رواية انتقام الفصل الخامس عشر 15 بقلم رباب حسين


رواية انتقام الفصل الخامس عشر  بقلم رباب حسين


الخداع..... هل شعرت قبلاََ أنك ضحية خداع أقرب الناس إليك؟ تشعر وأنك فقدت ذاتك في لحظات وترى حياتك السابقة تمر أمامك سريعاََ وتبدأ في أن تدرك مدى غباءك وتتسائل كيف لم ألاحظ؟ كيف لم أشعر ولو لوهلة بأن كل هذا مكيدة خادعة؟ فمن الصعب توقع خداع أقرب الناس إليك.... عائلتك التي هي مصدر الأمان لأي إنسان طبيعي ولكن إكتشفت الآن أن هؤلاء الأشخاص لا يمتون لي بأي صلة..... أمشي وأركض في الشوارع لا وجود لوجهة محددة فقد فقدت وجهتي في الحياة..... أنظر في عيون الناس التي تنظر إليّ وكأني شخصاََ فقد عقله تواََ..... وهذا حق فقد فقدت عقلي حقاََ..... فقدت الثقة بكل من حولي ويوجد الكثير من التساؤلات داخل رأسي..... كيف فعلو بي هذا؟....قتلو أبي وأمي واختطفوني من عائلتي وجعلوني أدمرهم وأنتقم منهم لأجل أبي الذي قتلوه هم.... خسرت عائلتي الحقيقة لأجل عائلتي المزيفة..... كيف عشت معهم عمري كله وترعرت بين أيديهم؟ .... أيديهم الملوثة بدماء أبي وأمي..... كيف لم أفكر ولو لحظة بأن هذه المدعوة أمي ليست أمي الحقيقية؟ لم أشعر أبداََ بحنان الأم بحياتي لم تضمني إلى صدرها كأي أم أبداََ..... حرمتني من أمي وعاملتني كأداة..... فأنا حقاََ كنت أداة بيدها فقط لتستولى على أموال جدي..... ومن دعوته بالخال هو من قتلهما...... لا.... لا أصدق..... فقد وضعت حياتي علي المحك فقط لأحضر له المال كي لا أراه بالسجن.... كيف فعلت هذا؟ كم كنت مخدوعة والآن أدفع ثمن كل ما فعلته.... فقدت خسرت عائلتي والشخص الوحيد الذي أحبني في حياتي.... كم سأتحمل بعد؟.... هل عليّ الآن العودة لمنزل عائلتي وأرى زوجي وحبيبي يتزوج بأخرى..... وأرى نظرات الكراهية من كل أراد عائلتي...... مهلاََ لقد أصبحت الآن فرداََ من العائلة حقاََ فغادة وسناء خالاتي.... أخوات أمي.... ياربي ماذا فعلت؟.... سناء تكرهني كثيراََ ومن المؤكد أن غادة أيضاََ تكرهني..... وشهد.... شهد بنت خالتي وستتزوج زوجي..... هذا كثير لا أستطيع إستيعاب كل هذا...... أين أهرب وكيف.... ليس معي ما يكفي من المال ولا أستطيع أن أخذ إبن زين منه..... كفى ما فعلته به..... زين..... سيقتلوه.... هل أذهب وأخبره؟.... لن يصدقني حتماََ

ظلت وعد تجوب بالشوارع حتى وصلت إلى مكان علي النيل كانت تعتاد علي مجئ إليه دائماََ عندما تشعر بالحزن أو الضيق ولكن لا تعلم كيف وصلت ولكن خارت كل قواها وأصبح عقلها مشوش جلست أمام النيل في صمت تنظر إلى الفراغ ولا تتحرك أبداََ ولم تشعر بمضي الوقت حتى حل المساء وعاد زين ومعه يامن إلى القصر بعد أن قام زين بشراء حلة العرس والتي ساعده يامن في إنتقاءها.... كان يامن يرسم الإبتسامة على وجهه وبقلبه حرب تقتل كل ما به من أمل وحب وحلم بعيد ظن أنه يقترب من رويداََ رويداََ حتى أصبح من المستحيلات..... فسوف تصبح حبيبته زوجة أعز أصدقائه.... كان يمني نفسه بها ولكن أخذها زين في لحظة ووافقت عليه دون تردد ودون تفكير..... ظل يقنع نفسه بأنها تعشق زين ولن ترى حبه أبداََ وعندما طلب منه زين المساعدة ذهب معه يختار له الحلة التي سيتزوج بها حبيبته..... حقاََ لا عدل في الحب فهناك دائماََ من يخسر وأنا خسرتها..... وما أن وصل زين ويامن ووجد نصار في حالة من الهلع ويصيح بوجه السائق فدخل زين وقال : خير يا جدي في إيه؟

نصار في غضب : البيه اللي واقف قدامك ده بعته يوصل وعد لبيت أمها وسابها هناك وبتصل بيها مش بترد وكلمت خالها قالي مجتش أصلاََ

السائق : والله يا زين باشا هي قالتلي إمشي عشان هطول ونزلتها قدام بيت أمها زي ما نصار باشا أمر بس هي اللي قالت متستناش

زين في غضب : يبقى هربت..... شفت يا جدي أخرة دلعك فيها..... خدت إبني وطفشت..... إجيبها منين دلوقتي؟

نصار في غضب : وعد مش هتهرب مني أبداََ.... ممكن تبعد عنكم كلكم لكن أنا لا..... رجعها يا زين فاهم

زين : منين..... أرجعها منين؟

شهد : يا جماعة أهدو شوية..... أكيد هي مش هتمشي كدة مرة واحدة خصوصاََ وإن أمها طلعت مش هي اللي قتلت عمي.... يعني لو كانت عايزة تهرب كانت هربت والوضع أصعب من كدة

يامن : معاها حق..... ممكن ندور عليها الأول قبل ما نحكم عليها غلط

زين : وهي يعني عشان أمها مش هي اللي قتلته معناها إنها كدة بريئة بقى..... ما هي وقفت وقالت قدام الكل إنها جاية عشان تقتله.... بصو أنا فيا اللي مكفيني ودماغي وجعاني من كتر التفكير والأسئلة والتحقيقات..... تجي وقت ما تيجي ولو مرجعتش أنا هبلغ عنها وهطلبها في بيت الطاعة

نصار وقد تملك الغضب منه وقال : إنت مبتفهمش..... البت ضعيفة والحمل مش ثابت.... هتكون راحت فين يعني..... أخرج دور على مراتك يا بيه ولا فالح تقعد ترمي في تهم عليها وخلاص..... طيب إيه رأيك يا زين لو وعد مرجعتش البيت النهاردة إنت كمان مش هتنام هنا في البيت

زين : يا جدي أنا تعبان..... ومش مهتم بيها أصلاََ

نصار : كلمتي هتتنفذ ومترجعش من غير مراتك

زفر زين في غضب بينما شعرت شهد بالضيق من تكرار نصار لكلمة زوجتك ونظرت إلى سناء في غضب وخرجت إلى الحديقة ولحقت بها سناء وظلت شهد تتحدث معها بذات الموضوع بأنها لا ترغب بإتمام هذا الزواج ولا تريد أن تكون زوجة ثانية ولاحظ يامن الضيق على وجه شهد ثم نظر لزين الذي ما زال يجادل نصار وقال : يا جدي إنت غصبتني عليها تاني بس مش معنى كدة إنك تفضل كل شوية تشيلني مسئولية أي حاجة تحصلها

نصار : تصدق وعد كان معاها حق..... إنت فعلاََ بقيت واحد تاني أنا معرفوش..... وبعدين هو إنت فاكر إنك قادر تمثل عليا دور اللي مش مهتم.... إنت تقدر تمثل على كل اللي واقفين دول إلا أنا..... وأنا متأكد إنك بتداري قلقك عليها دلوقتي عشان غرورك.... وإنك مش عايز تبين إنك لسة بتحبها ومتأكد يا زين إنك مش عارف تنساها فبطل تضحك على نفسك وخاف لا تصحى في يوم متليقهاش جنبك زي دلوقتي كدة..... تقدر تقولي هتحس بإيه لو ملقيتش وعد ولا جرالها حاجة..... روح رجعها يا زين بدل ما تندم عمرك كله

صمت زين ولم يستطع الإجابة فهو محق بكل ما قاله ولا يستطيع إنكار قلقه عليها الآن حتى وإن كان يخفيه بين ثنايا قلبه ثم ذهب من أمامهم جميعاََ ونظر له يامن وقال : براحة عليه شوية يا نصار باشا..... زين بجد متخبط جداََ

نصار : عايز أفوقه قبل ما يخسرها وقبل ما يتدبس في جوازة مش ليه

يامن : أنا كمان نصحته بس زي ما حضرتك قولت زين مستكبر يروح ويكلمها أو يرجعها ليه أو ياخد حتى خطوة تجاها..... إن شاء الله هيلاقيها بس ممكن حضرتك تهدى

غادة : متقلقش يا يامن أنا معاه.... روح إنت يا إبني الوقت إتأخر وإنت بتقول اليوم كان طويل

يامن : طيب ديه بدلة الفرح بتاعت زين..... أستأذن أنا.... تصبحو على خير

خرج يامن ولاحظ خروج زين بسيارته من حديقة المنزل ووجد سناء تقترب منه وبعد أن ألقت عليه التحية ذهبت إلى الداخل ووجد شهد تجلس وحيدة في الحديقة ويبدو عليها الحزن فشعر بألم قلبه عندما رآها هكذا فاقترب منها دون تشعر هي وقال وهو مبتسم يحاول أن يخفف عنها : فيه عروسة فرحها بعد يومين تبقي قاعدة زعلانة كدة؟

نظرت له شهد في حزن وحاولت أن تتصنع البسمة : أعمل إيه بس..... الجوازة كل ما تيجي تتم تحصل مصيبة..... يعني لو وعد فعلاََ هربت جدي هيقلب الدنيا وطبعاََ مش هنعرف نعمل فرح

شعر يامن بالحزن فكل مرة يقترب منها تضع بينهما حواجز أكتر وكأنها تخبره في كل مرة أنها تفكر بزين فقط فقال : ساعات بيبقي فيه أشارت كدة من ربنا عشان يورينا أن إنت محتاج تفكر تاني

نظرت له شهد وشعرت بأنه يتحدث حقاََ عما تشعر به فهي ترى أن ما يحدث في هذا الزواج هو حقاََ إشارة لها بأن لا تكمله فقالت : أنا عندي نفس الأحساس..... وكل أما أقول لماما كدة متصدقنيش

يامن : ديه حياتك إنتي يا شهد ولازم تقرري بنفسك

شهد : أنا متلغبطة أوي.... حاسة إن زين بيحب وعد وأنا مش عايزة أدخل بينهم وحاسة إن أنا اللي هخسر كل حاجة..... ولما بقول لماما كدة مش بترضي تسمع كلامي.....أعمل إيه؟ 

جلس يامن بجوارها وقال : قلبك حاسس بإيه؟.... شوفي إحساسك وأمشي وراه

نظرت له شهد داخل عينيه وقالت : بس إوعى تقول لزين

يامن : متخافيش

شهد : حاسة إن زين فعلاََ زي أخويا..... أنا فضلت أسمع طول عمري كلام شهد وزين هيتجوزو لحد ما بقى أمر طبيعي بالنسبالي لكن كل ما الموضوع بيقرب بيكبر إحساس جوايا إن لا مش زين هو اللي ينفع يبقى جوزى..... أنا بقيت حاسة إن مشاعري ليه أخوة مش أكتر بس للأسف ماما ضاغطة عليا وزين بيعاملني كويس مقدرش أنكر ده بس في نفس الوقت مش حاسة إن علاقتنا صح.... إنت فاهمني؟ 

يامن : فاهمك

شهد : حاسة إن كلامي متلغبط

يامن : هو ملغبط بس أنا فاهمه وده دليل على اللغبطة اللي جواكي

شهد : هفهمك..... أنا عايزة علاقة حب حقيقية توصل لجواز مش جواز عند ولا جواز تقليدي ويفشل في الأخر 

يامن : طيب إنتي بتحبي حد تاني

شهد : هو أنا كنت فاكرة إن اللي جوايا لزين ده حب..... بس عارف لما شفت زين بيتعامل مع وعد إزاى عرفت إن هو ده الحب اللي بجد ومكدبش عليك بقيت أحلم إن حد يحبني كدة

نظر لها يامن في حزن وقال : أكيد فيه حد بيحبك كدة بس إنتي مش حاسة بيه.... وخايف عليكي يا شهد لا متحسيش بيه وتخسريه أو تحسي بيه بعد فوات الأوان..... بدعيلك من كل قلبي تحسي فعلاََ وتشوفي اللي بيحبك بجد

تركها يامن وذهب وظلت شهد تنظر إليه حتى اختفى من أمام عينيها وخرج من حديقة المنزل ولا تفهم هل يامن يلمح لها عن شئٍ ما بداخله أم يتحدث عن خوفه عليها فقط أما زين فخرج بسيارته يبحث عنها بكل مكان وأطلق إلى مشاعره العنان وظهر على وجهه القلق حقاََ وهو ينظر حوله كالمجنون وظل ساعات يبحث حتى توقف بالسيارة يحاول أن يفكر أين ممكن أن يجدها ثم تذكر موقف حدث بينهما في أول تعارفهما.... عندما علمت وعد أن عائلته ترفض زواجه منها وتركت العمل وعندما ذهب ليبحث عنها قالت له سمر أنها إذا شعرت بالضيق تذهب إلى حافة النيل وتجلس بها ووصفت له سمر المكان بالتحديد فذهب زين مسرعاََ إلى ذلك المكان وعندما اقترب وجدها بالفعل تجلس أمام النيل شاردة وتنفس الصعداء كأنه يزيل كل الهم والحزن الذي خيم علي قلبه عندما ظن أنه فقدها ولكن بعد أن هدأ قليلاََ رسم على وجهه ملامح الجدية والجمود وذهب إليها ووقف أمامها وهي لا تلاحظه فهي شاردة للغاية

زين في حدة : الهانم مش واخدة بالها الساعة كام؟

نظرت له وعد بعيون غائبة عن الحياة وكأنها بعالم أخر لا تدرك ما حولها حقاََ ويخيم عليها حزن شديد ولم تتحدث.... لاحظ زين نظراتها الغريبة وكيف تبدو في حالة يرثى لها فلم يكمل حديثة الحاد فقد شعر بالشفقة عليها فقال : قومي عشان تروحي..... جدي قلقان عليكي

ظلت تنظر إليه وتحدثه داخل عقلها دون أن تنطق به وكأن عينيها تقص له كل ما بها من ألم فقالت في نفسها : لو تعرف أنا محتجالك أد إيه دلوقتي..... لو تعرف إني خسرتك بسبب اللي عملوه فيا..... لو تعرف أنا أد إيه كنت مخدوعة كنت عذرتني..... إنت واحشني أوي يا زين بجد ومحتجالك أوي

ظلت تنظر إليه وشعر زين بالقلق عليها ولكن تذكر كم كانت تخدعه بهذه النظرات قبلاََ فأبعد هذا الشعور عنه فوراََ وصاح بها : يلا قومي أنا عايز أروح

نهضت وعد دون أن تتحدث وما أن وقفت حتى شعرت بدوار شديد فحاولت أن تتماسك ولكن دون جدوى فأمسكت بذراعه فنظر لها زين وقال في هدوء : خلصتي تمثيل..... سيبي دراعي وقدامي على العربية

نظرت له وعد بعيون مكسورة ثم تركت ذراعه وذهبت من أمامه إلى السيارة في بطئ شديد فهي لا تستطيع أن تخطو بمفردها وتشعر بدوران رأسها ورؤيتها مشوشة للغاية حتى وصلت إلى السيارة واستندت عليها قليلاََ ولكن لم تتحمل أكثر ووقعت على الأرض فاقدة للوعي..... نظر لها زين ورفع عينيه في حركة دائرية وزفر في ملل ثم اقترب منها وقال في حدة : قومي يا وعد.... الكلام ده مبقاش ياكل معايا خلاص...... وعد..... وعد

لم تتحرك وعد فهبط على ركبتيه ورفعها على ذراعه وقال : كفاية تمثيل وقومي

أمسك وجهها وجده شاحب وجسدها بارد للغاية فعلم أنها حقاََ فاقدة للوعي حملها في ذعر وقال : وعد.... مالك يا حبيبتي..... وعد إنتي كويسة.... جرالك إيه ؟

تركها بالأرض وذهب ليفتح السيارة ووضعها بها وأغلق عليها حزام الأمان واقترب وجهه من وجهها داخل السيارة فنظر لها في إشتياق ووضع يده على وجنتها وظل يتأمل وجهها عن قرب فقد إشتاق له كثيراََ ولكن تمالك ذاته وأغلق الباب وصعد بالسيارة وقادها سريعاََ إلى المنزل واتصل بالطبيب وهو يقود السيارة وطلب منه المجئ فوراََ وعندما وصل إلى القصر حملها بين ذراعيه ودخل بها وما أن رآهما نصار ذهب إليه في هلع وقال : مالها يا زين؟

زين : مغمى عليها..... أنا هطلعها فوق والدكتور جي في الطريق

صعد بها زين ولحق به نصار تحت نظرات شهد التي أصبحت لا تشعر بالغيرة عليه فقد تأكدت من مشاعرها حقاََ فهي تشعر لأول مرة بالقلق حقاََ على وعد فوجهها شاحب.... نظر لها جاسر وقال : هو لقاها فين؟ 

سناء : محدش عارف.... تعالو نطلع نشوف إيه اللي بيحصل

صعدو جميعاََ ووجدو زين ونصار يقفون بالجناح الخاص بها ونصار يسأل زين : حصل إيه؟.... قولتلها حاجة زعلتها تاني 

زين : أنا معملتش حاجة.... أنا لقيتها بالمنظر ده جبتها على البيت

دخلو جميعاََ إلى الغرفة ونظر جاسر إليها وشعر بالحزن عليها وقال : هي وشها عامل كدة ليه؟..... زي ما يكون مفيش في جسمها نقطة دم

نصار : هي ضعيفة أوي ومش بتاكل..... ربنا يستر عليها

دخل الطبيب وخرجو جميعاََ عدا غادة التي ظلت معها بالغرفة حتى خرج الطبيب وقال لنصار : عندها صدمة عصبية..... وكمان ضغطها واطي جداََ..... يا نصار باشا أنا قولتلك تاخدو بالكو منها عشان الحمل ده ممكن كدة ينزل في أي وقت وياريت لو فيه حاجة مضيقاها تبعدوها عنها.... أنا أديتها مهدأ وعلقتلها محاليل وهتنام لحد الصبح

ذهب الطبيب ونظر زين إلى نصار الذي يبدو عليه القلق ويقول : جالها صدمة من إيه.... ديه كانت نازلة مبسوطة إن أمها خرجت.... إيه اللي حصلها؟ 

شعر زين بالقلق والحيرة عليها ولكن لم يبدي هذا لأحد فكان يبدو عليه الجمود واللامبالاة وتذكر كيف كانت تنظر إليه بنظرة لم يراها من قبل وشعر بالندم لما فعل فقد كان يظن إنها تمثل عليه كالعادة وأخذ يلوم ذاته على ما فعل ولكن عقله يبرر له بأن هي من جعلته يظن بها السوء دائماََ فهو لا يريد أن يصدقها ويصطدم مرة أخرى بالحقيقة ويبدو أمام الجميع كشخصٍ أحمق.... ظل ينظر أمامه بشرود حتى قطع تفكيره إتصال يامن به فخرج من الغرفة واستقبل المكالمة

زين : ألو

يامن : إيه يا زين طمني..... لقيتها ولا لا؟

زين : اه..... بس تعبانة شوية وطلبتلها دكتور

يامن : مالها طيب؟

زين : عندها صدمة عصبية

يامن : ليه كدة؟!

زين : مش عارف.... هي متكلمتش معايا في حاجة..... لما تصحى هنفهم

يامن : ألف سلامة عليها.... أنا قلت أطمن عليك..... أشوفك بكرة إن شاء الله

أنهى زين المكالمة والتفت خلفه ليذهب إلى غرفته ولكن وجد شهد تقف خلفه تنتظره

زين : مالك يا شهد؟

شهد : الدكتور قال بلاش ضغط عصبي عليها..... لو حابب تأجل الفرح مفيش مشكلة أنا مش هزعل

زين : والفرح ماله ومال الضغط مش فاهم..... ده على أساس إنها مهتمة ولا فارق معاها..... يا بنتي ديه بتمثل زي ما قولتلك قبل كدة..... أنا عارف حركاتها ديه.... وبعدين اللي هي فيه ده أكيد مش بسبب اللي بيحصل في البيت وإنتي سمعتي جدي بيقول نازلة مبسوطة عادي..... الله أعلم بقى مخبية إيه تاني..... المهم إني مش عايز الفرح يتأجل ولا حاجة

شهد : بس هي صعبان عليا

زين : اه ما هي تخلي الناس كلها تتعاطف معاها عادي بسهولة كدة..... ممثلة درجة أولى..... متشغليش بالك وروحي يلا نامي عشان عندك حاجات كتير بكرة

شهد : حاضر

ذهب زين إلى غرفته وظلت شهد تنظر إلى آثره وتشعر بالضيق فكانت تحاول إستغلال الوضع لتأجيل الزفاف والخوف يزداد داخل قلبها من اقتراب موعد الزواج وحديث يامن يؤثر عليها جداََ وتشعر بأن يامن كان يتحدث عن نفسه وما يشعر به تجاهها

ذهب الجميع إلى النوم وظل نصار بجانب وعد حتى الصباح وعندما إستيقظ وجد وعد تجلس على الفراش وتنظر إلى الفراغ حاول أن يتحدث معها ولكن دون جدوى فلا تجيبه تنظر إليه في حزن فقط وعينيها مليئة بالحزن تركها نصار ونزل إلى أسفل وجدهم يتناولون الطعام فصاح بإسم زين حتى هرعو له جميعاََ وأخبرهم نصار بأن وعد لا تتحدث وطلب من زين الإتصال بالطبيب ليستشيره بما يحدث لها وأخبرهم أن ما تمر به حالياََ طبيعي ولكن مؤقت فإذا إلتزمت بالأدوية فسوف تتحسن تدريجياََ في هذه الأثناء خرج جاسر من غرفته ونظر إلى غرفة وعد في قلق عليها فقرر أن يدخل إلى الغرفة ليراها قبل أن يذهب إلى العمل وما أن دخل وجدها تجلس صامتة حاول التحدث معها ولكن لم تجيبه.... اقترب منها وجلس بجوارها على الفراش

جاسر : مالك يا وعد؟.... حاسة بإيه طيب؟..... طيب قوليلي إيه اللي عمل فيكي كدة؟

نظرت له وعد في حزن وتجمعت الدموع بعينيها مما جعل قلب جاسر يهوى بين قدميه ولم يستطع التحكم بمشاعر أكثر فقال : أنا مش قادر أشوفك كدة..... يمكن مش هتصدقي كلامي أو مش هتستوعبيه بس أنا من أول مرة شفتك وإنتي شديتي إنتباهي ليكي بس من أول يوم وأنا حاسس إنك مش شايفة حد غير زين كنت فاكر إنه في الأول حب بس لما عرفت الحقيقة وإنك مش بتحبيه حسيت إني بجد عايز أعترفلك بكل اللي في قلبي بس لما رجعتي لزين قلت خلاص عمرك ما هتبقي ليا وحاولت كتير أشيلك من دماغي لكن منظرك دلوقتي والحزن اللي في عينيكي دايماََ ده مخليني مش قادر أخبي أكتر من كدة..... أنا عايز أعوضك عن كل اللي إنتي عشتيه..... أنا مقدر إن اللي مريتي بيه غصب عنك وكل اللي إنتي عملتيه مكنش برضاكي.... ومش فارق معايا كل ده وبعدين دلوقتي مبقاش فيه حد يقدر يلومك على اللي حصل لعمي عامر..... ولا أنا كنت بلومك من الأساس..... وعد إنتي مش هتفضلي عايشة طول عمرك كدة متجوزة على ورق وزين شاف حياته وبيأسس لحياة تانية.... أنا عايز أتجوزك وابنك هيتربي بينا وبدل ما يبقى ليه أب هيبقى ليه إتنين.... لو وافقتي يا وعد هبقى أسعد إنسان في الدنيا

ظلت وعد تنظر إليه ولا تستطيع أن تجيبه وشعرت بصدق مشاعره ولكن قلبها لا ينبض إلا لشخصٍ واحد..... نظر لها جاسر ووضع يده على وجنتها واقترب منها وتلامس ش*ف*اتهما ولكن دفعته وعد بعيداََ عنها ووقفت بالغرفة وقالت في غضب : إطلع برا

نظر لها جاسر في إرتباك وقال : أنا أسف معرفش عملت كدة إزاى...... صدقيني يا وعد أنا بحبك...... إديني بس فرصة

وعد : بس متقولش ولا كلمة تاني..... إطلع برا يا جاسر وأنا هعتبر نفسي مسمعتش أي حاجة من اللي إنت قولتها واللي حصل ده تنساه والأوضة ديه متدخلهاش تاني.... برااا

خرج جاسر من الغرفة ويبدو عليه الغضب من نفسه والحزن يسيطر على قلبه فلم يتوقع أن ترفضه بهذه الطريقة ولكن كان تصرفه خطأ وهذا ما جعله يظن أنه ممكن أن يحاول التحدث معها مرة أخرى

الفصل السادس عشر من هنا

تعليقات



×