امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الرابع عشر 14 بقلم نداء علي


امواج قاتلة الجزء الثالث (احفاد السياف) الفصل الرابع عشر  بقلم نداء علي


وبعض المحن منحٌ مستترة تحجبها غيوم اليأس فإذا أشرقت شمس الأيام ظهرت لنا محاسنها التي طالما رأيناها أذى وانكسار وأتى قلوبنا سعادة لم ننتظرها يوماً....

.............................................................

خلعت عنها حجابها بعدما دلفت إلى غرفتها وفي عقبها جاد، تجاهلت وجوده وربما لم ترد أن تصطدم به حالياً لكنه اقترب منها قائلاً

لحد دلوك الواحد دماغه مجدراش تستوعب كيف الناس بتوع الملجأ يطلع منهم كل المصايب ديه، جتل وخطف وهيتاچروا بعيال صغيرة وايتام كمان؟!

دول أمانة برجبتهم والست سهيلة مسلمالهم حالها. ومحتالها يكون چزاتها يخونوا الأمانة.

ابتسمت بغموض وتطلعت إليه بتقييم وهمست :

وهو الخاين هيحتاچ سبب، الخيانة طبع يكفيك شرها ياواد خالي

ابتلع جاد ريقه بتوجس ونظر إليها فرشقته بعتاب زاد من حيرته، وبقيت هي بمكانها يساورها شك لا تعلم إن كان حقيقة أم وهمُ نسجه خيالها العاشق لزوجها.

تحدث هو بصوت يغلفه التخبط قائلاً

رايك ايه في البت اللي سلمان رايدها؟

رباب بغرور : عادية، مفهماش ايه اللي عچبه فيها، ده أخوك اسم الله عليه لو شاور على بنت الوزير يرحبوا بيه يروح هو يختار ممرضة!

جاد بهدوء

شكله هيحبها، ويمكن چوازه والسلام الغرض من وراها يخلص من زن أمي وابويا عليه

رباب بجدية

في الاول والاخير هو حر، الچواز مهواش تچربة وبنات الناس مهمهاش لعبة، لازمن يتوكد الاول من اختياره جبل ما يعشم البت.

جاد بتعجب

كلامك غريب، منين هتمدحي فيه وبنت الوزير تتمناه وبتاع وبعد دجيجة هتجولي ميعشمش البت ويخلى بيها

رباب

هجول الصوح يا چاد، سلمان يستاهل واحدة تليج بيه بس طالما اختار خلاص هو حر، وفي نفس الوجت حرام يعشم واحدة وبعد يومين يهملها.

جاد بضيق

والله أنا كلمته وجولتله يفضها سيرة لا هي من توبنا ولا حتى من الصعيد واللي زاد وغطا انها ممرضة ياريتها حتى دَكتورة، مفروض الراچل يختار اللي تناسبه وتشرف عياله بعدين.

رباب بحدة طفيفة

سيبك دلوك من سلمان وعروسته وجولي يا چاد، لما كنا في المستشفى مع نوح في واحدة ست اتصلت على تلفونك واني كَلمتها، ولما سألتها عن اسمها جالتلي موني، هو انت اسمالله على مجامك هتعرف حريم من ورايا وهتدلعهم كمان؟

قطع جاد المسافة الفاصلة بينهما بغضب وأمسك معصمها بقوة، لم تحرك رباب ساكناً بل كانت تتربص به أن يتمادى وتزداد خطواته القاسية فتخطو هى إلى قرار يعيدها إلى الصواب، هي الآن في وسط الطريق لم تعد تعلم أين الحقيقة، هل تبدلت مشاعر جاد أم أن أوهام مريرة تتلاعب بها، ترجوه أن يمنحها الحقيقة لكنه يراوغ دون ملل.

صاح بها جاد قائلاً

ومن امتى هتفتحي موبايلي وتردي كمان على الناس، وافرضي كان المتصل راچل مهواش ست، كان هيحصل إيه وجتها؟

رباب بألم : وااه، شكلك هتغير ياواد خالي

جاد بجنون : مالك يا رباب، عجلك شت ولا ايه، ما انتِ خابرة زين اني هغير عليكي من عيالك، ايه اللي حوصل

رباب بعيون خالية من الحياة :

رباب بتساؤل

كانك اتغيرت جوي عن زمان يا چاد، ساعات هدور عليك وانت چاري؟

جاد بحدة طفيفة

اتغيرت كيف يعني، هو الراچل اللي يدور على مصلحة أهله يبجى عفش! لما اغير عليكم هتجولي اتغيرت!

تنفس بغضب جاهد في اخماده إلى أن تمالك زمام أمره قليلاً فعاتبها بهدوء

من أول يوم اتچوزنا فيه جولتلك طبعي وعيوبي جبل مميزاتي يا رباب، ومخابرش مين فينا اللي اتغير أنا ولا انتِ بس الأكيد إنك بعدتي عني جوي.

رباب بهدوء

بعدت عنك تجوم تخوني، تهملني وتشوف غيري ولا تمد يدك وتسحبني بعيد عن الموچ ياواد خالي، يا حبيبي، أفلتت معصمها من بين يديه وتحركت خطوتين من أمامه، أزالت بكفيها تلك الدموع الحارقة التي تتابعت وهمست بحزن

انت خابر خالي فهد لما الغرور ركبه حصله ايه يا چاد، ضيع حاله وكسر المركب باللي فيه.

لم تنتظر رباب أن يجيبها بل غادرت قبل أن تفقد ثباتها فمنذ أن استمعت إلى صوت تلك المرأة تهاتف زوجها وقد بهت عالمها وتداعت جدران الثقة بسكنها.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

وكم من آه سُجنت بداخلنا فقتلت ما تبقى لنا من نبض، خشينا أن يسمعها سوانا فيتألم فأسرها القلب ولم يبدها لمن حوله.

ابتسم رحيم ووجه الذابل يدعي الصلابة، دفع يد ميادة بلطف واحترام قائلاً

بكفياكِ اكده ياماما، شبعت الحمد لله

نهرته ميادة بخوف

وبعدين معاك، الأكل زي ماهو، علشان خاطري كمل أكل متنساش إنك نزفت كتير

تنهد قليلاً وهمس

ان شاء الله كله هيعدي، بس دلوك أنا رايد أنام، معنديش نفس للوكل

ميادة باصرار

مش هتنام قبل ما تاكل

رحيم بجدية : أحب على يدك بطني وچعاني ورايد أنام

ارتعدت من فرط خوفها فقد حذرهم الطبيب مراراً، على رحيم أن يحظى بعناية تامة وراحة فقد فقد الكثير من الدماء كما أن جرحه عميق للغاية.

ابتسمت إليه بحنو وهمست كما لو أنها تفضي إليه بسر لا تود لأحد غيره أن يعلمه

خابر ياواد يا رحيم أني هحبك ليه؟

ابتسم رحيم مرغماً فحديثها بلهجتها الصعيدية نادر كما كسوف الشمس

ابتسمت هي الأخرى وتنهدت قائلة

انت شبهي أوي، أنا اتشديت من حضن أبويا غصب، مات جبل ما أفهم يعني ايه موت وسافر وهملنا وأنا لسه صغيرة، كانه مات مرتين يا رحيم، والدنيا بعدتني عن نوارة سنين طويلة وبرده كنت عايشة وأنا مفكراها ميته، فلما انت جيت للدنيا حسيت ان أنا وانت بنشبه بعض.

ادمعت عيناه ولم يعقب، هو بالفعل عاشق لها كما لو أنها من انجبته، لم يشكك مطلقاً في حبها له لكنه غاضب من والده، نوح ذلك المتخبط الذي شطر قلبه نصفين.

رفع رحيم بصره إلى ميادة وتساءل في هدوء

اجولك أنا كمان سر

انصتت إليه باهتمام قائلة

ايه ياحبيبي

رحيم بجدية : الراچل اللي ضربني بالمطواة كان رايد يأذي ديمه

نظرت ميادة إليه وبعض الظنون تتسرب إلى عقلها واعقبت

يأذيها كيف

رحيم بتوتر : كان رايد يعتدي عليها

شهقت ميادة بفزع ولطمت على وجهها بخوف

يانهار أسود، وجولتش الكلام ده ليه في المستشفى، سكت ليه

رحيم بغضب

وااه، هجول ايه، رايداهم يمسكوا في سيرتها في الجرايد والتلفزيون، خلاص الموضوع خلص وربنا سترعا معاها ومعانا.

شعرت ميادة بفخر وسعادة فاحتضنته بقوة ومسدت فوق رأسه

تعرف اني فخورة بيك أوي، انت راجل يا رحيم، راجل شهم زي نوح تمام

مازحها بلطف قائلاً

كانك هتشوفي أي ميزة في الدنيا خاصة بنوح السياف ولا ايه

وكزته بخفة متناهيه خشية أن تؤذيه ومطت شفتيها قائلة

هتعترض ولا إيه

دون تردد منه هتف بثقة

لاه، نوح السياف راچل اتمنى الكل يبجوا زيه

ميادة بترقب

يعني مش زعلان منه يارحيم، لسه شايل جواك ولا خلاص

رحيم بهدوء

هزعل ليه، عشان ضربني ولا عشان چهاز التتبع

صدمتها جعلتها تعجز عن الرد فاوضح ما يريد قائلاً

لما ضربني كنت استاهل، عملت راسي براسه وناطحته بالكلام ودي كَبيرة جوي وأنا معترف، وبالنسبة لخوفه من الماضي فكيه ما هيجولوا اللي اتلسع من الشوربة...

الغريبة إني لابس الساعة بجالي سنين عمري ما خلعتها من يدي غير يوم الحادثة، قهقه بألم قائلاً

كان الموت كان مستنيني بس مكتوبلنا نعيش.

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

قلوب الأطفال لا تعي مذاق الحقد، قلبه جنة لم يدنسها مطامع البشر، تغلفها حبات الندى وتغزوها نسمات الصباح ولا تسمع بين جدرانها سوى همسات ضاحكة.

تطلعت سهيلة إلى ابن عمتها بحب، تعشقه هي رغم صغر سنها ولا ترى بالكون سواه لكنه لا يدرك وربما لا يريد أن يفعل، يحادثها دون اهتمام فيغلف قلبها الهش بهم الفقد، تساورها هموم البعد.

نظرت إليه فوجدته شارد الذهن يتصفح هاتفه وإلى جواره رباب تسامر شقيقها نوح بينما ميادة تصب كامل رعايتها على رحيم الذي لم يتماثل بعد للشفاء.

غادرت المكان في هدوء وهرولت بعد قليل إلى غرفتها، لحظات وتواصلت مع صديقتها المقربة التي استمعت إليها بحماس قائلة

ها، طمنيني يا سهيلة، ابن عمتك چه كيه ما جولتي؟

سهيلة بحزن

چه يا حبيبة وكيه كل مرة ولا كانه شايفني، هيتكلم مع الكل ويتچاهلني، اختنقت سهيلة بعبراتها وهمست، أنا هحبه جوي يا حبيبة، بس خايفه يروح الچامعة والبنات هناك تلوف عليه ويحب غيري

حبيبة بتهور

روحي وجوليله انك هتحبيه، مهواش غلط ده مهما كان واد عمتك وانتِ أولى بيه، وبعدين الواد مز بعدل ربنا.

اجهشت سهيلة في بكاء مرير قائلة بألم

كلام مظبوط، وأنا خابرة انه احلى مني.

حبيبة بتعجب

واااه، كانك مخبلة يا سهيلة، وهو انتِ عفشة إياك

سهيلة بتخبط وفقدان للثقة

مشيفاش جسمي مليان كيف، ولا وشي وحبوب الشباب؟! 

تحسرت على حالها :

ماما ماشاء جميلة وبابا هو التاني حلو جوي، معرفاش أني عفشة اكده ليه؟ 

حبيبة بتعقل

يا مچنونة فترة وهتعدي وترچعي كيه الأول، وبعدين انتِ ناسية أهلك مين، ده انتِ اللهم لا حسد أبوكي يجدر يچوزك توم كروز ذات نفسه

ابتسمت سهيلة مرغمة واخذت تتبادل مع صديقتها بعض الأفكار التي تساعدها على الفوز بقلب من اختارته دون سواه. 

💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬💬

لطالما تطلعنا إلى الماضي ونسينا أن نمضي إلى الغد وها نحن حائرون تخلى عنا ماضينا وعجزنا عن اللحاق بركب الحاضر.

انتظرت اجابة من والدتها لكنها اثرت الصمت، تسلل القلق إلى قلب سماء فتساءلت بترقب

ها يا ماما، حضرتك معايا ولا رحتي فين؟

كانت رحاب تائهة بين بقايا لمشاعر مميزه منحتها قبل سنوات لوالد سماء، شاب ريفي أتى إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية والتقيا صدفة كانت بداية لعشق جارف جعلها تتناسى الفروق الواضحة بينهما، كلاهما يحيا بعالم مختلف لكنها لم تكترث، وبعدما تزوجا بدأت غيمات الهوى في التنحي وأتت شمس الواقع فتسرب الحب من بين يديها وتفرقا بعدما انجبا سماء. 

تحدثت رحاب بلهجة قاسية قليلاً قائلة

انتِ اكيد بتهرجي، عاوزة تتجوزي صعيدي، وكمان أهله من عائلة معروفة هناك ومعرفش إيه. 

سماء بتعجب

وفيها ايه بس يا ماما؟ 

رحاب بشراسة : فيها إنهم غيرنا، عاداتهم وتقاليدهم مختلفة، ناس صعبة ومستحيل تقدري تتعايشي معاهم 

سماء بحزن 

وحضرتك عرفتي ازاي الكلام ده 

رحاب : من المسلسلات، مش بتشوفي لبسهم وطريقتهم العنيفة والتار والحاجات دي 

تعالت ضحكات سماء الغير مصدقة لما تقوله والدتها وهمست بهيام

تعرفي لو شوفتي سلمان هتحبي الصعيد كله 

شهقت رحاب قائلة

نهار أبوكي مش فايت،انتِ بتحبيه يابت 

منعها فرط الخجل أن تتحدث ولم تستطع رحاب أن تكسر فؤاد صغيرتها فتراجعت عن رفضها قائلة 

خلاص طالما الهانم وقعت كده هقابله، بس عرفيني جاي امتى وأنا هجيلك ياست سما 

سماء بحب

بجد يا ماما، بجد هتنزلي الصعيد وتجيلي، انا محتاجة وجودك جنبي جدا

رحاب بغرور 

هعمل ايه يعني، مضطرة اتحمل ابوكي ومراته علشان خاطرك، بس ابقي بلغيهم بقى إني هشرفكم بزيارتي وبالمرة انكد على مرات ابوكي، أصلها بتتكهرب لما تشوفني 

تعليقات



×