رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس 6 بقلم رحمة نبيل


  رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس بقلم رحمة نبيل 


”ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإنّ الناس مجبولون على الزلات والأخطاء، فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب“

-ابن الجوزي


صلوا على نبي الرحمة .....


___________________


" اعزائي الركاب شكرًا لكم للسفر على الخطوط المصرية ونتمنى لكم رحلة سعيدة في مصر "


كان صوت المضيفة يصدح في أرجاء المطار، وما بين عناقات وصيحات شوق، كانت تتحرك هي بكل خفة متجاهلة تلك النظرات التي تحركت صوبها بانبهار، تسير وخلفها بعض رجالها، وهناك بسمة ماكرة ترتسم على فمها ترفع نظارتها على شعرها تخطو خارج المطار تنظر في المكان حولها، حتى وجدت سيارة تتوقف أمامها ويخرج منها السائق يفتح لها الباب باحترام شديد :


" اتمنى ألا أكون قد تأخرت عليكِ سيدتي ؟؟"


لم تهتم له وهي تبتسم بسمة صغيرة تصعد للسيارة، ويصعد جوارها شاب يماثلها في العمر يستقر في مكانه، ثم أخرج جهاز لوحي متوسط الحجم من الحقيبة التي كان يحملها على ظهره يقول بجدية :


" أخبرت رجالنا في مصر، وقد بدأوا البحث عنه آنسة واتسون "


ابتسمت الآنسة واتسون، وهي تنظر نظرة سريعة لقدمها التي من المفترض أنها أصيبت بها منذ أيام في منزل انطونيو الصيفي، لكن كل ما حصلت عليه هو جرح طفيف تغطيه بلاصقة طبية، بعدما نجحت تجربتها الأولى لما يسمى بـ ( جلد مقاوم للرصاص المصنوع من حرير العنكبوت وخلايا الإنسان )، لم تكن تصدق أن الأمر حقيقي، لكن ها هي التجربة قد نجحت وبامتياز .


" اريد معرفة كل شيء عنه، وسبب وجوده في مصر، ومع من أتى، كل شيء "


أنهت كلماتها تتحسس موضع الجرح في قدمها تهتف بشر :


" لدي حساب مع آل فوستاريكي علينا أن ننهيه، ولا أجد افضل منه لتصفية جميع حساباتي معه من بين كل أحفاد اليخاندرو فوستاريكي"


أنهت حديثها وهي تنظر للنافذة بشرود، تهتف في نفسها بخبث وترقب :


" ها نحن مجددًا يا فابري "


___________________________


ليلة هادئة كأي ليلة مرت عليها، تجلس على سطح منزل جدتها تراقب القمر والنجوم كما اعتادت الفعل في طفولتها أثناء زيارة الجدة لولو، نفس الشعور بالاسترخاء والراحة، لكن هذه المرة تختلف، تختلف أنه يجلس جوارها يحدثها بكل انطلاق بعيدًا عن صمته المعتاد، يحدثها ببسمة صغيرة يحاول بها إيصال القليل مما يضمر لها من مشاعر، وفي الخلف تجلس جدتها رفقة جارتهم الجدة سوسو، يتسامرون ويتضاحكون .


" السماء تبدو جميلة وصافية "


" نعم كثيرًا، لكن الجو بارد بعض الشيء "


استدار فبريانو بعض الشيء يخرج شيء من حقيبته التي اتى بها وأحضر بها كل ما يحب هو وروبين، ثواني ووجدت روبين علبة كبيرة من المثلجات توضع في الفاصل بينها هي وفبريانو، وفبريانو يمد لها يده بملعقة بلاستيكية، يقول ببسمة صغيرة :


" هذه لتدفئنا "


ابتسمت روبين وهي ترفع عينها تنظر لخاصته، قبل أن تأخذ من بين أصابعه الملعقة وهي تلتقط بها بعض المثلجات، وهناك بسمة واسعة ترتسم على فمها، تتذكر ذلك اليوم أمام المشفى حينما جاء لزيارتها ودفع مقعدها للخارج وهي تصرخ فيه، ثم بمجرد خروجها حتى انفجرت في البكاء تشكي له من مدحت وزواجها منه، ضحكت روبين بقوة وهي تتذكر ما فعله معها وهو يخلع سترته مستعرضًا عضلاته ليريها كم هو وسيم .


انتبه فبريانو لضحكات روبين وهو يتناول بعض المثلجات يشير لها بعينه يسألها عما يضحكها، لكن كل ما فعلته هو أنها ازدادت في الضحك أكثر وأكثر تهز رأسها بلا شيء .


تعجب فبريانو من ضحكاتها :


" ما الذي يضحكك بهذا الشكل ؟؟"


" لا شيء فقط تذكرت المرة السابقة حينما أخبرتك أنني أشعر بالبرد واحضرت لي المثلجات "


صمتت ثم قالت بضحكة عالية :


" وقتها لما قلعت الجاكت، فكرتك بقى هتعمل جنتل مان وتديه ليا، لكن فجأة لقيتك مخرجلي علبة ايس كريم وبتعرض عليا أبحاثك عن طرق التدفئة بالايس كريم "


أنهت حديثها وهي تزداد في الضحكات مغمضة عينها تضع يدها أمام فمها بسبب المثلجات التي تناولتها قبل أن تنخرط في موجة الضحك تلك، لكن توقفت فجأة عن الضحك وهي تستشعر شيء دافئ يغمرها، شيء يضمها كما لو أنه عناق حنون .


رفعت عينها بتعجب لتجد أن سترة فبريانو تستقر بكل راحة على كتفيها، فتحت فمها بعدم فهم وهي تتحسس السترة، ثم رمقت فبريانو بتساءل، ليمنحها فبريانو بسمة عاشقة وهو يهمس لها :


" المرة السابقة ما كنت لامنحك سترتي لأنكِ كنتِ روبين فقط، لكن الآن أنتِ ارنبي الوردي الذي أخشى عليه مجرد خدش صغير "


شعرت روبين بقلبها يهدر بقوة رغبة في الخروج وضم ذلك الذي يرمقها بنظرات حركت كل مشاعرها التي تكنها تجاهه .


" لكن أنت كده هتبرد و.."


ضحك فبريانو ضحكة قصيرة وهو يمد يده مداعبًا شعر روبين يقول بعدم اهتمام :


" صدقيني سيكون هذا اقل ما تعرضت له "


لم تفهم روبين حديثه، لكن لمحة خفيفة ليد فبريانو التي تحركت بلا شعور لخصره المصاب جعلت روبين تشهق مبتعدة للخلف حتى تنظر جيدًا، ولم تدرك روبين بعودتها تلك أنها كادت تسقط من الجزء العلوي للسطح حيث يجلسون وتتأذى، لكن يد فبريانو كانت الاسرع وهو يصرخ باسمها مرتعبًا .


كانت روبين لا تهتم لأنها كادت للتو تسقط بعنف للاسف، وكل ما اهتمت به هو جرحه :


" أنت مصاب ؟!"


لكن فبريانو لم يستمع لها وهو يصرخ في وجهها معنفًا :


" ما بكِ روبين كدتِ تسقطين "


" أزاي حصلك كده ؟!"


" لا شيء، ولا تهتمي كثيرًا مجرد جرح صغير "


نهضت روبين بسرعة وهي تهتف بشكل اثار انتباه جدتها ومن معها :


" جرح صغير ايه ؟! مين اللي عورك كده ؟؟"


ابتسم فبريانو بسمة جانبية من ألفاظها الغريبة تلك :


" عورني ؟! أنا كنت في حضانة واتخانقت ولا ايه ؟!"


أمسكت روبين يد فبريانو وهي تجذبه بكل ما تملك من قوة :


" قوم، قوم عشان نعالج الجرح "


" هل أنتِ طبيبة ؟!" 


توقفت روبين عن جذبه بيأس وهي تقول مشيرة له بتحذير :


" لا هنروح الصيدلية اللي على اول الشارع، ومش هسمح برفض "


_________________________________________


كان ما يزال جاكيري يراقص توفيق على المركبة بينما رفقة تقف على بداية المركبة وهي تصور كل ذلك بصعوبة من بين ضحكاتها، بينما جاكيري نفذ ما خطط له وها هو يرقص على الاغاني الشعبية " المهرجانات "، و للحق هو بدد تلك الصورة السيئة التي اعتادت رفقة رؤيتها على هذا النوع من الموسيقى، فجاكيري كان يتعامل معها على أنها اغاني إنجليزية يحرك جسده عليه بمرونة، جعلت توفيق يقف جوارها وهو يحاول تقليده .


وهكذا انقضت الليلة ما بين ضحكات وحديث طويل، ورقصات، ونظرات عاشقة من جهة جاكيري لرفقة، يحاول بثها القليل، القليل فقط مما يحمله تجاهها .


قاد جاكيري السيارة بهدوء للمنزل بعدما انتهت واخيرًا سهرته المميزة مع " رفكة " خاصته، يرمقها كل ثانية بحب، يحاول رؤية إن كان ما فعل اعجبها ام لا، وأتى له الجواب من رفقة وهي تهمس له بحب وامتنان :


" اليوم كانت المرة الأولى التي أشعر بها بهذا الكم من السعادة بعد سنوات طويلة، شعرت كما لو أن الزمن عاد بي للخلف حيث والديّ و ..."


توقفت رفقة عن الحديث وهي تشعر بغصة استحكمت حلقها، لترفع يدها تكتم فمها، لا تريد البكاء الآن وإفساد فرحة جاكيري بما أعده لها :


" أنا آسفة حقًا، فقط تذكرت حياتي قديمًا قبل كل ذلك "


صمتت وهي تلاحظ نظرات جاكيري صوبها لتكمل وهي تمسح عينها :


" لكنني في داخلي اشكر تلك الظروف التي دفعت بك لحياتي جاكيري، أنا أحبك "


أنهت حديثها بعيون مازالت تلتمع بالدموع، بينما جاكيري أوقف السيارة أمام المنزل ينظر لها ثم قال بعد صمت قصير :


" هل تريدين البكاء أكثر ؟! يمكنني البقاء هنا والاستماع إليكِ إن اردتِ" 


ابتسمت رفقة على حنانه، وتصرفاته التي تجعلها تود البكاء من لطفها، ببطء شديد اقتربت من جاكيري وامسكت يده ثم ضمتها له :


" لا، لا اريد البكاء طالما أنت جواري جاكيري "


ابتسم جاكيري وهو يرفع يدها مقبلًا إياها بحنان، قبل أن ينظر للخلف يرى أن توفيق قد سقط في النوم منذ خروجها من المركبة، ضحك بخفوت وهو يهبط يشير لرفقة أن تهبط، ثم اتجه للاريكة الخلفية يساعد توفيق في السير، يتحرك به وهو يسنده خلف رفقة التي فتحت الباب وانتظرت حتى دخل الاثنين، ولم يكد أحدهم يخطو خطوة أخرى حتى صدح صوت يوقفهم في مكانهم :


" أين كنتم ؟!"


رفع جاكيري نظره لاسكندر وهو يتحرك بتوفيق حتى الأريكة يريحه عليها، ثم اعتدل في وقفته يخفي رفقة خلفه :


" لقد كنا في الخارج لـ "


" ومن سمح لك بالخروج مع اختي ودون اذني ؟!"


تدخلت رفقة بسرعة تحاول أن تتحدث قبل أن يسيطر غضب اسكندر عليه :


" أنا قولت لسيلين تقولك يا اسكندر وكمان اخدت معانا عمي توفيق عشان منكنش لوحدنا "


ابتسم اسكندر بسخرية على حديث أخته يستمع لصوت ضربات عكاز تقترب منهم، تنبأ عن وصول تلك العجوز :


" بجد ؟! كتر خيرك والله "


لم يرق لجاكيري تلك النبرة التي يتحدث بها اسكندر مع رفقة؛ لذلك تقدم وهو يقف أمامها مجددًا قائلًا بجدية :


" أنا لا افهم سبب غضبك، لقد كانت رفكة متوترة وحزينة منذ اتينا واردت أن أخفف عنها قليلًا، وصدقني لم اتجاوز حدي معها، وحتى تصبح زوجتي ثق أنني لن اااا"


ولم يكمل جملته بسبب القنبلة التي ألقاها اسكندر على رأسه :


" ومن قال أنني اقبل بك زوجًا لأختي ؟!"


_______________________________


تجلس في غرفتها وهي تحدق في السقف، بينما دموعها تتدحرج على جانبي وجهها، تشعر بالاختناق، تشعر الحزن، هكذا بلا أي مقدمات، فقط تشعر أنها تريد الوقوف على جبل شاهق والصراخ بكل ما تملك بقوة، علها وقتها تخرج ما بداخلها من أحزان، علها تتمكن من العيش بسلام دون ذلك الشعور الذي يؤرق ايامها، علها تتمكن من الابتسام دون أن تكبت حزنها خلف تلك الابتسامة، علها تضحك من قلبها، ضحكة حقيقة غير تلك الزائفة .


سقطت دموع لورا وهي تنهض تحضر علبة دوائها تضع واحدة في فمها سريعًا قبل الدخول في حالتها البائسة مرة أخرى، تحاول التنفس بشكل طبيعي، تحمل هاتف والدتها في يدها وقد قررت أن تأخذه منها اليوم حتى تستعيد خاصتها، أجرت اتصالًا هاتفيًا تنتظر الرد بلهفة حتى تحدثت بسرعة :


" مرحبًا دكتور هذه أنا لورا، نعم نعم أنا بخير، لكن فقط كنت اود زيارتك في عيادتك إن كنت متفرغًا، لا لا تقلق أنا فقط أود أن احدثك بشأن الأدوية التي اتناولها "


صمتت لورا وهي تحاول كبت دموعها من حديث الطبيب لها على الجانب الآخر :


" لا اعلم، أنها فقط لا تُأتي نتيجة معي، مازلت أعاني ذلك الاضطراب الذي يجعلني لا استطيع العيش بسلام، اشعر بقرب انهياري، لا استطيع التنفس دون البكاء دكتور، فقط اريد الراحة من كل ذلك ارجوك "


أنهت حديثها بشهقة قبل أن تنتفض ماسحة دموعها وهي ترى والدتها تقتحم غرفتها منادية إياها :


" حسنًا دكتور سأحدثك لاحقًا لأخذ ميعاد، شكرًا لك "


تقدمت والدة لورا منها وهي تقول بتعجب :


" أي دكتور هذا لورا ؟! هل مازلتِ تتواصلين مع الطبيب النفسي ؟! "


" أنا...أنا فقط كنت، لقد شعرت بحاجتي لـ "


توقفت لورا عن الحديث وهي ترى نظرات الاستنكار على وجه والدتها التي بدأت تلقي لها حديثها المعروف عن كم هي شخص واهم، مدلل :


" أنتِ يا فتاة ما الذي تفعلينه بنفسك ؟! أنتِ مريضة بالوهم، لا اعلم ما الذي ينقصك في حياتك حتى تقومين بكل تلك الأفعال ؟!"


" أي أفعال امي أنا أشعر بالاختناق و..."


" أنتِ واهمة لورا، تدعين اوهامك تسيطر عليكِ، افيقي يا فتاة أنتِ لا تعانين شيء، أنتِ فتاة مدللة فقط، كلما شعرتِ بسوء مزاجك سارعتِ للذهاب إلى طبيب نفسي "


بكت لورا وهي تحاول الشرح من بين شهقاتها :


" امي أنا لستُ مدللة أنا أعاني اضطرابات نفسية، واكتئاب حاد كاد يودي بحياتي مئات المرات و الطبيب أخبرني أنني..."


" أنكِ ماذا لورا ؟! هذا الطبيب الاحمق لا يفقه شيئًا، لقد سئمت منكِ ومن تصرفاتك، عندما يعود والدك من سفره سوف أخبره بأمرك "


أنهت والدتها حديثها وهي تخرج من الغرفة ضاربة الباب خلفها تاركة لورا ترمق أثرها بصدمة ودموعها تهبط بعنف على خدها، تفكر هل والدتها محقة؟! هل هي فقط مجرد مدللة تحاول اقناع نفسها بأنها تتألم داخليًا ؟! هل هي واهمة حقًا وطبيبها أساء تقدير حالتها ؟! 


________________________________


خرجت روز من المرحاض وهي تجفف شعرها تستشعر بروده الأجواء حولها؛ لذلك تحركت صوب النافذة بسرعة لتغلقها، لكن في طريقها للنافذة توقفت فجأة ترى تلك الورقة التي تتعلق على مرآتها .


ضيقت روز حاجبيها بصدمة وهي تقترب خطوات صغيرة تستوضح تلك الورقة التي تحتوي رسومات كرتونية تعرف جيدًا صاحبها، حيث كانت الورقة مرسوم عليها عدة رسومات وكل رسمة أسفلها سهم يشير للرسمة التي تليها، وكأنه يخبرها خطوات شيء ما، وكانت الرسمة كالتالي .


في الجزء الاول تقف رسمة تشبهها هي وجوارها بعض الرجال، ثم سهم يشير لرسمة أخرى تشبه الاولى لكن مع اختلاف وهو أن الرجال أصبحوا اقرب لها وتقلصت المسافة بينهما، ثم سهم يشير لرسمة ثالثة عبارة عن عدة جثث مضجرة في الدماء وإمامهم يقف شخص طويل البنية خمنت أنه جايك يحمل مسدسًا، وفي النهاية جملة صغيرة تقبع أعلى توقيع جايك ( اتمنى أن تكون الرسالة قد توضحت ) .


نزعت روز الرسمة بعنف من المرآة وهي تعض على شفتيها بغضب من ذلك الاحمق تتذكر عندما لحق بها للمطبخ، ثم توقف أمامها يقطع الطريق عليها حاملًا دفتره يردد :


" ذلك الفتى الاصهب في الخارج، اقسم إن جعلتيه يتحدث بكل أريحية كما فعل لاجعلن سائر جسده كـ لون شعره "


فتحت روز فمها بصدمة من تهديده الغبي، ثم أبصرت الدفتر يقبع في يده وعليه الرسمة التي أراها إياها في الخارج، حيث كان يراقصها اعلى جثة صديقها، جزت على اسنانها وهي تشير للدفتر بمعنى ( ما هذا ؟!) 


رفع جايك الدفتر أمام عينها مشيرًا إليه ببسمة صغيرة مستفزة :


" هذا مستقبله إن استمريتِ في الحديث معه بهذا الشكل "


ابتسمت روز بسمة ساخرة ولم تكد تتحدث حتى وجدته يشير لما تحمل :


" لمن هذه الحلوى ؟!"


ابتسمت روز بسمة مستفزة ولم تعطيه أي إشارة عن صاحب الحلوى وكأنها تخبره خمن انت، وكذلك فعل بكل صدر رحب وهو يقول مضيقًا عينيه :


" هذا للاصهب؟!"


ورغم أنه كان لمارسيلو، لكن جايك لم ينتبه لمارسيلو عندما طلب من روز المزيد من الحلوى، وروز لم تعطيه أي إشارة إلا أن حديثه بشأن صاحب الحلوى خطأ، أو أنه ليس لصديقها، كل ما فعلته هو أنها ابتسمت بسخرية وهي تتخطاه للخارج تتحداه أن يفعل شيء .


وكأنه هكذا سيتوقف، ابتسم جايك بسمة صغيرة وهو يستدير جاذبًا يد روز حيث جعلها تلف في نصف دائرة، ثم مد يده وأخذ قطعة كيك من الطبق يتناولها بنهم شديد، وقبل أن تستوعب روز ما يفعل، كان جايك ينقض على كل ما في الطبق، ثم بعدها تركها وهو يبتسم بظفر، وبعدها ذهب صوب الثلاجة واخذ منها كل ما فيها من الحلوى التي أعدتها روز وخرج من المطبخ بكل هدوء وكأنه لم يفعل شيء، لكنه قبل أن يخرج لم ينس أن يلوح برسمته لها يخبرها من بين مضغاته :


" جربي وسترين مهاراتي في تجسيد رسوماتي زهرتي "


أفاقت روز بفزع على طرق الباب الخاص بها، لترى أنها ما تزال تقف أمام المرآة تضغط على الورقة، ابتلعت ريقها وهي ترفع عينها ببطء صوب الباب تتخيل أنه جايك مجددًا، لكن خاب ظنها وهي ترى جولي تدخل للغرفة ساحبة خلفها روما وهي تقول بضيق :


" هيا تعالي يا حمقاء، أيتها الغبية تتركينه يخونك هكذا وأمام عينيكِ، بدلًا من القفز وإخراج احشاء تلك الفتاة ؟!"


_______________________________


كانت يد آدم مازالت معلقة في الهواء بعد سماعه لتلك الكلمة التي يخشاها وكأنها وحش يطارده، يخشاها ويخشى ما تخلفه خلفها من دمار لمن قالها ومن تلقاها، ابتلع ريقه وهو يشعر بهايز تشدد من يدها على خصره ترددها مجددًا وكأن مرتها الاولى لم تكن كافية :


" أحبك ادم، وحبك ارهقني "


أنهت روز كلمتها وهي تبكي، تريد أن تتخلص من الأمر، أن تعلم رده، حتى تقرر خطوتها التالية، فهي تعبت من المحاولة، ارهقها التجاهل، انتظرت هايز طويلًا ولم يصل لها من آدم رد سوا يده التي ضمتها بتردد، قبل أن يشدد من ضمها إليه وهو يهمس بصوت مثخن بالجراح، يرى أمام عينه صور لوالده بعدما عانى لموت والدته، يتذكر حديث أصدقاءه حول وجع الحب، كل ذلك يطارده بقوة، حاول فتح فمه للتحدث، لكن كل ما خرج منه هو همسة صغيرة :


" أنا آسف هايز، أنا آسف"


تهدل كتف هايز وهي تستمع لكلمته تفتح عينها بصدمة وقد أخذت دموعها تزداد دون شعور، ابتعدت عنه ببطء من بين ذراعيه وهي ترمقه بنظرة كانت أشبه بسوط جلده دون رحمة، ابتسمت هايز بسمة مرتجفة وهي تمسح دموعها بايدي مرتعشة تردد بصوت خرج مهزوز :


" لا بأس آدم لا تعتذر، أنا فقط ...."


صمتت وهي تحاول كتم شهقتها تعطيه ظهرها مخفية وجهها بين يديها، قبل أن تشعر بجسد ادم يضمها من الخلف وهو يدفن وجهه في ظهرها هامسًا بحزن وخفوت :


" أنا خائف هايز، أخشى أن أتألم كما حدث مع والدي، كنت أراه يوميًا يصارع نفسه، أراه يحارب لاقتناص أبتسامة صغيرة يخبرنا بها أنه بخير "


اغمضت هايز عينها بقوة وهي تحاول ابعاد يده عنها :


" أنت لست مضطرًا للتبرير آدم، لا تقلق أنا لن اموت وجعًا لفراقك "


" لكنني سأفعل هايز"


لم تفهم حديثه ليخرج لها صوته متحشرجًا كأنه يكتم غصة تصارع للخروج :


" أنا في الأساس أعاني كل يوم وانا اتخيل ابتعادك عني، اصارع كل يوم لمحاولة كبت مشاعري، لكنني تعبت، ساعديني ارجوكِ لا اريد الشعور هكذا، اريد الابتعاد ولا اقوى على الفراق، اخاف الحب ولا استطيع التجاهل هايز، أنا أعاني "


استدارت هايز ببطء ثم دفنت وجهها في صدر آدم وهي تضمه بقوة باكية، بينما هو ضمها بقوة يحاول ايقاف ارتجاف قلبه الذي شعر به يكاد يتوقف خوفًا عند اشارتها للرحيل، ليس بعدما عادت مجددًا لحياته، ليس بعدما اخترقت حصونه وتركته عاريًا معرضًا لأي هجوم، ليس بعدما شعر بكل ذلك تخبره أنها سترحل بكل بساطة .


" لا تتركيني اعزلًا في حربٍ ليست عادلة ضد خوفي هايز، كوني معي وجواري، ساعديني لاخرج من كل ذلك "


________________________________


" إذًا هو لم يخنك ؟!"


" نعم لم يفعل "


حكت جولي أنفها بعدم فهم، فهي منذ ساعة تقريبًا تجلس أمام روما تستمع لحديثها ولم تفهم حتى الآن أين المشكلة :


" وطالما أنكِ تدركين ذلك، لِمَ عدتم وما سبب هذا الشجار ؟!"


نظرت لها روما ثواني ثم قالت بكل جدية :


" هو لم يتفهم غيرتي عليه جولي، أنا في البداية قلت ما قلت بسبب غيرتي، لكن عندما هدأت أدركت جيدًا أن انطونيو لا يخون، لن يفعل "


ضربت جولي كف بكف في حنق شديد، قبل أن تنهض بنصفها العلوي لكي تصل لروما، ثم ودون سابق إنذار كانت تصفعها على رأسها بخفة وهي تقول :


" إذن كل ذلك لأن السيدة روما تغار؟! الوقح زوجك كاد يهدم القصر فوق رؤوسنا بسبب غيرة ؟! لقد كاد يأكل ماركوس المسكين في الاسفل حينما فكر في سؤاله عما يحدث "


ضمت روما يديها لصدرها وهي تقول بقوة دون أن تحيد عن رأيها السابق :


" عليه أن يتفهم جيدًا أنني اغار عليه كما يفعل، وأنني ارفض اقتراب أي انثى منه حتى لو بشكل عرضي، وأنني اعتبر ذلك خيانة، وابتعادي عنه الآن فقط ليعلم أنني لن اتهاون في الأمر "


ابتسمت جولي بانبهار من تلك الخطبة التي القتها روما؛ لذلك قالت بإصرار :


" يبدو هذا ممتعًا، سوف اقوم به مع مارتن "


نظرت لها روما بشك :


" هل خانك مارتن أيضًا ؟!"


" لا، لكنني سأحاول إقناعه لفعل ذلك، وتجربة ما تقولين "


ابتسمت روما بسخرية ثم نظرت لروز التي كانت صامتة وهي تراقب الاثنتين بتهكم :


" ما بكِ روز لم تسمعينا صوتك منذ بداية الحديث، هل ستكملين في تمثيلك هذا أمامنا ؟! نحن نعلم ما حدث "


ابتسمت روز بسمة جانبية وهي تقول باستنكار :


" حديثي لن ينال أعجابك روما "


" اريد سماعه "


اعتدلت روز وهي تقول بكل جدية تشير لجولي بالإستماع أيضًا :


" اسمعي روما كثرة العناد سيء، ما تقولينه جيد، لكن بدلًا من إشعال معركة بينك وبين انطونيو، لِمَ لا تتحدثين معه بهدوء حول ما تودين إيصاله له؟! وخاصة أن انطونيو ليس من ذلك النوع الذي يتحمل كثيرًا كعزيزنا مارتن الذي اوجع رأسه بارتباطه بجولي "


" هيييه هذا جارح "


هكذا عبرت جولي عن سخطها من حديث روز، لكن صمت روما أثار انتباهها :


" لا تتعبي رأسك روما، فقط تطلقي منه، من يتحمل العيش مع ذلك القبيح على أية حال ؟! "


وبمجرد انتهاء حديثها حتى تلقت صفعة على رقبتها من روز وهي تقول بتذمر:


" أنتِ أيتها الحمقاء اصمتِ، لا تستمتعي لها روما، هذه جولي ولا أحد يستمع لجولي"


نهضت جولي من على فراش روز وهي تقول بتذمر :


" حقًا؟! الآن أصبحت جولي حمقاء، حسنًا إذن لنرى ما يمكنها الحمقاء فعله، سوف اذهب وأخير جايك أنكِ تتحدثين ايتها المخادعة "


وما كادت جولي تتحرك خطوة حتى هجمت عليها روز وهي تجذبها بعنف لتسقطا على الفراش وتبدأ المعركة بينهما، بينما روما رمقت كلًا منهما بسخرية وهي تتحرك خارج الغرفة تتجاهل صرخات جولي تحت يد روز :


" سأفضحك أيتها المخادعة واخبرك ذلك الرسام أنكِ تتحدثين وتخفين الأمر عليه حتى تخدعيه، وأنكِ غارقة في حبه حتى اذنيكِ "


تحركت روما للاسفل تبحث بعينها عن انطونيو وقد فكرت جيدًا فيما ستفعل، لكنها لم تجده؛ لذلك تحركت صوب المكتب وعند اقترابها منه سمعت صوت انطونيو الهادئ البارد يصدح بكل هيبة خطفت قلبها :


" حسنًا في الغد سأتواصل مع فبريانو وأخبره أن يأتي مع جاكيري، وبحلول المساء نكون انتهينا من اول خطوة في الخطة، الجميع سيأتي للمهمة "


ابتسمت روما وهي تطرق الباب بهدوء لتسمع صوت اليخاندرو يصدح :


" ادخل "


فتحت روما الباب وهي تتحرك لداخل المكتب تشعر بنظرات انطونيو متعلقة بها، تقف أمام المكتب وهي تتجاهل انطونيو الذي كان لا يرفع عينه من عليها :


" مرحبًا سيد اليخاندرو، اتمنى ألا أكون قد ازعجتكم ؟!"


" ناديني جدي كما تفعل جولي "


وعلى ذكر جولي ارتسمت بسمة عاشقة على فم ذلك الذي كان يحمل كعادته حاسوبه يستمع باهتمام لما يحدث .


ابتسمت روما لاليخاندرو ثم أشارت لانطونيو الذي رفع حاجبه بتعجب


" كنت أتساءل، هل يمكنني استعارة انطونيو منك لبعض الوقت أم لا؟! فهو لم يتناول طعامه منذ الصباح "


رمقها انطونيو بنظرات تظهر الجميع باردة، لكنها تخفي خلفها لهفة وعشق كموج يضرب صخور قلبه، سمع انطونيو ضحكات جده الخافته :


" نعم عزيزتي لا بأس، نحن انتهينا على أية حال، هيا انطونيو انهض مع زوجتك، وانتم جميعًا اذهبوا حيث تريدون "


ابتسمت روما بامتنان لاليخاندرو، ثم تحركت صوب انطونيو تتوقف أمامه تمد يدها له، في شكل ظهر كما لو أنها ستعينه على النهوض، لكنها كانت دعوة للصلح في باطنها، رفع انطونيو نظره لروما ومازال البرود يغطي نظراته، لكنه رغم ذلك نهض وهو يتجاهل يدها مما جعل روما تنظر ارضًا باحراج، وكادت تتحرك لولا يد انطونيو التي ضمت كتفها له وهو يبتسم لها بسمة عاشقة، ثم تحرك بها للخارج .


ابتسم مايك وهو ينظر للجميع مرددًا :


" جيد أنها تصالحا، لستُ متأكدًا، لكن أعتقد أن أحدًا ما حسدهما "


علق آدم الذي كان قد عاد قبل بدأ الاجتماع بدقائق قصيرة بعدما أعاد عايز وايان للمنزل وتأكد أنهما بخير :


" نعم تُرى من ذلك الشخص ؟!"


اجابه مايك بجدية :


" لا ادري، لكن أيًا كان عسى أن يبعد عينه عنهما "


ضحك مارتن بصخب على حديث مايك وهو يخرج من الغرفة، بينما الجد ابتسم بسخرية وهو يردد :


" نعم يا مايك عسى أن يفعل "


____________________________ 


" ومن قال أنني اقبل بك زوجًا لأختي ؟!"


" في الحقيقة أنا لا انتظر موافقتك يا سيد، فاختك ستصبح زوجتي بمجرد انتهاء تلك القضية اللعينة وإلا اقسم أنك لن تراها بقية عمرك "


اشتعلت النظرات والاجواء أكثر في البهو الذي يتوسط منزل جاكيري بعدما احتد النقاش بينه وبين اسكندر، بينما رفقة كانت تقف بينهما مرتعبة تحاول تهدئة الأوضاع، وسيلين تجلس على الأريكة تمسك عكازها وهي تردد بحنق أن الجميع لا يحترم وجودها .


تحدثت رفقة وهي تبعد أخاها قليلًا عن جاكيري :


" اخي اهدأ فقط أنه لا يقصد ذلك الذي فهمته للتو هو فـ "


اشتعلت نظرات اسكندر أكثر بسبب دفاع أخته عن ذلك الغريب، ليجذبها بقوة صوبه وهو ينظر بعينها يقول بجدية كبيرة يتجاهل جاكيري الذي ينظر له بشكل مرعب :


" اسمعي رفقة سوف آخذك ونرحل من هنا، سوف نهرب أنا وأنتِ حسنًا اتركيه وتعالي معي "


شهقت رفقة بعنف وهي تشعر بأنفاس جاكيري العالية في الخلف وكأنه كان في سباق منذ ثواني، يرفض حتى مجرد التفكير في احتمال تركها له .


" ها يا رفقة ايه رأيك؟! أنا مجهز كل حاجة، تيجي معايا ؟!" 


كانت رفقة تنظر لأخيها بصدمة تفتح فمها تحاول الحديث بأي شيء، أي شيء، لكن شجاعتها في تلك اللحظة خانتها، تشعر بنظرات جاكيري تكاد تخترق ظهرها في انتظار ردها .


رفع اسكندر عينه بقوة لجاكيري وهو يقول بتحدي بلغة جاكيري حتى تصل له رسالته واضحة :


" اختاري رفقة أنا أو هو ؟!" 


" توقف عن هذا، لا تجبرها على الاختيار بيننا "


وكان هذا صوت جاكيري الغاضب الذي هز اركان المنزل كله، غاضب وبشدة، لا يعلم إن كان بسبب شفقته عليها أن تُوضع في هكذا اختيار بينه وبين اخيها، أو بسبب خوفه من أن تختار أخيها وتتركه، كان جسده ينتفض غضبًا وقد تحول بشكل مخيف لاخر لم تره رفقة سابقًا، تحول لوحش على وشك الانقضاض على ضحيته .


نهضت سيلين من مكانها وهي تتجه صوب اسكندر في وجهه بغضب شديد، كقطة تشهر أظافرها في وجه شخص أتى لأخذ صغارها :


" أنت أيها الشاب من تظن نفسك لتتحدث هكذا له؟! ثم من أنت لتتدخل بينه وبين الفتاة ؟!"


كانت كلمات سيلين تخرج بعنف مخيف من فمها وكأنها على وشك نشب أظافرها في وجه ذلك الكريه اسكندر الذي يحزن صغيرها بهذا الشكل .


" جاكيري يحب اختك ويساعدها بكل ما يمتلك لأجل أن تصبح له، وهي أيضًا تحبه، من أنت لتقف في وجه الاثنين ها ؟!"


وكانت لهجة سيلين تقطر قهرًا وألمًا وهي تستشعر انتفاضة جسد جاكيري خلفها بقوة؛ لذا تحركت ببطء صوب جاكيري تمسد على ذراعيه بحنان شديد في إشارة منها أنها معه ولن تتركه ابدًا، لكن جاكيري كانت فقط عينه تتعلق برفقة في رعب وفكرة أنها قد تتركه تقطعه اربًا بلا رحمة .


لم يهتم اسكندر لايًا منهما وهو ينظر لأخته يقول بجدية ولم يحيد عن حديثه :


" أنا و لا هو يا رفقة ؟! "


بكت رفقة بقوة تحاول أخذ أنفاسها من بين شهقاتها، لا تستطيع التحدث وقد بدأت الأمور تأخذ منحنى آخر، قلبها يصرخ وجعًا على ذلك الذي يقبع خلفها ينظر لها نظرة آلمتها؛ لذلك كل ما استطاعت إخراجه هو بعض الكلمات الخافتة المترجية :


" أنا بحبه يا اسكندر "


أنهت كلماتها وهي تمسك بيده أخيها تنهار في البكاء عليها وكأنها تلتمس أي حنان بقلبه، تترجاه أن يرحمها من ذلك الاختيار، تتلمس أخيها الحنون خلف ذلك القاسي الذي يقف أمامها :


" أنا بحبه، مش هقدر اعيش من غيره، وهو مش هيقدر برضو، ارجوك "


أنهت كلماتها وهي تسقط ارضًا جوار قدم أخيها بينما اشتعل جسد جاكيري الذي لم يفهم حديثها السابق، لكن رؤيتها بهذا الوضع كانت القشة التي هدمت ثباته، اندفع صوبها يرفعها من على الأرض بقوة وهو ينظر لعينها متجاهلًا اسكندر الذي كان يراقبهما ببرود نسبي :


" إياكِ يومًا أن تضعفي رفقة، وإياكِ يومًا أن تظني أن هكذا حديث قد يبعدني عنكِ، لكن احيانًا يجب عليكِ مسايرة التيار حتى تنجين "


لم تفهم رفقة مقصده، لكنها شعرت أن التالي لن يعجبها، وكذلك كان حينما سمعت حديث جاكيري وهو يرفع رأسه لاسكندر وهو يقول بغضب وحقد :


" لن يرحل أيًا منكما، بل أنا من سيرحل من هنا، لكن رحيلي الآن لا يعني ابتعادي الابدي "


أنهى حديثه وهو يترك ذراع رفقة ثم عاد للخلف ببطء وهو ينظر لها قليلًا قبل أن يستدير متجهًا للخارج، وقد كانت عروقه كلها نافرة، يشعر بقرب انفجاره، يشعر بقلبه يهدر طلبًا منه للعودة وقتل اسكندر واخفاء رفقة بين أحضانه والانتهاء من هذا كله .


ومن وسط افكار جاكيري وبكاء رفقة، وصرخات سيلين المعترضة، كان صوت اسكندر هو الفيصل وهو يصدح بقوة :


" جيد إذن ولا تعد للمنزل إلا عندما تصبح زوجًا لأختي، فأنا لن أقبل أن تشاركنا المنزل دون أي رابط بينكما "


وتوقف كل شيء، سير جاكيري وبكاء رفقة، وصرخات سيلين، وايضًا شخير توفيق الذي كان ما يزال ساقطًا في النوم دون أن يشعر بشيء حوله .


استدار جاكيري ببطء لاسكندر يرمقه بتعجب لا يفهم جملته الأخيرة، ليجد أن اسكندر يقترب من رفقة يجذبها إليه بحنان قائلًا بجدية كبيرة :


" أنا لستُ سيئًا، أنا فقط أردت التأكد أن رفقة تحبك حقًا، وليس مجرد امتنان منها لمساعدتك، لم أرد لأختي أن تتزوج كرد للجميل، وايضًا أردت التأكد أنك لا تتسلى بها، خوفك عليها وحزنك لرؤية حيرتها بيننا وشفقتك أن تختار بيني وبينك، اثبت لي أنك تحبها حقًا، لكنني لن اسمح لك بالبقاء معنا أسفل سقف واحد دون أي رابط بينكما"


" سأتزوجها الآن "


كانت كلمة مندفعة من جاكيري، لكنه لم يندم عليها، راقب نظرات رفقة المصدومة من حديثه، لكن لم يهتم وهو يندفع صوب اسكندر وسعادته تكاد توقف قلبه :


" أنا سوف اتزوجها الآن "


" جاكيري أنا مازالت مطلوبة من العدالة، لذا ذهابي للمحكمة لأجل الزواج خطر "


وكانت هذه جملة رفقة التي عبرت بها عن خوفها، رغم سعادتها الكبيرة بالفكرة نفسها، هي زوجة لجاكيري ؟! 


ابتسم جاكيري وهو يمسك يدها متجاهلًا اصوات اسكندر المعترضة :


" سوف نذهب للسفارة الإيطالية هنا ونتزوج، ولا تقلقي جدي لديه العديد من العلاقات التي ستسهل الأمر، فقط قولي نعم، ارجوكِ رفكة، أنا لا اطيق بعادك "


رفعت رفقة نظرها لاسكندر لتجده يبتسم لها بحنان مربتًا على شعرها، يهز رأسه بالموافقة، وسيلين تهلل بسعادة كبيرة وهي تحثها على القبول، لتبتسم رفقة وهي تعود بنظرها لجاكيري تهز رأسها بنعم :


" م..موافقة جاكيري "


صرخة عالية خرجت من جاكيري أسقطت على اثرها توفيق الذي انتفض من مضجعه وهو ينظر حوله بتعجب وعين شبه مغلقة :


" خير اللهم اجعله خير، حصل ايه ؟!"


لكن جاكيري لم يكن معه بل كان يصرخ سعادة وهو يركض للخارج كالمجنون يردد :


" سوف اذهب لاخبر فبريانو وأخبر الجميع، وغدًا نتزوج "


أنهى اخر كلمة وهو يبتسم باتساع ثم ركض خارج المنزل كله تاركًا اسكندر ينظر له بصدمة وهو يهمس :


" متأكدة يارفقة أنك عايز تتجوزي ده؟!"


وكان الرد من رفقة هو عناق دافئ محب ممتن لأخيها وهي تبكي بسعادة كبيرة :


" أنا بحبك اوي يا اسكندر بحبك اوي "


________________________


تقف جواره وهي تنظر لما يفعل الطبيب وعيونها تكاد تخرج رعبًا، تضع يدها على صدرها ودموعها تلتمع في عينها بقوة، بينما هو كان يقف بملل يحاول عدم إنهاء كل ذلك والخروج من هنا، فقط حتى لا يحزنها .


ابتعد الطبيب عن فبريانو وهو يخلع قفازه قائلًا بجدية كبيرة :


" للاسف الجرح كان لازم يتخيط بعد ما اتفتح، لأن كده برد ومش هينفع فيه خياطة، هو كان آمتى الجرح ده ؟!"


نظرت روبين وهي تكاد تبكي لفبريانو تسأله بعينها أن يجيب سؤال الدكتور، ولأجل نظرتها تلك تنهد فبريانو وهو يقول بهدوء :


" مش فاكر اوي يمكن من ساعات طويلة بس مش اقل من ست ساعات يعني .


تدخل طبيب آخر يقف في الصيدلية بعدما انتهى للتو من عميل، يقول بجدية كبيرة وهو ينظر لجرح فبريانو بعين خبيرة ويبدو أنه هو المتخصص في هذه الصيدلية :


" مفيش مشكلة الجرح هيتنضف ويتخيط عادي، أنا بس هنضفه ليك والزقه عشان ميتلوثش، وأنتم تقدروا تروحوا لاي دكتور جراحة يخيطه، فيه مستوصف على بعد شارعين من هنا "


أنهى الطبيب حديثه وهو يحمل بعض الأدوات يتجه لفبريانو حتى يبدأ في تنظيف جرحه، وأثناء كل ذلك كانت روبين تغمض عينها باكية، وفبريانو يرمقها بتعجب لما تفعل، أخرج فبريانو شيء من جيب بنطاله وهو يمده لروبين يتحدث لها :


" ضعي هذا في اذنك "


ولا يعرف كيف تذكر أمر السماعات التي كان قد احضرها خصيصًا لروبين حتى يتواصل معها بالايطالية، لكن في اللحظة السابقة كان يتمنى لو أنها تتقن الإيطالية حتى يخبرها أنه يود الرحيل ولا يطيق البقاء هنا؛ لذلك تذكر الأمر وهو يعطيه لها .


امسكته روبين بعدم فهم وهي تنظر له بتعجب لكنه فقط أشار على أذنها يحسها على وضعه، وكذلك فعلت روبين رغم عدم فهم شيء حولها، وبمجرد وضعه حتى وجدت فبريانو يمد يده لها يضغط على شيء في السماعة السوداء الصغيرة، وبعدها تحدث بالايطالية :


" هل تفهمين ما اقول روبين ؟!" 


نظرت له روبين ثواني وهي لا تستوعب ما يحدث، ليعلو صوت فبريانو مجددًا بجدية :


" هذه سماعة ترجمة فورية تمكنك من فهمي دون أي مشقة "


أنهى حديثه لتبتسم له روبين من بين دموعها بسمة سلبت قلبه وهي تقول بفرحة :


" بجد ؟!" 


ابتسم فبريانو لها وهو ينظر للطبيب الذي أوشك على الانتهاء من جرحه، ثم قال بجدية :


" أنا بخير وهذا جرح صغير روبين لا تقلقي "


لكن روبين لم تكن تنتبه له وهي تتفحص السماعة بانبهار شديد، ليعض فبريانو شفتيه يحاول كتم ضحكته التي كادت تخرج مزلزلة المكان، مجرد سماعا صغيرة جعلتها تنساه وتنسى جرحه وتتجاهل كل شيء حولها .


نظرت روبين للطبيب الذي انتهى بالفعل وهي تقول بجدية :


" هو كده اتخيط ؟! "


" لا طبعًا أنا بس نضفت الجرح، تقدروا تروحوا المستوصف وهما يخيطوا ليه الجرح هناك "


لوت روبين شفتيها بحزن وهي تنظر لفبريانو وقد بدأ حزنها يعود لها مجددًا، وكاد فبريانو يفتح فمه ليخبرها أنه بخير وألا تقلق، لكن جملتها التالية أوقفته :


" يعني مش هعرف ارجع البيت العب بالسماعة ؟! ده كان فيه مسلسل تركي حلو اوي لسه منزلش منه الترجمة، وعايزة اتفرج عليه " 


صمتت وهي تنظر للاسفل بحزن تحت نظرات فبريانو الذي كان يبتسم بعدم تصديق، حقًا الآن تتركه لأجل السماعة ؟! رفعت له روبين عينها وهي تقول ببسمة صغيرة بريئة :


" ينفع اوصفلك مكان المستوصف وتروح لوحدك ولا اوقفلك توكتوك ؟!"


ابتسم لها فبريانو بسمة صغيرة مستفزة وهو يتحرك صوبها بعنف قائلًا بشر :


" يا ندلة بتبعيني عشان سماعة يا نتنة ؟! هاتي السماعة دي "


ضمت روبين السماعة لصدرها وهي تهز رأسها بلا تكاد تبكي :


" لا دي بتاعتي، والله اقول لـ لولو "


توقف فبريانو في مكانه وهو يتراجع سريعًا يشير بيده في حركة رفض :


" لا لا ارجوكِ بلاش تقولي لـ لولو، لا ابوس ايدك إلا لولو "


أنهى حديثه والذي كان يتضح أنه ساخر وبشدة، ثم ابتسم بسمة جانبية جعلتها تظن أنها اخافته جديًا لتمسح دموعها وهي تقول ببسمة :


" خلاص متاخدش السماعة وانا مش هقول لـ لولو "


ابتسم فبريانو ثم اندفع صوبها وهو يقول بقوة :


" اعطني تلك السماعة اللعينة "


لكن روبين وقبل أن يصل لها كانت تركض للخارج وهي تصرخ برعب تضم السماعة لها بقوة، ترفض إعطاؤها له، وكأنه يود سلبها ما تملك، وليس أخذ ما يخصه :


" خلاص خلاص هاجي معاك، خلاص "


لكن فبريانو لم يتوقف وهو يركض خلفها في الطريق يهددها أن تتوقف، لكن وأثناء ركضه استمع لجملة جعلته يتوقف من أحد الشباب :


" مش دي روبين حفيدة الحاجة وادي ؟! هي رجعت امتى؟! "


استدار فبريانو كالرصاص ينظر لذلك الشاب الذي كان يهبط من دراجته النارية جوار الصيدلية يتجه له ببطء وهو يتوقف أمامه بشكل اثار تعجب الفتى ليرفع حاجبه بعدم فهم :


" فيه حاجة يا اخ؟!"


أشار فبريانو للاتجاه الذي ركضت به روبين وهو يقول بجدية :


"أنت الطيار ولا الظابط ؟!"


" نعم؟! أنت اهبل؟!" 


" يبقى أنت من شباب الحارة اللي بيحوموا "


لم يفهم الشاب شيء وهو ينظر لفبريانو بتعجب :


" أيوة أنا من شباب الحارة بس احوم ايه و...."


ولم يكمل جملته بسبب قبضة فبريانو التي اصطدمت بوجهه في عنف شديد، ثم رفع يده يوجهها له مجددًا لولا روبين التي عادت وهي تجذبه بعيدًا:.


" أنت عملت ايه ؟! "


لكن فبريانو أشار للفتى يوضح بجدية كبيرة :


" هذا الشاب كان يحوم حولك، لولو أخبرتني بذلك "


فتحت روبين عينها بصدمة، ولم تكد تجيب حتى سمعت صوت يقترب منهم وهو يقول بجدية :


" سامي أنت كويس ؟!"


أمسكت روبين بيد فبريانو وهي تجذبه بعيدًا قبل أن يجتمع عليه شباب الحارة وهي تقول بصدمة :


" اركض فبريانو "


تحرك فبريانو معها مجبرًا وهو يشير للشاب الذي كان مازال يرمقه بصدمة :


' لكن ذلك الشاب يحوم حولك، وانا فقط من يحق له ذلك "


اوقفت روبين " توكتوك " وهي تدفع بفبريانو داخله وهي تقول بضحكة عالية :


" يحوم ايه يا فبريانو، أنا اساسا مكنتش باجي هنا غير في المناسبات "


نظر لها فبريانو ثواني ثم ضم يديه لصدره وهو يتراجع بظهره للخلف يقول بجدية :


" أيًا يكن سوف اشن هجومًا على رجال الحارة كلها "


_________________________________________


" إذن ؟!"


كان ذلك السؤال الوحيد الذي خرج من فم انطونيو وهو يرمق روما بجدية، ينتظر أي بادرة منها توحي بما تفكر فيه، هل تود أن تصالحه، ام أنها فعلت كل ذلك أمام العائلة فقط ؟!


ابتسمت روما بسمة صغيرة وهي تدفع طاولة الطعام المتحركة بعيدًا قليلًا عن انطونيو بعدما أخذته لغرفتهم حتى يكونوا في معزل عن الجميع، جلست جواره وهو تمسك يده تقول بجدية :


" أنا أعلم أنك لن تخونني يومًا انطونيو، اثق في ذلك "


ابتسم انطونيو بسمة ساخرة وهو يستمع لباقي حديثها :


" وما فعلته ليس شكًا بك، بل غيرةً عليك انطونيو "


هدأت ملامح انطونيو الحادة وهو ينصت لها :


" ألا تغار علىّ انطونيو ؟!"


" اموت غيرة "


جملة منه استطاعت بكل هدوء أن ترسم أكثر بسمة بلهاء على فمها وهي تنهض من مكانها تجلس القرفصاء أمامه ممسكة بيده تحركها بهدوء صوب فمها مقبلة إياها قائلة :


" وانا كذلك انطونيو لم اتحمل أن أسمع حديث تلك المرأة، ولم الجم غضبي وغيرتي وقتها، وأنت لم تساعد في ذلك أيضًا "


ضغط انطونيو على يدها وهو يرفعها لتجلس على قدمه يضمها إليه بقوة يهمس لها معترفًا بخطأه :


" أسف روما "


" اريدك فقط أن تتفهم غيرتي انطونيو، أنا اعشقك انطونيو "


ابتسم انطونيو وهو ينهض يوقفها أمامه، ممسكًا بوجهها بين يديه يهمس لها بعشق :


" وانا اعشقك روما، وكيف لا وكل طرق قلبي تؤدي إليكِ، وكيف لا أهيم بكِ عشقًا وأنت عاصمة قلبي، وموطني الوحيد ؟!"


ابتسمت روما بتأثر وهي تنظر لوجهه هامسة بعشق :


" مساكين هؤلاء الذين لا يرون قلب انطونيو، لا يدركون مقدار حنانك "


" ولن يرون أو يدركون ذلك؛ لأنهم ببساطة ليسوا روما "


ابتسمت روما ولم تكد تتحدث، حتى وجدته يبتعد عنها تاركًا إياها ترمقه بتعجب، تراه يخرج حاسوبه لتزم شفتيها بتفكير، هل سيعمل الآن؟! لكن انطونيو ابتعد عنه بعد ثواني وهناك موسيقى هادئة تصدح في الغرفة ثم اتجه لروما وهو يبتسم لها بسمة عاشقة هادئة يمد يده لها قائلًا :


" اتسمح جلالة الملكة روما لي بهذه الرقصة ؟!"


نظرت روما ليده بصدمة تصدح في رأسها جملته التي اخبرها اياها سابقًا عندما عرضت عليه أن يراقصها ( لا احب الرقص روما ولا اريد ذلك؛ لذا ارجو ألا تجبريني على فعل ذلك لأنني لن اشعر وقتها بالراحة )


أفاقت روما على يد انطونيو التي ضمت خصرها إليه، ثم رفعها بحنان جاعلًا إياها تقف على قدمه، حتى تصل لقامته ورغم ذلك كانت ماتزال رأسها تصل لبداية عنقه بصعوبة، ابتسمت روما تحاول كبت دموعها :


" لا اريدك أن تفعل شيئًا لا تشعر بالراحة لفعله "


ابتسم لها انطونيو وقد بدأ يتحرك معها على الموسيقى هامسًا في اذنها بهيام فاض حتى اغرقه :


" لم أكن يومًا أكثر راحة مما أنا عليه الآن، وكيف لا وانا اقبع في احضان موطني ومدينتي الدافئة ؟!"


____________________________________________


يجلس في مكتبه يضرب الكرة في الجدار أمامه، بملل وهو يزفر كل ثانية والأخرى، لولا شعوره بالملل أيضًا في القصر ما كان جاء هنا، اعتدل مارسيلو في جلسته وهو يمسك الهاتف، يجري اتصالًا براسيل التي تجلس على المكتب في الخارج تحاول تنظيم المواعيد التي تعلم أنه لن يلتزم بها .


" مرحبًا سيدي "


" مرحبًا، أين قضايا اليوم آنسة راسيل؟! أنا أشعر بالملل "


ابتسمت راسيل من زاوية فمها ورفعت حاجبها في تزامن ساخر معه وهي تجيب تفحص الورق أمامها جيدًا:


" حقًا سيد مارسيلو ؟! تريد أن أخبرك قضايا اليوم ؟! "


" نعم آنسة راسيل، هل هذا غريب ؟!"


لم تجب راسيل وهي تحمل الورق أمامها تقول بهدوء قبل إغلاق الهاتف :


" حسنًا سيدي أنا آتية"


وبالفعل تحركت راسيل صوب المكتب وهي تحمل ورقة المواعيد ومعها قلم، ثم طرقت الباب وانتظر إذن مارسيلو لها، وبعدها دخلت بكل رشاقة، تحت نظرات مارسيلو الذي راقبها من قدمها لرأسها، يحرك الكرة في يدها بينما عينه تركز على اقتراب راسيل منه .


توقف راسيل أمام المكتب ثم أمسكت الورقة وهي تقول بكل جدية ودون مقدمات :


" هناك قضية اختلاس تخص شركة أدوية هنا، لكنك لا تحب قضايا الشركات؛ لذلك قمت برفضها، وايضًا هناك قضية تم رفعها على ميتم يتم فيه معاملة الأطفال بطريقة غير آدمية، وأنت يا سيدي لا تحب الاطفال؛ لذلك أيضًا تم رفضها، وفي النهاية هناك قضية رفعتها سيدة على اخيها بسبب النصب عليها في حصة من شركتهما المشتركة، وأنت يا سيدي أخبرتني أنك لا تحب التعامل مع النساء؛ لذلك رفضتها أيضًا، و...هذا فقط ما لدينا اليوم "


كان مارسيلو يراقب ما تفعل بنظرات لا مبالية وعندما انتهت وهي تنظر له، ترتقب ردة فعله، علّه يخرج من تلك الحالة الباردة ويبدي أي ردة فعل تدل على أنه إنسان طبيعي، لكن كل ما صدر من مارسيلو هو هزة رأس وهو يقول مشجعًا :


" احسنتِ آنسة راسيل، انظري كيف اصبح العمل سهلًا عندما ننجزه سويًا ؟! يبدو أننا سنرتفع بالمكتب في اسرع وقت على هذا المنوال "


وليس هذا ما انتظرته منه، ذلك الرجل المستفز وبشكل مثير للغضب :


" اه على ذكر المكتب، هل قررت ما ستفعله في القضية التي تم رفعها عليه ؟!"


نظر لها مارسيلو وهو يقول بهدوء مستفز :


" هذه مشكلة كبيرة "


" نعم سيدي مشكلة كبيرة "


" إذن هل نستعين بمحامي جيد، أم اغلق المكتب كما أخبرتك ؟!" 


صمتت راسيل تدعي التفكير :


" هناك حل افضل، لِمَ لا تدافع عن المكتب ببساطة سيدي ؟!"


" هل هذا سيستلزم أن أترك مقعدي ؟!"


" نعم للاسف ستكون مضطرًا للذهاب إلى المحكمة سيدي، وانا اقترح هذا الشيء وبشدة، لربما تعجبك الأجواء هناك وتقرر أن تقوم بعملك كأي محامي طبيعي "


صمت قليلًا ثم هز رأسه برفض :


" أنا أشعر بنبرة تقليل من شأني في حديثك، وهذا لا يروقني"


ابتسمت راسيل بسخرية، قبل أن تعتدل في وقفتها وهي تستمع لصوت سيدة يصدر من باب المكتب، التفتت راسيل تنظر للخلف، وكذلك مال مارسيلو بجسده قليلًا حتى يرى القادم، ليجد أنها سيدة غاية في الجمال تقف على باب مكتبه بعدما وجدت مكتب السكرتيرة فارغ :


" مرحبًا هل السيد مارسيلو موجود ؟! كنت اود استشارته في أمر هام "


ابتسمت راسيل بسخرية وهي تشير صوب مارسيلو :


" نعم سيدتي، لكن للاسف السيد لا يــ "


ولم تكمل راسيل الحديث وهي تجد مارسيلو يدفعها جانبًا يعدل من ثيابه وهو يبتسم للسيدة يقول بنبرة لعوب :


" مارسيلو والمكتب وتلك السكرتيرة الحمقاء طوع أوامرك سيدتي "


اقتربت راسيل من مارسيلو وهي تنظر له باستنكار تقول غير مصدقة حديثه :


" حقًا ؟! "


دفع مارسيلو وجهها بعيدًا عنه وهو يهتف من أسفل أسنانه :


" اذهبي من هنا راسيل ودعيني مع تلك الـحسناء "


" حقًا سيدي ستتولى أمر قضيتها، و تشعر بالكسل لإنقاذ سمعة مكتبك ؟!"

نظر لها مارسيلو وهو يقول ببسمة ماكرة :


" ليذهب المكتب للجحيم، انظري لتلك المسكينة ؟! كيف يمكن أن اتخلى عنها ؟؟ هل ترينني بلا قلب ؟! اذهبي هيا "


أنهى حديثه وهو يدفع راسيل للخارج وكأنه يهش على بعض الغنم، ينظر للسيدة ببسمة جانبية زادته وسامة، مشيرًا لمقعد أمام المكتب :


" تفضلي سيدتي "


تحركت السيدة بكل رشاقة صوب المقعد، بينما راسيل مازالت تقف تضم الدفتر الخاص بالمواعيد لها وهي تتشنج ترمق ما يفعل مارسيلو، تفكر مما صُنع ذلك الرجل، ألم يخبرها في يومها الأول أنه يكره النساء ؟! 


" اخرجي راسيل وقومي بإلغاء جميع مواعيدي "


هكذا قال مارسيلو وهو يجلس على مقعده بكل هدوء لتجيبه راسيل بسخرية لاذعة :


" أي مواعيد تلك سيدي، لا يوجد مواعيد "


" إذن دعينا وحدنا رجا?

الفصل السابع من هنا 

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
 

تعليقات



×