رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الثامن
رفع مارتن عينيه من على حاسوبه تزامنًا مع ارتفاع أحد حاجبيه بسخرية كبيرة، ينقل نظره بين مايك_ الذي يمد له يده حتى يعطيه حاسوبه_ وبين حاسوبه الحبيب ليجيب عليه باستنكار شديد ...
" وهل تظنني غبيًا لدرجة أن أعطيك حاسوبي العزيز ؟؟؟ أنت تحلم "
لوى مايك شفتيه بحنق شديد وهو يقترب منه ثم في غفلة عنه جذب الحاسوب بعنف وهو يهمس بغيظ :
" سأعتبر نفسي لم اسمع شيء يا حقير "
ابتسم مارتن بسمة صغيرة ثم وفي ثوانٍ كانت قبضته ترتطم بوجه مايك ينزع منه حاسوبه انتزاعّا وهو يصيح في وجهه باستهزاء :
" عيبٌ عليك أن تسبني...لا تنسى أنني الأكبر هنا يا فتى "
ضحك مايك بعدم تصديق وهو ينظر للجميع حوله يراقبون الأمر باستمتاع شديد ثم استدار بسرعة يلكم مايك بعنف يأخذ حاسوبه وهو يهمس له بشر :
" أنت اكبر مني بشهرين فقط يا قذر، إياك أن تفكر في رفع يدك مجددًا "
ابتسم مارتن وكاد يجيب عليه بلكمة أخرى ليخرج صوت بارد منبهًا إياهم لوجوده في المكان :
" إن لم تكفا عن تلك الألعاب الصبيانية اقسم سأتي واضربكما "
أنهى جاكيري حديثه وهو يرمقهما بضيق شديد، بينما اقترب ادم من جايك وهو يهمس له :
" يضربون بعضهم حسب العمر، هذا يعني أننا قد نُقتل في هذه اللعبة "
ضحك جايك بصخب وهو يشير للجميع مردفًا :
" على الاقل أنا سأُضرب من سبعة فقط، بينما أنت يا مسكين ستُضرب من ثمانية "
نظر له ادم بحنق شديد ثم اغمض عينه ليهدأ فموقعه كأصغر حفيد في العائلة يجعل الجميع ينظرون له على أنه طفل رغم أنه سيكمل الخامسة والعشرين بعد شهر واحد تقريبًا، لكن مقارنة بانطونيو الذي يبلغ ٣٥ عامًا فنعم هو صغير، لكن ليس لدرجة طفل ....
زفر مايك بضيق وهو يضع الحاسوب بعنف على طاولة تقبع في ركن بعيد ثم جذب الطاولة صوب منتصف الطائرة حتى تكون ظاهرة للجميع ...
أصدرت الطاولة صوت مزعج ليغمض الجميع أعينهم بغضب من تصرفات مايك المزعجة ....
همس فبريانو بغضب وغيظ شديد لنفسه مواسيًا ذاته :
" قدرك أن تولد في وسط عائلة مليئة بالحمقى و الاوغاد "
توقف مايك جوار الحاسوب وهو ينظر للجميع ببسمة ثم صفق بيده في حماس شديد مشيرًا لمارتن أن يقترب منه :
" والآن يا سادة لنبدأ اللعب ..."
______________________________
دخلت منزلها وهي تتنفس بتعب فهي بعدما أنهت البيع اليوم عادت بالعربة لتضعها في مكانها المخصص لها في الحديقة الخلفية وهذا بالطبع غير المضايقات التي تعرضت لها من تلك السيدة المزعجة والتي أدركت أنها تملك مطعمًا صغيرًا حوار الحديقة وتشعر بالتهديد من عربة جولي....
ارتمت جولي على الأريكة خلفها بتعب شديد ملقية مفاتيح المنزل على الطاولة وهي تمد يدها تخلع حذائها، تتذكر ذلك الموقف المخجل الذي تعرضت له في الحديقة ...
اثناء بيعها الطعام وبينما هي منشغلة مع بعض الأطفال تعطيهم الطعام سمعت فجأة صوت نباح قريب جدًا منها ....
استدارت جولي تنظر للخلف بتعجب تكذب أذنها لما سمعت للتو، لكن للاسف لم تستطع أن تُكذب عينها وهي ترى ثلاث كلاب يركضون صوبها وانظارهم موجهة لما تحمل بيدها ...
تحركت عينها سريعًا تنظر لذلك الذي بيدها تلحظ أنها تحمل قطعة لحم صغير لأجل صنع بعض البرجر للاطفال، ثواني فقط مرت قبل أن تلقي ما بيدها صوبهم ثم تحركت مبتعدة عن العربة وهي تصرخ بفزع شديد ترى الكلاب تركض صوبها، ربما لأنها استفزت غريزتهم التي تتغذى على رائحة الخوف ...
صرخت وهي تركض بكل ما تملك ترى الكلاب تلحق بها وخلفهم ثلاث رجال ضخام الجسد يركضون، لا تعلم هل يلحقون بها أم بالكلاب ؟؟؟
فجأة لم تشعر سوى بشيء يعرقل ركضها وبجسدها يندفع بعنف شديد ساقطًا فوق أحد الأشخاص، ودون تفكير كانت تحضنه تخفي رأسها في صدره بعنف وهي تهمس له :
" ارجوك ساعدني......"
لم تدرك وقتها جولي أن مارتن بمجرد أن آفاق من حالة الخدر في جسده حتى أمر رجاله بأبعاد الكلاب في الحال ثم استغل الوضع وهو ينعم بأكبر قدر ممكن من دفئها ...
شعرت هي بالهدوء يعم المكان وباختفاء صوت الكلاب لتبتعد سريعًا عن ذلك الجسد وهي تعتذر بخجل شديد لا تعلم كيف تفسر له الأمر، لكن وقبل أن تتحدث بكلمة كانت عينها تصطدم في عين أخرى تشعر أنها رأتها سابقًا ...
ابتسم لها صاحب العيون المألوفة وهو يبعدها ببطء يحمل اشياءه يغادر المكان بسرعة وهو يردد لها ...
" اعتني بنفسك يا جميلة ..."
فاقت جولي من شرودها وهي تفكر أن نبرة صوته وكذلك عيونه مألوفة لها، وللاسف لا تتذكر ملامحه جيدًا فهي منذ رأت عيونه لم تبعد عينها من عليها لتسب نفسها على ذلك، لا بد أنه ظنها متحرشة أو ما شابه لتلقي بنفسها بين ذراعيه بذلك الشكل ...
زفرت وهي تنهض متجهة لغرفتها تستعجب هدوء المنزل وكأن لا أحد به غيرها، ضيقت عينها بتفكير وهي تتساءل هل رحلت نورسين ؟؟؟
وجاءها الجواب وهي ترى رسالة تتوسط فراشها تحتوي على اسمها ...
رفعتها ببطء وهي تقرأ ما فيها بصوت هامس قليلًا :
" جولي العزيزة، اعلم جيدًا أنني اخر شخص قد تودين التحدث معه أو رؤيته، لكن لا تحزني، فقد دفعت ثمن كل جرح سببته لكِ، ولم أرد أن أسبب لكِ المزيد، لذا رحلت كما اردتي أنا ولا تقلقي عليّ سأتدبر امري، كل ما أريده الآن منكِ، هو غفرانك وفقط......
مع حبي : نورسين "
أنهت جولي القراءة وهي ترتمي على الفراش تنظر للسقف تفكر أن كل شيء انتهى وأغلقت باب الماضي والآن حان الوقت للعودة حيث تركت جولي القديمة .....
______________________________
كان الجميع يجلس في مقاعد تُظهر جيدًا شاشة حاسوب مارتن الذي أخذ هو ومايك يعبثون بها لدقائق طويلة حتى كاد فبريانو ينهض ويقتلهما لازعاجه ....
ابتسم مايك وهو يصفق بكلتا يديه يجذب انتباه الجميع له ثم قال مشيرًا للحاسوب يوضح كيف ستسير اللعبة وكيف سيقومون بها ...
" انتباه يا اوغاد ... إليكم اللعبة، تلك الشاشة منقسمة لقسمين كما هو واضح لكم، نصف يحتوي على أسماء الجميع هنا، والنصف الآخر يحتوي على صور عشوائية "
أنهى حديثه وهو يضغط على أحد الازرار لتبدأ الصور والاسماء في الحاسوب بالتغير بسرعة كبيرة حتى لا تكاد تلمح منها شيء، استرسل مايك في الشرح :
" ستبدأ الشاشة بعرض الصور والاسماء بسرعة كبيرة كتلك، ثم نضغط نحن على زر الايقاف ليظهر لنا اسم و صورة عشوائيين وعلى صاحب الاسم أن يقول اول كلمة تأتي في رأسه بمجرد رؤيته الصورة "
أنهى حديثه ليهم صمت في المكان والجميع يرمقه ببرود شديد حتى تحدث مارسيليو باستهزاء :
" لو كنت وضعت لعبة اعداد الطعام السخيفة تلك لكانت افضل من ذلك العبث الذي تقوله "
نظر له مايك بشر وهو يحذره بعينه أن يتمادى في سخريته فهو ادرى شخص بأخيه :
" توقف عن الهراء وهيا لنبدأ اللعب "
وقبل أن يمنح أحد فرصة الاعتراض كان يضغط على زر البدء لتتعلق أعين الجميع بالشاشة بلا إرادة وهم يراقبون ما يحدث حتى توقفت فجأة الشاشة بسبب ضغطة مايك وهو ينظر والجميع بفضول صوبها ليروا أنها تظهر اسم ماركوس وجانبه صورة لزهرة وردية ....
نظر الجميع صوب ماركوس سريعًا ليهتف مايك به في حدة :
" بلا تفكير ماركوس...اخبرني اول كلمة أتت في رأسك "
" امي ...."
تحدث ماركوس سريعًا ودون تفكير فهذا اول ما بدر لذهنه بمجرد رؤيته للصورة، فوالدته كانت رقيقة كالزهرة وكان دائمًا يستمع لوالده وهو يشبهها بالزهور لذا بمجرد رؤيته الصورة تذكرها فورًا ....
ابتسم مايك لأخيه وهو يقترب منه يضمه بحنان شديد، فهذا أخيه الصغير اللطيف وصاحب ارق قلب هنا، وهذا لا يعني ضعفه بل قوته تقبع في هدوءه وصمته ....
" لقد كنت المفضل عندها ماركوس "
ابتسم ماركوس بشجن وهو يردد في احضان أخيه الأكبر :
" نعم اعلم فهي كانت تختنق من أفعالك أنت و مارسيليو "
ابتعد مايك عنه بحنق وهو يضرب ظهره بغيظ شديد ثم نظر الجميع وهو يقول ...
" هيا لنكمل اللعب "
ومجددًا عادت انظار الجميع الفضولية صوب الشاشة التي تحركت بها الصور بسرعة كبيرة ومعها الاسماء ثم فجأة توقفت على اسم جاكيري و جواره صورة قبر ليردد جاكيري فورما رأى اسمه اول ما جاء في رأسه :
" سيلين ...."
ضحك مايك بعنف وهو يعيد تشغيل اللعبة :
" إن سمعتك الآن ستظل تردد ......"
" حسرتي على أحفادك يا اليخاندرو "
هكذا ردد الجميع بسخرية وفي صوت واحد بعدما حفظوا جميع جمل سيلين عن ظهر قلب، فهي تردد حديثها نفسه منذ ولادتهم تقريبًا...
ضحك الجميع في صوت واحد حتى انطونيو الذي لم يتخيل مظهر سيلين و هي تستمع لحديث جاكيري عن القبر وعنها ...
دارت اللعبة مجددًا وقد بدأ الجميع يتحمس أكثر واكثر حتى توقفت فجأة على اسم فبريانو وجواره صورة الباستا ليردد ببسمة صغيرة ساخرة ودون تفكير :
" ارنب وردي ..."
استدارت جميع الرؤوس صوبه والجميع يرمقه بعدم فهم وفضول شديد مفكرين في العلاقة التي تجمع بين الباستا والارانب، بل الأرانب الوردية كما قال ..
بينما فبريانو لا يعلم حقًا لِمَ قال ما قاله، لكنه بمجرد رؤيته الباستا حتى قفزت صورتها وهي تأكلها بشكل مثيرة للضحك في رأسه ...
لم يعلق أحد على حديث فبريانو وبدأت اللعبة تدور مجددًا، والأعين كلها متعلقة بها حتى توقفت على اسم مارسيلو جواره صورة قط ليقول هو اول ما جاء برأسه :
" فبريانو ....."
فجأة شعر بشيء يصطدم برأسه والذي لم يكن سوى زجاجة مياه وبالطبع الجميع يعلم من هو الرامي ؟؟؟
" أنا قط ؟؟؟ تبًا لك ولعائلتك كلها هل تشبهني بقط لطيف مقزز ؟؟؟"
تحدث انطونيو بسخرية وهو يرتشف مشروبه :
" عائلته هي نفسها عائلتك يا عزيزي "
أجاب مارسيلو وهو يتحسس رأسه بحنق شديد من ذلك الغبي الذي لا يفكر سوى بيده وعضلاته وردات فعله تكون سريعة وغير متوقفة...
" يا غبي اقصد أنك كنت أكثر شخص يبغض القطط، ألا تتذكر ماذا فعلت بقط آدم عندما كنا اطفال ؟؟؟"
لوى ادم شفتيه بحزن وهو ينظر لأخيه بضيق :
" نعم كاد يقتله لولا أنني أقسمت أن اجعله يرحل "
هز فبريانو كتفيه بعدد اهتمام وهو يتناول بعض التسالي مرددًا :
" أنا فقط لا اطيق هذه الكائنات، ثم أنني لم اقتله لذا لا تنظر لي هكذا ادم "
ابعد ادم أنظاره عن فبريانو لتدور اللعبة مجددًا تتوقف على اسم فبريانو مجددًا و جواره صورة لفتاة جميلة صهباء بشعر احمر لامع مع عيون زرقاء وبشرة بيضاء ثلجية ...
اطلق مايك صفيرًا عاليًا وهو يردد :
" ليتني أنا من ذُكر اسمه معها، لكنت ذكرت فيها اشعار وليس مجرد كلمة "
أنهى حديثه وهو يرمق الصورة ببسمة عابثة كبيرة جعلت جايك يقلب عينه بضيق من تصرفات ذلك الأرعن .....
تحدث فبريانو وهو يرمق الصورة بأول ما فكر به :
" دماء ..."
نظر له مايك بحنق شديد :
" دماء يا أخرق ؟؟؟ هذا ما خرج به عقلك ؟؟؟"
" نعم شعرها يشبه الدماء "
قلب مايك عينيه بملل شديد ثم شغل اللعبة مجددًا وهو يراقب باهتمام حتى توقفت عند اسم مارتن و صورة فتاة طويلة القامة مثيرة :
" بشعة "
هذا اول ما نطق به مارتن بمجرد رؤيته للفتاة ...فتح مايك فمه ببلاهة وهو ينظر لمارتن وفبريانو بغيظ :
" أنتما احمقان "
قلب انطونيو عينه بملل وهو يتمدد على مقعده متحدثًا بضيق :
" حسنًا يكفي هذا، كدنا نصل...دعوني اغفو قليلًا حتى استعد للقادم "
تحدث جايك بعدم فهم لحديث أخيه الغامض :
" وما هو القادم يا ترى ؟؟؟ أليس هذا اجتماع عادي كغيره ؟؟؟"
همهم انطونيو وهو يعود بمعقده للخلف حتى يتمدد في وضعية مريحة أكثر يردد بنبرة غامضة أكثر :
" اتمنى ذلك ....."
____________________________
استيقظت في الصباح وهي تنظر حولها لدقائق بدون وعي تفكر أين هي وماذا تفعل هنا، حتى قفز في رأسها وضعها الحالي...
انتفضت روبين فجأة من فراشها وهي تنظر للباب الذي فُتح بعنف شديد تدخل منه اروى تصرخ في وجهها ....
" يلا يا روبين بقالي ساعة بنادي عليكِ الكل جهز من بدري ومستنيكِ "
فتحت روبين عينها بصعوبة تحارب جيوش النعاس التي تهاجم اجفانها بشراسة كبيرة تصعب مقاومتها ...
" مستنيين ليه ؟؟؟ انتم لسه مفطرتوش ؟؟؟"
ابتسمت اروى بسخرية وهي تقترب منها تحسبها بعنف من الفراش لتسقط هي ارضًا في شكل يثير الضحك وهي تستمع لصوت اروى التي بدأت تخرج جميع ملابسها من الخزانة بشكل فوضوي ...
" نفطر ايه يا حبيبتي ؟؟؟ أنتِ نسيتي إننا خارجين في نزهة عائلية ؟؟؟"
نهضت روبين تفرك رقبتها بوجع بسبب نومتها السيئة وايضًا بسبب سقوطها بهذا الشكل للتو :
" نزهة عائلية ايه ؟؟؟ محدش قالي حاجة "
ألقت اروى فستان صيفي لطيف باللون الاصفر على الفراش وهي تنظر لها محذرة تحرك اصبعها أمام عينها ...
" خمس دقايق واجي الاقيكِ جهزتي اخلصي بقى ..."
أنهت اروى حديثها ثم انطلقت لغرفتها تحضر كل ما تحتاجه في تلك النزهة تاركة روبين ترمقها بضيق وهي تفرك رأسها بتعب مما حدث أمس مازالت تظن أنها كانت بحلم مرعب، لكن رغم كل تلك الأفكار إلا أنها نهضت تتحرك بكسل صوب المرحاض حتى تتجهز لتلك النزهة التي لا تفضلها كثيرًا فهي كما ذكرت سابقًا نوعًا ما انطوائية ......
خرجت روبين بعدما تجهزت لتجد أن الجميع يجلس في الصالون حولهم حقائب خاصة بالنزهة وهناك عائلة أخرى تجلس مع عائلة خالها ويبدون كما لو أنهم من أهل تلك البلد وليسوا مصريين ....
تحرك الجميع صوب الباب ليخرجوا صوب الحديقة التي ستكون بها النزهة، لكن فجأة توقفوا وهم يلمحون ذلك الشاب الصحفي " محمود " يستند على سيارة ما وهو يرمقهم ببسمة صغيرة ....
نظرت اروى سريعًا لوالدها ولم تكد تفتح فمها تسأله عن سبب حضور محمود حتى سارع هو بالتفسير متجهًا صوب محمود :
" أنا عزمته يجي معانا..."
فتحت اروى فمها ببلاهة وهي تراقب والدها يندفع له يحييه ومعهم زوج جارتهم والجميع يتضاحك لتسير هي خلفهم بحنق شديد، فهي منذ ذلك اليوم ورؤيته لها في مظهر مخجل لا تحبذ أبدًا التواجد في محيطه ....
_________________________________
قصر كبير ذو أعمدة مهيبة من الرخام و حدائق واسعة كبيرة تصلح لأن يُبنى فوقها مدينة كاملة ...تلك هي مواصفات القصر الذي توقف أمامه مجموعة سيارات يقبع داخلها اليخاندرو ومعه جيشه الصغير المكون من أحفاده ...
هبط اليخاندرو بكل جدية بملامح خالية من أي تعابير ليسير جواره انطونيو بثيابه الرسمية كجده وعلى أحد الجوانب كان يوجد جاكيري و فبريانو ومارتن ومايك وجميعهم يرتدون ثياب رياضية هي ابعد ما تكون عن الرسمية كـ فبريانو الذي يرتدي كعادته جينز اسود و سترة جلدية سوداء وتيشيرت اسود ......
والجانب الآخر يقبع باقي الاحفاد، مارسيليو ماركوس وجايك وآدم، جميعهم يتأنقون ببذلات رسمية عدا جايك الذي كان يرتدي ثياب رياضية مع بنطال مقطع قليلًا غير مهتم بشيء و ادم الذي تحرر من الكارفات والسترة واكتفي بقميص وبنطال رسميين .....
كانت القاعة التي يجلس بها الجميع عملاقة ذات ثرايا مضيئة مبهرة وجدران من الرخام كما هي الأرضية .....
كان الجميع يجلس على سفرة تتوسط البهو لتلتفت الأنظار سريعًا صوب الباب الذي فتح فجأة يدخل منه اليخاندرو وخلفه جيشه كما يطلق عليهم الجميع ...
دارت انظار الجميع على بعضهم البعض في رسالة غامضة بمجرد أن لمحوا جميع الاحفاد في المكان، فعادة اليخاندرو أنه لا يصطحب أحفاده إلا في حالة كان ذاهبًا لمعركة أو اجتماع سينقلب فيما بعد لحرب، وبوجود جميع الاحفاد هنا، خاصة الدموي فبريانو _ الذي يحرص اليخاندرو على إبعاده عن أي نقاش _ لا يدعو أبدًا للتفاؤل ....
جلس اليخاندرو على مقدمة الطاولة يقابله في الجهة الأخرى رجل يصغره بالعمر ويبدو في عمر اولاد اليخاندرو وحول ذلك الرجل يجلس أربعة رجال بعمر الاحفاد تقريبًا ثم هناك العديد من الرجال الآخرين في أعمار مختلفة وايضًا كانت سيرينا تتواجد بملامحها الصخرية لتنظر بطرف عينها لانطونيو الذي تجاهل وجودها كما لو أنها ليست في المكان فهو لا يخلط ابدًا بين العمل وحياته الشخصية .....
" أتيت كما لو أنك حضرت لحرب اليخاندرو "
تحدث أحد الرجال الأربعة وهو ينظر بسخرية لاليخاندرو ومن يجاوره ليسمع صوتًا ساخرًا يردد في القاعة :
" يا رجل ألم يتكبد والدك عناء تربيتك ؟؟؟ آه لو ترى سيلين كيف تبدو، لعلمت وقتها أننا قد تلقينا ولو القليل من الاحترام عكسك "
أنهى مارسيلو حديثه وهو يصوب نظره صوب ذلك الشاب واللامبالاة تطغى على ملامحه...
تحرك الشاب في مقعده بحنق شديد وكاد يجيبه لولا يد والده التي أوقفته وهو ينظر لاليخاندرو وهو يقول :
" أنتما الاثنين بلا احترام، فبينما الكبار صامتون انتم من يتحدث "
تحدث مارسيليو بعدم اهتمام وهو يهز كتفيه متراجعًا في مقعده :
" أنت لم تأت بشيء جديد "
زفر الرجل وهو يوجه نظره لاليخاندرو الذي رفع يده يصمت حفيده ثم بعدها وجه نظره لذلك الرجل الذي يترأس الجزء الآخر من الطاولة :
" تحدث كارل أنا اسمعك "
ابتسم المدعو كارل وهو يدور بعينه بين الجميع ثم قال بنبرة غامضة :
" استراليا ...."
ابتسم اليخاندرو سريعًا لعلمه ما يطمح له كارل ثم قال بادعاء لعدم فهمه :
" لم افهمك لذا تحدث وبوضوح "
" أريد أن تكون استراليا ضمن حدودي اليخاندرو "
ضحك اليخاندرو وهو يعود بظهر للخلف ثم نظر صوب مارسيلو وهو يتحدث بسخرية :
" والآن عرفت من أين أتى الصغير بقلة احترامه ؟؟؟ يبدو أن الأب أيضًا لم ينل قسطًا من التربية الصالحة التي يحظى بها أي طفل طبيعي في هذا العالم "
اهتز وجه كارل بغضب شديد لحديث اليخاندرو، لكنه رغم ذلك لم يعلق بل اكتفى بنظرة مخيفة لم تهز في اليخاندرو ولو شعره واحدة ...
تحدث اليخاندرو بعد صمت عم المكان كله :
" حسنًا هي لك "
علت نظرات الاستنكار في وجه جميع اتباع اليخاندرو بينما الصدمة هي كل ما كان يزين وجه اتباع كارل ....
نهضت سيرينا بعنف شديد تعترض على ذلك :
" لكن يا زعيم إنه....."
أوقفها اليخاندرو عن اكمال حديثها وهو يرفع يده لها لتصمت :
" أنا أعلم جيدًا ما افعل سيرينا ....وانا مازلت عند كلمتي، هي لك ...."
صمت قليلًا ثم قال ببسمة مخيفة :
" إن استطعت أخذها، إذن هنيئًا لك بها ...."
ابتسم كارل بسمة مقيتة وهو يجيبه :
" وهل تظن أن هذا الأمر قد يعوق مخططاتي ؟؟؟"
" نعم فلا أظن أن أحدًا بمثل ضعفك وتهوانك هذا قد يستطيع أن يتحكم في منطقة أوسع من منطقته.... هيا يا كارل جميعنا نعلم كيف تدير منطقتك وكيف أن الجميع هنا خارج سيطرتك "
احتدت أعين كارل بشدة ليضرب الطاولة أمامه بعنف شديد، ولم يكد يتحدث بكلمة حتى كان ابنه الأصغر ينهض بعنف وهو يخرج سلاحه مهددًا :
" تراجع عن حديثك يا عجوز فليس ابي من تتم إهانته وفي منطقته ......."
وقبل أن يتم كلمته الأخيرة كانت هناك رصاصة تستقر في كفه ليصرخ ملقيًا السلاح وهو يوجه بصره صوب ذلك الذي أطلق رصاصته لتصيبه بدقة ...
وضع فبريانو سلاح في ثيابه مجددًا ثم أشار بأصبعه على فمه بكل هدوء :
" اششش اصمت يا صغير و تعلم ألا تقاطع الكبار، انظر إليً هل رأيتني اتحدث منذ بداية الأمر ؟؟؟ لا صحيح ؟؟؟ هذا لانني شاب صالح، والآن اجلس حتى لا تكون الأخرى في منتصف رأسك "
أشار كارل لابنه بعينه يأمره بالجلوس ثم تحدث هو بشر كبير وهو يوجه أنظاره لفبريانو :
" صدقني لن اغفر لك فعلتم تلك "
تحدث فبريانو بملامح حزينة أجاد اصطناعها :
" وكيف أنام ليلًا وأنت لم تغفر لي ؟؟؟ حرامٌ عليك يا رجل سأراك في كوابيسي "
ضحك جاكيري بعنف شديد في المكان وهو يهمس من بين ضحكاته :
" وغد كبير ..."
ابعد كارل نظره عنهم بصعوبة قبل أن ينهض ويعلنها حربًا :
" حسنًا اليخاندرو أنا عقدت هذا الاجتماع حتى اصل لحلول وسطى بعيدًا عن القتال، لكن يبدو أنك لا ترغب بذلك، لذا احضرت احفادك معك "
صمت قليلًا ثم أعلنها صريحة بين الجميع :
" إذن الفوز للاقوى اليخاندرو والايام بيننا ومن يأخذها فهو الأحق بها "
تحدث انطونيو وهو ينظر في أعين كارل نظرة مخيفة :
" لك ذلك يا عزيزي، ارني ما لديك "
أنهى حديثه لينهض اليخاندرو يتبعه الآخرين وقد بدأ الجميع يدرك أن الحرب تشتعل في باطن حديثهم وأن هذا الاجتماع لم يكن بسيطًا كما ظهر، وتلك الدقائق التي مرت نتيجتها لن تكن أبدًا بالهينة، وقريبًا ستظهر توابعها ...
" حسنًا كارل، لك وعدي أنني لن افعل لك شيء أو اقف حتى في طريقك، وانت ابذل قصارى جهدك لتنال مرادك، نلتقي عند خط النهاية"
أنهى حديثه ثم تحرك نحو الخارج خلفه جميع أحفاده ليتحدث مايك قبل خروجه بنبرة ساخرة :
" المرة القادمة احضر رجالًا معك حتى لا تتعرض لمثل ما حدث اليوم باحضارك اطفال "
أنهى حديثه وهو يخرج يتبع الجميع ليسمع صوت جده الذي قال بنبرة غامضة :
" مارتن أود أن يكون كل ما يحدث في هذا القصر تحت اعيني "
هز مارتن رأسه بطاعة وهو يجيبه :
" لك هذا يا جدي "
تحدث انطونيو وهو يسير جوار جده :
" هل حقًا ستترك لهم استراليا دون أن تفعل شيء للمقاومة ؟؟؟"
ضحك اليخاندرو وهو يتوقف أمام سيارته قائلًا ببسمة غامضة :
" نعم، لا تقلق هو لن يستطيع فعل شيء بالأمر حتى إن لم اقاومه فهو غبي لا يفكر بعقله، والمرة الوحيدة التي فكر بعقله ارتكب اكبر خطأ قد يفعله شخص في حياته ......"
أنهى حديثه بنبرة غامضة ثم صعد للسيارة تاركًا المنيع ينظر لاثره بتفكير في مقصده من وراء حديثه ....
" والآن ماذا ؟؟؟"
هكذا تحدث ادم بعدم معرفة للخطوة القادمة ....ليجيبه مايك ببسمة خبيثة :
" الان يا عزيزي سنذهب للاستمتاع مع بعض الصهباوات "
______________________________
خرجت من شقتها بضيق شديد و قد قررت أن تذهب للتنزه قليلًا فهي حقًا ملت الجلوس وحدها في انتظار مكالمة ذلك المجنون يخبرها بمكان وموعد عملها، يبدو أنه فقط يخدعها ولا عمل لها عنده ....
بمجرد خروجها من المنزل اصطدمت بوجود جون الذي يبدو كما لو أنه وكان على وشك طرق بابها، لكنها قطعت ذلك بخروجها ..
ودون حتى كلمة واحدة كانت رفقة تجذب بابها بعنف ثم تحركت صوب الدرج، لكن جون ادرك ذلك لذا سريعًا جذب يدها يمنعها الذهاب قبل أن يخبرها ما يريد ...
" اسكندر ارجوك توقف، دعني أوضح لك، الأمر ليس كما تـ..."
ابعدت رفقة يده بعيدًا عنها بعنف شديد وهي تستدير له تصرخ في وجهه :
" توضح ماذا ؟؟؟ توضح ماذا اخبرني، توضح كيف خدعتني واخبرتني أنني سأعمل مترجم في شركتك القذرة تلك ؟؟؟"
" فقط استمع إليّ ارجوك، أنا فقط كنت اود مساعد....."
" توقف، ارجوك توقف أنا لا اتحمل أن استمع لكلمة واحدة منك، أنا حتى لا احتمل رؤيتك لذا اعذرني أنا مضطر للرحيل "
تحركت رفقة سريعًا بعيدًا عنه قبل أن يعترض طريقها مرة أخرى وهو فقط وقف يراقبها بحزن ترحل دون حتى أن تمنحه فرصة تبرير موقفه ...
____________________________
كان يتسطح أعلى فراشه في ذلك المنزل الذي جاءوا إليه حتى يقضوا به اليوم، ريثما ينهي بعض الأعمال له هنا ...
زفر بضيق شديد وهو يضرب فراشه، فهو كان يخطط للخروج وقضاء بعض الوقت مع الفتيات المثيرات، لكن جده أمرهم بعدم التحرك من المنزل وتركه هنا مع ثمان ثيران بلا مشاعر بدلًا من فتاة جميلة ....
استفاق من شروده على صوت محاولة لفتح بابه لينهض بملل شديد يتجه صوبه ثم فتحت بعنف وهو يصرخ :
" ماذا يا اوغاد......."
توقف عن اكمال حديثه وهو يرى فتاة تقف أمام بابه ترمقه بنظرات مرتعبة وبشدة ليرفع حاجبيه وهو يردد ببسمة خبيثة بعض الشيء :
" لا تقولي بأنني أثرت شفقة هؤلاء الثيران فأحضروا لي جميلة صهباء حتى انسى حزني ؟؟؟"
نظرت له الفتاة التي تقبع أمام باب غرفته بخوف من حديثه لتهز رأسها بلا سريعًا وهي تشير أسفل الدرج ولم تكد تفتح فمها حتى شعرت به يجذبها للداخل سريعًا وهو يغلق الباب متحدثًا بخبث :
" والآن يا جميلة أخبريني كيف عبرتي من حقل الثيران في الاسفل دون خدش ؟؟"
كانت الفتاة ترمقه بملامح شاحبة من الرعب وكأنها ترى وحشًا أمامها لتبدأ الإشارة بيدها في حركات هيسترية وهي تبكي بلا صوت ...
ابتعد عنها مايك قليلًا ثم رمقها بعدم فهم وهو يقول بتخمين :
" أنتِ خرساء ؟؟؟"
ورغم وقاحته وعدم مراعاته بمشاعرها في إلقاء الكلمة، إلا أنها لم تهتم بل هزت رأسها سريعًا تشير للخارج تحاول قول شيء له بينما هو يرمقها بلا أي ردة فعل يفكر في أن فتاة جميلة كتلك لا تستطيع التحدث، كم هو محزن ؟؟؟ فهو اعجب بجمالها ذلك وخاصة أنها صهباء وهو يعشق الصهباوات كثيرًا ....
أخرج هاتفه ثم فتح الرسائل عنده و مد يده به إليها يخبرها في برود :
" اكتبي هنا ما تريدين ...."
أخذت الفتاة الهاتف سريعًا من بين يديه ثم أخذت تكتب به بسرعة ولهفة شديدة ما تريده ثم أعطته له وهي تنظر له بترقب ...
ابعد مايك اعينه عنها بصعوبة وهو يقرأ حديثها :
" أنا ادعى روز، اعيش في هذا المنزل بأمر من السيد اليخاندرو وهذه غرفتي وانا لم اعلم أنك تقبع بها، لذا أعتذر لك وارجوك افتح الباب لاخرج من هنا "
رفع مايك نظره لها بعدم فهم :
" تعيشين هنا؟؟؟؟ هل أنتِ خادمة ؟؟؟"
هزت روز رأسها بلا وهي تختطف الهاتف من يده ثم كتبت به بعض الكلمات ومدت يدها بالهاتف له مجددًا ليأخذه منها بحاجب مرفوع وهو يقرأ كلامها :
" أنا لست خادمة هنا يا سيد بل أنا ابنة أحد رجال السيد وقد أحضرني للعيش هنا بعد مقتل والدي "
رفع عينه للفتاة وهو يرى لمحة حزن تسكن مقلتيها وقد فهم الأمر ليقول متمتمًا بغيظ شديد :
" ولِمَ وضعك هنا؟؟؟ أليس من الأفضل أن يأتي بكِ للعيش بيننا و يحضر سيلين للعيش هنا ؟؟؟"
نظرت له الفتاة بعدم فهم ليمسح هو وجهه بضيق يلقي هاتفه على الفراش خلفه ثم تحرك وفتح الباب وهو يشير لها أن تخرج بضيق شديد وقد فسدت ليلته ...
" هيا تحركِ للخارج "
رمقته روز بحاجب مرفوع لحديثه الوقح ذلك وبعدها تحركت صوب الخارج بتذمر شديد، لكن وقبل انغ تخطو شعرت بيده تجذبها لصدره وهو ينحني ليضع ذقنه على كتفها هامسًا بنبرة عابثة :
" سعدت بلقائك يا روز، وتأكدي أنها ليست المرة الأخيرة لنا يا صهباء "
أنهى حديثه وهو يبتسم لشعوره بارتجاف جسدها ليحررها ببطء وهي لم تفكر لثانية قبل أن تركض بسرعة مبتعدة عن ذلك الوقح، فهو عكس الباقيين الذين بمجرد أن علموا هويتها تجاهلوها دون قول كلمة واحدة فقد أخبرهم جدهم عنها وهو لم يكن متواجدًا آن ذاك
ابتسم مايك وهو يضحك ضحكة عالية :
" مثيرة وجميلة وصهباء، لقد اشهرت أسلحتها في وجهي منذ اللقاء الأول وتريد أن اتركها، أي منطق هذا يا فتاة ؟؟؟"
_______________________
نهضت روبين وهي تتحدث للجميع ببسمة صغيرة مبتعدة عن أعين ذلك المزعج ابن جار خالها :
" عن اذنكم سأذهب للسير قليلًا حتى ينتهي خالي من الشواء "
أنهت حديثها ثم تحركت بسرعة كبيرة قبل أن ينهض ذلك السمج خلفها وهي قد اكتفت منه حقًا فهو منذ رآها وهو يلتصق بها وكأنها والدته أو ما شابه ....
في نفس الوقت كانت رفقة تسير في الحديقة وهي تفكر في حياتها القادمة وقد بدأت تتلون حياتها بالاسود ....
وأثناء سيرها وقع نظرها على فتاة تقف أسفل إحدى الأشجار وهي تلتقط صور بطريقة سخيفة لتبتسم بسخرية كبيرة تتذكر وقت كانت تفعل مثلها، وقت كانت به بلا هموم، وقت كانت أكبر أحزانها فيه أنها لا تمتلك حذاء بنفس لون فستانها وما كادت تستدير للرحيل حتى رأت وجه تلك الفتاة جيدًا....
" روبين ؟؟؟؟؟؟"
فتحت رفقة عينها بصدمة كبيرة وهي تبصر روبين تأخذ العديد من الصور رفقة إحدى الورود الملونة لتتحرك بأقدام مرتعشة لا تصدق ما تراه وهي تهمس بصوت غير مسموع لأحد :
" روبين ؟؟؟؟؟"
وفجأة على صوتها وهي تنادي كالمجنون تركض صوب روبين التي انتفضت بفزع على الصوت ....
" روبيـــــــــن ..."
نظرت روبين بفزع صوب الصوت الذي ينادي لتبصر شاب يركض صوبها بشكل مخيف جعلها تتراجع بريبة للخلف وهي تفكر أنه ربما يكون مهووس، وإلا كيف علم باسمها بل ويركض صوبها وهو يفتح ذراعيه كما لو أنه سيلتقفها في أحضانه ...
اقترب رفقة من روبين وهي تصرخ باسمها بعدم تصديق :
" روبين لا اصدق ....روبين ؟؟؟"
حينما أبصرت روبين ذلك الشاب يقترب منها ركضت بعيدًا بخوف تود العود حيث عائلتها، لكنها توقفت فجأة وقد نست كيف أتت لتبتلع ريقها وهي تنظر خلفها لذلك الشاب يركض صوبها مجددًا لتركض هي بجنون وهي تدور حول نفسها برعب :
" من أنت؟؟؟ أنا لا اعرفك يا هذا ؟؟"
" روبين أنتِ مش عارفاني ؟؟؟؟"
صرخت روبين بغباء شديد وهي تستمر في الركض وخلفها تركض رفقة :
" وكمان مصري ؟؟؟ أنت جاي ورايا من مصر ولا ايه ؟؟؟"
توقفت رفقة وهي تدرك غباء رفيقتها لتضرب بقدمها الأرض وهي تصرخ بجنون :
" يا حيوانة أنا رفقة يا متخلفة "
توقفت روبين فجأة وهي تدقق السمع لهذا الصوت لتستدير ببطء ترى الشاب خلفها يضم ذراعيه لصدره بحنق وهو يرمقها بسخرية :
" مين ؟؟؟"
" رفقة يا متخلفة .... رفقة من ايام الثانوية "
فتحت روبين فمها بصدمة للأمر وهي تردد بعدم فهم :
" رفقة ؟؟؟ ازاي ؟؟؟ يا مصيبتي أنتِ اتحولتي؟؟؟"
اقتربت رفقة سريعًا منها وهي تضربها على رأسها بحنق شديد ثم وفي ثواني كانت ضمها بعنف لها وهي تتحدث ببسمة تمنع بها هبوط دموعها :
" لسه غبية زي ما أنتِ يا روبين ؟؟؟ أنا رفقة يا متخلفة زي ما انا بس متنكرة "
ضيقت روبين عينيها بعدم فهم :
" متنكرة ؟؟؟ ده ليه ؟؟؟"
ابتعدت رفقة عنها وهي تجذب بعيدًا أسفل شجرة ثم خلعت بروكتها وهي تفرد شعرها تقول بصوت منخفض :
" موضوع طويل، بس انا مش مصدقة نفسي انك هنا...أنتِ بتعملي ايه ؟؟"
نظرت لها روبين و مازالت لا تفهم الامر أو سبب ما تفعله رفقة :
" أنا هنا في إجازة عند خالو، وأنتِ بتعملي ايه هنا ؟؟؟ وانتي بقيتي كده ؟؟؟ فيه ايه ؟؟؟"
صمتت قليلًا ثم تحدثت بعتاب :
" من يوم ما سيبتي اسكندرية ومحدش سمع عنك "
نظرت رفقة ارضًا تحاول التحكم في دموعها :
" الحوار طويل اوي يا روبين "
" احب اسمعه يا رفقة "
رفعت رفقة عينها في وجه رفيقتها، تلك الفتاة الحمقاء الانطوائية من المدرسة الإعدادية والتي تعرفت عليها في إحدى حصص الموسيقى ومنذ ذلك الوقت اضحوا أقرب واكثر التصاقًا ببعضهما البعض، ثم غادرت هي واخيها للقاهرة بسبب عمل أخيها ومنذ ذلك الوقت تلاحقت المصائب فوق رؤوسهم وفقدت الاتصال بها :
" طب بصي أنا هديكِ عنواني وبكرة نتقابل في بيتي واقولك كل حاجة ماشي ؟؟؟"
هزت روبين رأسها وهي تنظر بشفقة لرفيقتها ولجسدها الذي فقد كثيرًا من وزنه ...
" تمام اديني رقمك برضو عشان نعرف نتكلم "
هزت رفقة رأسها سريعًا وهي تخرج هاتفها تملي رقمها لرفيقتها ثم رفعت عينها وهي تنظر لها مجددًا قبل أن ترتمي في أحضانها تضمها بحب شديد مرددة من بين دموعها :
" أنتِ متعرفيش شوفتك دلوقتي دي عملت ايه ؟؟؟ ولا انا كنت بفكر في ايه قبل ما اشوفك ؟؟ فكرة انك جنبي دي شالت من على قلبي هم كبير اوي "
شعرت روبين بالحزن في صوت رفيقتها لتقول وهي تكبت دموعها :
" متخوفنيش يا رفقة عليكِ "
ابتعدت رفقة وهي تمسح دموعها ثم قامت بارتداء الباروكة مجددًا تهمس ببسمة لرفيقتها :
" متخافيش يا قلبي خير، هقولك كل حاجة لما اشوفك بكرة ...."
_______________________
خرجت روما من السيارة الخاصة بها متجهة صوب النادي الذي تقوم فيه بالتمرين على ركوب الخيل، لكن اثناء سيرها قابلت في طريقها زاك الذي أوقفها بلهفة شديدة وهو يبتسم في وجهها بسمة متوترة ....
توقفت عن السير وهي تنظر بملل لزاك الذي تحدث سريعًا دون منحها فرصة الحديث أو للتساؤل عن سبب اعتراض طريقها :
" مرحبًا روما اتمنى أن تكوني بخير ...بخصوص ما حدث البارحة أنا حقًا لا..."
قاطعته روما وهي تنظر لساعة يدها بعجلة :
" نعم نعم لا بأس بذلك زاك لم يحدث شيء "
" لا بل حدث روما فأنا ابي سوف يقتلني إن علم بأمر انتهاء الصفقة بينه وبين مجموعة فوستاريكي"
رفعت روما حاجبها بعدم فهم لما يرمي له :
" و ؟؟؟؟"
" أود لو أنك تتحدثين مع السيد انطونيو فكما رأيت أنكِ مقربة منه بشكل كبير لذا لِمَ لا تتوسطي لي عنده وبالمقابل لن اذكر شيء بخصوص رؤيتك هناك لوالدتك ؟؟"
كادت روما تضعف لتوسلاته وتتوسط له بالفعل عن انطونيو، لكن اخر جملة منه جعلتها ترفع عينها له وهي تتحدث بشر :
" هل هددتني للتو ؟؟؟ "
" هيا عزيزتي أنا أعلم جيدًا أن والدتك لن تكون سعيدة بمعرفة الأمر "
" تبًا لك زاك، إن اعترضت طريقي مجددًا اقسم أن تجعل انطونيو يقتلك باسوء طريقة تتخيلها "
أنهت حديثها وهي تدفعه بعنف شديد ثم رحلت قبل أن تنزع شعره في يدها من الغيظ وأخرجت هاتفها بحنق شديد وهي تتصل بالسيد انطونيو الذي لم يتحدث لها منذ الأمس ...
" مرحبًا بجميلة الجميلات "
" تبًا لك انطونيو أين أنت فأنا اشتاق لك "
________________
نهضت روبين وهي ترفع يدها قائلة ببسمة :
" أنا سأذهب لشراء الحلوى "
أنهت حديثها لتنهض سريعًا تتجه صوب عربة الطعام التي رأتها أثناء جولتها مع رفقة قبل أن ترحل رفقة وتعود هي للعائلة تكمل معهم النزهة ....
اقتربت روبين من موقع عربة الطعام ببسمة، لكن فجأة توقفت وهي تراقب رجلين يمسكان بالفتاة صاحبة عربة الطعام وهناك آخر يضرب الفتاة بعنف شديد وسيدة تقف على بُعد منهم تراقبهم ببسمة شامتة ....
تراجعت روبين بخوف مما يحدث وهي تفكر في العودة واستدعاء خالها، لكن بالنظر بحالة تلك الفتاة وهي تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة بين يديّ الرجال تخلت عن فكرتها السابقة وهي تحمل بعض الصخور في يدها ودون تفكير كانت تلقيها على الرجل الذي يضرب الفتاة ....
قبل ذلك بدقائق كانت جولي تقوم بعملها كما جرت العادة في آخر يومين، لكن اثناء ذلك أبصرت تلك السيدة تقترب منها مجددًا لتبدأ في استفزازها، بل وتمادت وهي تسييء لوالديها، حتى شعرت جولي بالغضب يستولى عليها لذا ودون تفكير خرجت من عربتها وهي تقترب منها تصفعها بعنف صارخة في وجهها :
" ارحلي من هنا يا عجوز قبل أن أجعل حذائي يترك أثره على وجهك القبيح "
نظرت السيدة بشر لجولي ثم قالت بغضب :
" سأجعلك تندمين على كل مافعلتي يا صغيرة "
ضحكت جولي بعنف ثم دفعتها بعنف تصرخ في وجهها :
" للجحيم أنت وتهديداتك لقد سئمت منك، كل دقيقة تقفزين أمام وجهي تهــ ..."
لم تكمل جولي حديثها وهي ترى ثلاث رجال ضخام الجسد يقتربون منها وملامحهم لا تنذر بالخير، لذا سريعًا اتجهت صوب السيدة وساعدتها لتنهض ثم نفضت ثيابها وهي تقول ببسمة غبية ترمق الرجال :
" ما رأيكم في بعض الحلوى ؟؟؟"
أشارت السيدة لجولي بغضب وهي تصرخ بهم :
" قوموا بعملكم ..."
عادت جولي للخلف وهي تصرخ بجنون في وجوههم :
" توقفوا في أماكنكم...اقسم إن اقترب أحد مني لاقطعنه بيديّ"
لم يهتم أحد بحديثها ليقترب منها رجل وهو يرمقها بخبث لتسارع هي صوب عربتها تمسك كل ما يقابلها ترميها فوق رؤوسهم وعندما لم تجد أي شيء آخر تلقيه عليهم أمسكت مطفأة الحريق تفرغها في وجوههم ثم هبطت من السيارة تستغل حالتهم للهروب وهي تضحك على مظهرهم، لكن لم تكد تفعل حتى شعرت بأحد يمسك بقدمها لتسقط ارضًا وبعدها لم تعي سوى بالضربات التي أخذت توجه لها حتى شعرت بجسدها يكاد يخونها وينها لولا سماعها لصوت صراخ عالي ...
رفعت عينها ببطء لتجد أن هناك فتاة تلقي بالحجارة صوب الرجال....
توقف الرجل عن ضرب جولي ثم اقترب من تلك الصغيرة التي تلقي الحجارة صوبهم بعنف شديد ....
عادت روبين للخلف بخوف من هيئة الرجل و سريعًا ركضت عائدة حيث عائلتها، لكن لم تكد تتحرك حتى شعرت بأحد يجذبها من شعرها بعنف لتطلق صرخة رنّ صداها في المكان ...
استغلت جولي انشغال الرجلين بما يحدث مع الثالث لتضرب أحدهم أسفل البطن بعنف والآخر دفعت باصابعها في عينه ليتركها الاثنين فجأة وهم يتوجعون لعنف ضرباتهم ...
سقطت جولي ارضًا لتنظر صوب الرجل الثالث الذي يضرب الفتاة التي كانت تساعدها والتي علت صرخاتها في المكان ....
تحركت بتعب وهي تمسك بأحدى الأواني المعدنية عندها و دون مقدمات كانت تضربها في رأس الرجل بعنف شديد قبل أن تتهاوى ارضًا بتعب، لكن قبل أن تمس الأرض شعرت بيد تتلقفها وصوت مرتعب جوارها يصرخ في أحد ما وهو يقول :
" الويل لكم جميعًا السيد سيقطعنا احياء ... إياكم أن يفلت أحد منكم خذوهم حتى يأتي السيد ..."
وبعد تلك الكلمات لم تشعر سوى أنها تطوف في الهواء وفجأة استسلمت للظلام وهي تشعر بجميع عظامها قد كسرت ...
بينما روبين كانت تصرخ بعنف من الوجع الذي يسير في جسدها فذلك الرجل قد ضربها بقوة حتى شعرت أنه كسر اضلاعها، لكن بالطبع ليس كما فعلوا مع تلك الفتاة...فتحت عينها تسمع صوت صراخ خالها يقترب منها والجميع يلحق به .....
_________________________
" مرحبًا يا فتى، عملك يبدأ غدًا الساعة السادسة صباحًا ...تعال لهذا العنوان "
كان ذلك محتوى الرسالة الصغيرة التي وصلت لرفقة من رقم غير مسجل لتخمن أنه ذلك المجنون، هو لم يخلف بوعده معها ...
ابتسمت بسعادة وهي تتنفس براحة فها هي حياتها بدأت تبتسم لها، من جهة وجدت عمل يتناسب مع مؤهلاتها ومن جهة أخرى تلاقت مع رفيقة عمرها لتأنس غربتها هنا ....
وضعت رأسها على الفراش وهي تغمض عينها تحاول أن تصفي ذهنها بعيدًا عن كل ما يحدث معها تتخيل حياة هانئة سعيدة قريبًا ودون وعي كان هو يتمثل في أحلامها تلك لتسقط في النوم وعلى شفتيها ابتسامة صغيرة رغم تلك الدمعات التي سقطت من عينيها دون شعور ...
______________________
عادت لمنزلها وهي تلقي هاتفها على الطاولة جوار الفراش ثم دخلت المرحاض حتى تنتعش بعد وقت طويل قضته في التمرين لتشغيل رأسها بعيدًا عن التفكير في انطونيو ...
دخلت روما المرحاض وهي تدندن بأغنية معينة كانت دائمًا ترددها على مسامع انطونيو ...ابتسمت وهي تجلس في حوض الاستحمام تسترخي تتذكر اول لقاء لها مع انطونيو عندما عادت من تدريب الفروسية لتدخل منزلها و......
دخلت روما المنزل وهي تنادي بصوت عالٍ على والدتها تتأكد أنها عادت من سفرها فهي أكدت عليها بالأمس أنها ستعود اليوم، لكن توقفت فجأة وهي ترمق ذلك الذي يتوسط الأريكة في بهو المنزل يجلس بكل هيبة يضع قدمًا على الأخرى ينظر بهاتفه في اهتمام شديد، ليرفع عينه فجأة لها يمسك بها وهي تتأمله ...لتحبس هي أنفاسها من الصدمة منتبه لتلك البسمة الصغيرة التي ارتسمت على شفتيه وهو يردد كلمات شعرت أنها ساخرة .....
" لم اعلم أن سيرينا تمتلك ابنة جميلة مثلك "
خرجت روما من شرودها وهي تستمع لصوت عالٍ في الخارج ...
وقفت في المرحاض وهي تضع منشقة صغيرة على جسدها تقترب من باب المرحاض وهي تنظر للخارج بتعجب ....
فتحت الباب تخطو لغرفتها وهي تتساءل عن صوت تلك الضوضاء، خلعت المنشفة ترتدي اول شيء قابلها ثم تحركت صوب الباب سريعًا وما كادت تفتح حتى تناهى لمسامعها صوت همسات لم تفهم منها سوى ..
" ابحثوا عنها في كل مكان ..."
ابتلعت روما ريقها برعب وهي تعود للخلف لا تعلم من هؤلاء وأين هم حراس المنزل، لكنها اتجهت سريعًا صوب نافذة غرفتها تنظر منها بحذر لتصدر منها شهقة عالية وهي ترى جثث الحراس تفترش الحديقة كلها، لتمتلئ عينها بالدموع وهي تفكر في " شارك " حارسها الخاص ورفيق طفولتها ....
عادت للخلف بخطوات مرتعشة وهي تكبت دموعها بصعوبة تبحث عن هاتفها بجنون لا تعلم بمن تتصل فهي ستموت في النهاية وكل من فكرت به، هو ...حبيبها ومعشوقها الوحيد، تفكر إن ماتت هي، سيتدمر، سيفقد اخر ما يربطه بالإنسانية كما كان يردد على مسامعها دائمًا وهي بين أحضانه ......
أمسكت الهاتف بأيدي مرتعشة وهي تستمع لصوت خطوات تقترب منها ...تركض صوب خزانتها تختبئ بها وهي تستمع لصوته الذي أتى من الجانب الآخر بيحته المميزة الناعسة ....
" ماذا يا جميلتي هل اتصلتي لتـ..."
" انطونيو سيقتلونني .........."