![]() |
رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الثالث بقلم رحمة نبيل
لا يشعر بشيء سوى قلبه الذي يهدر بين جنبات صدره بسبب قوة ضرباته له، كأنه يود الخروج ومشاركته تلك اللحظة، لقاءها يبدو كقطرات الندى التي تساقطت على روحه بعد رحلة طويلة في صحراء قاحلة، فانبتت بتلك القطرات ثمار عشقه لها، وقد بدأت تنمو بشكل غريب داخله، تلك الفتاة التي أوصلته لمرحلة لم يعد يعرف فيها نفسه، رغم أنه لا يعجبه أن يكون هكذا، لكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يكون إلا هكذا، يتألم ويعشق ما هو فيه في الوقت ذاته، أمر محير، لم يعهد في حياته أن يعيش حالة كتلك، لكن للحق هو يحب ذلك الشعور وبشدة .
ضمها فبريانو أكثر وهو يهمس لها بهدوء شديد يحاول استيعاب أنها معه بعد تلك الأيام :
" اشتقتك روبين "
بكت روبين أكثر في أحضانه وهي تحاول وصف له ما حدث من بين شهقاتها، منذ أتت والدتها لأخذها وحتى اللحظة التي أخرجها بها مالك من ايطاليا :
" هو ....لقد ....كانوا كثيرين وضخام الجسد....و"
توقفت عن الحديث وهي تدفن رأسها في صدره قائلة ببكاء عالٍ :
" لقد أخبرني أنه سيقتلك، كنت خائفة بشدة، كنت خائفة من فقدانك فبريانو "
" اششش انتهى الأمر، لقد انتهى الأمر ارنبي الوردي وها أنا عدت لاراك تقفز أمام عينىّ في الحقول الخضراء تتناول المعكرونة بشكل مثير للاشمئزاز "
ضربته روبين على كتفه بعنف وهي تود لو تعضه، لكنه شدد من احتضانها وكأنه سمع حديث رأسها وأدرك مخططها الشرير في الانتقام منه على كلمته التي خرجت منه بغية اغاظتها، ونجحت خطته بشكل مبهر، حيث استكانت روبين في أحضانه أكثر تستمع بحنانه الغريب على فبريانو الذي تتحدث معه عادة، ولم يمهلها فبريانو فرصة للاستمتاع أكثر بتلك الحالة التي لن تتكرر :
" أنا جائع "
لم تبدى روبين أي ردة فعل على حديثه، معتقدة أنها أساءت السمع، لكنه لم يدعها تطيل تلك الحالة من الانسجام :
" روبين هل نمتِ ؟؟ أنا جائع "
ابتعدت روبين عنه بعنف وهي ترمقه بعدم فهم تحاول أن تدفع حديثه داخل عقلها، علّها تستوعب كيف تساقطت تلك الامال التي بنتها في الثواني السابقة على رأسها :
" عفواً ؟!"
" هل اصبتِ بالصمم ؟! الأمر لن يكون جيدًا، فلا اظن أنني سأتحمل مرضك إلى جانب قبحك، أنا تأقلمت مع أمر قبحك بصعوبة "
عادت روبين للخلف أكثر وهي تنظر له بشر على حديثه قبل ترفع اصبعها في وجهه بشكل جذب جميع حواسه لذلك الاصبع وهو ينظر له نظرة غريبة شاردة وكأنه يفكر من أين يقوم بقصه، من العقلة الأولى أم الثانية ؟!
صرخت روبين بحنق :
" أنت يا عديم الاحساس "
" نعم ؟!"
" ألا تملك أموال لتأكل في منزلك ؟! في البداية كنت أظنك مسكين فقير ترافقني لتتناول طعامي بسبب فقرك، لكن لا كنت موال الوقت تمتلك أموال تشتري مطاعم ايطاليا كلها، وتأتي لتأكل طعامي أنا تحديدًا "
هز فبريانو كتفه ببساطة لا تلائم انفجارها ذلك وهو يقول بكل هدوء :
" أنا لا أحب سوى طعامك أنتِ، ولا استشعر بمذاق اي اكل سوى خاصتك، أنا لم اتناول طعام منذ رحيلك سوى بعض اللقيمات فقط حتى لا أُحزن ادم ومارتن من اجلي، لكنني حقًا جائع روبين "
وإن كان يود أن يؤثر بها بحديثه ذلك رغم عدم تحدثه بنبرة مؤثرة، فقد نجح بالفعل، لتتقدم هي منه بحنان تلوي شفتيها أمامها بشكل لطيف وهي تردد وكأنها تحدث طفلها الذي خدعها ببعض الحديث المعسول واللطيف :
"ايها المسكين هل أنت جائع؟! "
نظر فبريانو لملامح وجهها التي تشعره أنها تحدث طفل صغير، والذي لم يروقه، لكن وقبل أن يفتح فمه ليتحدث سمع الاثنين صوت خلفهما يهتف بنبرة ضعيفة خافتة بعض الشيء :
" هو ده بقى الواد الأجنبي اللي حكتيلي عليه ياروبين ؟! "
_________________________________
منزل؟! هل هذا ما وصفه جاكيري بالمنزل؟! فيلا رغم صغر حجمها إلا أنها كانت مبهرة بشكل خطف انفاس الثلاثة الذين هبطوا للتو من السيارة خلف جاكيري، ومن وقتها وهم يقفون بشكل مثير للضحك أمام الـ" المنزل "، كما سبق ووصفه جاكيري منذ ساعة تقريبًا .
أخرج العم توفيق هاتفه وهو مايزال يفتح فمه بانبهار، قبل أن ينتشر في المكان يلتقط لنفسه صور مع كل ركن من أركان الحديثة الخارجية، بينما سيلين نظرت له بترفع وهي ترفع فستانها متعدد الالوان تسير على أطراف أصابعها بكل ترفع وهي تشير لجاكيري صوب حقائبها :
" احضر حقائبي يا فتى حتى اتفقد الـ "
ولم تكمل كلامها بسبب جسدها الذي امتلئ بالمياة فجأة ودمر كل ما كانت تصطنعه منذ قليل، وببطء شديد حركت رأسها في اتجاه ذلك المجرم الذي ارتكب في حقها تلك الجريمة البشعة، تعدمه رسميًا بنظراتها التي كانت تشبه برصاص حي، ولم يكن المجرم سواه، ذلك العجوز الذي يغار شبابها اليافع، وصحتها المتفتحة كزهرة في منتصف الربيع :
" الويل لك ايها العجوز البشع "
لكن توفيق لم يكن منتبه لكل ذلك وهو يحمل خرطوم المياة يحاول رفعه فوق رأسه ليصنع شلال خفيف حتى يلتقط صورة مشابه لصور البعض الذين يسقطون بعض قطرات المياة اللطيفة على وجوههم وهم يبتسمون بسمات صغيرة.
لكن تلك الحالة من الانسجام انهدمت فوق رأس توفيق وهو يشعر بحجر يصطدم في رأسه بعنف لتتعالى صرخاته ويلتفت ليرى الفاعل، قبل أن تسود عينه وهو يهمس :
" اه يا بواقي التصدير انتِ؟! وربي لاخليكِ متنفعيش قطع غيار "
مسح جاكيري وجهه وهو يسحب رفقة خلفه قائلًا بسخرية :
" حسنًا عسى أن يقتلا بعضهما البعض واتخلص منهما "
أشارت جاكيري صوب سيلين التي حملت صخرة متوسطة الحجم بهدف رميها على توفيق مجددًا الذي كان يرمقها بشر :
" لكن...لكن "
" توقفي لن يفعلا شيء، دعي الاولاد يمرحون قليلًا قبل رحيلهما عن هذا العالم "
هكذا أخبرها وهو يدفعها صوب مدخل المنزل يرمق الاثنين بحنق شديد، يخرج مفتاحه ويفتح الباب دافعًا رفقة للداخل، والتي بمجرد دخولها حتى طافت عينها على جميع اجزاء المنزل تحاول استكشافه بنظرات سريعة وعلى فمها ترتسم بسمة انبهار، قبل أن تتجمد فجأة وهي تلمح ذلك الجسد الذي يتسلق الدرج نحو الأسفل بشكل مرعب، حتى كاد يسقط عدة مرات، يركض كالمجنون صوبها وهو يهمس باسمها وقد بدأت دموعه تتساقط، يفتح ذراعيه باتساع، يستقبل جسد أخته بينهما بقوة شديد وهي مازالت تفتح عينها لا تستوعب ما يحدث هنا، وكيف وصل أخيها لمنزل جاكيري .
بينما اسكندر كان في عالم آخر وهو يضم أخته بين ذراعيه، يبكي بشوق :
" وحشتيني يا رفقة، وحشتيني اوي اوي "
امتدت يد رفقة بحركة غير إرادية وكأن هذا ما اعتادت فعله وهي تضم أخيها وقد بدأت خلاياها تستوعب تمركزها في احضان اسكندر، لتنفجر في بكاء مرددة اسم أخيها بهيسترية بشكل جعل جاكيري يتقدم منها دون الاهتمام لأخيها الذي شدد من عناقه لها، لكن جاكيري لم يهتم وهو يقف جوارها يربت على شعرها بحنان شديد، ينحني ليصل جوار رأسها التي تستقر أعلى كتف أخيها :
" رفكة لِمَ البكاء؟! هل يزعجك وجود ذلك الشاب هنا؟! أأقتله لأجلك ؟!"
انفجرت رفقة في البكاء أكثر بسبب حديثه تشعر بقلبها يتضخم بحبه، بينما اسكندر رمى جاكيري بنظرة مخيفة يشدد من عناق أخته أكثر، يبعد يد جاكيري بعنف عن شعرها ثم أخذ هو يرتبه لها، بينما جاكيري لوى شفتيه بحنق شديد وهو يرى انشغال رفقة مع أخيها؛ لذا انسحب ببطء من المكان تاركًا الاثنين معًا .
_________________________
الجميع على طاولة العشاء في جو يعمه الهدوء بوجود اليخاندرو وحوله يرتص احفاده، أو المتبقي منهم، وايضًا جولي وروز، هدوء كبير يسود الجلسة، إلا من صوت الملاعق، وصوت تناول الطعام، إلا أن صوت طغى على ذلك وهو صوت قرع الأواني في جزء من السفرة، اتجهت الأنظار لذلك الجزء والذي كانت تجلس به جولي، التي كانت تنفس عن غضبها في الأواني، علّ ذلك البارد جوارها ينتبه لحنقها وتذمرها.
ابتسم اليخاندرو بسمة صغيرة وهو يرى ملامح الامتعاض تعلو وجه جولي وهي كل ثانية وأخرى ترمق مارتن بنظرة تخبرك أنه هدّم معبدها على رأسها أو قتل لها عزيزًا :
" ما لىّ اراكِ مشتعلة اليوم جولي ؟!"
نظرت له جولي بلهفة وكأنها لم تصدق أن أحدهم انتبه لها، لتعلن انفجارها الغاضب فجأة :
" لا اعلم يا سيد اليخاندرو فلتسأل حفيدك عن سبب اشتعالي ؟!"
كاد اليخاندرو يفتح فمه موجهًا حديثه لمارتن يجاريها، لكنها لم تسمح له وهي تنفجر في الصياح بحنق :
" تخيل حفيدك ذلك المخادع الذي لم يكتفي بخداعي مرة تلو الأخرى، يخدعني للمرة التي لا اعلم عددها؟! اصبحت لا أشعر بالامان جواره "
أطلق مارتن ضحكة ساخرة وهو يردد دون النظر لها :
" أنتِ من لا تشعرين بالأمان معي؟! يا فتاة أنا أصبحت اخاف على نفسي جوارك، أنتِ إرهابية خطيرة "
أشارت له جولي بغضب وهي تقول :
" ها، انظر يا جدي، انظر إليه، عندما احضرني لهنا عاهدني على أن ينفذ جميع طلباتي ويجعلني ملكة في منزله، وحتى الآن لم يفعل سوى كل ما يغضبني "
ألقى مارتن ملعقته بغضب وهو يردد بسخرية وقد بدأ صوته يعلو :
" عاهدتك أن اجعلك ملكة في منزلي، وليس مجرمة دولية جولي "
" أنت الآن تحطم حلم طفولتي مارتن"
" هل تسمين ذلك حلم طفولة؟! بحق الله هل هناك طفل يحلم بأن يكون سفاحًا؟! أين ولدتي يا فتاة؟! في قاعدة صواريخ ؟! وإياكِ أن املحك بقرب اسلحتي أو المخزن مجددًا سمعتي ؟! "
نظرت له جولي ثواني تتحداه بعينها قبل أن تنهض بعنف ضاربة الطاولة تصرخ في وجهه :
" أنت شخص لئيم، تحرمني كل ما احب مارتن، أنت قاسي للغاية وانا اكرهك "
نظر لها مارتن ثواني بأعين مشتعلة قبل أن تنطفئ لمعة عينه المخيفة فجأة وهو يهز كتفيه بعدم اهتمام :
" قولي ما شئتي، لن اعطيكِ ما تريدين "
" حسنًا على الأقل اعد لي حسابي الذي حذفته "
بانكسار وحزن رددت وهي تحاول النبش في عينه عن أي تعاطف معها، لكن لا كل ما حصلت عليه هو نظرة باردة وهو يخبرها ببسمة صغيرة مقيتة :
" لا سيدة " جولي المدمرة " لن اسمح لتلك العائلة أن تسجن بسببك "
" أنا لم أفعل لكم شيء، ولم يكتشف أحد انكم مجرمون بلا قلب "
تناول ماركوس قطعة لحم أمامه وهو يقول بكل هدوء أثناء تقطيع قطعة أخرى :
" حسنًا، هذا كان قاسيًا حقًا "
لم يهتم له مارتن وهو يقول بضحكة تتخللها نبرة عدم تصديق :
" ماذا؟! حقًا جولي ؟! وكل تلك الإشارات التي تقومين بها لأفراد العائلة أثناء تحدثك عن المافيا والمجرمين؟! كل منشوراتك تتحدثين فيها عن كيف تصبح مجرمًا في خمس خطوات، وكيف تقتل رجلًا دون أن تسجن، ثم تقومين بالاشارة لأحد هؤلاء الحمقى وتضعين جوارهم جملة، للمزيد رجاءً تواصلوا مع المختصين "
فتح مايك فمه ببلاهة وهو ينظر لجولي بعدم تصديق :
" يبدو أنه فاتني الكثير أثناء غيابي عن المنصات الإلكترونية، يا فتاة أنا من أخبرتك مكان الأسلحة وفي النهاية تسلمينني بهذه السهولة، عارٌ عليكِ "
أنهى مارتن حديثه بشفاه مزمومة وتبرم واضح على ملامح وجهه، بينما مارسيلو رفع حاجبه وهو يقول لمارتن :
" قضينا قرون في المافيا ولم يستطع أحد امساك دليل يديننا، والآن سيتم الزج بنا في السجن بسبب تلك الحمقاء؟! يا لسخرية القدر "
التفتت له جولي وهي ترمقه بشر :
" لا تتحدث أنت، فأنت حتى الآن لم تقبل طلب صداقتي "
" وكأنني ينقصني مجانين ؟!"
تحدث ادم وهو يحاول يتناول طعامه باستمتاع مما يحدث :
" يا رجل فاتك ضحك كثير، أنها ممتعة حقًا "
وافقه مايك الحديث وهو يضحك بقوة :
" اه نعم خاصة في تلك المنشورات التي تكتب بها الأقوال الغبية المخيفة كتهديد، ثم تقوم بالاشارة لانطونيو لتخيفه، أنها تقتلني من الضحك "
فتح مارسيلو فمه يدعي الانبهار وهو يخرج هاتفه على الفور يبحث عنها، بينما مارتن أشار لهم بغضب وهو يقول :
" ها انظري جعلتي بعض الاغبياء يضحكون عليكِ ايتها البهاء، ثم ما أمر تلك المنشورات الخاصة بانطونيو ها؟! تهددين انطونيو يا حمقاء؟! انطـــونيـــــو؟! لا ينقصني سوى أن تهددي فبريانو، أنتِ يا امرأة اصبحتِ اخطر مما اتوقع "
" حسنًا أنا لا اخاف أخاك لعلمك، لكنني لا امتلك عداوة معه لاهدده، لكن حذره أنه إن فعل معي شيء، فلن يرى جولي اللطيفة وسأنسى أنه اخوك"
" يا فرحتي بكِ وبمروئتك، صدقيني فبريانو سيقدر لطفك وكرمك هذا سيد جولي المدمرة "
صمتت جولي يديها لصدرها بحنق تستشعر سخريته المبطنة منها وهي تقول بغضب متحركة للخارج تاركة الجميع ينظر لاثرها بتعجب :
" حسنًا هذا ما لدي، إن لم يعجبك الأمر لننفصل ببساطة "
تابعها مارتن بفم مفتوح وهو يراقبها تتحرك خارج القصر قبل أن يستفيق على صوت اليخاندرو الذي كان يتناول طعامه بكل هدوء وبرود :
" عجبًا لقد كانت تكتم الكثير داخلها "
نظر له مارتن ثواني قبل أن يستوعب ما حدث؛ لذا ركض للخارج يلحق بتلك الغبية التي قد تقوم بأي عمل احمق يؤذيها، لكنه لم ينسى قبل أن يذهب أن يوجه للجميع نظرة شر كبيرة وهو يقول لهم :
" ودعوا حساباتكم الإلكترونية أيها الحمقى، اقسم أنني لن ادع أحدكم ينشأ حساب مرة أخرى "
خارج القصر كانت جولي تركض في الحديقة بحنق كبيرة كطفلة حرمت للتو من لعبتها المفضلة بسبب شقاوتها الزائدة، وأثناء ركضها خارج الحديقة بغضب كان جايك يحمل لوحته الجديدة التي جفت للتو، وقد قرر أن يعلقها في غرفته، لكن رؤيته لجولي تركض بغضب جعله يبتعد سريعًا عن طريقها يضم لوحته بخوف أن تتضرر دون أن ينتبه، يرمق ظهرها بحنق وهو يصرخ فيها :
" أنتِ يا فتاة انتبهي أين تخطين، كدتِ تفسدين لوحتي الغالية "
أنهى حديثه الحانق وهو يستدير بحرص شديد، حتى لا يفسد لوحته، لكن ما كاد يفعل حتى شعر بمارتن يدفعه بقوة ليسقط ارضًا على اللوحة، بعدما تخطاه مارتن دون انتباه، همس وهو يغمض عينه بوجع بسبب السقطة :
" تبًا لكم جميعًا...."
______________________________
" ها أنت ذا سيد مافو، أخيرًا وجدتك يا عزيزي "
أنهت لورا كلمتها وهي تبتسم بسمة جانبية، ترمق الحاسوب أمامها بكل اهتمام تحاول جمع كامل المعلومات التي سبق ونشرت عن ذلك الـ
" مافو" ورغم قلة المعلومات، إلا أنها تفي بالغرض حتى الآن، اخرجت ورقة سريعا تدون بها عنوان مركز التصميم خاصته، ورقم هاتف المساعدة الشخصية له لربما تحتاجه، لكن فجأة أفسد تركيز لورا صوت الباب الذي فتح بعنف يتبعه صوت والدتها وهي تقول بحنق شديد :
" ماذا سيدة لورا؟! هل عدتي من العمل لتنعزلي في غرفتك؟! تعالي وانضمي إلينا في الصالة والدك ينتظرك "
ألقت لورا حاسوبها جانبًا وهي تبتسم باتساع مرددة بلهفة شديد :
" بابا هنا ؟!"
واتبعت كلماتها المتحمسة بركضها خارج الغرفة وهي تنادي بسعادة غامرة لا تظهر سوى مع والدها الحبيب الغالي، اغلى من امتلكت في حياتها :
" بابا نور عيوني أشتقتلك كتير "
"شوفوا صغيرونتي الحلوة، يلا تعالي لحضني، أشتقت ضمك."
انضمت والدة لورا للجلسة وهي تحمل بعض الأطباق التي سبق واعدتها، تهتف بحنق وتذمر كبير لعدم فهمها ما يدور بين ابنتها وزوجها الذي يصر على استخدام لغته مع ابنته بعدما علمها إياها بكل عناد، متغاضيًا عن جهلها بها :
" حسنًا توقفا عن الحديث بتلك اللغة الغريبة، والآن اجلسي لورا حتى نبدأ المشاهدة "
لوى والد لورا فمه بحنق وهو يرفع أحد التسالي لفمه يردد بسخرية كبيرة :
" بتحكي عن لغتنا غريبة، شو مانها شايفة لغتها الناشفة لا طعم ولا لون ولا ريحة "
" ماذا قلت ؟!"
" لا شيء، قلت للورا أن تقترب مني فأنا اشتاق إليها"
ضحكت لورا وهي تندس بين احضان والده تستشعر دفئه بكل حب، قبل أن تنغمس في مشاهدة التلفاز وتنعم بلحظات سعيدة رفقة عائلتها الصغيرة السعيدة، لكن فجأة انحرف تفكيرها صوب ذلك الغامض الذي قررت وبكل إصرار أن تكون هي من تسبق ماليكا في كشفه ...
________________________________
" حسنًا روما ها نحن نقترب من الشلال، واصلي التجديف ولا تتوقفي"
هكذا صاح انطونيو وهو يمسك مجدافين بقوة يحركمها بسرعة وخلفه تجلس روما تمسك مجدافين مثل خاصته، تجدف بقوة في ذلك النهر الذي يتوسط البلدة، والذي ينتهي بشلال كبير يقصده السياح للقيام بهواية التجديف به.
كانت ذرات المياة تصطدم في وجه انطونيو بقوة وهناك بسمة صغيرة ترتسم على فمه، وقد بدأ الادرينالين يندفع في دماءه بشدة وكأن كل ذرة تسابق اختها، شعر برغبة كبيرة في القفز والسباحة بنفسه بلا مركبة، رأى انطونيو نهاية النهر تلوح له في الافق وكأنها تفتح أحضانها له، وهو ما كان يومًا ليخجلها _رغم وقاحته _ ويرفض عناقه ويدها الممدودة؛ لذلك استخدم قوته كلها وهو يتحكم في المركب استعدادًا للسقوط مع الشلال وهو يصرخ :
" استعدي روما "
" لا "
لم يبدو أن انطونيو فهم همسة روما التي صاحت بها وقد بدأ الرعب يتحكم في صوتها وهي ترى الشلال يقترب والمراكب المجاورة تسقط معه واصوات الصرخات تعلو أكثر وأكثر، على صوت انطونيو الحانق وهو يصرخ :
" لا ؟! ما هذه لا؟!"
" لا يعني لا انطونيو، اريد العودة للمنزل الآن لا أود السقوط في النهر "
أخرج انطونيو سبة عنيفة من فمه جعلت روما تفتح عينها باتساع من وقاحته، بينما هو شدد من يده يحاول التحكم في المركب بعدما تركت تلك الغبية المجدافين من يديها، يصرخ بكل ما يمتلك من حنق :
" حقًا؟! ومن كان يبكي منذ ساعات ليقوم بذلك الأمر ؟! جدي ؟!"
" كان هذا منذ ساعات، والان اريد العودة للمنزل "
أنهت روما حديثها تزامنًا مع وقوفها في المركب بشكل أخل بتوزانه مما جعل انطونيو يفقد التحكم به وهو يرمي بنظرات مرعبة لروما وقد بدأ صوته يعلو أكثر وأكثر حتى كاد يسمع الموتى :
" اجلسي يا غبية سنموت بسبب غباءك "
كادت روما تجيبه لولا رؤيتها لبداية الشلال التي كانت اقتربت وبشدة؛ لذا ودون تفكير جذبت يد انطونيو بعنف علها توقفه عن التجديف وبذلك تتوقف المركبة حسب تفكيرها الطفولي متجاهلة تمامًا دور الأمواج في سحب المركب .
انتفض انطونيو وهو يرى روما تسحب منه المجداف بقوة ثم تحدثت بخوف :
" توقف، توقف عن التجديف توقف "
ابتسم انطونيو بسخرية وهو ينظر ليديه الفارغتين :
" ها أنا توقفت ملكة روما، والآن لنرى كيف ستوقفين سحب المياة للمركب "
لم تفهم روما شيء ولم تأخذ حتى فرصتها للفهم إلا ووجدت المركب يسقط بعنف شديد وقد وصلوا لبداية الشلال دون شعورها بسبب نقاشها مع انطونيو، لتسارع وتلصق جسدها بانطونيو وهي تردد بعض الكلمات الغير مفهومة بصوت خافض جعل انطونيو يشفق عليها وهو يضمها إليها بقوة يشعر بعنف سقوطهما، لكن فجأة انتفض وهو يبعدها عنه برعب بسبب صرختها التي خرجت فجأة بشكل سبب له الصمم وهي تقول :
" لا اريد العيش معك بعد اليوم انطونيو، طلقني الآن "
تزامنت صرختها الأخيرة مع قرب اصطدام الاثنين بالنهر ليعلو صوت صراخه وهو يمسك رأسها يكاد يكسره بين قبضتيه:
" بل سأقتلك روما سأقتلك، لن يكفيني طلاقك، ليتني أحضرت سلاحي معي كنت لتخرج ما به داخل رأسه "
" وتصرخ بي أيضًا، ايها الحقير هل تظنني فتاة عادية ؟!"
" لا العفو سيدة روما بل أنتِ خارقة، والآن اريني قوتك الغير عادية في الطيران "
ولم تستطع روما الإجابة عليه بسبب اصطدام اجسادهما بالمياة في عنف شديد لتعلو صرخات روما في المكان، قبل أن يخفت تدريجيًا وهم يختفون أسفل المياة.
كان الجميع عند حافة النهر من الاسفل ينظرون بصدمة لما يحدث، ولاختفاء روما المفاجئ هي وانطونيو، وعلت الهمسات المرتعبة عن غرقهم وقد بدأ البعض يصرخ يطلب النجدة، قبل أن يعم الصمت فجأة وهم يرون جسد انطونيو يخرج من المياه يحمل روما التي كانت تتمسك برقبته كطفل رأى للتو اسوء مخاوفه، ليسارع ويتعلق بوالده يحتمي به من كل ما يرعبه، دفنت روما رأسها في رقبة انطونيو وهي تتحدث بارتجاف بسبب البرد الذي تشعره :
" لنعيد الأمر مرة أخرى "
نظر لها انطونيو ثواني قبل أن يبتسم وهو يقبل رأسها :
" حسنًا جمليتي سأصعد واقذفك أنا من أعلى الشلال "
" انطونيو أنت لئيم، لكنني احبك كثيرًا "
" وأنتِ عنيدة روما، لكن ماذا عساي افعل فكل الطرق تؤدي إليكِ "
ابتسمت روما بسمة صغيرة وهي تهمس له :
" اشعر بالبرد "
ضمها انطونيو لجسده الذي كان ينافس جسدها في البرودة، يحاول بث أي دفء إليها بشكل بائس قبل أن يستمع لصوت جواره وهو يصدح بنبرة مرتعبة :
" يا ويلي ماذا حدث للسيدة هل هي بخير ؟!"
كانت ما تزال عين انطونيو معلقة على روما وهو يستمع لذلك الصوت الكريه يحاول تمالك نفسه، وألا يكون وقحًا، حتى لا يحزن روما منه، لكن تدخل ذلك الرجل وزوجته واقترابهما من روما بهذا الشكل الفظ جعله يقول بحنق وبرود يطغى على ملامحه ونبرته :
" أقترب خطوة أخرى لاقتلكما بيدي ؟!"
____________________________________
كان جايك مازال يتمتم بغضب منذ دخوله للقصر، يصرخ بحنق وهو يسب جميع سكان القصر وقد بدأ قلبه يؤلمه على لوحته الخاصة، رفعت روز عينها تراقب أمواج غضبه التي تطيح بكل ما يقابلها، تشعر كما لو أنه على وشك التحول، وقتل جميع من بالبهو .
" احمق احب حمقاء، ونحن من نعاني جراء تلك العلاقة، ليت انطونيو هو من احبها لكان تخلص منها الآن واراحنا "
أنهى حديثه بغضب شديد وهو يستمع لصوت ماركوس المنتخب من غضبه :
" ما بك جايك، لِمَ كل هذا الغضب ؟! "
ها هي فرصته لينفجر ويخرج كل ما بداخله من غضب، فهذه ليست المرة الأولى التي تدمر به لوحاته، لكن تلك اللوحة تحديدًا تمثل له الكثير، وقد قضى ليالي طويلة يرسمها، وقد ققر أن ينقلها من دفتره ويرسمها على لوحة اكبر ويزين بها غرفته :
" ذلك الغبي مارتن أفسد لوحتي الغالية، لقد قضيت ليالي طويلة انهيها، أتعلم شيئًا، تبًا لكم جميعًا "
أنهى حديثه وهو يتنفس بعنف ليستمع فجأة لضربة ملعقة قوية على السفرة وصوت حمحمة جده يعلو في المكان، ليتراجع هو سريعًا في حديثه يصححه :
" عداك أنت جدي بالطبع، الجميع عداك "
ابتسم مايك بسخرية وهو يتحرك من مكانه يمضغ بعض الطعام، قبل أن يمد يده ويجذب اللوحة فجأة من يد جايك دون أن ينتبه، ليفتح جايك عينه باتساع كبير ينظر ليده الفارغة، ثم حوّل نظراته ببطء لمايك يراقب يده الوقحة التي تقتحم حرمة لوحته الغالية، يخترق الحدود التي رسمها حولها، يحتل القلاع التي احاط بها رسمته الحبيبة، ذلك الوقح عديم الاحساس الذي يرمق لوحته بعين متفحصة اشعرته بالغضب وكأنه لا ينظر للوحته، بل ينظر لزوجته .
" عجبًا أليست تلك هي الصهباء الغبية روز "
وتبع كلمات مايك الغير مهتمة سعال روز العالي وهي تشعر بالاختناق فجأة من هول الحديث الذي اخترق مسامعها منذ ثواني، ترفع عينها ترمقهم بها في صدمة، لتجد جايك يرمقها بقوة وكأنه يتحداها أن تعترض، وهي قبلت التحدي حيث نهضت بعنف من مكانها متجهة صوب الاثنين في الاتجاه الآخر للسفرة، تركض بشكل مضحك بسبب جسدها الصغير مذكرة إياه بذلك القط في الافلام الكرتونية، تتوقف أمام جايك تمد يدها لها وعينها تنظر له بقوة تطالبة بتلك الرسمة التي اقتحم بها خصوصياته، لكن جايك كل ما فعله هو أنه أخرج ورقة صغيرة من جيبه تحتوي ارقام هواتفه وهو يبتسم لها بسماجة :
" أنا متفرغ بعد منتصف الليل، ليس قبل ذلك "
رمقت روز يدها بصدمة وهي تراقب تلك الورقة التي تقبع بها وكأنها وحش سينقض عليها، واه لو ترى تلك النظرات المستمتعة التي تعلو وجه جايك وقد نسي لوحته، ونسى وجود الجميع حوله.
نفضت روز الورقة بعنف وهي تمد يدها مجددًا له وقد بدأ وجهها يحمر أكثر وأكثر غضبًا، ليخرج جايك سريعًا القلم الذي كان يضعه في جيبه ويستخدمه للتوقيع على لوحاته، فهو قلم حبر ثابت ويصعب إزالته، وقام بامساك يدها ورسم عليها بمهارة عالية وجه كرتوني يشبهه هو، يضم الوجه شفتيه فيما يشبه القبلة وجوار الفم تتطاير قلوب كثيرة وبعدها خط قلمه كلمة لم تفهمها بسبب خطه البشع، لكنها خمنت أنها توقيعه، كل ذلك تحت نظراتها المزهولة من ذلك الوقح الجرئ الذي لا يهتم لأحد، أنهى جايك ما يفعل ثم اخفى القلم مجددًا وحمل اللوحة من جايك بعنف وبعدها تحرك صوب الاعلى وهو يصفر باستمتاع وقد انقلب مزاجه بالكامل بعدما كان غاضبًا وقت دخوله.
وعلى ما يبدو أن مزاجه فقط ليس هو من انقلب، بل هو بالكامل من انقلب وهو يشعر بيد تجذبه بعنف من الخلف، وما كاد يستدير حتى وجد يد تمتد نازعة القلم من جيب بنطاله، و تنكب على وجه تعيث بها الفساد، كل ذلك وهو يغمض عينه بكل برود والبسمة تملء وجهه ينتظر انتهائها من ذلك الانتقام اللذيذ، وبعدها فتح عينه وهو يقترب منها مباغتًا إياها بقبلة على وجنتها وهو يقول :
" سأحتفظ بتلك الذكرى في قلبي وليس على وجهي فقط "
أنهى حديثه وهو يبتعد غامزًا لها بمشاكسة ثم أكمل طريقه لغرفته يكمل صفير وكأن شيئًا لم يكن.
تحدث مايك وهو ينظر لذلك المشهد الذي حدث على مرأى ومسمع الجميع :
" اشعر بالفراغ العاطفي داخلي، اه على قلبي المسكين الذي رفض أن يخطو بلدة النساء، في انتظار من تحتله "
خرج صوتًا ساخرًا من فم ادم وهو يردد :
" رفض أن يخطو لبلدة النساء ؟! "
" نعم فحانة " بلدة النساء " كانت سيئة حقًا؛ لذلك لم اخطو إليها منذ تجربتي الاولى والتي كانت سيئة بحق "
انفجر ماركوس في الضحك هو وآدم على حديث مايك بينما ابتسم اليخاندرو بسمة جانبية وهو يكمل تناول الطعام، بينما روز ما زالت تنظر أمامها بصدمة لا تستوعب أنه قبل وجنتها هكذا بكل وقاحة وأمام الجميع .
_________________________________
يغمض عينه يحاول النوم، يحاول أن يستشعر الهدوء من حوله حتى يسقط في النوم، لكن وكأن النوم خاصمه اليوم، يشعر بالشوق يشتد به وبقوة، فهو منذ احضرها لهنا وهي تلتصق لأخيها وقد نسته، هو يعلم أنها تشتاق اخيها، لكن هو أيضًا يشتاق لها، نفخ جاكيري بغضب وهو ينهض يرتدي ثيابه العلوية ثم تحرك خارج غرفته يقصد الحديقة، لكن بمجرد فتحه للباب اصطدم بوجود رفقة تقبع أمام بابه ويبدو أنها كانت تنتوي طرق الباب، وكطفل صغير أبصر والدته التي عادت أخيرًا من الخارج، ابتسم جاكيري يرمقها بحب يهمس من بين نظراته التي تبدو كسهام توجه مباشرة لقلبها :
" رفكة "
" أنت لم تتناول العشاء جاكيري، لماذا؟! "
لم يبعد نظره عن وجهها وهو يهمس ببسمة صغيرة يتذكر رفضه للهبوط بعدما قرر أن يبقى في غرفته حتى لا يراها تهتم باخيها وتتركه هو كطفل يتيم لا يجد من يعطف عليه بعناق صغير أسفل امطار الشتاء :
" لم اكن جائعًا "
" والآن؟!"
حتى وإن لم يكن جائعًا، فسوف يقول إنه يموت جوعًا حتى لا يكسر نظرة الرجاء في عينها تلك، يبتسم بسمة صغيرة وهو ينظر للدرج :
" الآن اتضور جوعًا رفكة "
ابتسمت رفقة وهي تنحني جانبًا تشير له أن يتبعها، لكنها توقفت قبل حتى أن تخطو للاسفل تستدير له ترمقه بعشق وامتنان :
" شكرًا جاكيري، أنا أحبك "
أنهت كلماتها وهي تركض للاسفل حتى لا ترى تلك النظرة التي تقتلها في عينيه، نظرة العشق التي لا يبخل عليها بها كل ثانية، ابتسم جاكيري باتساع وهو يراقب رحيلها، وقد نسي كل شيء حدث منذ الصباح عدا بسمته وكلمتها تلك، تحرك خلفها بسرعة وهو يمني نفسه بليلة رومانسية، هو وهي و......توفيق وسيلين ؟!!
هكذا صدم جاكيري وهو يبصر العجوزين يجلسان على طاولة الطعام التي أعدتها رفقة، لتنقلب بسمته فجأة لحنق وهو يشير على العجوزين مرددًا :
" من احضر هذين العجوزين ؟!"
رفع توفيق وجهه سريعًا من على الأكل وهو يقول بتأنيب لجاكيري على وقاحته يعض شفتيه :
" جاكيري عيب ، مش كده يابني مينفعش تقول للستات أنهم عواجيز، بعدين رفقة كبيرة بس مش لدرجة عجوزة برضو "
تحدثت رفقة وهي تصب بعض الطعام في طبق جاكيري الذي جلس بغضب وتذمر على أحد المقاعد وقد قرر أن يكمل ليلته كما خطط ولن يهتم لوجود أحد :
" هو قصده عليك أنت يا عم توفيق مش انا "
شهق توفيق شهقة كادت تخرج روحه معها يعود للخلف ينظر للجميع باستنكار بينما يده تتحسس جرحه الذي يتوسط رأسه:
" أنا ؟! أنا عجوز ؟! ولما أنا عجوز يا استاذ جاكيري، كنتم بتستعينوا بخبراتي ليه عشان احمي الشركات بتاعتكم ؟!"
ضحكت رفقة بعنف وهي تتناول بعض الطعام مرددة بسخرية :
" شركات ؟؟ دي هي كانت شركة واحدة والعيلة رمت طوبتها ومكنش عليها العين اساسا، بعدين ايه تحمي دي ؟! أنت كنت واقف على الحدود يا عم توفيق؟! كل الله يكرمك يا عم توفيق "
تحدثت سيلين وهي ترمق جاكيري بشر وقد خرجت أخيرًا عن صمتها :
" ماذا اقول حسرتي عليك وعلى تربيتك الفاسدة أيها الشاب "
ابتسم لها جاكيري وهو يردد ببسمة صغيرة يخرج هاتفه الذي كان يضعه في جيب بنطاله .
" اه صحيح لقد تذكرت، انظري ماذا وجدت سيلين؟! "
اعتدلت سيلين في جلستها وهي تنظر للهاتف بتركيز تحاول فهم ما يريد جاكيري قوله، لكنها لم تفعل؛ لذلك ابتعدت وهي تردد بعدم فهم:
" ما هذا ؟! أنا لا أفهم شيئًا "
تناول جاكيري قضمة وهو يتأوه بلذة يعطيها الهاتف كله يحاول ادخال حديثه برأسها :
" حقًا امعني النظر للهاتف أكثر سيلين، ألم تتعرفي على أحد منهم ؟!"
" لا لم أفعل، من هم ؟!"
" ملوك الدولة الفرعونية، أولستِ أحد أفراد العصر القديم؟! لا بد أنكِ صادفتي أحدهم من قبل، انظري مجددًا علكِ تتعرفين على احدهم، فأنا لا أود تركك في المتحف إلا بعد أن اطمئن أنكِ تحظين برفقة جيدة "
رمقته سيلين بشر، لكنه لم يهتم وهو يقول :
" صحيح أخبريني مقاسك حتى اوصل الأمر للسلطات الخاصة بالمتحف ليبدأوا اعداد تابوتك"
ضربت سيلين ملعقتها على الطاولة وهي تصرخ بحنق :
" لقد تجاوزت حدودك أيها الشاب، هل تظنني كبيرة لهذه الدرجة؟! أنا اكبرك فقط بعشر سنوات "
" بل الصحيح أنكِ تكبرين أبا الهول بعشر سنين وليس أنا سيلين، أنا مازال عمري مكون من رقمين فقط "
" أنت يا فتى وقح اقسم لم أرى يومًا بوقاحتك، لكن اللوم لا يقع عليك بل على والديك اللذان لم يحسنا تربيتك ومن بعدهما جدك الذي تركك تفعل ما تريد أنت و عديمي الادب الثمانية الآخرين "
ابتسم لها جاكيري بسمة مستفزة صغيرة وهو يستدير لرفقة متحدثًا بجدية :
" رفكة غدًا سوف اذهب لارى أين وصلت قضيتك، وأود منك التزام المنزل وعدم الخروج منه حسنًا "
صمتت رفقة وقد بدأ الخوف يزحف على وجهها وهي تبتلع ريقها محركة رأسها بهدوء شديد لا تتحدث وقد شعرت فجأة بعدم رغبتها في تناول الطعام، لكن تلك اليد التي ضمت يدها بلطف من أسفل الطاولة بثت لقلبها أمان كبير وصوت جاكيري الهامس يقول بجدية :
" حان الوقت لنتحدث بجدية فيما يخص قضيتك رفكة "
__________________________
ابتعد فبريانو ببطء عن روبين وهو يهمس ببرود بينما عينيه تحلق فوق رأس تلك العجوز التي خرجت لتوها من منزل روبين تتبعها عجوز أخرى، ورغم معرفة أن إحداهما هي جدة روبين والتي تمتلك ذلك المنزل إلا أنه تساءل :
" روبين من هاتين العجوزتين ؟!"
فتحت روبين فمها وعينها بصدمة تضع يدها فوق فمها لحديث فبريانو الوقح والذي وصل واضحًا لجدتها التي قالت وهي تتقدم بعكازها منهم مرددة :
" قال ايه عديم التربية ده ؟! أنا عجوز ؟! أنا عجوز يا أعمى البصر والبصيرة ؟! مش كفاية البت راضية بيك على عيبك وكمان جاي تبجح في جدتها ؟!"
ورغم تعجب فبريانو من فهم تلك السيدة له، إلا أنه تجاهل كل ذلك وهو يقول بحاجب مرفوع :
" على عيبي ؟! ليه بتكلم من قفايا ولا بمشي على أيدي ورجلي ؟!"
نظرت السيدة لروبين وهي تقول من بين سعالها الحاد :
" أنا قولتلك ملكيش دعوة بالاجانب، دول مشافوش تربية في حياتهم وكل حياتهم برطعة، بعدين عاجبك فيه ايه الواد ده ؟! ألا ما شوفته داخل علينا ببدلة سنييه ولا عربية مرسيدس "
" لم أتخيل أنني يومًا قد اقابل عجوز أكثر ازعاجًا من سيلين "
كادت جدتها تفتح الحديث مجددًا لولا صوت روبين الذي قاطع ذلك النقاش الممتع بين جدتها و فبريانو، تقول ببسمة صغيرة :
" ايه يا تيتة مش هتدعي ضيفنا يدخل البيت ونضايفه حاجة ؟!"
ابتسمت السيدة بسمة سخيفة وهي ترفع كتفها بكبرياء ثم تحركت للداخل وهي تقول العجوز الأخرى التي كانت تنام وهي واقفة :
" يلا يا سوسو، خلينا نكمل قعدتنا جوا بدل حرقة الدم دي، وأنا اللي قولت هنحسن السلاسة ونتجوز من أجانب، اتاريها راجعة باجنبي من صفط اللبن"
استدارت روبين بسرعة لفبريانو الذي كان مازال يحدق في الباب بشر وكأنه سيحرقه ويسقط المنزل أعلى رؤوس هؤلاء العجائز، لكن صوت روبين المخفض اخترق أفكاره تلك وهي تقول بخجل :
" معلش هي تيتة كده، طبعها غريب شوية وكمان السن بيخليها تتصرف تصرفات زي الاطفال، اصل هي مش جدتي على طول، لا دي ام جدتي، كملت قرن بقالها سنين و ..."
توقفت وهي ترى شرود فبريانو بها وهي تحرك يديها بقوة تحاول الشرح، وتبرير أفعال جدتها التي احرجتها وبشدة، لكن هي تعلم أنها ثواني وستهدأ وتعامله جيدًا، فهي كما قالت، تشبه الاطفال في تصرفاتهم .
" تلك العجوز لا تهمني روبين، بل أنتِ من يهمني "
فتحت روبين فمها قليلًا ثم اغلقته كـ سمكة تحاول التنفس أسفل المياه، لكن بعدها تحدثت مباشرة وهي تقول :
" لا تخف فبريانو هي أبدًا لن تقف في وجه حبنا، أعني جدتي من ذلك النوع القديم، لكنها متفهمة إلى حدٍ ما، فهي أيضًا وقعت بالحب يومًا، لكن حظها اوقعها مع أحد جنود الاحتلال الإنجليزي في ذلك الوقت، وبمجرد الوقوع في الحب معه انجلى الاحتلال عن مصر ولم نره من وقتهاؤ هي بائسة بعض الشيء "
" لا بأس روبين أنا لا اخاف أن تقف في وجه حبنا، يمكنني قتلها بكل بساطة خاصة أنها تعيش منذ زمن بعيد، ولن يفرق معها أن ترحل مبكرًا، في الواقع قد اقتل عائلتك كلها لا أمانع "
رد متوقع من فبريانو الذي يتعامل مع كل شيء واي شيء في حياته بالسلاح والقتل .
لكنها لم تصمت وهي تقول بحنق :
" وانا أمانع فبريانو "
" لماذا ؟! حسنًا دعينا من هذا الآن، ألن تطعميني؟! "
________________________
ليلة هادئة كغيرها من الليالي، اصوات حيوانات الليل تملء الأجواء، إلى جانب اصوات الرياح التي كانت قوية في ذلك الوقت من العام، بالإضافة لصوت سيارة عنيف تحتك بالارضية أسفلها، وكأنها تتعارك معها مستفزة إياها لتخرج شرارًا .
نظر قائد السيارة للهاتف الذي يرتفع رنينه جواره وهو يرفعه سريعًا على أذنه يهتف بلهفة كبيرة :
" نعم ايان أنا قادم صغيري، فقط اختبئ في أي مكان أنت وهايز ولا تخرجا إلا عند سماع صوتي، حسنًا ؟!"
أنهى ادم حديثه وهو يلقي الهاتف جواره ثم رمق المسدس الذي يستقر جانب الهاتف يتذكر مكالمة ايان له وهو يهمس مرتعبًا أن هناك صوت في المنزل ويبدو أن لصًا قد اقتحمه، وتلك الغبية الحمقاء هايز اندفعت تمسك أحد العصي التي تحفظها في المنزل منذ حجز والدها في المشفى وبقائها وحدها به واحيانًا رفقة ايان عندما لا يتم حجزه في المشفى، والآن هو يوشك أن يطير بسيارته ليصل لهم، يمسح وجهه بغضب .
دقائق مرت حتى توقفت سيارة آدم بعنف مخيف أمام العنوان الذي حصل عليه من ايان بعد جهد مضني في فهم وصفه الغريب للمنزل، حمل مسدسه وهو يضعه في ثيابه ثم تحرك بخطوات سريعة صوب المنزل، ليجد الباب مفتوح بشكل مثير للشك، تقدم داخل المنزل يخرج سلاحه بهدوء ينظر في أرجاء المنزل، يحاول أن يستشعر اي صوت حوله مستغلًا الظلام الذي يسبح به المنزل .
صوت خطوات خلفه هي ما أثارت حواسه كلها، ليقبض على سلاحه بقوة أكثر ينتظر اقتراب تلك الخطوات منه، ثم وفجأة استدار بقوة وعنف وهو يرفع المسدس عاليًا، لكن تلك الضربة القوية التي هبطت فوق رأسه أفقدته التوازن فجأة يستمع لصوتها وهي تصرخ بهيسترية :
" أيها الحقير امسكتك، ايان اتصل بالشرطة بسرعة امسكت ذلك
السارق "
رفع ادم رأسه بعنف شديد وهو يكاد يفتح فمه لولا رؤيته للعصا تدنو من رأسه مجددًا، لكنه تلك المرة كان أسرع وهو يمسكها بعنف يجذبها من يد هايز التي شعرت فجأة بالرعب وقد أصبحت عزلاء في تلك الحرب الغير عادلة مع لص خطير مسلح، لكن بمجرد تذكرها لايان حتى شعرت فجأة بقوة تندفع في كامل اجزاء جسدها وهي تنشب أظافرها كقطة شرسة في ادم الذي ألقى سلاحه وهو يمد يده يحاول أبعادها عنه بأي شكل يصرخ بغضب شديد أن تتوقف، لكن هايز لم تكن في حالة تسمح لها لسماع وتمييز صوت آدم الذي جاهد لاختراق غمامة القوة الوهمية التي تمتلكها، أو تثقب فقاعة البطولة التي تعيشها في عقلها الان وهي تضحي بنفسها لأجل صغيرها الحبيب .
امسك ادم شعرها بعنف وهي فعلت الشيء ذاته، وكأنهما طفلين في الروضة، هي تحاول غرز أظافرها في عينه، وهو يحاول دفع كتفها عن يصرخ بعنف شديد :
" تبًا لكِ هايز، توقفي قبل أن أطلق النيران على رأسك الجوفاء يا غبية "
صرخت هايز بغضب وهي تتحرك بشراسة بين يدي ادم تحاول تحرير شعرها، قبل أن تنتشر الإضاءة في المكان فجأة وينطلق صوت ايان وهو يقول ببسمة بريئة تخفي خلفها خبث ومكر كبير بعدما احضر آدم هنا واوهم هايز أن هناك لص في المنزل متأملًا أن يخلق بذلك جو رومانسي ويظهر خوف ادم على هايز، ولم يتوقع أن يصله للاعلى صوت معركة ضارية بين الاثنين ليتفاجئ بما يرى بمجرد إضاءة المكان :
" ادم لقد اتيت "
ذلك الصغير الخبيث، يحاول ادعاء البراءة، لكن أوليس كل شيء متاح في الحب والحرب ؟!
همسات هايز وهي تبتعد ببطء عن ذلك الذي اخرجت نصف شعره في يدها تردد ببلاهة :
" آدم؟!"
" تبًا لكِ ولادم الذي جاء لينقذك، كان من المفترض أن آتي لإنقاذ اللص من بين يديكِ ايتها المجرمة "
أنهى ادم حديثه وهو يربت على خصلات شعره التي مازالت تؤلمه بسبب شد هايز لها، بينما هايز تفتح فمها ببلاهة تشير حولها وهي تقول بصدمة :
" أنا...هو ....فقط ظننتك اللص و"
صمتت ولا تدري ما تقول بسبب نظرات آدم المتوحشة والتي كانت تنبأها أنه الأن يقتلها في عقله، ولا يجب أن تتحدث حتى لا تفسد صفو حفل تأبينها الذي يحضره الآن داخل رأسه .
" أنا آسفة؟!"
" لا لا سيدة هايز، بل أنا الاسف "
هكذا أجاب ادم بسخرية لاذعة لتتحدث هايز وهي تهز رأسها :
" لا، لا تعتذر لا بأس أنا اسامحك "
" حقًا؟! يا لكرمك ولطفك الذي يخجلني، أنتِ أيتها الغبية كدتي تتسببين لي بالصلع منذ قليل "
عادت هايز للخلف تحاول أن تخفي نفسها من أمام وجهه الذي احمر غضبًا :
" لا تقلق هذا لن يقلل منك في نظري، ستكون اوسم اصلع في العالم صدقني"
فتح ادم فمه بصدمة من حديثه، ولم ينتبه أيًا منهما إلى رحيل الطفل الذي ابتسم وهو يرى محادثاتهم اللطيفة
كان آدم لا يصدق ما أتى به عقلها، ليضيف بتهكم :
" آه يا امرأة، ارحتي قلبي، الآن لن أخشى الصلع "
" لا، ستكون وسيمًا "
ابتسم ادم بسمة صغيرة ثم اقترب منها مباغتًا وهو يهمس في اذنها رغبة في جعلها تندم على ما فعلته بها :
" حقًا هايز؟! سأكون وسيمًا ؟!"
لكن إن كان يظن أنها ستتراجع الآن وتدعي الخجل، أو تصفعه على وجهه وتصرخ بأنه وقح، فهو لايعلم هايز التي تفعل ما تريد متى تريد؛ لذا ابتسمت هايز وهي تضم عنقه بلطف :
" نعم يا قلب هايز"
وانقلب السحر على الساحر، وها هو يسقط في الحفرة التي حفرها بيديه لأجل هايز،. تلك الليئمة الماكرة تتلاعب به، تعلم نقاط ضعفه وتتلاعب بها بكل مهارة، لكن حسنًا تريدها حربًا....فلتكن إذًا .
ابتعد آدم عنها وهو يقول ببسمة صغيرة :
" يبدو أن لا سارق هنا؛ لذا سوف ارحل "
استدار ثم عاد ونظر لها وهو يقول بجدية كبيرة :
" من فتح الباب ؟!"
" أنا "
تفاجئ ادم من حديثها ليعلو وجهه لمحة استنكار لما تقول وتفعل، لكنها سارت ووضحت مقصدها :
" لقد كنت أريد أن اخيف السارق وادفعه للهرب، لذا فتحت له الباب حتى يخرج منه "
ابتسم ادم بسمة مستخفة وهو يردد يدعي التفكير :
" هل اتخيل أم أنكِ تتعاملين مع اللص كأنه فأر ؟!"
صمتت هايز تنظر له بحنق لا تفهم حديثه، لكنه لم يهتم وهو يلوح بيده في الهواء بمعنى لا بأس، ثم تحرك صوب الخارج يقول بجدية وهو يلوح بمسدسه الذي التقطه للتو :
" المرة القادمة سأحرص على ثقب تلك البالون الفارغة التي تسمى عقلك هايز، اغلقي الباب جيدًا عليكما "
رمقت هايز رحيله بهذه البساطة وهي تبتسم بسمة واسعة غبية، وقد شعرت للمرة الأولى بالأمان، أن هناك من يترك كل شيء ويأتي ركضًا لاجلهما، هناك من يخشى عليهما، وآه لو كان يحبهما .
_____________________
ها قد أتى ذلك الصباح الذي ترتقبه الصباح الذي ستنفذ به خطتها.
مترددة ؟! نعم وكثيرًا لا تظن أنها سابقًا ترددت بهذا الشكل في أي أمر، تشعر أنها ستفشل، بل هي متأكدة، ومنذ متى نجحت بشيء؟! لكن رؤيتها لوجه ماليكا يمر أمام وجهها بملامح الشماتة التي تخصها بها دائمًا، جعلها تندفع خارج سيارتها الصغيرة وهي تضم حقيبتها تتنفس بانتظام لتهدأ، هيا لورا، الأمر سهل، مجرد صورة لذلك الرجل الغريب وتهربين لمنزلك، وبعدها سيعلم الجميع من هي لورا .
تحركت صوب المبنى الضخم الذي يحتوي مركز تصميم الازياء المعروف للسيد مافو، ذلك الرجل الذي هز أرجاء ايطاليا بتصميماته الغريبة والمبهرة في نفس الوقت، تصميمات تشعر كما لو أن سيدة هي من انتجتها، من شدة دقتها وتركيزها على تفاصيل النساء، الأمر معقد فإما أن يكون مافو هو امرأة أو يكون زير نساء حتى يعلم كل تلك الأسرار عما يعجب النساء بهذه السهولة .
وقفت لورا أمام المكتب الذي تجلس داخله فتاة تحرك اصابعها بسرعة على لوحة الحاسوب أمامها وجوارها يجلس شاب، لكنه نهض وهو يحمل سترة قائلًا :
" مولي سأذهب لارى الخامات الجديدة في المخزن وأنتِ انتهي من أمر الاجتماع القادم "
أنهى حديثه وهو يخرج بسرعة يتجاهل لورا التي اصطدم بها في خفة ثم اعتذر بكلمات مقتضبة، يسرع الخطى للخارج، تاركًا لورا فريسة لنظرات تلك الفتاة التي تنظر لها من أعلى لاسفل .
" نعم ؟!"
ابتلعت لورا ريقها وهي تتحرك داخل المكتب تنظر حولها بفضول شديد، ليجذب باب كبير زجاجي انتباهها بشكل كبير، لكنها أبعدت انظارها سريعًا حتى لا تجذب الإنتباه :
" مرحبًا، هل السيد مافو موجود ؟!"
" من أنتِ ؟! "
" أنا مساعدة شخصية لأحد رجال الأعمال وقد وكلني بأن آتي لاتفق مع السيد مافو على تصميم فستان لزوجته لحضور حفل زفاف مهم "
حجة غبية مثلك لورا، ليس هذا ما تدربنا عليه بالأمس يا حمقاء، ثم كفي بحق الله عن هز قدمك بشكل اثار شك تلك السيدة التي تشعرها كما لو أنها جرثومة أسفل المجهر على طاولة عالم فذ .
" حسنًا يمكنك ترك كل التفاصيل وانا سوف اتواصل معكم بمجرد تفرغ السيد "
" ماذا؟! لا أنا أريد مقابلته شخصيًا....ااا أعني أن سيدي طلب مني أن اشرف شخصيًا على أمر الفستان "
" عفواً لكن هل تلك أول مرة يتعامل بها سيدك مع السيد مافو؟! لا احد يقابل السيد مافو و"
توقفت مولي فجأة عن الحديث وهي تستمع لصوت غاضب من الداخل :
" مولي تعالي هنا ."
أغمضت مولي عينها بغيظ وهي تنهض تعدل من ثيابها تتحرك صوب باب المكتب الخاص بمايك وهي تردد بجدية :
" رجاءً انتظري حتى اعود "
أنهت حديثها تفتح الباب بعدما طرقته بخفة، ثم وصلت لمسامع لورا بعد الهمهمات التي لم تهتم لها وهي تنهض بسرعة للتحرك بعدما شعرت أن تلك الفتاة قد كشفتها، تحركت بسرعة للخارج وهي تمسك حقيبتها بقوة، لكن مجددًا وللمرة الثانية يجذب ذلك الباب انتباهها، نظرت حولها بتردد، قبل أن تنقاد خلف فضولها وتقتحم تلك الغرفة بسرعة كبيرة تغلق الباب خلفها بهدوء شديد .
خرجت مولي من المكتب وهي تنفخ بضيق تلقي بعض الأوراق على المكتب مرددة باستياء :
" السيد زوك يخطأ و لورا تصحح خطأه"
صمتت وهي تنظر حولها بتعجب :
" عجبًا أين اختفت تلك الفتاة؟!"
_________________________________
" واضح راسيل؟! اريدك أن ترفعي رأسي أمام ذلك الغبي مارسيلو "
رفعت راسيل عينها ببلاهة في وجه السيدة مانتيو، تفكر بتهكم في تصرفاتها الغير مسئولة وحديثها التلقائي الغير محسوب، هي لطالما كانت مندفعة، لكن ليس لدرجة أن تسب مديرها في العمل وتنعته بالغبي :
" أخبرتك مئات المرات أنني فهمت، لكن ألا تظنين أنكِ وقحة بعض الشيء فيما يخص مديرك في العمل ؟!"
تحركت السيدة مانتيو ببطء وتعب صوب المقعد وهي تمسك بطنها المنتفخة وكأنها تخشى أن تسقط منها أثناء السير، تتربع على عرشها المريح ترتشف بعض قطرات العصير، لتر
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم