رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السابع 7 بقلم رحمة نبيل

 


 رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السابع بقلم رحمة نبيل


ابعد مايك الهاتف من أمام عينه وهو يشعر بالصدمة مما قرأ للتو يهمس بينه وبين نفسه :

" ذلك الحقير يخون روبين ؟! ومع من ؟! مع فتاة جميلة كتلك دون أن يخبر أحد "

ختم مايك كلماته بغضب مبطن يرمق الذي كان يعود برأسه على ظهر مقعده وهو يضم ذراعيه لصدره ساقطًا في النوم، أو هذا ما ظنه قبل أن يسمع صوت فبريانو يخرج ببرود :

" دع هاتفي مكانه قبل أن اجعلك تودع تلك الحياة "

انتفض مايك قليلًا قبل أن يبتلع ريقه يتمالك نفسه، يضع الهاتف أمامه وهو يقف في مكانه يصرخ رافضًا لما يحدث :

" جيد أنك سمعت كل شيء أيها النذل، اقسم سوف أخبر روبين تلك الغبية التي تركت رجال العالم واحبتك أنت "

أنهى كلماته يتحرك من المقعد المقابل لمقعد فبريانو، لكن فجأة شعر بشيء يسحبه للخلف، مما جعله يفتح عينه بفزع وهو يدرك أن شياطين فبريانو قد خرجت؛ لذلك صرخ برعب يتمسك بالمقعد الذي يجاوره يرفض أن ينقاض لجذب فبريانو، يتمسك بالمقعد وكأنه طوق النجاة وسط أمواج عاتية، يطلق صرخات عالية :

" لا لا، لن اخبرها اقسم لن اخبرها، أيها الحقير دعني، أنقذوني سيقتلني" 

تحرك مارتن من مكانه وهو يتجه صوب مايك ينزع طرق ثيابه من الطاولة وقد علقت به، وهذا سبب شعوره بشيء يجذبه، نظر مايك لثيابه التي تقبع في يد مارتن الذي كان يبتسم بسخرية لاذعة، لكنه رغم ذلك اعتدل في وقفته يعدل من ثيابه بكبرياء، يلقي بنظرة خلفه على فبريانو الذي كان يبتسم بسمة باردة ساخرة ولم يحرك حتة اصبع من أصابعه، يراقب ما يحدث باستمتاع، بينما مايك تحدث متحركًا صوب المقعد المجاور لماركوس :

" فعلتُها قصدًا "

انهى حديثه يتوسط المقعد المجاور لاخيه الذي كان يضع سماعه في أذنه يستمع لبعض النغمات منعزلًا عن الجميع، لكن فجأة وجد السماعة تُنتزع بعنف من أذنه وصوت مايك يصدح بحنق :

" وأنت أيها اللعوب الصغير، تخون الطبيبة سارة مع تلك الطفلة، أيها المريض، تقع في حب طفلة صغيرة؟! تبًا لاخلاقك مجرم وغد "

رمقه ماركوس بصدمة من حديثه يردد بعدم فهم :

" الطبيبة سارة ؟! وما علاقتي بتلك الفتاة؟! ثم من تلك الصغيرة ؟! فيور ؟! هي ليست صغيرة كما تبدو، لكن ..."

قاطعه مايك بإشارة من يده وهو يجعله يصمت مرددًا :

" اششش لا تبرر مرضك أيها القذر، اقسم أنني سأخبر جدي "

ولم يسمح مايك لماركوس بتبرير الأمر وهو يضع السماعة التي انتزعها للتو من إذنه في أذنه، يردد بحنق شديد :

" الآن أدركت أن سيلين كانت محقة، جميعكم عديمي اخلاق اوغاد "

_____________________________________

سقطت دموع رفقة وهي تستمع للحديث الذي يُدار حولها، بينما روبين تضمها بقوة إلى صدرها، تحاول تهدئتها، فبعدما جاءت لزيارتها، جاء المحامي الخاص الذي عينه جاكيري ليتولى قضيتها، واتى ليخبرهم بكل التطورات .

" يعني ايه ؟! يعني أنا هتسجن ؟!"

خرج صوت رفقة متحشرجًا يخفي خلفه اوجاع وألم كبير، بينما اعتدل المحامي في جلسته وهو ينتقي كلماته جيدًا :

" لا طبعًا مش موضوع سجن، بس ده اللي هيسهل الأمور، ولما تسلمي نفسك ده هيحسن من موقفك في القضية، وبعدها نبدأ نقدم الأدلة، لأن هروبك بيثبت التهمة عليكِ، الحجز هيكون على ذمة التحقيق "

صمت ثم قال بتردد :

" أنا جيت أبلغكم بالموضوع؛ لأن عرفت أن الأستاذ جاكيري سافر، وهو آخر مرة عرضت عليه الموضوع ده اتعصب وكان هيقتلني وقتها، فحبيت اخليكم على نور، الافضل تسلمي نفسك بنفسك، وبعدها هبدأ أنا اترافع واقدم الأدلة اللي تقدر تخرجك، خصوصًا أن الأستاذ جاكيري اخر مرة قالي أنه قرب يوصل لدليل مهم اوي في القضية "

أنتهى يرمق الوجوه حوله، منها المرتعب ومنها القلق ومنها الحزين، تحدث توفيق بخوف وهو ينظر لرفقة التي كانت شاحبة تمامًا :

" يعني هو مينفعش حضرتك تقدم الأدلة دي كده، يعني من غير ما هي تتحبس ؟!"

" موقفها في الحالة دي هيكون صعب جدًا، بس هو مش مستحيل ممكن تعملي توكيل وانا اقدر اتولى الدفاع عنها في كل الجلسات "

صمت المحامي وصمت الجميع تباعًا له، فقد ألقى الكرة في ملعبهم للتو وها هم وضعوا بين شقي الرحى، بين أن تبقى في الخارج ويسوء موقفها، أو أن تعاني ويلات السجن حتى تنال برائتها من قضية لُفقت لها .

بطت رفقة وهي تدفن نفسها في أحضان روبين التي بكت هي الأخرى، واسكندر يجلس لا حول له ولا قوة، يضم رأسه بين يديه وقد أصبح يشعر بالاختناق، كل شيء يتدهور واخته ستضيع من بين يديه لأجل لا شيء .

تحرك المحامي بعدما ابلغهم أنه في مكتبه ينتظر منهم أمر بالخطوة القادمة، ثم استأذن وخرج من المنزل، وقد ران صمت عظيم على الجميع، كانت سيلين تنظر للجميع بجهل، تجهل معنى الحديث الذي دار أمامها منذ ثواني، لكن بالنظر للوجوه تعلم جيدًا أن ما حدث وما قيل ليس بالسعيد أبدًا ........

______________________________

سيارة واحدة كبيرة سوداء، جميع نوافذها سوادء تتحرك في ظلام الليل مستغلة تطابق الوانها مع لون الليل حولها، صوت الحشرات الليلية يكاد يثقب آذان من بداخل السيارة .

كل ما يمكن سماعه داخل السيارة هو صوت تجهيز الأسلحة، كان الجميع ينظر لبعضهم البعض، وصوت انطونيو يصدح بجدية كبيرة بينما يجلس في الامام جوار مارسيلو الذي يقود السيارة :

" الجميع علم وظيفته، نحن لا نريد قتل أحد، نحن نريد فقط الحاسوب ونرحل "

أنهى كلمته وهو ينظر لفبريانو تحديدًا وكأن حديثه السابق كان موجهًا له هو من بين الجميع، لكن فبريانو لم يفعل سوى أنه نظر لمارتن وهو يقول بجدية يجهز سلاحيه :

" سمعت يا مارتن ؟! نريد الحاسوب فقط؛ لذلك خذ الحاسوب وأخرج دون أذية أحد"

ختم كلمته وهو يرفع سلاحيه مرددًا ببسمة مخيفة :

" دع هذا الأمر لي "

" فبريانو ....."

وكانت تلك الكلمة الحادة خارجة من فم انطونيو الذي يعلم جيدًا أن فبريانو لن ينقاد لاوامره، لكن فبريانو لم يهتم وهو ينظر لجاكيري بجدية يقول :

" اخبر اخاك جاكيري أنني لا أحب هذه المهمات السخيفة، وإلا لما استدعوني ؟! على الاقل كنت الآن اقتل الرجال في الحارة واستمتع "

أنهى حديثه وهو يرمق انطونيو بضيق شديد وكأنه سحب من أمامه لعبته المفضلة تاركًا إياه ينظر للجدران بملل، لم يهتم جاكيري بحديث أيًا منهما وهو مازال حانقًا على الجميع بعدما سحبوه من وسط تجهيزات زفافه ...

" دعه فبريانو فالسيد انطونيو لا يهتم بشيء، ولم يهتم أنني استعد لزفافي حتى يجبرني على المجئ، فهو تزوج وحصل ما يريد وليحترق الباقيين "

هز مايك رأسه بشيء من خيبة الأمل :

" تؤ تؤ تؤ، هذا أنت يا جاكيري ؟! أنت من حسدت أخاك، عارٌ عليك ونحن من ظللنا نقول من تسبب بعينه في شجار انطونيو الاخير ؟! وفي الاخير كان أنت؟!"

ابتسم مارتن بسخرية لاذعة وهو يرتدي حقيبة ظهره التي تحمل الحاسوب، يردد بتهكم :

" نعم صحيح عيبٌ عليك جاكيري "

لم يهتم لهم جاكيري وهو يضع أسلحته في المكان المخصص لهم يرتدي سترته التي تحتوي بعض الخزائن الخاصة بالسلاح، بينما آدم نظر لماركوس و جايك اللذين كانا ساقطان في نومٍ عميق يهز الاثنين بحنق :

" هيييه أنتما، استيقظا لقد وصلنا "

تمتم جايك بغضب وهو يبعد يد آدم عنه :

" ألم تجد لحظة افضل من تلك لتقطع احلامي السعيدة ؟!"

انقض عليه مايك وهو يقول ببسمة خبيثة :

" ماذا هل وجدت أخيرًا مكانًا منعزلًا لمرضاة الصهباء والحصول على قبلة بعيدًا عن الأعين ؟!"

ردد انطونيو وقد انتبه الحديث بين الاثنين :

" الصهباء ؟!"

ابتسم مايك بخبث وهو يستدير لانطونيو يردد وهو يشير خلفه لجايك الذي كان يفرك عينه بنعاس، ينظر حوله دون أن يستوعب ما يحدث، لكن حديث مايك لأخيه اخترق منطقة وعيه وهو يسمعه يردد :

" آه، ألم تعلم بعد أن أخاك قليل الادب هذا يغازل الصهباء روز وقد كــ.."

ولم يمنح جايك مايك الفرصة لتكملة ذلك الحديث لانطونيو الذي رفع أحد حاجبيه بحدة وهو يرمق أخاه، وفي هذه اللحظة كان جايك شاكرًا لتوقف السيارة، ابتسم براحة يترك فم مايك هامسًا بغيظ :

" أنت لعين مايك "

ابتسم له مايك وهو يراقب الجميع يهبط من السيارة بهدوء شديد وحذر، ثم هبط خلفهم وبعده هبط جايك وماركوس، والجميع ينظر للمكان أمامهم بتعجب، فقد كان يبدو كمخزنٍ كبير، وليس قصر .

استدار انطونيو يرمق مارتن الذي كان يعدل من وضعية الحقيبة أعلى ظهره :

" متأكد أنه هنا مارتن ؟! كيف يمكن للحاسوب أن يكون في مكان كهذا ؟!"

هز مارتن كتفيه بجهل وهو يشير برأسه :

" الإشارة تأتي من هنا انطونيو "

نفخ انطونيو ثم في حركة سريعة مرر نظره على محيط المخزن بجدية قبل أن يقول بشك :

" لا يوجد أحد يحرس المكان، احذروا ربما يكون فخ؛ لذلك أهم خطوة الآن هي التأني والحرص فـ "

لم يكمل كلمته وهو يشعر بدفعة خفيفة في كتفه وتخطي فبريانو له يخفض قناعه الاسود يردد ببسمة مخيفة وهو يخرج سلاحيه :

" اتبعوني......."

رمق انطونيو رحيل فبريانو قبل أن يخفض قناعه وهو يردد بغضب شديد :

" ذكروني ألا نحضره معنا مجددًا "

تحرك بعدها انطونيو وخلفه الجميع، يسيرون خلف فبريانو الذي كانت جميع حواسه متأهبة وبشدة لاي ظهور مفاجئ، وعينه تدور في المكان، حتى أصبح على مقربة من المخزن نفسه، استدار وهو يقول ببسمة وقد بدا كطفل يقف أمام مدينة الملاهي ولا يطيق صبرًا لتجربة جميع الالعاب بها :

" يارجل يبدو الأمر ممتعًا "

وبمجرد انتهاء كلماته حتى ارتفع صوت رصاص مرعب في الأجواء، جعل ابتسامة فبريانو تتسع وهو يشير للمخزن حيث أصوات الرصاص :

" ألم أخبركم ؟!"

______________________________

نظرت هايز حيث الورق الذي يقبع في يدها لأجل عملية أيان القادمة، تقول بكل جدية وهي تجلس أمام المكتب الخاص بالطبيبة سارة :

" لكن اعتقد أن الأمر سيكون مجازفة كبيرة، أعني ثلاث عمليات في نفس الوقت ؟! هل سيسمح عمره بهذا ؟!"

أبعدت سارة عينها من على الأوراق وهي ترد على سؤال هايز بكل عملية :

" هايز حبيبتي لقد فعلناها مرارًا وتكرارًا، ثم إن العمليات لن تكون في نفس الوقت تقريبًا، ولقد تناقشنا أنا والأطباء بالأمر ورأينا أن هذا افضل ما نقوم به لأجله "

صمتت ثواني قبل أن تعقب بصوت خافت مشفق :

" لم يتبق لايان الكثير، نحن نبذل أقصى ما بوسعنا لأجله "

منعت هايز دموعها من الهبوط، قبل أن تستمع لصوت استدعائها ينطلق في مكبرات المشفى؛ لذلك استأذنت بهدوء وهي تخرج تاركة سارة تنظر في إثرها بحزن وشفقة، قبل أن تنزع نظارتها الطبية تلقيها على المكتب، تتنفس بتعب ماسحة وجهها، وتلقائيًا تحركت يدها صوب درج مكتبها تخرج تلك الورقة التي بدأ عندها كل شيء، رسالة مجهولة وجدتها أسفل باب مكتبها عندما دخلت إليه ذات يوم، لتقلب كيانها كله، مرت أعينها على الاحرف التي حفظتها وهي تحاول إقناع نفسها ألا تتأثر بما كُتب بها ( ربما تتعجبين أنني ارسل لكِ رسالة بهذا الشكل التقليدي، لكنني اردت فقط أن أوصل لكِ مشاعري بشكل غير مباشر، واخبرك أنني أصبحت اسيرًا لكِ ولضحكتك سارة، أصبحت اتفنن في استفزازك حتى اظفر بنظرتك الحانقة التي تصيب قلبي في مقتل، في البداية لم أكن انظر لكِ بعين محبة، بل نظرت إليكِ بنظرة عادية ارمق بها الباقيين، قبل أن اسقط شيئًا فشيء في فخ ضحكاتك وحديثك الهادئ، أنا أحبك سارة"

وقتها لم تعلم المرسل، لكنها استطاعت أن تسأل عمن تواجد جوار مكتبها ذلك اليوم، وتأكدت أن ماركوس هو من كان بالقرب منه وقتها كما أخبره أحد العاملين، هي حقًا لا تعلم ما حدث لها منذ عرفت بالأمر، لكن شعور أن يحبك أحدهم بهذا الشكل، أصابها وبقوة، جعلها لا تنفك تفكر فيه .

انتفضت سارة برعب وهي تجد الباب يفتح بشكل مفزع واندرياس ( خطيبها ) يفتح المكتب وهو يتحدث بمرح كعادته :

" إذًا مازلتِ ستأتين مـ.."

توقف عن التحدث وهو يرى شحوب ملامح سارة وهي تحاول اخفاء شيء خلفها، لكنها من كثرة توترها أسقطت الورقة ارضًا، رمقها اندرياس بتعجب وهو يتجه صوب الورقة، بينما هي انتفضت بعنف تحاول منعه من رؤية ما بها :

" لا اندرياس هذه ....."

وتوقفت باقي جملتها في حلقها وهي ترى انعاقد حاجبيه بشكل اثار رعبها، وعينه تمر على الكلمات أمامه، كان جسده متصلب بشكل جعل سارة تفتح فمها بسرعة لتبرر الأمر :

" لقد ...لقد وجدتها....أحدهم اااا"

" إذن لقد قرأتيها ؟؟ ظننت أنكِ لم تعثري عليها "

لثواني لم تفهم سارة شيء وهي ترى اندرياس يستدير ببطء وهو ينظر لوجهها يقول بتردد :

" لِمَ لم تخبريني أنكِ قرأتيها؟! ظننت أنكِ لم تفعلي؛ خاصة أنكِ لم تأتي على ذكرها ابدًا "

" أنت..... أنت من ارسلها ؟!"

انكمشت ملامح اندرياس بتعجب :

" ومن تتوقعين أن يفعل ؟!"

فتحت سارة فمها بعدم تصديق وهي تعيد شعرها للخلف تفكر أن اندرياس هو من فعلها وليس ماركوس كما ظنت ؟! اندرياس هو من يحبها وليس ماركوس، اندرياس خطيبها الذي ارتبطت به فقط لأجل والدها وهو فعل المثل، لأجل مصالح مشتركة بينهما، ابتلعت ريقها وهي تضع يدها على وجهها تشعر الأرض تدور بها، لولا ذراع اندرياس التي تلقتها وهو يقول برعب يضمها له :

" سارة، حبيبتي ما بكِ، اجلسي دعيني افحصك، هل أنتِ بخير ؟!"

رفعت سارة عينها تنظر لاندرياس من بين ذلك الغشاء الذي يحيطها هامسة:

" اشعر فقط بالإرهاق اندرياس، اعدني للمنزل ارجوك فلن اتمكن من القيادة "

هز اندرياس رأسه بنعم، ثم انحنى وعلى حين غرة حملها يتحرك بها للخارج تحت صدمتها وصدمة الجميع، بينما هو لم يهتم بأي أحد وهو يقبل رأسها بحنان يتمتم لها ببعض الكلمات العاشقة والمرتعبة عليها، وبدون شعور استندت سارة على صدره تغمض عينها ببطء وهي تخبر نفسها أن الرسالة التي وقعت في حبها، وأن الكلمات التي مستها كلهم ملك لذلك الذي حملها، والسؤال الآن هل بالفعل أعجبت بماركوس كما أقنعت نفسها، أم بالرسالة التي كانت تنبض بحب تفتقده ؟!

_____________________________

" يبدو أنهم بدأوا دون انتظارنا "

هكذا همس مارسيلو وهو يبتسم بسمة جانبية، يلحق بالجميع وقد بدأوا يتحركون بشكل حذر صوب أحد الأبواب الجانبية التي اختارها مارتن لهم خصيصًا وذلك لبعدها عن الكاميرات التي تحيط المخزن كله، نظر انطونيو خلفه لمايك وهو يشير له أن يفتح الباب ..

تحرك مايك صوب الباب ينزع حقيبته من على ظهره يخرج منها أدواته، ثم حمل مِفك في يده ولم يكد المفك يلمس الباب حتى وجد الجميع الباب يسقط بعنف ارضًا، مما جعل مايك يرفع المفك أمام عينه ببلاهة، وهو ينظر للجميع بعدم فهم، لكن ذلك الجسد الذي سقط على الباب بعنف وضح الأمور .

مد التسعة رؤوسهم لداخل المخزن، ليتضح لهم أن هناك حرب مشتعلة بين طرفين في الداخل، ويبدو أن الحرب في نهايتها .

لوى فبريانو شفتيه بخيبة أمل وهو يقول :

" هذا ليس ممتعًا "

نظر انطونيو لهم يفكر في حل لما يحدث، فهم لم يتوقعوا أن يتزامن وجودهم مع حدوث حرب هنا؛ لذلك أشار الجميع بالعودة للسيارة بسرعة، لكن فبريانو لم يستمع له وهو يشير لرجل يخنق اخر في الداخل :

" يارجل ألا قلب لديك، انظر كيف يخنق أحدهما الآخر ؟! "

أنهى فبريانو حديثه وهو يتحرك للداخل بسرعة تحت نظرات انطونيو العنيفة والغاضبة التي كادت تشعل فبريانو ومن حوله، لكن فبريانو لم يهتم وهو يقترب من ذلك الرجل الذي يخنق الآخر، ثم رفع سلاحه وصوبه على قدم الرجل الذي يحاول قتل الآخر يقول بتهكم :

" أنت أيها المجرم كيف تخنقه بهذا الشكل ؟! ألا تمتلك قلبًا ؟!"

نظر له الرجل المسطح ارضًا برعب لا يفهم حديثه ولا يفهم لكنته، يحاول البحث عن سلاحه الذي سقط أثناء قتاله منذ قليل، بينما كان سعال الرجال الآخر يرتفع في المكان بقوة يفرك رقبته يحاول تخفيف ذلك الاختناق الذي يشعر به بينما نظر له فبريانو بشفقة مصطنعة قبل أن يطلق رصاصة لتتوسط ذراع الرجل مرددًا بتوبيخ :

" هذه لأنك تركته يفعل بك ما فعل "

مسح انطونيو وجهه بغيظ وهو يصرخ في الجميع في غضب :

" ماذا تنتظرون ؟! اهجموا على المكان "

وهكذا حدث، حيث تدخل التسعة ينهون القتال الدائر، وقد ساعدهم أن أعداد الرجال قد قلت بعدما قتل بعضهم الآخر ولم يتبق سوى القليل فقط ويمكن عدهم على يد واحدة، كان فبريانو يجلس القرفصاء ارضًا جوار الرجلين يحدثهما بكل جدية يتجاهل ما يفعله اولاد عمومته وإخوته :

" الحياة قصيرة اخوتي؛ لذلك لا تستحق أن نحياها بكل ذلك الكره، حسنًا هي لا تستحق أن نحياها على أية حال"

اغمض عينه جاكيري عينه بغيظ، وهو يصرخ وقد وصل غضبه لاعلى مستوى يضرب من أمامه بجنون كبير وكأنه يحملهم مسؤولية إحضاره لهنا، يحملهم ذنب تركه لحبيبته قبل زفافهم، بينما انطونيو كان يبحث رفقة مارتن عن الحاسوب الذي يحوي معلومات خطيرة عنهم جميعًا وقد اخبرهم جاسوسهم بوجود معلومات قد تطيح بكل مجموعتهم لدى جماعة " مارا 18" .

نظر مارسيلو حوله يرى أن الأمر حقًا لا يستدعي وجوده؛ لذلك تحرك وهو يقول بجدية تبعًا لأوامر انطونيو :

" سوف اجهزه السيارة للرحيل "

كان فبريانو يشارك الجميع في الانتهاء من العصابة بعدما تمكن وبكل تفهم من جعل الرجلين يتصالحان، وأثناء عمله سمع رنين هاتفه، توقف عما يفعل وهو يخرجه من جيب بنطاله يبصر رقم غريب، نفس الرقم الذي وصلته منه الرسالة، رقم الحقيرة روزيلا " الآنسة واتسون "، لكنه لم يجب عليها ووضع الهاتف في جيبه يراقب الاجواء الهادئة حوله وقد انتهى كل شيء وخفتت الأصوات التي كانت تصدح منذ ثواني، لكن عاد هاتفه للرنين مشيرًا لوصول رسالة له، فتح فبريانو الهاتف وهو يرمقه ببرود شديد يتجه للخارج حتى يأتي انطونيو بالحاسوب، لكن فجأة توقفت قدمه عن الحركة وتوقف كل شيء وهو يرى صورة لروزيلا جوار منزل وهي تبتسم بسمة واسعة تشير باصبعيها كما لو كانت تتصور جوار أحد المعالم السياحية، لكن ذلك لم يكن معلم سياحي، بل كان منزل الجدة لولو ......

__________________________

أطلقت روبين ضحكة عالية وهي تنظر لأفعال توفيق وسيلين، نظرت لرفقة التي كانت تحاول ابعاد الاثنين عن بعضها البعض، واسكندر يهز رأسه بيأس على الاثنين .

" خلاص بقى يا رفقة سيبيهم وهما مش صغيرين هيلاقوا حل "

نظرت رفقة لها بغضب وهي تقول بسخرية لاذعة :

" اسكتي أنتِ متعرفيش اللي بيعملوه، الخناقة دي هتنتهي بواحد فيهم معاق أنا عارفة "

انتبهت رفقة أثناء حديثها لما يفعل توفيق؛ لذلك صرخت بحدة وهي تركض صوبه بفزع :

" بتعمل ايه يا عم توفيق ؟! سيب الطفاية من ايدك، هتقتل الست "

صاح توفيق بعناد كبير :

" هكسر دماغها يعني هكسرها، بقى أنا على آخر الزمن واحدة إصدار الثلاثينات تعلم عليا ؟! هي مفكراني هخاف من البقسماطة اللي هي مسكاها في أيدها دي وماشية تضرب بيها الكل "

أنهى حديثه وهو يشير لعكاز سيلين التي لم تفهم منه كلمة واحدة وهي تقول بحدة :

" اخفض صوتك يا عجوز، كل هذا لأجل عوامتك الغبية ؟!"

صرخ توفيق بغضب شديد :

" عوامة غبية ؟! عوامة باتمان بتاعتي غبية؟! ده أنا هعمل من جلدك عوامة يا انثى العرقوب "

ضحكت روبين وهي لا تستطيع تصديق إلى أي حد قد يصل حوار هذين الاثنين، لكن وأثناء ضحكها وجدت اسكندر يتحرك من مقعدها يتجه لها وهو ينظر بتردد صوبها، يبتسم بسمة خجلة بعض الشيء مرددًا :

" طولتِ الغيبة يا روبي "

ابتسمت روبين بود وهي تجيب اسكندر فهو كان من اقرب الأشخاص لها قديمًا :

" اديني رجعت اهو يا اسكندر "

هز رأسه ثواني ثم قال بتردد :

" وجاسي ؟!"

" مالها جاسي؟!"

ابتلع اسكندر ريقه لا يعلم كيف يخبرها الأمر، يخجل من إظهار اهتمامه بها على العلن :

" قصدي يعني مشوفتش جاسي معاكِ "

" اه هي لسه هترجع اول الاسبوع الجاي مع بابا وماما "

هز اسكندر وكاد يتحدث يطلب منها رقم جاسي، لولا رنين هاتف روبين الذي أحضره لها فبريانو حتى يسهل له التواصل معها، كان هاتفها يعرض تذكير بمعاد التدريب الخاص بها؛ لذلك نهضت سريعًا تحمل حقيبتها وهي تقول بجدية تقترب من رفقة تضمها ضمة سريعة :

" همشي أنا يا ريفو عشان التمرين وهحاول اجيلك بليل مع فبريانو "

تركت رفقة ما كانت تقوم به وهي تصرخ :

" ريفو ( اسم دواء ) ايه يا روبين شيفاني اسبرينه قدامك ؟! " 

ضحكت روبين وهي تتحرك خارج القصر متجاهلة الصرخات المندلعة به وقد ازدادت الحرب شراسة بين كلًا من توفيق و سيلين، أوقفت سيارة أجرة وهي تصعد لها تتصل بجدتها حتى تخبرها بوجهتها، ولم تنتبه لتلك السيارة التي تحركت خلفها دون أن تحيد عنها ثانية ....

__________________________________

بمجرد خروج الثمانية من المخزن متجهين نحو السيارة التي أعدها مارسيلو للهروب، بعدما وجدوا الحاسوب، حتى ابصروا سرب من السيارات يقترب جهة المخزن جعل انطونيو يصرخ بعنف :

" للسيارة بسرعة، جاكيري قُد أنت "

ركض الجميع للسيارة، وقام جاكيري بدفع مارسيلو جانبًا، ثم صعد هو خلف المقود، ينظر خلفه يتأكد أن الجميع صعد، ليهتف بجدية مخيفة :

" دعونا نزيد الحماس "

أنهى كلماته وهو يشغل المسجل الخاص بالسيارة ثم نظر لجايك وهو يغمز له قائلًا :

" هيا جايك اريد شيئًا حماسيًا "

نهض انطونيو من مقعده وهو ينقض على جاكيري صارخًا :

"تحرك واللعنة"

لكن جاكيري أصر على رغبته :

" يارجل صراخك هذا لن يفيد، أنا فقط اريد اشعال الأجواء، أم تريدنا أن نتحرك هكذا دون موسيقى؟! هل رأيت بحياتك مطاردة دون موسيقى حماسية ؟!"

نظر مارسيلو للخلف يرى أن السيارات قد أضحت على مقربة كبيرة منهم، وخلال ثواني فقط سوف يحصل تصادم بينهم، تحدث بكل هدوء وهو يشير للخلف :

" اعتقد أننا في مشكلة كبيرة هنا "

اجابه جاكيري بجدية وهو يعبث بأزرار المسجل يؤيد رأيه :

" نعم حقًا هذه مشكلة كبيرة، أنا لا أجد الزر الخاص بالارتباط بالهاتف "

قرب مارسيلو وجهه من الازرار وهو يتناقش مع جاكيري بكل جدية :

" جرب هذا الاخضر "

مال فبريانو برأسه جانبًا وهو يردد بجدية :

" اعتقد أن الرجال في الخلف لن يمانعوا أن يقتلونا دون موسيقى "

أخرج انطونيو سلاحه وهو يرفعه في وجوه الجميع صارخًا بغضب قلما خرج منه :

" اقسم إن لم تتحرك لاقتلنكم جميعًا قبل أن يصلوا هم "

صاح جاكيري بسعادة كبيرة وهو يستمع لصوت ينبئه باستجابة المسجل للارتباط بهاتفه، أخرج هاتفه وهو يحرك أصابعه على الشاشة بخفة ثم قال ببسمة واسعة يتجاهل الضربات العنيفة في مؤخرة السيارة :

" هذه أغنية عربية جديدة اعجبتني "

وبمجرد صدوح الأغنية في السيارة حتى ابتسم جاكيري وهو يهز رأسه باستمتاع شديد على الأغنية، ثم مد يده وعاد بشكل مفاجئ للخلف متسببًا في انحراف السيارة التي كانت تصطدم به منذ ثواني، وبعدها تحرك للامام مجددًا، لكن بقوة جعلت من في السيارة يتحركون بعنف، لدرجة جعلت مارتن يسقط من على مقعده هو وماركوس الذي صاح بغضب شديد، يشعر بالسيارة تكاد تطير بهم .

صرخ ادم بعنف وهو يشعر بالحركة العنيفة للسيارة، بينما جاكيري كان لا يعير أي أحد اهتمام وهو يقود السيارة كما يحب، كان يتحرك في حركات غير منتظمة ويسلك طرق غير ممهدة، جعلت الجميع يهتز في السيارة بشكل جنوني، بينما هو يصرخ بحماس شديد وخلفه جايك كان بحرك يده وكتفه على الموسيقى العالية، بينما انطونيو يغمض عينه بغضب يتمسك بالسيارة حتى لايكون مصيره كمارتن وماركوس اللذين كانت اجسادهما تتحرك بعنف في ممرات السيارة حتى شك أن عقلهما تحرك من مكانه .

ابتسم جاكيري وهو ينظر للنافذة يرى سيارتين يقتربان منه بشكل جعلهم محاصرين؛ لذلك ابطء حركة سيارته شيئًا فشيء، أبصر اقتراب السيارتين من طرق جانبية وأخرى من الخلف حتى يحاصروا سيارتهم، وبمجرد توقف سيارة جاكيري حتى ازدادت سرعة السيارات الاخرى بشكل جنوني صوبه، ابتسم جاكيري وهو يرى تحفز الجميع في السيارة لما يحدث، وهم يرون أن هناك سيارة من كل جانب تقترب منهم بشكل مرعب، هتف مايك بجنون وهو يصرخ في جاكيري بصوت عالي :

" سنموت ايها المختل، تحرك "

لم يهتم له جاكيري وعينه تراقب تدافع السيارات له، وفي اللحظة التي أضحت السيارات على مقربة منه، حتى عاد شكل مفاجئ للخلف ليتسبب في تصادم السيارتين معًا بشكل مرعب، كما أن سيارته اصطدمت في أخرى كانت تأتيه من الخلف وبهذا الشكل تخلص جاكيري من الثلاث سيارات مستغلًا نوعية سيارته التي تشبه المدرعات، ابتسم وهو يعود للخلف يدفع السيارة التي خلفه ويحركها كيفما يشاء، ثم وبشكل غير متوقع انحرف في طريق جانبي مسرعًا قبل أن يتدارك أحد ما حدث .

صرخ جايك بحماس شديد وهو ينقض على جاكيري :

" ايها الوغد كيف فعلت ذلك ؟!"

ابتسم جاكيري وهو يغمز له في المرآة :

" كما كنت افعلها كل مرة اقود بها سيارتك "

أنهى حديثه بضحكة عالية، بينما نهض مارتن من الأرض يحاول التحكم في جسده بعدما شعر وكأنه كان في زجاجة وأحدهم يرجها بقوة، بينما فبريانو لم يكن يهتم بكل ما يحدث، فأثناء تلك المعركة كان هو يضع سماعة بإذنه يشاهد شيء باهتمام على هاتفه، وانطونيو ابتسم بسمة جانبية ثم نظر لمارتن يسأله بعينه عن الحاسوب، لكن مارتن لم يكن منتبهًا له وهو يتسطح على الأريكة الخلفية يشعر بالغثيان وهو يصرخ بتعب :

" هذه المرة الأخيرة التي اركب فيها سيارة معك أيها الحقير "

____________________________

بعد ساعات من تلك الأحداث : 

يقود سيارته متجهًا صوب منزل روبين بسرعة، فمنذ تلك الصورة التي ارسلتها له الحقيرة روزيلا وهو يجلس على جمر رغم البرود الذي أظهره للجميع؛ لذلك بمجرد انتهاء المهمة ركب طائرة مباشرة من هناك دون المرور على ايطاليا، واتى هو وجاكيري لهنا، والباقون عادوا لإيطاليا. 

أخرج هاتفه يتصل بروبين المرة التي لا يعلم بعددها، ومجددًا نفس الرد ( الهاتف مغلق أو غير متاح )، زفر بحنق وهو يكاد يلقي الهاتف من السيارة، لولا تذكره لامر هاتف المنزل، ؛ لذلك سريعًا أجرى اتصالًا بالهاتف، وانتظر قليلًا حتى وصل له صوت العجوز لولو كالعادة ...

" أين روبين لولو ؟!"

" مش ملاحظ أنك اخدت عليا وبتقولي لولو بدون القاب ؟!"

قلب فبريانو عينه بسخرية وهو يراقب الطريق من المرآة الجانبية :

" حسنًا الأمر أن الجدة لولو يبدو شيئًا مبتذلًا؛ لذلك إن اردتِ أن نحتفظ بالالقاب سأناديكِ الجدة وادي، والآن أين هي حفيدتك القبيحة ؟!"

وصله صوت لولو المغتاظ وهي تقول بحنق كبير :

" واد أنت مش محترم حد ولا ايه ؟! قبيحة مين دي ؟! أنت كده هتعقد البنت يا متخلف، بعدين مش أنت جبتلها تليفون؟! أتصل بيها واسألها "

" هاتفها مغلق "

" اكيد زهقت منك ومن خلقتك، اصل مين اللي هيستحمل واحد زيك دبش لسانه متبري منه، ومعندوش دم ولا متربي ؟!"

كان فبريانو يستمع لحديث لولو وهو يحرك رأسه ببطء تزامنًا مع انطلاق كلماتها وكأنه يؤكد على حديثها :

" نعم أنتِ محقة لولو، أنا شخص سيء حقًا ولا استحق ملاك كروبين، لكن ماذا أفعل هذا قدرها أن يقع شخص حقير مثلي في حبها؛ لذلك لا فكاك لها مني سوى بالموت، والآن أنتِ لا تودين أن يقوم هذا الشخص الحقير بقتل عجوز صحيح ؟! سيكون هذا سيئًا، لكنني لن أمانع إن كانت تلك العجوز هي أنتِ"

ولم يصل له إجابة من الطرف الآخر، وعم صمت قصير قبل أن يقطعه وهو يقول بنبرة مرعبة :

" أين هي حفيدتك لولو ؟! "

________________________

" تمام العرض التاني روبين وأنت يا حامد اجهزوا يلا "

هزت روبين رأسها وهي تنهض تتحرك صوب المسرح تعدل من وضعية فستانها الرقيق الذي تتدرب به عادة، تبتسم بسمة صغيرة وهي تنظر لرفيقها في الفريق والذي ستشاركه تلك الرقصة، تتنهد براحة شاكرة الحظ أن معاد الرقصة الثنائية اليوم، حيث لا فبريانو ولا مراقبات، اتسعت بسمتها وهي تتوسط المسرح تقف أمام زميلها والذي هو نفسه خطيب صديقتها، أخذت روبين ترفع جسدها وتقف على أطراف قدمها في حركات تشبه الإحماء، ثم رفعت إصبعها بمعنى جاهزة .

تحركت روبين تقف عند طرف المسرح حتى تفتتح الرقصة بالحركة المتفق عليها، لكن أثناء تحركها انتبهت بطرف عينها لشخص يدخل للمسرح، لكن بسبب ظلام المكان الخالي من الإضاءة عدا المسرح، لم تتبين ملامحه، لكن تلك الرجفة التي أصابتها وهي تدقق في بنيته الجسمية جعلتها تبتلع ريقها برعب وهي تخبر نفسها أن فبريانو ليس هنا، هو سافر واخبرها أن هذه المرة قد يبقى ليومين أو أكثر .

توقف فبريانو عند باب المسرح وهو يضم يديه لصدره يراقبها تتحرك كفراشة على المسرح، دماءه تغلي غضبًا وهو يرى ذلك المدرب يقف على المسرح ويدقق حركاتها، لكن لا بأس هو سيتحدث معها بــ.. وتوقفت افكار فبريانو وهو يلمح جسد شاب يظهر فجأة على المسرح يتحرك بخفة كبيرة صوب روبين، اعتدل في وقفته بعد تحفز جميع أعضائه وهو يراقب ما يحدث أمامه عينه بشر مخيف ......

________________________________________

كان يتحرك في ممرات المبنى المخصص لتلك المجلة التي تعمل بها لورا، يبتسم وهو ينظر حوله بهدوء شديد، يسأل كل من يقابله عن مكان مكتب لورا، حتى وصل إليه، ابتسم وهو يرى اسمها يقبع على لوحة تزين باب المكتب رفقة اسمين آخرين، ولم يكد يرفع يده ليطرق الباب حتى وصل لمسامعه صوت أنثوي مغري يهتف بسخرية :

" لِمَ لا توفرين كل مجهودك الذي تبذلينه في إحضار تلك الأخبار المملة وتعملي بوظيفة أخرى لورا ؟!"

" انظروا من يتحدث صاحبة الاخبار المسروقة، عزيزتي ماليكا هل تدركين مقدار سطحية اخبارك التي تسرقينها من غيرك!! أعني من يهتم بآخر صيحات الموضة ؟!"

ووصل لها الرد من ماليكا ساخرًا متهكمًا :

" جميع الفتيات عداكِ لورا، هذا إن اعتبرناكِ واحدة منهن، ثم هذه الأخبار السطحية كما تصفينها، هي تمهيد لخبر سيهز عالم الموضة في ايطاليا حينما اكشف وجه مافو للجميع "

رفع مايك حاجبيه بتعجب وهو يتحسس وجهه بسخرية قبل أن يرفع يده ويطرق الباب، سمع صوت رجولي يأتي من داخل الغرفة وهو يدعوه للدخول؛ لذلك تحرك صوب الداخل بسرعة وهو يبتسم بسمة صغيرة يلقي تحية عابرة على الجميع قبل أن يخص لورا بنظراته، لكن لورا انتفضت من مكانها فجأة تبصر ذلك المجنون، هنا في مقر عملها، تتساءل كيف توصل لها ؟!

تحرك مايك صوب مكتب لورا وهو يقف أمامه يقول بجدية وبسمة صغيرة :

" اتمنى ألا أكون قد قاطعت شيئًا مهمًا "

رمقته لورا بصدمة كبيرة وهو يجلس أمام مكتبها بكل برود يتجاهل جميع الأعين التي اتجهت له في الغرفة، يقول بوقاحة ينظر لتلك الواقفة ترمقه بشك وتعجب :

' اعتذر يا آنسة إن قاطعت حواركما الشيق، لكن هلّا تركتينا بمفردنا بعض الوقت ؟!"

فتحت ماليكا عينها بصدمة وهي تنظر حولها تبحث عن أحد آخر ربما يوجه له الحديث، لكن لم تجد؛ لذلك اعتدلت في وقفتها وهي تدنو منه تصيح بسخرية :

" ومن أنت يا سيد حتى تأمرني أن أخرج من المكتب ؟!"

تحرك موسى من خلف مكتبه وهو يرى نظرات ذلك الرجل لـ لورا، يتحرك صوب ماليكا يسحبها للخارج حتى يوقف تلك المجادلة الحمقاء وهو يردد بجدية :

" تعالي معي ماليكا احتاج للتحدث معك في أمر هام "

ولم يمنحها الفرصة للتحدث وهو يجذبها للخارج بقوة تاركًا لورا ورفيقها الغريب في المكتب وحدهما، بعدما خرجت الزميلة الثانية له قبل ساعات لتغطية أحد المؤتمرات، راقب مايك الباب بأعين ضيقة حتى استمع لصوت إغلاقه، ثم نظر لـ لورا ببسمة صغيرة وهو يقول :

" مرحبًا أيتها العربية الجميلة "

"كيف علمت بمكان عملي ؟!" 

كان أول ما صدر من لورا بمجرد بقائها وحدها في المكتب مع ذلك المجنون الذي يثير ريبتها طوال الوقت، لكن الرد وصل منه وهو يحاول الابتسام :

" لقد ...لقد، اه لقد حصلت عليه بسهولة فأنا عائلتي تعمل بالشرطة "

وكانت هذه أغبى حجة خرجت من فم مايك، لكنه رغم ذلك لم يزحزح بسمته عن فمه وهو يراقب ارتفاع حاجبها بسخرية مرددة :

" حقًا ؟! لكن حسب معلوماتي، أن عائلة فوستاريكي لا أحد منها شرطي، وأعمال العائلة الرئيسية تتمثل في الشركات والتجارة "

" هذا ما نود نحن إيصاله للجميع، لكن ما لا تعملينه يا صغيرة هو أن تلك الشركات ما هي سوى ستار لأعمال أخرى نخفيها عن الكل "

وكان دور لورا حتى تطرح سؤالها المتعجب :

" أي عمال أخرى ؟!" 

اقترب منها مايك ببطء وكأنه سيدلي بسر عالمي هامسًا بشكل مضحك :

"مخابرات "

" مخابرات ؟!"

" نعم، نحن نخفي خلف تلك الاوجه، شخصيات أخرى، فما ترينه امامك الآن سواء مايك أو مافو، لا يقارنون بالوجه الآخر لي " 

انكمشت ملامح لورا بتعجب وهي تبعد وجهها عنه مرددة بخفوت :

" أي وجه هذا ؟! "

وبنفس الهمس ردد مايك والجدية تطغى على نبرته : 

" وجهي الآخر "

صمت ثم أضاف وهو يشير لوجهه بجدية مضحكة :

" أكثر وسامة من هذا "

راقب مايك الصدمة التي علت وجه لورا فهي لم تتوقع إجابته تلك، لكنه لم يعطها الفرصة للتحدث وهو يردد ببسمة مغترة:

"بالطبع تشعرين بالصدمة وتتسائلين، كيف يمكن أن يكون هناك وجه أوسم من هذا؟! وفي الحقيقة أنتِ محقة لا يوجد "

" أنت يا رجل مجنون " 

ابتسم لها مايك ولم يجب على همستها، لكن وقبل أن يفتح فمه للحديث وجدها تقاطعه بعنف وهي تهمس من بين اسنانها المطبقة :

" ما الذي أحضرك لعملي يا سيد، ألم نتفق على أن تبتعد عني في مقابل ألا افشي سرك ؟!"

لوى مايك شفتيه وهو يقول بجدية :

' لا اعلم في الحقيقة عدت للتو من عمل بالخارج، وشعرت فجأة بالملل ولم أجد افضل منكِ لتبديد ذلك الملل "

رفعت لورا حاجبها بسخرية وهي تردد :

" وكيف تريدني أن ابدد لك ذلك الملل ؟! "

" تخرجين معي لتناول الطعام، أو ربما المثلجات أو"

قاطعته لورا وهي تشير لباب مكتبها :

" أخرج من هنا "

" هذه وقاحة منكِ يا فتاة "

لكن لورا لم تجبه سوى ببسمة ساخرة جانبية، وما لم تتوقعه هو أن مايك نهض من مكانه يتجه لها يقف أمامها، بشكل جعلها تتراجع للخلف بريبة، لكن هو لم يهتم بردة فعلها يقول ببسمة واسعة يسحب يدها بقوة حتى أصبحت تقف أمامه :

" هيا سنتناول المثلجات معًا، واعتبري الأمر تعارف ما قبل الزواج "

فتحت لورا فمها ببلاهة وهي تردد : 

" زواج ؟! "

لكن مايك كبت بسمته التي تجاهد لكي تتوسط وجهه، فكم يستمتع وهو يراقب ردات فعل تلك الفتاة، لكنه لم يهتم بصدمتها الواضحة وهو يجذب يدها للخارج يردد بكل جدية :

" أنتِ لا تريدين الزواج دون أن نكون على وفاق يا آنسة؛ لذلك تجهزي فلدينا العديد من المقابلات في الفترة القادمة ....."

_______________________________

كانت تتحرك في المطبخ بكل نشاط وهناك بسمة واسعة ترتسم على وجهها، والأصوات السعيدة تأتي لها من الخارج تبهج قلبها، فمنذ عودة الاحفاد في الخارج والجميع يجلس ويتسامر بكل مرح وحب، عدا ذلك الذي يلتصق بها وهو يحمل دفتره يرسم به كل ما تفعله، لكن هي لم تعترض، فقد أدركت أن العناد لن يأتي بنتيجة مع ذلك الوقح جايك .

بينما كان جايك يجلس على مقعد في منتصف المطبخ يراقب كل ما تفعله روز بدقة، وكأنها أصبحت شغله الشاغل، لم تعد أصابعه تتقن الرسم، إن لم تكن هي ضمن اللوحة، و اصبحت مخيلته تنفر أي فكرة إن لم تكن هي محورها، ابتسم وهو يشرد بعيدًا عن روز وعما تفعله ينغمس في رسمة قفزت فجأة لذهنه أثناء مراقبته لها .

__________________________

بينما في الخارج وفي الممر المؤدي للمطبخ كان يقف هو يضمها بقوة لصدره، يربت على رأسها بحنان شديد :

" لا بأس حبيبتي سأحضر لكِ كل ما تريدين لا تحزني ارجوكِ "

دفنت جولي رأسها في صدر مارتن تحاول كبت شهقاتها التي كانت على وشك الخروج، تشعر بالوجع ينخر قلبها، تتذكر كلمات فيور التي خرجت منها تلقائيًا في الخارج حينما ذكرت أمام الجميع أن زفافها قد اقترب، لتقول فيور ببسمة صغيرة وخجل بعدما دفعها ماركوس دفعًا لمشاركة الجميع الحديث :

" إذًا هل يمكنني الذهاب معكِ ورؤية فستان الزفاف ؟! "

كادت جولي تجيبها بالموافقة، وقد قررت أن تأخذها معها هي ومارتن أثناء شراء الفستان، لكن كلمة فيور التالية وأدت أي كلمة كانت على وشك الخروج :

' إن لم تمانع والدتك، أود المجئ ورؤية الفستان "

" والدتي ؟! "

كانت همسة صغيرة ضائعة خرجت من فم جولي بشكل غريب، تلك الكلمة الغريبة التي لم تجرب نطقها طوال سنوات عمرها الثلاثة والعشرين، حتى أنها نست أن هناك في هذه الحياة ما يُسمى ( أم) .

ازدادت شهقات جولي وهي تدفن نفسها أكثر في صدر مارتن الذي كان الوحيد المنتبه لما يدور في خلدها، ولملامح وجهها الذي شحب فجأة، ليسارع بجذبها بعيدًا عن الجميع حيث الممرات المؤدية للمرحاض والمطبخ يضمها بقوة يحاول ترميم الصدوع التي تستوطن قلبها، يشعر بالوجع لتلك النظرة التي رآها في عينها :

" اقسم أنني سافعل أي شيء لأجلك، سنذهب سويًا لانتقاء الفستان، وإحضار الحذاء والمجوهرات وكل شيء "

صمت وهو يقول بصوت خافت خرج بصعوبة من حلقه يجاهد غصة بكائه بسبب سماعه لنشيج بكائها هي :

" أنا جهزت قائمة بكل ما نحتاجه، حتى لا نغفل عن شيء، وايضًا لقد اوصيت بإحضار كحل عربي خصيصًا لأجل عينيكِ الغالية جميلتي، فقط أخبريني ما تريدين وستجدينه أمام عينيكِ جولي، لكن لا تبكي ارجوكِ، لا تحزني أنا هنا معكِ "

انفجرت جولي في البكاء أكثر وهي تشعر بقلبها يتضخم حبًا لذلك الرجل الحنون، تضم نفسها له أكثر وهي تكتم تأوهًا :

" لا اريد شيئًا مارتن، اقسم أنني لا أطلب سوى قربك "

" لا تحتاجين طلبه بنية العينين، فهذا الشيء تحديدًا حق مكتسب لكِ، و مصدر حياة لي"

في البهو حيث يجلس الجميع، كانت فيور تشعر بالخجل وهي تنظر للجميع من أسفل اهدابها، تشعر بالنظرات موجهه عليها؛ لذلك رفعت عينها فورًا لماركوس وهي تهمس له حيث كان يجلس جوارها :

" ماركوس، هل هناك شيء خاطئ بي ؟! "

استدار ماركوس لها بعدما كان يحدث ادم، يرمق وجهها بتلقائية قبل أن يبتسم لها بحنان يمسح بإصبعه قطعة من الكريمة التي علقت بفمها أثناء تناول كعك روز : 

" لا، لا شيء خاطئ بكِ "

اقتربت فيور منه في حركة تلقائية وكأنها طفلة تلتصق بوالدتها، حيث لا أحد تعرفه هنا سواه هو :

" اشعر أن جميع الأعين مسلطة علىّ "

لكن ماركوس لم يكن ينتبه لحديثها وهو يلاحظ التصاقها ذلك به، ويدها التي تستريح على ذراعه، ابتلع ريقه وهو ينظر حوله ليجد أن لا أحد ينتبه لها :

" لا أحد ينظر لكِ فيور، ربما هذا مجرد شعور فقط لأنكِ تشعرين بالغرابة، لكن لا بأس سوف تعتادين عليهم قريبًا "

" هل ...هل سأظل هنا طويلًا ؟!"

" هل مللتي رفقة العم ماركوس "

رفعت فيور عينها ترمق ماركوس بحنق، لينفجر هو في الضحك على ملامحها متجاهلًا الأعين الفضولية التي توجهت صوبه، مدّ يده يداعب خصلات شعرها وهو يردد بجدية :

" ستبقين هنا حتى أجد لكِ مكان آمن للعيش ووظيفة جيدة غير تلك التي تمتهنيها، إن اعتبرنا الأخرى وظيفة "

أنهى حديثه بنبرة حادة، جعلتها تبتعد عنه وهي تنظر جانبًا بحنق شديد تعلم إلى ما يرمي، لكنها لن تمنحه الفرصة للسخرية منها :

" لا تسخر من وظيفتي يا سـ"

ولم تكمل حديثها بسبب أصابع يد ماركوس التي علمت مكانها الطبيعي تمسك بأذنها في صرامة وغصب :

" أي وظيفة تلك أيتها الفاسدة ؟! تتجارين في الممنوعات وتقولين عنها وظيفة ؟! أيتها الوقحة "

كتمت فيور تأوه عالي كاد يفلت منها حتى لا تجذب انتباه الجميع لها، وهي تحاول ابعاد يده عنها تردد من بين اسنانها :

' توقف عن تلك الحركة، لقد كادت أذني تُقطع بين يديك "

" جيد، فلا فائدة منهما إن كنتِ لا تستمعين لحديثي "

" أنا أشعر أنك تعامل طفلة يا هذا، أخبرتك أنني ناضجة "

ابتسم لها ماركوس بسخرية وهو ينتبه لحركة ادم الذي اقترب منه وهو يقول بسرعة :

" حسنًا ماركوس عندما يعود مارتن أخبره أنني ذهبت لأجل شيء مهم، وعندما اعود سوف اذهب لاحدثه "

ولم ينتظر ادم رد من ماركوس وهو يندفع للخارج تحت أنظار الجميع المتعجبة، لكن ماركوس تحدث بنبرة هادئة يطمئن الجميع :

" هو فقط سيذهب لهايز ولن يتأخر "

ولم يدري ماركوس أن كذبته كانت حقيقة، حيث أن آدم ورد له مكالمة من هايز تخبره أنها تحتاج وجوده على وجه السرعة....

__________________________________

كانت تتحرك على المسرح بكل حرية كفراشة تتنقل بين الازهار، الوصف الأقرب لما تقوم به، وها هي عادت مرة أخرى لحياتها، عادت مجددًا لتمارين الرقص الخاصة بها .

ابتسمت روبين وهي تدور في حركتها المعهودة اتباعًا لحركات المدرب الذي يعتلي مقدمة المسرح ويشير لها بما يحب فعله، وها هم رفاقها يشاركونها الرقص، اتسعت بسمتها وهي تحيد بنظرها للمدرب تراقب حركات يده .

ابتسمت وهي تنتبه لحركة المدرب التالية والتي كان من المفترض بها أن تكون مع رفيقها في العرض، لذا دارت سريعًا في حركة رشيقة متقنة، وبعدها تحركت بخفة صوبه بغرض دفع جسدها له، وبدلًا من أن يلتقف رفيقها في العرض جسدها ويميل به قليلًا ثم يدور به في حركة مخطط لها، وجدت روبين وجهها يلتصق بالأرض في عنف شديد بعدما تنحي رفيقها جانبًا عن اتجاه حركتها فجأة تاركًا إياها تسقط بقوة .

تأوهت روبين وهي ترفع رأسها بعنف تجهز سبابًا لذلك الاحمق الذي.......توقفت عن التفكير وهي تراه يرفع يده عاليًا برعب وهو يرتعش بينما هناك مسدس يوجه على رأسه وبالطبع لم تكن في حاجة لتحريك عينها حتى تعلم من الذي يحمل المسدس .

" ماذا كنت ستفعل ؟؟؟"

هكذا تحدث فبريانو ببرود شديد وهو يجهز سلاحه للاطلاق على رأس الشاب غير عابئًا، بأنه في مكان عام، أو أنه من الممكن أن يُحاسب على تهديد أحدهم دون وجه حق.

ابتلع الشاب ريقه وهو يشير لروبين التي كانت تعتدل في وقفتها بتأوه يحدث فبريانو بانجليزية متوترة وهو ينظر للمسدس برعب شديد :

" أنا.... أنا.. أنا فقط كنت أقوم بالرقص و .."

قاطعه فبريانو ببرود مخيف :

" تبًا لك ولرقصتك إن تجرأت على لمسها اقسم أن ارقص على قبرك "

ابتلع الشاب ريقه وهو يتحدث برعب شديد، فذلك الذي أمامه لا يبدو أنه يمزح :

" روبين .....روبين الحقيني شوفي المجنون اللي أنتِ جايباه ده "

كان المدرب يقف أمام الجميع مع باقي الفريق وهم مرتعبين من ذلك المجرم الذي يهدد أحد أعضاء الفريق بكل وقاحة دون خوف .

مسحت روبين وجهها وهي تتجه لفبريانو تدفع بيده للاسفل وهي تقول من بين أسنانها :

" فبريانو هل جننت ؟؟؟ تهدده بالقتل ؟؟؟ أين تظن نفسك ؟؟؟"

" كان سيحملك بين ذراعيه "

" هذا لأنها رقصتنا و..."

صمتت فجأة وهي ترى عينه التي تحولت للاسود :

" فكري فقط أن يحملك، لقد تحملت رقصك بصعوبة ولن اتحمل أن يمسك شاب كهذا ويضمك له، وأقسم إن حدث سأقتـــلك واقتــله، وبعدها احر.ق المكان فوق رؤوس الجميع، أنا اتحمل بصعوبة ذلك التدريب المقيت لأجلك فقط "

كادت روبين تجيب لولا صوت المدرب الذي تدخل :

" روبين ايه المهزلة دي ؟؟؟ اتفضلي طلعي الاستاذ ده ......."

لم يكمل حديثه بسبب نظرة فبريانو الذي جعله يبتلع ريقه وهو يفكر أنه يفهم حديثه :

" منورنا يا استاذ والله "

ضربت روبين جبهتها بضيق وهي تسحب يد فبريانو للخارج بصعوبة بسبب التصاقه في المسرح وهو يرمق الشاب بشر :

" اتحرك...فضحتني، جايبة ابن اختي معايا ولا ايه، دائما جايبلي الكلام "

تحرك فبريانو معها بصعوبة شديدة وهو ما زال يرمي الشاب بنظرات مخيفة يشير له بسلاحه مهددًا إياه ثم أشار على عينه بعلامة تعني ( أنا اراقبك)...

" الويل لكم إن لمحت رجل في محيطها، سأذيقه من العذاب الوانًا، ثم بعدها ارقص على جــثثكم "

أنهى حديثه وهو يتحرك خلف روبين بينما عينه مازالت ترمق الجميع بنظرة مخيفة وبحق، والكل يفكر في شيء واحد، كيف تتحمل روبين ذلك المخيف ؟؟؟؟؟؟؟

كانت روبين تدفعه للخارج وصوته الغاضب يصل للجميع في المسرح :

" اصل ده اللي ناقص، يبقى شباب المسرح وشباب الحارة، ايه همشي اقتل في شباب مصر كلها "

كانت روبين تدفعه وهي تنظر خلفها برعب أن يسمعه أحد ويظنه مجرمًا، تحاول اسكاته، لكن فبريانو أخذ يردد بغضب شديد :

" وهذه لولو لم تخبرني بشأن رجال المسرح، اقسم سوف اريها الويل، وأنتِ يا آنسة لم تخبريني أن هناك رجال هنا، بل ويرقصون معكِ بكل وقاحة"

صمت ثم قال وهو يشير للداخل يهمس
تعليقات



×