رواية حب فى 2050 الفصل الثانى 2 بقلم صفاء حسني

 

رواية حب فى 2050 الفصل الثانى بقلم صفاء حسني

 
(تبدأ رحمة بسرد قصصها عن الماضي مع صديقتها ).

رحمة: (بحنين) فاكرة لما كنت مع صاحبتي رانيا، وقلت لها "عايزة أحضر بوج وطمط قبل ما يخلص".

رانيا: (بفضول) هو هيجي الساعة كام؟ السنة دي دورّت عليه أمس.

رحمة: (بابتسامة) الساعة 3 يا بنتي، قبل العصر على القناة الثانية، وبعده بابا عبدو.

رانيا: (باستغراب) مش كان بيجي قبل الفطار على طول؟

رحمة: (بشرح) قبل الفطار الشيخ الشعراوي، وبابا وجدي، و عمامي بيحبوا يسمعوه.

رانيا: (بإعجاب) أنا بحب أتفرج على سلاحف النينجا والكابتن ماجد.

رحمة: (باستغراب) وأنا كمان! وفوزير السنة دي مين يا ترى؟

رانيا: (بإجابة) سمعت هتكون نيللي مش شيريهان.

رحمة: (باستمتاع) أنا بحب ألف ليلة وليلة أوي وخصوصية الأغنية بتاعتها، وبرنامج "إلا بيجي" فريقين من الممثلين، وكل واحدة تمثل اسم فيلم على الصامت.

رانيا: (بإعجاب) أه بدون كلام، ده حلو أوي! وبنلعبها في المدرسة، وكل إشارة بتدل على الاختيار، إن كان أغنية أو فيلم أو مسرحية.

رحمة: (باستغراب) والكاميرا الخفية كمان! يا ترى ماما عاملة أكل إيه النهاردة؟

رانيا: (باستهزاء) أكيد خبيزة أو سبانخ! أنا مش عارفة إزاي متعودين على دي!

رحمة: (بملل) حرام عليك، أنا زهقت من القلقاس والخبيزة والسبانخ. نفسي في تغيير!

رانيا: (بإصرار) تعالي افطري معانا.

رحمة: (باستفسار) مامتك عاملة إيه؟

رانيا: (بالتردد) مش عارفة لسه.

رحمة: (باستفزاز) أنا نفسي يتخانقوا مع بعض.

رانيا: (بضحك) ههههه، حرام عليك، فهمتك يا ليما، علشان جدّو يحكم على الجميع افطار جماعة.

(تضحك رحمة وتستمر في الحديث)

رحمة: (بفرحة) أه يا ريت، ونشوف محمد ومحمود وإسلام أولاد عماتك.

رانيا: (بإعجاب) أه والله! ومراد وفريدة والبت التانى اسمها ايه انا مش عارفة عمك جايب الأسماء ده من فين..

ضحكت رحمة

رحمة: مرات عمى سوسن هى الا مسميها بالعافيه سمت مراد وعجبت جدى عشان كان بيحب ليلي مراد وفريدة على اسم الملكة فريدة لكن نهال ده اسم عجيب المهم إيه رأيك نعملها؟

رانيا: (بضحك) ههههه، جدك من غير حاجة، لازم أول رمضان يعزمهم!

(قبل ما تكمل رانيا كلامها، سمعوا صوت عالي من باب البيت)

ليلي: (بصوت عالي) إنتِ يلا! اسمك سعاد، حد ينشر الغسيل وهو بينقط كده!

سعاد: (باستهزاء) وانا أعمل لك إيه؟ اعملي تنددى أو لمّي غسيلك، أول ما ينشف يا كسلانة يا ختي، إنتِ غسيلك بيفضل باليومين على الحبل!

ليلي: (بإصرار) إيه يا ماما اللي بيفضل؟ بلاش نخلينا نغلط فيك، وأنا صايمة.

ياسمين: (بصوت مرتفع) هو إنتوا كل سنة على كل كده، مش بتحرموا!

سعاد: (بإستهزاء) أنا مش مسؤولة، هي اللي مش قدرت تسيطر على نفسها.

ليلي: (باعتراض) ما هو اللي إيدي في المايه، مش زي اللي إيده في النار! وإنتِ بتنشري على الروف منك للسماء محدش بيزعجك!

(يخرج من المحل الحاج مجدي ، صاحب محل الساعات، بصرامة)

الحاج مجدي: (بصرامة) إيه الصداع ده؟ هو كل سنة أول يوم في رمضان كده؟ زوجات أبناءه! يا هوانم، كل واحدة تجيب اللي هتعملوه وتنزل جهزوا المكان قبل ما البتات تيجي، مفهوم!

سعاد: (بإحجام) مش حضرتك قلت يكون يوم الخميس؟

الحاج مجدي: (بصرامة) النهاردة ويوم الخميس كمان! إنتِ اتعلمت البخل من جوزك اللي إيه؟

ليلي: (بإ اعتذر) حاضر يا عمي، كل اللي إنت قلته يتنفذ!

الحاج مجدي: (بصرامة) يا نشوف أدخلو جوا، مش عايز أسمع صوت!

(تدخل السيدات من الخارج داخل المنزل، وتشعر كل واحدة منهن بالخوف من حكم الحاج عليها ).

سعاد: (بقلق) يا خبر، أنا كنت عاملة أكل خفيف النهاردة، إنتوا عارفين محمود مسافر يجيب بضاعة ، وممكن يجي وممكن لا. وعملت سبانخ.

ليلي: (باستهزاء) هههه، نشفيت ريق الأولاد من القلقاس والسبانخ، اللي طول الشتاء بتعمليه لهم!

ياسمين: (باستهزاء) وطول الصيف بامية والباذنجان والبصارة!

سعاد: (باستياء) اتريق إنتِ وهي، ما كل واحد فيكم متجوز واحد كريم مش زي حالتي.

ياسمين: (باعتراض) براحة شوية يا سعاد، إنتِ كنتِ بتحبي محمود وهتموتي عليه، والكل عارف إن محمود حريص.

سعاد: (ب حزن) عارفة والله، أنا مقلتش حاجة، وبعمل المستحيل علشان مخسرش، رغم إن عارفة إنه مش ضيّقنا.

ليلي: (بتهدئة) ليه بس؟ هو يطول بالعكس، إنتِ أكتر ست تقدر تستحمل طبعه ومشي على هواها.

سعاد: (بإصرار) ما أنا مشي على مثل "على قد لحافك مد رجلك"، بس صدقني بعمل الأكل يجنّن، ومع طبق ليمون معصفر بتاكل صوابعك وراه. وعملتها بشوربة الفراخ بتاعت الخميس اللي فات، والخميس الجاية هروح الجمعية الاستهلاكية هجيب فرخة وكيلو لحمة وكرطونة بيض، لإنّي كل خميس متعودة أعمل فراخ، وكمان يكون محمود قبض.

ليلي: (باستفسار) طب اعمل حسابك في الفلوس، علشان أولاد الذين غلو الكرطونة بقت ٧ جنيه بعد ما كانت بـ ٦.

ياسمين: (بالتذمر) أنا آخر مرة جايبة بـ ٦ ونص، ممكن علشان رمضان؟

سعاد: (بقلق) طب دلوقتي أتصرف إزاي؟

ليلي: (بإيجابية) والله يهمك؟ أنا كنت جايبة كذا فرخة، خدي واحد اعملّيه، وجانبه صينية بطاطس ورز علشان عمي صعب! هههه، وهات القلقاس ناكلّه مع بعض إحنا، علشان الصراحة جريت ريقي عليه.

سعاد: (بإطمئنان) يا حبيبتي، عنّيا! ربنا يكرمك! طيب إنتِ هتعملي إيه؟

ليلي: (بابتسامة) كنت بجهّز مكرونة بالبشاميل وصينية رقاق وبطاطس محمرة.

ياسمين: (باقتراح) وأنا هعمل كفتة زي الحتة، و طبق سلطة، و طبق طحينة، وممكن جانبهم بانيه مدام هنتجمع. ورأيي اعملي الفرخة مشوية. وإيه رأيكم نساعد بعض، وكل واحدة تجيب من عندها حاجات محشي؟

سعاد: (بإعجاب) فكرة حلوة، علشان السفرة تكون ملّيانة بخيرات ربنا!

ليلي: (بإضافة) صح كده! ومش عايزين ننسي سلطة الفواكه!

ياسمين: (بإضافة) بردو نفس الفكرة، كل واحدة تجيب اللي عندها، ونعمل طبق كبير، وعرقسوس و بلح، ونعمل حلويات كمان.

ليلي: (بإضافة) وأنا أعمل قمر الدين والبلح والخشاف.

سعاد: (بإضافة) وأنا أجهز صينية جلاش، بس هات المكسرات من عندك.

ياسمين: (بضحك) هههههه، كمان جوزك مجبش دي؟ لازم نحطّها في مكانّه، ونطلع واحد جديد.

ليلي: (بضحك) ههههه، أه والله.

سعاد: (بضحك) ههههه، بس أنا هختار الموصفات اللي بحبها كلها!

(تُرجع مليكة إلى حديث رحمة، وتشعر بالإعجاب بالماضي وبطريقة الحياة الأسريّة)

مليكة: (بإعجاب) ياحاجة رحمة، الله يرحمك يا جدّي، كان بيعمل تكافل ما بين الأسرة، لإنّو عارف إمكانية كل ابن من أولاده، وعارف أحفادها عايشين إزاي! وكمان عمل علاقة عجيبة ما بين السلايف و بعضهم، عمري شفت واحدة غلطت في واحدة! كان كلها معاكسات، واللي عرفتو إنّه كان متفق مع عمتي ليلي تعمل الشوشرة دي علشان يعاقب الكل، وبدل ما نفطر سبانخ ناكل أكل حلو، وكلنا نحس برمضان.

مليكة: (بابتسامة) ، وتصدق لما كانوا بينزلوا تحت، كان كل خيرات الله موجودة في التلاجات عنده. وكان سامح يستعينوا باللي ناقصهم، بس كل دي بحزم وشدة، بس في الآخر بيكون أحلى يوم أول يوم في رمضان، لما الكل بيتجمع، لإنّي كنا بنخرج الأطباق مع بعض، و عمّامي يجوا قبل الأذان بساعات، يدخلوا المطبخ مع جدّي ويخدوا حاجات السلطة ويخرّطوا مع بعض، و عمي مدحت كان شاطر في عمل الكنافة، كان يجيب كيلو كنافة بـ ٢ جنيه على زماني، بدا بـ ٧ جنيه وانتهى بـ ٤٠ جنيه.

مليكة: (باستغراب) دلوقتي بـ ٢٠٠،.... جاهزة ملهاش طعم ومحدش بيعمله.

رحمة: (بإيمان) البركة والحب هو اللي كان بيخلي أي حاجة جميلة. وكيس السكر كان بـ جنيه في التموين، والسمنة ٥ جنيه، والرز ٢ جنيه، بس على وقتي السكر شح وبقينا نضرب بعض علشان نلاقيه، وبقي ٦٠ جنيه.

مليكة: (باستغراب) دلوقتي مبقاش في تموين، اتلغى التموين والبطاقة التموينية بقت كرنية ومش كل الناس معاها، الناس التعبانة بس.

(تنفزع رحمة من صوت يأتي من يد مليكة)

مليكة: (بقلق) الو يا ماما!

الأم: (بقلق) إنتِ فين؟

مليكة: (بإيجاز) في الشغل، هركب وراجع.

الأم: (بإعلان) طب أنا حبيت أبلغك، أنا مسافرة النهاردة، وإنتِ رجعي اشتري أكل معاكي.

مليكة: (بحزن) طب وبابا؟

الأم: (بإجابة) لا، أبوكي عنده ندوة، وأنا هسافر معاه الغردقة، الجو حار مش أقدر أكمّل الصيام هنا.

مليكة: (باستياء) وتسبيني أنا و أخويا في شهر مبارك زي ده، وأول يوم؟

الأم: (بإجابة مباشرة) هو إنتِ لسه صغيرة، والأكل يكون جاهز من أي مطعم، أو المطعم اللي أنا بتعامل معاه.

مليكة: (بإذعان) حاضر يا ماما.

(تُغلق مليكة الساعة، وتُشعر رحمة بالحزن على الماضي)

رحمة: (بالتأثر) إيه ده؟ هو التليفون بقى في الإيد دي؟ مش كان كده زمان؟

مليكة: (بحزن) ده من اختراعات الزمان القاسي، اللي باقي الأكل سريع، وكل واحد بياكل في مكان، والأسرة مجرد اسم في البطاقة وعلى شهادة ال ميلاد.

تنهدت رحمة، وتُذكّر مليكة بالماضي الجميل.

رحمة: (باشتياق) فاكرة الأيام دي، لما بقى كل واحد في إيده تليفون تاتش، والدنيا بقت غالية، فمبقاش حد يشوف حد بالسنين، وكنا نبعت رسالة من الواتس كل شهرين مرة لو افتكرنا دعاء أو آية قرآني أو بوست تهنئة. حتّى الصوت بقى من ضغط زر، مفيش الوجوه اللي بتتلقي! والأولاد الأخوات يعرفوا بعض. ياريت يا أمي، كنا فضلنا ناكل قلقاس مع الليمون المعصفر مع الأهل أحسن ما ناكل فراخ جاهزة ملهاش طعم ومجرد أسماء!

تنهدت مليكة، وتشعر بالأسى على الماضي.

مليكة: (باستغراب) طيب وقتكم كان في واتس؟ دلوقتي بقت الأجهزة ساعة أو قلم أو ربطة جزمة، وفي أجهزة متواصلة في الدماغ، نبعت رسالة من خلالها، وأصبحنا مثل الريبوت و الإنسان الآلي يا أمي!

رحمة: (بإيمان) جدّي قال كلام زي دي لأبوي وأنا سمعته، كان بيقصد يعمل كده علشان الأخوات يقفوا جانب بعض، واليوم دي اتعلمت درس أنا ومراد.

مليكة: (بفضول) مين مراد؟ وكان عندك كام سنة وقتّها؟

رحمة: (بدموع) عينيها تدمع. مراد دي يا بنتي كان الحلم والنجم العالي اللي عمري ما كنت أفكر يكون يوم معايا.

مليكة: (بإعجاب) الله، هو كان في قصص حب كمان؟

رحمة: (بإيمان) أجمل وأطهر قصص الحب اتولدت ما بين الأحفاد، أحفاد الحاج مجدي، و كل دي تشهد عليها عقارب الساعة، وخصوصا الساعة الكبيرة دي.

مليكة: (باستغراب) ياه، أكيد كان أعظم بيت، بس ليه سمّيتوه ببيت العقارب؟

رحمة: (بالتردد) مش فاكرة مين اللي قال، مين قال كده؟ لا طبعا، ممكن علشان دايما ستّات البيت كانت بتتجمع و بيقولوا "الستّات عقارب". لا طبعا مش كده يا بنتي، الجماعة دي علمتني معنى الوفاء والحب، سبحان الله! رغم مستوى كل واحد من عمّامي مختلف عن التاني، بس جدّي قدر يخلي الحب ينتشر ما بينّا مش الكره.

مليكة: (بإعجاب) إزاي يا أمي؟

(تُصبح عيون مليكة دمعة، وترغب في تسميتها "أمّي").

رحمة: (بإنتباه) إنتِ ليه الدموع نازلة من عيونك؟

مليكة: (بحزن) على كل حاجة يا أمي، على زمن الحب اللي راح، على زمن البركة اللي راح. أنا مش فاكرة امتى اتجمعت أنا و عمّامي، كان سنة كام؟ أو أنا و خالتي! دايما أبوي مشغول من سفرية ل مؤتمر، وماما معاه أو مع أصحابها في الجمعية. حياة كلها مشاعر مزيفة.

رحمة: (بإيمان) كان ربنا مبارك يا بنتي في كل شيء، آه الرواتب كانت قليلة لكن كان فيها البركة. كان المدرس بيتعين بـ ١٥٠، ٢٠٠ جنيه مع الحوافظ و بدل امتحانات تُوصل ٣٥٠. و زمان كان قليل من الناس بيُعطي عياله دروس، واللي كان بياخد دروس كان بيتكّسف وهو ماشي. أنا فاكرة وأنا في الثانوية روحت درس إنجليزي، كان الدرس وقتّها بـ ٢٥ جنيه في الشهر، وفي السنتر كان ٥ جنيه المادة. علشان كده كان العلم في بركة كمان، وكل اللي اتعلموا في الوقت دي أصبحوا علماء. أما وقت أولادي، وصل الدرس ٣٠٠ جنيه.

مليكة: (بموافقة) عندك حق يا أمي، احنا وقتنا بقى كل حاجة اونلاين، وبندفع بالدولار. طيب عندي سؤال، إزاي إنتِ الوحيدة اللي فضلتِ في البيت الكبيرة دي؟ وفين العائلة دي دلوقتي؟
تعليقات



×