رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل التاسع
" انطونيو سيقتلونني ......."
انتفض انطونيو من مضجعه وهو ينظر حوله لا يستوعب الأمر أو يستوعب حديثها....
" لا افهم شيء ما بكِ روما وعمن تتحدثين ؟؟؟"
سمعت روما صوت تكسير عنيف في الخارج وصل لانطونيو الذي تحرك كالمجنون في غرفته وهو يركض للخارج ومازال بثياب نومه لا يفهم شيء وهو يصرخ بفزع :
" ما بكِ روما ؟؟؟ ماذا يحدث تحدثي...أنا من سأموت خوفًا هنا "
صمتت روما قدميها لصدرها وهي تهمس بصوت منخفض مرتعش حتى لا يصل لمن بالخارج...
" هم كثيرون....لا اعلم من هم ...لقد قتلوا جميع الحراس هنا ويبحثون عني...وسيقتلونني "
كانت تتحدث بهستيرية جعلت انطونيو يكاد يفقد عقله وهو يصرخ بنبرة مخيفة :
" حسنًا حسنًا ابقي حيث أنتِ أنا سأرسل لكِ رجال، اياكِ سمعتي إياكِ والخروج من مخبأك "
" اسمعني انطونيو ارجوك... أنا لن أنجو من هذا أنا أعلم لقد بحثوا في جميع المنزل ولم يتبق سوى غرفتي، سوف يقتلونني الآن....."
" اللعنـــــة عليكِ، لا تتحدثي بهذا الحديث سمعتي ؟؟؟؟ "
بكت روما أكثر وهي تستمع لصوت أنفاسه اللاهثة العالية كأنه يحارب شياطينه يمنعها من الخروج للجميع ....
" ارجوك استمع لي دون مقاطعة فلا اعلم إن كنت سأراك مجددًا أم لا ....أردت فقط اخبارك أنني في حياتي كلها لم احب أحد كما فعلت معك، أنا اعشقك انطونيو ارجوك لا توقف حياتك على ...."
" توقفي فقط توقفي ...لن يحدث لكِ شيء "
صمت يتنفس بعنف يشعر بوجع شديد في صدره ثم قال دفعة واحدة :
" ابقي معي على الهاتف حسنًا؟؟ ايًا كان مكان اختبائك ...لا تتحركي منه"
لم تكد رفقة تجيبه حتى سمعت صوت تعليقه المكالمة .....
على الطرف الآخر تحرك انطونيو بعنف يركض كالمجنون لأحد الغرف وهو يتحدث في الهاتف بنبرة مرعبة لا يستطيع التحكم في نفسه كما يفعل عادة، لا يستطيع ادعاء البرود، يشعر بقلبه يكاد يقفز من صدره هلعًا عليها، الخيط الوحيد الذي يربطه بانسانيته سينقطع، الامل الوحيد في حياة طبيعية يتسلل من بين يديه :
" خذ جميع الرجال واذهبوا لبيت سيرينا اقتلوا جميع من تقابلوهم أحرقوا المنزل بمن فيه لا أهتم سوى بابنة سيرينا...لا أريد أن تصاب بخدش واحد وإلا اقسم أن اقطع رؤوسكم جميعًا ...لديكم الصلاحيات لفعل أي شيء أنا لا أهتم...فقط اخرجوها بسلام "
اغلق الهاتف وهو يفتح أحد أبواب المنزل في عنف شديد ثم تحرك راكضًا صوب الفراش وهو يرفعه بعنف شديد من على ذلك النائم الذي انتفض من سريره بعدم فهم ....
" ماذا تريد ولـ ...."
لم يكمل جاكيري حديثه وهو يرى أخاه يسحبه بعنف خلفه دون كلمة واحدة يصرخ في وجهه :
" الآن ستأخذني للوطن جاكيري "
سحب جاكيري يده من كف انطونيو وهو يقف يرمقه ببلاهة :
" هل جننت ؟؟؟ الآن ؟؟؟ انتظر حتى الصباح سـ..."
توقف عن الحديث وهو يرى انطونيو يهجم عليه يمسك بتلابيبه في عنف شديد صارخًا في غضب اعمى بصيرته ويده ترتجف من الخوف والغضب :
" الآن جاكيري ستأخذني الآن سمعت ؟؟؟؟؟؟ الآن "
أنهى حديثه بصرخة ليستوعب جاكيري أن أخاه أبدًا ليس في حالته الطبيعية فعينيه تحكي الكثير والكثير، لذا ابعد يد أخيه وهو يتحرك معه قائلًا دون أن يسأل عن السبب أو يتحدث في شيء :
" حسنًا لنذهب ..."
تحرك انطونيو بسرعة خلف جاكيري فهو الوحيد من بينهم الذي يستطيع قيادة الطائرات، كان يضع الهاتف على أذنه يستمع لأي كلمة تصدر من روما وهو يهمس بقلب يرتجف خوفًا بشكل لم يحدث سابقًا .......
" كوني بخير روما...لأجلي ارجوكِ كوني بخير "
________________________
دخل المشفى وهو يحملها بين يديه برعب وكأنه يحمل حياته بين كفيه، بل هو كذلك بالفعل، يتخيل ردة فعل سيدهم إن علم الأمر، سيكون رحيمًا إن قتلهم دون تعذيب، فهو قبل رحيله أكد عليهم ألا يتركوها لحظة، لكن بسبب هجوم حدث في القصر تم استدعاء جميع الحراس وذهبوا هم، ظانين أنها بأمان فهي في النهاية فتاة عادية، ما مقدار الخطر عليها ؟؟؟
كانت يديّ جولي تتدلى جوار جسدها وهي تفتح عينها بصعوبة ترى انوار ساطعة تكاد تصيبها بالعمى، خرج تأوه من فمها وهي تحاول رفع رأسها ترى من يحملها، لكن وقبل أن تفعل شعرت بجسدها يحط على فراش مريح بعض الشيء ثم تحرك ذلك الفراش وحولها اصوات لا تفقه منها شيء، البعض يصرخ والآخر ينادي والبعض الآخر يهدد ....
" ارجوك فقط ساعدها لا تدع شيء يصيبها وإلا قُتلت أنا بسبب ذلك "
تحدث الحارس وهو يترك فراش جولي يسحبه بعض الممرضين للداخل تاركين الجميع في الخارج يكاد قلبهم يهرب من بين صدروهم رعبًا فمن جهة تعرض القصر للهجوم، لكن دون أي خسائر، ومن جهة أخرى تعرضت السيدة للهجوم، لكن بخسائر ...وخسائر ستكلفهم حياتهم ..
" هل نخبر السيد مارتن ؟؟؟"
تحدث أحد الرجال وهو يوجه نظره لرفيقه والذي يعد القائد من بينهم ...
رفع الآخر نظره وهو يمد يده بتعب شديد يتحدث وهو على وشك السقوط ارضًا من الارهاق :
" اعطني الهاتف أنا سأخبره فهذه مسئوليتي أنا "
أخرج الآخر هاتفه وهو يعطيه لرفيقه يبتلع ريقه متخوفًا من القادم، تحدث القائد وهو يشير لباب الغرفة التي دخلتها جولي للتو يحذر جميع الرجال :
" لا تدعو أعينكم تغفل عنها "
أنهى حديثه وهو يتحرك مبتعدًا عن الجميع حتى وصل لنافذة تتوسط جدار الممر يقف فيها يحاول تهدئة تنفسه ثم اغمض عينه قليلًا يجري الاتصال بمارتن ينتظر الإجابة ....
عند مارتن :
كان يجلس على فراشه وهو يحمل حاسوبه يضع سماعة في أذنه يحاول بها الانفصال عمن حوله، في محاولة أخرى لاقتحام نظام أمن قصر كارل، كان يبحث عن أي ثغرة تمكنه من الدخول للنظام وافساده، حتى ارتسمت بسمة مخيفة على شفتيه وهو يهمس ...
" ها أنت ذا يا عزيزي "
ضحك ضحكة قصيرة وهو يستدير صوب الطاولة الصغيرة التي تقبع جوار سريره ليأخذ رشفة من قهوته تساعده على السهر أكثر، لينتبه لشاشة هاتفه التي تنير باسم أحد رجاله ...
نزع سماعات أذنه وهو يحمل الهاتف يجيب على المتصل :
" نعم اسمعك ؟؟؟ "
" سيدي أعتذر لازعاجك في هذا الوقت، لكن هناك شيء حدث وجب أن أعلمك به"
ابعد مارتن الحاسوب عن قدمه وهو يعتدل أكثر في جلسته لا تعجبه نبرة التحدث تلك، يشعر أنها تخفي الكثير خلفها، و بالفعل صدق حدسه وهو يستمع للكلمات التي خرجت من فم الرجل :
" لقد تعرضت السيدة لهجوم من بعض قطاع الطرق وهي الآن بالمشفى"
صمت الرجل ينتظر الرد من الجانب الآخر، ينتظر انفجارًا، ينتظر غضبًا، لكن كل ما قابله هو مجرد هدوء، هدوء اخافه أكثر من الصراخ ....
" أي سيدة تقصد ؟؟؟؟"
ابتلع الرجل ريقه وهو يمسح وجهه يحاول تنظيم أنفاسه :
" إنها سيدي ...هي ....اقصد..."
" تبًا لك هل سأنتزع الحديث من فمك؟؟؟ تحدث "
زفر الرجل وهو يقول بسرعة قبل أن تخونه شجاعته :
" السيدة صاحبة عربة الطعام التي أمرتنا بحراستها، لقد تعرضت اليوم لضربٍ مبرح من بعض الرجال وهي الآن في المشفى لا نعلم حالتها، لكن نحن امسكنـ......"
توقف الرجل عن الحديث وهو يستمع لصوت صافرة تدل على إغلاق المكالمة، ليبعد الهاتف عن أذنه بصدمة كبيرة يبتلع ريقه متحركًا صوب الجميع وهو ينظر في أعينهم بخوف ....
اقترب منه رفيقه وهو يتحدث بريبة من ملامحه الشاحبة :
" هل أخبرته ؟؟؟ ماذا كان رده ؟؟؟"
" لا شيء ..."
نظر الجميع لبعضهم البعض بعدم فهم ليردد الآخر وهو يرتمي على مقعد خلفه :
" لا شيء، فقط اغلق الهاتف دون قول كلمة واحدة "
تحدث أحد الرجال بخوف مما هو قادم :
" أوليس هذا أمر جيد !؟؟؟؟ على الأقل لم يغضب أو يصرخ "
" يا ليته كان هكذا، يا ليته صرخ في وجهي، استعدوا لتروا جحيم آل فوستاريكي بأعينكم ......"
عند مارتن كان يجلس على فراشه بأعين سوداوية يفكر في مائة طريقة لقتلهم جميعًا، كان يتنفس بعنف، صدره يعلو ويهبط بشكل مخيف حتى فجأة صرخ بغضب وهو يطيح بكل شيء أمامه صارخًا بغضب يكاد يحرق الجميع .....
كان يكسر كل ما يقع أمام عينه وهو يصرخ بغضب شديد، يحاول تفريغ بعضًا من غضبه في الأثاث حتى لا يؤذي أحدًا ......
_______________________
كانت صرخات روبين تصدح في ممرات المشفى وخالد يحملها يركض بها في المكان برعب من بكاءها وصراخها، حيث كان رأسها ينزف بشدة كما يبدو أن هناك بعض الاضلع قد كُسرت ...
بكت تسنيم وهي تركض خلف خالد الذي يحمل روبين و هو يرتعش خوفًا عليها، ركض بها صوب مكتب الاستقبال وهو يتحدث برعب يكاد يبكي خوفًا من بكاء روبين ....
" ارجوك ساعدني.. ابنتي... إنها تتألم ارجوك "
نظرت موظفة الاستقبال لروبين التي تبكي بشدة بين ذراعي خالد ثم سريعًا صدح صوت في مكبر الصوت تنادي طبيب معين، وفي ثوانٍ كانت هناك بعض الممرضات مع فراش متحرك يسبقهم طبيب في منتصف عمره يتجهون صوبهم ....
وضع خالد روبين ببطء على الفراش وهو يبعد شعرها عن وجهها وهي تتألم يهمس لها إنها ستكون بخير وهو يدفع العربة في المشفى ينظر للطبيب بخوف شديد يسأله بقلب مرتعب عليها :
" ارجوك اخبرني هل هي بخير، هي لم تتوقف عن الصراخ طوال الطريق ويبدو أنها تتوجع بشدة "
كان الطبيب يركض بسرعة وهو يدفع الفراش بحذر يردد وعينه تدور على وجه روبين الممتلئ بالدماء :
" لا اعلم يا سيدي حقًا فأنا لم اعلم شيء بعد، لكن بالنظر لحالتها أعتقد أن هناك عظام كُسرت في جسدها، دعنا نأمل ألا يؤثر حملها للمشفى دون احتياطات على الأمر "
أنهى الأمر وهو يدخل بها لغرفة ما ثم أُغلق الباب سريعًا ليسقط خالد ارضًا وهو يرمق الباب بخوف شديد يهمس بلا وعي :
" لو حصلها حاجة هقول للينا ايه؟؟ هقولها مقدرتش أحافظ على امانتك ؟؟؟"
ربت محمود على كتف خالد يحاول مواساته :
" أهدى بس يا بشمهندس إن شاء الله هتكون بخير، أنت بس قول يا رب"
اغمض محمود عينه بوجع وهو يهمس :
" يارب ...يارب "
_______________________________
كان انطونيو يجلس جوار جاكيري الذي يقود الطائرة لا يفهم شيء من حركات أخيه المتوترة، ولولا معرفته لأخيه جيدًا لقال أنه سينهار باكيًا الآن ....
كان انطونيو ينظر للساعة بيده وهو يغمض عينه بوجع فهو لا يستطيع التواصل مع روما أو ايًا من رجاله بسبب اقلاع الطائرة في الجو وانعدام التغطية ....
نظر مجددًا في الساعة وكأنها ستخشاه وتسرع ركضها بين الدقائق، هم بالطائرة منذ ساعتين تقريبًا والرحلة بين البلدين تستغرق ثلاث ساعات ونصف تقريبًا .....
" اسرع جاكيري اسرع ..."
نظر جاكيري جواره لأخيه وهو يقول وقد تشجع أخيرًا ليسأله :
" ماذا يحدث اخي أنت تقلقني "
دفن انطونيو وجهه بين كفيه وهو يهمس بوجع كبير ينخر في جميع اجزاء جسده :
" سيقتلعون روحي يا أخي، إن لم اصل لها في الوقت المناسب سوف يقتلونني "
ورغم عدم فهمه إلا أن قلبه اهتز لوجع أخيه، يود لو يجذبه لاحضانه يربت عليه يخبره أن كل شيء بخير ...
زفر جاكيري وهو ينظر أمامه لنظام الملاحة يراقب الأجواء من حوله ثم بدأ يزيد من سرعة الطائرة شيئًا فشيء وهو ينظر لأخيه بين الثانية والآخرى.....
" تماسك يا اخي كدنا نصل ..."
________________
كان مايك يقف على باب غرفة مارتن يراقب الدمار الذي احدثه فيها والذي لم ينجو منها حتى حاسوبه العزيز يفكر في سبب حنونه بهذا الشكل ..
شعر بشخص يقف خلفه ليستدير يجد فبريانو يرمق المكان بنظرات غامضة ثم قال بهدوء شديد غير مهتم ظاهريًا ...
" هل جننت واخيرًا مارتن ؟؟؟"
استدار مارتن فجأة يلاحظ واخيرًا وقوف أخيه ومايك ليتجاهل سؤال فبريانو المعلق وهو يرتمي على الفراش بتعب شديد بينما كفيه ينزفان بشدة يهمس بأعين غائرة لا روح بها :
" أود العودة للمنزل ...لا أريد البقاء هنا "
تحدث فبريانو دون أن يحيد بنظره عن أخيه وهو يوجه حديثه لمايك :
" مايك، اجمع الجميع لنعود، وأرسل ادم ليعالج جروح يده "
نظر مايك لمارتن قليلًا يود لو ذهب وعلم سبب حزنه ذلك، لكنه في النهاية خضع لقول فبريانو ثم تحرك صوب غرف الجميع تاركًا فبريانو ومارتن ..
تحرك فبريانو داخل غرفة أخيه ينظر حوله بلا ملامح تعلو وجهه وهو يجلس على الفراش جواره ثم انحنى جوار أذنه يهمس بنبرة مخيفة تحمل في طياتها خوف وحنان على أخيه :
" فقط قل الاسم واترك الباقي لي "
رفع مارتن عينه لأخيه وكم ود لو نهض وارتمى في أحضانه وأخبره كل شيء، لكنه يود أن يقتلهم بيديه هو وليس غيره :
" فقط أود العودة فبريانو ارجوك "
نظر فبريانو له قليلًا ثم نهض دون قول كلمة واحدة وتحرك ليخرج من الغرفة وهو يرى ادم الذي ركض بسرعة صوب مارتن يصرخ بخوف :
" اخي ما الذي حدث هنا ؟؟؟"
_______________________
واخيرًا حطت الطائرة بسلام في ارض الوطن بعد ساعات من التحليق، هبط انطونيو من الطائرة بسرعة كبيرة وهو يركض في المطار المخصص لطائراتهم دون الاهتمام بأنه يرتدي بيجامة النوم أو أنه يسير بالخف المنزلي، وهو من كان أكثر الأشخاص اهتمامًا بالمظهر ...
صعد انطونيو لاول سيارة أجرة قابلته بمجرد خروجه من نطاق المطار راكضًا، املى السائق العنوان وهو يصرخ في وجهه أن يسرع، وكأنه يعمل لديه، لكن وبسبب هيئته المبعثرة والمخيفة تحرك السائق دون قول كلمة واحدة ....
وبمجرد تحرك السيارة كان جاكيري قد وصل لخارج المطار وهو يمسك خصره ينحني يحاول تنظيم أنفاسه، فهو ركض بمجرد الهبوط وقبل أن يهتم بأمر الطائرة وجد أخيه يقفز للخارج سريعًا دون كلمة واحدة ....
تنفس بتعب وهو يخرج الهاتف ينظر له بتعب مجييًا :
" مرحبًا مايك .....نعم لقد رحلت مع انطونيو ......لا اعلم شيء لقد جاء وايقظني آمرًا إياي أن أحضره لهنا بسرعة دون توضيح شيء ...مارتن أيضًا؟؟؟ أي لعنة اصابتهما لا اعلم "
كان انطونيو يحاول الاتصال برقم روما، لكنها لم تجب عليه لذا شعر بالهواء ينفذ من حوله وهو يغمض عينه يضغط على هاتفه برعب وذلك الهاجس أصبح يخنقه.
فتح النافذة بسرعة وهو يحاول استنشاق بعض الهواء يخفف الأمر عليه، لم يكن يعتقد أنه يومًا ما قد يشعر بمثل ذلك الخوف وهو البارد اللامبالي الذي كان يفتخر بعدم وجوده نقاط ضعف له ...ها هو اكتشف نقطة ضعفه.
هبط من السيارة بمجرد توقفها دون حتى قول كلمة واحدة للسائق او حتى منحه أي أموال بل تحرك داخل المنزل وهو يلمح الجثث تفترش الأرض، ولأول مرة يشعر بانقباض في صدره لرؤية ذلك المشهد ..
تحرك بأرجل مرتعشة للداخل ليجد بعض رجاله يندفعون صوبه يحاولون اخفاء صدمتهم من مظهره ...
" سيدي متى عدت ؟؟؟"
و دون أي كلمة أو إجابة كان ينطق بكلمة واحدة فقط :
" أين هي ؟؟؟؟؟؟؟؟"
_____________
تجمع الجميع في ساحة المنزل استعدادًا للرحيل...
كان اليخاندرو يجلس على مقعد يتوسط البهو وهو ينظر أمامه بشرود ينتظر تجمع الجميع بعدما وجدهم يحدثونه للعودة الآن وفي هذا الوقت ...
نظر الجميع لبعضهم البعض يتساءلون عما يحدث الآن فلا أحد يعلم لِمَ رحل كلًا من جاكيري و انطونيو؟؟؟ أو سبب غضب مارتن وملامحه الإجرامية التي تعلو وجهه فهو لطالما كان المبتسم المرح ذو الملامح الماكرة بعض الشيء، لكن الان هو أشبه لفبريانو أكثر ....
سمع الجميع صوت حقيبة تتدحرج على الدرج بعنف، استداروا ليروا تلك الفتاة تركض خلف حقيبتها التي سقطت وهي تنظر لهم بحرج شديد تشير بيدها وكأنها تعتذر لهم ...
حملت روز حقيبتها بخجل شديد ثم تحركت صوب اليخاندرو تشعر بجميع الأعين تكاد تخترقها، هي في الأساس ترتعب من مظهرهم في الاخبار فكيف مقابلتهم وجهًا لوجه ...
" تعال هنا روز "
تحدث اليخاندرو وهو ينظر صوب روز التي كادت تدفن نفسها بسبب نظرات هؤلاء الاوغاد ...
تحركت روز حركات بطيئة وهي تحاول تلاشي النظر لتلك الوجوه المرعبة، انتبه اليخاندرو لذلك فعلى صوته صارخًا بهم :
" ايها الحمقى ارفعوا أعينكم عن الفتاة سوف تأكلونها بأعينكم "
ابعد الجميع عينه بحنق عن الفتاة ومازال الفضول يلعب في رؤوسهم ..
كان ماركوس ينظر وهو يبتسم بسمة واسعة هامسًا بصوت خافت سمعه مايك الذي كان يجاوره :
" اه ما هذا الجمال الملائكي؟؟؟ "
أصدر مايك صوتًا حانقًا من فمه وهو يمد يده يجذب رأس أخيه لصدره وهو يغلق عينه قائًلا بصوت ضاحك جاد :
" يا فتى عيبٌ عليك فهذه ستصبح زوجة أخيك "
ابتعد ماركوس بعنف عن مايك وهو يرمقه بضيق هامسًا بحاجب مرفوع :
" زوجة أخي ؟؟"
" نعم زوجة أخيك، أنت بالطبع لا تريد أن نتفرق بسبب فتاة صحيح ؟؟؟"
" حقًا ومنذ متى هذا ؟؟؟"
ضحك مايك وهو يرمق الفتاة التي تشير بحركات غير مفهومة لاليخاندرو :
" منذ الان يا صغيري "
أنهى حديثه وهو يتحرك صوب جده يقف جواره يراقبها بنظرات هائمة مصطنعة ثم تحدث فجأة يقطع حديثها الصامت مع جده :
" هل هذا شعرك ام انك قمتي بصبغه ؟؟؟"
فتحت روز عينها بصدمة لحديث مايك ثم نظرت لاليخاندرو بتساؤل لا تفهم إن كان حفيده يمزح أم يتحدث بجدية ؟؟؟
ابتسم مايك وهو يتحرك يقف أمامها ثم نظر للحقيبة يقول ببسمة واسعة :
" إذا هل ستأتين معنا للمنزل بدلًا من سيلين ؟؟؟"
هزت روز رأسها ببطء وهي تنظر حولها للجميع تستنجد بهم من هذا المجنون ...
" جيد، لكن هناك مشكلة صغيرة "
صمت يراقب ملامحها المترقبة ثم قال بعد صمت قصير :
" حسنًا الفقر ليس عيبًا، لذا لا أخفيك سرًا أننا للاسف الشديد منزلنا ليس به غرف إضافية سوى واحدة وقد اخذتها سيلين، وتلك سيدة عجوز مسكينة تعيش معنا شفقة، لذا لا يمكننا طردها؛ لأننا تعلقنا بها ولا نستطيع العيش بدونها، لذا أقترح أن تقيمي معي في غرفتي حتى نجد لكِ غرفة مناسبة "
نقلت روز بصرها بينه وبين اليخاندرو الذي هز رأسه بيأس منه ثم نهض وهو يقول بصرامة :
" لا تحاول حتى مايك فهي لن تدخل لذلك المنزل، لقد تحدثت مع سيرينا وهي من ستعتني بها حتى استطيع تأمين منزل مناسب لها "
" هيا يا جدي أنت لن تثق في سيرينا أكثر منا "
" بلى افعل "
أنهى حديثه ثم تحرك للخارج متجاهلًا نظرات الاستنكار التي علت وجه مايك الذي همس بحنق :
" كان هذا قاسيًا بحق، أنت رجل بلا قلب "
تحرك الجميع خلف اليخاندرو ومن بينهم مارتن الذي لم ينطق بكلمة واحدة فقط منذ أن أبلغ الجميع برغبته في الرحيل، ولم يغفل مارتن عن أعين فبريانو الذي كان ينظر له بنظرات تكاد تخترق أعماقه ...
___________________________
" أين هي ؟؟؟"
ردد كلمته مجددًا يخشى سماع شيء لن يتقبله عقله ولا حتى قلبه، كان قلبه يضرب صدره بعنف شديد وهو يترقب سماع كلمة رجاله التي بمقدورها احياءه أو قتله للابد ...
" في غرفتها في الاعلى يا سيدي، هي بخير لـ...."
لم يكمل كلماته بسبب تحرك انطونيو بسرعة كبيرة يلتهم الدرجات، وهو يفكر بها وبكل ما عانته، تلك الرقيقة حبيبته التي عاهد نفسه ألا يزج بها في عالمهم مهما كان الثمن، ها هي الآن تعاني ويلات ذلك الوسط القذر وهو كان بعيد عنها .
فتح غرفتها بسرعة كبيرة ينظر في أرجاء الغرفة يبحث عنها وقلبه لم يهدأ بعد .
دخل انطونيو يقف في منتصف الغرفة وهو يدور بعينه في جميع ارجاءها لا يعلم أين هي؟؟؟
تحرك صوب المرحاض يطرق عليه ببطء وهو يهمس :
" روما ؟؟؟ روما حبيبتي أنتِ هنا ؟؟؟ روما أين أنتِ "
كان يتحدث وهو يشعر بالرعب يتحرك صوب باب الغرفة مجددًا ليسأل عنها رجاله فهو لم يتمهل لسماع باقي حديثه، وما كاد يخرج من الغرفة وهو يسمع صوت صغير خافت ينادي باسمه :
" انطونيو ....انطونيو "
توقفت قدم انطونيو ثم بكل هدوء يملكه اغلق باب الغرفة وهو يستدير متحدثًا بحنان كبير يخفيه خلف جبال بروده وقسوته :
" أنا هنا حبيبيتي "
سمع انطونيو صوت يأتي من جهة الخزانة ليتحرك سريعًا صوبه وهو يفتحه ليجدها تضم نفسها في أقصى اركان الخزانة والتي كانت عبارة عن غرفة صغيرة مليئة بالملابس ...
ابتسم بسمة صغيرة وهو يحاول أن يطمئنها ليركع على ركبتيه وهو ينظر لها بحنان ولطف هامسًا بكلمته المعروفة التي يكررها دائمًا على مسامعها :
" مرحبًا يا جميلة الجميلات "
رفعت روما رأسها ببطء تنظر له من بين دموعها وهي تهمس له مجددًا :
" انطونيو.... أنا خائفة لقد قتلوا الجميع "
" ليعبروا فوق جسدي اولًا قبل أن اسمح لأحد بالاقتراب منكِ جميلتي "
تحركت روما قليلًا وهي تعتدل في جلستها تنظر له بدموع وهي تتحرك على ركبتيها صوبه ثم ببطء شديد كانت تختبئ داخل أحضانه ترتجف رعبًا مما رأته :
" لقد كادوا يقتلونني، دخلوا هنا لغرفتي و ...."
توقفت بسبب علو شهقاتها ليضمها انطونيو إليه أكثر يربت على ظهرها بحنان شديد هاتفًا بصوت منخفض :
" أيا ليت كل وجعك يتسرب إليّ غاليتي، ليت كل آلامك تصيبني أنا "
ضمت روما نفسها له ثم همست له بشيء لم يسمعه جيدًا ليبعدها قليلًا يتحدث بحنان شديد :
" لم اسمعك جميلتي ماذا قلتي ؟؟؟"
" قلت لتتزوجني انطونيو، أيمكنك ؟؟؟ "
نظر انطونيو بعينها قليلًا يفكر في الأمر جيدًا ثم قال بعد صمت قصير مبتسمًا :
" السؤال هنا يا جميلة الجميلات هو .....أتقبلين ؟؟؟ "
________________________________
في الصباح التالي :
هبطت الدرج بحماس شديد لدرجة أنها كادت تطير فرحًا، فاليوم اول يوم عمل لها وهي مازالت لا تصدق أنها ستعمل بوظيفة أحلامها، ورغم كل تلك الآلام التي تملء حياتها إلا أنها ابعدتها جانبًا وهي تخرج من سيارة الأجرة تقف أمام ذلك الصرح الضخم بانبهار اكبر من انبهارها بالشركة القديمة ...
ابتسمت تتقدم من بوابة الشركة لتجد رجل امن يجلس جوار الباب على مقعد وهو نائم بينما بوابة الشركة ما زالت مغلقة ..
فكرت رفقة قليلًا أنه ربما غفى دون الإنتباه للوقت، فحسب معلوماتها هي ستبدأ الساعة السادسة هنا، لكن لا شيء، فقط رجل نائم أمام باب الشركة ..
تحركت رفقة صوب الرجل وهي تتنحنح تحاول تضخيم صوتها قليلًا تهز الرجل برفق حتى لا يفزع ...
" مرحبًا .....يا سيد .....استيقظ إنها السادسة "
تحرك الرجل بانزعاج شديد وهو يدفع تلك اليد بعيدًا عن كتفه يحاول الانغماس مجددًا في نومه مبتسمًا باتساع وكأنه يحلم حلمًا جميلًا، لكن كل ذلك تلاشى وهو يستمع لصوتٍ عالٍ جوار أذنه يصرخ به :
" أنت يا رجل فلتستيقظ، ما هذا النعاس ؟؟؟ إنها السادسة صباحًا "
فتح الرجل عينه بضيق بعدما يأس من رحيل ذلك المزعج وهو يعتدل في جلسته يبصر فتى هزيل الجسد، قصير بعض الشيء يراه للمرة الأولى..
" ولما هي الساعة ستة يا شوية بقر بتصحوني ليه ؟؟؟؟ "
كان يتحدث بحنق شديد وهو يمسح وجهه يزفر أنفاسه بضيق ثم رفع نظره للشاب مجددًا يتحدث بإيطالية ضعيفة بعض الشيء :
" ماذا تريد أيها الشاب، الشركة لم تفتح بعد "
كانت رفقة فقط تنظر له ببلاهة وهي تفكر، هل تحدث للتو بالعربية أم أنها بدأت تتخيل الأمر ؟؟؟؟؟
" عفوًا، لكن أليس من المفترض أن العمل هنا يبدأ في السادسة ؟؟؟"
" السادسة ؟؟؟ من اخبرك هذا ؟؟؟ الشركة تفتح أبوابها في الثامنة والعمل يبدأ في التاسعة "
أنهى حديثه وهو يسخر من حديثها السابق بنبرة متهكمة ولهجة تشبه لهجة أصحاب الأراضي الزراعية في مصر :
" قال ستة قال، ليه هنحرت الأرض ولا نحلب البقر ؟؟؟"
فتحت رفقة فمها من حديثه ذاك ثم فجأة انفجرت بالضحك ليرمقها الرجل بعدم فهم يسمعها تردد من بين ضحكاتها :
" والله ده نفس اللي قولته لما سمعت الساعة ستة دي بس تقول ايه بقى اكل العيش مر يا حاج "
فتح الرجل عينه بصدمة كبيرة وهو يستمع لحديثها، يفكر بما قاله منذ قليل ظنًا منه أن هذا الفتى ايطالي :
" أنت ...أنت....مصري ؟؟؟"
هزت روما رأسها من بين ضحكتها وهي تقول بصوت رخيم بعض الشيء :
" أيوة يا حاج مصرية ...مصري قصدي... انا مصري ....أيوة صح مصري "
" خلاص يا بني عرفنا انك مصري هو أنا قولت عليك باكستاني أنا سألت بس سؤال عادي "
ابتلعت رفقة ريقها وهي تتحرك بعدم ارتياح في وقفتها فهي للتو كادت تخطأ...
" طب يا حاج أنا أعمل ايه دلوقتي ؟؟؟ المفروض إن انهاردة اول يوم ليا في الشغل و فيه واحد قالي اجي هنا الساعة ستة "
ضيق الرجل عينه بتفكير :
" واحد مين ؟؟؟"
" معرفش والله هو واحد قالي هشغلك عندي مترجم يعني فأعتقد إنه المدير "
رفع الرجل حاجبه بتعجب وشك من حديث ذلك الفتى :
" مدير الفرع ده ؟؟؟ هو اللي قالك تيجي ؟؟؟"
نظر الرجل خلفه للشركة ثم نظر لها مجددًا :
" مدير الفرع ده متأكد ؟؟؟"
رمقته رفقة بعدم فهم لحديث، ليس وكأنها قالت شيء غريب فهي فقط أخبرته بما حدث :
" أيوة يا حاج مدير الفرع ده ...مالك مستغرب يعني ؟؟؟"
" لا أصل الكلام ميدخلش الدماغ، لان مدير الفرع ده بذات مش بنشوفه غير في المناسبات بس، فـ ازاي يعني يعينك ؟؟؟ "
كادت رفقة تفتح فمها تجيبه لولا سماعها لصوت احتكاك عنيف بين اطارات سيارة والأرض أسفلها يتبعها صوت اصطدام قوي.
استدار الاثنان بتعجب لذلك الصوت ليتضح أن صاحب ذلك الصوت ليس سوى مدير هذا الفرع الذي لا يأتي سوى في المناسبات.
هبط جاكيري من سيارته وهو ينزع نظارته بمزاج عكر منذ الصباح فهو بالأمس عاد للمنزل وظل جالسًا به وحده حتى عاد الجميع وبعدها عاد انطونيو الذي دخل لغرفته ولم يخرج منها سوى في الصباح الباكر ولم يفهم أحد شيء، وايضًا مارتن الذي منذ عاد بالأمس وهو لم يخطو للمنزل.
رفع جاكيري نظره ليلحظ رجل الأمن وهو يقف مع تلك الصغيرة وعلى وجوههم تعلو امارات التعجب وكأنه للتو قام بشيء غريب ..
نظر جاكيري حوله يبحث عن شيء يدعو للدهشة لينظروا له بهذه الطريقة، لكن لا شيء .
توقف أمامهم وهو يقول بحاجب مرفوع وملامح حادة بعض الشيء بعيدًا عن جنونة وضحكاته التي تثير جنونها :
" ماذا ؟؟؟ لِمَ تنظران لي بهذا الشكل ؟؟؟"
نظر رجل الأمن لرفقة وهو يتحدث بالعربية حتى لا يفهمه جاكيري :
" نقوله إن العربية لبست في باب الجراج ولا بلاش نصدمه ؟؟؟"
نظرت رفقة للسيارة التي اصطدمت بعنف في باب الجراج الجانبي للشركة، وملامح ذلك المجنون وكأنه لم يفعل شيء ...
" متكبرش الموضوع يا حاج مفيش حاجة ....."
لم تكمل حديثها حتى سمع الجميع صوت عالي والذي لم يكن سوى سقوط باب الجراج على السيارة لتصدر السيارة صوت انفجار صغير مكتوم ..
عاد الجميع للخلف وعلامات الهلع تظهر بوضوح على وجه رفقة والحارس بينما جاكيري رمق السيارة وهو يقول بتفكير وجدية :
" اعتقد أن نوعية هذه السيارات سيئة فهذه ثاني مرة تتحكم في اسبوعٍ واحد "
" عندك حق دي مستحملش تدخل في الحيطة والباب يقع فوقيها، وهوب انفجرت، نوعية رديئة اوي الصراحة المفروض تنزل في بركان عشان تنفجر غير كده يبقى خامات العربية تقليد "
لم يفهم جاكيري شيء من حديثه، لكنه زفر وهو يقول بحزن مصطنع :
" جايك سيحزن كثيرًا فهو قام باصلاحها منذ أيام قليلة "
تنهد بعدم اهتمام ثم أشار للحارس أن يفتح الباب وهو يقول ببسمة مخيفة بعض الشيء :
" جاهز للعمل يا فتى ؟؟؟"
______________________________
كان المكان كله هادئ مخيف إلا من صوت ارتطام حذاء بالارضية الرخامية اسفلهم.
نظر الثلاثة رجال لبعضهم البعض لا يعلمون سبب وجودهم في ذلك المكان، فهم كانوا في إحدى مهامهم العادية والتي تتمثل في ضرب أحد مقابل مبلغ من المال، وحسب معلوماتهم من تلك السيدة التي استأجرتهم فتلك الفتاة فقيرة غير معروفة، إذن لِمَ هم هنا ؟؟؟
اقترب صوت الخطوات من الغرفة التي يقبع في الثلاثة مكتفين في وضع غير مريح البتة، فُتح الباب ببطء ليطل منه مارتن الذي قضى ليلته جوار جولي في المشفى ولم يستطع حتى أن يراها بسبب حالتها التي استلزمت عزلها الليل كله...
توقف وهو ينظر لهم بسخرية، هو من كان يحيط بها بشكل هستيري يمنع عنها أي أحد قد يخدشها حتى، فهو من ابعد عنها العديد من الرجال الذين كانت تشاجر معهم في الحانة، ويأتي بعض الحثالة يضربونها لتلك الدرجة التي أخبره عنها الطبيب ؟؟؟
كان ينظر لهم بلا أي تعابير يشعر بغضبه وصل للقمة، في رأسه يفكر في افكار عديدة للانتقام، لكن كل مرة يستقر على طريقة ما، يشعر فيها أنها ليست كافية، لدرجة فكر أن يتركهم لفبريانو، لكن تلك النيران داخله لن تنطفئ إلا عندما يقتلهم بيديه ..
تحرك ببطء يجلس على مقعد بطريقة عكسية يستند بيديه على ظهر المقعد وهو يتحدث بهدوء شديد وبسمة ترتسم على فمه بشكل يثير القشعريرة :
" والآن احكوا لي ماذا فعلتم منذ البداية "
نظر الرجال لبعضهم البعض بعدم فهم لحديث ذلك المختل ليغامر أحدهم وهو يتحدث بقوة يحاول من خلالها اخفاء ارتجاف جسده :
" من أنت وماذا تريد منا ؟؟؟ "
" تلك الفتاة في الحديقة، ماذا فعلتم بها ؟؟؟"
اعاد مارتن سؤاله دون الاهتمام بذلك السؤال الذي ألقاه أحدهم في وجهه ...
تحدث اخر بضيق من عجرفته تلك :
" هييه أنت لا تظننا خائفين منك، هيا فك وثاقنا و دعنا نتحدث رجلًا لرجل "
و دون كلمة أشار مارتن لرجاله أن يفكوا قيده لينفذوا دون كلمة واحدة.
نظر الرجل ليده بصدمة لا يصدق أنه استجاب لحديثه وفك وثاقه، ابتسم بخبث وهو ينظر لمارتن ثم قال بنبرة إجرامية :
" حسنًا واجهني رجلًا لرجل دون تدخل رجالك و...."
لم يكمل حديثه ليرى مارتن ينهض من مقعده بعنف شديد ثم وفي ثوانٍ كان يحمل مقعده يرميه في وجهه وبعدها اتجه صوبه يجذبه من الارض بعنف شديد ثم أمسك رأسه يضربها في الجدار بغضب جحيمي يشعر به يشتعل في أوردته، لا يصدق أن هناك من اقترب منها وفي غيابه، هناك من اذاها بهذا الشكل وهو من كان يبتعد عن دربها حتى لا يقحمها في حياته خوفًا عليها، كان يحميها من نفسه و هم .....كادوا يقتلوها ..
ترك مارتن الرجل ليسقط ارضًا بعنف مضجر في دماءه بينما كان تنفسه عالي وبشدة وهو يرمق الاثنين الاخرين اللذان نظرا لبعضهما البعض بريبة وخوف يتحدث أحدهما :
" نحن لا نعرف تلك الفتاة يا سيدي اقسم لك، هناك سيدة جاءت لنا واخبرتنا أن نضربها فقط لأنها تستمر في ازعاجها وهذا هو عملنا "
ابتسم مارتن بسمة مخيفة وهو ينحني صوب الرجل ثم جذب رأسه يهمس جوار أذنه بنبرة مخيفة :
" حسنًا اعتبروا هذا درسًا حتى تتوقفوا عن تلك الأعمال السيئة يا عزيزي ............."
___________________________
كانت تجلس على المقعد أمام مكتبه وهي تنتظر بحماس شديد عودته ليعطيها الملفات التي ستعتكف على ترجمتها، كان الحماس يسير في أوردتها مسرى الدماء وهي تراقبه يعود حاملًا بيده صندوق صغير ثم وضعه على المكتب أمامه وهو يقول ببسمة مراوغة :
" حسنًا يا فتى، هل أنت مستعد ؟؟؟"
ابتسمت رفقة بحماس شديد وهي ترمق الصندوق تهز رأسها كطفل صغير ينتظر فتح هدية العيد، لكن حماستها تلك تلاشت وهي تراقب ما أخرجه من الصندوق، حيث أخرج شريط يشبه تلك الشرائط التي كانت تستخدم قديمًا لمشاهدة المسلسلات ...
مد جاكيري الشريط على المكتب وهو يقول ببسمة :
" ها هو عملك اريد أن تنتهي منه خلال ساعتين "
نظرت رفقة للشريط بعدم فهم ثم أعادت نظرها له وهي تقول بحاجب مرفوع تخمن ما يحتويه الشريط :
" هل هذا اجتماع مسجل تريد مني ترجمته ؟؟"
هز جاكيري رأسه بلا وهو يقول موضحًا اثناء احتسائه من قهوته :
" هذا مسلسل عربي قديم سمعت أنه شيق يحتوي على معلومات كثيرة قد تفيديني في عملي كما أنه يدعو للطموح، لكنني لم أجد نسخة مترجمة بالايطالية منه "
" هل هذه الشركة سينمائية ؟؟؟ أعني تعمل في مجال ترجمة الافلام وغيرها من الأعمال السينمائية؟؟"
هز جاكيري رأسه بلا وهو يقول بلا اهتمام :
" لا اظن ذلك، أعني ربما، من يعلم ؟"
رفعت رفقة عينها وهي ترمقه بعدم فهم :
" أنت تعلم ...فأنت المدير هنا "
" حقًا ؟؟؟ هل يجب عليً ذلك ؟؟؟"
تساءل جاكيري وهو يضم حاجبيه بتفكير، ضحكت رفقة لا تصدق حقًا ما يقول ليبدأ ذلك الهاجس القديم بالعودة لها، أنها تتعامل مع مجنون قولًا وفعلًا :
" عفوا يا سيد، لكن ألا تعلم ما هو مجال شركتك ؟؟"
نظر جاكيري حوله و هو يستكشف المكتب بكل برود يرتشف بعض القهوة :
" لا لم يخبرني أحد بذلك، لكن اظن أنها تختص بالـ.... امممم لحظة واحدة سأتحدث لاخي واعلم منه الأمر "
كان جاكيري يتحدث بجدية كبيرة جعلت رفقة تنتفض بغضب وهي تضرب المكتب بعنف كبير لا تصدق ذلك الشخص المجنون، أي نوع من الناس هو ؟؟
" أنت مجنون، اقسم لك، بحياتي كلها لم أر من هو بمثل جنونك هذا "
غمز جاكيري بها ببسمة واسعة :
" سأعتبر هذا اطراء لطيف منك يا وسيم "
" أنت لست طبيعيًا ؟"
كان هذا اول ما خرج من فم رفقة وهي تفكر في أفعاله الغريبة معها واقترابه منها في بعض الاوقات لتجده يفكر في الأمر بشكل أثار اشمئزازها وهي تسمع صوته بنبرة مستفزة :
" حسنًا في الواقع لا، أنا طبيعي تمامًا، لكن ربما يعجبني فتى صغير بشعر اسود مجعد مثلك"
وضع الكوب على مكتبه وهو ينهض يتجه صوبها قائلًا بجدية :
" حسنًا دعني اقبلك لاعلم إن اعجبني الأمر ام لا "
وضعت رفقة يدها على فمها تمنع نفسها أن تتقيأ في وجهه ثم دفعته بعيدًا عنها وهي تصرخ في وجهه :
" أيها المقزز توقف عن هذا، أنت تثير اشمئزازي "
صدحت ضحكة جاكيري العالية في المكان وهو يتأمل ملامحها المذعورة المشمئزة ثم اقترب منها فجأة وهو يهمس بنبرة مخدرة :
" يا فتى تعلم ألا تتحدث قبل أن تفكر، فتلك الكلمة التي قلتها منذ قليل كان بامكاني قتلك على أثرها، لذا دائمًا احتفظ بأفكارك التي تدور في ذلك العقل الصغير لنفسك، والآن هيا خذ ذاك المسلسل وقم بترجمته "
أنهى حديثه وهو يضع الشريط بين يديها ثم دار حول مكتبه وجلس مجددًا على مقعده تاركًا إياها ترمق الشريط بين يديها وهي تهمس بتشنج تقرأ اسم المسلسل :
" لن اعيش في جلباب ابي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ "
__________________________
تحرك بخطوات هادئة داخل غرفتها بعدم تمكن من إقناع الطبيب للسماح له برؤيتها، حسنًا هو لم يسمح له بل هو هدده بالقتل إن لم يفعل، فعندما انتهى من أمر الثلاث رجال تركهم حتى يستفيقوا ثم يعود لهم، وحتى ذلك الحين رأى أن يأتي ويراها، هذا بالطبع دون ذكر أمر الحراس
اقترب منها بخطوات حذرة يشعر بقلبه يرتجف شوقًا لقربها، وخوفًا لرؤية ما حدث بها .
توقف مارتن امام الفراش وهو ينظر لها بنظرات غير مفهومة لينحني جالسًا على ركبتيه جوار الفراش يمسك بيدها التي كانت مليئة بالجروح يهمس بنبرة متوجعة :
" مرحبًا يا بنية العينين ....."
رفع نظره يرمق وجهها بحب مقبلًا يدها بحنان :
" اسمحي لي أن اتواقح في هذا الموقف وأخبرك أن الكدمات زادتك جمالًا "
ابتسم يكمل :
" وهذا ليس عادلًا لقلبي لو تعلمين ..."
صمت وهو يقترب من وجهها يزيح شعرها قليلًا ثم همس لها جوار أذنها بحب شديد :
" أتعلمين أنني تخطيت مراحل عديدة في حبك ؟؟؟ لا اعلم بأي بمرحلة أنا الآن، فأنا للحق توقفت عن العد منذ زمن "
ابتسم يحاول ردع تلك الغصة التي استحكمت حلقه :
" لقد انتقمت لكِ منهم جميعًا ولم انتهي منهم بعد يا بنية العينين فأنا لن اتركهم حتى يتوسلون الموت، أنا لست ساديًا أو متجبرًا لكنهم يستحقون، هم يقتلون ويضربون ويغتصبون...حسنًا أنا لست ملاكًا أيضًا، لكنني يومًا لم أقبل على إيذاء شخص برئ "
أنهى حديثه وهو يبتسم مقبلًا يدها مجددًا ليشعر بحركة طفيفة في أصابعها أسفل شفتيه وصوتها الهامس يتحدث بنبرة جعلته يغمض عينه :
" هذا أنت مجددًا ؟؟؟ من أنت ؟؟؟؟ أنا أعلم ذلك الصوت "
كانت تتحدث بتعب شديد فهي استيقظت منذ دخل للغرفة، وهي تجاهد لاخراج صوتها لتجده وقف جوار فراشها حيث كان الضوء مسلطًا على ظهره لتختفي ملامحه وتبدو كما الظل، اقترب منها هامسًا في أذنها بنبرة عاشقة :
" شابٌ رأى عينيكِ، فسقط صريعًا لهواكِ ........"
____________________
" خلاص يا اروى أنا شبعت "
تركت اروى الطبق على الطاولة وهي تنظر لروبين بضيق شديد تتحدث:
" الدكتور قال لازم تتغذي كويس عشان تغذي نفسك، ده أنتِ مكسورة من كل حتة غير رأسك اللي انفتحت دي "
ضحكت روبين بتعب شديد وهي تنظر لقدمها المعلقة جوار يدها بتعب :
" يا ستي كله بيعدي المهم أنتِ بقى روحي جيبي اللي قولتلك عليه لأني مش طايقة نفسي بجد "
نهضت اروى وهي تنظر لها قليلًا ثم قالت وهي تتجه للباب :
" هنادي الممرضة تيجي تفضل جنبك و...."
قاطعتها روبين بسرعة :
" لا لا متناديش حد أنا كلمت صاحبتي وهي جاية دلوقتي تقعد معايا، متنسيش أنتِ بس الشامبو بتاعي عشان فروة شعري حساسة "
توقفت اروى ترمقها قليلًا بشك :
" صاحبتك ؟؟؟ وهنا ؟؟؟"
هزت روبين رأسها بنعم وهي تبتسم بسمة متوترة فهي لا تستطيع اخبارها بشيء عن رفقة، وهي حتى الآن لاتعرف شيئًا عنها :
" أيوة واحدة من ايام الجامعة عرفت صدفة انها هنا "
هزت اروى رأسها بلا اهتمام ثم غادرت وهي تقول بسرعة :
" مش هتأخر ..."
ابتسمت لها روبين تتابع ذهابها وهي تتنفس براحة فهي عملت على جعلها تذهب قبل مجئ رفقة حتى لا تراها بهيئتها تلك و تسئ الظن بها، خرجت روبين من شرودها على صوت رنين هاتفها لتمد يدها بتوجع تمسكه تراقب اسمه ينير شاشة هاتفها ...
" مرحبًا ...."
" ايها الارنب الوردي أين أنت ؟؟؟"
ضحكت روبين على كلمته بشدة وهي تنظر حولها تتنهد بتعب قائلة بسخرية :
" أنا الآن استجم "
توقف فبريانو بسيارته وهو يتجاهل صوت الصياح خلفه لتوقفه اي منتصف الطريق :
" تستجمين؟؟؟؟؟"
" نعم أنا الآن استجم بعدما حصلت على تدليك لجميع اجزاء جسدي"
زفر فبريانو بضيق وهو يخرج رأسه من النافذة يتحدث بصوت مخيف :
" جرب أن تطلق ذلك الزمور مرة الأخرى لاتي واطعمك إياه "
أنهى حديثه ثم عاد لداخل سيارته يتحرك بها بهدوء وبطء عنادًا في الجميع خلفه :
" أين أنتِ يا حمقاء ؟؟؟"
" أنا اتعالج بعدما تلقيت ضربًا مبرحًا يا رفيق "
توقف فبريانو فجأة في منتصف الطريق وهو يكرر كلمتها خلفها :
" ضرب مبرح ؟؟؟"
" نعم، لقد كسروا لي عظامي كلها "
" ولهذا ذهبتي للمنتجع ؟؟؟"
عضت روبين شفتيها بغيظ شديد ثم قالت اول ما جاء في رأسها بغيظ شديد :
" نعم منتجع والدك "
" لكن ابي لا يملك منتجعًا، تأكدي في أي منتجع أنتِ حتى لا يتم خداعك "
ابعدت روبين الهاتف وهي تنظر له بصدمة ثم تحدثت :
" هل تتحدث بجدية ؟؟؟"
" نعم...."
" يا رجل مما خُلقت ؟؟؟"
" من ماذا برأيك؟؟؟ ليس وكأنني خُلقت من عجينة التوست، وأنتِ خُلقتي من طين "
تنفست روبين تحاول تهدئة نفسها :
" خلاص يا روبين أنتِ متعصبة ليه ؟؟؟ يعني هي أول مرة يستفزك ؟؟؟ خلاص بقى اقفلي معاه كلام لأنه واحد مستفز "
" ايها الارنب الوردي الاحمق اخبرني بأي منتجع أنت؟؟؟"
غضبت روبين من حديثه و استفزازه ذلك لتغلق الخط بعنف شديد في وجهه وهي تكتم صرخة مغتاظة من تصرفاته ....
" روبين يا حبيبتي أنتِ جنيتي؟؟؟؟؟"
رفعت روبين رأسها وهي تلمح رفقة تقف على باب غرفتها .....
" رفقة واخيرًا....."
______________________
" هل أنت متأكد مما تريده انطونيو ؟؟؟"
رفع انطونيو وجهه لجده وهو يهز رأسه بنعم :
" نعم يا جدي لقد فكرت مليًا قبل أن أعرض الأمر عليك "
صمت اليخاندرو قليلًا ثم قال بعد صمت طويل :
" إذن اجمع الجميع وقم بالأمر الليلة، غدًا صباحًا لا أريد أن أجد واحدًا منهم مازال على قيد الحياة "
هز انطونيو رأسه وهو ينهض من أمام جده ثم خرج يتحرك بكل هيبة ينظر للهاتف الذي يعرض اسمها وقبل أن يتصل بها تحدث لمساعده الذي يسير خلفه :
" اجمع الكل بلا استثناء فاليوم لدينا مهمة، وسنقوم بها بأنفسنا وأخبر فبريانو أن يحضر كل ما يشاء معه فاللعبة ستحلو اليوم"
أنهى حديثه ببسمة مرعبة يردد في نفسه أن الحرب قد بدأت على أيديهم وهم من سينهوها، واليوم سيعودون لسابق عهدهم في المهمات وتلك المهمة تختلف عما سبقتها فاليوم جميعهم سيتواجدون في نفس الاقتحام وبأنفسهم، رغم ملله من مشاجرة الجميع على من سيضرب اولًا، لكنه يشتاق حقًا لتلك المهام
همس وهو يرفع الهاتف على أذنه بخبث :
" فبريانو و جاكيري سيفرحون كثيرًا بهذا ......."
____________________________
انفجرت روبين في الضحك وهي تستمع لحديث رفقة عن مديرها :
" لن اعيش في جلباب ابي ؟؟؟ ده مش طبيعي بجد "
لوت رفقة فمها حانقة ثم صمتت قليلًا وكأنها تفكر في أمر ما، وهي تضيف تتنهد بتعب :
" روبين ....."
انتبهت روبين للحزن الذى ملء ملامح رفيقتها لتمد يدها وهي تدعوها لتسكن أحضانها بحنان شديد، ارتمت رفقة احضان روبين بحذر حتى لا تؤذيها تهمس من بين شهقاتها الخافتة :
" أنا خايفة يا روبين، خايفة اوي إن مقدرش اثبت برائتي وافضل طول حياتي هربانة كدة "
ربتت روبين على ظهر رفيقتها بحنان وهي تهمس لها أن كل شيء سيكون بخير، فـ رفقة قصت عليها كل شيء حدث معها في السنوات الأخيرة محاولة بكل جهدها ألا تظهر حزنها، لكن كل ذلك تلاشى بمجرد أن ارتمت باحضانها ....
انتفضت روبين بفزع وهي تستمع لذلك الصوت الذي ظهر حادًا وبنبرة خبيثة مخيفة :
" يبدو أن المنتجع هنا يعرض خدمات إضافية على التدليك أيها الأرنب الوردي الاحمق........"