رواية من اجلك الفصل الثانى 2 بقلم اسماء ندا

 

رواية من اجلك الفصل الثانى بقلم اسماء ندا

ذات يوم قرر المعلم أن نقتحم أسوار بلدة ريفية لكن يشتهر أهلها بالغنى الفاحش خاصة أسرة الموالي وهم من أكبر وأقدم الأسر في البلد، معروفون بجبروتهم وسطوتهم على باقي الأسر في البلدة، فلم يسلم من أذاهم أي أحد، وبعد أن سأل المعلم عنهم وجمع المعلومات الكافية عن تحركاتهم، حدد لنا يومًا نهجم به على القصر وقسمنا إلى مجموعات، مجموعة تسرق ما خف وزنه وكثر ثمنه من داخل القصر ومجموعتي التي سوف تسرق أغلى سيارة متواجدة في مرآب القصر.

لقد تأكد المعلم أنهم جميعًا سافروا إلى خارج مصر لحضور احتفال هام يضم عائلات مهمة وكبيرة داخل مصر وخارجها، وقد اتفق مع واحد من أمن القصر الذي قام برشْوته على وضع منوم قوي المفعول، كما يضع للكلاب أيضًا، أخبرنا المعلم أننا سوف نقيم في تلك البلدة لمدة ثلاثة أيام قبل الهجوم، ولكننا سوف نتخفى داخل الأراضي الزراعية كعمال مع بعض المزارعين الذين سوف يرشدوننا كيف نعمل معهم.

بالفعل انتقلنا إلى أرض زراعية بجوار البلدة التي بها القصر، وما أدهش الجميع وأدهشني أنا شخصيًا معرفتي بأماكن كثيرة داخل البلد لم أكن أتذكر كيف لي أن أعرفها وأنا لأول مرة أذهب إلى تلك البلدة، وفي اليوم الذي حدده المعلم وبعد اقتراحي أن نهجم قبل صلاة الفجر مباشرة حيث يكون الجميع بين نائم ومتوجه إلى الجوامع ونستطيع أن نمر أمام الكاميرات المنتشرة في شوارع البلد بحجة أننا ذاهبون إلى الصلاة.

مع اقتراب الفجر وخروج البعض من رجال البلدة للصلاة تفرقنا واندَمجنا في الحركة مع هؤلاء الرجال، وما إن اقتربنا من أول الطريق الذي سيصل آخره إلى القصر تأخرنا بالسير قليلًا ثم انشققنا عنهم، ومع ارتفاع أصوات المؤذنين كنا جميعًا بالقرب من أبواب القصر، كنا حوالي عشرين فردًا، وأنا كنت آخر من وصل، كان الحارس الذي أخذ الرشوة قد فتح لنا البوابة قليلًا وتركها مفتوحة ثم شرب كوب العصير وسقط في ثبات مثل باقي الحراس حتى لا يشك به أحد.

بعد أن مررنا إلى الداخل تيبست قدمي بمكانها وبدأ جسدي بالارتعاش، فتحت عيناي وصوتي لم يعد يخرج من فمي، هجمت علي الذكريات، لم تعد رؤيتي لأصدقائي موجودة فقط أسمعهم ينادونني باسمي الذي يعرفونني به، سيد الداهية، كل ما أتذكره أني جلست أرضًا أمسك بيدي رأسي وارتطمت بالأرض حتى فقدت الوعي، بعد استيقاظي وجدت نفسي نائمًا بالأرض الزراعية والمعلم يجلس بالقرب من رأسي وما إن فتحت عيني اقترب وقال بصوت خافت. 

"خليك نايم، واحكي إيه اللي حصل ومين أدهم ده، ومين فايز اللي قتل أمك، وحياة الكعبة لأجيبه تحت رجلك"

نهضت ببطء ونظرت من حولى فوجدتهم جميعا على وجوههم نظرات ما بين الغضب والحيرة، قلت 

"معرفش إيه اللي حصل، دي أول مرة، يا دين النبي بوظت  العملية."

قال المعلم: "لأ، لمينا اللي يعيشنا ملوك بس طبعًا ما خدناش عربيات عشان خليت اتنين من فريقك يشيلوك ويرجعوك، مش مهم اللي لميناه حلو برضه، تحب تحكي دلوقتي وإحنا هنا إيه حكايتك ولا لما نرجع مكاننا؟"

بصيت له وبعدين غمضت عيني وقلت: "افتكرت كل حاجة كنت ناسيها أو أجبروني أنساها."

"هما مين دول؟"

تنهدت بقوه ثم بدأت أقص عليهم 

"كان عندي عشر سنين لما أخدني عمي فايز الملجأ، كنت مش بعيط وبنادي على أمي اللي كانت عمتي سوسن  قالت لي إنهم أخدوها المستشفى وهي هربت وسابتني، بس أنا فاكر كويس إن فايز  ضربها ورماها برا القصر ودمغها كانت بتنزل دم كتير وبعدين نامت وبطلت حركة، وكمان الدادة قالت لي إن ماما ماتت هي وبابا وإني لازم لما أكبر أرجع وأخد حقهم، بس لما رحت الملجأ عمي فايز ادى فلوس كتير للمدير وقاله أنا عايزه ينسي اسمه مش ينسانا بس، وفعلاً المدير كان بيعذبني ويكهربني، أنا افتكرت إن كل ما كان يسأل على اسمي وأقول أدهم كان بيكهربني ويقول إني اسمي سيد وإن أمي رمتني على باب الملجأ."

ساد الصمت المكان ودمعت عيناي ثم بعد فترة من الزمن قلت 

"أنا لازم ألاقي الدادة، أنا لازم أفهم منها إيه اللي حصل، وفعلاً ماما ماتت زي ما هي قالت ولا هربت وسابتني وعمي رماني في الملجأ عشان مش عايز يربيني لإنه شاكك إني مش ابن أخوه."

المعلم قال: "شوف يا سيد أنت أنقذت حياتي وقتلت الكلب اللي كان عايز يموتني، وكل واحد هنا أنت ليك خدمة عنده، فأنا أولهم بقولك إحنا معاك وفي ضهرك بس يا ابني لما نرجع نظبط حالنا ونبيع اللي جمعناه ونتقاسم المعلوم وبعدين نرجع هنا ونشوف إزاي نوصل للست دي، ولا إيه يا رجالة؟"

نطق الجميع فى  وقت  واحد " كلنا معاك وفى ظهرك " 

وضع المعلم كفه على ظهري وهمس " يلا بينا نتحرك قبل ما الناس  تيجى على الأرض" 

تحركنا على مجموعات مسرعين ومن الجيد أن الأرض الزراعية كانت بالقرب من الطريق العام، حيث كانت هناك سيارات تنتظرنا قد اتصل بهم المعلم بالأمس ليأتوا، وفي خلال ساعات قليلة كنا نجلس داخل حي سكني شعبي بقلب القاهرة مهجور من السكان لإدراجه من جهة الحكومة للهدم.
تعليقات



×