رواية قلبي وعيناك والايام الفصل الثانى عشر بقلم رحاب ابراهيم حسن
~... أبيها كلمة السر...~
فراق أحدهم يمكن أن يطفئ فينا بهجة الحياة ....أن يكن للعتاب متعة ...وللعذاب رضا .... وللصعب حافز للعبور ....أن نرى أن المستحيل يصبح ممكنا ... حتى العقاب يكن بالحب كصفعة مزاح بين الأصدقاء ..... گ ثورة الصغار ......
وأحيانًا لا نصدق أنهم فارقونا .... ليت عذابهم استمر ...!
راقبت عنايات ثورة المشاعر على الوجه الذي اتقد احمرارًا من الغضب ....والصوت الذي كأنه كُبّل بالأصفاد فجأة ...!
وهو كأنه يُخيّر بين جحيمين !
أيهما يختار ؟
أن يبتعد ويرضي مجبورًا على فراقها حرصا على زواجه ؟
أم يعلن عن ثورته ...وغضبه ...أنه عاقبها كي تشعر به ...عاقبها لتبقى ....كل شيء فعله لتبقى !
هل انتظار عشر سنوات لم يجيب على ظنونها ؟!
لم يجعلها تفكر لحظة أن تحب !
لا ...هي تحب ....شعور يؤكد له ذلك .....لم يشعر مرة وهو ينظر لها أنها لا تحبه .....!
هناك شيء ...شيء مريب خلف صمتها ...خلف هروبها ....خلف عشر سنوات من الألم يبدو أنها تحملتها ..... الشيء الوحيد الذي أرثى تلك السنوات الحاكلة السواد ....تلك الصغيرة ...
الحبيبة القريبة ....للقلب مثل أمها .... الذي ظنّ أن القدر يُهديه ويجازيه جزاء الصبر ...فأعطى له نسخة صغيرة هدية من حبيبة العمر ....
ومثلما أحب أمها منذ اللقاء الأول .....
تسللت لقلبه تلك الصغيرة منذ اللقاء الأول أيضا ...قبل ان يعرف حتى أن ليلى أمها ...!
كان يعاقبها محبة ....كانت تلك النظرة الغاضبة إليها تخبرها سرًا أنا أحبك ....وتلك الكلمات الفظة خلفها اعتذرًا وأعذار ..... وبثنايا كلمة أذهبي الف تكرار يقول اقتربي ....
اغتربي عن عنادك وكوني لي ...أنتِ لي ...
تجمعت في مقدمة أفكاره فكرة واحدة فقط .....بعدها يحدث ما يحدث .....قال بشرر يتطاير من عينيه وبهدوء ما قبل العاصفة :
_ ابعتيلي أمن المستشفى حالًا ....
تعجبت عنايات من هذا الأمر ولكن ما بيدها سوى التنفيذ ...ليس من مهامها المناقشة .....هزت رأسها بالتاكيد وذهبت ....تركت على حالته الغامضة بالنسبة إليها .....
ضرب وجيه قبضتيه الأثنان على المكتب بغلظة وحدة ....ضربة احدثت صوتٍ مسموع للخارج .....ثم تمتم بتوعد عنيف :
_ مش هسيبك تمشي بالسهولة دي يا ليلى ... مش هستنى عشر سنين تاني عشان نتقابل .... المرة اللي فاتت أنتِ اخترتي ...لكن المرادي أنا اللي هختار .....
رفع سماعة هاتف المكتب واتصل بالهاتف الداخلي بقسم العناية المركزة ....حتى أجاب أحد أطباء العناية ....سأله وجيه عن والد ليلى فأجاب الطبيب إجابة جعلت وجيه يتنفس قليلًا ....والدها لا زال بالمشفى ...إذن ستأتي حتمًا لملاقته ...أو لأخذه .....
انتهى الأتصال وهو يبرم خطة سريعة ...يعرف أنها ستكن حديث المشفى ولكن لا يهم ....اللعنة على الأفواه التي لا تتحدث غير بشأن الآخرين ....لا يهمه الجميع ....هي فقط
بعد دقائق دخل لمكتبه أثنان من الحرس ....انتقلت نظرة وجيه عليهما في عجالة وقال بأمر :
_ انتوا الأتنين مطلوب منكم حراسة قسم العناية في الدور التالت ....مافيش مريض يطلع غير بأذني وموافقتي ....
نظر الرجال لبعضهما في تعجب ولكن فعلا مثل عنايات ولم يناقشا الأمر ...تردد وجيه في قول هذا ولكن لابد أن يراقب الدخول أيضا :
_ في مريض اسمه عبد العزيز صادق ...لو حد جه يشوفه أو حد من قرايبه سأل عنه لازم أعرف في وقتها وإلا انتوا عارفين هيحصل إيه ....
هز الرجلان رؤوسهما في موافقة ثم غادرا لمهمتهما الجديدة .....نظر وجيه بثبات أمامه في شرود حتى رفع مرفقيه على المكتب ووضع رأسه على ضمة يديه في حزن وضيق شديد .....
يعترف الآن بكل صدق .....أنه لا يستطيع غير أن يحبها أكثر ....الآن فقط يعترف أنه لم يكرهها لحظة حتى عندما عذبته .....
أي لعنة وضعته بها ليصبح مهووسا بها هكذا .....!!
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كان الفندق على فخامته وموقعه الراقي بأحياء القاهرة لم يروّح على قلبها المكدود ....ولم يرفه عنها ولو لحظة واحدة ....
تصبح الفخامة ضبابية النظرة عندما يكون القلب مُثقل بالهموم والآلام ....
هدأت الصغيرة بعض الشيء ...وليس الهدوء الذي جعلها تغفو مثلما كانت تغفو بالمشفى !
قالت ريميه بصوتٍ يلوح بالحزن والدموع :
_ ماما ..... عايزة اروح عند جدو عزيز ......
استخدمت الصغيرة الاسم المختصر لوالد ليلى ....وعلمت ليلى أن خلف حديثها رغبتها القوية والغريبة بالعودة إلى وجيه !
يبدو أن قلب ابنتها مثل قلبها تمامًا ...!
سيطر عليها قرب هذا الرجل ولو كان حب الصغيرة حب طفلة لرجل تريد ببراءة أن يصبح أبيها وتغفو على عاطفته ودعمه!
ولكنها هي ....
تريده كرجل ...حبيب لم يرأف بقلبها ....ولم يترك لحبيب آخر مساحة دخول بالقلب...
تنهدت ليلى بهموم طلت بعينيها لامعة .....وأجابت على ابنتها :
_ هوديكي لجدو قريب أوي .... عشان خاطري ما تعيطيش تاني بقى .....
لم تبدي الصغيرة أي اجابة ...كأنها تشك بما تقوله أمها ...صمتت بعبوس يملأ وجهها ...وعينين تلتمع كعين هرة رضيعة مختبئة بجسد أمها .....
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كانت إشارات جهاز القلب تؤكد أن حالة المريض ليست جيدة تمامٌا .....
وقف وجيه أمام السرير الطبي بغرفة العناية لمريض في غيبوبة منذ مجيئه إلى هنا .....
لا يذكر لهذا الرجل إلا الخير .....كان يدعم ابنته بقرارها ولكنها خذلت الجميع بقرارها الصادم .....
انحنى وجيه بالقرب من والد ليلى وقال بصوت خافت ورغم ذلك خرج من حلقه كأنه يهدد ويتوعد :
_ اكيد في السنين اللي فاتت دي كلها عرفت حاجات كتير ....عرفت هي وافقت ليه تتجوز أبن عمها فجأة .....عرفت اللي لحد دلوقتي أنا مش قادر أوصله ....أنا متأكد أن ليلى مخبية حاجة .... قوم وقولي الحقيقة ...قولي أنها مظلومة .... قولي اللي حصل ..... يمكن أنت طرف الخيط اللي بدور عليه ومكنتش شايفه .....
ظهرت مرارة بعين وجيه وهو يقول بحزن :
_ أنا لحد دلوقتي بحبها .... لو عرفت انها مظلومة هحميها من الدنيا بحالها بس مش قادر أعرف اللي حصل !
وهي مش عايزة تتكلم ......
نظر وجيه للرجل النائم بنظرة رجاء وأضاف :
_ لما جيتلك من عشر سنين وفهمتني قرار جدها ساعتها كنت مستعد أقف قدام الدنيا بحالها عشانها ..... لكن اتصدمت بقرارها وأنها وافقت !
لحد دلوقتي مش قادر اقتنع أنها وافقت برضاها ! ....لحد ما اتقابلنا تاني ...نفس الشغف ...نفس المحبة واللهفة ....ونفس كل حاجة حسيتها زمان يمكن دلوقتي الأمر زاد....!
واستطرد وتملكه القوة وهو يقبض على يد الرجل الغائب عن الحركة:
_ قوم عشان بنتك ....هي مش هتتكلم ...ليلى هربت مني تاني ...اكيد أنت سامعني ....أنت فاهم يعني ايه هي دلوقتي لوحدها هي وريميه !
أنا بحاول أتجنب التفكير في ده بكل طاقتي وقوتي عشان ما اتجننش !
انتبه وجيه لخطوات طبيب العناية تقترب إليه فأستقام معتدلًا بوقفته وتبدل وجهه للثبات مرةً أخرى ....وقف الطبيب بجانبه وقال بغموض :
_ المريض ده ماله يا دكتور ؟!
حضرتك بلغتني من فترة أني ارفض قرار خروجه ...ودلوقتي موصي أن مافيش مريض يخرج من هنا ....بس حاسس أن الموضوع يخص المريض ده برضو !
تنهفس وجيه بحدة ونظر للطبيب قائلًا بنبرة تحذير :
_ شوف شغلك يا دكتور .....وبس !
توجه إلى باب الخروج دون إضافة كلمة أخرى ....نظر له الطبيب بغرابة ثم نظر للرجل المدد بعدة اسئلة فضولية .....كاد أن يغادر عندما وجد يد الرجل بها أصبع الأبهام يهتز قليلًا .....ثبّت الطبيب نظره على اليد جيدًا فلم يجد أي حركة ...!
اعتقد أنه يتوهم أو ربما حركة عصبية باليد .....صرف انتباهه على بقية المرضى الآخرين
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
باليوم التالي .....
اضطر الشباب الأربعة المبيت بالخيمة نظرًا لإكتفاء الآسرة المجهزة للفريق ..... ربما لأن العدد في الأساس كان محدد وضابطا حتى زاد أثنين من أطباء الأطفال بآخر الوقت ...لذلك لم يصل الخبر قبل أن يصل الفريق الطبي للقرية ....
غفا الشباب على المقاعد طيلة الليل .....استيقظ يوسف بكسل في تمام الساعة الثامنة صباحا وهو يتثاءب ويفرد ذراعيه على وسعهما ....ثم قال :
_ أنا معرفتش أنام خالص ....نومة الكراسي دي عاملة زي اكلة المكرونة اللي مش جنبها مخلل شطة !
رد عليه رعد ولا زالت عينيه مغمضتان :
_ أنت مدخل الأكل حتى في النوم ! ..... أنت في البطاطس والله !
دندن يوسف وهو ينهض مبتسما متجها ناحية الطاولة المفترش عليها الفطائر اللذيذة:
_ الأكل جميل ...جميل الأكل ....الاكل جميـــل ...وله بهارات ....
صمت فجأة متسع العينين عندما وجد الطاولة فارغة من الفطائر ....!
بل هناك بقايا صغيرة جدًا تصل للفتات من أنقاض الفطائر !
صرخ فجأة كالطفل الذي خطف منه حلوى الأيس كريم :
_ حيوانــــــــــــات .....الفطير فيـــــن ؟! فيـــــــــــن ؟!
لم يكترث لصراخه رعد بل انه اعتاد الأنر ...ولم يستيقظ أي من آسر أو جاسر رغم علو الصوت .....أشار رعد لجاسر قائلًا :
_ جاسر كله بليل وأنت نايم ...... ومش عايز اخبي عليك أن آسر تحالف معاه وساعده ....كل أعوانك خانوك يا قلب الأسد ...
نظر يوسف لجاسر بعصبية وغيظ ثم اتجه اليه ......وبينما كان جاسر ينام مبتسما بحلم يبدو أنه يسعده ويضع ساق على ساق في ثقة حتى وهو نائم !!
صاح يوسف بغيظ :
_ مغرور حتى وأنت نايم ....قــــــــوم !
دفع يوسف قدمه بقدم جاسر المرفوعة على الأخرى حتى سقطت بمحاذاة الأخرى ......فتح جاسر عينيه بدهشة من صياح شقيقه الصغير وقال وهو ينهض :
_ مالك يابني في ايه ؟!
عندما وقف جاسر امام يوسف بنظرته الحادة ...تراجع يوسف قائلًا وهو يضع يديه على ذراعي جاسر كأنه يحمسه وقال :
_ أنت اللي كلت الفطير ؟!
قال جاسر بثبات :
_ آه انا اللي كلته ...... في حاجة ؟!
صر يوسف على أسنانه في غيظ وقال له :
_ ضميرك مرتاح وأنت واكل حق غيرك ؟!
نمت مرتاح أزاي يا ظالم ؟!
ضيق جاسر عينيه بتعجب وقال :
_ هو أنا اكلت عليك الميراث ؟! ..... دي فطيرة ! ....بس كانت اكلة فظيعة .....مليان سمنة وقشطة و
كتم يوسف فم جاسر وقال بألم :
_ كفاية بقى ! ..... دي غلطتي أني سيبت الفطير لوحده مع غيلان زيكم ! ....مكنتش عارف أنكم هتنهشوا اكلي وانا نايم !
يلا بالهنا والشفا.....حد يروح يجبلنا فطار أنا جوعان ......
قال آسر الذي استمع لما قاله يوسف منذ قليل وكتم ضحكاته :
_ هنجيب فطار من هنا منين يعني ؟! هو احنا نعرف حاجة هنا ؟! ....استنى بقى شوية كده لما الوحدة تفتح ونشوف هنفطر ايه .....
قال يوسف متذمرٌا :
_ واحنا مالنا بالوحدة هو احنا هنفطر برسيم !
بدأ جاسر تمارينه الرياضية الصباحية وقال بضحكة :
_ أنا خايف تلبد هنا ومترضاش تسافر معانا ...... الجو هنا يرضي رغباتك ...
قال يوسف بسخرية :
_ على الاقل رغباتي احسن من رغباتك الدنيئة....!
رغباتي أنا تفتح النفس... مطبوخة ومتسبكة .... بتفيد الصحة مش زيك ! ... ده أنت فصيلة دمك B بنات ....
ياللي مسمي الشرايين شيرين والرئة ريهام ! ....
رفع جاسر حاجبيه بتحذير أن يتابع يوسف .... وتابع تمريناته الصباحية حتى تمتم يوسف بغيظ :
_ يارب تتخبط في صباع رجلك الصغير ....
مضى من الوقت ساعةً كاملة حتى بدأ اليوم المهني بالوحدة البيطرية .......
وبطريقةً ما اعد عاملين الوحدة طعام سريع للأفطار وهو عبارة عن وجبة من عدة سندوتشات من الفول المطهى وثمار الفاكهة اللذيذة والخضراوات ......
كانت الوجبة شهية لدرجة كبير رغم بساطتها .....اجتمع الشباب الاربعة بالخيمة يتناولون وجبة الفطار مع أكواب الشاي الدافئة .....
انهى جاسر وجبته وتابع طعامه بوجبته شقيقه يوسف ...عبس وجه يوسف بغيظ وقال والطعام بفمه :
_ وبتقول عليا مفجوع !
قال جاسر بضحكة وهو يلتهم الطعام بشهية:
_ الأكل هنا مش عارف فيه ايه ؟!
نظر يوسف للطعام بيده وقال مبتسما :
_ لذيذ أوي أوي .....
وتذكر الفطائر فجأة فعاد ناظرًا لجاسر بغيظ ....
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
في منزل العمــدة ......
وقف نعناعة أمام "الجاموسة " في الحظيرة وهو مكدود وفي ضيق شديد وعناء ظاهر على سيماء وجهه .....قالت له سما وهي تقف وترى الماشية بحالة لا يرثى لها :
_ آدي أخرة كلامك عنها ....كل شوية بتولد مرتين بتولد عشرة ...اهي اتنشت عين وبركت يا فالح !
بقى في جاموسة بتولد ٣مرات ولا حتى مرتين يا بغل !
قال نعناعة بأسى :
_ ماهو كنت بقول كده عشان لما قولتلهم فيها عفريت محدش صدقني ..... ابويا كان هيبيعها وهي غالية عندي ....لو مقولتش كده كان الف ومين هيشتريها .... سوقت سمعتها غصب عني !
اشفقت سما عليه وقالت :
_ طب تعالى ناخدها على الوحدة نشوف مالها ....ابو ربيع بتاع البهايم مسافر السوق من امبارح وعلى ما يجي يشوفها يكون لا قدر الله يعني .....
تألم الصبي وقال بخوف :
_ طب يلا اسحبيها معايا بسرعة نوديها الوحدة .....
كافحت سما وهي تجذب معه الماشية من قيدها المعلق برقبتها، وكان الأمر شاق جدًا على قوتهما معاً ....وخصوصا أن الماشية ثقلت حركتها بسبب المرض الفاجئ .....
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تذكر يوسف تلك الفتاة التي رآها بالأمس ...ابتسم فجأة وهو يجلس بالخيمة ....قال رعد بتأفف وملل :
_ الشغل هيبدأ من اول بكرة على ما المكان يجهز تمام لأن هنا مش هينفع ......
قال يوسف بشرود :
_ يا ترى في العزومة طابخين لينا ايه ؟!
شعر آسر بألم في معدته من الكمية الكبيرة من الطعام الذي تناوله بالساعات الفائتة فقال وهو يتحسس معدته :
_ بطني بتوجعني أوي.... أنت بصيتلي في الفطير ولا إيه ؟!
رد يوسف بعصبية :
_ أنا آه اتعصبت بس مش بستخسر فيكوا اكلي ....ده أنت غتت بصحيح !
اهمل جاسر رد يوسف وقال :
_ هتمشى شوية يمكن أروق ...
رمقه رعد بنظرة ماكرة حتى أضاف يوسف بسخرية :
_ طب حاسب لتتحدف في الترعة تاني !
صرّ جاسر على اسنانه لأفتضاح أفكاره وقال وهو يجلس :
_ مش رايح ... عشان حضراتكم تستريحوا ..... أن شاء الله تيجي اي حاجة وتخفيكم من قدامي دلوقتي...
وقف يوسف وقال :
_ أنا هختفي من نفسي ..... هتمشى شوية وراجع ....
اغتاظ جاسر منه ورمقه بعصبية .....اصطدم كتف يوسف بطبيب بيطري أتى للخيمة ليأخذ محلول تعقيم بدلا من الذي نفذ ...
خرج يوسف من الخيمة متجها للخارج وهو يتمتم بغيظ .....وفي أثناء خروجه وجد صبي وفتاة يسحبون ماشية تبدو مريضة من حركتها البطيئة ...... حتى ترك الصبي قيد الماشية وركض اتجاه يوسف قائلًا :
_ الدكتور جوا ؟
فهم يوسف أن الصبي يقصد الطبيب البيطري ..... ودون أن يفكر كثيرًا أشار للخيمة لتكره امر الطبيب ......أسرع الصبي مبتعدًا وكاد يوسف ان يهتف به ويوضح ولكنه ابتسم بخبث ...ثم ضحك فجأة وتمتم بشيء .....
صاح نعناعة بسما وقال بعصبية وهو يسحب الماشية :
_ روحي نادي على الدكتور بسرعة يابت ....هو في الخيمة اللي هناك دهيه....
اسرعت سما بعبائتها السوداء اتجاه الخيمة حتى وجدت آسر يجلس وحيدًا بالخيمة ويبدو أن رعد وجاسر خرجا مع الطبيب البيطري من الاتجاه الآخر للخيمة ......ختفت سما بصراخ :
_ يا دكتـــــــور ....؟
صرع آسر من الصراخ ونهض بنفضة من مقعده وقال :
_ في إيــــه ...؟!
قالت سما بصراخ :
_ سكرة شكلها بتولد ....الحقنى يا دكتور !
قال آسر وهو يمسك هاتفه ليجري اتصال :
_ طب دخليها وهتصل بدكتور جاسر .......
ركضت سما للصبي بالخارج وأشارت له ليسرع اتجاه الخيمة ....صرخ نعناعة بها :
_ تعالي شديها من الحبل ....
ركضت سما اليه وفعلت ما قاله حتى اسرع نعناعة خلف الماشية ودفعها للأمام بيديه الأثنان اتجاه الخيمة وهو يلهث ويشجعها على الحركة .....
وفي الخيمة ....دخل رعد وجاسر مسرعين وقال رعد بحماس :
_ أخيرًا هنشتغل !
نطق جاسر بعصبية وهو يرى آسر يجر عربة الأسعافات اتجاه المدخل الاخر للخيمة ولم يجد مكان فارغ سواه :
_ شغل إيه ؟ هعمل عملية ولادة هنا أزاي يا أغبية ؟!
كاد أن يرد جاسر حتى وجد شبح أسود ضخم يهجم على الخيمة