امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل السابع عشر
تأكد من خلود شقيقته إلى النوم، ومنح روحه ما تريد، هو عطش إلى البكاء يتحرى شوقا إلى الصياح بأعلى صوته عله يحظى ببعض السكينة، لقد ازدادت الأمواج من حوله وتدفعه رغماً عنه نحو القاع لكنه يقاتل كي يبقى على قيد الحياة، لكنه متعب، متهالك، يتمنى أن تضمه والدته ولو دقيقة واحدة لكنه لن يستطع.
بكى كثيراً إلى أن جفت دموعه وهدأت ثورته، التفت من وراءه فوجد شقيقته تبادله الحزن دون أن ينتبه إلى وجودها، ادعى الصلابة وتنحنح يجلي صوته الباكي قائلاً
خبر إيه يا شام، صاحية ليه دلوك؟
ابتسمت إليه وجلست إلى جواره قائلة
فاكرني نايمة يا آثر، مفكرني تايهه عنك إياك، انا خابرة زين إنك موجوع وهتكابر يا جلب اختك
انحنى واضعاً رأسه بين كفيه بيأس لكنها رفعت رأسه قائلة
متحنيش راسك، انت راچل يا خوي، وأن شاء الله هتعدي، تبات نار تصبح رماد ولا إيه؟
ابتسم قائلاً
كبرتي يا بت وهتجولي حكم
وكزته بلطف هامسة
مكنوش سنتين اللي بينا دول، أنا كَبيرة من يوم يومي
تنهد بقوة وطلب إليها العودة إلى نومها قائلاً
جومي انعسي انتِ، أنا دلوك تمام بس كنت مهموم حبتين وخلاص بجيت زين.
تحدثت إليه بتردد قائلة
إيه رأيك نكلم أمك ونطلب تشيعلنا فلوس
رفض آثر اقتراحها قائلاً
امك الله يسهلها اتچوزت وبجيت في عصمة راچل ولو كلمناها وابوكي شم خبر هيعملها مشاكل، وبعدين فلوس ايه اللي هتشيعها يا شام، ياريت حيلتها حاچة كان ممكن وجتها أطلب منيها
احضرت إليه كوب من الحليب الدافيء قائلة
مد يدك واشرب الكوباية اللبن ديه، الست الحچة ادتهولي واحنا نازلين
آثر بتحذير
أول وآخر مرة تاخدي حاچة من حد يا شام، كيه ما جولتلك احنا اهنه في غربة ولا نعرفوا حد ولا حد يعرفنا تتعاملي مع الناس بحدود واوعاكِ تحكي لأي حد حاچة عن البلد ولا أبوكي، أنا مفهم الحج رضا إن احنا أيتام وملناش أهل
عادت هي لحماسها وكأنها لم تستمع إلى كلماته فهمست بتمنى
خلاص كلم رحيم، إيه رأيك اكيد هيساعدك وكمان مهيجولش لأبوك على مكانك
أشار إليها قائلاً
بعدين يا شام همليني لحالي اللي يكرمك لحسن راسي مصدع جوي ورايد انام
رفعت إليه كوب الحليب من جديد قائلة بتصميم
اشرب الاول وخدلك حباية للصداع ونام، ولو مشربتش هفضل واجفة فوج راسك للصبح
استجاب لما تقول فقد بلغ منه الألم مبلغه، تجرع الكوب دفعة واحدة دون تلذذ وابتلع قرص الدواء ونظر إليه بحنو
يلا روحي انتِ ومتخافيش
تحركت من أمامه وبداخلها تدعو له فهل دون شقيقها غرس بلا أرض تحميه.
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
كان شوقه إليها قاسياً وكان احتياجه إليها في أشده، بادلته هي مشاعره بسخاء وكأنها لم تنعم بقربه من قبل وكلما ابتعد عنها عاد راغباً في المزيد
ابتسمت إليه بخجل فطري وتوتر قائلة
چاد، هملني الضهر أذن، هجوم احضرلك الفطور
ضمها إليه بتملك قائلاً
لاه، خليكي معايا
داعبت لحيته بحب هامسة
خبر ايه يا واد خالي، هتدلع ولا إيه
همس إليه بشيء من الغموض
خابرة يا رباب، الدنيا ديه غريبة جوي، يعني بنفضلوا نچري وراها وهي هتلف وتدور وفچأة نلاجي روحنا تايهين، لا عارفين نكمل ولا عارفين نرچعوا لمطرحنا.
التمعت عيناها الزرقاء ببريق يعلوه الرهبة وتساءلت بتردد
انت ممكن تتچوز عليا يا چاد
ابتعد هو بجسده إلى الوراء قليلاً وتنهد بهدوء حذر
ولو عملتها، هيحصل إيه؟
تتابعت دموعها دون ارادتها فاستغفر هو بغيظ هامساً
وربنا يهزر معاكِ، خبر إيه يا رباب انتِ شاكة فيا ولا إيه؟
اطمني يا ستي أنا لا حبيت ولا هحب غيرك ولو عالچواز فالحمد لله انتِ مكفياني وزيادة، غمزها بوقاحة ناظراً إلى وجهها بحب
وخصوصي بعد ليلة انبارح، كانت حاچة اكده واعرة جوي يا بوي
قهقهة هي بشدة لكنها سلطت بصرها عليه قائلة
النبي ايه، والست موني ديه تبجى مين؟
تردد هو قليلاً لكنه عزم أمره على مصارحتها
موني ديه يا ستي شركتها داخلة معانا في شغل، وفي نفس الوجت معچبة بيا ورايدة تتچوزني
فغرت فاهها وعجزت عن الحديث لكنها سرعان ما صاحت بجنون
نهارك مطين بطين النهاردة ياواد فهد، جلبي كان حاسس إنك هتبيعني، آه ما انت بجيت بيه والفلوس معاك بالكوم ورايد تجدد وتتدلع
ثبتها بجسده ونظر إليه ملياً يبتسم بخفوت زادها شراسة لكنه لم يمنحها وقتا للجدال بل أخبرها بطريقته عن مدى عشقه لها ورغبته في أن يدرأ تلك الصدوع التي ألمت بحياتهما سويا
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
انتهى نوح وحسن من تناول الطعام وتوجها سوياً إلى شرفة تطل على أرض فسيحة يغزوها نخل لا حصر له، استنشق حسن الهواء بتلذذ واغمض عيناه باستمتاع قائلاً
انت معاك حج يا نوح، المكان اهنه چنة والله، ماشاء الله حاچة اكده تهدي الأعصاب وتروج البال
نوح بود
ياعم ياما جولتلك تعالى واشتري أرض وابنيها وخليك چاري بس نجول ايه شكلك اتعودت عالسفر
حسن بضيق
لاه والله، بس المدام يا سيدي والعيال مهيحبوش الصعيد ولا رايدين يجعدوا فيه، مفيش غير البت رهف هي اللي هتفرح وجت ما اجولهم نازل الصعيد تيچي رهوان وتصمم تنزل معايا.
ارتشف نوح القليل من قهوته ونظر إلى البعيد هامسا
كل چيل وله فكره وحياته، خابر أنا سواعي بخاف من اختلافهم ده.
أومأ موافقاً له قائلاً
كلامك مظبوط، انا كل عيل عندي بطبع ودماغ لحاله ربنا يعينا عليهم، بس جولي رحيم ناوي يدخل كلية ايه هو ورائد
نوح :
رحيم يا سيدي هيدخل هندسة ومخابرش ليه فچأة اكده غير رأيه ورائد الزفت محدش عارفه راس من رچل كل يوم بحال مرة رايد يخش طيران وتاني يوم تربية رياضة شوية يجول انه هيطلع ظابط وتاني يوم الاجيه بيلعب كورة وواخد خطوة انه هيحترف ويلعب في المنتخب كمان
قهقه حسن قائلاً
مشاغب رائد طول عمره بس ان شاء الله هيختار الصالح متحملش هم
ابتسم نوح بحزن قائلاً
هم ايه اللي هشيله يا حسن ده أنا وهو أصحاب طول العمر
ربط حسن على كتفه بقوة ونظر إليه بفخر قائلاً
طول عمرك راچل يا نوح، انت سند والسند دايماً بيتحمل كتير، هجولك إيه هم بينا نعمل زي زمان
نوح بتعجب : نعمل ايه؟
حسن بحماس : نحدفوا النخل بالطوب وناكل بلح
نوح ضاحكاً : ياد انت هتهمل الرطب وتاكل نارخ
حسن بتصميم : ملكش صالح أنا غاوي ارچع ذكريات الماضي هتيچي معايا ولا كبرت انت على الحاچات دي
شمر نوح ذراعيه قائلاً بتحدي
هنشوف دلوك مين فينا اللي كبر
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
نظر لؤي الي الأوراق التي منحه يزيد إياها بصدمة تشوبها الحيرة
تساءل دون تردد
ليه يا عمي، حضرتك بتديني الورق ده ليه؟
يزيد بهدوء :
حقك انت ويسري.
لؤي بترقب : حقنا في ايه بالظبط، انت بتقسم ثروتك وانت عايش عادي كده، طيب إيه السبب؟!
يزيد : هتفرق ايه يابني، ده شرع ربنا وبما اني مخلفتش فمن حق أبوك يورثني، بس طبعا الفلوس مش كلها ملكي، كل ثروتي تعتبر مناصفة بيني أنا وسهيلة علشان كده كتبتلها حقها بيع وشراء والباقي لوالدك.
القى لؤي الأوراق من بين يديه وقد تراكمت في ذهنه الكثير من الأفكار أهمها، هل يختبره يزيد ام أنه صادق فيما يقول، هل انتهت حكايته هكذا مع ديمه فلم يعد من داعي لايقاعها في شباكه طالما قد حظي بالمال، لكنه لم يستسلم وتحدث بجدية
وديمه، حضرتك ناسيها ولا إيه؟
تحدث يزيد بثقة
حد ينسى بنته، ديمه أنا عاملها وديعة باسمها وبرده زي ما الشرع قال، انا حاولت أعملها حاجة تأمن مستقبلها، بس ياريت تراعيها يا لؤي، اعتبرها اختك
ولو حصلي حاجة اوعى تسيبها لوحدها هي وسهيلة
استعاد لؤي ثقته المعهودة وعنفوانه في اتخاذ القرارات فصدم يزيد بقوله
بس أنا بحب ديمه ومش شايفها أختي، أنا عاوز اتجوزها لو وافقت!
💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬
استمع إلى حديثهم بثبات يحسد عليه فقد كان يتوق إلى الفتك بهم جميعا لكنه آثر الصمت كي يصل إلى حقيقة الأمر
تحدثت احداهن بكره بين
على فكرة هي عادية جدااا، اه شكلها حلو إلى حد ما بس مش لدرجة ان اتنين دكاترة زي القمر ومستواهم المادي فوق جدا يتخانقَوا عليها
تحدث أحد الأطباء قائلاً
يا جماعة ان بعض الظن إثم، يمكن إشاعات ولا بوست هزار كده الدكتور اسماعيل منزله
شهقت اخرى قائلاً بتأكيد قاطع
لأ طبعاً، ده كلامه يوجع القلب، واضح انه بيحبها جدا بس هي أول ما جتلها فرصة أحسن منه قالتله سكة السلامة، وبعدين مش فاكر خناقتهم هنا قبل ما يمشوه، تلاقي دكتور سلمان طرده علشان خاطرها
تمتمت بتعاطف
ياعيني الدكتور اسماعيل كاتبلها بوست تهنئة رغم ندالتها معاه وبيقولها اتمنالك السعادة معايا أو مع غيري، هو في حب كده يا جدعان
استغفرت احداهن قائلة
بلاش كده بقى، دي أعراض ناس وحرام تشيلوا ذنبها
تحركت واحدة منهن باتجاه الباب قائلة
حد كان قالها تلعب بكل واحد شوية علشان مصلحتها وبعدين هما البنات اليومين دول كده ربنا يعافينا لا عندهم أدب ولا أخلاق
تراجعت إلى الوراء برعب حقيقي عندما اصطدمت بسلمان الواقف أمامها وتلعثمت قائلة
دكتور سلمان، حضرتك عاوز حاجة
سلمان بجدية
لمي اغراضك واطلعي على الإدارة دلوك، وكلكم معاها متحولين للتحجيج، واللي مش عاچبه الكلام يخبط رلسه في الحيط
انتهى البارت بعتذر اني نزلته متأخر بس لسه والله مخلصاه حالاً
توقعاتكم، هل يزيد هيوافق على طلب لؤي، وهل سلمان تصرفه صح ولا كده بياكد كلام الناس حواليه!
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم