رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل السادس والعشرون
هي دنيا، تدنو وتنأى متى تشاء، تخادعنا بوجهها الباسم فنفتح لها ذراعينا وننتظر بلا فائدة فنعرض عنها ونطلق لأقدامنا العنان نهرول بعيداً عنها فتأتينا هي بكامل زينتها راغبة مستسلمة.
ارتشف سعد القليل من كوب الشاي الأخضر الموضوع أمامه فتبدلت ملامحه وبصقه بغضب قائلاً
جك خابط في راسك يا حياة، إيه الهباب ديه، طعم الشاي ده عفش جوي
وبخته بحدة قائلة
وايه رماك عالمر ياخوي، انت مفيش منك رچا، الدكتور مأكد عليك تنزل وزنك عشان السكر والضغط
نفخ بغيظ وهم واقفا يبتعد عنها وعن كل شيء، اشفقت عليه فلحقت به قائلة
متخافش يا سعد، دلوك كل مرض وله دوا
سعد بصدق وحنين
رايد اشوف عيالي يا حياة، خايف جوي اموت ويفضلوا طول العمر تايهين اكده، أنا خابر اني عفش وطبعي شديد بس اول ما تعبت وحسيت اني مجادرش اتحرك جلبي وچعني عليهم، تفتكري عايشين ولا ايه؟!
ابتلعت ريقها بتوتر وخوف بداخلها ظناً منها أن حامد قد وصل إليهما دون أن تدري فلاحظ سعد صمتها المقلق، ارتجف فؤاده وهمس إليها بتوتر
كانك خابرة حاچة يا حياة وساكته
حركت رأسها نفياً واقسمت بصدق
لاه، ورحمة أمك وابوك ما أعرف حاچة، بس الخوف يكون حامد وصلهم.
سعد بهدوء : لاه، اطمني من يوم ما جولتيلي انه رايد يأذي آثر وانا وراه في كل حته كاني ضله
فغرت فاهها بدهشة
كيف يعني؟
سعد : رچالته يا حياة مستعدين يبيعوا روحهم عشان الفلوس
ابتسمت بسعادة
وااه، طلعت يتخاف منك يا ياواد يا سعد، ومجولتليش ليه؟!
سعد : انتِ في الأول والأخير مرته، جولت اخليكِ بعيد يمكن يعرف ووجتها تبجي بعيد عن أذاه
امتعض وجهها وهتفت بحسرة
كانه تخليص ذنوب، كنت مفكراه هيدلعني ويهنيني طلع كيه الديب، تنهدت بندم هامسة
ضيعت شبابي ودفنت روحي معاه وفي الاخر مكلبش فيا كيه الشوك ما هيمسك في الصوف، ياما نفسي اخلص منه.
سعد بيأس : وبعدين يا بنت أبوي هنعمل ايه، هنفضل تحت رحمة حامد الزفت طول العمر
حياة : ربك يحلها، بجولك ايه روج اكده وشوفلك واحدة نغشة تراعيك وتاخد بحسك، انت بفلوسك تتچوز بدل الواحد أربعة.
سعد : تاني يا حياة، ده اخر بت اتچوزتها لهفت نص مَليون وياريتها حتى خلفتلي عيل يعوضني عن عيالي إلا طلعت أرض بور.
لوت حياة فمها هامسة بصوت خافت
وهو انت في مرة تتحملك يا سعد.
اقتربت منه قائلة
نشوف ست حلوة ورايدة تعيش، سيبك من بنات اليومين دول مهيعمروش
سعد بتردد : بعدين، أنا دلوك هدور على آثر ولما اعتر فيه هو واخته كل حاچة هتتغير
حياة : ان شاء الله ياخوي، بجولك ايه.
نظر إليها باهتمام فتحدثت
البت شهد بتي فسخت الخطوبة
تساءل سعد بفضول
وااه، دي تالت مرة تتخطب وتسيب
حركت رأسها قائلة
البت عيارها فالت، أبوها مارعها ومحدش مالي عينها ياما نفسي اچوزها الواد رحيم ابن اختك
قهقه سعد بقوة قائلاً
رحيم وشهد، طب كيف، ده الواد اسمالله عليه ادب وعلام وچمال
حياة بحدة : خبر ايه يا سعد وهي بتي عفشة إياك، ماهي كيه البدر لوما بس ماهي متدلعة وحاسة بچمالها، أنا بجول الواد أولى بيها وكمان رحيم راچل في نفسه اكده وهيجدر عليها.
نظر إليها بتشكك يسعى لثبر اغوارها ونواياها
توترت هي وابتعدت خطوات معدودة قائلة
مالك يا سعد، هتبصلي اكده ليه؟!
سعد بجدية :
هملي رحيم وولاد السياف يا حياة، احنا شغلنا كله في الدرا خليهم بعيد عننا أحسن للكل
حياة : اطمن ياخويا، أنا بجولك كلام وخلاص شايفنا ناصبين الفرح وعازمين الخلايج.
سعد : براحتك، انا مليش صالح بس حطي في راسك ان چوزك حويط وفاهم كل حاچة وهيعرف ان رحيم ماضي رايدة توصليه يا حياة وانتِ خابرة زين ان حامد لدغته والجبر.
💬💬💬💬💬💬💬💬���💬💬💬💬
تحدث بهدوء حذر يخفي من خلفه غضب اهوج وجنون يجاهد في دحره
يعني مثلاً هتمنعيني أشوف ولادي
ناطحته هي بقوة نابعة من عمق جرحها منه
حقي يا دكتور، احنا دلوقت مطلقين والولاد في حضانتي
ابتسم بتحدي
اهه، ده الست مخططة كل حاچة ومش بعيد تكوني عضوة في محكمة الأسرة كمان.
أشارت إليه بسبابتها قائلة
بتتريق، طيب ايه رأيك اني هرفع عليك قضية نفقة وطلاق كمان علشان يبقى الطلاق رسمي.
جذبها إليه فشهقت بفزع أثر قربه الشديد، اغمضت عينيها بتوتر وتنهد هو باشتياق هامساً
بكفيانا اكده يا سما، حرام عليكي تعاندي معايا وتحرميني منك، أنا غلطان ياستي، مكنش لازم اسمع كلامك ونوصل للطلاج.
دفعته هي بقهر
عندك حق، الإنسان اللي بيحب صعب يبيع، لكن انت ما صدقت وبعتني في لحظة
استدارت علها تخفي عنه دموعها لكنه لم يتركها، اقترب إلى أن باتت بين احضانه وهمس إليها بصدق
أنا بحبك وخابر انك بتحبيني بس الأهم من الحب هو الأمان، انتِ خونتيني وأنا مستحيل اخون
اجهشت هي في البكاء قائلة بصوت متقطع
انت عاوز مني ايه، ابعد عني بقى وسبني اداوي قلبي اللي كسرته ودست عليه
قبل جانب وجهها بحب
رايدك انتِ، رايد مراتي وحبيبتي وأم ولادي
سما : أنا مش مراتك خلاص.
أكد هو على حديثه
مراتي لآخر يوم في عمري وعمرك، أنا رچعتك لعصمتي ومش معنى اني سايبك تريحي يومين عند والدتك اني بايعك، أنا بس مرايدش اغصبك ترچعي.
عادت إلى شراستها والتفتت إليه
مش هيحصل، أنا خلاص هعيش هنا مع ماما ونزلت قدمت على شغل في مستشفى كبيرة ووافقوا كمان.
تبدلت نظراته إلى حد اخافها فتعمدت النظر بعيد عنه إلى أن قال
شغل، ومن غير ما تاخدي إذني،طب اسمعي بجى يابنت الحلال، أنا ههملك اهنه شهر، ٣٠ يوم تريحي أعصابك وتشبعي من والدتك وبعدها هترچعي البلد بكيفك أو غصب عنك، أنا مهسمحش لأي حد مين ما كان يبعد ولادي عن حضني ومستحيل، بموتي يا سما سامعة، ان عيالنا يتربوا كيه ما اتربيت انا وانتِ، فاهمة ولا لاه.
القى على مسامعها كلماته الاخيرة بصوت تسكنه آلام الماضي وامواجه التي فرقت شمل سلمان ووالديه سنوات.
لم تنتبه سما لمغادرته إلى عندما انتفض جسدها عندما أغلق سلمان الباب من خلفه بقوة مخيفة جعلتها تنظر في أثره بحزن، احتضنت جسدها بيديها وبرودة مؤلمة تجتاحها لتهمس
فاكرني هخاف وارجع تاني بعد ما خدعتني، هتشوف يا سلمان انا هعمل ايه.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
تحدث نوح بتلقائية وسعادة ناقصة دون أن يلحظ ما يدور من حوله قائلاً :
النهاردة حسن كلمني، عازمنا على خطوبة رنا
من فرط صدمتها انزلق الكوب من بين يديها فتناثرت اجزاءه إلى أشلاء، اسرع رحيم إليها قائلاً بلهفة :
حضرتك بخير
ابتسمت إليه وقلبها يئن من أجله :
أيوة حبيبي اطمن وابعد انت علشان ايدك متنجرحش.
لم يلق بالاً لقطع الزجاج المتطايرة وساعد ميادة على الوقوف هامساً :
جومي الاول وأنا هنضف المكان
نظر إليها نوح قائلاً :
خلي حد من الشغالين ينضف بالمكنسة وتعالي اجعدي اهنه، مالك يا ميادة وشك مخطوف كانك تعبانه ولا ايه؟
تعلق بصرها برحيم الذي انحنى في صمت يلملم ما تطاله يداه لتشهق ميادة بفزع
وبعدين معاك قولتلك متلمش حاجة وقوم
انتهى هو مما يفعل واعتدل في وقفته قائلاً
خلصت ياست الكل، اطمني
كاد نوح أن يصل إلى ما تخفيه ميادة لولا اقتراب رباب وأطفالها الصغار الذين هرولوا قائلين بحماس
خالوا نوح
ابتسم نوح بسعادة لرؤية شقيقته وتنفست ميادة الصعداء بينما استغل رحيم انشغالهم وهرول إلى غرفته يشكي حاله إلى حاله في صمت
بعد قليل شهقت رباب بقوة قائلة
وااه، وهو حسن ابن المركوب ديه نسي أصله إياك، الله يرحم أمه عديلة الداية، هي الفلوس هتغير النفوس اكده، اخس عليه وعلى اصله الواطي، ادمعت عيناها قائلة
ياجلب عمتك يا رحيم ملكش بخت، وربنا هم الخسرانين ده چزمته بحسن وعيلته من أولها لاخرها
ميادة : خلاص يا رباب اللي حصل حصل أنا قولتلك لأني مخنوقة ومش عارفة اعمل ايه
رباب : تجولي لنوح وهو هيتصرف مع حسن
ميادة : لأ مقدرش، أنا وعدت رحيم
رباب : خبر إيه يا ميادة، انتِ طول عمرك واعية ومخك كَبير، وعد ايه وبتاع ايه، لازم نوح ياخد خبر ويعرف صاحبه على حجيجته، وبعدين نوح لو عرف من برة هيحملك انتِ الذنب وياخد على خاطره، اسمعي الكلام وعرفيه.
تنهدت ميادة باقتناع إلى حد ما قائلة : ان شاء الله خير، هشوف هيحصل ايه.
اعتدلت رباب في جلستها قائلة
كانها عين وصابتنا والله، مين كان يصدج ان سلمان يطلج سما
ميادة : فعلاً معاكي حق، البنت كويسة جدا وهو بيحبها، معرفش حصلهم ايه
مطت رباب شفتيها قائلة بصوت هامس
وهو هيچيبه من برة، طالع لأبوه وأخوه الكبير، تصدجي بالله
اجابتها ميادة : لا اله الا الله محمد رسول الله
ميادة : الدار دي كلياتها مفيهاش غير جلب اخته نوح السياف، ربنا يحفظه ويبارك في عمره
ميادة بغيظ : ماشي ياختي، قال مين يشهد للعروسة
رباب ضاحكة : بذمتك كلام صوح ولا لاه؟
ميادة : صح يا رباب، بس سلمان برده شخصية جميلة وبيحب مراته ومتنكريش ان جاد بيحبك، هو عنيد حبتين بس معندوش أغلى منك انتِ والولاد
رباب : بأمانة ربنا مرات سلمان طلعت بنت أصول ومتربية ومن يوم ما دخلت البيت لا عمرها زعلتنا ولا أدخلت ما بينا وبينه، بس اللي حصل بينهم وراه سر، جاد حاول يفهم منه ايه السبب مفيش فايدة، وأنا اتصلت عليها تلفونها مجفول.
ميادة : ان شاء الله يومين وهكلمه ولو حكمت هسافر لسما وافهم منها اللي حصل، اعتقد ان مهما كان السبب لازم يتراجعوا علشان ولادهم
رباب بحزن : أيوة بس الست ممكن تنسى أي حاچة إلا الخيانة
رمقتها ميادة بنظرة جانبية قائلة
خيانة ايه يا بت، انتِ هتعيشي الدور، دي كانت غلطة عبيطةومن يومها وجاد بقى زي الألف
شهقت رباب برفض
وااه، هتدافعي عن اخوكي دلوك، ماهو من يوم الغلطة دي وأنا حاطة عيني في وسط راسي
ميادة : وماله، جوزك وأبو عيالك وحبيبك، اتعبي علشانه وانسي اللي حصل وخلينا في سلمان ورحيم.
رباب : كلام صح، أنا هجولك نعمل ايه مع رحيم، الواد جواد واصحابه طالعين سفاري، خليهم ياخدوه معاهم يرتاح يومين ويروج باله
ميادة : ياريت والله، بس المهم يوافق
رباب : اطمني هو وجواد أصحاب هيكلمه ويتفاهم معاه.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
كان قاسياً كما لم يكن من قبل، حديثه غير قابل للتفاوض بل هو أمر لا يحتمل الرفض أو القبول إنما عليها التسليم به في صمت
يغادر إلى عمله صباحاً ويرجع عند المساء، يتناول طعامه في صمت وإن حاولت الحديث إليه لا يجيب.
فاض بها واكتفت من تجاهله الذي يهلكها فاقتربت منه
آثر، الله يخليك، اسمعني بس
أشار إليها
اوعاك تجربي مني يا شام، أنا ماسك نفسي عنك بالعافية خليك بعيد احسنلك
حركت رأسها وبكاؤها يعلو بقهر
ليه يا آثر، أنا مغلطتش، كان نفسي أحب واعيش سني كيه البنات، فيها إيه
انتفض واقفا فتراجعت بفزع، صاح بشدة ونفور
وكمان بتعاندي ورايدة تطلعي نفسك بريئة، دايرة على حل شعرك وأنا شغال زي الطور المربوط ليل نهار ومغمي عيني عن الدنيا باللي فيها ومشغلنيش غيرك انتِ وبس
شام : وأنا تعبت، انتهت قوتها الزائفة وهمست بألم
تعبت من الخوف والوحدة، أنا ليل نهار لوحدي، بكلم حيطان البيت ولو خرجت بخاف لحد يشوفني ويعرفني، ما صدجت لجيت واحد يكلمني ويسمعني كلمتين حلوين، يمكن انا غلطت اني خبيت عليك، بس أنا فاض بيا خلاص.
دار آثر من حولها كما الأسد الجريح ونظراته كفيلة بقتلها وهاج بوجهها قائلاً بصوت يملؤه الخيبة
تجومي تچري ورا واحد متچوز، وياريته حتى يستاهل وناوي على چواز، ده اول ما اتكلمت معاه اتهرب مني وجالي معرفهاش.
شام : اكيد كان خايف منك
نظر إليها بترقب وقد بدت له كلماته مريبة
يعني ايه، انت عندك استعداد تتچوزيه وهو معاه مرة تانية
ابتلعت ريقها بتوتر هامسة : مفيهاش حاچة، شرع ربنا ولا هو عيب ولا حرام.
آثر بنظرات ساخطة : كل يوم بتوكد اني معرفتش اربيكي، أكيد أنا السبب.
شام : افهمني بس يا آثر، أنا...
آثر بحدة : انتِ تكتمي، صوتك بيأذيني، رايدك تهدي خالص وتطمني ان شاء الله هتتچوزي ونفرح بيكي بس مش اهنه.
تطلعت إليه برهبة فبادلها بتحدي، تساءلت هي بخوف
انت تجصد ايه بكلامك يا آثر؟!
آثر : كلها كام يوم ونرچع البلد وتشبعي من الناس والحكاوي والعرسان هتلاجيهم عالباب.
اقتربت منه في لمح البصر تقبل يديه برجاء
لاه، كله إلا البلد، ابوك هيجتلني
آثر : يكون أحسن، أهو يريحك ويريحني.
شام : واهون عليك يا آثر؟!
آثر : اللي تسمح لحد يستغفل أخوها ويصغره تستاهل، اللي تضيع شرف أهلها تستاهل.
نكست رأسها في خزي وغادرت وتطلع هو إلى أثرها في حزن فمهما فعلت لن يسمح لأحد بايذائها لكنه مرغم على قسوته علها تفيق مما هي مقبلة عليه.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
التقط نوح زجاجة عطره ونثر منها القليل، اقترب من ميادة قائلاً
اربطيلي الكرافته يا ديدا
هزت كتفيها رافضة
لأ، انت مش هتروح الخطوبة دي يا نوح
نوحَ بغيظ
وبعدهالك يا ميادة، سألتك من يومين عن سبب رفضك اننا نحضروا خطوبة رنا ومردياش تتكلمي
ابتلعت ريقها بألم
انت عارف ان رحيم بيحبها
ضرب كفيه ببعضهما قائلاً
وأنا كلمته وجولتله نخطبها، رفض وجالي انه معندوش نية للچواز دلوك.
اشاحت بوجهها بعيداً عنه بعدما برقت عيناها بدموع الحزن، تخشى أن تفضي إليه بسر رحيم، لن يحتمل نوح كسر كهذا، ولا قوة لديها لتدعه يذهب الي خطبة فتاة لم يتمنى ابنها سواها، ان علم نوح بما قاله حسن ستنشطر روحه، ترددت قليلاً لكنها حسمت أمرها والتفتت إليه تخبره بما فعله حسن من قبل لكنها عجزت عن الحركة عندما استأذن رحيم في الدخول مرتدياً حلة سوداء كلاسيك، أنيقاً بصورة مثالية، ملامحه جامدة وكأنها بلا روح، همس بهدوء
چاهز يا بابا، الوجت اتأخر ومش هنلحج الخطوبة
شهقت بقوة ونظرت إليه عله يكذب ما وصل إلى مسامعها لكنه لم يلتفت إليها وكأنه في عالم آخر.
تحركت دون وعي إلى أن وقفت بمواجهته، مدت يدها تحتضن وجهه بحنو فعقد نوح حاجبيه وفضوله يخبره أن ميادة تعلم ما لا يعلمه هو.
همست بلهجة آمرة : مستحيل اسمحلك تروح يا رحيم، انت ليه مصمم توجع قلبي عليك.
نكس رأسه واغمض عيناه بتعب فانضم إليهما نوح قائلاً
ممكن أعرف ايه الحكاية، شكلك كبرتي عليا يا ست ميادة وبتخبي عني حاچات مهمة.
اعترض رحيم حديثهما قائلاً
مفيش حاچة يا بابا، يلا احنا خلينا نمشي
دفعته ميادة بقوة ونظرت إلى نوح قائلة
صاحبك الواطي رفض يجوز بنته لرحيم، وابنك المحترم رافض إني اقولك، عرفت يا نوح ايه المشكلة
عقد نوح حاجبيه وعلت ملامحه بوادر استيعاب لما تقوله فجذب رحيم إليه قائلاً بحنو
احكيلي ايه اللي حصل، وإياك تخبي عني كلمة واحدة يا رحيم، فاهم
اومأ إليه رحيم بطاعة وكأنه في إنتظار تلك اللحظة، تفاجأ نوح بما يقول لكنه لم يعقب بل انتظر إلى أن فرغ من سرد ما حدث بينه وبين حسن تفصيلاً، رغم انكساره من فعلة صديقه لكنه استطاع أن يبدو صامداً، قويا، مسؤولا كما كان دائماً.
احتضن ابن أخيه في صمت فتشبث به رحيم بكامل قوته، همس إليه نوح قائلاً
لو نصيبك معاها هتتچوزها غصب عن الكل ولو مهياش نصيبك هيبعتلك ربنا الأحسن، اتعلم متبكيش واصل على حد باعك، فاهم يا رحيم؟!
ابتعد رحيم عنه قليلاً وحرك رأسه بالموافقة ليعاود نوح حديثه من جديد قائلاً
دلوك هنروح الخطوبة نبارك ونعمل الواچب
صاحت ميادة بغضب
خطوبة ايه وزفت ايه، رحيم مش خارج من هنا
ابتسم إليها نوح يبثها بعض القوة
خبر ايه يابت خالي، هتكسري كلمتي ولا إيه؟
تأففت بغضب ورفض قاطع
بقولك ايه يا نوح أنا مبهزرش، ورحيم خلاص هينسي الناس دول خالص ويشوف مستقبله
نوح بجدية : الراچل ميهربش يا ميادة، رحيم راچل وعوده ناشف وهيروح ويبارك ويعرف كل واحد مجامه، مظبوط يا رحيم
سبقه رحيم بخطوات قليلة متوجهاً إلى الخارج قائلاً
أنا هنتظر حضرتك في العربية، اشفق رحيم على ميادة فعاد إليها قائلاً
متخافيش عليا، أنا رايد اروح بنفسي واشوفها مع غيري.
انتهى البارت، توقعاتكم ورأيكم كالعادة، ان شاء الله الرواية هتنزل مرتين بالأسبوع واذا سمحت الظروف هيكون أكتر
.