رواية تنهيدة عشق الجزء الثالث (عودة سفراء العبث) الفصل الرابع والعشرون بقلم روزان مصطفى
" كُلما شعرت أنني وصلتُ لِنُقطة النهاية، تُعيدني الحياة إلى سِباق أخر، أشعُر في بدايتهُ أن لا نهاية لهُ، ثُم أصِل! وأفرح قليلًا، حتى أجِدني في سِباق أخر.. أعتقد أن المقبرة هي وجهتي الأخيرة التي سأحُط عليها دون الإضطرار لِمُجابهة سِباق أخر! " _ بقلمي.
كان واقِف عيسى ومش سامع أي حاجة من اللي بيتقال حواليه، كُل همُه ميفقدش التواصُل البصري الوهمي بينُه وبين طيف والدُه.
جري عزيز ناحيتُه وهو بياخُد من الأرض ماسك الأرنب اللي عيسى وقعُه، شال الماسك بين إيديه وهو بيسحب عيسى من دراعُه وبيحيدُه عن سهم متوجه ليه عشان يصيبُه.
نطر عيسى دراع عزيز عنُه وجري ناحية طيف أبوه عشان يحضُنه، ومرة واحدة لقى نفسُه واقِع جوة حُضن حد، حضنُه عيسى بدون ما يتأكِد ولا يعرف هو مين، ومرة واحدة إتلم المُقنعين حولهُم فرفع بدر معصم إيدُه ووراهُم علامة منقوشة على معصم إيدُه " تعني العلامة الخضراء، أي أنهُ في حماية اللي مشغلينهُم "
رفع عيسى راسُه وبص لبدر فبدر إبتسملُه وقال: أنا برضو زي الحج الغُريبي، ولا إنت إيه رأيك؟
عين عيسى إحمرت جامد عشان حابس الدموع وفضل يتلفت حواليه عشان يشوف الطيف الوهمي تاني، ملقاهوش..
بدر وهو بيسحب عيسى معاه راح ناحية عزيز وبقية السُفراء وقالهُم بهدوء: تقدروا تشيلوا الماسك دا خلاص
شال عزيز الماسك وهو بيبُص لبدر وكينان اللي واقِف وراه وقال بصدمة: دخلتوا هنا إزاي! وعملتوا إيه بالظبط؟
بدر بضيق: مش وقتُه، أنا عملت المُستحيل وشِبه تعاقدت معاهُم عشان أقدر أخرجكُم من هنا، بس مش هينفع إنهاردة، لازم تقعدوا يومين كمان.
عزيز بضيق: إشمعنى؟
بدر وهو بيرفع أكتافُه: مش عارف هو الوضع كدا، المُهم طوال اليومين اللي هتقعدوهم متعملوش مشاكل وبلاش جنان، ربنا يعلم أنا عملت إيه بجد عشان يعتقوكم وميبعوش أعضائكُم.
بلع عزيز ريقُه وقال: خير خير، إتطمنت على سيلا وبدر الصُغير وسيليا؟
بصلُه بظر بنظرة ذات معنى لإنُه عارِف إنُه لو قالُه هيتعصب ويعمل مشاكِل فـ كشر بدر وقال بهدوء: كويسين بس خايفين عليك، لذلك متعملش مشاكل لغاية ما تخرُج عشان تخرُج وتطمنهُم.
رفع نوح إيدُه وهو بيشاور لبدر فبصلُه بدر وقال: أيوة!؟
نوح بهدوء: وهنلبس ماسكات الأرانب دي تاني ولا خلاص كدا؟
بدر بجدية: لا متلبسوهاش عادي هُما عارفين هويتكُم، هُما هيفضلوا لابسينها عشان إنتوا متعرفوش هويتهُم، المُهم تعملوا اللي بقولكُم عليه وتمشوا حالكُم معاهُم عشان تخرجوا من هنا بسلام، ومهما إن كان اللي هيطلبوه منكُم تعملوه بدون تردُد تمام؟
عيسى بتساؤل: حجات زي إيه مثلًا؟
بدر وهو بيبلع ريقُه: معرفش تفاصيل بس الفكرة إنهُم مُمكِن يطلبوا مِنكُم تساعدوهُم في الشُغل، وهكذا.. انا لازم أمشي دلوقتي، بعد بُكرة الصُبح هتلاقوني واقِف قُدام المكان وباخدكُم بنفسي، ومتقلقوش على مراتاتكُم وعيالكُم.. كلهُم بأمان وبخير.
شاور بدر لكينان براسُه وقالُه بهدوء: يلا بينا؟
كينان بنبرة هادية وهو بيودعهُم: خلوا بالكُم من نفسكُم يا شباب.
لبس كينان النظارة الشمسية بتاعتُه وخرج من المكان مع بدر، ركبوا العربية وأول ما قفل كينان باب المِقعد بتاعُه قال لبدر اللي كان بيظبط المرايا: ليه مقولتلهُمش على اللي حصل لسيليا؟
عدل بدر شعرُه وبدأ يتحرك بالعربية وقال: عاوزهُم يحافظوا على هدوءهُم جوا وميكونش جواهُم أي غريزة للإنتقام، الوضع زي ما إنت شايف نفسيًا وعقليًا مش أحسن شيء فـ كان لازِم أطمنهُم.
إتنهد كينان بإرتياح وهو بيربُط الحزام بتاعُه وقال: فهمتك يا زعيم.
*داخِل منزل كادر بدر الكابر.
سيا وهي بتغطي كادر اللي نايم على الكنبة: أخبار بطنك إيه دلوقتي؟
كادر بألم: بتوجعني شوية بس.
سيا وهي بتملس على رجله: لا حول ولا قوة إلا بالله، معلش يا ماما تلاقيك واخد برد أو أكلت حاجة مش مظبوطة.
قعدت ميرا جنب حماتها وهي بتقول: إديتله مُسكِن قبل ما حضرتك تيجي بس برضو.
سيا وهي بتتاوب وبتبُص للفون بتاعها: هيبقى زي الفُل بإذن الله متقلقيش، أنا مش قادرة أفهم بدر وكينان مبيردوش ليه! خلاص القلق نهش قلبي
إتصلت سيا للمرة الأخيرة على كينان اللي رد أخيرًا ومُجرد ماسمعت صوتُه قالت بلهفة: مبتردش ليه نشفتوا قلبي!
صوت كينان بنبرة هادية: مشوفتش الفون عاملُه سايلنت، معلش.
بلعت سيا ريقها وهي بتضيق عينيها وبتقول: إيه الأخبار عندك، إديني سيليا أكلمها أتطمن عليها وعلى ولادها.
سكت كينان شوية بعدها قال بنبرة مقدرش يخبي في خنقتُه: هي في الحمام دلوقتي طيب.
سيا حست بحاجة مش تمام فقالت بنبرة مُصِرة: طب إديني عزيز! لغاية ما سيليا تطلع.
ظهر صوت إنهُم بينادوا على دكتور ما فنزل كينان الفون بسُرعة وهو بيكتم السماعة بإيدُه.
سيا بتركيز: ألوو! إيه الصوت دا؟ إنتوا فين بالظبط.
بص كينان لبدر اللي نزل راسُه معندوش إجابة يكدبوا بيها على سيا أكتر من كدا، فرفع كينان الفون على ودانُه وهو بيقول: بُصي يا سيا، إحنا في المُستشفى مع سيليا.. هي إتعرضت لهجوم من مجهولين طعـ| نوها كذا طعـ| نة، لكِن لحقناها وهي في العناية دلوقتي، وعيالها بدر وسيلا كويسين هُما معانا.
سيا كانت إيديها اللي ماسكة الفون بتترعش وفاتحة بوقها وعينيها على الأخر، مدت ميرا إيديها وهي بتطبطب على ضهر سيا وبتقول: مالك يا ماما؟ حصل حاجة طيب؟
سيا برعشة وصوتها بدأ يروح بتسأل كينان: يعني إيه مجهولين، أنا! بنتي أنا قطـ| عوها!! يا حبيبتي يا بنتي!
إتعدل كادر وكإن وجع بطنُه راح وقلبُه بقى يتنفض جوة جِسمُه وهو باصص لأمُه وسحب منها الفون وهو بيقول بخضة: فين سيليا؟؟ في إيه اللي حصل!
قامت سيا وقفت وهي بتخرُج من البيت راح قفل كادِر الفون وهو بيقول: ماما رايحة فين، إستني!
سيا عمالة تردد زي المجنو| نة: يا حبيبتي يا بنتي! قطـ| عوكي!
كادِر وهو ماشي وراها على السلم بعد ما خرجت من الشقة: طب فهميني طيب عمي كينان قالك إيه!
بدأت رقبة سيا اللي بانت لما هوت طرحتها من ناحية الرقبة شوية تحمر جامد لإنها مكانتش قادرة تتنفس، ضربات قلبها بتتنفض جوة جسمها، وشها محمر وعينيها بتلمع بشكل زايد بالدموع لكِن مبتنزلش، حطت سيا إيديها على رقبتها بخنـ| قة وهي بتقول: أنا اللي وديتها بإيدي، شيلنا أنا وأبوك إيدينا منهُم خالِص! سيليا دي.. سيليا دي زي القُطة الشيرازي، مكانش ينفع أسيبها تتمرمط.. يا حبيبتي يا بنتي!
بصلها كادر وبدأت الدموع تتجمع في عينيه تاني راحت بصالُه سيا ودموعها بتنزل على وشها وبتقول: قطـ| عوا أختك بالسكينة! دا لو فرخة مش هيعملوا فيها كدا.
كادر وهي بيمشي بالعافية ورا سيا قال بضيق: طب رايحة فين دلوقتي يا أمي؟
سيا بعياط بعد ما خرجت من البيت: هسافر لبنتي، أطلُب منها السماح لو قصرت في حقها.
غطت ميرا بوقها بإيديها عشان تأثرت من اللي بيحصل، لف كادر وبصلها وهو بيقول: هاتي چاكيت بسُرعة ومفاتيح العربية، جري!
دخلت ميرا تجيبلُه الچاكيت والمُفتاح، طلعت جري تاني بعد ما إديتهومله وقالت بلهفة: إبقى طمني يا كادِر عشان خاطري!
لبس كادر الچاكيت على السريع وجري ناحية عربيتُه وركبها، ساقها وهو شايف سيا واقفة على الطريق مستنية السواق بتاعها راح وقف جنبها بعربيتُه وفتح الشباك نُص فتحة وهو بيقول: إركبي يا ماما.
سيا مش شايفة قُدامها من العياط ردت على كادر بصوت مبحوح: سيبني في حالي يا كادر، إتكل على الله يابني أنا مستنية السواق.
كادر بإصرار: يمشي تاني عادي، إركبي بس.
سيا بحزم: إرجع لبيتك ومراتك وسيبني في حالي بقى.
وقف كادر العربية ونزل وقف قُدام أُمه وقال: عشان خاطري طيب، دا أنا تعبان ونازل عشانك هتحرجيني؟
بصتلُه سيا وقلبها رق بعدها فتحت باب العربية اللي جنبه وركبت فيه، لف كادر وركب مكانُه فبصت سيا قُدامها وقالِت: إطلع على الڤيلا بتاعتي أنا وبدر، هتطمن على أخوك بعدها هسافر لبنتي.. وإنت إرجع لمراتك.
كادر بتصميم: هسافر معاكي.
بصتلُه سيا بحزم وقالِت: هتقعُد مع مراتك وعيالك هنا، وكمان عشان تخلي بالك على أخوك، فاهمني!
* اليوم الأخير للسُفراء داخِل المكان المجهول.
صباحًا، كان عزيز وعيسى ماسكين كوريك، بيحفروا في الأرض في الحديقة الخارجية اللي كانوا فيها من يومين، بأمر مِن الأرانِب، وأمير بيشيل الرمل اللي بيطلع من الحفر وبيوديه بعيد هو وكذا شخص من الأرانِب، العرق بدأ يتصبب على وشهُم رغم برودة الأجواء
ونوح كان نايم على مُرجيحة قُماش متوصل كُل طرف منها في شجرتين مُتقابلتين وحواليه أربع بنات.
واحدة منهُم مايلة عليه وبتقول بمياعة: إسمك الرايق ليه؟
عزيز وهو بيغرز الكوريك في الرمل وبيبُصلُه بتكشيرة: إقعُدي معاه خمس دقايق وإنتِ هتعرفي ليه إسمُه الرايق.
رد نوح عليها وقال وهو لابس نظارة شمسية زرقا: عشان عُمري ما بتضايق، لإني لو إتضايقت هخرب كُل حاجة.
عض عزيز على شِفتُه السُفلى فقال نوح وهو باصصلُه: إشتغلوا كويس يا ولاد، عاوزكُم ترفعوا راسي.
عيسى وهو بيرجع شعرُه لورا بإيدُه وبيسند بجسمُه على الكوريك وبيفلت من بين شفايفُه السلسلة الفضة بتاعتُه: ما تقوم تهز طولك وتحرك نفسك معانا!
إستنكر نوح كلام عيسى وقال ببراءة مُصطنعة: أنا يابني؟ دا أنا غلبان وتعبان، مريض بعيد عنك.
قال أمير بضيق وهو بيمسح العرق عن وشُه: كُلنا مرضى، بس مش قاعدين ولامين النسوان حوالينا زيك.
نوح رجع راسُه لورا وهو بيضحك وقال وهو بيخبط بنت منهُم على ظهرها وبيقربها ليه: دول مش نسوان، دول أرانب يعني حيوانات أليفة بربيهُم وبرعاهُم.
بص نوح لواحدة تانية وهو بيقربلها براسُه وقال بضحك: هاتولي طبق ملوخية عشان أكُل الأرنب دا.
ضحكت البنت ضحكة رقيعة فضغط عزيز على سنانُه وهو بيقول: ما تغور تستريح جوا!
نوم وهو بيرفع النظارة على شعرُه حرك حواجبه وهو بيقول لعزيز: لا عاوز أتشمس هنا.
عيسى وهو بيحُط الكوريك على كتفُه قال: تتشمس أه، درجة الحرارة خمسة تحت الصفر ودا عاوز يتشمس.
نوح بتريقة: ما إنتوا عرقانين أهو، خشوا خدوا دوش كدا الارانب مش هيقولوا حاجة.
عزيز بضيق خُلق: تسمح تنقطنا بسُكاتك؟
شاور نوح على بوقُه علامة السوستة بمعنى هسكُت
بدأ عزيز يكمل شُغله وهو باصص على البوابة اللي بتطُل على البحر، على مدار الأيام اللي قعدوها في المكان المجهول دا لاحظ إن يوميًا بتيجي عربيات غريبة يا إما تنزل أطفال أو أشخاص مُسلحين، يا إما صناديق خشبية مقفولة غالبًا بيكون فيها ملابس التنكُر أو ملابس غير مُلائِمة للأطفال بيلبسوها للأطفال!
* داخِل المشفى، عند صِبا والطبيبة النفسية
صِبا بنفاذ صبر: انا عاوزة أفهم حاجة هو إحنا هنفضل قاعدين هنا؟ أول مرة أشوف مُستشفى تتحول مسرح جريمة ومُشتبه فيهُم يتحجزوا في مُستشفى!
قامت الطبيبة النفسية وهي بتطلع من بين شفايفها اللي إتشققت من قلة الأكل والبرد بُخار بارد، وقفت جنب صِبا وهي بتواسيها وبتقول بهدوء مُصطنع: متنسيش إننا هِنا في المقام الأول مُرافقين لرفيف، يعني قاعدين عشان نتطمن عليها لإنُه قد تحدُث لها ولادة مُبكِرة ووضعها الجسدي والنفسي مش أحسن شيء.
صِبا بضيق وعياط ومناخيرها سالت من برودة الجو: ولا أنا وضعي النفسي كويس، أنا مرعوبة على جوزي ومصيرُه مبنامش من رُعبي عليه، ومفيش لبن في صدري أرضع إبني من كُتر ما نفسيتي في الحضيض، وأكل المُستشفى بلاستيك ملهوش طعم، هو ليه بيحصل معانا كِدا؟
حطت الطبيبة النفسية إيديها على راسها وهي بتقول بصُداع: أنا عاوزة أشرب سيجارة.
صِبا بصدمة وهي بتبُصلها: إنتِ بتدخني؟
الطبيبة النفسية: مش دايمًا، بس دلوقتي محتجاها جدًا، هشوف في الكافيتيريا.
سحبتها صِبا من دراعها وهي بتقول: تعالي هنا كافيتريا إيه اللي هتلاقي فيها سجاير، دي مُستشفى والسجاير والتدخين ممنوعين!
دفت الطبيبة النفسية دراعاتها بإيديها وراحت قعدت عند بوابة الـExit
إتحركت صِبا وقعدت جنبها وهي بتضُم رجليها لصِدرها وبتقول: عاوزة أسألك على نفس الحاجة لإني مفهمتش من كلامك وإجابتك على نفس سؤالي
رجعت الطبيبة النفسية راسها لورا وسندتها على الحيطة وهي بتقول بتعب: إسألي.
صِبا والهواء البارِد من فتحة الباب بيحرك شعرها قالِت: إيه اللي هيحصل لو قعدوا يواجهوا مشاكِل ومتعالجوش، أو لو تجاهلوا العلاج تمامًا؟
الطبيبة النفسية وهي بتكشر: هيحصل حاجة مش لطيفة أبدًا..
صِبا بفضول: زي إيه؟
بصتلها الطبيبة النفسية وقالِت: المشاكِل اللي بيعملوها، بيعملوها مت أي حد يضايقهُم، لكِن لو متعالجوش!..
* داخِل المكان المجهول
عزيز كان بيقلع التيشيرت بتاعُه وبيكُب مياه على جسمُه وهو بيحرك راسُه يمين وشمال عشان ينزل المياه عن شعرُه، بصلُه نوح وقال لأول مرة بجدية دون هزار: كان قصدك إيه وإنت بتسكتني برا، يا ترى لو مكونتش سكِتكان هيحصل إيه؟
رجع عزيز شعرُه لورا بإيدُه وقال: كان هيحصل حاجة مش هتعجبك..
وقف نوح على رجليه وهو بيعرُج وبيوقف قُدام عزيز، ضربُه في صدرُه فرجع عزيز خطوة لورا وقاله نوح وهو بيبُصلُه بنفس الجدية: أحِب أشوف؟
خبطُه عزيز جامد وكان نوح هيوقع لإن صحتُه تعبانة لكِنُه توازن، فقال عزيز: على الأقل نخلص مِن المُهرج اللي طول الوقت بيهزر..
نوح عينيه ضلِمت وهو بيشمر قميصُه وبيقول: عندك حق، أنا مُهرِج فعلًا.. بس بتاع فيلم It.
عيسى وهو بيبُص وراهُم شايف طيف أبوه قال بزعيق قطع سكون المكان مرة واحدة: إخرسوا! كُل واحِد فيكُم يقعُد مش شايف كويس!
بصولُه هُما الإتنين، راح عيسى باصصلهُم بجدية وضيق وقال بلهجة تحذير: لو مقعدتوش، هقوملكُم أنا.
عزيز بنبرة مُخيفة: ولو قومت؟ هيحصل إيه؟
وقف عيسى وهو بيطرقع رقبتُه وبيحركها جامد وقال وعينُه بترف: مبيتحكيش، بيتعمل..
* داخِل المشفى / صِبا والطبيبة النفسية.
كان عامِل النظافة ماشي بجردل المياه فشاورتلُه الطبيبة لو معاه سيجارة، راح باصص حواليه بعدين طلعلها واحدة وولعهالها
سحبت نفس منها وهي حاسة إن النيكوتين إتغلغل جوة مُخها، نفثت الدُخان وصِبا بصالها مستنياها تكمِل.
الطبيبة النفسية وهي ضامة أسنانها وبتطلع الدُخان من بينهُم قالت لُصبا: عارفة الجليتش؟ تعرفي لما التليفزيون يكون شغال كويس وفجأة الشاشة تجيب ألوان؟ وتعمل صوت الودان متستحملهوش؟
صِبا حركت راسها بمعنى أه فقالت الطبيبة النفسية بإبتسامة مُريبة: دا اللي هيحصلهُم، هيقلبوا على بعض، المرض هيخليهُم أعداء لبعض.
برقت صِبا وقالِت: طب و.. ولو حصل كدا! حد منهُم هيموت؟
قالت الطبيبة النفسية بلهجة غريبة: البقاء للأقوى فيهُم!