحك مع يوسف ف الجنينه لوحدهم الساعه دي ليه؟
للحظه لم يستوعب كلماتها لكن حين أدرك مقصدها صر أسنانه وتمتم بغضب: نسمه؟
-أيوه ياحبيبي الشريفه العفيفه بتاعتك.
دفعها بغضب وأسرع إلي الخارج فوجد يوسف يتسطح على ظهره يراقب النجوم ونسمه تجلس بجواره صامته فناداه بغضب جعله ينهض سريعاً
- فادي، جري إيه؟!
- إنت عارف الساعه كام دلوقتي؟!
- نعم، ساعه! لأ الصراحه.
تأفف ونظر إلي نسمه التي نهضت تنفض ردائها من الحشائش وتبعت يوسف بهدوء وكادت أن تمر بفادي دون أن تنظر له، فأمسك بذراعها فجاءة لكنها لم ترفع نظرها لتراه.
تدخل يوسف فقد أحس أن الوضع قد يحتد بينهما.
-سيبها يافادي!
لكن فادي لم يكن يستمع فمال إليها هامساً يحذرها: إعملي ما بدالك بس وغلاوتك ما هسمح لقلبك يبقي لغيري أبداً مع مين مايكون.
بقبضة حادة جذبها نحوه متابعاً بحزم: فاهمه؟
أومأت توافقه بخوف، فتركها بوجه فقدت منه الدماء فركضت مسرعه إلي غرفتها، بينما وقفت كارما تتابع بسخط ما يحدث، فلا فادي أشفي غليلها، ولا يوسف إهتم لمرآها.
كارما: معلش يافادي مهياش واخده على الجو هنا، لازم إنبهرت بالمستوي اللي متحلمش بيه، نقول إيه بقى، بلدي وفقيره.
يوسف: بس متربيه ومحترمه وعارفه تصون نفسها .... مش ملقحه جتتها عاللي مش قابلها.
أراد فادي إعتصار رقبتها بيده، لكن رد يوسف الساخر كان صفعة قوية جعلتها ترتد محترقة بنيرانها.
بعد أن إبتعدت عنهما، نظر يوسف إلي فادي متعجباً لما ترتديه كارما.
- مش دا الروب بتاعي؟! ولا أنا مبقتش أشوف؟
- هو ياخويا ملقتش غيره أداريها بيه
رفع حاجبيه مندهشاً: تداريها؟!
-مش داخله علينا الأوضه بقميص نوم شفاف جاكت البيجاما أطول منه.
جحظت عيناه فتحولت لجمر مشتعل، هل وصل بها الأمر لكي تظهر شبه عارية أمام الرجال؟!
بلحظه كان يقف أمامه وبالأخري إنطلق كالإعصار متوجه إلي غرفتها، يطرق الباب بقوة، أجفلت من بالداخل وأيقظت الجميع.
نظرت كارما نحو نسمه ببسم خبيثه؛ لظنها أن الزلزال الذي سيكسر الباب هو فادي وأتي ليلقنها درساً، لكن صوت يوسف الصارخ جعلها ترتعد وتنكمش بعد أن كانت تستعد لتفتح الباب لذاك الثور ليهشم رأس نسمه.
-إفتحي الباب يا كارما بدل ما أكسره على دماغك.
تبرعت ملك مشكورة بفتح الباب ببراءه مزيفة، لكنها كانت تخفي بصعوبة سعادتها لرؤية كارما ترتجف رعباً.
حين أصبحت كارما وجهاً لوجه أمامه، قبض على رسغها بقوة وجرها خلفه دون الإستماع لصراخها أو الإهتمام لزملائها الذين خرجوا جميعاً من غرفهم؛ إثر صراخهما حتى توقف أمامه المشرف على الرحلة ولحق به فادي بصعوبة.
- إنت إتجننت يا أستاذ إنت؟! إيه اللي بتعمله ده؟! مش معني إننا قبلنا ضيافتك إنك تتعرض للبنات من غير ما حد يقفلك.
- أنهى حد ده؟ إنت؟! وكنت فين سموك وهى دخلالهم بقميص النوم؟
- هاااه؟!!
فغر فاهه بذهول في حين إنكمشت كارما مرتعبة بعد أن أدركت سر غضبه وعلمت إن لم ينقذها أحد منه الليله فلن يرحمها.
وقف فادي يلهث ويشير للجميع بالإنتظار حتى يلتقف أنفاسه.
- دا خطيبها حضرتك وكان فيه بينهم سوء تفاهم وإنتهى خلاص.
نفض المشرف عن رأسه صدمته ثم قضب جبينه بضيق.
- بس دا ميدهوش الحق للي بيعمله ده!
فادي: أنا أسف جدا لحضرتك مش هتتكرر وعد مني.
- أما نشوف آخرتها.
نظر إلي الأستاذ المساعد له وأشار له بفض هذه التجمعات ثم عاد إلي غرفته، فهتف بهم الأستاذ ليعودوا إلي غرفهم ثم توقف أمام فادي ووجهه لا يخفي ضيقه.
- كنت فاكرها خطيبتك إنت.
- ميخصكش.
- إتلم أحسنلك يافادي أنا المعيد بتاعك.
- ياريت تفتكر الكلام ده إنت.
تدخل يوسف رغم أنه لا يعي ما يحدث بينهما.
-هو أنا شوفت حضرتك قبل كده؟
أشار الأستاذ إلي نفسه : أنا؟ لأ معتقدش إني شوفتك قبل ما نيجي هنا.
- غريبه مع إنك شبه واحد قريبي.
- يخلق من الشبه أربعين، تصبح على خير وياريت تأجلوا خناقاتكم، عاوزين ننام.
أومأ له ومد يده ليخرج كارما من خلفه؛ فقد كاد يختنق وهى تتمسك بقميصه وتجذبه بخوف، تختبأ منه به، أهى بلهاء؟! فرغم خوفها منه لم تلجأ لأحد تختبأ به غيره! لكن هذا أسعده فرغم ما تظهره أمام الجميع، لكنها مازالت تحبه وتثق بأنه سيحميها حتى من نفسه.
لم تتركه ولم تجعله يخرجها من مخبئها فتمتم بصعوبة.
-سيبي الهدوم خلاص هتخنق.
تدخل فادي ليجبرها عن فك أصابعها المشدودة على قميص يوسف، وأشار لها بالعودة إلي غرفتها فركضت مسرعة وظل يوسف يتابعها حتى أغلقت بابها ثم نظر إلي فادي يستفسر عن الأستاذ الذي كاد أن يشاجره منذ لحظات.
-مين ده؟
أجابه بإمتعاض: دا المعيد.
لمعت التسليه بعينا يوسف: آه المعجب.
- آه الزفت، بس قريبك مين ده اللي شبهه؟
- فاكر البنت اللي حسام إبن خالك كان خاطبها ومحصلش نصيب؟
- اممم آه مالها دي؟
- شبهه بالملي.
ضحك فادي بقوو، فوكزه يوسف وهو يكتم ضحكته.
- بس يا اهبل إنت هتسيح؟
- طب ما كنت تقوله خلي دمه يتحرق نوبه، أنا من الأول مش مسترجله عيل هفأ.
وضع يوسف ساعده على كتف فادي وغمزه مازحاً.
-بس سيبك عرفت تختار.
تنهد بحالميه: بحبها أوي يا يوسف.
ربت على كتفه : ربنا يهديلكم الحال.
-يسمع من بوقك ربنا.
وسارا عائدين إلي غرفتهما بينما كانت كارما لاتزال ترتجف بفراشها، ولم تحاول أي من زميلاتها مواساتها خوفاً من ردة فعلها
___________
ذهب الجميع للتبضع فوقفت نسمه وشمس مبهورتان بكل ما ترايانه بينما تجولت ملك لشراء حاجياتهن؛ لأنهما لن تتحركا في حين سقط فادي بين براثن فيروز التي تجولت، تبتاع كل ما تريده وإستخدمت فادي كخادم يحمل ما تلقيه له، فإضطر يوسف إلي التسوق من أجل كلاهما وقد رأى كارما تتجول بالمكان هائمة لا تشتري شيئاً، فتنهد بضيق وتوقف أمامها، لكنها كانت شاردة الذهن حتى أنها لم تره إلا حين وجدت نفسها ترتطم بصدره وذراعيه تحيطان بكتفيها؛ ليمنعها من السقوط، لكنها بدلاً من أن تخجل من هذا الموقف، صرخت بوجهه، تلقي بغضبها من وده مع زميلاتها وكأنه يعرفهم منذ سنوات.
- إنت حيوان إزاي تحضني بالشكل؟!
- نظام خدوهم بالصوت ده مبياكلش معايا والظاهر إنك كنتي بتمثلي السرحان عشان تحضني حد ودخلت ف الخط غلط.
سخريته وإيحاؤه بأنها تقصدت الإصطدام به لظنها أنه شخص آخر جعلها تشتعل غيظاً.
-إنت مابتصدق ولا عشان لقيتهم دُفعه هبله قولت بناتها هيبقو تسليتي.
إشتعلت دماؤه لإهانتها ورفع يده لصفعها لكن لحسن حظها كانت فيروز وفادي على مقربة منهما وسمعاها، وقد كان فادي سريعاً بالقدر الكافي ليمسك بيد يوسف قبل أن تهوى على وجه كارما التي إنكمش جسدها ووضعت كفيها على وجهها تخفيه، وصدر منها صرخه أنبهت الجميع لما يحدث.
-روق يا يوسف واهدى الناس بتتفرج.
دفع يوسف يد فادي بغضب وإبتعد فإقتربت فيروز من كارما تواسيها وتربت على كتفها وعلى خلاف ظن فادي لم تنهرها كارما بل ألقت بنفسها على كتفها تبكي ألم المهانة، فمنذ الأمس ويوسف يتطاول عليها ولا يردعه أحد كما لم يحاول أحد مواساتها ولو من قبيل الشفقة.
____________
بعد أن إختارت ملك أغلب ما يحتجن إليه وعادت إلي نسمه وشمس لتري إذا كان هناك شئ ناقص وجدتهما تتجادلان.
- ولد!
- بنت!
-لأ ولد.
- لأ بنت.
- بقولك ولد!
- وأنا بقولك بنت!
ملك: وأنا الجوكر هههههه إيه في إيه بتتخانقوا ليه؟!
تدخلت ملك بمرح متعجبة لجدالهما الغريب فأوضحت نسمه.
-بقولها ولد مصره إنه بنت.
إزداد تعجب ملك فإيضاح نسمه لم يكن واضحاً: هو إيه ده؟!
- واحد معدي لابس جاكت بظعبوط وبنطلون محزق ومنزل قُصه على عينه.
- نعم؟!
- شوفتي بذمتك يبقي ده ولد ولا بنت؟
رفعت يديها بإستسلام : مشفتش يبقي محكمش غيبا وبعدين دلوقتي اللبس بقي حاجه عجب لا تعرفي ان كان ولد ولا بنت.
- لأ ولد.
- انتي ليه مصممه انه ولد؟
- لأنه يافالحه مسقط البنطلون.
- كده يبقي ولد نسمه تفوز وشمس تنام.
- والله انا اللي نفسي أنام بعد فيلم الرعب اللي حصل إمبارح قضيتها كوابيس، حد يقول إن يوسف المحترم... الذوق... خفيف الدم، يقلب طور هايج ف لحظه كده.
تبادلت شمس وملك النظرات بإرتياب من وصف نسمه ليوسف، لكنهما لم تعقبا بينما سمعها فادي وقتله إعجابها بغيره فإقترب منهن وعيناه تكاد تحرقها بأرضها.
- خلصتوا اللي عاوزينه ولا لسه؟
- لا كده فله.
ثم لاحظت ملك نظراته لنسمه وتذكرت مدحها بيوسف فإبتسمت بخبث.
-بقول تشوف نسمه يمكن ناقصها حاجه.
إعترضت نسمه بضيق: إنتي مش جبتي كل اللي قولنا عليه خلاص أنا مش عاوزه حاجه، ويلا عشان منتأخرش عن زمايلنا.
بطريق العوده غلبها النوم غفيت نسمه مستنده برأسها على كتف ملك وها هى ملامح فادي التي لا تفارق خيالها تتشكل بعقلها لتنسج حلماً جديد.
ركضت إلي السياره ودون تفكير ألقت بنفسها عليه تعانقه بقوة ثم إبتعدت عنه وجهها ينشد من الخجل أساطيراً.
-حبيبي أبو نضرات طبيه ينفع تستناني؟
أجابتها عيونه التي تفيض عشقاً لها وحدها قبل لسانه: عمري كله لو تحبي.
ملأت السعادة وجهها وكادت ترحل فأحاط ذراعيه بخصرها، جاذباً إياها لترتد إليه ويضمها بحنان هامساً بأذنها.
-بعشقك أكتر من العشق نفسه.
إستدارت تنظر له هائمة، تعض شفتها السفلية خجلاً فنفي برأسه وعيناه تتابع فاهها بنظرات جعلتها تخجل أكثر.
- بلاش الحركات دي أنا مضمنش نفسي.
- قليل الأدب!
شهقت متفاجئة لقد كانت تتصرف بعفوية ولم تتقصد إغوائه، ودفعته بخجل ثم ركضت تضحك وحين وصلت، إستدارت تنظر له فوجدته يتابعها بإشتياق جعلها تتجمد بأرضها راغبة في العودة، راكضة إليه لكن يد ملك منعتها.
- يلا يا جولييت لما ترجعي إبقي كليه.
- حد قالك قبلي إنك رخمه.
- ودمي واقف كمان عندك مانع.
تأففت بضيق وملك تجذبها بقوه خلفها.
- يوووه ياملك سيبيني شويه كمان.
- يلا ياحاجه الأتوبيس فضي وهيجرش إصحي.
تملمت بإنزعاج وهى لا تدري أن غرقها بحلمها تعارض مع الواقع، فيأست ملك ونزلت من الحافلة ووقفت أمام فادي.
-أنا مرارتي فرقعت، إطلع صحيها إنت.
تنهد بضيق فإذا أيقظها ستفتعل شجار معه، لكن لابد من المحاولة وإذا لم تستيقظ سيحملها للخارج فالسائق نفد صبره ويريد المغادرة.
وضع كفه على كتفها يحركها ويناديها فتمتمت بإسمه هامسة فإقترب منها بحذر.
- حبيبتي إصحي وصلنا.
- حبيبي.
لم يصدق أذناه فإقترب أكثر يسألها متلهفاً: تحبي أشيلك؟
رفعت ذراعيها وهى شبه نائمة، تدعوه لحملها فرفعها سريعاً وضمها إلي صدره ونزل بها من الحافلة والجميع يشاهدهما بالكثير من الغمزات والهمسات والضحكات المكتومة، وحتى وضعها بفراشها لم تترك رقبته، وكارما تتابعهما بحزن، أليس من حقها أن تجد محباً مخلصاً يرغب بها دوماً كحال نسمه؟ ووجدت عيناها تبحث عن يوسف الذي لم تبرح عيناه وجهها للحظة منذ أن ركبا الحافلة فإرتبكت وأدارت وجهها عنه.
حين إستيقظت نسمه وتعجبت لوجودها بالفراش وسألت كيف وصلت إلي هنا؟ صعقتها شمس بالإجابة فإنتفضت فزعة وشلت الصدمة تفكيرها، كيف يجرؤ على حملها بهذا الشكل أمام الجميع؟! لكن هذا لا شيء فحين أخبرتها شمس أنها رأتها ترفع ذراعيها له ليحملها، بهتت نسمه وتذكرت الحلم ويبدو أنه إختلط عليها الأمر لكن ماذا قالت؟ ثم تنهدت بضيق هذا لا يهم، الكارثة قد حلت برأسها، ستصبح قصة زملائها الساخرة طوال العام.
ظلت تتجنب التعامل مع فادي أو أي أحد لتتفادي أي تعليق لاذع فليست لديها طاقة للمزيد، فقد كانت تشعر دوماً كأنها برعم صغير بين نباتات قوية لم تحركها الرياح العاتية بينما إقتلعت البرعم من جذوره وألقت به بعيداً لينتهى به الأمر ذابلا جافاً محطم.
ملك هتبدل مع البنت اللى جنبك تمام؟
- تمااام.
- والبت اللى هتبدل مع ملك هتبدل معايا كويس؟
- كويس إيه؟! يعنى البنت هتبدل مرتين؟!
- آه.
- ماشى وبعدين؟
- ولا قبلين خلصنا.
- مش فاهمه برضو ليه اللفه دي؟
- عشان لو أنا بدلت مع ملك نسمه هتطبق ف زمارة رقبة ملك وتجبرها ترجع لكن البت اللى هتبدل معاها أساسا نسمه وهى مبيرتحوش لبعض وأما تبدل تاني شيء طبيعي؛ عشان مش هتبقى مرتاحه جنب نسمه، ساعتها أما نسمه تلاقيني جنبها مش هتنطق.
- طب مهيا ممكن تبدل مع ملك تانى!
- لأ.. لأنك محتاجه ملك وهيا عارفه ده كويس وعليه مش هتستغرب لما ملك تبدل ف الأول.
- طب ماهيا ممكن تبدل مع أى حد وتسيبك؟
ومن كل اللى حواليها من يوم ماشيلتها.
- الله مكسوفه ياعم إنت!
- فى فرق بين الخجل والخزي.
تركها وغادر يشعر بالضيق فقد تفاقم الأمر بينه وبين نسمة عن السابق لذا قرر أنه لن يعود إلى الوطن من هذه الرحلة إلا وهما متراضيان تماماً ولن يتركها يوماً بعدها، سيتزوجها رغم أنفها ولتحاول التصدي له لو إستطاعت.
باليوم التالي إلتف الجميع حول مائدة طعام ضخمة في حديقة المنزل.
بعد الإنتهاء من الطعام ورفعه، جلس الجميع يتسامرون فنظر يوسف إلى الأفق البعيد.
- يرقص الصيف على أجسادنا المحترقة بينما تبكي الشتاء ندى
فادي: تبكي اللي تبكيه بس تيجي انا مبحبش الصيف
يوسف: تحبه ولا ماتحبوش هيجي بكيفك او غصب عنك دي ايام ربنا مافيهاش حب وكره وكل موسم وله فوايده.
- عندك حق عامل زي القدر أو الحب.
- في مقوله بتقول اذا تقاتل اللصان ظهر المسروق انا بقول اذا تقاتل الحبيبان ظهر العشق.
- ظهر الهبل قوم استحمى دماغك بينها سخنت.
إتصال هاتفي غير مجرى الأحداث فقد مرض والد كارما ورغم كل شيء إلا أنه من تبقى لها من عائلتها فأصبحت بحالة مذرية لكن يوسف لم يتركها للحظة مما جعل الأمور تعود إلى نصابها بينهما.
كانت رحلة المتدربين تلك بوضع صعب لكن بعد مغادرة يوسف وكارما اصبح زمام المنزل بيد فادي.
لم يترك فادي نسمه وحدها لتلك الظنون السوداء حيث قرر الاخذ بنصيحه يوسف بان يتواجها وان لا يترك مجالا لاحد للعبث براسها وبعد كثير من الشرح والغضب والعتاب قررا أخيرا ان يتزوجا بعد انتهاء تلك الرحلة فبإنتهاء التدريب في هذه البلد ستنتهي دراستهما.
انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم