رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم نداء على

 


رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الثامن والعشرون




كلما كادت روحه أن تفارقه تأتيه ابتسامتها فتختطفه دون عناء إليها، تمنحه ما لا يمتلكه امرأة سواها، تمنحه الحياة، منذ عودته من الحفل وهو صامت، متكوم على نفسه يدعي النوم وهي إلى جواره هادئة تمنحه فرصة لاستعادة ثباته، اقتربت منه هامسة

اتكلم يا نوح، احكيلي حصل ايه

ابتعد عنها مدعياً رغبته في النوم قائلاً

همليني أنام يا ميادة، أنا مصدع ومجدرش اتكلم

استلقت إلى جواره واحتضنته بقوة تتشبث به بطفولية جعلته يلتفت إليها قائلاً

وبعدين معاكِ، جولتلك هنام

همست بدلال: وأنا كمان هنام يابن شهيرة

وكزها بخفة ناظراً إليها بغيظ قائلاً

الله يرحمها يابت سلمان، جومي يابت شوفي عيالك وحلي عني

احتضنته ببصرها واحتضنت كفه بين يديها هامسة

انت بتهرب مني أنا، بذمتك حد يهرب من نفسه

اختل توازنه وتلاشت قوته والقى بجسده بين ذراعيه، ضمته في صمت إلى أن استطاع البوح بما يريد

أنا تعبان جوي يا ميادة، جلبي واچعني ونفسي صعبانة عليا جوي، حاسس روحي متعري وسري مكشوف، خابرة يا ميادة أنا اعتبرت حسن سند طول السنين اللي فاتت وفي وجت اعتبرته أخ، كنت حاسس انه عوض عن حماد الله يرحمه، اختنق صوته بانكسار فقبلت ميادة وجنتيه بحب هامسة

لو جينا لاحق حسن طول عمره واقف في ضهرك يا نوح، عمره ما سمح لحد يتدخل ما بينكم وعمره ما عمل فرق بينك وبينه، أنا فاهمه زعلك منه بس هو معذور، انت نفسك طول الوقت كنت خايف على رحيم وخايف منه، يمكن خوفك الزايد ده سبب من أسباب رفض حسن.

تنهد بقوة قائلاً

كلامك مظبوط وده اللي واچع جلبي، حاسس بالذنب من ناحية الواد، أنا ظلمته بخوفي عليه.

ميادة بتعقل : تفتكر ان في انسان في الدنيا يقدر يمنع قدر ربنا، صدقني لو مكتوبله يتجوز رنا هيتجوزها، ولا نسيت احنا اتجمعنا امتى وازاي

ابتسم بحزن

وهو لازم يتألم ويتحرم من حبيبته يا ميادة، مكتوب عليه يبعد ويتوچع كيه ما حصلنا

ميادة بحنين : كل شيء بأوان، المهم انك معايا، وأن شاء الله رحيم هياخد اللي تستاهله، وانت خليك قوي كده علشان يحس انك معاه وفي ضهره

نوح بود : حاضر، ان شاء الله هحاول. 

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

برائتها تصهر فؤاده، تمنحه رغبة لا تهدأ، عطش هو إليها في كل لحظة، وكم يهلكه خجلها الفطري الذي يؤكد له كذب تلك الرسائل التي تأتيه بين حين وآخر، رسائل تخبره بميلها لرجل سواه، تنفس بجهد بعدما لاح بمخيلته ما تلقاه في المرة الأخيرة، ديمه خائنة، عاشقة لأحدهم وتلتقي به، بداخله صراع، لديه يقين بأن تلك الادعاءات ماهي إلا ذريعة للتفريق بينهما ومع ذلك هو غاضب، حائر، خائف حد الهلع.

نظر إلى الباب المغلق الذي يحول بينهما وناداها بصوت متعب

ديمه، اتأخرتِ ليه كده، انتِ كويسة؟!

جاهدت هي في استحضار صوتها الذي كاد أن يخبو من فرط تألمها، لقد هاجمتها إحدى نوبات التقيؤ التي تصاحبها قبل أن تعلم بأمر حملها، وها هي تعاني بمفردها، تتوق إلى مشاركة لؤي بأمر الضيف الجديد وتخشى أن تخبره، وربما كان والده ما يخيفها، تنهدت قائلة

دقيقة وهخرج لؤي، اطمن أنا بخير.

هز رأسه دون تعليق واكتفى بالنظر إلى شاشة التلفاز المعلق أمامه يود الهرب لكنه لم يستطع، تحرك بخفة وبصره يهرول باحثاً عن هاتفها، التقطه بحذر وتردد في فتحه قليلاً لكنه فعل.

ابتسم بخفوت بعدما استطاع النفاذ إلى المحادثات لكنه لم يجد لديها أصدقاء سوى القليل، عدد لا يتخطى أصابع يده، لم تتحدث إلى أحد غير والدتها، تنهد قليلاً قبل أن ينتقل إلى الصور، لا صور لديها سوى يزيد وسهيلة، تعجب لؤي فحياتها محورها هما فقط، لا توجد صور شخصية لها، كاد أن يترك الهاتف لكنه أصابه الفضول ليرى تلك الصور المميزة التي احتفظت بها في ملف خاص، اغمض عينيه باستمتاع عندما شاهد صورهما سويا، اتسعت ابتسامته إلى أن اقتربت هي دون أن يدري قائلة

آسفة لؤي، اتأخرت عليك

التفت إليها هامساً

انتِ كويسة، لو تعبانة نروح للدكتور

حركت رأسها بنفي قائلة

لأ، أنا بس محتاجة ارتاح، احنا اليومين اللي فاتوا مش ارتحنا واتحركنا كتير

اقترب منها ناظراً إليها برغبة قائلاً

تعرفي ان الأسبوع ده أجمل فترة عشتها في حياتي

توردت وجنتاها وهمست بتردد

أنا كمان حسيت كده، أنا أول مرة احس إني حرة

حلق فؤاده بما قالته، بدا وكأنه طفل صغير أثنى أحدهم على أفعاله

تساءل في ترقب ولهفة

بجد يا ديمه، يعني مش حاسة إنك زهقانة

ديمه بصدق : لأ خالص، بالعكس يا لؤي انا حاسة إني بتعرف عليك من جديد.

بات ملاصقاً لها وكأنه يسكن كيانها، ضمها إليه بضعف هامساً

أنا معاكِ بعيش حاجات كتير صعب افهمها، أنا خايف احبك يا ديمه، صدقيني لو حبيتك أنا وانتِ هنتعب.

رفعت وجهها إليه فتلاقت اعينهما واكتفت ديمه بنظرة جعلته يتراجع عن جديته ومخاوفه ويلقي بالعالم وراء ظهره، قبلها بعنفوان جعلها تستسلم لطوفان مشاعره الهوجاء وتناسى هو كل شيء سواها فعندما تصبح بين يديه يغدو كل شيء بلا أهمية. 

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

هكذا نحن لا نقيم لأشعة الشمس الذهبية وزنها إلا عندما تسطو غيوم اليأس فوق رؤوسنا، لقد ظن أن مصيرها إليه وانها لن تكن لآخر سواه.

نظر إلي والدته بفزع قائلاً

كيف يعني، عتخطب لمين؟

وكزته رباب بحدة وغيظ توبخه بألم منه ومن أجله

وانت مفكر إيه، ماشاء الله عليها عروسة كيه الجمر، مال وچمال وأبوها نوح السياف، هيچيلها بدل العريس ألف يابن چاد

ابتلع ريقه بتوتر وتغضن جبينه عرقاً، نكس رأسه قائلاً بهدوء

بس أنا ابن خالها وابن عمتها وأولى من أي حد، كلمي خالي وجوليله اني رايدها

رباب بشماتة

مكنش يتعز ياجلب امك، ياما اتحايلت عليك زمان وانت جولتلي لاه، سهيلة كيه اختي الصغيره، أهي كَبرت وجلبها مال لغيرك، والعريس المرة دي على كيفها وريداه وخالك مهيجولش لبته لاه، دي الحيلة ونن عينه ياخويا.

تبدلت نظراته وتخلى عن ثباته وابتعد عن والدته ناظراً إلى الفراغ قائلاً

هنشوف، هنشوف اخرتها مع الست سهيلة وفي الاول والآخر مرچوعها لعندي وبكرة تجولي چواد كلامه صحيح.

استقامت رباب واقفة ونظرت إليه نظرة شاملة تقيم من خلالها ما يريده ابنها، تحركت نحو غرفتخا قائلة

ابعد عن بنت خالك وهملها في حالها، ربنا يسعدها ويبعتلك بنت الحلال، ملكش صالح بسهيلة يا چاد أنا مجدرش على زعل نوح، فاهم ولا لاه

چاد بحدة : يعني ايه الكلام ده، أنا هروح واكلم خالي بنفسي

رباب : يا طور هجولك خلاص، البت خطوبتها السبوع الچاي، وبعدين مالك اكده كانك واخدها عند، ما جولتلك وكان هاين عليا أحب على يدك لاچل ما ترضى وتخليني اكلم أخويا، اشمعنى دلوك، الموضوع خلص وأنا كنت عندهم الصبح وميادة بلغتني بالخبر، شد حيلك انت بجى  وشوف مصلحتك وشغلك، على رأي المثل، بعد ما دخل المجبرة.....

تركته واقف كما التمثال لا يصدق ولا يود أن يقبل الواقع ولسان حاله يردد أن سهيلة مازالت تحبه وانها لن تتخطاه بتلك السهولة. 

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

استمعت إلى حديثه بتفهم ورغم غضبه وحدته التمست له العذر، انتهى سلمان من ثورته قائلاً 

أنا ممكن ببساطة اخدها غصب عنها وارچعها معايا الصعيد هي والولاد، بس أنا ماشي معاها بالأصول، لكن متوصلش انها تنزل تشتغل وتكسر كلامي. 

اومأت إليه قائلة 

معاك حق يابني، بس انت برده غلطت يا سلمان، صدقني أنا مش بدافع عن سما ولا بدور على مبرر لتصرفاتها، بس بنتي لما اتجوزتك أنا كان عندي أمل انك تحتويها، تطمنها وتخليها تتغير وتواجه الدنيا. 

سلمان : حضرتك أنا مجصرتش معاها، أنا بحبها وربنا شاهد اني بعاملها بما يرضي الله، وبعدين هي عمرها ما اشتكت. 

اجابته بصدق : 

ولا هتشتكي، في ناس بتقدر تصرخ وتتألم وناس لأ، الآه بترفض تخرج من جواها، أنا بنتي طول عمرها كتومة كانت تموت من الوجع وعمرها ما تقول، كنت بشوفه في عنيها. 

سما عاشت بعيد عني سنين وقضت عمرها كله مع أبوها ومع ذلك مقدرش يطمنها ولا يشيل خوفها، وانت عملت كده يا سلمان

اقتربت منه ناظرة إليه بثقة من اجابته

أنا واثقة ان سما عمرها ما اتكلمت معاك عني أنا وأبوها، تنكر ان حياتها معاك مقتصرة عليكم وبس، عمرها ما عيطت في حضنك ولا فضفضت معاك

نكس رأسه قائلاً

بس هي خابرة اني بحبها

ابتسمت بلطف هامسة

وهي بتحبك وعمرها ما شافت راجل غيرك بس للأسف بنتي محتاجة أمان واحتواء أكتر من الحب، بنتي عطشانة للأمان لأنها اتحرمت منه سنين يمكن أنا حبي ليها عوضها جفا أبوها لكن عمري ما قدرت اديها الأمان في غيابه.

صدقني أنا من أول لحظة شفتك فيها قلبي ارتاحلك كأنك ابني، عرفت انك نصيب بنتي وقدرها، طول بالك عليها واثبت لها إنك عاوزها

مسح سلمان على وجهه قائلاً 

ممكن تديني عنوان المستشفى اللي المدام شغالة فيها 

ترددت قليلاً لكنها لم تجد أمامها من بد فمنحته العنوان قائلاً بتمني بعدما غادر سلمان

ربنا يهديكِ يا سما، ربنا يسعدك يابنتي ويجمع بينك وبين جوزك من تاني. 

.......................................................................

بلغ مقصده وبداخله بركاين متصاعدة، يود أن يحتضنها إلى أن يهلكها بين يديه، عنيدة هي لكنه يعشقها، ربما كانت والدتها محقة لكنه لم يتعمد أن يؤذيها، ترجل من سيارته وبحث عنها إلى أن رأها، تأملها قليلاً دون أن تلحظ هي، تحرك نحوها بهدوء إلى أن بات على مقربة كافية منها فتحدث بهدوء

السلام عليكم يا مدام سما، مبروك الوظيفة الچديدة

شهقت هي بفزع قائلة

انت ايه اللي جابك هنا ياسلمان، الولاد كويسين؟!

سلمان : الحمد لله بخير، اطمني يا حبيبتي، بس أنا اتوحشتك جولت اچيلك بنفسي

لوت فمها بسخرية قائلة

لاوالله، جاي من الصعيد مخصوص علشان وحشتك، ده أنا كنت معاك ليل نهار مكنتش بوحشك يا دكتور

حرك حاجبيه بتسلية قائلاً

لاه والله اتوحشتك جوي، ما تيچي نروح بيتنا وأنا اثبتلك

شهقت بفزع قائلة

سلمان اتلم، احنا في مستشفى، وبعدين يلاروح أنا عندي شغل وآه صحيح كويس انك جيت النهاردة أنا مسافرة الاسبوع الجاي لو تحب تاخد الولاد عندك لحد ما ارجع معنديش مانع. 

تحدث دون تفكير وقد غلبته غيرته

ومسافره مع مين ان شاء الله؟

ابتسمت ببرود وهمست بصوت لا يسمعه سواهما

وانت مالك!

سلمان بحدة : مفيش سفر، متنسيش انك جدام الحكومة لساتك مرتي 

ابتعدت قليلاً لتهدأ من غيظها فهي لن تسمح له بالانتصار عليها وركزت بصرها عليه 

هسافر يا سلمان، أنا خلاص بقيت طليقتك مش مراتك روح شوف واحدة من اللي كنت بتعرفهم عليا واتحكم فيها براحتك، أنا بكرهك فاهم يعني ايه؟! 

ارتدى نظارته الشمسية واقترب من وقفتها قائلاً بثقة

معناها انك لسه هتحبيني، بس كرامتك وچعاكي حبتين، عالعموم سفر مفيش واعملي حسابك يوم الچمعة هچيلك واخد ولادي افسحهم، اقترب كثيراً هامساً بتملك وتأكيد 

ولادي يا مدام، اسيبك دلوك وانتِ روحي اعتذري من مديرك وعرفيه ان معندناش ستات تسافر من غير محرم،والله عال يا ست سما، هنشوف يابت عم هاشم

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

كاد أن يجن، يمقت يزيد ويمقت كل ما يمت له بصلة، تغير لؤي وميله الواضح تجاه ديمه لم يخفى عليه، لا يصدق أن فتاة مثلها استطاعت أن تكسر شوكة ابنه، تحسر بغيظ قائلاً بعدما تملك منه الخمر ولعب برأسه 

بقى بنت الملجأ دي توقع ابني، الظابط اللي عرف بنات بعدد شعر راسه، يحب بنت يزيد ويخلف منها كمان، أنا مستحيل اسمح بحاجة زي دي ولو وصلت إني اخلص عليها مش هتردد أبدا 

استغل صاحبه حالته وتحدث إليه بتفهم قائلاً 

واللي يخلصك منها، تديله كام 

انتبه إليه بكامل تركيزه 

اكتبله شيك على بياض، يكتب المبلغ اللي يعجبه من مليون لعشرة 

صُدم الرجل ونظر إليه بدهشة قائلاً 

للدرجة دي بتكرهها؟! 

تجرع يسري ما تبقى بالكأس دفعة واحدة وتحدث بشرود

جدا، لما بشوفها بتخنق وكأنها شيطان، بقولك بنت حرام، عاوز احفادي تبقى أمهم واحدة لقيطة ملهاش أصل. 

رفع الرجل الكأس بوجه يسري قائلاً 

خلاص اعتبره تم، في صحتك يا يسري باشا. 




تعليقات



×