رواية امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الثالث والعشرون
انتهت من تنظيف الشقة لتتنهد بتعب، تطلعت إلى الساعة المعلقة بترقب
ياااه، آثر اتأخر النهاردة جوي، هخلص الوكل وارن عليه، ابتسمت بسعادة غامرة وبصرها يحتضن المكان من حولها لتهمس
المكان اهنه حلو ونضيف جوي، ربنا يحرصك يا رحيم ويچبر بخاطرك.
علا صوت هاتفها بنغمة تحفظها دون سواها فمن لها إلا شقيقها
اسرعت تلبي نداءه قائلة
السلام عليكم يا خوي، اتأخرت ليه يا آثر
اجابها بحنو : اتغدي انتِ يا شام، أنا هتأخر في الشغل وهخلص واطلع عالچامعة أخذ الكتب.
ترددت قليلاً قبل أن تسأله
هو أنت متوكد من حكاية الچامعة دي، خايفة يعتروا فينا من هناك
ابتسم وكأنها أمامه يرغب في طمأنتها
اطمني يا شام، رحيم مچهز كل حاچة وعامل حسابه، متخافيش يا حبيبتي اللي ربنا مجدره هنشوفه، هيحصل ايه يعني، المهم دلوك تتغدي وتنامي ساعتين اكده وهتلاجيني جدامك وعاملك مفاچاة حلوة زيك تمام
شام بترقب
ها، مفاچاة إيه ديه
ابتسم قائلاً : بعدين يابت، روحي لحسن المدير يلمحني ويفكرني مجضيها تلفونات ومهمل الشغل
اطاعته بحب وتوجهت إلى المطبخ، أحضرت بعض الطعام وجلست بمواجهة التلفاز تستمع إلى مسلسل تركي مدبلج تبتسم بوله وتتمنى أن تصبح ذات يوم محل تلك البطلة.
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
وما عاد القلب يتراقص مع ألحان الحياة، ولم تعد نغماته كما كانت، لقد باتت بلا روح كحالنا.
ادمعت عيناه، استمر في صمته يتمنى ألا يفضي إليها بما يؤرقه لكنها تصر على انتزاع ما تريد
همس بصوت خافت
انتِ يا سهيلة، معقول تتهميني اتهام زي ده، أنا مش مصدق
اولته ظهرها قائلة
أرجوك يا يزيد، فهمني ليه مصر على لؤي، رغم انك مش مصدقه، أنا وأنت عارفين ان لؤي ويسري كل همهم الفلوس وبس
تحدث بحزن
وأي واحد هيتقدم لديمه نضمن منين انه مش طمعان فيها يا سهيلة، هنفترض ان شاب كويس وحبها وكان سند في غيابي، تفتكري هيقدر يحميها من عيون أهله واصدقاءه، أنا خايف عليها، ديمه رغم قوتها الظاهرية ضعيفة جدا، عكس ميادة، يمكن لأن ميادة كانت عارفة هي مين، أصولها مقوياها في وش الريح لكن ديمه زي ورقة الشجر أي عاصفة خفيفة بتاخدها معاها، أنا حاولت بكل طاقتي أحافظ عليها لكن للأسف العالم من حوالينا قاسي وظالم.
سهيلة بقهر
دي بنتنا، ومش مهم رأي أي حد، ولو على الجواز مش مهم خالص، كمان متنساش اننا في أوروبا مش مصر يعني الحاجات دي مش...
ابتسم يزيد بسخرية
مش ايه يا سهيلة، هنا أكتر من مصر، احنا ربينا ديمه جوه قفص، طلعت رقيقة متعرفش لؤم العالم وجبروته، لؤي محتاج فرصة أنا حاسس ان جواه نضيف، وقبل ما تعترضي أنا مستحيل اسلمله بنتي قبل ما اتأكد مرة واتنين وعشرة، بس أنا فكرت كتير وشايف انه أنسب واحد ليها
سهيلة بحزن : مناسب من حيث ايه
يزيد : من حيث عيوبه يا سهيلة، زي ما بنقول في مصر لا تعايرني ولا اعايرك، يسري أخويا للأسف مسابش حاجة غلط ومعملهاش، لحد ما وصل للسجن، لو لؤي حاول في يوم يقلل من ديمه أو من نسبها اهتقد ان والده هيكون سبب كافي يعرفه مقامه وانه مش أفضل منها، أما بالنسبة لمميزاته فالولد بيحبها وشاب وسيم، متعلم وغير كده من دمي يا سهيلة، في الأول والآخر ابن اخويا
وضعت وجهها بين كفيها حائرة، لا تعلم الصواب أو السبيل إليه، تخشى أن تقع فتاتها في بئر ابتلعها هي من قبل لكنها كانت محظوظة بيزيد الذي اخرجها من غيابات الظلمة.
💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮
يابوي علي جماله روايه
شربات عنب يروي روايه
عطشانه جابني علي عمايا
ومشيت وقلبي ياناس خالي
مع إن توبه ماهوش توبي
طالع في قدري ومكتوبي
وعشان ماسابني ورمى طوبي
بشكيه لناسه وناس خالي
كانت تتغنى بصوتها العذب وسعادتها تتجلى كما الشمس الساطعة ومن حولها أولادها بينما سلمان وسما يتمايلان بخفة ولا يصدق أحدهم أن ميادة تمتلك تلك الموهبة.
بينما هو واقف يبتسم مجاملة وبداخله رفض لما تفعله، يود أن يختطفها الآن بعيداً عن الأعين، لقد استأثر بها منفرداً بجمالها دون سواه فكيف لها أن تمنح لغيره تلك الأفضلية.
تنهد مرارا يتمنى أن تلتقي عيناها بخاصته فتدرك مدى تألمه وسيطرة غيرته القاتله على فؤاده، لم يمض الكثير وبحثت بعينها عنه وقد اشتاقت إليه لتفزع بعدما رمقها بنطرة اوجعها ما تحتويه من عتاب.
ختمت ميادة غنوتها وتركت الأعين المتسلطة عليها هاربة إلى عيناه هو ليستوقفها أحدهم ناظراً إليها بترقب، يتفحصها مليا، يبتسم إليها بود كأنها صديقة غائبة منذ زمن، اقترب قليلاً يود مصافحتها قائلاً
حضرتك لسه صوتك حلو، يجنن يمكن أكتر من زمان
اعتذرت بلباقة
آسفة، مش بسلم.
تنحنح حرجاً ليسألها في محاولة منه لتفادي الحرج الذي استشعره
انتِ جودي القاضي، مظبوط؟
تحدثت بثبات : حضرتك غلطان، أنا ميادة السياف، مدام نوح السياف.
تفاجأ هو واعتذر بعدما تأكد من حديثها عندما اقترب نوح بخطوات تسابق الصخب المتصاعد من حولهم، ودون أن تدري استشعرت يده تحيط خصرها بتملك قائلاً
أهلا رؤوف بيه، منور الفرح.
مد رؤوف إليه يده يصافحه بحرارة قائلاً
ألف مبروك يا نوح باشا، بالرفاء والبنين ان شاء الله.
ابتسم نوح بمجاملة
تسلم يا غالي، عن إذنك
كاد أن يتحرك ليستوقفه رؤوف متحدثاً بتلقائية
مدام ميادة صوتها رهيب، فكرتني بمطربة جميلة اختفت من فترة و....
أشار إليه أن يتوقف عن الحديث فتوقف من فوره بعدما استشعر مدى حماقته واسترساله في كلمات من الواضح انها أثارت غضبه، اعتذر رؤوف بخفة وغادر مسرعاً ليهمس نوح إلى ميادة بتحذير
حسابنا في البيت يا مدام، دلوك تروحي تجعدي چار امك لحد ما الفرح يخلص، مفهوم.
نظرت إليه بترقب واقتربت قليلاً تود أن يلتمس لها عذراً فكرر كلماته بتأكيد
مكانك يا ميادة وخلي ليلتك تعدي على خير.
🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼🌼
واقف هو بشوق جارف ولهفة متأججه، مضى وقت ليس بالقليل فاقترب سلمان من باب غرفتهما يسترق السمع بحذر دون فائدة، كل ما وصل إلى مسامعه صمت مريب، دق الباب برقة هامساً
خبر ايه يا سمايا، انتِ نمتي ولا ايه؟
ترددت قليلاً قبل أن تستجمع قوتها وتنحي خجلها وتصدمه بقولها
لأ، بس أنا شايفة اننا اتجوزنا بسرعة وملحقناش نعرف بعض، وأنا بصراحة مش هقدر نتمم جوازنا كده، مش هينفع أصلا أسلم نفسي لراجل غريب
فغر فاهه بصدمة وهز رأسه هنا وهناك عله يفيق، تنحنح قليلاً في محاولة منه لاستمالتها
حبيبتي، غريب ايه بس، ده أنا چوزك حبيبك، وبعدين افتحي الباب وخلينا نتفاهم
سماء بجدية : لأ، انت روح نام في أي أوضة
سلمان بحدة طفيفة : هتفتحي الباب ولا اكسره
سماء بخوف : إياك، عارف لو قربت من الباب هصرخ واندهلك أهلك من تحت
ابتسم بمكر قائلاً بتحدي
وماله، انا راضي بحكمك، هنزل اچيب أمي وابويا واجولهم إنك كارهه ابنهم
سماء دون تردد : لأ طبعاً، أنا مش بكرهك، اكيد لأ
سلمان بصوت يغلبه الرغبة
يعني هتحبيني؟
تلعثمت هي ولم تفلح في مجاراته فتنهدت قائلة
سلمان أرجوك أنا بتكلم جد
سلمان بهدوء : خلاص، بكيفك يا سما، هاتيلي هدمتين من عندك اغير هدومي واتخمد في أي مكان
تلكأت هي قليلاً، لا تريد أن تبعده وتخشى اقترابه، منذ دخولها إلى بيته وقلبه يرتعد خوفاً، كل ما يحيطها يشعرها بالغربة، أناس جدد ووجوه مختلفة وعادات من الواضح انها لا علم لها بما تعنيه
فتحت بابها تمد إليه يدها بما طلبه ليجذب من بين يديها ملابسه دون النظر إليها لكنها طلبت إليه البقاء بخجل
سلمان، انت زعلت وهتخاصمني؟
تحدث بهدوء : لاه، تصبحي بالخير.
اقتربت منه فناظرها بعتب ولسان حاله يلومها على تصرفها لكن عيناها اللامعة بدموع التردد جعله يلقي بتلك الملابس أرضا ويضمها إليه بقوة جعلتها تتأوه بخجل، دفن رأسه يستنشق عبيرها المثير باستمتاع هامساً
بحبك، بحبك يا سما
باتت هي كما الزهرة التي منحتها الحياة ربيعاً لا ينته فبادلته وكأنها في حلم وردي، اغتنم قربها واخذها بكامل رغبتها إلى عالمه، بخطوات لم يسلكها هو أو هي من قبل في طريق ممهد بعشق جارف.
💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮💮
وها نحن قد تخطينا عشر سنوات، مضت ولم تمض أمواجها بسلام فقد كانت كعادتها شرسة مع البعض هادئة بوجه خادع مع اخرون لكنها ومهما صار تبقى أمواج قاتلة.
صافح رحيم شركاءه الجدد يحدثهم بوقار وعينا نوح تطلع إليه برضا
انتهى من حديثه إليهم وغادروا جميعأ ولم يبق سواهما، تساءل رحيم بأدب
حضرتك كويس، تحب نروح البيت ولا نقضي اليوم في الفيلا ونسافر الصبح
نظر نوح إلى العقود التي وقعها رحيم وأخبره
انت خابر اني مجدرش انام برة بيتي
ابتسم رحيم بمشاكسة
أكيد طبعا، ولا بعيد عن المدام
احتدت نظرات نوح فانحنى رحيم ضاحكًا
آسف يا باشا، نص ساعة بالكتير هكون مخلص شوية أوراج ونتوكل على الله.
رمى إليه نوح كلمات أراد من خلالها أن يصل إلى مشاعر رحيم
عمك حسن وأسرته هيوصولوا البلد يوم الچمعة، حاول تفضي نفسك وتجعد معانا.
زين وجهه ابتسامة هادئة جعلت نوح يتأكد من حدسه لكنه لم يعقب وقد عزم أمره على طلب رنا لرحيم فقد ان الأوان لبدء حياته الخاصة.
اندفع رائد إلى المكتب غافلا عن نوح، يعلو صوته بحدة قائلاً
شايف يا رحيم، شايف أبوك وعمايله المهببة، رفد السكرتيرة بتاعتي من غير حتى ما يسألني، البنت چميلة وشايفة شغلها وعچباني، يمشيها ليه؟
اجابه نوح : يمكن لأنها شركتي ومالي وأنا حر فيه.
تراجع رائد إلى الوراء فارتطم بالحائط من خلفه، نظر إلى رحيم عله يساعده على الخروج من ذاك المأزق فرفع رحيم كفيه منسحباً ليبتلع رائد ريقه بخوف قائلاً
منور يا بابا، بكيفك طبعا، أنا عندي شغل كتييير أوي، بالاذن.
هرول مسرعاً خوفاً من بطش نوح الذي حذره مرارا ولكن يبدو أن القادم ليس في صالحه.
ضرب نوح المكتب بيديه متوعداً له
ورب الكعبة يا رائد لكون معلمك الأدب، وانت كمان بتضخك على ايه،مش مفروض انك تحط عينك عليه ولا أخوه بالإسم، عيال عرر، بس الغلط مردود وهتشوفوا هعمل فيكم إيه.