رواية قلبي اختارك انت الفصل الثاني بقلم مارينا عبود
- إيه يابني، اتاخرت كل ده ليه ؟
- مفيش، الطريق كان زحمة.
- ومالك؟ قالب وشك على الصبح ليه؟ مش عادتك يعني!
دخلنا نتمشى في الجامعة وقُلت بحيرة:
- صاحب بابا جايبلي عرض شُغل كويس جدًا بره، وبابا كان بيحاول يقنعني بالموضوع بس أنا رفضت، وفي نفس الوقت خايف اندم على الفرصة.
- يابني أنت مجنون؟ في حد يجيلُه فرصة مُمتازة زي دي ويرفضها!! طيب ما أنت كده كده بتشتغل جنب الكلية علشان تقدر تساعد نفسك وأهلك، إيه إللى يخليك ترفض فرصة زي دي ؟
اتنهدت وكنت هرد عليه بس اتصدمت لما شوفتها واقفه مع شادي زميلها وبتضحك معاه رغم أنها عارفة إني عامل مشاكل معاه وأنه عينه عليها وعاوز يتجوزها، اتعصبت وحسيت أن الدم جري في عروقي، بصيت لهم بغضب واتحركت كام خطوة علشان اروحلهم، لكن يوسف مسك إيدي وقال بتوتر:
- بلاش يا سيف، من فضلك بلاش مشاكل معاه، المرادي ممكن تترفِض من الكلية، بلاش تضيع مستقبلكَ على حد ميستاهلش.
حسيت إني مسمعتش حاجة، ولأني غيور جدًا على أي حاجة تخصني، فمكنتش شايف قدامي من عصبيتي وإحساس الخنقة إللي كنت حاسس بيه، زقيت إيد يوسف ومشيت ناحيتهم، وقفت ما بينهم وأنا ببصلها بحده وعصبيه، أول ما شافتني خافت وقالت بتوتر:
- سيف !! أنا..
شاورتلها متكملش كلام، بلعت ريقها وبصت حوليها بخوف، شديت إيدها علشان نمشي فمِسك إيدي ووقف قُدامي وقال بغيظ:
- أنت اتجننت ولا ايه يا سيف ؟ سيب أيدها.
بعدت إيدُه عني وقُلت بضيق:
- كلامي مش معاك يا شادي، وأظن أني حذرتك بدل المرة عشرة، وقولتلك متقربش من حاجة تخصني.
ضحك بسماجة وقال بسخرية :
- هي مين دي إللي تخصك؟ الظاهر أنكَ نسيت نفسك يا سيف، فوق يا حبيبي كده من الوهم إللي أنت عايش فيه.
أخدت نفس عميق علشان مغلطش معاه بالكلام وأعمل مشكلة، فمهتمتش بكلامُه وسحبت نور واتحركت فرجِع مسك إيدي وقال بعصبيه :
- لا ده أنت اتجننت خاالص ومحتاج توقف عند حدكَ.
الإنسان بيحاول بكل قوته أنه يبعد عن المشاكل، بس الظاهر كده مفيش فايدة والولد ده مش هيسكت غير لما افتحلُه دماغه وادخلُه المستشفى، سيبت إيد نور وزقيتُه بكل قوتي فوقع على الأرض وبصلي بشر، قام وقبل ما نتخانق ونلم علينا الجامعة زي المشكلة إللى فاتت، كان يوسف وزمايلنا اتدخلوا وبعدونا عن بعض:
- خلاص يا شباب، أنتوا كبار مش صغيرين وعيب كده.
قالها يوسف بصوت عالي وهو ماسكني، كنت عارف أن يوسف مش عاوزني اتخانق جوه الكلية، وده لأن آخر خناقة حصلت بيني وبين باسم وقتها عميد الكلية حذرنا أنه هيفصلنا من الكلية بشكل نهائى، يوسف أخدني واتحرك علشان نمشي ولكن وقفنا صوت باسم ونبرة تهديده:
- مش هتنولها مهما حصل يا سيف، لا هي شبهك ولا من مستواك، هتفضل طول عمرك عايش بتحلم بالنجوم وبرضوا مش هتطولها، خليك كده مصدق الوهم إللي أنت عايش فيه لحد ما توقع على وشك ووقتها هفكرك بكلامي، وأوعدك مش هتنولها برضوا..
كنت عارف أنه قصدُه على نور، غمضت عيني وبصيت لها بغضب شديد، وده لأنها خالفت كلامي وتحذيري ليها وبرضوا كلمتُه، كنت هرد عليه ولكن يوسف ضغط على إيدي وقال برجاء:
- من فضلك متركزش على كلامُه، تجاهله خاالص وكأنك مش سامعُه، هو بيحاول يستفزك علشان تعمل معاه مشكلة، اسمع مني وخلينا نمشي من هنا، ومتسمحش لكلامُه يأثر عليك، يلاه بينا.
هزيت راسي بتفهم ومشيت معاه وأنا مضايق، وقفنا لما سمعنا صوتها بتنادي عليا! جت وقفت قدامي وقالت بعتاب:
- سيف! مكنشِ في داعي لكل إللى حصل ده.
بصيت لها وقُلت بعصبية وصوت عالي:
- لا ولله! يعني حضرتكِ كنتِ عاوزني أشوفه بيهزر وبيضحكِ معاكِ وأفضل أتفرج عليكُم! بس العيب مش عليه، العيب عليكِ أنتِ، لأني أكتر من مرة حذرتكِ وقولتلك متكلميهوش.
- يا سيف أنا...
قاطعتها بحده:
- أنتِ إيه يا نور ؟ أنتِ لا فارق معاكِ مشاعري، ولا أنا فارق معاكِ أصلًا، أنا حقيقي مبقتش قادر أفهمكِ ولا أعرف أنتِ عاوزه إيه.
- يا سيف اسمعني بس، أنا مكنشِ قصدي أن...
شاورتلها تسكت وقُلت بتعب:
- نور أنا بجد مش قادر اتجادل معاكِ دلوقتِ، روحي كملي إللى كنتِ بتعمليه.
سيبتها ومشيت ومهتمتشِ بمُنادتها عليا، يوسف مِسك إيدي ووقفني وهو بيحاول ياخد نفسه:
- يابني بقى حرام عليكَ! بقالي ساعة يجري وراك، وأنت ولا هنا!
- يوسف لو سمحت سيبني دلوقتِ.
- طيب قولي هتروح فين ؟
- رايح الشُغل، وقول للشباب يسجلولي المحاضرة.
- طيب، بس مضايقش نفسك بسبب إللي حصل.
هزيت راسي بتفهم وسيبتُه وخرجت من الجامعة، فضلت بتمشى في الشارع وأنا تايه وحاسس إني مخنوق، الظاهر إن رحلة الحب دي مُتعبه اووي، أنا بس كل إللى بتمناه إن يكون قلبي بيحارب علشان الشخص الصح، أنا بس بتمنى قلبي ميتجرحش، لأني لما بتجرح بسبب حد بحبُه مش بعرف اسامحُه مرة تانية، وأنا عايش قصة حب، الدنيا كلها مراهنه على فشلها، وبقيت بحارب الدنيا كلها بس علشان تنجح، وكل إللى بتمناه إني محسش بالوجع بسبب الشخص إللى بحبُه، وصلت المكان إللى بشتغل فيه وبدأت شغل، خلصت ورجعت البيت لقيت ماما في استقبالي.
- سيف، اتأخرت كده ليه يابني؟
- كنت في الشُغل يا ماما.
- يا حبيبي ربنا يسندك، طيب يلاه أدخل غير هدومكَ وتعال اتعشاء معانا.
- لا يا ماما، أنا شبعان.
- بس يابني أنتَ من الصبح بره! من الجامعة للشُغل، وأكيد مأكلتش حاجة ! تعال يا حبيبي اتعشاء معانا، ده أنا حتى عمالكَ المكرونة البشاميل إللي بتحبها.
ابتسمت بخفة وقربت بوست إيديها:
- حبيبتي صدقيني أنا مش جعان، اتعشوا أنتوا، بالهناء والشفاء.
اتنهدِت وقالت بحُزن:
- طيب يابني، على راحتك.
ابتسمت ودخلت أوضتي،بس كنت سامعها وهي بتتكلم مع بابا.
- سيف رجع يا وفاء؟
- آه يا حبيبي، رجع ودخل أوضتـه.
- طيب قوليلُه ييجي يتعشاء.
- قولتلـه وقال أنه شبعان ومش عاوز ياكُل دلوقتِ.
- مش عارف الولد ده مالُه، بقالُه فترة كده مش عاجبني، ومعرفش ليه مُصِر على موضوع الشُغل ده! أنا قولتلُه بلاش يشتغل جنب دراستُه، ولما يخلص دراسة وحابب يشتغل، ينزل يشتغل براحتُه في الإجازة، لكن هو بالشكل ده بيضغط نفسُه وممكن دراستُه تتأثر.
- صدقني اتكلمت معاه كتيرر في الموضوع ده، ولكن هو مُصِر على الشُغل، سيبُه على راحتُه.
- هسيبُه، هعمل إيه غير كده.
قالها بابا بقلة حيلة، كنت عارف إن بابا مضايق بسبب شغلي الكتير وأني بجهد نفسي، رغم أن هو موفرلي كل إللى أنا محتاجه، بس أنا كمان حابب اعتمد على نفسي، وكمان لأني حابب اثبت لوالد نور انى قد المسئولية، ولأني حابب احقق حلمي وأعوض اهلى عن تعبهم معايا، فضلت طول الليل بفكر لحد ما روحت في النوم.
- سيف
- نعم
- سيب الطلب ده أنا هوديه، وأنتَ روح شوف الانسه إللي هناك تطلب إيه.
- حاضر.
اتنهدت وروحت لقيتها هي ! أول ما شافتني رفعت عيونها وبصتلي ببراءة، أخدت نفس وقُلت بجمود:
- اتفضلي حضرتكِ تطلبي إيه ؟
بصتلي وقالت بزعل:
- أنا اسفه.
- حضرتك تطلبي إيه برضوا ؟
- سيف ممكن بلاش تكلمني بالأسلوب ده.
- تمام، أنا هبعت لحضرتك حد غيري يشوف طلبكِ، بعد اذنكِ.
- سيف!
سيبتها ودخلت المطبخ، طلبت من زميلي إللي شغال معايا يطلع يشوفها، كنت عارف أنها جايه الكافيه علشان تصالحني، بس المرادي غير كل مرة، كل مرة كنت بستحمل وبعديلها، وبحاول بكل قوتي اراضيها، بس آخر فترة بدأت احس أن مشاعري مش فارقه معاها، علشان كده زعلي منها المرادي كان كبير، رفضت اطلع بره وبدلت مكاني بواحد تاني، الساعة بدأت تجيب التانية لحد ما خلصت شُغل، خرجت بره الكافية لقيتها واقفه جنب عربيتها وبتبُصلي بحُزن، أول ما شافتني جريت عليا وقالت بزعل:
- ممكن نتكلم شوية لو سمحت؟
- أنتِ إيه إللي مقعدك لحد الوقت ده فى الشارع؟
- مهانش عليا اسيبكَ زعلان.
- نور !
- أنا اسفه، صدقني مكنشِ قصدي اضايقكَ، أصلًا أنا كنت واقفه مع وحده صاحبتي وهو إللي جه وقف وفضل يهزر معانا.
- وأنتِ فاكره أن ده مُبرر يعني؟
- لا مش مُبرر، أنا عارفة إني غلطانه، وأني كان المفروض امشي ومفضلش واقفه معاه، بس أنا اتحرجت أعمل كده، سيف متنساش أني أنا وباسم قرايب، وأنا وهو أصدقاء من الطفولة، مش سهل أني اقطع علاقتي بيه في يوم وليلة.
- بس أنتِ عارفة كويس، ومُتأكده كمان أنه مُعجب بيكِ يا نور
هزت راسها بالنفي وقالت بسرعة:
- صدقني الكلام ده مش صح، أحنا مجرد صُحاب مش أكترر، بس يا سيدي أوعدك أني المرادي هقطع علاقتي بيه بشكل نهائى.
أخدِت نفس عميق، مِسكت إيدي وكمِلت بحُب :
- وبعدين مش مهم هو بيفكر في إيه، المهم أنا قلبي بيحب مين، وأنا بحبك أنتَ، ومهما حصل مش هكون لحد غيركَ.
ابتسمت وقُلت بحب:
- توعديني أنك مهما حصل، مش هتكوني لحد غيري ؟ توعديني أنك هتفضلي جنبي دايمًا مهما كانت الظروف والتحديات؟
ضحكت وقالت بحماس:
- أوعدكَ طبعًا.
- وأنا كمان أوعدكِ، إني هحاول أعمل كل إللى اقدر عليه علشان نكون مع بعض.
- وأنا واثقة فيكَ، وبعدين أنا كلمت وطلبت منه أنه يشوف معاد مناسب علشان تروح تطلب إيدي منه.
- تمام، شوفي أمتى المعاد المُناسب وأنا هكون جاهز.
- خلاص اتفقنا،
- تمام، يلاه بسرعة ارجعي بيتكِ لأن الوقت اتأخر.
- حاضر، بس تعال الأول أوصلكَ في طريقي الأول.
- لا، أنا هركب تاكسي، متقلقيش عليا ويلاه ارجعي البيت.
- بس..
- يلاه يا نور وبلاش عناد.
اتأففت بضيق :
- طيب، بس ابقىَ طمني لو توصل بيتكَ.
- حاضر، وأنتِ كمان ابقى خلي بالكِ من نفسكِ.
هزت رأسها بالموافقة وودعتني ومشيت، اليوم ده رجعت البيت وأنا مبسوط، دخلت أوضتي، غيرت هدومي وطلعت لقيت والدتي لسه سهرانه، ابتسمت وقربت قعدت جنبها وفضلت احكي معاها، الحقيقة أن الوقت إللى بقضيه مع والدتي بحسه أجمل وقت بقضيه في حياتي، وبحس من بعدها براحة نفسية كبيرة، القعده معاها بالنسبالي كأنها علاج نفسي.
__________
- كنتِ فين يا نور ؟
ابتسمِت وقربت حضنتُه:
- بابا! أنتَ جيت أمتىَ؟
- لسه جاي من شوية، قوليلي بقىَ كنتِ فين ؟
- كنت خارجه مع صُحابي.
- اممم، كنتِ مع صُحابكَ ؟ ولا مع الولد الصايع إللي بيضحكَ عليكِ؟
- حضرتكَ تقصد مين؟
- هو في غيرُه؟ زميلكِ الصايع بتاع الجامعة، إللي حضرتكَ رايحه جايه معاه.
اضايقت وقالت بحده:
- لو حضرتك تقصد سيف، فسيف مش صايع يا بابا! بالعكس هو إنسان محترم وشاطر و..
قاطعها بسخرية:
- براڤو، عرف يضحك عليكِ ويلعب بعقلكَ، مش غريبة، النوعيات دي من الناس أنا عارفها كويس، الشاب من دول ما بيصدق يلاقي وحده في مستواكِ علشان يلعب بيها.
- بس سيف مش بيلعب بيا، أنا وسيف بنحب بعض، وبعدين هو أكتر من مرة حاول يحدد معاد مع حضرتك علشان يتقدملي وأنت بتتجاهلُه!
- وياترى البيه عاوز يتقدملكِ ازاي وهو لسه مش مجهز نفسه؟
- بس هو دلوقتِ بيشتغل علشان يجهز نفسه يا بابا، وبعدين أحنا ممكن نتخطب سنة لحد ما نخلص آخر سنة جامعة، وفي السنة دي هيكون هو قدر يجهز نفسه.
- اممم، وياترى هو إللى قالكِ الكلام ده؟
اتنهدُت وقالت بحيرة:
-يا بابا أنتَ إيه مشكلتكَ معاه فهمني؟ صدقني سيف إنسان محترم وكويس وأهلُه كمان كويسين.
- بس هو مش شبهنا ولا من مستوانا يا نور.
- يعني ايه؟
- يعني تنسيه خاالص، وياريت تقطعي علاقتكِ بيه بشكل نهائى.
- بابا أنت بتقول إيه ؟ أنا مستحيل أعمل كده!
- غصب عنكِ هتعملي كده، نور أنتِ لسه صغيرة ومش فاهمة ولا عارفة مصلحتكِ، لكن أنا عارف مصلحتكِ كويس، ولا يُمكِن اسيبك تضيعي نفسكِ ومستقبلك بسبب الحُب والكلام الفارغ ده.
- بس يا بابا ...
قاطعها بعصبية :
- نور اتفضلي اطلعي أوضتكِ.
دبدبت على الارض بغيظ وطلعت لفوق وهي مضايقه، والدتها اتنهدت وقالت بزعل :
- ليه عملت كده؟ أنت عارف أنها بتحبُه!
- أنتِ مش عارفة حاجة، وهي كمان مش عارفة مصلحتها، بس عمومًا أنا هتصرف في الموضوع ده.