قصة اجمل نهاية الفصل الثاني والاخير
من بعده… كل حاجة جوايا ماتت.
ماكنتش بس فقدت أول حب، لأ… أنا حسيت إني فقدت آخر أمل كنت ماسكة فيه علشان أعيش.
كنت بضحك وسط الناس، بس قلبي كان بيصرخ.
برجع من الجامعة، أقفل باب أوضتي، وأقعد أبُصّ في المراية مش بشوفني… بشوف بنت غريبة، عنيها مطفية، وشها شاحب، وكتافها محنية من الحمل اللي شايلة.
هو ماكنش بس خانني… هو فكّرني بكل مرة اتمدّيت فيها بإيدي واتفدت بالسُخرة.
كل كلمة حب قالها… رجعتلي صوت أبويا وهو بيقولي “انتي السبب”،
كل لمسة حنية منه… رجعتلي لسعة الحزام اللي أبويا ضربني بيه وأنا عندي 11 سنة علشان كسرت كباية.
رجعت أذاكر، مش علشان أتفوق، لأ… علشان أنسى.
رجعت أكل، مش علشان جوعانة، علشان أسكت صوتي وأنا بعيط.
وفي لحظة… جالي اكتئاب.
بقيت بخاف من النوم، وبكره الصُبح، ومش طايقة الناس.
حتى أمي، اللي دايمًا كانت سندي، كنت ببعد عنها… مش عايزة أوجعها بوجعي،
كنت بقول لنفسي: كفاية اللي شالته من أبويا، ماينفعش أشيلها أكتر.
نمت بعد يوم طويل من البكاء…
كنت منهارة، مكسورة، وجعانة نفسياً لدرجة إن جسمي بقى تقيل.
وأنا نايمة، حلمت…
كنت واقفة قدام مراية، لابسة أبيض ناصع، ووشي نظيف من أي دمعة،
كنت شايلة دفتر، مكتوب عليه:
“مش هسمح لحد تاني يكسّرني.”
وقفت قدام المراية، وبصيت لنفسي…
بس الغريب إن نفسي بصّتلي كأنها مش أنا، كأنها النسخة اللي كان المفروض أكونها…
قوية.
واعية.
واخدة حقي.
قالتلي:
قومي… محدش هيقومك غيرك.
لو استنيتي حد ينقذك… هتفضلي تغرقي.
انتي تستاهلي تعيشي، مش تنكُسري.
وصحيت.
فتحت عيني وقلبي بيخبط.
كان فيه نور بسيط داخل من الشباك… بس كأن الدنيا منورة كلها.
فضلت أبُص في السقف دقيقة،
وبعدين قُمت.
مكنتش عارفة هعمل إيه… بس كنت عارفة حاجة واحدة:
أنا مش هكمل كده
قُمت… ووقفت قدام المراية،
وشّي كان باين عليه آثار بكا طويل،
بس في عيني لمعة غريبة…
لمعة التحدّي.
مش عارفة جت منين، بس كنت حاسة إن روحي رجعت تاخد نفسها لأول مرة.
أخدت نفس عميق…
وفتحت الدولاب اللي تقريبًا فاضي،
مسكت الطقم البسيط اللي عندي… ولبسته.
مش علشان حلو، ولا جديد،
بس علشان كان أنسب حاجة أواجه بيها أول خطوة في حياة جديدة.
روحت الجامعة.
الدنيا ماشية كأن مفيش حاجة حصلت…
هو هناك، بيتكلم، بيضحك، بيشرح،
وكل بنت لابسة أجمل ما عندها، وبتحاول تلفت انتباهه.
بس أنا…
كنت واقفة في آخر المدرج، شايلة نفسي بإحترام،
ولأول مرة، بصيتله من غير ألم.
لأني فهمت.
هو ما يستاهلش الندم.
ولا الوجع.
ولا حتى الدمعة اللي نزلت عشانه.
الدرس خلص.
قمت ومشيت، وقلبي ما بيدقّش له،
بيـدقّ ليا…
بيـدقّ عشان أنا أخيرًا راجعة لنفسي.
رجعت البيت…
دخلت عند أمي، حضنتها،
وقالتلي:
“مالك؟ فيكي حاجة متغيرة؟”
ضحكت وقلت:
“أنا خلاص يا ماما… تعبت من كوني ضحية.”
“عايزة أكون حد تاني.”
“حد مابيستناش الحب… بيصنعه لنفسه.”
من اليوم ده…
بدأت أقرأ كتب، وأتعلّم حاجات عمري ما فكرت فيها،
قدمت على تدريب أونلاين،
ابتديت أكتب، أعبّر، أصرّخ على الورق بدل ما أصرّخ جوايا.
ومع كل خطوة…
كنت بحس إن الطفلة اللي جوايا،
اللي اتضربت، واتحرمت، وانطردت…
بتكبر، وبتقولي:
“كمّلي… أنا فخورة بيكي.
ومن يوم ما قررت أبدأ من نفسي، كنت ماشية على نار…
بس نار الإرادة، مش نار الوجع.
كنت بصحى من بدري، أذاكر، أقرأ، أدور على كل فرصة ممكن تطورني.
دخلت مسابقات، كتبت أبحاث، بقيت الدكتورة تسأل سؤال في المحاضرة، أنا أول واحدة أجاوب.
مش علشان أبان…
علشان أثبت لنفسي إني قادرة، وأني أستحق أحسن من اللي اتعمل فيا.
والغريب… إن الناس ابتدت تاخد بالها.
زمايلي اللي كانوا بيتجاهلوني، بقوا يسألوني: “إنتي اتغيرتي؟ إيه السر؟”
وأنا أبتسم وأقول: “السر؟ إنك تتكسري… وتعرفي تقومي.”
وهو؟
كان بيتابعني من بعيد.
وشه ما بقاش فيه نفس الثقة،
كان بيشوفني بتألق قدام الناس،
بيسمع اسمي في تكريم،
وبيسأل نفسه:
إزاي البنت اللي ضيعتها… بقت بالشكل ده؟
لكن أكتر لحظة عمرها ما هتتمسح من ذاكرتي،
يوم حفل التخرج.
كنت لابسة روب التخرج، واقفة على المسرح،
الدكتور بينده اسمي كأول دفعة،
والتصفيق عالي…
وأنا نازلة من المسرح… شُفته.
واقف في آخر القاعة، عينيه مليانة ندم،
بس أنا… بصيتله بنفس النظرة اللي بصيت بيها للمراية يوم الحلم:
نظرة خلاص.
رجعت البيت، لقيت أبويا قاعد قدام التلفزيون،
لما شاف صورتي على الشاشة ضمن أوائل الجمهورية،
قال لأمي بصوت واطي:
“هي بنتنا فعلاً عملت كده؟”
بس أمي كانت أسرع مني، وقالتله:
“لأ، دي مش بنتك… دي بنت القهر اللي انت زرعته، وهي كسرت قيده.”
وهو سكت.
ماقدرش يرد.
لأني بقيت نجاحه اللي معرفش يشاركه.
وبقيت بنت عمره ما كان ليه فضل في نجاحه
بعد حفل التخرج بأسبوع،
وأنا قاعدة في أوضتي، قدامي اللابتوب القديم اللي شقيان معايا من أول سنة جامعة،
وصلني إيميل.
عنوانه كان واضح:
“Congratulations, You’ve Been Selected!”
فتحت الإيميل، وإيدي بتترعش…
“نحن سعداء بإبلاغك أنه قد تم اختيارك للعمل معنا كمساعدة باحث في أحد أكبر مراكز البحوث داخل القاهرة، مع إمكانية السفر لاحقًا لمنحة تدريبية في الخارج، نظرًا لتفوقك الأكاديمي وتميّز مشروع تخرجك.”
قريت الكلام مرتين… تلاتة…
مش مصدقة!
أنا؟ أنا اللي كنت بجمع ورق من الشارع بعد ما أبويا قطّع لي الكتب؟
أنا اللي اترميت في أوضة بجردل بدل الحمام؟
قُمت جري على أمي، حضنتها ودموعي نازلة وقلت لها:
“شايفة يا ماما؟ تعبك ما راحش… إحنا كسبنا!”
سكتت لحظة، وبعدين دمعت وقالت:
“أنا كنت واثقة… البنت اللي ربّيتها عمرها ما هتتهزم.”
وبعد أيام، جه العقد بالبريد.
وكان لازم أروّح أوقع عليه بنفسي… قدّام مدير المركز.
لبست هدومي البسيطة، بس كنت شايلة قلبي فوق رأسي.
وأنا داخلة المكتب، لقيته واسع، أنيق،
والمدير بنفسه سلّم عليّ وقال:
“إحنا تابعناك، وفخورين إن حد زيك يمثل الجيل ده.”
“شفنا فيك شخصية قوية مش بس طالبة متفوقة… شفنا إنك هتكوني قدوة.”
خرجت من المكتب، وماشية في الشارع كأني أول مرة أشوف الدنيا.
بس المرة دي، مش خايفة.
ولا مقهورة.
أنا داخلة على مستقبل أنا اللي بنيته بإيدي.
رجعت البيت، لقيت أبويا واقف في البلكونة،
أول ما شافني، قال بصوت مش قادر يخبيه:
“اشتغلت؟”
رديت وأنا رافعة عيني في عينه:
“أيوه، في أكبر مركز بحثي… وأنا اللي اختاروني.”
“عارف؟ مش محتاجة تقول مبروك… وجودي هنا وأنا ناجحة، كفاية عليّ.”
دخلت الأوضة، قفلت الباب،
ولأول مرة حسيت إن الماضي ما بقاش بيجرّني…
أنا اللي سبته ورايا
عدت سنين…
بقعد أفتكر أوقات كنت بعيط فيها وأنا بدعي:
“يا رب، ليه أنا؟”
ودلوقتي لما ببص حواليّا…
بفهم.
أنا كنت لازم أتكسر… علشان أعرف أبني نفسي من جديد.
كنت لازم أنوجع… علشان أحسّ بقيمة السلام اللي وصلت له.
أنا دلوقتي باحثة في مركز محترم،
اسمي بيتكتب في مؤتمرات، ومقالات علمية بتتشاف في جامعات العالم.
بقيت بسافر، وأقف على مسارح، وأحكي عن قصتي،
مش كضحية…
لكن كدليل حيّ إن أقسى القلوب ما تقدرش توقف اللي عنده إرادة.
أبويا؟
كبر، وضعف،
وبقى يكلمني بحذر كأننا غرب،
بس جوايا ما فيش كره.
جوايا راحة…
لأني مسمحتش لنفسي أبقى زيه.
هو خسرني…
وأنا كسبت نفسي.
وأما هو، اللي كان أول حب،
شافني في مجلة علمية، صورتي على الغلاف،
وبعتلي رسالة يقول: “أنا آسف.”
ما رديتش.
لأني بطلت أدوّر على الحب في قلوب الناس،
ولقيته جوايا…
في كل لحظة صدقت فيها إني أستحق.
دلوقتي بكتب الكتاب ده،
مش عشان أحكي وجع،
لكن عشان أقول لكل حد اتكسر:
متخليش اللي دمّرك، يكتب نهايتك.
قوم… واكتبها بنفسك.
تمت بحمد الله
انتهت احداث قصتنا نتمني ان تكون نالت اعجابكم وبانتظار ارائكم في التعليقات وشكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
للمزيد من الروايات الحصرية زورو قناتنا علي التليجرام من هنا