رواية تنهيدة عشق الجزء الثالث (عودة سفراء العبث) الفصل العشرون 20 بقلم روزان مصطفى


 رواية تنهيدة عشق الجزء الثالث (عودة سفراء العبث) الفصل العشرون 


" كطِفل صفعتهُ والِدتهُ ونظرت لهُ بِحزم ألا يبكي حتى لا تصفعهُ مرة أُخرى، هذا ما تفعلهُ بي الحياة، تنهال علي بِصفعة تِلو الأُخرى حتى أفقدتني الشعور، ماعُدت أعلم على أي شيء تحديدًا أبكي! " _بقلمي.

بصوا كلهُم للدكتور بترقُب فقال: لقد عاد النبض لِمسارهُ بعد عِدة مُحاولات لإنعاشُه، لكِنهُ ضئيل نوعًا ما، سننتظِر ثمانية وأربعون ساعة حتى تستقِر حالتهُ، إن لم يحدُث شيئًا ما يدعو للقلق خلال تِلك الساعات سنكون تجاوزنا وأخيرًا مرحلة الخطر.
خدت رفيف نفس عميق متبوع بشهقات عياط مكتومة، حضنتها سيليا عشان تهديها وعزيز والدكتورة كانوا واقفين جنب بعض ماسكين إيدين بعض بسعادة إن نوح مجرالهوش حاجة، حركة عفوية لكِن عيون سيليا كانت عليهُم وبتبُص بطريقة توحي إنها هتاكُلهُم.

* داخِل المزرعة.

كان عيسى واقِف وباصِص للشخص الهزلي اللي واقِف ماسِك السهم ومصوِبُه تِجاه عيسى
بلع عيسى ريقُه وهو مكور إيديه ومركز تمامًا مع حركة إيد الشخص اللي قُدامُه
فلت السهم من بيت السهام من بين إيدين الشخص ورايح في طريقُه يخترِق جسد عيسى، ولإن عيسى واقِف على طين فكانِت حركتُه بطيئة نوعًا ما عشان كدا إضطر يوطي ويتشقلب على الأرض والسهم تجاوزُه ومجاش فيه
رشق في الشجرة التالفة اللي وراه، قعد عيسى على رُكبُه وهو باصص بعيون مضيقها للشخص اللي قُدامُه اللي كان لابِس ماسك أرنب مش كيوت لا كان يخوف، والتاني واقِف ثابِت زي الصنم، رفع بيت السهام تاني وسحب أخر سهم ورا ظهرُه، عيسى كان باصصلُه بترقُب
فضل الشخص ماسك السهم في إيدُه وبدون مُقدمات رمى السهم على الأرض ومشي بِبُطء وبثقة كإنُه عارِف إن الخِصم ضعيف هيكون صعب عليه يلاحقُه.
أتنهد عيسى وخد نفس عميق وهو مستغرب ليه سابُه من غير ما يحاوِل يأذيه تاني؟ وليه قرر يموت الشاب وميموتش عيسى الأول وياخدُه على غدر وخيانة!

* داخِل منزِل السُفراء.

أمير وهو بيغير هدومُه قال لصِبا: يعني إنتي عايزة إيه دلوقتي؟
صِبا بعد ما نيمت إبنها: هتروح تعمِل إيه ما كلهُم هِناك، ولا هنزحِم الدنيا وخلاص.
أمير بحزم: إنشالله أستنى في عربيتي في الباركينج، إلبسي يلا وهاتي الولد عشان هنروح، وطالما كلهُن هناك هقعُد أحمي مين هِنا.
صِبا بصوت ضعيف: حاضر.
كانت بتخرج هدومها وهي لاوية بوزها وعيطت عياط خفيف، لاحظ أمير دا راح مقرب منها ومسكها من أكتافها وخلاها تبُصِلُه وهو بيقول: أنا عارِف إنك مضغوطة زيادة عن اللزوم، وإنك بتعملي اللي بقولك عليه من غير نقاش كتير، بس أنا خايف عليكُم وعلى صحابي عايز نبقى كُلنا كويسين وبخير، عشان خاطري ياحبيبتي إستحملي معايا، أنا مبقتش قادِر.
صِبا رفعِت راسها وهي بتبُصِلُه وقالت بدموع: أنا عندي أستحمِل كُل دا، ولا أستحمِل إنهُم يعزِلوك في مصحة ومشوفكش أنا وإبنك.
باس أمير راسها وحضنها وهو بيقول: حقك عليا أنا من أي حاجة، حقك عليا على كُل دا، هعوضك بس لو الدُنيا تفتحلنا دراعاتها في يوم مش تدينا على دماغنا كُل ثانية كِدا
صِبا وهي بتبوس خدُه: بإذن الله ربنا هيعوضنا.

* داخِل المشفى

كانت سيليا بتسرح شعرها بصوابعها قُدام شباك أوضة، بصلها عزيز وبص لجسمها المُتناسِق في لبسها فـحس إنها وحشاه راح قايم ومحاوط وسطها بـإيديه، راحت بعدت إيديه وهي بتبُصِلُه بنظرة تحذيريه وبتقول بجدية: إنت مش واخِد بالك إحنا فين ولا إيه؟
عزيز إستغرب وقالها بضيق: في إيه يا سيليا ما إحنا إتطمِنا على نوح وبعدين وحشتيني وبحضُنِك تقومي باعدة إيدي بالمنظر دا!
سيليا بضيق وهي بتحرك عينيها لفوق: ميوحشكش غالي، من فضلك إيدك متتمدش عليا سواء هِنا أو في البيت.
حرك عزيز راسُه يمين وشمال وهو بيقولها بنظرة حادة: دا من إيه دا؟
سيليا بدلع ساخِر: من دماغي، أنا واحدة مش عايزة إيدك تيجي عليا فيها حاجة دي؟
عزيز وهو بيشدها من دراعها بغباوته المعهودة: متخليش الجنونة تطلع عليكي في نُص المُستشفى وإظبُطي!
سيليا سحبِت دراعها من إيديه وقالت وهي بتفرُك دراعها من الألم: بلا جنونة بلا قاسية!
عزيز بصلها بضحكة جانبية وهو بيقول: الله الرايق موصيكي تكملي مسيرتُه ولا إيه، تعالي هِنا.
سيليا بضيق: هو إيه اللي تعالي هِنا هو إنت فاكرني بهزر ولا إيه؟
عزيز بعصبية: يابنتي في إيه هو أنا عملتلك حاجة؟ إنتي مجنونة ولا إيه!
سيليا من بين سنانها: روح للدكتورة الهبابة بتاعتك دي خليها تنفعك.
سابتُه ومشيت راح إتأفف لإنُه مش وقتُه، رجع عيسى وهو بنطلونُه متبهدل بالطين وحالتُه حالة، شافُه عزيز بالوضع دا فقرب منه وهو بيقول بصدمة: إنت جريت روحت فين؟ وإيه اللي عمل فيك كِدا؟
عيسى وهو بيعُض على السلسلة الحديد بتاعتُه: كان طُعم عاملينُه عالم ولاد *** عشان يوقعوا حد فينا.
برق عزيز وقال: يعني إنت كُنت هتبقى الضحية؟ طب سابوك ليه!
كور عيسى إيدُه وهو بيقول: ما دا اللي مجنني، في مغزى للحركة دي، أو حاجة عاوزين يوصلوها من حركة إنهُم يسيبوني.
عزيز فتح بوقه من الصدمة وقال: أو يمكِن مش إنت المقصود، وعملوا كِدا عشان ينبهوا حد فينا بوجودهُم!
عيسى وهو بيبُص لنفسُه بقرف: مش عارف بس عايز أخد شاور وأغير، بدل ما أنا عامِل زي الخنزير البري كِدا.
عزيز بهدوء: خلاص حالة نوح بقت كويسة وإحنا هنفضل معاه، إنت لازم تروح عشان عندك إنت ومراتك سفر لمصر.
عيسى بتعب: سفر لمصر ليه؟ في إيه!
عزيز وهو بيتنهِد: عشان والدك يا عيسى م.
قاطعُه عيسى وقال وهو بيغمض عينُه بحزم: الحج الغُريبي عايش وصِحِتُه بخير وأمل معاه كمان، ويوسف أنا هربيه على مقلبُه الغبي دا عشان مش وقتُه، مش هتحرك من هنا غير لما أخُد حق نوح.
عزيز بصدمة: طب إنت عارِف مين عمل فيه كِدا؟
ميل عيسى على وِدن عزيز وهمس فيها بـحاجة راح عزيز مبرق وخبط عيسى في صِدرُه وقال: إنت إتجننت! عاوزنا نكون أعداء لدول! مينفعش يابني مينفعش دا ولا حراسة ولا سلاح هيحمونا منهُم.
عيسى من بين سنانُه وهو بيتلفت حواليه: ما هو دول مش الأصليين دول عيال هايفة بيحاولوا يقلدوا الأصليين أو يتلزقوا فيهُم، أصل أنا سحبت فون الواد قبل ما يتقتل.
عزيز وهو مكشر بعدم إستيعاب: واد مين؟
عيسى وعينُه الشمال بترِف: اللي إستخدموه كطُعم عشان يسحبوني ويحصل اللي حصل.
حط عزيز شعرُه بين صوابِع إيديه وهو بيضغط على سنانُه وفجأة زعق وقال: إنت مجنوون!! إنت لبستنا كُلنا في ميتين شجرة كبيرة خشبها هيغرز في جسمنا مش هنتحل!
عيسى ردِلُه الخبطة في صِدرُه وهو بيقول بزعيق وتبريقة لو هنتكلِم على اللي لبسنا، فإنت أول واحد بدأ الحوارات الحمضانة دي، متجيش على ناهيتها تعملنا عم العاقِل اللي عندُه مُخ بيفكر!
عزيز بعصبية وبغضبه اللي مبيعرفش يتحكم فيه: أيوة معنديش مخ بس عندي عقل بيخليني أفرق بين الواقع والخيال ومبيخلنيش أتخيل حد ماات!
قالها وهو بيزُق عيسى من صدرُه وعيسى فتح بوقُه من الصدمة وهو بيبُص لعزيز بِخذلان.
إتدخلت سيليا بينهُم وهي بتزُق عزيز بإيديها وشعرها بيتنطر على وشها وبتقوله بتبريقة: إنت إتجننت؟؟؟
عزيز غطى وِشُه بإيديه وهو بيتنفس بسُرعة وبيبُص لعيسى اللي وِشُه مليان خِذلان مِن صاحبُه.
عزيز وهو بيتنهد قال وهو بيحاول يمد إيدُه ناحية عيسى عشان يلمِسُه: مقصدتش بجد إنت اللي عصبتني و..
عيسى بنبرة هادية بس حادة: كِدا خِلصت، أنا ماشي
سيليا بتوتُر: هتروح فين يا عيسى! مينفعش تمشي لوحدك.
عيسى بهدوء لسيليا: متخافيش.
سيليا بحُزن عليه: لا أخاف، تعالى هوصلك.
عزيز بحزم: توصليه فين إنتي إتجننتي؟ أنا اللي هوصلُه.
سيليا من بين سنانها وهي بتبعدُه: قولت أنا هروح معاه عشان بنتي في البيت، شيل إيدك إنت عني!!
سحبت سيليا عيسى من دراعُه وخرجوا بسُرعة من المُستشفى، لقوا عربية أمير بتركِن.
جريت سيليا عليه وشعرها بيتحرك حواليها وقالت بتبريقة عصبية: مين مع بنتي في البيت؟
عيسى بجدية وقلق: ومين مع مراتي وبنتي؟؟ وأخت رفيف.
أمير بص لصبا وقال: ما أنا عاوز أتطمن على نوح فـ..
قاطعت كلامه سيليا وهي بتسحب من بين إيديه المفاتيح وبتقعُد في كُرسي السواق وبتقول لعيسى بصويت: يلا يا عيسى إركب جنبي.
ركب عيسى فقالت صِبا: طب وإحنا هنرجع إزاي؟
مشيت سيليا بالعربية وهي مبترُدش عليها وإتحركت وهي سايقة جامِد
عيسى وهو راكِب جنبها: بدر الكابر اللي علمك السواقة برضو صح؟
سيليا بضيق: لا عزيز..
بص عيسى من الشباك اللي جنبُه فإتنهدت سيليا وهي سايقة وقالت: صدقني هو بيحبك ومش قاصِد.
بصلها عيسى وقال: وبيحبك إنتي كمان، وأيًا كان اللي عملُه وزعلِك لإني لاحظت التوتُر بينكُم قبل ما نخرُج من المُستشفى.
سيليا بضيق: الرجالة بعد الجواز بتزهق، مبيبقاش عندها شغف الحُب بتاع بداية العلاقة لإن بيبقى خلاص.
عيسى بص قُدامه وقال: مش خلاص، بيبقى في مسؤوليات فبتاخُد من الوقت.
دمعت سيليا وهي سايقة وقالت: والمسؤوليات دي بتؤدي للخيانة؟
بصلها عيسى بصدمة راحت بصالُه وهي متضايقة بعدها بصت قُدامها.
عيسى وهو بيبُص للعربية اللي هُما راكبينها: هو أمير جاب العربية دي منين؟ معقول لحق يأجرها!



* داخِل منزل السُفراء

ركنت سيليا بسُرعة ونزلِت من العربية جري ووراها عيسى، دخلت لجوة وهي بتنده بصوت عالي وبتقول: سيلا!! يا بنت!
جريت سيلا عليها وهي بتقول: ماامي.
حضنتها سيليا وهي بتملس على شعرها وبتشيلها وبتتعدل توقف، بصت لمياسة اللي شايلة قمر وعيسى واقف جنبها وقالت: قلقنا عليكُم عشان أمير سابكُم وجِه هو وصِبا.
مياسة بتعب: كُنت برضع قمر بس وأهي نامِت، نوح بخير؟
سيليا وهي بتاخُد نفسها ونزلت سيلا على الأرض قالت: أيوة بخير، الدكتور طمنا وسيبنا الباقي هناك.
عيسى بتعب: أنا هدخُل أخُد شاور عشان متبهدل.
سيليا وهي بتقعُد على الكنبة وبتسحب سيلا تحضُنها: مفيش راحة، مفيش يوم بنتنفس فيه براحة من غير تعب وحوارات ودم، وأهو نوح كان هيروح مننا.
حطت مياسة قمر على الكنبة وهي بتغطيها كويس وقالِت: بعد الشر عليه ربنا يخليه لمراتُه وإبنه الجاي، هي رفيف عاملة إيه؟
بلت سيليا شفايفها بلسانها وقالِت: تعبانة أوي يا عيني، ومش قادرة توقف على رجليها وفي نفس الوقت مش قادرة تسيب نوح وتيجي
مياسة قعدت على الكنبة جنب سيليا وهي بتقول: مسكينة، هتلاقيها منين ولا منين.
رجعت سيليا ظهرها لورا وهي بتقول: إحنا كُلنا مساكين وحياتِك، إيه الخربشة اللي على رقبتِك دي؟
نزلِت مياسة شعرها على رقبتها وهي بتفتكِر اللي حصل بينها وبين عيسى لما كان متعصب وأخد حقُه الشرعي منها بطريقة سيئة فقالت بإبتسامة: متشغليش بالِك، والدكتورة معاكُم هناك؟
وش سيليا إتقلب وهي بتقول: مش عاوزين يخلصوا منها مش عارفة ليه، صِبا كان معاها حق بس إحنا مش واخدين بالنا.
كانت مياسة سرحانة ومش على طبيعتها فسقفت سيليا قُدام وشها، فاقت مياسة وهي بتقول: ها؟
سيليا وهي بتعُض في ضوافرها: ها إيه؟ دا إنتي مش معايا خالص.
مياسة بنفس الهدوء والرقة: لا أبدًا، بس مستغربة إن عيسى مش مُهتم بوفاة أبوه.
سيليا زهي بتتاوب: لإنُه من الصدمة بقى عندُه تبلُد ياعيني، بقى رافض للواقع ومش سامع غير كلامُه هو بس، إن الحج الغُريبي لسه عايش، على العموم أنا كلمتِلُه بابي ولو حب ينزل في أي وقت لأهلُه يروح لسفينة مايكل.
مياسة بدوخة: أها.
كان في كيك صُغيرة متغلفة محطوطة على الترابيزة، سحبتها سيليا وهي بتفتحها لبنتها سيلا عشان تأكِلها ليها
شمت مياسة ريحة الكيكة فحطت إيديها على بوقها وقامت جريت على الحمام اللي عيسى بيستحمى فيه، فتحت الباب دون إستئذان ودخلت وهو بياخُد شاور وقافِل الكابينة الزُجاج بتاعة الدوش عليه، قعدت مياسة على رُكبها قُدام التويليت ورجعت ففتح عيسى الباب الزُجاجي وبصلها بإستغراب وهو بيقول: إنتي كويسة؟
مياسة وهي بتتعدل وبتمسح بوقها: أه كويسة، شوية برد بس عشان وأنا برضع قمر جسمي بيكون مكشوف.
قفل عيسى الدوش وسحب الفوطة لفها على وسطُه وقرب من مياسة وهو بيقول: لو تحبي نروح المُستشفى اللي فيها نوح يكشفوا عليكي وبالمرة تطمني عليه.
مياسة بعد ما غسلت وشها بالمياه على الحوض: تؤ، قولتلك كويسة متكبرش الموضوع، هتلبس إيه عشان متاخُدش برد؟
عيسى بقلق عليها: لبس إيه مش لما أعرف مالِك؟
مياسة وهي بتحاول تخرُج: ما أنا قولتلك وأنا برضع قمر بستهوى وباخد برد عشان كِدا تعِبت، أجهز حاجتنا عشان السفر؟
ضيق عيسى عينيه وقال بعدم فهم: مش فاهم، إنتي عاوزة تسافري؟
مياسة وهي مصدومة قالت: أيوة عشان عمي الغُر..
قاطعها عيسى وهو بيفتح باب الحمام وبيسحبها ويخرجوا برا: أبويا بخير لسه هنكلمه فيديو بالليل، عشان كُل و..

قاطعُه صوت سِهام جاي من الحديقة!
برق عيسى وهو بيشاور على شفايفُه لمياسة اللي خافِت، وبص من ورا الحيطة على الباب الإزاز للجنينة
لقى الجُثة بتاعة الشاب متعلقة من رجليها على الشجرة الكبيرة، وفي أربع مُقنعين محاوطينها وماسكين سِهام، كُل واحِد فيهُم بيضرب سهم في الجُثة وبعدين يضحك بتصنُع! كان من ضمنهُم اللي لابس ماسك أرنب!
مياسة برُعب: بنتييي!!!!

تعليقات



×