رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل الرابع والاربعون
لم تصبح جروحه أفضل ولكنه أصر أن يذهب اليوم لخطبة رقية ووافق عاصم ، توقف عاصم بالسيارة أسفل بيت محسن ، نظر لعمار ليراه شاردًا ينظر للفراع حزينا ، ابتسم يحاول أن يمازحه :
- بتفكرني بمحمد هنيدي لما كان رايح يخطب نوال
لف عمار رأسه إلى أبيه وأعطاه إبتسامة شاحبة للغاية تحرك يخرج من السيارة ألتقط باقة الأزهار وعلبة الحلوى نزل عاصم يلحق به صعدا إلى الطابق الخامس حيث يسكن محسن ، لهث عاصم بعنف يحاول إلتقاط أنفاسه حين وصلا يوجه حديثه لعمار :
- أنا مش جاي معاك تاني ، أنا صحتي على قدي ابقى خد زين وحسين ، ما تاخدش الحيوان مراد عشان ما يعكش الدنيا
ابتسم عمار بخفة قبل أن يلتفت صوب باب الشقة دق الباب لحظات وفتح محسن الباب ابتسم ما أن رأى وتحرك عمار يعانقه :
- وحشتني يا عم محسن
ربت محسن على كتف عمار بخفة يبتسم في وجهه، اختفت ابتسامته يسأله قلقا:
- وأنت كمان يا إبني بس مالك ايه اللي عمل فيك كدة ، في اي يا باشمهندس
ابتسم عاصم واقترب من عمار يوجه حديثه لمحسن :
- حادثة بسيطة بالعربية بس الحمد لله قدر ولطف ، ايه يا عم محسن مش هندخل ولا ايه
حمحم محسن محرجا قبل أن يبتعد عن الباب يفسح الطريق لعمار وعاصم ، دخلا إلى المنزل جلسا في غرفة إستقبال الضيوف ، هنا ابتسم وبادر يقول دون مقدمات :
- بص يا دكتور محسن ، ربنا يعلم أنا بعزك قد ايه ، ربنا حطك في طريق عمار إبني عشان تكون ليه الأب في غيابي ، وأنت ساعدته كتير أوي وأنا لو فضلت اشكرك من هنا ل100 سنة جايين مش هوفيك حقك ، بس أنا جاي النهاردة لموضوع تاني خالص ،أنا جاي طالب أيد بنتك رقية لإبني وابنك عمار قولت ايه ؟
وصلت كلمات عاصم إلى رقية التي كانت تقف بالقرب من الغرفة تحاول أن تعرف سر الزيارة الغريبة ، شهقت مدهوشة لتضع يدها على فمها سريعا ، عمار هنا لخطبتها !!
عمار الفتى الشارد دائما الذي اقتحم حياتهم قبل عام ويزيد ، لا تنكر أنها افتقدت وجوده فقد كان يلازمهم لفترة طويلة ولكنها لم تتخيل أن تتزوج منه ، انتبهت حين سمعت صوت أبيها يرد :
- يا باشمهندس عاصم ، عمار إبني زي ما إنت ، بس دا جواز ومش أنا اللي هتجوزه دي رقية بنتي ، عشان كدا الرأي في الأول وفي الآخر للعروسة من ناحيتي أنا ، أنا موافق
تنفست الصعداء لديها الوقت لتفكر وتقرر ولكن يبدو أن والد عمار يحب إختصار المسافات كثيرا ، سمعته يرد على أبيها :
- بص يا عم محسن أنا مش ماشي من هنا قبل ما اقرا الفاتحة ، الواد دا جاي طول الطريق يتحايل عليا يقولي أنا بحبها يا بابا مش هعرف أعيش حياتي من غيرها يا بابا ،طب نقرا حتى فاتحة يا بابا ، صدقني دا كان عايز يلبس دبل ، بس أنا زعقلته قولتله ولد نلبس دبل سُكيتي كدة ، خطوبتك مع خطوبة أخوك ، أنت عارف إن الواد عمار ليه أخ تؤام اسمه زين ، والله يا عم محسن في أول قاعدة قرينا فاتحة ، وبردوا أخوه كان عايز يلبس دبل ، أنا مش عارف العيال دي مستعجلة ليه كدة ، يلا يا عم محسن، يعني يرضيك الواد يروح متدشمل كدة وكمان زعلان
ضحك أبيها بخفة وسمعته يقول :
- لاء ما يرضنيش ، حاضر هقوم أسأل رقية
هنا قفزت من مكانها تهرول لغرفتها سريعا ، وضعت يدها على قلبها تلتقط أنفاسها ، انتفضت حين دُق الباب وسمعت أبيها يقول :
- روكا أنا بابا يا حبيبتي ممكن ادخل ؟
تحركت صوب الباب تفتح لأبيها الباب ، ابتسم محسن في وجهها دخل إلى الغرفة يغلق الباب عليهم ظل لبضع لحظات صامتا قبل أن يتحدث يخبرها :
- رقية ، أنتِ طبعا عارفة عمار ، عاش معانا مدة طويلة ، عمار طالب إيدك ووالده مصر يعرف رأيك دلوقتي ، أنا بس عايزك قبل ما تقولي قرار ما تفكريش في الماضي أبدا ، وما تقارنيش دا بدا ، عمار غلبان واتأذى كتير في حياته ، كتير أوي ، أنا واثق أنه عمره ما هيأذيكِ في يوم ، اللي زي عمار نفسه يجرب يعيش الحياة اللي ماعشهاش ، وأنتِ لازم تبدأي تعيشيها بقى ، أنا مش بجبرك ولا بضغط عليكِ إطلاقا أنا بس عايزك تدي لنفسك فرصة
ها قولتي ايه؟ ، ولو عاوزة بردوا وقت تفكري أنا هقولهم الموضوع مش سلق بيض هو
تنهدت متوترة تكمش كفيها على ثيابها حائرة نظرت لأبيها عدة لحظات وعقلها يتخبط تتذكر ما فعله بها زوجها السابق ومن بعده جاسر الطبيب المنقذ الذي ظنت أنها تحبه ، واتضح أنه وغد أيضا أذى زوجته ، أيعقل أن تكن النهاية عند عمار ، تذكرت أيضا المحادثة القصيرة التي دارت بينهما في طريق العودة من الفندق ، حين طال صمتها مد محسن يضعها فوق كتفها يهمس يسألها :
- قولتي إيه يا روكا ؟
توترت أكثر تنهدت وأغمضت عينيها تاركة لجسدها حرية القرار فحركت رأسها لأعلى وأسفل توافق ، ابتسم محسن يعانقها قبل أن يبتعد عنها يربت على وجنتها برفق
خرج من غرفتها يتحرك للخارج هناك تحركت خلفه تختلس النظر كما كانت تفعل فرأت والدها يدخل يبتسم لهم تحركت عينيها تحديدا إلى عمار تود أن ترى رد فعله حين يخبره أبيها بموافقتها وبالفعل ابتسم محسن يقول :
- نقرأ الفاتحة
ابتسم عاصم والده سعيدا ، أما هو فرأت على شفتيه ابتسامة صغيرة ولمعت عينيه وخرج من بين شفتيه نفس قوي وكأنه كان قلقا خائفا من رفضها ، تنهدت متوترة تغمض عينيها تتمنى أن تكن قد اتخذت القرار الصحيح
_____________
في الكوخ الصغير حيث يمكث جاسر ومليكة
جلس جاسر أرضا على الشاطئ أمام المياه يُمسك بالحصى الصغيرة يلقيها داخل المياه يتنهد شاردًا بين حين وآخر ، قلبه يعتصر ألما يتذكر كل ما حدث منذ البداية أول مرة رآها فيها ، فكرة الإنتقام الغبية التي هي السبب فيما هم فيه الآن ، أن أجهضوا الطفل مليكة ستكرهه إلى الأبد لن يكن هناك عودة بينهما أبدا ، شعر بالدموع تملأ عينيه ، رفع عينيه ينظر للسماء يدعو داخل قلبه أن يكن الطفل بخير وسليم ، شعر بها تقترب منه نظر خلفها ليراها على بُعد عدة خطوات منه اقتربت تجلس جواره رفعت قدميها تضمهم إليها تحركت عينيها من الماء إلى وجهه تنظر إليه تنهدت بعمق قبل أن تقول بنبرة حزينة شاحبة :
- تعرف يا جاسر ، أنا دايما بحس إني مش من حقي أفرح ، بما انك دكتور نفسي والناس كلها بتيجي تحكيلك عشان تساعدهم وتعالجهم ، أنا ما أنكرش أني قضيت طفولة سعيدة ومراهقة لطيفة لحد الحادثة اللي حصلتلي ، عارف يا جاسر الاغتصاب دا أبشع حاجة في الكون ، عمري ما نسيت شعوري وقتها ، ذل وألم وقهر وأنا بحاول بكل طاقتي ابعده عني وهو بينهش في جسمي ، جسمي أنا حقي إزاي يسمح لنفسه أنه ينتهكه عارف أنا حاسة بإيه من ساعتها بفراغ ، بجزء من روحي متدمر ، بعدها اتعرفت على عمار ، عمار كان بيحاول بكل الطُرق أنه يشوفني سعيدة ، ورغم أني فعلا كنت سعيدة إلا أني كنت حاسة بقلق دايما ، جوايا جزء خايف مش مطمن ، لحد ما حصل اللي كنت خايفة منه ، مش هنسى اللحظة اللي عمار شدني فيها من أيدي ووقفني عند حيطة ورفع إيديا يربطهم بسلاسل ، ساعتها حسيت بضعف شديد ، كنت فاكرة أنه هيعمل فيا نفس اللي عمله عادل ، كان واقف بيبكي بكل حرقة وهو بيضربني ، وأنا مش فاهمة حاجة وحاسة بألم شديد ،من اللي بيعمله فيا ومن شعوري بأني اتضحك عليا واتغدر بيا للمرة التانية ، ساعتها لما فوقت قررت أني عمري ما هيتغدر بيا تاني ، عمري ما هحب تاني ، فاكر لما كنت بتبعتلي رسايل أنك دكتور نفسي وبتحب تساعد الناس ، خوفت أوي ، لكن لما جيت هنا واتقابلت مع زينب وشوفت حالتها ما كنش قدامي غيرك ، أول مرة شوفتك فيها رغم أني كنت عارفة شكلك من الصور حسيت بنبضة قوية ضربت قلبي ، فخوفت أوي ..وتحصل المفاجأة لما ألاقيك في الشقة اللي قدامي زي عمار، وقتها اترعبت أكتر بس أنت كنت بتظهر قدامي كل يوم بعد التاني بطل ، بتكلم بجد ، أنقذت زينب من الدجال وعالجتها ، وأنت واقف جنب أريچ كنت حساك أب خايف على بنته ، لما روحنا الحفلة واتضرب علينا وخبتني وراك ، ولما كنا ماشيين في البلد وحسيت أن في حركة غريبة أول حاجة عملتها شديت أيدي تخبيني ورا ضهرك ، بعد كل دا مستحيل تكون مؤذي يا جاسر ، اتعلقت بيك يا جاسر وحبيتك عشان كدة كنت برفض دايما لما طنت تقولي أنا أقدر أساعدك ، ليه يا جاسر ؟ ليه إنت اللي تغدر بيا ؟ أنت ما تعرفش أنت كنت في عينيا ايه ، بطل !
أغمض عينيه يقبض على كفيه تدمع عينيه ألما ، ابتلع غصته يومأ برأسه ، حين فتح عينيه ينظر إليها رأت الدموع تملأ حدقتيه ، رفع يديه يمسح الدموع عن عينيه يسخر من نفسه :
- فكرتيني باللحظة اللي لقيت فيها مذكرات والدتي كنت غضبان أوي على اللي حصلها ، وشايف أني لازم انتقم وأخد حقها وكنت بحاول أوقعك بأي شكل عشان أخد بتار والدتي ، فكرة غبية أوي ، بس لما شوفتك وعرفتك أكتر وبعد اللي حصل لأريچ ، حسيت أني هبقى قذر ومريض لو أذيتك ، وكنت فاكر أني ما أذتكيش بس كان لازم اتحاسب على اللي كنت بسعى ليه بكل دناءة ، مليكة أنتي ما تعرفيش أنا حاسس بايه نار بتنهش في روحي ،أول مرة ابقى عاجز قصاد الألم مش لاقيله علاج ، أنا عارف أنه من حقك ما تسامحنيش وأنا مش هجبرك على أي حاجة بس اعرفي أني بحبك أوي كنت وهفضل دايما
وسكت ينظر لعينيها ربما يودعها ،مرت الدقائق عليهم طويلة إلى أن رن هاتفه حين أبصر اسم المتصل شعر ببرودة قوية تجتاح كيانه ، نظر إليها للمرة الأخيرة قبل أن يفتح الخط ويفتح مكبر الصوت ويجيب:
- مساء الخير يا دكتور وجيه طمني
تعالت دقاتها تبسط كفها على بطنها تحاول أن تطمأن نفسها ، سكت الطبيب عدة لحظات قبل أن يجيب :
- خير يا دكتور ، الحمد لله ربنا كرمه فوق الوصف ، كل الأشعة والفحوصات بتقول أن الجنين سليم ومعافي الحمد لله وبإذن الله المدام تكمل حملها على خير وتقوم بالسلامة
في تلك اللحظة توقف كل شيء وهدرت دقات قلبه ، شعر بأنفاسه تختفي تحركت شفتيه ينهي المكالمة :
- متشكر يا دكتور وجيه حقيقي مش عارف أشكرك إزاي ، مع السلامة
وأغلق الخط ودون مقدمات أنفجر في البكاء كالطفل الصغير ألقى الهاتف من يده وجذبها إليه يعانقها بكل قوته يتمتم بحرقة :
- مش قولتلك مش قولتلك هيبقى كويس ، مش هنبعد عن بعض يا مليكة مش هتسبيني تاني أبدا أبدا
تمسكت به ترتسم ابتسامة كبيرة على شفتيها تسكب عينيها الدموع تحرك رأسها لأعلى وأسفل توافق ما يقول
________
مرت عدة أسابيع في زحام الجميع منشغل بين الإمتحانات النهائية وترتيبات الزفاف
ولكن تحديدا في شركة جاسر مهران
جلس جاسر أمام علي صديقه يتحدثان ، بادر جاسر يقول :
- يا إبني اسمع مني ، نعمل فرح شريف وزينب مش اسمها زينب بردوا ، مع فرح حسين وچوري ، أنت عارف ممكن نعمل إيه كمان ، أنا ممكن أكلم ياسر ونعمل فرح أريچ وسامر ، دي هتبقى حتة ليلة عالمية
ضحك علي يومأ برأسه موافقا :
-والله أنا عن نفسي ما عنديش مانع ، بس كدة هنحتاج قاعة كبيرة أوي
كاد جاسر أن يقول شيئا حين دق باب مكتبه ودخل مساعده يقول :
- جاسر باشا ، باشمهندس عاصم عاوز يقابل حضرتك
اومأ جاسر برأسه يردف سريعا :
- وباشمهندس عاصم يستنى برة بردوا ، خليه يدخل بسرعة يا ابني
تحرك الشاب ودخل عاصم يبتسم في وجوههم ، وبادر يقول دون مقدمات :
- بقولك ايه يا عم جاسر أنا ناوي أعمل خطوبة زين وعمار في نفس يوم فرح حسين ، تصدق أنا ممكن أجوزهم هما الاتنين في يوم واحد بس لما أجوز حسين الأول
هنا نظر جاسر إلى علي يقول ضاحكا :
- شوفت الناس السلاسة ، مستعد يخلص من ال 3 في ليلة واحدة ، تعالا بقى نحسب الليلة دي هتقف على مين
جذب ورقة بيضاء فارغة وقلم وجلس عاصم جواره ينظر إليه وهو يخط على سطحها
1- فرح حسين وچوري
2- فرح شريف وزينب
3- فرح أريچ وسامر ( لسه هنسأل ياسر )
4- خطوبة زين
5- خطوبة عمار
6 -خطوبة يوسف
وضع القلم على الورقة ينظر لرفيقيه يردف ضاحكا :
- إحنا كدة محتاجين أستاد بجد مش هزار
ضحك عاصم يومأ برأسه موافقا ، أخرج جاسر الهاتف من جيبه يطلب رقم ياسر
___________
في منزل ياسر راضي
جلس ياسر جوار نرمين يطعم الصغيرة كيان ، أما سما فكانت أمامهم تُذاكر لتميم الأحرف الأبجدية ، حين دق هاتف ياسر ابتسم حين رأى اسم جاسر ، نظر لنرمين يردف :
- دا جاسر أخوكي
فتح الخط يجيب وقبل أن يقل حرفا بادر جاسر يقول :
- بقولك إيه يا عم ياسر ، تيجي معانا أنا قصدي أننا ناويين نعمل أفراح العيال مع بعض والموضوع واقف عليك ، موافق
ضحك ياسر على ما يقول يردف :
- يا ابني حيلك والعيال هتوافق
ضحك جاسر يقول ساخرا :
- غصب عن عينيهم ، قول أنت ماشي ومالكش دعوة ، ولا أقولك خد رأي نرمين
أبعد ياسر الهاتف عن أذنه ينظر لزوجته يقول :
- أخوكي عايز يعمل أفراح العيال مع بعض قولتي إيه ؟
والسؤال المعتاد الذي يجب أن يُطرح هنا ، سألته نرمين كما سأله ياسر:
- ايوة بس هي العيال هتوافق ؟
ضحك ياسر يرفع كتفيه لأعلى يخبرها بما قال جاسر:
- جاسر بيقول هيوافقوا غصب عن عينيهم
ضحكت نرمين تحرك رأسها توافق على ما يقول تردف :
-أنا ما أقدرش أقول لأخويا لاء ، اللي جاسر شايفه صح يعمله
هنا ضحك ياسر يوجه حديثه لجاسر عبر الهاتف :
- ما تقدرش تقول لأخوها لاء ، وأنا ما أقدرش أقول لأخو مراتي لاء على بركة الله يا عم جاسر ، طب هتظبطها إزاي دي
هنا تحدث جاسر بنبرة تشع ثقة :
- لاء دي بتاعت جاسر مهران ، سلام يا ياسر
_____________
وعليه بقرار غير قابل للنفاش أو الرفض أو التعديل من جاسر تحدد موعد لإقامة كل تلك الحفلات في قاعة ضخمة الحجم في الأول من شهر يوليو أي بعد يومين من الآن
وقف عمار أسفل منزل رقية ينتظر نزولها هي ووالدتها يقف جوار سيارة اشتراها له عاصم رغما عنه ، ابتلع لعابه متوترا ، منذ ذلك اليوم في بيتها وهو لم يرها ولم يحاول التحدث معها ، وبعد غد خطبتهما اعتدل حين رآها تنزل بصحبة والدتها التي اقتربت منه تبتسم في وجهه :
- إزيك يا عمار يا إبني عامل ايه ؟
ابتسم يومأ برأسه يحادثها بصوت خفيض :
- بخير الحمد لله ، اتفضلوا
فتح الباب الأمامي لوالدة رقية إلا أنها تحركت تفتح الباب الخلفي تتحدث ضاحكة :
- لا يا سيدي انا هقعد هنا ، البت رقية بتحب تقعد قدام
توتر وهي كذلك ، نظر إليها ترتسم على شفتيه ابتسامة ضعيفة مهتزة يتمتم :
- اتفضلي
أخذت نفسا قويا تقبض على ذراع حقيبتها تومأ برأسها ، جلست جواره تختلس النظرات إليه وهو يفعل المثل ، كلاهما مشتت حائر قلق من القادم ، تذكر الوعد الذي قطعه على نفسه هو خطب رقية وسيتزوجها لإسعادها ، ليرى تبتسم كأريچ حين كانت بصحبة ذلك الشاب ، رقية ضحية مريض مثله ولكن ربما وجود والدتها يربكه ، بعد مدة أوقف السيارة جانبا ونزل أولا والتف سريعا يفتح لها باب السيارة هنا هي من شعرت بالتوتر ، ارتعشت ابتسامتها تشكره نزلت من السيارة تسير جوار والدتها صوب المتجر الكبير أمامهم حين دخلوا جميعا ، اقترب عمار من البائع يحادثه :
- لو سمحت أنا عاوز ، ولا أقولك شوف العروسة ووالدتها يحبوا إيه
ابتسم الشاب يبارك له قبل أن يتوجه إلى العروس التي ظلت صامتة شاردة هنا جاء دور والدتها تتحدث :
- ورينا يا ابني الدبل والمحابس
تحركت عيني رقية بنظرات فارغة مليئة بالتوتر والقلق من القادم أشارت إلى أحد الخواتم عشوائيا ، مدت يدها تأخذه ولحسن حظها كان ملائم للغاية ، أخرج البائع خواتم من الفضة ليختار عمار لنفسه أحدهم ، فتحرك عمار وقف جوار رقية يطلب منها :
- ممكن تختاريلي أنتِ الدبلة ، أنا عايزها على ذوقك أنتِ
توسعت حدقتيها قليلا قبل أن تومأ برأسها توافق تحركت عينيها تبحث عن شيء يشبهه ، إلى أن وجدت خاتم من الفضة مطلي بطلاء أسود يلمع وكأنه يُضيء من جديد ، جذبته من العلبة ، فشعر بالدهشة ربما لأنه نفس الخاتم الذي وقعت عينيه عليه وأعجبه ، ابتسم يومأ برأسه موافقا ، ابتاع لها قلادة وعدة أساور ، فعاصم أعطاه الكثير طالبا منه إن يشتري لها كل ما ترغب فيه ، ولكنها لم تختر سوى الخاتم الباقي اختارته والدتها ، حين انتهيا أصر على دعوتهم إلى تناول الغداء ، توجها إلى المطاعم القريبة ، جلسوا على طاولة قريبة من شاطئ النيل جلست رقية جوار والدتها وجلس هو أمامها ، طلبوا الطعام وجلسوا في صمت مطبق لم ينطق أي منهم بحرف ، قامت والدة رقية من مكانها تقول :
- طيب بما انكوا واكلين سد الحنك كدا ، أنا رايحة الحمام
تحركت وتحركت معها عيني عمار إلى أن اختفت من أمام عينيه هنا نظر إلى رقية وتذكر العهد الذي قطعه وتذكر كل ما حدث ابتسم يسألها :
- أخبارك ايه يا رقية
هنا انتبهت تحركت عينيها إليه تهمس بنبرة متوترة للغاية :
- الحمد لله كويسة ، أنت أخبارك ايه بابا كان قالي أنك عملت حادثة بالعربية
حادثة ، سقطت على رأسه ليبصر جزء لم يره بعد ، تنهد بعمق يومأ برأسه :
- الحمد لله، جت سليمة ، صحيح نسيت أسألك جبتي فستان الخطوبة يعني لو ما عندكيش مانع نروح نجيبه سوا
حركت رأسها للجانبين تكمش كفيها لم تخض تلك المحادثة قبلا مع عمار تشعر بالتوتر الشديد :
- ايوة روحت مع هالة صاحبتي إمبارح وجبته
رأت ابتسامة كبيرة ترتسم على شفتيه قبل أن يحادثها :
- طب ممكن أشوفه
انتفض قلبها عدة مرات من نبرة اللهفة الواضحة في صوته الإبتسامة الكبيرة على شفتيه ، مدت يدها إلى هاتفها تبحث بين الصور ، توقفت عند الصورة التي أخذتها للفستان وهو لا يزال على مجسم العرض ، رغم أن الصورة التي بعدها مباشرة صورتها وهي ترتدي الفستان ولكنها خجلت من أن تريه إياها
لفت شاشة الهاتف نحوهه ، فابتسم يحرك رأسه يردف :
- حلو أوي ، ولونه كمان جميل ، أنا واثق أنه هيبقى جميل عليكِ ، رقية هو أنتِ متضايقة أو عندك مانع عشان يعني خطوبتنا هتتعمل وسط الزحمة دي
حركت رأسها للجانبين رفعت كتفيها تهمس :
- لاء بالعكس أنا حاسة أن الموضوع هيبقى لذيذ والكل فرحان
حرك رأسه يؤيد ما تقول تنهد يردف :
- أنتِ عارفة أن ما حدش اعترض على الفكرة دي خالص ، كلنا بفترة صعبة أوي وزي ما تقولي الكل عايز يشوف الفرحة حواليه في كل مكان
ابتسمت متوترة تومأ برأسها توافق ما يقول اضطربت حدقتيها يعلق داخل نفسها سؤال تود بشدة أن تعرف له إجابة تنهدت بعمق تهمس تسأله :
- عمار هو أنت ليه خطبتني ؟
توقع أنها ستسأله ولكن لم يتوقع أنها ستفعل بتلك السرعة ، وهو لا يملك إجابة محددة لسؤالها ، ظل صامتا لما يقارب دقيقة قبل أن يهمس يقول :
- أنا عندي أسباب كتير أوي يا رقية ، بس أحب أخليهم لنفسي ، اللي عايزك تتأكدي منه إني عمري ما هسببلك أي أذى ، تقدري تقولي أن أنا فعلا معجب بيكِ وعايز أعيش حياتي يا رقية عشان كدة قررت أعيشها معاكِ ، أنا حابب أبدا معاكِ الحياة اللي ما عيشتهاش يا رقية ، عايز أعمل كل اللي كان نفسي أعمله وأنا عيل وأنا مراهق ، عايز أبدا الحياة من أول أ ب معاكِ
كلماته تشبه كلمات والدها ربما هو محق ، ووالدها محق وهي يجب أن تبدأ الحياة معه من جديد
انتبهت حين رأته يخرج علبة صغيرة من جيب سرواله وضعها على الطاولة يدفعها نحوهها بخفة ، يتمتم بإبتسامة صغيرة :
- دي هدية مني ، مالهاش علاقة بالشبكة ، أتمنى تعجبك
مدت يدها تأخذ العُلبة فتحتها لتبصر قلادة في منتصفها فراشة صغيرة ، ابتسمت فابتسم يشكر زين في نفسه ، زين شقيقه اشترى اثنتين واحدة سيعطيها لمرام ، وأعطاه الأخرى يطلب منه أن يعطيها لرقية يخبره أن الفتيات تحب مثل تلك القلادات للغاية ، رفعت رقية عينيها تنظر إليه ورأى هناك في عينيها ضوء يلمع خفيض و لكنه رآه ، وشعر بسعادة كبيرة لأنه استطاع أن يجعل عينيها تلمع من السعادة !
_______________
صباح اليوم الموعود بداية من منزل جاسر مهران نفسه
في غرفة رعد وطرب
تملم رعد في نومه يضع الوسادة فوق رأسه الكثير من الضوضاء والحركة حوله يشعر بأنه ينام في منتصف ميدان عام ، انتفض يصيح غاضبا:
- ايييه في ايييه على الصبح دي الساعة لسه 12
نظر حوله ليرى طرب تقذف كل محتويات دولاب الثياب على الفراش تحادث نفسها غاضبة :
- دا مش هينفع ، ودا ضاق عليا بعد الحمل ، ودا عريان ورعد هيعمل عليه فيلم ، ودا ضيق بس حلو
- ضيق بس حلو ، طب ابقي ألبسيه كدة
تحدث رعد يتوعدها ، لفت رأسها إليه شعرها مبعثر وجهها أحمر من العرق والمجهود صرخت مغتاظة :
- الفساتين كلها ما تنفعش ، يعني إيه الفساتين ضاقت عليا ، هو أنا تخنت أوي كدة
ضحك رعد يضرب كفا فوق آخر ، قام من الفراش اقترب منها لف ذراعه حول كتفيها يتحدث وهو يضحك :
- لا يا روحي أنا اللي تخنت ، استني أنا هجبلك واحد
تحرك صوب دولاب الثياب يبحث بين الكثير إلى أن وجد فستان أسود به فصوص بيضاء تلمع أخرجه يرفعه أمام عينيها يقول :
- حلو أوي دا ، طويل ومنفوش من تحت شوية ، ومش عريان ولا ضيق هاا
أخذت منه الفستان تتبرم متضايقة تتحرك إلى خارج الغرفة :
- أدي اللي خدناه من الجواز ، أنا اتخن أنا ، دا أنا طول عمري فراشة ، أنا هروح أقول لملاك
التفتت إلى رعد تقول سريعا :
- آه صحيح حمي يونس ، بما إنك دايما بتحميه عشان أنا بخاف احميه ، ولما تخلص هاتهولي أوضة ملاك أنا حطيت هدومه اللي هيلبسها هناك
وتركته وخرجت فضحك هو من جديد تحرك صوب فراش الصغير يحمله منه يتحدث ضاحكا :
- أمك دي مجنونة والله يا ابني ، تعالا نستحمي
على ناحية أخرى في غرفة چوري سترى هناك چوري ومريم ، أما رؤى فكانت تتحرك بين غرفة ملاك وغرفة ابنتها ، حتى لا تشعر ملاك بالحزن لغياب والدتها في يومٍ كهذا
أغلقت مريم الخط مع مراد تتأفف حانقة :
- يا ابااااي ، مراد هيتجنن خلاص ، عمال يصيح بقاله ساعة إن ليه إحنا كمان ما عملناش فرحنا ، وبابا أصلا مش هيوافق أننا نتجوز غير بعد ما هو يخلص جامعة ويشتغل كمان طموح أوي
ضحكت چوري تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة قبل أن تضعها جانبا ، اقتربت من شقيقتها تردف ضاحكة :
- هتلاقيه عامل مظاهرة عندهم دلوقتي ، بس والله عسل وبيحبك أوي
دق هاتف چوري برقم حسين أمسكته تفتح الخط تضع الهاتف على أذنها فابتسمت حين بادر يقول :
- يا صباح الفل والورد والياسمين على أحلى چوري ، أنتي مش متخيلة أنا مبسوط قد ايه ، أنا حلمت باليوم دا سنين وأخيرا هيتحقق الحلم دا ، يا إبني أسكت بقى بطل صياح والله هقول لبابا يرميك برة
جعدت چوري حاجبيها مستنكرة تحوله المفاجئ أما هو فزفر بعنف يحادثها :
- معلش يا چوري ، مراد بيه من 7 الصبح وهو عامل فيها ديك رومي مش مبطل صياح قرفنا ، أنا هقفل معاكِ وأروح أولع فيه وألبس ، سلام يا حبيبي
ضحكت وهي تغلق الخط لم تنطق كلمة واحدة حسين قال كل شيء ورد عليه وأغلق المكالمة
ألقت الهاتف جانبا وتحركت تُكمل ما كانت تفعل
______
هناك في منزل ياسر راضي ، البيت كله مستيقظ لسبب هام زفاف أريچ ولكن جاسر لم يأتي بعد ، دُق باب المنزل فتحركت سما تفتح الباب ابتسمت سعيدة تصيح باسم جاسر تعانقه :
- جاسر حمد لله على السلامة كنا قلقانين أوي أنك تتأخر ، إزيك يا مليكة عاملة ايه يا حبيبتي ، خشوا واقفين ليه
تحرك جاسر للداخل ومليكة تمسك بكف يده متوترة للغاية لم تكن لتترك أريچ وهي تعرف أن لا أصدقاء لها ، ليشاركوها اليوم من بدايته ، اعتذرت من زينب وأخبرتها بأمر أريچ والأخيرة تفهمت ولم تغضب منها وذلك أكثر من جيد ولكنها الآن قلقة بسبب نرمين والدة جاسر ، لن تسمح لها بأن تقل أيا من كلماتها السامة وإن فعلت فلا لوم عليها أن صرخت في وجهها ، ولكنها أن صرخت في وجهها ستكن السبب في تعاسة البيت في يومٍ كهذا ، زفرت أنفاسها تتمنى أن تصمت نرمين تماما ، قبضت على ذراع جاسر حين رأت والدته تظهر من داخل ممر جانبي ، تبتسم تحركت إلى جاسر تعانقه تنهره :
- حمد لله على السلامة كل دا تأخير ما كنت تيجي على القاعة ، أريچ بتسأل عليك كل خمس دقايق
ضحك جاسر يقول مازحا :
- ايه يا ماما الحضن العنيف دا ، وبعدين مش كنت بنفذ نصحيتك واديني جيت اهو ، وداخل للعروسة انعكش شعرها
وانسل من بين يدي والدتها يتحرك للداخل سريعا خلفه صوت نرمين تتوعده :
- طب أبقى أعملها يا جاسر ، وأنا أخليك تسرحه أنت من أول وجديد
توترت مليكة حين تركها زوجها العزيز وباتت بمفردها أمام حماتها التي لا تركه أحد بقدرها ، أما نرمين فلفت رأسها إلى مليكة وابتسمت في هدوء ، ظلت صامتة لعدة لحظات قبل أن تتنهد بقوة تعتذر منها :
- أنا آسفة ، أنا بجد آسفة على كل كلمة سيئة قولتلهالك ، إنتِ غالية أوي عند جاسر يا مليكة ، أنتِ مش متخيلة الفترة اللي كنتي بعيدة عنه كان حاله عامل إزاي بينهار من غيرك ، ما كنش بيخرج من أوضته ، أنا بجد آسفة ، وأوعدك إني عمري ما هضايقك ولو بكلمة واحدة ، البيت بيتك طبعا أوضة جاسر أول أوضة على إيدك اليمين
ظلت مليكة تنظر إليها للحظات قبل أن تومأ برأسها ، تحركت إلى الممر فتحت باب أوؤ غرفة وضعتها بها حقيبة يدها ومن ثم تحركت تبحث عن أريچ ، سمعت صوتها وهي تضحك تصرخ في وجه جاسر :
- جاسر والله هقول لماما
تحركت خلف الصوت إلى أن وصلت عند غرفة بابها مفتوح ، ابتسمت أريچ سعيدة ما أن رأتها هرعت إليها تحتضنها بقوة :
- مليكة بجد انا مبسوطة أوي أنك جيتي ، بس ابعدي جوزك المجنون دا عني
ضحكت مليكة حين أبصرت لعبة فأر صغيرة في يد جاسر يُخيف بها شقيقته كالأطفال
___________
عودة لمنزل جاسر مهران تحديدا في غرفته هو ، اضطجع إلى الفراش يطوي ذراعيه خلف رأسه أخيرا يستطيع أن يغمض عينيه قليلا قبل مهرجان الليلة ، لا يصدق أن كل تلك الكوارث انتهت أخيرا ، و لكنه ما كاد يغلق حدقتيه دق هاتفه، زفر أنفاسه حانقا و لكنه أجاب سريعا حين أبصر اسم المتصل الذي أسرع يقول مرتعبا :
- الحقنا يا جاسر باشا ، نصار هرب !!
في مطار القاهرة الدولي وصلت الطائرة من مطار دبي ، خرجت ليان من المطار بصحبة شهاب تتحرك سريعا تنظر حولها هنا وهناك متوترة قبل أن تنظر لساعة يدها تحادث شهاب :
- الوقت بيجري أوي يا شهاب أنا كدة مش هلحق ألبس ، إنت هتيجي معايا عند شريف ولا هتروح عند حنان
أقترب شهاب منها يلف ذراعه حول كتفيها يمسح على ذراعها برفق يطمأنها :
-أهدي يا ليان وما تتوتريش عشان خاطر اللي في بطنك ، هتلحقي ما تقلقيش ، أنا هوصلك وأروح عند حنان وهسبقك على القاعة
ابتسمت له تومأ برأسها تحاول أن تتنفس بعمق وهدوء ، أوقف شهاب سيارة أجرة ، انطلقت بهم إلى بيت والديها ، تشعر بدقات قلبها تتضارب اشتاقت لأبيها وأمها وشريف ، اشتاقت لهم جميعا الأيام التي قضتها بالخارج كانت جحيما في بدايتها ولكن مع الوقت بدأت تتأقلم وتعرفت على جيرانها والوضع صار أسهل بكثير كما قال شهاب بالإضافة إلى محادثتها اليومية مع والدتها التي تشجعها دوما ، انتبهت حين توقفت السيارة أمام منزل أبيها ، ابتسم شهاب يودعها نزلت من السيارة ، وجدت المصعد يعمل أخيرا ، اقتربت من الطابق دقات قلبها تعلو أكثر فأكثر ، وصلت أمام منزل والديها رفعت يديها المرتجفة تدق الباب ، سمعت صوت والدتها يأتي من الداخل تقول :
- ايوة ، ثواني
انتفض قلبها وملأت الدموع عينيها ، لحظات وفتحت إيمان الباب شهقت بقوة حين رأت ليان أمام عينيها ، صرخت باسمها سعيدة قبل أن تجذبها إليها تعانقها بكل قوة تنهمر الدموع من عينيها :
- ليان وحشتيني يا حبيبتي ، وحشتيني أوي ، حمد لله على سلامتك يا حبيبتي ، تعالي ، يا علي يا شريف ليان هنا
جذبتها إيمان تدخلها للشقة ، وخرج علي يعانق ابنته سعيدا برؤياها ، أما شريف فوقف بعيدًا عنهم قليلا ينظر لشقيقته أشتاق لها كثيرا ، لم يكن يظن أن فراقها سيؤلمه لتلك الدرجة ، شعر بالدموع تتجمع في عينيه وهو ينظر إليها ، خرجت ليان من بين أحضان أبيها واقتربت منه وقفت أمامه تنظر لوجهه تبتسم فساره يجذبها إليه يعانقها بكل قوته وهو يردد :
- وحشتيني يا ليان وحشتيني اوي
ابتسمت سعيدة تعانق شقيقها لمدة طويل ، قبل أن تحاول الابتعاد عنه تحادثه :
- أوعى يا عم أنت حاضني جامد كدة ليه هتفعص النونو
توسعت حدقتي شريف أثر جملتها ، أبعدها عنه يمسك بذراعيها ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه يسألها مدهوشا :
- أنتِ حامل
ابتسمت ليان تومأ برأسها فأطلقت إيمان زغرودة عالية وأقترب علي منها سعيدًا يبارك لها هو وإيمان ، أما شريف فضحك سعيدا يعانقها بقوة من جديد :
- هبقى خالو ، مبروك يا ليان مبروك يا حبيبتي ، النهاردة بجد الفرحة فرحتين لاء تلاتة
___________
في منزل عاصم وضع حسين يديه فوق أذنيه يحاول حجب صوت صياح مراد الذي لم يتوقف منذ السابعة صباحا ، يا ليت أبيه كان هنا الآن لكان أخرسه ولكن والده يشرف منذ الصباح على تحضيرات قاعة الزفاف ، ألتفت حسين إلى مراد يصرخ فيه :
- يا إبني اسكتتت ، اسكتتت من سبعة الصبح وأنت عامل تصوت زي القطط في موسم التزاوج ، على الطلاق عمك جاسر ما هيجوزك مريم غير بعد ما تتخرج حتى لو مشيت قدامه على الحيطة ، ما تطلعش الواحد من هدومه بقى خليني أروح أكمل لبس
خرج زين من غرفته على صوت حسين الغاضب ، ضحك يقترب من مراد الذي يقف أمام حسين عابسا متضايقا ، ربت على كتف مراد يحادثه :
- مراد انجز نفسك وروح ألبس عشان تلحق تروح ليوسف ، إنت اللي هتسوق عربيته ، هو مين اللي هيبقى معاك في العربية صحيح يا حسين
نظر حسين حانقا صوب مراد قبل أن يتوجه برأسه إلى زين يقول :
- رعد ومعاه مراته ، وأنت أخو العروسة بردوا
اومأ زين برأسه ، نظر جواره فلم يجد مراد ألتفت إلى حسين وارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة ، ابتلع غصته يحادثه :
- هتوحشني الرخامة اللي كنا بنرخمها على بعض الصبح ، وسندويتشات البيض بالبسطرمة المحروقة بتاعت بليل
ابتسم حسين اقترب من شقيقه يربت على كتفه بخفة يحادثه ضاحكا :
- يا زوز هو أنا مهاجر ، دي الشقة جنبكوا هنا نص ساعة وتبقي عندي ، وتعالا يا سيدي وأنا أعملك كل السندويتشات اللي أنت عايزها
ضحك زين بخفة يومأ برأسه ، نظر لشقيقه لتدمع عينيه أقترب منه حسين يعانقه ، صدمه على رأسه بخفة يردف :
- أنا حقيقي سعيد أن أنت أخويا يا زين
أبتعد عنه رفع يمسح الدموع عن عينيه يحادثه ضاحكا :
- شوفت خلتني أعيط أنا كمان إزاي يلا ، تعالا نروح نشوف عمار بيعمل إيه
ضحك زين بخفة يومأ برأسه يتحرك بصحبة حسين للخارج
في غرفة عمار تراه هناك يتمدد على فراشه ينظر لسقف الحجرة يرى وجه مليكة مطبوع أمام عينيه ، هل سيراها الليلة ؟ هل أخبرها جاسر بماضيه ؟ ستشفق عليه وربما تتقزز منه
أغمض عينيه يزفر أنفاسه بعنف ، فتحها فجاءة حين فُتح باب غرفته بعنف وظهر أمامه زين ومعه حسين يضحكان تحركا ناحيته جذبه زين من الفراش يحادثه ضاحكا :
-يلا يا عم قوم أنت لسه نايم ، قوم يا عريس خلاص الوقت حان
ارتسمت إبتسامة شاحبة على شفتي عمار يومأ برأسه موافقا قام من فراشه توجه صوب المرحاض وقف أمام المرآة ينظر لانعكاس صورته الحزينة وملامح وجهه الكئيبة العابسة ، أغمض عينيه يتنهد بقوة ، عليه أن يبتسم ويبدو سعيدا للغاية لن يدع رقية تشعر بأنها أقل من غيرها ، سيريها كم هو سعيد يكاد يطير فرحا بخطبتهم ، رقية يجب أن تكن سعيدة كأريچ ، اغتسل وهذب ذقنه ومشط خصلات شعره نظر لانعكاس صورته في المرآة يبتسم قبل أن يخرج ، حين خرج رأى أبيه يقف أمامه يبتسم في وجهه سعيدا تحرك إليها وقف أمامه يعانقه بقوة يربت على رأسه برفق :
- ألف مبروك يا عمار ، ألف مبروك يا حبيبي
أبعده عنه يبتسم في وجهه ربت على خده برفق قبل أن يجذبه من يده صوب الفراش يتحدث سريعا :
- تعالا أوريك أنا جبتلكوا ايه ، جبت لكل واحد فيكوا واحدة ما عدا العاق مراد ، حطيتله تمنها في حسابه
قطب عمار جبينه تحرك صوب أبيه ينظر لما يشير فرأى على سطح فراشه حُلة سوداء فاخرة للغاية تبدو باهظة الثمن ، نظر لأبيه يقطب جبينه فضحك عاصم يربت على كتفه يقول :
- يلا أنت لسه هتنح ، عاصم وزين كل واحد خد بدلته وراح يلبس ، خلص وتعالا عشان أربطلك الجرافتة
اومأ عمار برأسه أخذ الحُلة وتحرك إلى المرحاض بدل ثيابه ومن ثم خرج ابتسم عاصم ما أن رآه يقول :
- لاء ذوقي هايل ، البدلة هتاكل منك حتة ، تعالا أربطلك الجرافتة
أقترب عمار من عاصم وقف أمامه صامتا شاردًا ، رفع عاصم يده يعقد رابطة العنق لعمار لاحظ شروده الشديد ، فرفع كفيه يكوب وجهه بين كفيه يسأله قلقا :
- مالك يا عمار ، شكلك مش مبسوط
تحركت حدقتيه صوب أبيه تنهد يحرك رأسه للجانبين بخفة قبل أن يبتسم يردف :
- لا أبدا مش زعلان ، أنا بس متلغبط ، أنا همشي عشان ما اتأخرش عن إذنك
تحرك عمار خطوة ليمسك عاصم بذراعه أقترب منه يلف ذراعه حول كتفيه يحادثه وهو يضحك :
- استنى يا عم خدني معاك ، أنا صاحب العريس اللي هيسوق العربية بتاعته ، وحلم مصرة تيجي معانا
توسعت حدقتي عمار ذهولا ينظر لأبيه لم يكن يتوقع أن ذلك سيحدث ، ابتسم شعر وكأن وجود أبيه في حد ذاته يطمأنه ، تحرك بصحبة أبيه للخارج ليرى حلم زوجة أبيه تقف أمامهم تتحدث سريعا على عجل :
- كل دا تأخير ، يلا يا عمار مامت رقية بتقول أنهم جاهزين ومستنينا
ابتسم عمار لها يومأ برأسه ، اقتربت حلم منه تلتقط باقة أزهار جميل الشكل تعطيها له تحادثه مبتسمة :
- ألف مبروك يا عمار ، أديه لرقية ، أنا قولتلها عمار جايبلك بوكية ورد حلو أوي
ابتسم عمار ينقل أنظاره بين أبيه وبينها ينظر لهما ممتنا
____________
في منزل عمرو
تحديدا في غرفة مرام انتهت الفتاة من وضع مستحضرات التجميل على وجه مرام ، نظرت مرام لإنعكاس صورتها في المرآة تبتسم قامت تنظر لهيئتها بالكامل ، تشعر بسعادة لا مثيل لها لم تشعر بها قبلا ، حتى شريف الذي قضت معه فترة مراهقتها ومن المفترض أنه كان حبها الأول لم تكن تشعر معه بتلك السعادة أبدا التفت حول نفسها مرة في لحظة دخول جواد إلى الغرفة أطلق صغيرا قبل أن يردف ضاحكا :
- ما هذا الجمال ؟ والله أنتي خسارة فيه
تحركت مرام ناحيته ، مد يده لها يمسك بذراعها يجعلها تلتف حول نفسها مرة بعد أخرى قبل أن يقول ضاحكا :
- برنسيس ، الفستان قمر عليكِ صحيح لبس البقسماطة تبقى بطاطة
ضحكت مرام تصدمه على صدره بخفة وقفت أمامه تعقد ذراعيها أمامها ضحكت تسخر منه :
- أنا طول عمري حلوة يا حبيبي ، ولا أنت عشان توم كروز الليلة هتشوف نفسك علينا ، أوعى تكون رايح تشقط هتتعلق
ضحك جواد يحرك رأسه للجانبين ينظر حوله هنا وهناك قبل أن يقترب برأسه منها يهمس بخفة :
- أشقط إيه بس ، أنا راجل متجوز توبنا إلى الله ، هي فين نور صحيح
أخبرته أن نور ذهبت لغرفتها لترتدي فستانها بعدما انتهت من وضع مستحضرات التجميل هي الأخرى ، ترك غرفة مرام وتحرك إلى غرفة نور ، مرام أخبرته سلفا أنها ابتاعت هي ونور فستان لها خاص بالليلة جميل للغاية ، وقف أمام باب غرفتها قلبها يدق بعنف ، رفع يده يدق الباب لحظات وفتحت ، وخطفت أنفاسه حين فعلت ، توقف نبضه وجحظت مقلتيه ينظر إليها تتحرك عينيه على صفحة وجهها ابتلع لعابه يميل برأسه إلى اليمين ينظر إليها عن كثب ، شعرها الأشقر المعقود ، زينة وجهها التي لم تكن تحتاج إليها ولكنها جعلتها تبرق ، وفستان ناعم بلون السكر حين يحترق يلمع بفصوص بيضاء ونهاية بحذاء له كعب قصير ، صعدت عينيه إلى الفستان ليرى أن كتفي الفستان تنزل وهي تحاول رفعها ، ابتسم يسألها :
- أنتِ مش عارفة تقفلي سوستة الفستان
توترت اخفضت رأسها تومأ بالإيجاب ، لترتسم ابتسامة ماكرة على ثغره خطى إلى الغرفة يدفع الباب بقدمه بخفة ، توترت تعود بخطاها إلى الخلف تنظر إليه مرتبكة تسأله :
- هو أنت بتقفل الباب ليه ؟ ، أنا كنت هروح لطنط روان تقفلهولي
ابتسم جواد يحرك رأسه للجانبين رافضا ما تقول :
- وليه تروحي لطنط روان وابن طنط روان موجود ، تعالي بس دا أنا حتى أيدي خفيفة
أقترب منها خطوة وأخرى وهي تعود بخطواتها للخلف فضحك يتهكم مما تفعل :
- ايه يا نوري بتبعدي ليه ، هو أنا داخل اضربك يا حبيبي ، اقفي عشان أقفلك الفستان
توقفت تقبض على فستانها بكفيها أولته ظهرها
مد يده يُغلق سحاب الفستان لم يحاول أن يضاقيها أو يلمس ظهرها الظاهر بأي شكل حتى لا تتضايق منه وهو يعمل جاهدًا على ترميم علاقتهم ، جذب السحاب لأعلى سريعا يغلقه مرة واحدة قبل أن يقترب برأسه من أذنها يهمس لها بنبرة تفيض عشقا :
- شكلك زي القمر ، على فكرة أنتِ هتبقي معايا في العربية وإحنا رايحين القاعة ، أتمنى ما يكونش عندك مانع
توترت من قربه ، حركت رأسها للجانبين تهمس بنبرة خفيضة :
- لاء ما عنديش مانع
ابتسم لها قبل أن يتحرك للخارج ، دُق الباب وفتحت والدته تحادثه سريعا :
- والله كنت عارفة إني هلاقيك هنا ، يلا هات نور وأنزلوا زين وصل كدة هنتأخر
___________
الوضع عند زينب لم يكن مختلفا كثيرا اليوم مزدحم سريع يمر كطرفة عين ، ولكنها بمفردها ليس تماما لديها صديقتها ووالدها صحيح أن والدتها ليست هنا ، وصحيح أنها لا تعلم عنها شيئا ولكنها لا تشعر بالضيق لغيابها بالعكس ربما وجودها في هذه الليلة ربما كان ليخيفها ، لا يطمأنها نظرت لانعكاس صورتها في المرآة تبتسم ، صحيح أنها تفتقد وجود مليكة جوارها ولكن أريچ الصغيرة تحتاجها أكثر ، تنهدت تبتسم متوترة سعيدة في الآن ذاته ، دُق الباب ودخل أبيها ابتسم سعيدا ما أن رآها اقترب منها فالتفتت له ، احتضنها يقبل جبينها دمعت عينيه يعتذر منها :
- سامحيني يا زينب ، سامحيني عشان سيبتك تعاني سنين مع أم مريضة ، إنتِ ما تعرفيش أنا مبسوط قد ايه وأنا شايفك سعيدة ومبسوطة قدامي ، شريف ابن حلال وطيب وبيحبك ، عايزك تعرفي أن أنا جنبك في أي وقت تحتاجيني فيه ، لآخر نفس في عمري يا زينب أنا جنبك ، ربنا يسعدك يا بنتي
عانقت زينب أبيها تغمض عينيها بقوة تحاول ألا تبكي حتى لا تفسد زينة وجهها ، سمعت صوت زغاريد عالية تأتي من الخارج ورأت إيمان والدة زوجها ومعه شقيقته يدخلان إلى غرفتها ، أبتعد أبيها عنها وخرج ليرحب بشريف ووالده ، أما إيمان فاقتربت من زينب تعانقها تحادثها سعيدة :
- ألف مبروك يا حبيبتي زي القمر ، ربنا يهينكوا ويسعدكوا يارب
أمسكت إيمان بذراعيها تبعدها عنها قليلا تنظر لوجهها قبل أن تبتسم تحادثها بنبرة رقيقة بها قدر كبير من الحنان :
- زينب أنتِ زيك زي ليان بنتي ، وأنا عيزاكِ تعتبريني زي ماما ، وأنا أقسملك إني عمري ما هاجي عليكِ في يوم عشان خاطر شريف أبدا ، اللي ما أرضهوش لبنتي ما أرضهوش لبنات الناس ، ماشي يا حبيبتي
هنا أدمعت عيني زينب قبل أن تحرك رأسها لأعلى وأسفل تعانق إيمان من جديد في حين صاحت ليان مذعورة :
- زينب بالله عليكِ أوعي تعيطي الميك اب هيبوظ وشريف هيدبحنا كلنا
ضحكت زينب بخفة تومأ برأسها اقتربت ليان منها تعانقها تحادثها ضاحكة :
- خدي بالك من شيفو ، صدقيني دا حنين خالص ، هو بس غشيم حبيتين
- أنا غشيم يا جزمة
انتفضت ليان نظرت خلفها فرأت شريف بالقرب منها يكتف ذراعيه أمامه ، اختبئت خلف زينب تتحدث ضاحكة :
-غشيم مين قال غشيم ، أنا بقولها شريف عامل ريچيم عشان تاخد بالها من نظامك الغذائي مش صح يا زينب ، قولي صح هيعلقني
ضحكت زينب بخفة تومأ برأسها ، اقتربت إيمان من ابنتها تضحك على ما تفعل :
- طب يلا يا هبلة نسبقهم ، شريف هات عروستك وأنزل يلا
اومأ شريف برأسه جذبت والدته شقيقته تنزلان لأسفل ، ووجدت زينب نفسها وحيدة هي وشريف فقط ، توترت أما هو فتحرك إليها وقف أمامها ابتسم يحرك حدقتيه يبتسم سعيدًا تحرك لسانه يتغزل بها :
- زي القمر يا حبيبتي ، ومش عشان المكياچ خالص ، أنا ما كنتش اصلا عاوزك تحطي مكياچ بس عشان أنتِ عروسة وما تزعليش ، زينب أنا عارف إن البداية ما كنتش كويسة بس أنا واثق أن اللي جاي كله هيبقى زي الفل ، وأحلى من الفل كمان ، يلا هاتي إيدك
ارتجقت كل ذرة بها وشعور لذيذ بالسعادة يدغدغها مد يده يمسك بكف يدها يبتسم في وجهها يتوجهان سويا لأسفل
_____________
أما هناك فعودة لمنزل جاسر مهران في غرفة وقف يوسف أمام مرآة غرفته نظر إلى مراد من خلال سطح المرآة يحادثه ساخرا :
- هتفضل قاعد زي المطلقة كدة ، يا إبني أنا لسه رايح أخطب أنا كاتب كتابك ، وأنا سنين كليتي أطول أنت هتتجوز وتخلف وأنا لسه بتخرج
زفر مراد أنفاسه حانقا ، قبل أن يومأ برأسه على مضض ، قام من مكانه يعترض ساخطا :
- حاجة قرف يا شيخ ، أهالي عايشة تكدر عيالها ، يلا يا عم خلص لبس ، الواد وليد فين صحيح بقاله مدة مختفي ، دا أنا قولت هيبقى موجود النهاردة
تنهد يوسف وشردت عينيه هو الآن على أتم ثقة أن وليد كان يحب مريم ، لذلك أبتعد تماما ما أن تزوجت مريم من مراد ، رسم إبتسامة باهتة على شفتيه يردف :
- وليد من ساعة ما حول من الكلية واشتغل في مكتب جواد وهو دايما مشغول ربنا يعينه ، هتلاقيه هيحصلنا على القاعة
شعر مرعد أن هناك خطب ما بين يوسف ووليد ولكنه لم يرد أن يضايقه خاصة الليلة
في الغرفة القريبة منهم حيث ملاك ومريم وطرب ،نظرت طرب لشقيقتها تدمع عينيها فرحا ، تنظر لها من بعيد وهي واقفة على قدميها كل مرة تراها فيها تتحرك تشعر بسعادة غامر ، وها هي أمامها تتحرك تضحك سعيدة تلتقط هي ومريم الصورة ، تلتف حول نفسها ، اقتربت منها تعانقها دون مقدمات أدمعت عينيها توصيها :
- ملاك ، أنتي ما تعرفيش أنا مبسوطة قد ايه عشان بس شيفاكِ سعيدة ، ملاك أوعي أبدا تسمحي ليوسف أنه يهينك أو يعنفك ، ولو فكر يعمل كدة قوليلي ، ما تسمحيش لحد أنه يقلل منك يا ملاك عشان خاطري ، اوعديني
ابتسمت ملاك لها تومأ برأسها توافق ما تقول فابتسمت طرب تعانقها من جديد قبل أن يدق الباب وتدخل رؤى تتحدث سريعا :
- يلا يا بنات انتوا لسه واقفين ، مريم مراد مستنيكِ تحت في عريبة يوسف ، وأنتي يا طرب رعد مستني في عريبة حسين ، ويوسف واقف برة ، تعالا يا يوسف خد ملاك وأنزلوا
دخل يوسف إلى الغرفة ما أن رأته ملاك أحمر وجهها خجلا ، تنظر أرضا أما يوسف فابتسم سعيدا تقدم منها أمسك بكف يدها جعلها تتأبط ذراعه يهمس لها خلسة :
- أحلى من القمر
نزل الجميع لأسفل وبدأ كل منهم يتوجه إلى سيارته ، أسرع يوسف يفتح باب السيارة لملاك جلست جواره ، وبالأمام مراد الذي يصيح في مريم حانقا :
- يا بنتي والله العظيم أنتِ مراتي يعني أمسك إيدك عادي ، أنا دلوقتي فهمت شعور الفنان ياسر جلال لما كان واقف يزعق في نص الشارع ويقولهم الست دي مراتي والله العظيم مراتي ، أكيد كانت متخلفة زيك
مد يوسف يده يصفع مراد على رقبته ينهره :
- ما تشتمش أختي يلا ، بدل ما أقول للحج ينفخك وهو ما هيصدق
أما بالسيارة القريبة منهم ، شبك حسين يده في يد چوري التي تبدو شاردة منذ أن رأته لا يعرف أين أخذها عقلها وذهب ولكن يبدو أنها تفكر في شيء ما ليس لصالحه
أما هي فكانت تشعر بالضيق لما حدث بينهما حتى وإن كان رغما عنهما ، تذكرت مشاهد متفرقة وتضايقت للغاية مما تذكرت ، نظرت ناحية حسين وحاولت أن تبتسم
رأت أبيها يقف بالقرب من سيارته ابتسم لها يلوح بيده فابتسمت له هي الأخرى تتنهد بعمق
_____________
في تمام التاسعة والنصف توقفت الكثير من السيارات أمام قاعة زفاف كبيرة الحجم وبدأ الترتيب كالتالي توقفت سيارة زين نزل منها سريعا يلتف حولها فتح الباب لمرام التي ابتسمت سعيدة تمد يدها لها جذب يدها يجذبها من السيارة بخفة يطوي ذراعه تتمسك وبدأت الدفوف والموسيقى تعلو بأغنية شعبية صاخبة ، نظر زين لمرام يبتسم لها سعيدا وفعلت المثل وهي تتحرك جواره إلى داخل القاعة معهم جزء من الحضور من ضمنهم والديها وجواد الذي يمسك بيد نور
خلفهم مباشرة كان عمار ، أوقف عاصم السيارة ألتفت برأسه إلى عمار يحادثه سعيدًا :
- يلا يا عريس خد عروستك وأنزل
ابتسم عمار لأبيه يومأ برأسه ، نزل من السيارة لفت رأسه المكان يبحث عن مليكة لا يعرف لما فعل ذلك نفض الفكرة عن رأسه سريعا ألتفت يفتح الباب لرقية يجذب يدها بخفة لتخرج من السيارة ابتسمت في وجهه مرتعشة متوترة مد يده يُمسك بيدها ما أن باتت أمامه مال يقبل جبينها يهمس بنبرة خفيضة :
- مبروك يا روكا ، أنا بجد سعيد أوي في اللحظة دي
ارتعشت متوترة مما يحدث ، حمحم عاصم يخرج من السيارة يحادثه متضايقا :
- ولا ولا دي لسه خطوبة يلا ما تبوسهاش تاني لأعلقك ، يلا خد خطيبتك وأدخل القاعة
ضحك عمار بخفة يومأ برأسه تحرك بصحبة رقية للداخل ومن دقيق دُقت الدفوف وصدحت نفس الأغنية السابقة ودخل عاصم وحلم ومعهم مُحسن وزوجته لداخل القاعة خلف العروسين
وثالثا تحركت سيارة مراد يعلق ساخرًا :
- والله العظيم لو واقفين في طابور تطعيمات ما هيحصل اللي بيحصل دا ، أبوك وأبويا بيوفروا ، بس بيوفروا ايه دي القاعة دي واخدة رقم قدامه أصفار كتير
ضحك يوسف يتهكم منه :
- والله لو واحد منهم سمعك ليعلقلك ولا تطول سما ولا أرض ، لمها مع أبويا عشان مش طايقك لوحده
أصفر وجه مراد يومأ برأسه سريعا ، في حين ضحك يوسف ، نزل من السيارة فتحت ملاك باب السيارة ونزلت فضحك يردف :
- يا بنتي كنتي استني افتحلك الباب أنا ، يلا هاتي إيدك
ابتسمت ملاك خجلة ، مد يوسف يده يُمسك بكف يدها يجذبها بخفة لتسير جواره ، مال على أذنها يهمس خفية :
- كان نفسي يبقى فرحنا يا قمر
أحمر وجه ملاك خجلا تصدمه على ذراعه بخفة ، ضحك يوسف عاليا يتحرك بها وللمرة الثالثة دُقت الدفوف ولكن تغيرت الأغنية
وتحرك مراد خلف يوسف يتأبط ذراع مريم ،
وهنا تحديدا تغيرت دقات الدفوف وصدحت الأبواق العالية وتعالت أغنية أخرى تماما خاصة بالزفاف حين توقفت السيارة التي بها حسين وچوري ، نزل حسين من السيارة يعقد زر حلته الأوسط ، تنهد قلقا من حال چوري الغريب ولكنه حاول قدر الإمكان أن يهدأ ، فتح لها باب السيارة جذبها بخفة من السيارة قرب رأسه منها يهمس قلقا:
- چوري أنا قلقان عليكِ في ايه أنتي كويسة
توقع أن تبتسم أن تهز رأسها رافضة أن تقول ما بها ولكنها قالت اخفضت صوتها للغاية تهمس له :
- حسين أنا مش عوزاك تلمسني لما نروح
قطب جبينه مستنكرا ما يسمع منها الآن ، زفر أنفاسه يحاول أن يحتوي ما يحدث :
- حبيبتي نلخص الفرح ، وهنقعد نتكلم وأفهم في أي ، واللي أنتي عيزاه عينيا ليكِ
تنهدت تومأ برأسها ليبتسم في وجهها ، لف ذراعها حول ذراعها يتحركان للداخل ، يفكر فيما قالته له توًا
بعد عدة لحظات توقفت سيارة شريف الذي يقودها مجدي وجواره والد زينب ، ألتفت مجدي إلى صديقه يحادثه ضاحكا :
- الدور الدور الدور الدور ، موعود ياللي عليك الدور
ضحك شريف يصدم مجدي على رأسه بخفة نظر إلى زينب التي تضحك على دعابة مجدي يبتسم في وجهها ، نزل من السيارة يُمسك بيدها نزلت إيمان من سيارة علي تُطلق الزغاريد العالية جوارها ليان التي أخرجت هاتفها تلتقط الصور ومقاطع الفيديو لأخيها وزوجته
وأخيرا توقفت سيارة جاسر راضي وجواره مليكة وبالخلف أريچ وسامر ، لف جاسر رأسه يحادثه سامر ضاحكا :
- شوفت بقى أنا بعزك قد إيه بزفك بعربيتي ، دي حتة من قلبي ما تطلعش غير للغليين
قلبت مليكة عينيها تتهكم مما يقول تسخر منه :
- أول قصة حب بين بني آدم وعربية ، يا إبني أنت بتحب عربيتك أكتر من مراتك ، أنا خايفة تحبها أكتر من عيالنا ، دكتور نفسي محتاج دكتور نفسي
ضحك جاسر عاليا يومأ برأسه موافقا ، نزل جاسر من السيارة فتح الباب لمليكة ومن ثم لأريچ جذب يدها من السيارة يُخفض صوته يحادثها مترفقا :
- روچا أنا حكتلك كل حاجة وفهمتك هو عمل كدا ليه ، مش عايزك تتوتري لما تشوفيه جوا ، أنا خدتلك حقك وأنتِ خدتي حقك بنفسك ، خلاص الصفحة دي اتقفلت تماما ، ماشي يا حبيبي
تنهدت متوترة تومأ برأسها للحظة شعرت بالشفقة على عمار مما سمعت من جاسر عما حدث له سنوات ، ولكنها نفضت ذلك الشعور سريعا تخبر نفسها أنه وغد لا يستحق التعاطف ، لا يستحق حتى أن تفكر فيه من جديد ، أقترب سامر يتحدث ساحظا :
- ياعم دي مراتي أنا يا عم ، مراتك جنبك أهي
ضحك جاسر يبتعد خطوتين للخلف يفسح الطريق لسامر الذي أخذ بيد أريچ وتحرك للداخل وتحرك ما تبقى من الحضور لداخل القاعة ولم يتبقى سوى جاسر مهران نفسه ، خرج عاصم من القاعة يبحث عنه هنا وهناك إلى أن رآه يقف جانبا يستند إلى سيارته يكتف ذراعيه أمامه أقترب عاصم منه يسأله :
- أنت واقف كدة ليه ، يلا يا إبني المعازيم كلهم بيسألوا عليك جوا
ابتسم جاسر بهدوء يومأ برأسه تحرك جوار عاصم للداخل يحادثه :
- بقولك يا عاصم ، أنت أخو مراتي وأخويا وصاحبي ، بس قسما بالله حسين يضايق ولا مراد يزعل مريم مش هسمي عليهم ، اللهم بلغت
ضحك عاصم يربت على كتفه يتحركان سويا للداخل يحادثه :
- يا عم ولع فيهم أنا مسامح
دخلوا لقاعة الزفاف ليرى جاسر المشهد أمامه ست مقاعد لكل عروسين وساحة كبيرة للرقص ربما والكثير من الطاولات والمقاعد للحضور ، المكان فخم فاخر دُفع فيه الكثير ، تحركت عيني جاسر يبحث عن أولاده لاحظ شرود چوري فشعر بالقلق عليها ، ورأي يوسف يبتسم سعيدا ، وها هي رؤى جوار چوري تحمل يونس الصغير ورعد يشاكس يوسف شقيقه ، وقبل أن تتحرك عينيه أكثر انطفأت أضواء القاعة فجاءة
وصدحت صوت طلقات متتابعة واضيئت الأنوار من جديد ، ضحك جاسر يحرك رأسه يائسا يعلو بصوته يحادث من يقفون أمامه :
- أحلى تحية من عيلة السويسي والله