رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الخامس والعشرون
وكيف لشخص أن يختطف أرواحنا من عنان السعادة إلى بؤس سحيق، ومتى لقلبي أن ينبض دون خوف من الغدر، وهل انتهت قصتنا قبل أن تبدأ ونجني ثمارها أم أن النهاية عادلة لي وقد تمنيت أن أحب؟!
انتهى حسن من حديثه الذي كان كصاعقة شطرت روح رحيم نصفين، أراد أن يجمل حديثه لكنه لم يفلح لذا القى إليه بالأمر صراحةً قائلاً
انت شاب ممتاز يا رحيم، واكيد ربنا هيعوضك ببنت تناسبك وأحسن من رنا كمان، بس أنا آسف في حاجات صعب تتنسى، ياريت كلامنا ميوصلش لنوح لأني مجدرش اخسره.
حرك رحيم لسانه مرة تلو الأخرى باحثاً عن رد مناسب لكنه بقى صامتاً، يتطلع إلى حسن بكبرياء زائف َبداخله صمت مهيب، سؤال قاسي كان يتردد صداه بداخله، هل نحاسب على ذنوب الغير، إذا ما الفائدة، لمَ أسعى لأصبح مختلفاً وقد سجلت الحياة حكماً مسبقاً قبل أن أتي إليها، لمَ أضعت عمر بأكمله لأصبح ما أنا عليه الآن، متفوقاً، ناجحاً، محباً ومذنباً؟!
اعتدل رحيم واقفاً، ابتسم إلى حسن بهدوء قائلاً
اطمن يا حسن بيه، بابا، عدل عن قوله مستدركاً بسخرية مريرة
اجصد عمي نوح مهيعرفش حاچة عن كلامنا دلوك
نكس حسن رأسه قائلاً
يابني أنا مش عاوزك تزعل مني
استدار رحيم هامساً قبل أن أن يغادر
أنا مش ابنك، أنا ابويا حماد السياف،الراچل اللي مات من سنين وهملني لحالي، شايل اسمه وشايل ذنبه.
ابتعد رحيم ونظر حسن في أثره بحزن لكنه وكحالنا جميعا يجيد التبرير ويحبذ القسوة مادامت بعيدة عن دربه لذا أغمض عيناه قائلاً
مصيرك تنسى وبنتي كمان تنسى، الحياة بتمشي لكن أنا مجدرش انسى ان أبوك كان مچرم.
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
نظر آثر إلى شقيقته بترقب قائلاً
خبر ايه يا شام، رايدة فلوس يابت ولا إيه؟
حركت رأسها نفياً واجابته بحبور
لاه، الحمد لله ياجلب اختك انت ممخلنيش مچتاجة فلوس ولا أي حاچة.
التفت إليها وهمس بحب
ولو طلبتي عنيا ميغلوش عليكي يا شام، أنا مليش غيرك في الدنيا.
اقتربت منه ناظرة إليه بود
أهو ده بجى يا سيدي مربط الفرس، ناوي تفرحنا امتى وتتچوز يا خوي؟!
انتابه دهشه وتعجب غلف ملامحه وتساءل بخفوت
اتچوز؟!.
شام : واااه، أومال هتفضل عازب علطول، انت دلوك اسمالله عليك خلصت الچامعة، ومتوظف في شركة كَبيرة وحليوة كمان
تنهد بتعب قائلاً
أولا يا شام تفتكري لو فكرت اتچوز هروح لأي بنت اجولها ايه، أنا اثر ودي اختي شام، هربان من أهلي ورايد اتچوزك
شام بحزن : خبر ايه يا آثر، ياحبيبي في ناس كَتير ولاد حلال ولو....
استوقفها آثر بحزم
لو إيه، اروح احكيلهم سبب هروبنا ولا اشتري كام نفر يمثلوا إنهم أهلنا، ولو افترضنا إن البنت وأهلها وافجوا وبعد سنين أبوكي ولا چوز عمتك عتروا فينا، نعملوا ايه وجتها، وفوج ده كله أنا مستحيل اتچوز جبل ما اطمن عليكي يا شام، فاهمه يا بت أبوي.
شام في محاولة منها لاثنائه عن رفضه
اسمعني بس، ابوك وچوز عمتك اكيد نسيونا، ولو على الأهل، احنا نكلم رحيم وهو هيتصرف
اقترب اثر وجذبها إلى صدره، جبل جبهتها قائلاً
بعدين، متشغليش بالك دلوك ولما ربك يريد هيحصل اللي فيه الخير، ماشي يا شام
امتعض وجهعا وعقدت حاجبيها هامسة
عنيد ومفيش فايدة فيك يا آثر، مفيش مرة تسمع كلامي واصل
ابتسم اثر وابتعد قليلاً قائلاً بحزم مصطنع
امشي يابت اعمليلي كوباية شاي عليها الطلى، صدعت راسي ومعچبهاش الكلام كمان
تحركت من أمامه بغيظ وما إن غابت عن بصره تنهد بحنين إلى كل شيء ابتعد عنه مرغماً ليحدث نفسه
چواز ايه يا شام، اخوكي بيمشي يتلفت حوالين نفسه كان الخوف ضل مصاحبني وين ما أروح.
انتظرها قليلاً فلم تأت إليه بكوب الشاي، اعتدل واقفا متوجهاً إليها
شكلها زعلت، أروح اصالحها جبل ما انزل الشغل
توقف عن الحركة واظلمت عيناه عندما استمع إليها تتحدث بصوت خافت للغاية قائلة
لاه طبعاً، مستحيل انزل دلوك، آثر أخويا موچود
عم الصمت القاتل قليلاً لتهمس بتردد
اجابلك ليه، أنا جولتلك لو رايدني تدخل البيت من بابه وتكلم آثر
استمع إلى صوت أنفاسها المتلاحقه وبداخله أمل ورجاء ألا تخذله لكنها اطاحت بثقته الغير مشروطة بها عندما قالت
خلاص هي مرة وبعدها مستحيل أشوفك غير لما تطلبني من اخويا، فاهم؟!
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
متى وقعنا ميثاق الهوى فعلينا ألا نهوى في بئر الشك، علينا أن نمنح قلوبنا إذن مرور دون تردد، تحدث إلى من اخترته، عاتبه وشدد من عتابك إلى أن ينتهي طوفان الخوف وتشرق بداخلك شمس اليقين.
جلس سلمان إلى جوار والدته التي مدت يدها إليه قائلة
كانك مسافر يا داكتور، أهون عليك تغيب عني اسبوع بحاله يا سلمان
انحني سلمان يقبل يديها فمسدت فوق رأسها قائلة
مالك يا جلب أمك، محتار ليه، ومرتك وعيالك فين يا جلبي؟!
تنهد بقوة، ومسح فوق رأسه ولا يعلم السبب الحقيقي لغياب زوجته
تبدلت ملامحه قليلاً لتهمس نوارة
واااه، اول ما تزعل يا ابن فهد بتبجى وحش جوي
ابتسم سلمان مرغماً فتبسمت نوارة قائلة
الست يا جلب أمك غير الراچل، احنا كيه الدنيا يوم الشمس حضناها ويوم غيومها تخبيها، جلوبنا بتحن بكلمة وبتنكسر بنظرة، ومهما الراچل عمل الست بتسامح وتعدي إلا...
رفع رأسه إليها بلهفة وترقب قائلاً
حاچة إيه دي؟
نوارة : ربنا يكفيك شرها يا سلمان، ان الست تشوف غيرها في عيون راچلها، ان مكانها تجاسمها فيه غيرها، وانت يابني مرتك كيه الوردة البيضاء، مؤدبة ومن بيت طيب، راضيها وشوف مزعلها في ايه، واوعى توچعها يا سلمان، وچع السند بيهد يا حبيبي.
حزم أمره واستجاب لنصيحة والدته، سافر إلى الاسكندرية دون تردد وقرر مواجهة تلك الغبية التي لم تدرك إلى اليوم أن قلبه لم ولن يسع غيرها
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
نظرت إلى اختبار الحمل بين يديها بخوف، خوف يشوبه رفض لما يهاجمها من مشاعر تائهة، هي غير قادرة على تربية طفل وحمايته، لكنها راغبة به، غير رافضة لنبضه الذي لم يبدأ بعد لكنها تستشعر وجوده، هناك بداخل رحمها أمل جديد قد ينتشلها هي وزوجها المتقلب الحال كما فصول الخريف، لم تدرك كم مضى من الوقت لكنه كان وقتا لا شبيه له، لحظات قليلة تحمل بين جنباتها خطين بلون أحمر اكدا لها أن رابط وثيق في سبيله إلى النور وربما كان هو ما تهفو إليه روحها.
هرولت خارجة لا تعلم ما عليها فعله، هل تخبر والديها أولا أم تهاتفه هو، عضت شفتيها بخجل وقد لاح بمخيلتها ملامح لؤي وكيف سيبدو عندما تخبره بأمر حملها، نفضت رأسها قائلة بخجل
ايه ده، شكل هرومونات حمل بدأت معاكِ يا ديمه، بحثت بعينها عن والديها فلم تجد أحد، نفخت خديها بضيق هامسة
اووف، ده وقت خروج يا ليلا انتِ ويزيد، كان نفسي تعرفوا قبل لؤي.
ابتسمت بسعادة ومسدت فوق بطنها الممشوق
معقول أنا حامل، هبقى أم وعندي حد مسؤول مني أنا، تنهدت بهدوء وتراجعت إلى الوراء قليلاً إلى أن بلغت أرجوحة خشبية كانت هدية سهيلة لها في عامها العاشر ومن بعدها صارت صديقتها الصامته، تختبيء بداخلها في كل موقف تجد لسانها عاجز عن البوح بما يعتريها من مشاعر فتجلس هنا تتأرجح مع أيامها وأمواجها المتغيرة إلى أن تهدأ حدتها.
غفت ديمه بعد قليل وقد مضى على غفوتها ما يقرب من الساعة، لم تدر هي بما يدور من حولها إلا بعدما استمعت إلى أصوات متداخلة خارج مسكنها، فتحت عينيها بترقب فتبينت صوت يزيد وسهيلة، دلفا سويا فهرولت اليهما بحبور تلاشى كليا عندما سمعت صوت يسري من خلفهما يقول
هاي ديمه، لؤي قال انك مريضة فجيت بنفسي أشوفك
ابتعلت ريقها بتوتر وتحدثت بهدوء
أهلا عمو، اخبارك ايه؟
كانت تحدثه وبصرها معلق بيزيد الذي أومأ إليها بطرفه وكأنه يطلب إليها أن تهدأ وتحسن التصرف، تخطى يسري كلا من سهيلة ويزيد وجلس بثقة وكأن المنزل بأكمله ملك له وتساءل بشيء من الحدة
شايف انك كويسة الحمد لله، ساسبه بيتك ليه وقاعدة هنا، ولا يزيد متفق مع لؤي يتجوزك بالمراسلة
التفت إليه يزيد قائلاً بتحذير
يسري، أنا عارف انك بتحب الهزار، وهزارك تقيل شوية، بس ديمه مش متعودة على كده فياريت متخليهاش تخاف منك
ابتسم بخبث قرأته ديمه بعينيه وأشار إليها قائلاً
حبيبتي، معقول تخافي مني، ده انتِ مرات ابني الوحيد، وبعدين ياستي أنا يومين وهمشي واريحك
تحدثت هي بود
لأ طبعاً ياعمو، خليك براحتك، ارجعت خصلات شعرها المتدلية فوق وجهها إلى الوراء واكملت بتردد
أنا هرجع بكرة ان شاء الله ياعمو، أنا كنت فعلاً مرهقة ومحتاجة راحة بس خلاص بقيت أحسن
أشعل سيجاراً ونفث دخانه عمداً إلى جوارها قائلاً
مش هتغدينا ولا ايه يا سهيلة، أنا بقالي اسبوعين باكل من المطعم
تحركت سهيلة نحو غرفة الطعام وغمزت إلى ديمه لتتبعها ولم يبق سوى يسري ويزيد وكلاهما كما الليل والنهار، احدهما ظلمته مخيفة والآخر براءة قلبه نور لغيره
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
كانت بلا حيلة، عاجزة أمام دموعه الصامته، يبتسم في وجهها وبداخله لا شيء، رماد خلفه حريق بشع
تحدثت بصوت مترنح
بس يا رحيم، ارحم نفسك يابني، حسن ده راجل غبي، بيظلمك ويظلم بنته قبل منك لأنه غبي، انت تتاقل بكنوز الدنيا كلها ياقلبي، مين قال إن الماضي يدينك أو يقلل منك، ده مش عدل ابدا
التقط رحيم كأس الماء الذي أمامه وارتشف منه القليل لينظر إلى انعكاس صورته في المرآة المواجهة له فتعصف به من جديد كلمات حسن، ضغط بكامل قوته فوق الكأس فانفجر بين يديه، هرولت إليه ميادة تصيح بهلع بينما هو ثابت في مكانه، فاقد للزمان والمكان والألم.
أشار إليها بكف يده الدامي قائلاً
اوعاك تبلغي عمي نوح بالكلام اللي جولته دلوك، إنتِ وعدتيني
صرخت بوجهه
ايه عمي دي، انت اتجننت خلاص، اول واخر مرة تتكلم بالشكل، وعادي الموضوع بسيط، في داهية هي وأبوها كمان، إختار أي بنت من أحسن عيلة وهتتجوزها من الصبح
كرر جملته وكأنه لم يستمع إلى حديثها
لو سمحتي اوعديني، لأن لو حصل وكلامنا خرچ لأي حد، هسيب البيت وأسافر لمكان مستحيل حد يوصلي فيه ولا يعرفني.
دفعته بقوة وشراسة، تنظر إليه ولا تصدق استسلامه، تئن قهرا على بكاء فؤاده ويقتلها دماءه المتدفقة دون أن ينتبه أو يصيح متألماً، بينما هو واقف كما هو لا يحرك ساكناً
صرخت بكامل صوتها مستغيثة بابنتها التي أتت إليها مسرعة ووجهها يعلوه القلق
اقتربت سهيلة قائلة
في ايه يا ماما، بتصرخي ليه كده؟!
أشارت ميادة إلى رحيم وكفه الدامي قائلة :
اعملي حاجة لأخوكِ، ايده انجرحت وانتِ عارفة اني بخاف من شكل الدم.
توجهت سهيلة إلى غرفتها وعادت ببعض الإسعافات الأولية لتنظر إلى وجه رحيم وميادة بترقب متسائلة
ايدك انجرجت بالشكل ده ازاي، لازم خياطة يا رحيم
انتزع يده من بين يديها برفق قدر استطاعته وابتسم بخفوت قائلاً :
متشغليش بالك، أنا هتصرف.
كاد أن يغادر فوقفت ميادة بمواجهته قائلةاقسم بالله لو اتحركت من مكانك وانت بالشكل ده يا رحيم ما هسكت ولا هيهمني وانت عارفني لما بقول حاجة بعملها، خلي اختك توقف الدم ده لحد ما سلمان يرجع من المستشفى ويتصرف، واوعى تفكر ان كلامنا خلص، بعدين هنتكلم ونشوف حل.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
تتبعها في صمت وحذر، يخطو خلفها ويدعو دون توقف ألا تفجعه شقيقته بما سمعه منذ قليل، يتمنى أن تكذب أذنيه وتنتشله من قاع الندم
أصابت قلبه في مقتل ودهست اماله عندما جلست بمقابلة شاباً أنيقاً في منتصف عقده الثالث، وسيما هو إلى حد بعيد لمن نظراته خبيثة، ماكرة، انتظر آثر ولا يعلم ما الذي عليه فعله، تحكم في غضبه فلم يشأ أن يفتعل فضيحة تطال شقيقته لذا وقف محله، يراقبها دون أن تراه.
كاد أن يقتلع خصلاتها بيديه، يجرها من خلفه بجنون وغضب واحساسه بالانكسار والخيبة يعتصر فؤاده الذي ما عاد يحتمل مزيداً من صفعات الحياة
نفضها بعيداً عنه وأخذ يتطلع إليها بنفور ادمى قلبها، شهقت باكية بحرقة فهمس ببغض
كانك نسيتِ إحنا مين يا بت سعد، مفكر حالك بت سفير إياك، هتصاحبي وتتمعشجي وختماني على جفايا يابت المركوب
انقض عليها يلطمها بعجز لا يعلم ما أصابه، هل أخطأ عندما اقتلعها من جذورها فأفقدها هويتها.
تحدثت هي برجاء وانين خافت
احب على يدك يا آثر متظلمنيش، والله العظيم دي أول مرة اخرچ من وراك، وكانت أول مرة اسمحله يلمس يدي، وربنا، وغلاوتك عندي عمري ما عملتها، أنا غصب عني جلبي مال وهو شاب محترم وعاوز يتجدم.
القى بها على طول ذراعه فتأوهت بقوة، التفت إليها يطالعها بحزن ليصدمها بقوله ويشطر قلبها الغر قائلاً
البيه متچوز يا حزينة، نصاب وداير يضحك على البنات المغفلة، عرفتي دلوك إنك رخصتي نفسك وضعيتي تعبي معاكِ على مافيش.
لأول مرة احس إني غلطت لما هربت، ياريتني ما خدتك معايا، ياريتني ما خدتك يا شام.
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
ونحن لا شيء، نحن نفوس حائرة، عاجزة عن إدراك دروبها، يوما تحتضن العالم بما فيه وتحتويه دون جَهد، وفي الصباح تضيق بذاتها، نحن كما الغرس الهش الذي وضع في مهب الريح لكنه يدعي كذبا انه ذات جذور ثابته فتأتيه نسمات هادئة تخدعه بضعفها فيبتسم بزهو إلى أن تقتلع رياح عاصفة.
.....................................................................
مش هتقدر تفهمني، أنا نفسي أوقات بتوه وببعد عن طريقي، ديمه عامله زي الطوق، بتخنقني ورغم ده مش قادر اكسر الطوق ده وانساه، بحبها بس رافض استمر في احساس الضعف اللي قربها بيغلفني بيه.
استنكر صديقه ما يقول فنهره بحدة
تقوم تأذيها بالشكل ده، سيبها يا لؤي، هي متستاهلش منك أبدا الوجع ده يابني، طلقها و...
صاح بغضب : أطلقها ازاي، مستحيل.
أغمض صديقه عيناه بغضب
يا صاحبي الجواز مش لعبة، البنت على كلامك بيور جدا، تقدر تشكلها على مزاجك، بإيدك تقربها منك، تفتكر يا لؤي لو ربنا كرمكم بطفل هتستمر حياتك بالشكل ده، نص جد وملتزم ورجل أعمال ناجح، ونص بتاع بنات وكل تصرفاته غلط، صدقني وقتها إبنك أول حد هيكرهك لما يكبر ويشوف تصرقاتك، متعملش زي ابوك يا لؤي، انت جواك نضيف لكن للأسف عنيد
لؤي بحيرة : مش عناد يا صاحبي، أنا حاولت ابعد عنها كتير وفشلت
نكس الآخر رأسه قائلاً
وبعدين معاك، هنرجع لنفس النقطة تاني
لؤي : هحاول، يمكن أوصل لحل، أنا فعلاً معاها بحس إني عايش، بتمنى وأنا قريب منها الزمن يقف، التفت إلى صديقه قائلاً
انت فاهمني
أومأ إليه صديقه بتشجيع
فاهمك جدا، ولأني اتأكدت إنك بتحبها بقولك حاول مليون مرة واوعى تسمح لحد ياخدها منك، فاهمني يا لؤي؟
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸
تجاهلها تماماً، يتحرى شوقا لرؤيتها لكنه ناقم على تصرفها، غادرت دون تبرير، حذرها مرارا من صمتها وعنادها دون فائدة، لاحظت رحاب النظرات الصامته بين سلمان وسماء وأرادت منحهما مساحة للحديث، حملت الصغيرة من بين يدي والدها قائلة
هاتلي بقى سيلين وافرد جسمك يابني علشان ترتاح من الطريق، قومي يا سما جهزي لجوزك الغدا
همت سماء بالوقوف فنظر إليها هو بجمود قائلاً
متشكر يا أمي، أنا معنديش نَفس دلوك، أنا چاي اتكلم مع المدام كلمتين وهرچع الصعيد طوالي
رحب بجدية : كلام ايه ده يابني، انت بتتعامل معايا اني غريبة عنك ولا ايه؟
اعتذر سلمان إليها
لاه طبعاً، حضرتك على راسي والله، بس أنا عندي شغل كَتير ومجدرش اتأخر
تمتمت سماء بصوت حزين
خليه على راحته يا ماما، الدكتور جاي تقضية واجب.
مسح على وجهه بغضب فانسحبت من بينهما رحاب في صمت، ما ان غادرت رحاب وابتعدت عن مجلسهما، اقترب سلمان ممسكاً بمعصمها وملامحه يعلوها الغضب والحدة، نظر إلى وجهها وعيناها بترقب وكأنه يبحث عن سبب لما يحدث وتساءل بتحذير :
في ست محترمة تهمل بيتها وچوزها وتسافر بدون علمه، رايده ايه يا سما وهتوصلي لأيه بعمايلك ديه؟!
نفضت عنها يديها بنفور ادهشه والتفت بعيداً عنه قائلة
وأنا هنتظر ايه من واحد خاين زيك، جاي وعامل نفسك الملاك البرئ.
ضم حاجبيه بدهشة واقترب منها، اجبرها أن تستير اليها فباتت بمواجهته وهمس بصوت متعب
اخلصي وجولي اللي عندك.
نظرت إليه بلوم
اقول ايه، أنا تعبت منك ومن تجاهلك ليا طول الوقت، انت فهمتني انك بتحبني، حسستني انك هتفضل جنبي طول العمر
سلمان بهدوء :وأنا خلفت بوعدي معاكِ؟!
انهارت قواها والقت إليه بما اختذلته سنوات، تحدثت بانفعال
ايوة خلفت كل وعودك، اتجوزتني ورمتني في البيت زي أي حاجة بتشتريها وتحتفظ بيها، طلبت مني اسيب الشغل لأن جنابك طبعاً مش هتقبل ان جناب البيه صاحب المستشفى مراته تبقى في منصب بسيط زي منصبي، وأنا تفهمت موقفك، ليل نهار مشغول وبقول عادي الست لازم تساند جوزها، اقتربت بشراسة وغيرتها تعميها عن نظراته تزأر بوجهه
لكن تخوني ومفكرني هسكت تبقى بتحلم
صفق بخفة َاستهزاء قائلاً
ماشاء الله ده انتِ شايلة ومعبية عالاخر، يا شيخة ده أنا حسيت انك عايشة مع هتلر مش معايا، أولا شغلك أنا خيرتك تكملي فيه أو تجعدي معززة مكرمة تراعي عيالنا وتبعدي عن تعب الشغل ومشاكله، مليش ذنب انك مهزوزة وشايفة نفسك جليلة.
نهرته هي بقوة زائفة وصوتها يحتضنه الضعف
احترم نفسك يا سلمان، أنا مش قليلة ومش...
اقترب هو بصورة مخيفة قائلاً
اخرسي، مسمعش صوتك، أكيد أنا اختارت غلط، مستحيل واحدة چوزها بيحبها كيه ما هحبك وتتعمد تأذيه وتدمر حياتهم بالشكل ده
انتزعت هي هاتفه من بين يديه وبحثت في رسائله إلى أن وجدت مبتغاه، رفعت الهاتف بوجهه ناظرة إليه بسخرية
وده ايه يا محترم، واحدة زميلتك بعتالك رسالة زي ديه ليه؟
صدم سلمان باديء الأمر، فاعتقدت هي أن صمته اعتراف بفعلته، وقفت أمامه بتحدي قائلة
طلقني، أنا فعلاً غلطت لما ارتبطت بواحد زيك، للأسف انت كسرت قلبي وضيعت أي حاجة حلوة ما بينا.
كاد أن يضمها إليه وقد التمس لها العذر فيما تفعل لكنها ابعدته
أوعى تقرب مني انت فاهم، ياريت تخليك راجل وننفصل بهدوء
تحدث من بين أسنانه
وبعدهالك يا سما، جولتلك اتكلمي بأسلوب كويس، والله العظيم أنا أول مرة أشوف الرسالة ديه دلوك ومعرفش ازاي الدكتورة رنيم تعبعتلي كلام بالشكل ده، اكيد بعتتها بالغلط
قهقهت هي بسخرية لاذعة وهمست
انت مفكرني عبيطة، انت هتطلقني بالذوق ولا اخلعك
فتح عينيه ولا يصدق ما تقول، أشار إلى نفسه بسبابته قائلاً
تخلعيني أنا، انتِ مصدجة إني ممكن اخونك؟!
أكدت هي حديثها بتسرع : اه اخلعك انت واه مصدقة انك خاين يا سلمان
بادلها تسرعها بتهور أكبر وأشد والقى إليها بما تريد دون وعي منه
تمام، انتِ طالج، مش سلمان السياف اللي مرته تخلعه حتى لو كانت روحه فيها.