رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الثامن عشر 18 والاخير بقلم شاهندة سمير


 رواية نصفي الاخر الجزء الثاني (سلسبيل) الفصل الثامن عشر والاخير


_زيديني عشقاً__

عادت من رحلة ذكرياتها لتدرك دون شك أن فهد محق في ثورته عليها، لقد بالغت حقاً في ردة فعلها، وهي بالفعل لم تثق بعد في حبه لها رغم محاولاته الدائمة بأفعاله أن يبثها الثقة بمشاعره ولكن في هذه اللحظة أخبرتها رحلة الذكريات حقيقة واحدة لا غير.
"فهد يحبها كما لم يحبها أحد من قبل، الماضي قد ولي وانتهي منذ اللحظة الأولي التي أدرك فيها مشاعره تجاهها لذا يجب أن تنسي الماضي، فقد كان فهد وقتها رجل لعوب لكنه منذ اللحظة التي عشقها فيها أصبح رجل آخر لذا عليها منحه الثقة الكاملة في عشقه وإلا خسرته للأبد".

في الغد قبل سفره ستعتذر له وستقول له جملة واحدة اقتبستها من مطربها المفضل" كل عام وأنت حبيبي".

_____

_يعني خلصتوا كل حاجة؟

_أيوة يابابا، ليث باع كل أملاكه هنا وخلاص هنرجع النهاردة بإذن الله في طيارة الساعة ٥، يعني هنحضر الحفلة.

_بإذن الله يابنتي، ترجعوا بالسلامة بس طمنيني ليث أخباره إيه؟

ظهر ليث القادم للتو من خلفها يقول بابتسامة خالصة لنضال عبر شاشة الهاتف:
_أنا كويس يا عمي الحمد لله أخباركم ايه؟

ليردف بتوق عبرت عنه نبراته:
_وحشتوني.

رق قلب نضال لهذا الصبي اليتيم الذي يراه بداخل مقلتي ليث، والذي كان يتلهف لعائلة تحتويه يبحث عنها بين زبائنه المظلومين وحين وجدها ارتمي في حضنها يبذل جل مافي وسعه لإسعادهم، فأضحي لنضال ورهف ولدين كما صار لهم ابنتين.

_انت كمان وحشتنا ياليث، يلا بقي متتأخروش علينا، رهف مش راضية تعملنا المحشي قبل ماترجعوا وأنا وحشني المحشي بتاعها قوي.

_جايبين في سيرتي.

قالتها رهف وهي تقف جوار نضال ليضمها بذراعه إلي صدره يقول بحنان:
_بالخير دايماً ياقلبي.

طالعته بنظرة حب خالصة بادلها إياها فقالت حور بمزاح:
_يلا ياابني احنا نمشي أصل مادام بصوا لبعض كدة يبقي نسونا خلاص.

ابتسم نضال وهو ينظر إليهما بالهاتف قائلاً:
_ماشي ياأم لسانين، أنا هقفل بس عشان أقول لمراتي حبيبتي كل سنة وهي رفيقة القلب والروح.
_سيدي ياسيدي، سلام مؤقت.
_سلام.

أغلق الهاتف يتطلع إلي حبيبته التي احمر وجهها خجلاً كعادتها كلما عبر لها عن حبه أمام الجميع  لتقول:
_كدة برضه تكسفني قدامهم، احنا مبقيناش صغيرين علي الكلام ده يانضال.
_مين اللي قال بس اننا كبرنا علي الحب، مفيش حد بيكبر علي الحب يارهفي وخصوصاً احنا.. الحب لينا زاد ومية وحياة، منقدرش نعيش من غيره.
_طول عمرك بتغلبني بالكلام ياحبيبي.
_قلب حبيبك.. مش هتيجي بقي أقولك كل سنة وانتِ حبيبتي علي طريقتي.

أفلتت منه تقول بمشاكسة:
_لا ده أنا ورايا دلوقتي حاجات كتير خليها بالليل.

مط شفتيه بطريقته الافتعالية المحببة إليها لتعود سريعاً إلي حضنه قائلة بحب:
_ميهونش عليا حبيبي.

ليضمها بتوق وهو يغمض عينيه عشقاً.

______

اقتربت سندس من سلسبيل قائلة فى اصرار:
_لأ هتقومى ياسلسبيل وهتلبسى الفستان بتاعك اللى كنتِ محضراه عشان حفلة عيد الحب وهتيجى معانا ..وده آخر كلام  عندى.

_أنا كنت جايبة الفستان ده عشان حفلة عيد الحب اللي بيعملها عمي نضال وطنط رهف في الفيلا هنا زي كل سنة واللي أجلوها السنة دي عشان فهد وحور مسافرين، دلوقتي هلبسه ليه؟ مبقاش ليه أي لازمة عندي.

قالت سلسبيل بحزن فاتسعت عينا سندس باستنكار قائلة:
_وهي حفلة عيد الحب لو متعملتش في بيت خالك متتعملش؟ عموماً احنا هنروح حفلة برضه عملها حبيب لحبيبته وصدقيني هتنبسطي فيها بجد.

_سيبينى ياسندس..حقيقي مبقاش ليا نفس أحضر أي حفلة.

قالت سندس بحنق:
_ ماهو مش هينفع نخرج كلنا ونسيبك لوحدك تغنى ظلموه..وكل ده عشان سي فهد سافر وسابك في اليوم ده.

نزلت دموع سلسبيل وهى تقول:
_اللى قاهرنى ياسندس انى قمت الصبح لقيته سافر من غير ما يودعنى ودي أول مرة يبعد فيها عني بعد الجواز..أكيد زعلان منى بسبب الكلام العبيط اللى قلتهوله امبارح..انا مش عارفة ليه كبرت المواضيع بالشكل ده؟

قالت سندس بحنان:
_أكيد بسبب الحمل..هرموناتك مش متظبطة..انتِ لسة مقولتيلوش؟
_لأ لسة..كنت ناوية النهاردة لما نخرج أفاجئه بالخبر بس مع الاسف كل حاجة باظت.
_طيب مكلمتيهوش؟

قالت سلسبيل بمرارة:
_كلمته ومردش عليا، بعتله رسالة وقلتله أنا آسفة متزعلش مني وطلبت منه ياخد باله من نفسه عشان خاطري.

لتنهمر دموعها وهى تردف قائلة:
_شافها وبرضه مردش عليا ..أنا شكلى زودتها قوي.

قالت سندس وهى تربت على يدها بحنان:
_ولا زودتيها ولا حاجة، اهدى بس ياحبيبتى وقومى البسى وتعالى معانا وانتِ هتروقي ولما يرجع فهد طيبي خاطره بكلمتين هيروق علطول ده بيحبك واللي بيحب مبيفضلش كتير زعلان من اللي بيحبه ..صدقيني كل شيء هيبقى تمام..وبعدين انا مستحيل اسيبك وانتِ فى الحالة دى.

كادت سلسبيل أن تتحدث لتقاطعها سندس قائلة بسرعة:
_ما هو ياهتقومى بالذوق لأخلى رعد يطلع ينزلك بالعافية..ها ..اختارى ياسلسبيل.

نظرت اليها سلسبيل لتدرك من نظرة عينيها وتصميمهما أنها ستفعل ما تقول لتستسلم قائلة :
_لأ خلاص هلبس..بس على ما أجهز كلمى فهد وقوليله انى خارجة معاكم.

أومأت سندس برأسها لتنهض سلسبيل وتأخذ فستانها الذي أعدته منذ البارحة تتجه به إلي الحمام،استوقفها صوت سندس وهي تقول:
_متنسيش تباركي لأخوكي ومراته، براء حامل.

ابتسمت سلسبيل لأول مرة منذ الصباح وهي تقول:
_بجد.. فرحتيني، عقبال فرحك ياقلبي.

قالت سندس بخجل:
_خلاص حددنا ميعاده، هيبقي هديتنا لأهالينا في عيد الأم.
_وأخيراً.
_النصيب بقي، ويلا إلبسي بسرعة عشان اتأخرنا.

أسرعت سلسبيل تدلف إلي الحمام لتبدل ملابسها بينما تتابعها سندس وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة واسعة قبل أن تمسك هاتفها وتجري اتصالها.

_____

كادت سلسبيل أن تدلف لهذه القاعة فى هذا الفندق المشهور وبجوارها سندس يسبقهم رعد لتتوقف سلسبيل قائلة لسندس:
_متأكدة انه قالك إنى أخرج عادى؟

زفرت سندس قائلة بملل:
_للمرة المليون ياسلسبيل تسألينى واقولك أيوة قاللى.

هزت سلسبيل رأسها بحزن وهى تكمل سيرها تتساءل بصمت عن مشاعر فهد تجاهها..تُري هل كف عن حبها؟مجرد قبوله خروجها مع سندس ورعد وحدها دونه دليل كاف على ذلك،ترقرقت عيناها بالدموع وتساقطت دمعة منها سهوا لتمد يدها وتمسحها بسرعة قبل أن يلاحظ أحد وهى تدلف الى القاعة التى وجدتها مظلمة علي غير العادة لتعقد حاجبيها ثم تنتابها الصدمة حين رأت الأنوار تشتعل فجأة لتستطيع رؤية الحضور فوجدتهم جلّ من تعرف ..ذويها ،حمويها،خالها فهد وزوجته،ساهر وبراء حور وليث حتى أصدقائها..تساءلت فى سعادة أفعلوا كل ذلك من أجل اسعادها؟ليتناهى فجأة الى مسامعها صوته الحنون الذى نفذ الى أعماق قلبها فأشعل خفقاته بكل قوة ..كان يغني بكلمات مطربها المفضل كاظم الساهر..لم تصدق أذنيها وهى تسمعه يغنى..
=زيدينى عشقا زيديني يا احلى نوبات جنوني زيديني، زيديني غرقا يا سيدتي ان البحر يناديني، زيديني موتا عل الموت اذا يقتلني يحييني
يا احلى امرأة بين نساء الكون ... احبيني، يا من احببتك حتى احترق الحب ... احبيني
ان كنت تريدين السكنى، اسكنتك فى ضوء عيوني، حبك خارطتى ما عادت خارطة العالم تعنيني.

بحثت عنه بعينيها في لهفة فلم تجده لتتوقف أنفاسها فجأة وهى تغمض عينيها ثم تفتحهما مجدداً وهي تلتفت، لتراه أمامها.ترقرقت عيناها بالدموع وهى تراه يطالعها بعيونه السوداء الحالكة كظلام الليل الذي تعشقه،يقبع بمقلتيه الآن نظرة عشق خالصة وعلى شفتيه ابتسامة حانية، أمسك يدها فقالت له بشفتيها دون صوت وعينيها تنطقان بالكلمة:
_بحبك

اتسعت ابتسامته وهو يكمل مغنياً:
_نوارة عمري مروحتي قنديلي -- بوح بساتيني
مدى لى جسرا من رائحة الليمون وضعيني مشطا عاجيا
فى عتمة شعرك وانسيني، من اجلك اعتقت نسائي، وتركت التاريخ ورائي، وشطبت شهادة ميلادي، وقطعت جميع شراييني.. زيديني.. زيديني.

اندفعت علي الفور الى حضنه مع انتهاء كلماته ليضمها بحنان ويدور بها بينما الجميع يصفقون بحرارة، أدركت سلسبيل وجود جمهوراً من حولها فابتعدت عنه بخجل ولكنه ظل متمسكا بها الى جواره..يضمها الى جانبه حين اقترب الجميع منهم يهنئونهما بعيد الحب.

قالت نيرة بحنان:
_ايه رأيك ياعمرى فى مفاجأة فهد؟

ضغطت سلسبيل على يد فهد الذى نظر اليها فابتسمت بسعادة قائلة:_تجنن طبعا.

قال نضال:
_ده مصحينا من الفجر ومخلينا مجمعين الكل عشان خاطر سلسبيله..وقاعد يدى أوامر للكل..انا مش عارف الواد طالع لمين؟

نظرت اليه رهف بنظرة ذات مغزى ليرفع يده قائلا باستسلام:
_خلاص ياستى طالعلى.

ابتسم الجميع فى حين قالت سندس:
_وسلسبيل ياخالى.. هى كمان دوختنى لغاية ما قدرت اأقنعها تيجى..كنت شوية وهقولها الحفلة دى عشانك ياهبلة.

ابتسم الجميع مجددا لتدرك سلسبيل أنهم مشتركون فى هذه المفاجأة وأنها هي الحبيبة الذي أُعد الحفل لأجلها..تنحى فهد بسلسبيل جانباً وهو يخرج من جيبه إسوارة يتوسطها حجرا كريماً رمادى اللون ذا لمعان رائع..ألبسها اياها وهو يقول:
_كل سنة وانتِ طيبة ياحبيبتى.

لمست الحجر برقة وهى تقول:
_وانت طيب ياحبيبى.

لتترقرق عينيها بالدموع وهى تنظر اليه قائلة:
_جميلة قوى يافهد.

ابتسم بحنان وهو ينظر الى مقلتيها قائلا:
_ده حجر السبينل..اخترته عشان لونه بالظبط بيفكرنى بلون عنيكى اللى سحرونى من اول مرة شفتهم فيها.

ضحكت سلسبيل بقوة لينظر اليها فهد بحيرة وهو يعقد حاجبيه وضعت يدها على فمها وهى تتوقف عن الضحك لاعنة تلك الهرمونات المضطربة التى تجعل ردود أفعالها متطرفة بعض الشيء لتزيل يدها وهى تقول بابتسامة خفيفة:
_آسفة ياحبيبى بس افتكرت باباك لما قدم لمامتك شبكتها وكان فيها احجار الزفير الازرق وقالها نفس الكلام.

ابتسم فهد قائلا:
_انا فعلا شبه بابا فى كل حاجة زى ما ماما دايما بتقول..يمكن غيور شوية..

رفعت حاجبيها ليتنهد قائلا:
_غيور بزيادة ياستى..ويمكن كمان مش بعرف اقول كلام حلو كتير بس صدقينى مش هتلاقى حد فى الدنيا بيحبك..لأ.. بيعشقك قدى ياسلسبيلي.

اقتربت منه تهمس قائلة:
_لو فضلت تحبنى بالشكل ده لآخر يوم فى عمرنا فأنا راضية ياحبيبى ..راضية بغيرتك ..راضية بعندك..وراضية بالوحش اللى جواك واللى بيطلع لما بتغضب واللى بكون عارفة برضه قد ايه انت بتحاول تسيطر عليه عشانى..

لتردف بخجل:
_انا عارفة انى غلط قبل كدة لما شكيت في حبك بس دلوقتي صدقني مبقاش عندي ذرة شك واحدة، وغلط امبارح وبسببي افتكرت انى ممكن أقارن أي حد بيك..وده مش صحيح.. أنا مستحيل أقارنك بأى حد يافهدى لأن مفيش فى قلبى غير شخص واحد هو اللى بعشقه،شخص واحد ملوش فى الدنيا دى مثيل عندى،والشخص ده يبقى انت، انت وبس.

ابتسم بحنان قائلا:
_انتِ النهاردة فاجئتينى برسالتك وفرحتينى بيها وكلامك دلوقتى مفاجأة تانية فرحتنى أكتر ياسلسبيلي.
_لأ وعندى ليك مفاجأة تالتة هتفرحك أكتر.

نظر اليها بتساؤل لتمسك يده وتضعها على بطنها وسط دهشته وهى تستطرد قائلة:
_هديتى ليك فى عيد الحب..خبر أكيد..أنا حامل يافهد.

نظر اليها لا يصدق ماتقوله ..أومأت برأسها فى تأكيد ليحملها على الفور ويدور بها مجدداً فى سعادة ثم ينزلها وسط ابتسامة الجميع لينظر اليهم هاتفاً بسعادة:
_أنا هبقى أب.

اندفع الجميع يهنئونهما مجددا فى حين نظر فهد الى سلسبيل قائلا بشفتيه دون صوت:
_بحبك ياسلسبيلي.

فأجابته بشفتيها بدورها دون صوت:
_وانا بموت فيك.

تمت بحمد الله

تعليقات



×