رواية تنهيدة عشق الجزء الثالث (عودة سفراء العبث) الفصل التاسع عشر 19 بقلم روزان مصطفى


 رواية تنهيدة عشق الجزء الثالث (عودة سفراء العبث) الفصل التاسع عشر


" كانت أمطار الحُزن شديدة، ومظلة الصبر رقيقة لم تحتمِل قسوة قطرات المطر، جُرحِت وتسرب لنا برودة البُهتان والحُزن، ما سنفعلهُ أننا سننتظِر غيثُ الصيف "_بِقلمي.


إتوتر عزيز وهو ماسِك الفون وسامِع نبرة صوت سيليا اللي بتستغيث بيه، وفي ذات الوقت شايف اللي بيحصل لنوح صديقُه وحس إنُه في دوامة مش عارف يتصرف فيها لوحدُه، المُفترض أمير هِناك معاهُم وعيسى، إيه الخطر اللي مُمكِن يواجِههُم!
راح نوح ناحية باب غُرفة العمليات وهو بيبُص وراسُه بتتلفت على باب الخروج محتار!
بعدها راح وقِف قُدام الدكتورة والخوف بدأ يتخلل صوتُه وهو بيقولها بوهن: خليكي مع نوح لغاية ما أروح أشوف مالهُم وأجيلك، إووعي تسيبيه رغم إنك ميُعتمدش عليكي لكِن مقُداميش غير كِدا.
الطبيبة النفسية وهي بتطبطب على دراعُه قالت بقلق وتوتُر حقيقي: متقلقش أنا هِنا، روح إنت شوف عيلتك.
جري عزيز على برا والخوف والقلق بينهشوا قلبُه وعقلُه.
ركِب عربيتُه وجري بيها على البيت.

* منزِل السُفراء / أميريكا.

وصِل عزيز وركن العربية ونزل منها جري على جوة، لقى سيليا واقفة وبترجع شعرها لورا بإيديها وهي بتعيط.
عزيز بخضة: مالِك إيه اللي حصل؟؟
سيليا بتوتُر: عيسى حاول يخرُج من البيت ودخل في حالة إكتئاب هستيري، لولا إني جريت ناديت أمير يلحقُه ودخلناه بالعافية وأول ما دخل على سريرُه جاتلُه حالة تشنُجات صعبة أوي خلتُه فقد الوعي في الأخر.
غمض عزيز عينيه وهو بيتنهد بحُزن وقال: يعني هو مُغمى عليه دلوقتي؟
سيليا بعياط: لا فوقناه بس حالتُه صعبة أوي ومياسة معاه.
عزيز بحُزن: طالما مياسة معاه خلاص شوية وهطمن عليه، نوح اللي في خطر بجد ولازم أرجع المُستشفى.
سيليا بعياط: طب أجي معاك عشان رفيف حتى.
عزيز بحزم: لا خليكي وإقفلي أبواب البيت كويس ومتخليش حد يتحرك من هنا.
رجع عزيز للعربية تاني وإتحرك بيها للمُستشفى، رجع لقى الطبيبة النفسية قاعدة على الكُرسي وبتعيط
عزيز بصدمة: بتعيطي كدا ليه!! إنطقي؟؟
الطبيبة النفسية وهي بتترعش: بجد نوح حالتُه صعبة أوي، كُل مرة يفقظ النبض ويعملوله إنعاش ويرجع يضطرب تاني، أنا خايفة المرة اللي بعدها يم.
قاطعها عزيز بنبرة حادة: إخرسي! إوعي تقوليها، هيبقى كويس وهيقوم.
قعد عزيز جنب الطبيبة النفسية وحط راسُه فوق إيديه بخيبة أمل وحُزن عميق، وقالها: هو أنا مُمكِن أسألِك سؤال؟
بصتلُه الدكتورة وقالت: أكيد.
عزيز: بغض النظر عن إنك مصلحجية بس إستجدعتك لما أنقذتي نوح، هل هنفضل طول العمر ناخُد أدوية يوميًا، ومش هنخِف.
الطبيبة النفسية وهي بتمسح دموعها: لا طبعًا مش طول العُمر، ممكن وقت طويل لكِن مش على طول، كُل واحِد فيكُم تعرض لِصدمة ما سببتلُه اللي هو فيه، ومع الوقت هساعدكُم.
حطت إيديها على كِتف عزيز وهي بتقول: ومش عايزة أترقى على حسابكُم، أنا قررت أعمل كِدا لإنكُم إتعذبتوا أوي.
مد عزيز إيدُه وطبطب على إيديها على دخلة سيليا وهي واقفة شعرها حوالين وشها والماسكرا سايحة تحت عينيها وفاتحة بوقها وبتبُصلهُم! كانت لابسة بنطلون ستريتس إسود وعليه تيشيرت كت أبيض وفوقه بليزر لونه زيتي مفتوح.
رفع عزيز راسُه وشافها واقفة بالمنظر دا قالها: مش قولتلك خليكي معاهُم في البيت؟
قربت سيليا وهي بتبُص للدكتورة وبتوجه كلامها لعزيز: عايزة أتطمِن على رفيف ونوح.
عزيز بصدمة: أه صح رفيف فين!
الطبيبة النفسية: في الحمام.
عدلت سيليا شعرها وهي ملامحها مش باين عليها أي ريأكشن وقالت: وسيباها من غير ما تطمني عليها وقاعدة تطمني على جوزي؟
وقِف عزيز وقالها بتبريقة: إنتي بتخرفي بتقولي إيه؟؟ أنا عُمري ما خونتِك من يوم ما حبيتك!
رفعت عينيها ليه وبصتلُه بحدة وهي بتقول: صح يا جوز چايدا.
عزيز من بين سنانُه: إعقلي يا سيليا مش هنعيدُه تاني.
سيليا بتكشيرة: هروح أطمِن على رفيف.
مشيت وسابتهُم فقامِت الطبيبة النفسية وقفِت ورا عزيز وهي بتقول: أنا أسفة بجد لو سببت مُشكِلة.
فرك عزيز عينُه وهو بيقول بتعب: لا مفيش حاجة دي تلاقيها هرمونات الحمل بتاعتها، هروح أغسِل وشي عشان أفوق وأجي.
سابها وراح الحمام يغسِل وشه وهي قعدت تاني.

* داخِل حمام السيدات.

دخلِت سيليا وهي بتدور على رفيف وقالِت: رفيف إنتي فين؟
رفيف بصوت تعبان من جوة حمام: أنا هِنا يا سيليا متقلقيش بس تعبانة شوية.
سيليا وهي بتتنهد براحة: خُدي راحتك يا قلبي.
بصت سيليا للمرايا وشافِت شكلها والماسكرا السايحة وشعرها المنكوش إتخضت، فتحت حنفية المياه وبدأت تغسل وشها كويس وكمان تبل شعرها عشان يثبت ميتنعكش، سحبت مناديل ورقية ونشِفت وشها بيها.
فتحت رفيف باب الحمام وخرجِت وهي حاطة إيديها على ظهرها، جريت ناحيتها سيليا وهي بتقول بقلق: إنتي كويسة؟ حاسة بإيه؟
رفيف وهي معيطة عشان نوح: لا مش كويسة، قلقانة على نوح أوي والحمل تاعبني شويتين.
سيليا بتبريقة: طب إحنا في المُستشفى أهو، تعالي نروح قِسم النِسا يكشفوا عليكي! الألم اللي عندِك دا مش طبيعي.
عيطت رفيف تاني وهي بتقول بحُزن وتعب: أنا ماليش غير نوح ومش عايزة يجرالُه حاجة.
حضنتها سيليا وهي بتطبطب عليها وبتقول: نوح هيبقى كويس وبخير وهيقوم بالسلامة، إوعي تخافي أبدًا
وبالنسبة للحمل هنروح أنا وإنتي دلوقتي يشوفوا مالِك وهيطمنونا على نوح متخافيش، يلا بينا؟
رفيف وهي بتترعش: تمام يلا.

* منزل السُفراء/غُرفة عيسى الغُريبي.
كانت مياسة ممدة على السرير وعيسى حاطط راسُه على صدرها وسرحان في اللاشيء، ومياسة بتملس على شعرُه وبتقول: إنت حبيبي القوي اللي ياما إستحملت حجات، هتقدر توقف على رجلك وتكون ثابِت عشان تواسي مامتك وأخوك.
عيسى وهو سرحان قالها: عارفة يا مياسة، كُنت نايم وشوفت كابوس صعب أوي.
مياسة ما صدقِت إنُه إتكلم وقالِت بلهفة وهي بتبوس راسُه: كابوس إيه يا حبيبي إحكيلي.
عيسى وهو سرحان قال بتوهان: حلمت إن يوسِف إتصل بيا، وقالي أبويا مات!.
سكتت مياسة وعيطت بصمت فكمل عيسى وقال: أنا إستعذت بالله من الشيطان كتير، بس الكلمة كانت حقيقية أوي، ولسه بترن في وداني ودماغي.
مسحت مياسة دموعها وهي ماسكة وش عيسى بين إيديها الإتنين وقالِت: إنت عارِف إن ماليش غيرك أنا وبنتنا صح؟ عشان خاطري يا عيسى تجمِد قلبك، عشان خاطر بنتك ومامتك ويوسِف.
عيسى وعينُه الشمال بترِف: ما قولتلك إستعذت بالله من الشيطان، الشيطان عشان يضايقني بيشوف مين أكتر حد أنا بحبُه ويخليني أحلم إنُه مات، زي ما خلاني أحلم بأمل قبل كِدا.
مياسة بعياط: بس باباك مات يا عيسى.
مسك عيسى أكتفاها بهستيريا وهو بيهزها جامِد وبيقول بتبريقة: إخرسي! إوعي أسمعِك بتقولي كِدا تاني أبدًا، الحج الغُريبي عايش غصبًا عن عين أي حد، أبوياا هرجع هلاقيه فتح المحل وبيعبي عِطارة للزباين، سااامعة.
سكِت عيسى لما قمر عيطِت من زعيقُه وهي بتحرك إيديها ورجليها الصُغيرين في اللفة، مياسة خدت نفسها وهي مبرقة برهبة وبتدعك دراعها بألم وبتبُص لقمر، شالتها وهي بتطبطب على ظهرها وبتقول: حقك عليا يا ماما، حقك عليا حبيبتي متعيطيش خلاص.
عيسى مد إيد من إيديه وهي بتترعش عايز يلمِس النونة وقال: أنا أسِف يا قمري، يعني لو كِذبوا عليكي وقالولِك إني مُت مش هتتعصبي عليهُم؟
مياسة قامِت وقفِت وهي شايلة بنتها وقالت بإستسلام لإنُه من الصدمة مش مستوعِب اللي حصل: تمام، هنروح مصر وهتلاقيه زي ما بتقول، بس قبل ما تروح مصر صاحبك نوح إتطعن بخنجر طعنة شديدة وهو بين الحيا والموت، وعزيز ورفيف وسيليا معاه في المُستشفى.
عيسى بصدمة لدرجة جسمه إتهز: إنتي بتقولي إيه؟؟ مستشفى إيه!!
مياسة بعياط: عشان إنت تعبان مرضتش أقولك أءء.
قاطعها عيسى بجدية وقال: بقولك مُستشفى إيه!!

* داخِل المشفى.

دخل عيسى فجأة وهو بيلهث ولابُس جاكيتُه الجلد الإسود، كلهُم بلا إستثناء حتى رفيف إنصدموا لما شافوه.
قرب منُه عزيز وهو مصدوم وقال: إيه اللي جابك وإنت تعبان!
عيسى وهو بياخُد نفسُه: نوح مالُه؟
عزيز بيبُصِلُه ومستغرب إنه جه! دا اللي كان عنده تشنجات وعاوز يطلع في الشوارع يدور على أبوه؟
ردت سيليا وهي مكتفة إيديها وقالِت: جوة في الإنعاش، هيكون كويس متقلقش.
تحولت ملامح عيسى لظلام دامِس وهو بيقول: مين اللي عمل فيه كِدا؟
عزيز بصوت واطي نوعًا ما: معرفش، ودا اللي شاغلني بالفعل، إحنا خلِصنا من المُلثمين ومن مُنصِف اللي مشغلهُم.
كور عيسى إيدُه وضغط عليها جامِد وعروقه باينه، عينُه الشِمال رجعت ترِف تاني وهو بيقول: فين حاجة عيسى؟ هدومه وتليفونُه!
الطبيبة النفسية وهي بتترعش: هدومه قطعوها بالمقص في العمليات، بس تليفونه ومفاتيحُه أهُم.
سحب عيسى فون نوح من إيديها وهو بيبُص فيه، وبيدور لو جاله مثلًا رسايل تهديد موراهاش ليهُم ملقاش حاجة مُثيرة للإهتمام، لكُن وهو بيلف لمح واحِد حاطط إيدُه في جيب البالطو بتاع الدكاترة ورايح جاي من بعيد في أخر الممر وكإنُه بيراقبهُم، ولإن عزيز مضغوط مخدش بالُه مِنِه.
عزيز وهو بيحُط إيدُه على كِتف عيسى قال: هنروح لمايكل بتاع السُفن أنا وإنت عشان..
قاطعُه عيسى بجدية تامة: أبويا عايش مش ميت عشان أزعل وأخاف.
في حركة مُفاجاة جري عيسى ورا الراجِل اللي لابِس البالطو والتاني طلع يجري وشك عيسى طلع في محلُه.
جري على برا للشارع وطلع لباركِن الشيارات وعيسى كُل دا بيجري وراه وبيوقع الناس عشان ميبطؤوش سُرعِتِه، قلع الواد البالطو ورماه على الأرض وعيسى لسه بيطاردُه، عدى الشارِع السريع والعربيات عمالة تزمر وعيسى وراه وهُما موقفين حركة السير، لغاية ما دخل الشاب دا في مزرعة خنازير وإتزحلق في الطين، راح عيسى نايم فوقه ومثبت إيديه الإتنين على ظهره ووش الواد مغروز في التبن والطين.
عيسى وهو بياخُد نفسُه من الجري: حسنًا، يقول الجميع عني أنني مُختل عقليًا تمامًا، لقد مارست الأعمال المُنافية للقانون لسنوات دون أن يرِف لي جِفن، لِذا مِن الأفضل لك أن تُخبرني من قام بِطعن صديقي، ولِماذا تُصِرون على مُلاحقتنا.
سحب عيسى راس الواد من التبن والطين راح أخد نفسُه وهو بيكُح ومردش.
عيسى قال بصوت فحيح: إلا إذا كُنت ترغب في أن أسحب ذراعيك للخلف بقسوة حتى أنزعهُما عن جسدك.
الولد وهو بيشهق من التعب: لقد قتلتُم مونسيف " مُنصِف " وهو له عُلاقة وثيقة بشيئًِا ما مُظلِم ، لِذا لن يكفوا عن إيذائكُم أو الحصول على أحد مِنكُم، وأنا مُجرد طُعم لعين وسيقتلونني على كُل حال.
برق عيسى من الصدمة ومن اللي سِمعُه، وقام وقِف وقام الواد معاه.
الواد كان لسه هيقول حاجة في سهم إخترق نُص جِسمُه وإتهز لقُدام ولورا من قوة دخول السهم في جِسمُه.
وفجأة طلع دم من بوقه ووقع على وشُه وجسمُه بيثبت على الأرض وصوت خشب السهم بيطلع مِنُه.
كان واقِف واحِد قُصاد عيسى لابس روب حمام لونه إسود ولابس ماسك أرنب، ومصوب السهم على عيسى في إنتظار يضربُه بيه! يبقى الولد كان طُعم عشان يسحبوا حد منهُم فعلًا لهناك ويكون هو الضحية أو، القُر بان بتاعهُم!!

* داخِل المشفى.

خرج الطبيب وهو راسُه لتحت وبيقلع الجلافز وبيبُصِلهُم بتعب.
وقفت رفيف بالعافية وهي بتبُصله ومتوقعة هتسمع إيه عن نوح.
الطبيب:

تعليقات



×