رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل السادس
ضربات قلبها تعلو حتى كادت تكسر أضلاع ذلك الذي يضمها بقوة يبحث لها عن مكان داخل أضلاعه و جوار قلبه، ورغم ذلك الشعور الغريب بالدفء والحنان اللذان لم تستشعرهما سابقًا إلا أنها أبعدته عنها بعنف شديد وهي تنظر له بصدمة تفتح فمها تكاد تصرخ في وجهه لولا يده التي كتمت فمها فورًا قبل خروج كلمة واحدة منها لتبتلع هي ريقها تراقبه عن قرب وهو يبعدها في أحد الأركان يراقب الطريق وما يحدث في الخارج ....
" من أنت وماذا تفعل وماذا يحدث ؟؟؟"
كانت تتحدث وهي تحاول التعرف على هويته، لكنه يخفي وجهه خلف قناع اسود أخفى جميع ملامحه، استدار ينظر لها بنظرة جعلتها تنصدم من كم المشاعر التي تسكن عينه شاعرة أنها تحلم .....
" أنا عاشق ولهان يا بنية العينين "
فتحت فمها بصدمة ولم تكد تتحدث حتى جذبها فجأة لاحضانه وهو يخفيها بجسده عن هؤلاء الذين كانوا يركضون في كل مكان بحثًا عنها ....
" من أنت؟؟؟ أشعر أن صوتك مألوف لي "
ابتسم وهو يبعدها عنه ببطء ينظر بعينها قليلًا قبل ينظر خلفه يتأكد من أن الجميع رحل ليمسك يدها يجذبها بسرعة متحركًا صوب سيارته تاركًا سؤالها المعلق دون أن يجيبه ...
بينما هي كانت تسير منساقة خلفه لا تعلم من هو أو ماذا يفعل ولِمَ أنقذها للتو من بين يديّ جيمس حتى أنه كاد يقتله بالداخل ...
صعدت السيارة معه لا تعلم هل يجب عليها أن تهبط منها وتركض بعيدًا أم تبقى معه ؟؟؟
تحرك هو بالسيارة حتى قبل أن تفكر في الأمر غير سامحًا لها بفرصة الهروب ...
_____________________________
" توقفي عن الحديث فقط ولن يحدث لكِ شيء "
هكذا تحدث فبريانو وهو يخرج بسرعة من الصيدلية بعدما أخذ ما يحتاجه من الطبيب وهو مازال يحدث روبين حتى يتأكد أنها لا زالت بوعيها ولم تمت بعد ....
صعد لسيارته يقودها بسرعة صوب منزلها الذي علم به عندما راقبها ذلك اليوم بعدما ذهبت مع خالها ....
كان يقود وهو يضع الهاتف على أذنه يستمع لأي صوت يصدر منها، لكن لا شيء ..أنصت مجددًا يحاول سماع أي شيء يدل على وجودها..
" روبين هل مُتِ ؟؟؟"
ولم يصل له إجابة من الطرف الآخر ليضيق ما بين حاجبيه يفكر بأنها ماتت فعلًا، إذن من سيبحث عن الوظيفة معه غدًا ؟؟؟ مع من سيقتل ملله هذا ؟؟؟
توقفت عن التفكير تزامنًا مع توقف سيارته أمام منزلها وهو يهبط منها ينظر للمنزل بتفكير، هل يطرق الباب أم ماذا ؟؟؟
زفر يخرج هاتفه يتصل بها مجددًا، لكنها لم تجب عليه لينفخ بضيق وهو يتجه صوب الباب يطرق عليه بعنف بعض الشيء يكره فكرة أنها تجاهلت اتصاله، يتوعد لها بالويل إن كانت حية ولم تجب على اتصاله ...
ابتعد عن الباب وهو لا يلقي جوابًا منها ثم أخذ يدور حول المنزل لدقائق حتى وقع بصره على شجرة تقبع في الجزء الشرقي للمنزل ليضع الأدوية على مقدمة سيارته ثم وضع هاتفه في جيبه وبعدها اتجه للشجرة وبدأ يتسلق بكل مهارة ومرونة عجيبة .....
ثوانٍ وكان يضع قدميه داخل الغرفة التي لا يعلم هوية صاحبها ولا يهتم حتى بمعرفة ذلك، لكنه تحرك نحو الخارج وهو ينادي بصوت عالي في المنزل ليس وكأنه في منزل غريب ...
" روبين ؟؟؟ هل لا زلتي حية ؟؟؟"
لم يصل له إجابة شافية ليتحرك ببطء صوب الدرج يفكر بإحضار الأدوية وبعدها يأتي ويلقيها في وجهها و.....
توقف عن التحرك أمام باب المطبخ الذي كان يجاور بوابة المنزل وهو يراقب ذلك الارنب الصغير الوردي الذي يجلس في الأرض يمسك بطبق ملئ بالباستا يتناول منه بشراهة كبيرة ليجز على أنفاسه وهو يهمس بغيظ كبير :
" إذًا أنتِ حية ورغم ذلك تتجاهليني، الويل لكِ يا لعينة "
_______________________________________
انطلقت ضحكة عالية من فم رفقة لم تتحكم بها فخرجت مثيرة مغوية وبشدة وهي تراقب حركات جاكيري الراقصة بشكل يثير الضحك ...
توقف جاكيري فجأة وهو ينظر لها مضيقًا عينه بخبث شديد هامسًا :
" هل سمعت هذا يا فتى ؟؟؟"
توقفت رفقة فجأة عن الضحك وهي تنصت جيدًا تهمس مثله :
" ماذا ؟؟؟ لا يوجد شيء "
اتسعت بسمة جاكيري أكثر بشكل أثار ريبة رفقة بعدما بدأت تتأقلم على جنونه وتصرفاته في الساعات السابقة، مبتلعة ريقها تنظر في كل مكان عدا عينيه حيث كان يشعرها أنها قد ارتكبت جريمة بسبب نظراته تلك ...
" ضحكة انثوية مغوية ... ألم تستمع إليها؟؟؟ لقد اخترقت قلبي للتو يارجل كيف لم تسمعها ؟؟؟"
فتحت رفقة عينها بصدمة ورعب من احتمالية كشفه لهويتها، لتحرك يدها بغباء على الباروكة الخاصة بها تهتف بتوتر :
" أي ضحكة أنا لم اسمع شيء أبدًا، لا بد أنك تتوهم "
ابتسم جاكيري بخبث وهو يتجه صوبها يهز رأسه باقتناع مصطنع يمد يده يضمه إليه كما لو أنه رفيق قديم له :
" ربما من يعلم ؟؟..أنت تعرف أنني قضيت حياتي كلها في منزل لا يحتوى على نساء "
صمت ثم قال مجددًا بسخافة :
" عدا عجوز قبيحة مزعجة، هذا إن اعتبرناها امرأة فهي أقرب لقطعة أثرية عتيقة، تبقى لها عام واحد ليتم إدراجها في قائمة االتراث العالمي باليونسكو "
لم تتمكن رفقة من كتم ضحكتها عن تلك النقطة لتنطلق مجددًا دون تحكم في نبرتها ليبتسم هو، وهو ينهض مبتعدًا عنها يخرج نفسه من تلك الحالة المزاجية الصافية رفقتها، حيث لم يعش منذ وقت طويل لحظات كتلك يفعل بها ما يود على طريقة جاكيري الطفل، رغم جنونه وأفعاله التي يقوم بها دون الاستماع لأحد إلا أنه يمتلك حدودًا فيما يخص هذا لا يستطيع تخطيها لأجله ولأجل صورته في البيئة التي تحيط به، حتى يحتفظ بصورته المخيفة والمجنونة التي يبرع في تصديرها للجميع ...
" هيا حان وقت الرحيل من هنا "
نهضت رفقة بعدم فهم تنظر له بتعجب لا تفهم ماذا يقصد بالرحيل من هنا؟؟؟ هل هو يمتلك مفتاح المكان ليـ.... توقفت عن التفكير وهي تراه يخرج مسدس يوجهه صوب قفل المكان وفي ثوانٍ كان القفل معطل بفعل رصاصته ...
فتحت فمها ببلاهة شديدة ترمقه بعدم فهم، إن كان يستطيع فعل هذا لِمَ تأخر كل هذا الوقت !؟؟؟
لم يلتفت لها جاكيري أو ينظر لها نظرة واحدة حتى وهو يضرب الباب بقدمه ثم خرج من المحل بكل هدوء يتجه صوب سيارته التي تصطف على بعد صغير من المحل يستقلها بكل برود ثم تحرك بها دون حتى أن يوجه لها كلمة واحدة أو نظرة فقط ...
خرجت رفقة من المحل بسرعة وهي تستمع لصوت سيارة لتجد أنه تحرك بسيارته بعيدًا عن المحل تاركًا إياها تطالعه بعدم فهم مرددة بينها وبين نفسها :
" ده طلع مجنون بجد ......"
____________________________________
توقف بسيارته أمام منزلها وهو يتطلع للامام بدون ملامح لتنظر هي له ثوانٍ بعدم فهم لما يريد ..
استدار هو لها ببطء ثم تحدث بهدوء شديد :
" هيا ترجلي من السيارة لقد وصلتِ "
فتحت فمها بعدم تصديق، بهذه السهولة ؟؟؟ يخبرها بهذه السهولة أن تهبط ؟؟ وهي حتى لم تعلم من هو ولِمَ فعل هذا ؟؟؟ هل يريد دفعها للجنون ؟؟
فتحت فمها بنية الصراخ في وجهه مستفسرة أن هويته، لكنه قطع الطريق عليها وهو يفتح ابواب السيارة تلقائيًا قائلًا ببرود :
" لا تسألي عن شيء ...لاحقًا سأخبرك بكل ما تودين معرفته ..والآن اذهبي للمنزل "
نظرت له جولي لا تفهم شيء، لكنها في هذه اللحظة كل ما كانت توده فعلًا هو حمام ساخن يريح جسدها وتبعد عنه كل ما تعرضت له اليوم وبعدها تفكر في أمر ذلك الرجل الغريب الذي خرج لها من العدم لا تعلم حتى غايته من كل ما فعل .
هبطت جولي من السيارة بهدوء وبطء لتجد السيارة تحركت سريعًا بمجرد ترجلها وصوته يصدح قائلًا بحنان وبسمة :
" نومًا هنيئًا يا جميلتي "
أنهى كلماته وهو يتحرك بأسرع ما يملك تاركًا إياها تطالعه بصدمة كبيرة لا تفهم شيء وللحق هي ليس لديها طاقة لتفهم شيء أو تفكر في شيء،
يكفيها ما رأت اليوم .
_____________________________________
فزعت روبين وهي تشعر بشيء يجذبها من الخلف يرفع وجهها من طبق الباستا لترفع عينها بصدمة ومازال فمها ملئ بالطعام في شكل يثير الضحك....
شعر بغليان دماءه داخل أوردته لما تفعله تلك الصغيرة، بينما هو يقود تاركّا الجميع خلفه يحترق لينقذ حياتها يأتي هنا ليجدها تتناول طعامها، ثم ما هذا الزي السخيف الذي ترتديه ؟؟؟؟
" الآن أخبريني بسبب واحد يجعلني اعفو عنكِ "
ابتلعت روبين طعامها بسرعة وهي تحاول التحدث من بين مضغاطتها بصوت مكتوم لكثرة الطعام في فمها :
" أنا مريضة، بالتأكيد لن يسمح لك ضميرك بقتل فتاة مريضة مسكينة ؟؟؟"
" و ما ادراكِ بذلك ؟؟؟ هل ضميري أم ضميركِ ؟؟؟ "
نظرت له بصدمة لحديثه ذاك :
" مهلًا هل ستفعلها حقًا؟؟؟"
" وما الذي يمنعني من فعلها ؟؟؟"
فتحت هي فمها بتفكير ثم قالت بعدها ببسمة غبية :
" لأنك شاب لطيف وشهم ..."
" توقفي عن قول هذا الهراء "
لوت روبين شفتيها بضيق وهي تحاول الإفلات من قبضته تتحرك بضيق بين يديه :
" ما بك اتركني هل تمسك بلص ؟؟؟ لقد أفسدت ثيابي يا رجل "
تركها فبريانو فجأة لتسقط ارضًا بعنف وهي تسبه بغضب شديد لا تدرك أنه يراقبها بعيونه كالصقر....
" حيوان عديم الشعور "
اقترب منها فبريانو ينحني حتى يصل لقامتها أثناء جلوسها ارضًا :
" والآن أود أن أعلم بما قمتي بالاتصال بي، طالما أنكِ لا تحتضرين؟؟؟"
رفعت روبين عينها له وهي تفكر بجدية أنه شخص وقح بارد وليس ذلك اللطيف الذي كانت تظنه منذ أول مرة قابلها حقًا لا تعلم لِمَ الآن تود أن تنهض وتوسعه ضربًا عقابًا لحديثه اللاذع لها اثناء مكالمتهما السابقة ....
" عندما أخبرتني أن أقوم بغلي اوراق النعناع فعلت ذلك لتهدأ نوبتي، وبعدها صادفت علبة دواء كنت قد خبئتها سابقًا ولم اتذكر سوى الآن"
" ولِمٕ لم تتحدثي معي وتخبريني بذلك ؟؟"
رفعت عينها له تدرك فرق الحجم الشاسع بينها ، فهو قادر بنفخة واحدة على قتلها، ابتلعت الملعقة التي تناولتها اثناء سؤاله :
" حسنًا أنا كنت جائعة وبشدة لذا جئت لاتناول الطعام ونسيت امرك تمامًا "
ابتسم فبريانو بعدم تصديق لما جعلته يفعل، وفي الثانية التالية كان يجذبها من ثيابها من الخلف وهو يقربها منه متحدثًا من بين أسنانه :
" من تظنيني يا فتاة ؟؟؟ "
" بستانيّ لطيف ؟؟؟؟"
" تبًا لكِ أنا لستُ لطيفًا "
نظرت له روبين قليلًا ثم باحت بأول شيء خطر لها، وكل ما تفكر فيه منذ رأته :
" ولكنني أراك لطيفًا..."
تنفس فبريانو بعنف وهو مازال ينظر بعينها ثم همس دون وعي :
" ما هذا الزي القبيح الذي ترتدينه ؟؟؟"
لم تستوعب روبين سؤاله وهي تبعد عينها من حصار عينه تنظر لثيابها وهي تتعجب ذلك السؤال، ما به زيها ؟؟؟ لقد بكت اسبوعًا لتحصل عليه بعدما رفضت والدتها إحضاره لها لامتلاكها العديد منه في خزانتها ...
" ماذا ألا يعجبك ؟؟؟"
" إنه قبيح مثلك تمامًا "
فتحت روبين فمها بصدمة من صراحته، بل لنقول وقاحته تصيح في وجهه بضيق تبتعد عنه بعنف وغضب :
" هيييه هذه فظاظة "
هز فبريانو كتفه بعدم اهتمام ثم نظر حيث ترتص اطباق من الطعام الكثيرة جوارها يبعدها بعدم اهتمام جالسًا ارضًا جوارها وهو يحمل أحد هذه الأطباق يتناولها ببرود شديد وشهية كبيرة يتذكر الآن أنه جائع ....
انزعجت روبين بشدة من تناوله لطعامها العزيز لتنهض مقررة اخذه منه :
" هذا طعامي.. توقف عن هذا "
لم يهتم لها فبريانو وهو يمد يده يبعدها عنه بينما يتناول الطعام بسرعة وعناد كبير غير مهتم بها ولا بصياحها جواره أن يترك لها شيء، مقررًا الانتهاء منه كله عقابًا لها على فعلتها معه وجعله يأتي لهنا وهي لم تمُت بعد.....
______________________
" ماذا تعني بلم تجده ؟؟؟ هل انشقت الأرض وابتلعته ؟؟؟ ابحث عنه في كل مكان ولا تعود قـ....."
توقف انطونيو عن الصراخ في هاتفه أثناء محادثته لأحد رجاله وهو ينظر بهاتفه يرى اتصالًا آخر من رقم آخر ليتحدث منهيًا حديثه مع رجاله دون توضيح :
" عد بالجميع لقد وجدته "
أنهى حديثه وهو يغلق مع ثم فتح مكالمة أخيه ليصرخ دون منحه حتى فرصة الرد عليه صابًا به كل غضبه ورعبه عليه في الساعات السابقة :
" أيـــــن أنــــــت يــــا حقيــــــر ؟؟؟"
ابعد جاكيري الهاتف عن أذنه بضيق من صراخ أخيه يلقي المنشفة على الفراش فهو خرج لتوه من المرحاض بعدما انتهى من أخذ حمام دافئ منعش ...
" أنا في المنزل... أين أنت ؟؟؟ "
احترقت اعصاب انطونيو وهو يستمع لحديث أخيه الذي يخبره بكل برود أنه في المنزل وهم من يدورون في الشوارع منذ ساعات باحثين عن سيادته ...
" في المنزل ؟؟؟ يا حقير نحن نبحث عنك منذ ساعات، تبًا لك "
تعجب جاكيري من أمره، لِمَ يبحثون عنه ؟؟؟ هل هو طفل صغير ليبحثوا عنه ....
" هل أنت بخير ؟؟؟"
وجاء سؤال انطونيو هادئ عكس صراخه منذ ثوانٍ، يخاف ؟؟؟ نعم يا يرتعب، فكرة أن أحد إخوته الثمانية قد يتعرض لشيء تقتله، هم لا يمزحون في عملهم، هو ليس مستعدًا بعد لفقد أحدهم، ليس مستعدًا لينقص عائلته فرد حتى ولو كان سيلين التي و رغم كل ما يفعلونه بها تظل غالية على قلوب الجميع ...
" أنا بخير يا اخي أعتذر منك حصل أمر سأخبرك به عندما تعود "
تنهد انطونيو بتعب ثم اغلق الهاتف دون كلمة إضافية يتصل بمايك يخبره أن يلحق به هو والجميع للمنزل فقد عاد جاكيري ....
___________________________
دخلت منزلها بعدما كانت تظن أنها ستقضي اليوم كله بالمحل رفقة ذلك المختل، لكن ها هي واخيرًا قد عادت لمنزلها وبعد يوم طويل مرهق شاق تلقي بجسدها على الفراش الذي استقبل جسدها بحنان مشفقًا عليها من كم المصائب التي تقابلها في حياتها ....
آه لكم تشتاق لأن تستند برأسها على صدر أخيها وهو يداعب شعرها بحنان يغني لها تلك التهويدة التي تدخل في قلبها الأمان بعيدًا عن ذلك العالم القاسي ....
وعلى ذكر أخيها انتفضت تبحث عن هاتفها تتذكر الآن أنها لم تحدثه منذ الصباح قبل أن تخرج للعمل، أمسكت هاتفها لتجد العديد من الرسائل التي تخبرها بمحاولة أخيها الاتصال بها في الساعات السابقة وبسرعة أجرت اتصالًا به دون وضع الوقت في الاعتبار، تنتظر رده حتى وصل لها صوته القلق المرتعب عليها مرسلًا المزيد والمزيد من موجات لوم ذاتها إليها....
" رفقة أنتِ كويسة ؟؟؟؟ قلبي وقف وانا بتصل بيكِ من الصبح وأنتِ موبايلك مغلق"
تحدثت رفقة وهي تبتلع ريقها تحاول تهدئة روع أخيها الذي تعلم جيدًا مقدار رعبه فيما يخصها، فهي من تبقت له من عائلتها كلها :
" أهدى يا حبيبي انا بخير هو بس حصل موقف غريب معايا انهاردة بس الحمدلله عدى على خير، وانا كويسة متقلقش "
" مقلقش ازاي يا رفقة؟؟؟؟ أنتِ مش عارفة الأفكار اللي دارت في راسي في الكام ساعة دول ..لدرجة اني كنت هتصل بجون واقوله كل حاجة واخليه يدور عليكِ "
ابتسمت رفقة من بين دموعها على أخيها الغالي والحبيب :
" أنا بخير.... المهم أنت عامل ايه ؟؟؟"
علم اسكندر أنها تحاول أشغاله عن ذلك الأمر، لكنه لم يعلق وهو يقص عليها وحدته و حياته الرتيبة بدونه لتبكي هي أكثر متحدثة بوجع لأجله :
" مش عارفة ليه كل ده بيحصل معانا ؟؟؟ أنا عايزة ارجع بقى يا اسكندر مش حابة اقعد لوحدي "
" لا يا رفقة أوعك تعملي كده ...الدنيا هنا مقلوبة عليكِ وكمان إيفان لسه في الغيبوبة ومش عارفين امتى تفوق وتشهد إنك بريئة "
بكت رفقة أكثر لا تطيق صبرًا لذلك :
" أنا تعبت يا اسكندريه تعبت مش عارفة ليه انا اللي يحصل معايا كده؟؟؟ أنا معملتش حاجة ليها ده هو ...هو اللي حاول يقتلها ويقتلني "
تحدث اسكندر بنبرة حنونة يشد من أزر أخته :
" اششش، اهدي يا حبيبتي اهدي، أنتِ مش محتاجة تبرري شيء ليا لاني عارف ومتأكد إنك لا يمكن تأذي حد، وبكرة برائتك تبان وترجعي يا قلبي بس أنتِ بلاش تزعلي نفسك، وخدي بالك من نفسك يا رفقة ومتثقيش في حد، حتى جون متثقيش فيه، أنتِ في بلد متعرفيش أهلها عاملين ازاي اخلي بالك كويس اوي "
ولا تعلم لما أتى على بالها في تلك اللحظة بضحكاتها و ردوده المستفزة وبسمته وهو يقص عليها امور عائلته وكأنها صديقة قديمة التقاها بعد سنين قطيعة ورقصاته وحركاته المجنونة ...
" سمعاني يا رفقة ؟؟؟"
" أيوة يا حبيبي سمعاك...معلش بس تعبانة شوية "
" طب يا حبيبتي روحي نامي واستريحي وبكرة نتكلم "
ابتسمت رفقة وكأنه يراها ثم أنهت مع المكالمة مع وعد بإعادة الاتصال به صباحًا، وبعدها تمددت على الفراش بتعب وإرهاق تسقط في نوم عميق كان هو بطل أحلامها فيه ولا تعلم لِمَ ؟؟ لكنه ترك أثر بليغ بها .....
________________________
دخل القصر وخلفه الجميع وهو يحترق داخليًا بسبب تصرفات أخيه الغير مسئولة بالمرة ...
بينما كان جاكيري في ذلك الوقت يهبط الدرج وهو يبتسم غير متبهًا لهيئة أخيه الشرسة الذي يبدو كما لو أنه على وشك ارتكاب جريمة في التو واللحظة...
" ها انتم أتيتم لقد كنت انتظركم فقد أحضرت طعام غير ذلك الذي تعده سيلـ...."
توقف عن الحديث بسبب تلقيه لكمة عنيفة من انطونيو، ولم يكد يعتدل في وقفته مجددًا حتى وجد انطونيو يجذبه لاحضانه وهو يضمه بشدة هامسًا له بحنان وحب لا يظهر سوى مع القليل فقط وهم على رأس القائمة القليلة ...
" أنت بخير ؟؟؟ يا حقير جعلتني اخاف عليك "
ابتسم جاكيري بسمة صغيرة وهو يبعد انطونيو عنه بحنق مصطنع :
" أخبرتك أن تلك الفتاة أثرت عليك، تحتاج لأخذ لقاح "
ضربه انطونيو على رقبته من الخلف بحنق شديد وهو يصرخ في وجهه مغتاظًا من برودته تلك ...
" يا حقير من وقت قليل تعرضت لهجوم واليوم تختفي دون اثر ولم نستطع الوصول إليك، حتى ظننت أنك تعرضت لشيء خطر "
" مهلًا متى تعرض جاكيري لهجوم؟؟! وكيف لا نعلم عن شيء كهذا ؟؟"
تحدث مايك بجدية مفكرًا في هوية ذلك الذي تجرأ على أحد افراد عائلته، فلم يحدث يومًا أن حاول أحدهم الدخول بقدمه لدائرة أحفاد اليخاندرو لأنهم يعرفون جيدًا أي جحيم سيقابلون بفعلتهم تلك .
قلب جاكيري عيونه بملل شديد وهو يشير لجايك الذي تجاهل الجميع واتجه صوب الطاولة التي تحتوي على حقائب طعام ومعه مارسيلو وآدم يتناولون دون اهتمام بكل ما يحدث حولهم ...
" اعتقد أنهم كانوا يقصدون جايك فأنا اخذت سيارته "
تحدث جايك دون أن يرفع عينه عن الطعام وهو يتناول بشهية كبيرة :
" نعم ودمرتها أيضًا يا حقير "
زفر انطونيو وهو ينظر للجميع ولملامح الإجرام التي علت وجوههم :
" حسنًا لنكف عن هذا اليوم، يكفينا هذا، و....."
توقف عن الحديث وهو ينتبه لشيء فجأة يدور بعينه في جميع الوجوه يغمض عينه بغضب لا يصدق هذا، ألن ينتهي هذا اليوم ؟؟؟
" أين فبريانو ؟؟؟"
نظر الجميع لبعضهم البعض يدركون الآن أنهم لم يروا فبريانو منذ خرج معهم، مسح انطونيو وجهه بضيق وهو يصرخ بغضب يخرج هاتفه :
" اخبرتكم طالما هذان الوغدان على قيد الحياة لن أنعم يومًا بها ..."
______________________________________
" لا تحاولي حتى "
ابعدت روبين يدها عن الطعام الذي يقبع أمام فبريانو بضيق شديد تدعو في قلبها أن يرحل قبل أن يأتي أحد، وايضًا حتى تتمكن من تناول بعض الطعام، لكنه يبدو كالعلكة ملتصق في المكان لا ينوي المغادرة ...
ضحكت بسخرية وهي تراقب يرتشف بعضًا من مشروبها بكل وقاحة وقد بدأت حقًا تشتعل غيظًا من ذلك الرجل الوقح والبارد برود القطبين بعدما ظنته مسكين ولطيف ...
نظرت لساعة الحائط وهي تقول بوقاحة تعلمتها منه :
" لقد تأخر الوقت، ألن ترحل ؟؟"
شهق فبريانو بفزع مصطنع وهو يضع الطعام من يده متصنعًا الخجل :
" هل طردتيني بشكل غير مباشر للتو ؟؟؟"
" نعم فعلت "
" من أين لكِ بتلك الوقاحة يا فتاة؟؟؟ يوم اقابل والدتك بعد موتك لن أخبرها كم تحبيها بل سأخبرها أنها فشلت في تربيتك، عارٌ عليكِ "
أنهى حديثه وهو ينهض ليرحل ليس لأنه خجل من حديثها فعلًا فهو ابدًا لا يهتم، لكن لأنه تأخر كثيرًا ويجب أن يعود الآن...
" أين يمكنني غسل يديّ ؟؟؟"
أشارت روبين على المرحاض وهي تقول ببسمة مرتاحة :
" من هذا الاتجاه "
هز فبريانو رأسه ثم تحرك صوب الاتجاه الذي أشارت له يغسل يده تاركًا إياها تتنفس الصعداء وهي تنظر لباب المنزل الذي كانت قد فتحته سابقًا تدعي ربها أن تأتي عائلة خالها حتى لا تجلس وحيدة بعد رحيله، فهي إن كانت تخشى شيئًا فهي الوحدة ....
خرجت من شرودها على صوت رنين هاتف يصدح في المكان لتنظر حولها تبحث عن مكان وجود الهاتف لتجد أنه هاتف المنزل لذا اسرعت صوبه تجيب :
" مرحبًا منزل خالد الـ....."
توقفت عن الحديث فجأة وهي تستمع لذلك الصوت البعيد والذي كاد ينمحي من ذاكرتها لقلة سماعها له :
" بابا ؟؟؟؟؟"
" طب كويس إنك لسه فاكرة إن ليكِ أب يا استاذة روبين ..."
سقطت دموع روبين بعدم تصديق لاتصاله بعد كل تلك المدة، تتذكر آخر مرة تحدثت له منذ كانت من فترة في سنتها الجامعية الأخيرة، حيث اتصل بها يهنئها على النجاح ثم اغلق الهاتف سريعًا لانشغاله بالعمل، والدها العزيز الحنون الذي كان أكثر من يدللها أثناء طفولتها، لكنه توقف عن ذلك منذ سنوات عديدة حينما تركهم وسافر بحجة العمل وهناك نسي أنه يملك عائلة حتى ....
" عامل ايه يا بابا وحشتني اوي اوي "
تنهد والدها وهو يتمالك دموعه يشتاقها وبشدة، لكنه لا يستطيع شيء أمام يديه المقيدة بخطأ قام به والآن يدفع ثمنه غاليًا...
" وأنتِ كمان وحشتيني يا روبين، وحشتيني اوي يا قلب بابا، عاملة ايه عند خالد ؟؟؟ حد ضايقك "
هزت روبين رأسها بلا وكأنه يراها بالفعل تقول من بين دموعها وشهقاتها :
" لا لا محدش أبدًا ضايقني متقلقش يا حبيبي، أنت هترجع امتى يا حبيبي ؟؟؟ وحشتني اوي أنت و جاسي عاملة ايه بقالي اسبوع مكلمتهاش "
تنهد بتعب وهو ينظر لابنته الأخرى التي تتحرك أمامه تتحدث في هاتفها بعصبية شديدة معروفة بها :
" جاسي بخير بس أنتِ عارفاها طالما بدأت شغل يبقى على الدنيا السلامة، ما علينا انا قولت اكلمك لما عرفت من ماما إنك سافرتي واطمن عليكِ "
ابتسمت روبين بحب وهي تتحدث مع والدها تقص عليه كل شيء منذ جائت متجاهلة ذكر فبريانو وما حدث معها في أول يوم لها هنا...غافلة عن ذلك الذي ينظر لها تتحدث بثرثرة غريبة في الهاتف مع بسمة واسعة ليخمن أنها ربما تحدث حبيب أو ما شابه لذا لم يهتم وهو يتحرك نحو الخارج دون أن يكلف نفسه عناء توديعها ...
ليسمع رنين هاتفه ويرى اسم انطونيو ينير شاشته، لكنه تجاهله ببساطة وهو يغلق الهاتف في وجهه ثم اتجه صوب سيارته ليرى حقيبة الأدوية مازالت تقبع على مقدمة السيارة ليحملها بضيق، يعود للمنزل لها مجددًا ليجدها ما تزال تتحدث على الهاتف ببسمة ...
كانت تتحدث مع أبيها بكل سعادة وهي تسبح معه في ذكريات طفولتها التي قضت بها اروع اللحظات حينما كانت عائلتهم كاملة لا ينقصها شيء، لكنها انتبهت لوقوف فبريانو فوق رأسها لتدرك أنها نسته في خضم حديثها ذلك، نظرت له بتساؤل وخجل من نسيانه، وما كادت تفتح فمها بكملة حتى وجدت حقيبة الأدوية تُلقى في وجهها بعنف وهو يقول ببرود :
" هذه تخصك "
أنهى حديثه ثم خرج من البيت بكل هدوء متجهًا صوب سيارته تحت نظراتها المصدومة من تصرفاته تلك وعنفه وبروده، هذا الشاب حقًا تركيبته غريبة وبشدة ....فاقت من شرودها فيه على صوت والدها وهو يجتذبها مجددًا للحديث لتقرر نسيان فبريانو الان وتعود للحديث مع والدها ببسمة واسعة ...
بينما هو انطلق بسيارته صوب القصر وهو يفكر في العودة وقتل تلك الفتاة التي جعلته يتكبد كل ذلك العناء بلا هدف، بحق الله لقد ذهب لصيدلية ثم ذهب لاعطائها الدواء وهو من كان يتلذذ بإذلال الجميع يساعدها الآن....
________________________________
دخل غرفته يخلع ثيابه حتى يبدلها سريعًا ليلحق بالتجمع في الاسفل...
وأثناء ذلك رأى شاشة هاتفه تضئ برقم أحد رجاله ليرفعه وهو يتحدث بصوت هادئ قليلًا :
" اسمعك "
" سيدي لقد أمسكت الشرطة بجميع من في الحانة وتم إغلاقها نهائيًا كما أمرت "
ابتسم بسمة صغيرة مخيفة وهو يهمس بذلك الاسم البغيض :
" والمدعو جيمس ؟؟؟؟ "
" اخذناه لأحد المخازن سيدي "
ابتسم باستحسان ثم اغلق المكالمة مع الرجل وهو يلقي الهاتف على الفراش بعدم اهتمام ينظر للفراغ أمامه يتذكر ذلك المشهد حينما دخل و وجده على وشك الاقتراب منها، حتى الآن يشعر أن دماءه تغلي في عروقه يود لو يذهب الان ويقتله....
اغلق عينه يتنفس بعنف، تلك الفتاة خطر عليه وبشدة، فهي تفعل به ما لم تتمكن أخرى من فعله، تغلغلت داخله حتى أضحى لا يفعل شيء سوى مراقبتها ....
ابتسم يتذكر اول لقاء له معها منذ خمسة أشهر تقريبًا، ذلك اليوم لا ينساه أبدًا يوم ذهب الحانة التي تعمل بها في مهمة ....
دخل الحانة وهو يبتسم بسمة صغيرة ينظر حوله بعدم اهتمام يعلم مبتغاه جيدًا لذا دون تضييع وقت تخطى باحة الحانة ببرود وهو يتجه صوب الممر الذي يحتوي بعض الغرف ليختلي بها البعض مع النساء هنا ..
ولم يكد يخطو بقدمه لداخل الغرفة المقصودة إلا و وجد امرأة ترتمي في أحضانه وهي تتحدث له باغواء :
" مرحبًا يا وسيم ...ما رأيك بكأس سويًا "
أنهت حديثها بغمزة تعض شفتيها ليبتسم هو منحينًا صوبها بخبث شديد لتغمض هي عينها فورًا في انتظار اقترابه، لكنها شعرت بدفعة عنيفة حيث دفعها بيده غير مهتمًا بعرضها السخي ذاك :
" ابتعدي عن وجهي قبل قتلك "
أنهى حديثه ثم دخل الغرفة واغلق الباب خلفه تاركًا إياها تنظر بصدمة في أثره، لكن فجأة انتفضت بعنف ورعب وهي تسمع صوت رصاص من الغرفة وبعدها بدقائق خرج ذلك الشاب مجددًا ليراها تقف أمام الغرفة تحدث فيه برعب تشهد بأعينها الجثث التي تفترش أرضية الغرفة خلفه فكانت جثة لأحد الرجال وايضًا رفيقة لها تعمل معها في الحانة ...
ابتسمت وهو ينظر لها نظرة جعلتها تبتلع ريقها بخوف وهو يهمس لها :
" ماذا هل ما زلتِ تودين كأسًا ؟؟؟"
هزت الفتاة رأسها سريعًا برعب وهي تركض بعيدًا عنه قبل أن يتخلص منها هي الأخرى ...
ليبتسم وهو يخرج من المكان برمته لا يطيق رائحته، لكن قبل أن يخرج فعليًا سمع صوت يصرخ في مكبر الصوت بطريقة مزعجة ...
استدار ليجد فتاة تعتلي المسرح وهي تحمل المكبر صارخة في الجميع أن ينتبهوا لها ....
" أنتم يا حمقى فلتستمعوا لي فأنا لا اغني للمقاعد هنا، بل لكم، تبًا لكم جميعًا "
صاح أحد الرجال الجالسين أمام المسرح ...
" لا افهم لِمَ تصرخين بنا ؟؟؟ هل ستجبرينا على سماع صوتك البشع ؟؟؟"
فتحت جولي فمها بصدمة وهي تستمع لحديث ذلك السكير الغبي :
" صوتي أنا البشع ؟؟؟ ألم تنظر يومًا في مرآة منزلك؟؟؟ وقتها كنت ستعلم من هو البشع بحق "
غضب الرجل بشدة من وقاحتها لينهض ويصرخ بها، لكن لم تصمت بل سريعًا ألقت المكبر ارضًا بعنف ثم قفزت من المسرح، تنطلق له وفي ثوانٍ كان كفها يرتطم بصدغ الرجل مسببًا صوتًا مدويًا تبعه صوتها وهي تصرخ :
" إن لم تحسن والدتك تربيتك فلا تأتي وتعرض قلة ادبك للجميع، هيا أخرج من هنا فلن تنال شرف سماع صوتي "
أنهت حديثها وهي ترمقه بعنف لينظر لها الرجل بشر كبير ثم وللعجب تحرك خارج المكان بهدوء مخيف لا ينذر بالخير، التفتت هي حولها ترمق الجميع بشر صارخة فيهم ...
" هل لدى أحد منكم اعتراض ؟؟؟؟"
لم يجب أحد لتصعد للمسرح مجددًا ثم أشارت لفرقة العزف أن تبدأ عزفها، هز رأسه بيأس وهو يرمقها بإعجاب لقوتها تلك ثم استدار مغادرًا، لكنه توقف للمرة الثانية وهو يستمع لصوتها العذب الذي جعل جسده متصنمًا غير قادرًا على المغادرة، تحرك دون شعور لاحد المقاعد وجلس هناك يستمع لها وهي تغني مرة بعد الأخرى وهو لا يكتفي منها ومن صوتها ليبتسم بسخرية على نفسه ....
ومن ذلك اليوم أصبح زبون دائم في المكان يذهب في الأيام التي تذهب هي بها، ولا يفوت يوم واحد إلا إن طرأ له أمر خطير، و فجأة في إحدى المرات أدرك أنه ليس غنائها فقط ما تغلغل له، بل هي كلها فعلت، أضحت تسير به مسرى الدم، ببساطة أضحى عاشقًا لبنية العينين، بالإضافة أنه أصبح كحارس شخصي لها لا يسمح لأحد أن يقترب لها وإلا نال منه جحيم .......واليوم بعدما علم أنها تركت الحانة ابلغ الشرطة لاغلاقها فهو لا يحب أن تغني الجميع، و...
خرج من شروده على صوت الباب الذي فُتح تبعه صوت مايك وهو يقول :
" هيا يا رجل الجميع في انتظارك في الاسفل وايضًا لقد عاد جدك مبكرًا، يبدو أنه انتهى ابكر مما كنا نتوقع "
ابتسم له وهو ينهض يرتدي التيشيرت الخاص به ليسمع صوت مايك في الخلف يناديه بخبث :
" مارتن ...."
استدار مارتن وهو يرمق مايك بتساؤل ليبتسم له مايك يمنع ضحكة واسعة يغلق الباب خلفه :
" هل ذهبت إليها ؟؟؟"
ضحك مارتن بصخب على حديث مايك فهو الوحيد الذي يعلم بأمر جولي ويعلم بحبه لها....
" نعم كنت معها، لكنها لم تر وجهي بعد "
اقترب منه مايك لا يفهم حقًا سبب اخفاء هويته عنها كل ذلك الوقت :
" إلى متى ستستمر في اخفاءه ؟؟؟؟"
نظر له مارتن ثواني ثم قال وهو يحمل هاتفه :
" قريبًا ستعلم بالأمر "
ابتسم له مايك يتذكر ذلك اليوم الذي احضر به انطونيو جولي بالخطأ يومها جن جنون مايك ليذهب ويضرب جميع من احضروها ولم يكتفي بهذا بل ضربه هو أيضًا لأنه عانقها رغم أنه اقسم أنه لم يكن يعرف أنها هي بنية العينين الخاصة به كما يحب تسميتها، حتى الآن لا يصدق كيف مر الأمر دون أن يقتل أحد خاصة أنه كان ينوي الذهاب وضرب انطونيو.....
" هيا لنذهب "
خرج مايك من شروده وهو يتبع مارتن ببسمة يهمس في نفسه أن الأول من بينهم قد سقط ولا أحد يعلم من التالي في تلك الحرب؛ حرب بين صلابتهم و طبيعتهم الجافة وبين الحب ...
ها هو أول ضحية للحب قد سقطت ولا يعلم مايك أن هناك ضحية أخرى سقطت من قبل سقوط مارتن وبسنين طويلة، لكن الايام القادمة كفيلة بإظهار تلك الضحية، إن صح تسميته بضحية .
___________________________
رفع جايك نظره لاعلى يراقب كلًا من مايك ومارتن يهبطان الدرج أثناء تهامسهما بشكل مثير للبيئة ليقول ببسمة ساخرة ...
" هذان الوغدان لا اطمئن لهمساتهما الكثيرة في الآونة الأخيرة، أشعر أنهما يدبران لكارثة "
رفع اليخاندرو نظره حيث يتحدث مع انطونيو في بعض الأمور يراقب حفيديه بنظرات غامضة بعض الشيء، ثم قال لانطونيو :
" أين هو فبريانو ؟؟؟"
" أنا هنا جدي "
استدار الجميع صوب الباب حيث دخل منه فبريانو للتو وهو يسير صوب مكان جلوس الجميع يردد بسخرية ونظرات ماكرة :
" آه لقد اتيت مبكرًا كثيرًا سيد فوستاريكي، وتقول أنني أنا من انتهي من مهامي بسرعة "
وضع اليخاندرو قدمه على الأخرى وهو يرمقه ببسمة صغيرة ثم تحدث بصوته ذو النبرة المميزة :
" لكن هناك فرق كبير سيد فبريانو بين من ينهي المهمام بالسلاح ومن ينهيها بالعقل "
" المهم أن تنتهي سيد فوستاريكي "
أنهى حديثه ببسمة وهو ينتبه لالتصاق أخيه بمايك، ضيق عينيه وهو يرميهما بنظرات خبيثة :
" على ماذا تتهامسان أيها الخبيثان؟؟؟ هل بينكما اسرار ؟؟؟ ماذا يا مارتن أنا اخيك وليس مايك "
تحدث فبريانو بخبث وغموض لينزل مارتن رأسه ارضًا يختفي عن أعين أخيه ...
ضحك ماركوس وهو يتناول بعض الطعام أمامه مرددًا بجدية :
" تخيل أحدهما ماكر والآخر عابث، ويلٌ لمن يخططان له "
" او لها ...."
انتبهت جميع الأعين لادم الذي ابتسم على ملامح مارتن المرعبة بحق، بينما انطونيو كان يرتشف مشروبه وهو يراقب الجميع بأعين صقر يحاول الوصول لما يحدث بينهم وسيفعل.....
تحدث آدم وهو يتناول بعض الطعام من أمام ماركوس الذي صاح في وجهه مغتاظًا، لكنه لم يهتم :
" ربما تكون فتاة، اقصد طالما مايك طرف في الموضوع فلا تستبعد أن الأمر يخص فتاة "
ابتسم مايك وهو يردد ضاحكًا :
" هذا الصغير يعرفني "
هز له ادم كتفيه بلا اهتمام، ليستمع الجميع لصوت اليخاندرو وهو يقول بصوت جاد يقطع تلك الأحاديث الجانبية بين الجميع جاذبًا اهتمامهم :
" تجهزوا لدينا غدًا مساءً اجتماع مهم في روسيا "
نظر له فبريانو وهو يقول ببرود شديد :
" وانا يا جدي هل مازلت معاقبًا ؟؟؟"
كان يتحدث وهو يرمش بعيونه بسرعة كطفل صغير يستسمح والده، ابتسم له اليخاندرو وهو يهز رأسه نافيًا :
" للاسف فبريانو أنت أكثر من سأحتاج له غدًا "
نفخ ماركوس بضيق وهو يدرك أن الأمر لن يكون سهلًا طالما استدعى وجود فبريانو، فبريانو الذي لا يدفع به جده في أي مهمة إلا بعد أن يستنفذ جميع الحلول ....
" ها أنت قد عدت اليخاندرو، جيد لترى قلة أدب أحفادك الذين لم يروا ثانية واحدة من الأدب "
التفت الجميع صوب الصوت وهم يعرفون جيدًا صاحبته ...
قلب جايك عينيه بملل وهو يستمع لصوت عكاز العجوز يقترب منهم مرددة بحنق ومسكنة ليس وكأنهم كانوا يعذبونها ...
" اخبرتك مرارًا و تكرارًا يا اليخاندرو ألا تنشغل عنهم في عملك، أخبرتك أن تفرغ لهم بعض الوقت، انظر كيف أصبحوا ؟؟؟ وقحين بلا أدب"
لم يتحدث أحد او يجيب عليها لوجود جدهم الذي مرر نظره عليهم جميعًا وهو يردد بحاجب مرفوع :
" هل ازعجتم سيلين ؟؟؟ ألم أخبركم ألا تزعجوها ؟؟؟"
تحدث مايك بحنق شديد مشيرًا لها :
" يا جدي هذه العجوز لا تطاق، بينما أنا أنزف دمي كانت هي تصرخ بي لتلويثي الأرضية وكأنها أثمن مني "
" هي بالفعل أثمن منك يا قليل الادب "
نظر مايك لسيلين بغيظ شديد يود لو ينهض وخنقها بيديه العاريتين :
" أرأيت يا جدي هي حتى لا تحترم ايًا منا وتطالب بالاحترام، كيف يعقل هذا ؟؟؟"
تحدث سيلين بعنف وغيظ شديد :
" أخبرتك يا اليخاندرو أن نهايتك ستكون على يد أحفادك و خاصة هذين الوقحين "
أنهت حديثها تشير لمايك وفبريانو الذي ابتسم لها بسمة سوداوية مخيفة بحق يردد بنبرة جعلتها تختفي خلف اليخاندرو :
" لا تحشريني بكل مشكلة يا عجوز حتى لا تستيقظي غدًا فاقدة أحد اطرافك "
" فبريانو "
نظر فبريانو لجده وهو يقول بحنق :
" ماذا يا جدي ؟؟؟ لقد سئم فبريانو حقًا توقفوا عن الزج بي في أي مشكلة تحدث "
ضحك مارتن بعنف على أخيه وتذمره ذلك الذي جعل وجهه محمر غضبًا يمنع نفسه عن النهوض وقتل سيلين دون تفكير.......
نفخت سيلين بضيق ثم استأذنتهم للرحيل وهي تشير بعكازها لفبريانو :
" وابعد حفيدك هذا عن حدود غرفتي "
أنهت حديثها لترحل تتبعها ضحكات الجميع عليها، ليبتسم اليخاندرو وهو ينظر لفبريانو :
" آه يا مسكين كُتب عليك أن تكون بداية كل كارثة تحدث "
نفخ فبريانو بلا اهتمام وهو يستمع لضحكات الجميع التي علت في المكان لتزداد وهم يسمعون صيحات جاكيري الذي هبط الدرج يحمل هاتفه وتصدح الاغاني بصوت عالي في المكان :
" انظروا لتلك الفتاة التي ترقص في هذا الفيديو إنها...."
لم يكمل حديثه حتى وجد الجميع ينقض عليه بفضول وهم ينظرون في الهاتف ليرمقهم باستهجان :
" ماذا بكم يا حمقى لما تتكدسون عليّ هكذا؟؟؟؟ ألم تروا نساء في حياتكم ابتعدوا عني "
ابعدهم بغيظ لينتشل مايك الهاتف من يده وهو ينظر للفيديو بأعين ذئب يبتسم للجميع :
" اووه انظروا لها إنها صهباء، يا رجل لقد مست نقطة ضعفي "
صرخ جاكيري به في غضب وهو يأخذ منه الهاتف لتدور معركة بين الجميع عدا انطونيو و فبريانو الذي يراقبهم ببرود ومارتن الذي يحمل حاسوبه يتصفحه باهتمام شديد ...
جلس ماركوس جوار مارتن وهو يبتسم لابتعاده عن تلك المعركة :
" أوتعلم يا مارتن أنا أقدر فيكِ احترامك هذا، ليس كالجميع يتشاجرون على هاتف غبي به فتاة جميلة تغني بصوت بشع، ثم ماذا تفعل الآن ؟؟؟"
كتم مارتن ضحكته وهو يدير حاسوبه الخاص والذي كان يعرض نفس الفيديو يقول من بين ضحكاته :
" لقد أخذت اسم الفيديو من هاتف جاكيري "
أنهى حديثه وهو يضحك بشدة على ملامح ماركوس الحانقة لينتبه إلى مايك و جاكيري اللذان كانا يرقصان بحركات مرنة لينهض جايك يشاركهم الأمر وهو يصرخ بحماس ....
لتمر ثوانٍ وينقلب البهو لحانة راقصة، تجمع بها جميع الاحفاد حتى انطونيو وفبريانو بنيما اليخاندرو يراقبهم ببسمة يكتم ضحكاته عليهم .....
لتنقضي ليلة أخرى من تلك الليالي التي تجمع الاحفاد في مكان واحد ما بين ضحكات وصيحات وصرخات ومطاردات في المنزل وكل ذلك تحت نظرات اليخاندرو الذي عاد به الزمن لسنوات كثيرة حينما كانوا ما يزالون اطفال صغار يلهون حوله بالالعاب الصبيانية لتمر سنون تتبعها سنون وها هو يراقبهم وقد اضحوا رجالًا يفتخر بهم بين الجميع، اضحوا سند يتكأ إليهم في لحظات ضعفه ...
ضحك وهو يراقب فبريانو الذي انقض على مارسيلو بالضرب لينقسم الجميع فريقين وتنقلب الحفلة الراقصة لحلبة مصارعة تعلو بها صيحات البعض وصرخات الآخر، ورغم كل ذلك الضجيج حوله إلا أنه كان يشعر بسلام نفسي لم يعرفه سوى بوجودهم هم، أحفاده واغلى ما يملك في هذه الحياة ....
________________________
انتهت من ثيابها وهي تقف أمام المرآة تبتسم بثقة كبيرة، ثم تحركت بعدها تمسك حقيبتها تنتبه لتلك الرسالة تحتل شاشتها..
زفرت بضيق وهي تلقي الهاتف في حقيبتها تهمس بضيق :
" لا اعلم لِمَ تستمر في إغاظة امي ؟؟؟"
أنهت حديثها وهي تتوقف أمام باب غرفة والدتها لتراها تتحدث في الهاتف بكل جدية وهيبة، نعم فوالدتها سيرينا هي واحدة من أكبر نساء ايطاليا بل وأكثرهن رعبًا ...
تنفست بضيق وهي تسير بخفة حتى وصلت للباب الامامي للمنزل وبعدها خرجت بكل هدوء دون أن يشعر بها أحد، وبمجرد وصولها للبوابة الخارجية قام أحد الحراس بفتح الباب لها وهو يبتسم بسمة صغيرة ...
خطت لخارج البوابة وهي تلوح له ببسمة فهذا يعد عينها بين الحراس و رفيقها منذ الطفولة الذي يساعدها دائما ...
سارت خارج المنزل سريعًا قبل أن تكتشف والدتها أنها خرجت فتمنعها فهي منذ عادت لإيطاليا وهي تضيق الخناق حولها ....أشارت لإحدى سيارات الأجرة وهي تصعد إليها تمليها ذلك العنوان الذي تحفظه عن ظهر قلب ثم استندت يظهرها للخلف وهي تبتسم ابتسامة واسعة تمني نفسها أنها واخيرًا ستراه، حبيب الروح بعد سنين طويلة من الغياب ستراه ....
توقفت السيارة أمام ناطحة سحاب تنبئها بالوصول لوجهتها، هبطت ببطء وهي تعطي الأموال للسائق ثم تحركت بهدوء صوب البوابة تدخل للمكان متجهة للمصعد ثم ضغطت على رقم الطابق المرجو وهي تنظر في المرآة تحدث نفسها ....
" هيا روما كفاكِ جبنًا، هو لن يفعل لكِ شيء تذكري أنه يحبك وسيسامح غيابك الطويل "
كانت تتحدث وهي تحاول تهدئة ضربات قلبها وتهيئ نفسها لمقابلته، حتى سمعت صوت توقف المصعد لتتوقف ثوانٍ تفكر جديًا في العودة سريعًا من حيث أتت، لكن شيء دفعها الخارج وهي تسير في ممر طويل ينتهي بباب عريض يتسع للحائط، لتتوقف أمام مكتب يجاور باب صغير آخر وهي تقول بلطف حاولت أن تتقنه :
" مرحبًا، هل سيد فوستاريكي هنا ؟؟؟"
رفعت الفتاة عيونها ببطء وهي تستمع لذلك الصوت الهادئ اللطيف لتقع عينها على فتاة ذات أعين زرقاء خلابة وشعر اسود وبشرة بيضاء ثلجية متشؤبة بحمرة داكنة ارجعتها لانخفاض درجة الحرارة ...
"هو الآن مشغول يا انسة، هل لديكِ أي معاد مسبق ؟؟؟"
" لا في الحقيقة أنا....."
قاطعتها الفتاة دون أن تمنحها حتى فرصة الرد :
" إذن أعتذر منكِ فالسيد مشغول طوال اليوم ولا يستطيع مقابلة أحد، وإن كنتِ في حاجة ماسة للتحدث مع أحد من المالكين تستطيعي الذهاب للفرع الشمالي حيث السيد مارتن أو الفرع الشرقي حيث السيد ...."
وكان دور روما لتقاطعها وهي تزفر بضيق هي تعلم كل هذا تعلم أن كل واحدٍ منهم مسئول عن فرع أو عن شيء محدد فمملكة فوستاريكي ليست بالصغيرة أبدًا :
" حسنًا شكرًا لكِ "
صمتت قليلًا ثم اردفت بعدها وهي تشير للباب المجاور لها :
" هل استطيع استخدام المرحاض ؟؟؟"
نظرت الفتاة جوارها ثم هزت رأسها وهي تعود للعمل :
" نعم يمكنكِ "
ابتسمت لها روما وهي تتحرك صوب الباب وقد ارتسمت بسمة خبيثة صغيرة على فمها تدخل سريعًا لتلك الغرفة التي تشبه الاستقبال بمقاعد مريحة وبها باب صغير المرحاض ... اغلقت الباب خلفها ثم ألقت حقيبتها ارضًا وهي تقف أمام الجدار الزجاجي والذي تعلم جيدًا ما يقبع خلفه حيث كان ينعكس الجزء الثاني في مكتبه على هيئة جدار شفاف يعرض كل ما في الغرفة التي تقف بها ....
كان يجلس وهو ينظر للوجوه امامه بسخرية ثم القى بعض الاوراق بحدة على الطاولة أمامهم :
" هل تحسبونني ابلهًا ؟؟؟ "
توترت ملامح الجميع فجأة من حديثه لينظروا لبعضهم البعض بخوف قبل أن يتطوع أحدهم ويتحدث :
" سيدي إنه...لم ...نحن ...اقصد "
" هل تنتظر مني جمع جملة مفيدة ؟؟؟"
" لا سيدي إنها....مثيرة "
أنهى حديثه وهو ينظر خلفه بعيون متسعة مما يراه حيث كانت روما تقف أمام الحائط الزجاجي وهي تتحرك بجنون ظنًا أنه في الداخل وحده كما اعتادت أن تفعل قديمًا، كانت تلوح بيدها وهي تقفز عاليًا و صوتها لا يصل لهم ....
بينما هو انتبه لكلمة الموظف ليعقد حاجبيه بعدم فهم وهو يستدير ببطء يراقب ما ينظر إليه الجميع لتحتد فجأة أعينه بشكل مخيف وهو يـتنفس بعنف شديد هامسًا بنبرة مرعبة وهو ينهض بقوة لدرجة أسقطت مقعده ارضًا :
" الويل لمن يخرج من هنا قبل أن أخبره بذلك "
أنهى حديثه وهو يتنفس بعنف وصدره يعلو ويهبط بشكل مخيف ثم تحرك نحو باب المكتب ليتحدث السكرتيرة دون حتى النظر لها :
" اتصلي بالأمن ليأتي ويقف أمام مكتبي ولا يسمح لأحد بالخروج ".
أنهى حديثه وهو يدخل الغرفة بأعين مخيفة جعلت السكرتيرة تهز رأسها بسرعة كبيرة، لتنتفض فورما دخل الغرفة واغلق بابها بعنف هز جدران المكان كله ...
كانت تقفز أمام المرآة وهي لا ترى الجانب الآخر، لكنها تعلم جيدًا أنه يراها، لكن فجأة سمعت صوت عنيف لإغلاق الباب لتستدير وهي تبتسم بسعادة غبية وهي تهتف :
" حسنًا ما رأيك في هذه المفاجأة ؟؟؟؟"
ابتسم هو بسمة مرعبة وهو يقترب منها ....
" آه الصغيرة روما عادت واخيرًا بعدما هربت منذ سنوات مع امها "
لوت شفتيها بضيق لذكره ذلك الأمر وهي تقول محركة يدها في الهواء بحنق :
" أنا لم اهرب لقد أجـ...."
لم تكمل حديثه بسبب شعورها بدفعه لها نحو الجدار بعنف يتحدث بنبرة مخيفة اعتادتها كثيرًا منه :
" اصمتِ فقط اصمتِ فأنا الآن اكبح نفسي عنكِ بصعوبة روما "
أنهى حديثه وهو يدفن رأسه جوار رأسها يهمس لها بنبرة لم تخرج يومًا سوى معها هي فقط، معشوقته الوحيدة والجميلة البريئة والمشاكسة، المتناقضة في جميع تصرفاتها ...
أرتجف جسدها وهي تنتبه لذلك القرب منها لتحاول إبعاده بلطف وهي تهمس بصوت منخفض تستشعر عنف ضمته لها وكأنها ستختفي من بين يديه ...
" انطونيو ......"
" تبًا له، لقد عذبتيه بغيابك روما ........"
__________________________
توقف أمام منزلها وهو ينظر بحنق لساعة يده يرمق كل دقيقة باب منزلها ينتظر خروجها ...
واخيرًا اشفقت عليه جنابها لتطل عليه ببسمة معتادة منها وتركض صوب باب السيارة وهي تصعد جواره تهتف بحماس شديد ...
" جاهز أيها الشاب ؟؟؟"
نظر لها فبريانو ولحماسها باستخفاف ثم تحرك بالسيارة دون كلمة واحدة وهي جواره ترمقه بحنق شديد ...
" هذا لن ينفع صدقني، أنت على أعتاب حياة جديدة وعمل جديد، لذا اود منك أن تستقبل كل هذا ببسمة واسعة، هيا ارني تلك البسمة "
ابتسم فبريانو بسمة مصطنعة مخيفة بعض الشيء...
" حسنًا لا تبتسم سيكون أفضل فأنت مخيف... والآن لنبدأ البحث لقد أخذت الليل بطوله ابحث لك عن وظيفة ملائمة، لكن وبعد تفكير طويل أدركت أن شخصًا بتصرفاتك الغريبة و ردودك الوقحة تلك لا...."
" اخفضي رأسك ...."
انتبهت روبين من حديثها على صوت فبريانو لترمقه بعدم فهم :
" ماذا قلت ؟؟؟"
نظر فبريانو للمرآة جواره وهو يقول بنبرة مخيفة لها :
" قلت لكِ اخفضي رأسك ... الآن"
_____________________________
وها نحن قد بدأنا اللعب بطريقة مكشوفة ......