رواية أسيرة الشيطان الجزء الثالث (للقلب سلطان اخر) الفصل السابع والثلاثون
- نورتي بيتك يا حبيبتي
ابتسامة نصار التي ارتسمت على شفتيه لم تكن مريحة للداني والقاصي والمسافر البعيد ، ولكن مريم رأتها إبتسامة لطيفة مُحبة !! ، مد كف يده لها يساعدها على النزول من السيارة ، وضعت كفها الصغير داخل كفه ، فأمسك بكف يدها وجعلها تتأبط ذراعه ، يتحرك معها في أنحاء الحديقة يشير إلى كل جزء فيها يعرفها ببيتها :
- دا البول وفي واحد ورا more privacy عشانك ، وشايفة المورجيحة دي ، أنا عاملها عشانك مخصوص ، تعالي معايا ندخل جوا عشان أفرجك البيت من جوا ، أنتِ جيتي مع جاسر قبل كدة بس كنتي متوترة بسبب الحيوان اللي اسمه مراد
ابتلعت لعابها وتلك النغزة التي لم تتوقف لحظة عن وخز قلبها حين يُذكر اسم مراد ، تنهدت تحاول أن تبتسم تومأ له ، تحركت معه لداخل البيت ؛ لتقف عند التمثال الذي رأته في المرة الأولى تمثال المرأة العارية التي تحاول تغطية جسدها بقطعة قماش ، ملامح الذعر التي ترتسم على وجه التمثال تشعر بها وكأنها هي من تشعر بالذعر ، ابتلعت لعابها متوترة انتفضت حين حرك يده أمام وجهها يحادثها :
- ايه يا بنتي سرحانة في اي ، المرة اللي فاتت بردوا لقيتك واقفة قدام نفس التمثال ، لو مضايقك أنا مستعد ارميه حالا ، هو أصلا جايلي هدية من صديق من برا مصر
حركت رأسها إليه ابتلعت لعابها تتمتم متوترة :
- لاء ، هو غريب ومخيف بس حلو
ابتسم يحرك رأسه يوافقها ، أمسك بكف يدها يجذبها خلفه إلى غرفة الصالون هناك حيث ترك يدها ، يخبرها أنه سيُحضر لها العصير ، جلست هي على أحد الارائك تُفكر قلقة فيما تفعل ، وهل ما تفعله صائب ، بالطبع لا أليس كذلك ؟!
عاد نصار بعد دقائق قليلة وضع أمامها على الطاولة صينية عليها كوبي من العصير ، أمسك أحدهم يعطيها إياه يسألها قبل أن يجلس على المقعد المقابل لها :
- اشربي ، مالك يا حبيبتي سرحانة في ايه
توترت تبلع لعابها وضعت الكوب من يدها تسأله قلقة :
- نصار إنت متأكد أن بابا هيوافق على جوازنا ، أنا خايفة يرفض عشان يعني عشان .....
قام من مكانه تحرك يجلس مجاورًا لها ، وضع يده بخفة أسفل ذقنها يرفع وجهها ليقابل وجهه ، ارتسمت على شفتيه ابتسامة لطيفة هادئة يردف:
- عشان فرق السن الكبير اللي بينا ، دا اللي أنتِ عاوزة تقوليه ، أنا هحاول أقنعه يا مريم ما تقلقيش ، وبعدين والدك بيحبك وأكيد عايزك سعيدة ومبسوطة وأنتِ سعادتك معايا ، وبعدين لو ما وافقش في طرق تانية نقنعه بيها
عقدت جبينها حين لم تفهم جملته الأخيرة ، رددت جملته مرة أخرى ولكن بنبرة استفهام تسأله عما يقصد :
- طرق تانية ، طرق تانية زي ايه ؟
طرق خبيثة دنيئة لن تصل لعقلها بتلك البساطة ، رفع كتفيه لأعلى قليلا يردف يصحح ما قال :
-أنا قصدي يعني أننا أكيد هنلاقي طرق تانية نقنع بيها جاسر يوافق ، بس أنا عاوزك تسمعي كلامي وتعرفي إني عمري ما هضرك ، وأي حاجة هنضطر نعملها هتبقى عشان نبقى مع بعض دايما يا حبيبتي ، ماشي يا مريومة
ابتسمت قلقة لعدة لحظات قبل أن تحرك رأسها موافقة ؛ لتتسع ابتسامة نصار الخبيثة
ابتسامة رأتها مريم لأول مرة ، دبت الذعر فيها
أشعرتها بخوفٍ لم تشعر به يومًا ، شعرت في لحظة أنها تجلس أمام شيطان ، تدارك نصار نفسه وبدل ابتسامته سريعا بابتسامة أخرى حانية لطيفة يمد يده لها بكوب العصير ، يريدها فقط أن ترتشف القليل ، وسيعمل المخدر الذي وضعه فيه على جعله يحقق ما يريد ، أخذت منه الكوب تقربه من فمها ولكن قبل أن ترتشف منه ، سمعت دقات على باب المنزل وصوت والدها يأتي من الخارج :
- أنت فين يا نصار مختفي ليه ، افتح يا ابني عاوزك في موضوع مهم
هبت واقفة تشهق مذعورة وقع الكوب من يدها وانكسر وضعت يدها على فمها تكاد تبكي من الذعر ، تشير إلى باب المنزل يكاد يُغشى عليها من الخوف ، أخفض نصار صوته حد الهمس يحاول أن يهدأها :
- ما تخافيش ، تعالي معايا هخرجك من باب الفيلا اللي ورا
أمسك بكف يدها يجذبها خلفه سريعا إلى الباب الخلفي لمنزله يطلب أحد حراسه يطلب منه أن يقف بسيارة أجرة عند الباب الخلفي للحديقة ،أوصلها نصار إلى باب السيارة يحادثها برفق شديد :
- ما تخافيش يا مريم ، إحنا ما حصلش بينا حاجة غلط ، وأنا هكلم جاسر خلاص ، ما ينفعش الموضوع يفضل في السر أكتر من كدة
فتح لها باب سيارة الأجرة ، دخلت سريعا تبتلع لعابها مذعورة تلتفت حولها يمينا ويسارًا ، تشعر بالاشمئزاز من نفسها ، من هروبها من بيت نصار بذلك الشكل المهين ، شعرت أنها دهست كرامتها واحترامها لذاتها وثقة والديها في لحظة
أما في بيت نصار ... فتح نصار الباب لجاسر يبتسم في وجهه ابتسامة كبيرة للغاية يعتذر منه :
- معلش يا جاسر كان معايا تليفون رخم ما كنتش عارف اقفل معاه ، ادخل ادخل دا بيتك ،
يا باشا خد نسخة من المفتاح ، ما ينفعش أنت تقف على الباب
ضحك جاسر بخفة رفع يده يربت على كتف نصار ، تحرك معه إلى غرفة الصالون يتحرك صوب الأريكة التي كانت تجلس عليها ابنته منذ قليل ، ما أن جلس هناك قطب جبينه ينظر لبقايا الكوب المحطم والعصير المسكوب منه ، رفع وجهه إلى نصار يسأله:
- أنت كان عندك حد ولا إيه ، أصل بما أنهم كوبيتين واحدة اهي على الصينية والتانية مكسورة اهي
صمت نصار متوترا لأول مرة يشعر بذلك الكم من التوتر ، ألا إن جاسر طلب منه :
- هاتلي ورقة جرنان كبيرة
تحرك نصار يتنفس الصعداء من الجيد أن جاسر لم يسأل من جديد ، بحث عن جريدة إلى أن وجد واحدة أعطاها لجاسر ليراه يلملم بقايا زجاج يضعها داخل الجريدة ، يُغلق الجريدة عليها جيدا طبقة تليها الأخرى ، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه حين تذكر ما حدث قديما قبل أن يتحدث :
- رؤى اللي عملتني الحركة دي ، أني لما يتكسر مني حاجة ازاز ألفها كويس أوي جوا الجرايد عشان ما تأذيش عُمال النضافة ولا الحيوانات
أعطاه اللفافة في يده يطلب منه أن يلقيها في سلة المهملات ، قبل أن يعود إليه هنا تحدث جاسر غاضبا :
- شوفت اللي حصل ، رعد بيه اللي أنا شاريله الشركة بفلوسي رايح يتفق مع المنافسين عايز يغرق أبوه ، أنا اللي غلطان لما سمعت كلامك لما قولتلي سيبه يعبر عن غضبه وهو هيلف ويرجعلك تاني ، أهو اتهبل خالص أنا كنت ماسكه بالحديد والنار
اقترب نصار من جاسر يربت على كتفه مترفقا يحاول أن يهدئه :
- يا جاسر اهدا ، دا ابنك بردوا ، وبعدين هي مش مراته رجعت الحوار كله كام يوم وهيرجعلك تاني
هب جاسر واقفا يحرك رأسه للجانبين ينفعل غاضبا :
- أنت مش فاهم حاجة ، رعد اتجنن دا عاوز يرفع قضية حجر عليا ، قضية حجر على أبوه ، أنا هوريك يا رعد أنا هرجعك راكع تطلب السماح
_________
عند شريف وزينب
يجلسان سويا في أحد المطاعم ، يحاول شريف جاهدا أن يجعلها تهدأ ، تتوقف عت البكاء لبضع دقائق ثم تعود لنتذكر ما حدث من جديد ، لتعاود البكاء من البداية ، مد يده يربت على كف يدها برفق يحادثها برفق :
- يا زينب ارحمي نفسك يا ماما ، كدة هيجرالك حاجة بجد ، قومي يا زينب اغسلي وشك قومي يلا تحبي جاي معاكي
وقفت عن مكانها تتحرك صوب المرحاض دون أن ترد بكلمة تنهد يزفر أنفاسه ، رفع يده يمسح وجهه بكفه لا يعرف حقا إلى أن يأخذه التيار بعلاقته بزينب ، يود بشدة أن يُحبها ويشعر بالغيظ حين يتذكر ما حدث له بسبب فؤاد ابن خالتها ، وبين هذا وذاك تقف مرام في المنتصف حاجزا بينهما ، أزاح يده من على وجهه لتقع عينيه على مرام تدخل من باب المطعم بصحبة صديقتها تبتسم تحادثها وهي تضحك ، تلاقت عينيها بعينيه في اللحظة التالية وتوقف كل شيء حين تذكرا ما حدث بينهما ، ولكن الغريب في الأمر والذي تعجب منه حد الذهول ، أن ذاك الشعور الذي كان يشعر به حين يرى مرام اختفى ، حين نظر إليها لم يشعر لا بالحب ولا بالاشتياق ، فقط تذكر ما حدث بينهما وشعر باللاشيء تحديدا ، ذلك هو أدق وصف لما شعر به ، هو اللاشيء
قام من مكانه حين رآها تقترب من طاولته تبتسم في هدوء مدت يدها تصافحه :
- إزيك يا شريف عامل إيه ؟
ابتسم بدوره يمد يده يصافحها يبتسم لها :
- بخير يا مرام الحمد لله ، مبروك صحيح سمعت أنك بقيتي فوتوجرافر هايلة
ابتسمت تشكره :
- الله يبارك فيك شكرا ، عن إذنك عشان معايا صاحبتي
اومأ برأسه لتتحرك مرام بصحبة صديقتها ما أن ابتعدت من أمامه رأى شريف زينب تقف بعيدا تنظر له بحرقة ، النظرة في عينيها وكأنه غدر بها وهي رأت خيانته بالجرم المشهود
ابتلع لعابه متوترا ، يشعر بالضيق لتلك النظرة في عينيها ، تحركت زينب إليه تلتقط حقيبتها سريعا ، ألقت عليه نظرة عتاب أوجعته ، قبل أن تتحرك لخارج المطعم ، حرك رأسه يائسا يضع النقود على الطاولة ؛ ليتحرك سريعا يلحق بها ، رآها تقف بعيدا قليلا تشير إلى سيارة أجرة هرول إليها يُمسك بيدها يجذبها رغما عنها إلى السيارة ، ما أن جلس جوارها التفت لها يحادثها متضايقا :
- ايه لزوم اللي عملتيه دا يا زينب ، في الأول وفي الآخر دي بنت خالي وجت تسلم عليا ، أنتِ ما خرجتيش لقتيني واخدها بالحضن مثلا
عشان تحسسيني إني خاين وتتصرفي بالدراما دي
نظرت إليه لعدة لحظات بقهر شديد بداخلها الكثير والكثير من الصراعات والمشاعر السلبية والكلمات المختنقة داخل قلبها ، رفعت يديها تضعهم على أذنيها تصرخ كما لم تفعل يوما في حياتها :
- بس اسكت أنا مش عاوزة اسمع حاجة ، أنا عارفة أنك ما بتحبنيش والله العظيم عارفة ، وعارفة أنك مجبور على الجوازة دي عشان سمعتك ، ما حدش أصلا في يوم كان هيفكر يبص لزينب ، أنا من الناس اللي بتعيش وتموت على هامش الحياة ، كل اللي بيعدي في حياتها بيبقى عايز يأذيها عشان بتسكت وبتخاف تتكلم ، أنا عارفة أنك بتحب مرام ، مرام أحسن مني ألف مرة هي بلوجر مشهورة ، حلوة وعندها ثقة في نفسها ، حتى لما بعدت عن حياة البلوجر بقت مصورة معروفة ، من حقها تسافر وتروح وتيجي وتعمل كل اللي نفسها فيه ، أهلها بيحبوها وبيثقوا فيها ، إنما أنا أمي كانت ولازالت بتكرهني حاولت تموتني ، على طول شيفاني خاطية وذنب ، أنتوا الاتنين شبه بعض يا شريف ، أنا مش شبهك ، أنا نكرة في الحياة ، طلقني يا شريف
أخرجت كل ذلك وانفجرت في البكاء ، وهو ينظر إليها مصعوقا لا يصدق أنها تحمل كل ذلك القدر من الألم والخذلان داخلها ، شعر بحرقة وألم كل حرف نطقته ، شعر بالشفقة والألم على حالها ، ربما تلاقت طرقهم لأجل ذلك ، لأجل أن يعوضها عما لاقت من قسوة حتى لا تشعر أنها " نكرة " في الحياة ، مد يده يضعها على كتفها برفق ؛ لتزيح يده بقوة تبتعد عنه ، زفر أنفاسه يحادثها مترفقا بها :
- زينب اهدي عشان خاطري ، أنا آسف بجد آسف إني انفعلت عليكِ كذا مرة النهاردة ، المشكلة مش عندك يا زينب أنا اللي مشتت بقالي فترة ، ممكن تبطلي عياط وتسمعيني أنا عاوز أكلمك بصراحة ، أنتِ مراتي ومش هلاقي أحسن منك افضفض معاه
الماكر! ، جملته الأخيرة جعلت رعشة قوية تعصف بها ، ابتلعت لعابها متوترة رفعت يديها تمسح دموعها قبل أن تنظر إليه ، تنهد يتحدث بتروٍ :
- عارفة يا زينب الفترة اللي فاتت كنت متغاظ منك جداا يمكن عشان كدة كنت بخلي علاقتنا رسمية ، أنا شخص بيكره السوشيال ميديا عنده تروما منها ، بحاول أبعد عنها بكل شكل ، وفجاءة ألاقي نفسي ترند في فضيحة كبيرة بسبب ابن خالتك القذر ، دا أنا مسحت بيه بلاط السجن كله ، كنت متغاظ أوي ومتضايق حتى بعد ما الموضوع اتحل ، أنا ماليش دعوة أنا ما شوفتش البنت دي غير مرة ولا اتنين ليه بسببها ألبس في فضيحة زي دي ، أنا عارف أنك مالكيش ذنب والله عارف ، بس غصب عني وحقي كنت متضايق أوي ، عشان كدة كنت بحاول دايما أتجنب الكلام معاكي ، عارفة لما كلمتيني وقولتيلي أن الكلب دا اتحرش بيكِ، في اللحظة دي تحديدا ما كنش في دماغي أي حاجة غير شعورك بالرعب بسبب الكلب دا وأنك أكيد دلوقتي بتعيطي وخايفة ، واستغربت جداا منه ، عشان كدة زعقتلك
صمت لبضع لحظات ينظر لقسمات وجهها يحاول أن يستشف رد فعلها ولكنها كانت شاردة حزينة للغاية ، تنهد يردف :
- والسبب التاني هي مرام فعلا
هنا تحديدا توسعت عينيها ووجهت انتباهها إليه ترجوه أن يقول العكس بنظرات عينيها ولكنه حرك رأسه بالإيجاب يُكمل :
- مرام قضت في حياتي جزء كبير ، إحنا كنا بنحب بعض من وإحنا في ثانوي تقريبا ، رغم كل اللي حصل بينا ، إلا أني كنت بشوف مرام حاجز بينا ، كنت فاكر نفسي لسه بحبها ... بس واضح أن النهاردة كشف الحقايق .. لما شوفتها داخلة المطعم وبصلتها ما حستش بنفس الشعور اللي كنت بحس بيه لما بشوفها ، حتى ما حستش بالزعل منها بسبب اللي عملته فيا ، أنا ما حستش بحاجة خالص ، بجد
أنا فجاءة حسيت أن اللي قدامي دي بنت خالي لا أكتر ولا أقل ، يمكن اللي ضايقني بجد هو نظرتك ليا وأنتِ واقفة حسيت إني عملت حاجة غلط في حقك ، زينب مش دايما البدايات بتبقى أحسن حاجة بس مين عارف الجاي ، قصص الحب اللي في الواقع مش زي اللي في الأفلام والروايات ، قصص الحب اللي في الحقيقة بتبقى بدايتها ملغبطة ومشتتة كل طرف فيها بيحاول يفهم مشاعره وما تعترضيش عشان أنا كلامي صح
ربما هو محق وربما هي لا تزال تشعر بالألم تنهدت تومأ برأسها، استندت برأسها إلى الزجاج تقول متعبة :
- أنا عاوزة أروح يا شريف بعد إذنك
___________
في منزل كاملا ... خرجت كاملا من داخل المنزل مرت على الحديقة لتبصر ملاك جالسة في حديقة المنزل ، اقتربت منها جلست أمامها ودون سابق إنذار جذبتها تعانقها بقوة ، أبعدتها عنها بعد عدة دقائق تحتضن وجهها بين كفيها قبلت جبينها توصيها :
-خلي بالك من نفسك وخلي بالك من طرب ، أنا مش هتأخر يا حبيبتي
جعدت ملاك جبينها متعجبة ما تقول والدتها ، ابتسمت كاملا في وجه ملاك قبل أن تخرج من البيت ، أوقفت سيارة أجرة تخبر السائق بالعنوان ، طوال الطريق تقبض على حقيبة يدها ، دقات قلبها على وشك أن تُفجر صدرها
وصلت إلى منطقة شعبية ، أوقف السائق السيارة ، نزلت منها تتوجه إلى ذاك المنزل البعيد ، هنا بات يعيش عُدي المهدي ، عُدي القذر الذي دمر حياتها ، بات يعيش كجرذ متسخ ، تحركت صوب البيت صعدت الدرجات القديمة إلى أن وصلت لشقته ، دقت الباب مرة بعد أخرى كل ذرة بها ترتجف إلى أن فُتح الباب ، ظهرت الدهشة جلية على قسمات وجه عُدي ، قبل أن يضحك ساخرا يرحب بها :
- اهلا اهلا كاملا هانم بنفسها ، ادخلي
أفسح لها الطريق لتدخل إلى شقته ، وقفت كاملا في منتصف الصالة تتطلع حولها هنا وهناك ، المنزل مقزز قذر يشبهه ، أجفلت على صوت عُدي يسخر منها :
- ايه يا كاملا جاية تعالجيني بعد ما بنتك ضربتني ، أنتِ ما عرفتيش تربي بنتك ضربت عمها يا كاملا
احترقت أنفاسها غضبا التفتت تنظر إليه تحرقه بعينيها قبل أن تحادثه غاضبة :
- وأنت كنت متربي ، ولا كنت راجل اصلا ، لما خدت بنتي شغلتها رقاصة غصب عنها ، لما بتخطف بنتي الصغيرة وتخلي الرجالة يعروا جسمها عشان تهدد طرب بيها
نظر عُدي إلى كاملا قلقا مما تقول ، ابتسم يقترب منه وضع كفه على ذراعها يحركه بخفة يحادثها :
- مالك يا كاملا لهجتك متغيرة ليه كدة ، فين كرملا حبيبتي
نظرت له بإشمئزاز لتعد للخلف تبتعد عنه تنظر للمسخ أمامها ، المسخ الذي دمر عائلتها ، ارتجف جسدها بقوة تقبض على حقيبة يدها تسأله :
- أنت ليه عملت كدة ، ليه دمرت حياتنا إنت والحية اللي اسمها تهاني ، جلال كان طول عمره بيحبك ، عمره ما حرمك من حاجة ، رغم أن الورث كله كان بإسم جلال لكن هو ....
لم تُكمل قاطعها عُدي وهو يضحك عاليا ، ظل يضحك كثيرا قبل أن يتوجه إلى أحد المقاعد القديمة ، يجلس يضع ساقا فوق أخرى بتعالي ، يتحدث شامتا :
- ما هو عشان كدة أنا عملت كدة ، الورث دا نصه من حقي ، بس بابا شاف أن جلال أحق بيه عشان أنا صايع وفاشل وبتاع قمار وستات وكلام كتير أهبل كدة ، بقيت بكره جلال وبحقد عليه ونفسي يتذل ويموت ، بس جلال ذكي كان كاتب كل أملاكه باسم طرب ومخليكي أنتِ وصية عليها لحد ما تم السن القانوني ، حتة عيلة مفعوصة مكتبولها ثروة بملايين ، ولما قولتله إزاي يا جلال ما ابقاش أنا الوصي عليها ، ضحك وقالي أنا عارف أنك بتكرهني يا عُدي ، عايزني أخليك وصي على طرب ، طرب دي حتة من قلبي
ومن ثم سكت لبضع لحظات قبل أن يُكمل :
- أما بقى تهاني فمن ساعة ما جت الفيلا ، وأنا شايف نظراتها ناحية جلال ، ونظرات الحقد والغل ناحيتك ، كانت الحل الممتاز بالنسبة لي ، اتفقنا سوا هي تلعب على جلال وهي بصراحة ما قصرتش ، وجلال بردوا كان خفيف طب على طول ، وأنا بواسي مراته المسكينة اللي هو أنتِ يعني ، وفي نفس الوقت تهاني كانت بتدخل في دماغه أنك بتخونتيه بس أكيد مش معايا يعني ، بس يا ستي ، أنا فكتلك فرامل العربية مش جلال ، جلال ما كنش يعرف اصلا أنك عملتي حادثة ، تهاني قالتله أنها شافتك بتلمي شوية دهب وفلوس وكان فيه راجل مستنيكي في عربيتك ، عشان كدة لما كلمتيه قالك لو شوفت وشك هموتك ، وتهاني بشطارتها خلت جلال يتنازلي عن كل حاجة
بس حصل حاجة ما كناش متوقعينها ، جلال سمعني في مرة وأنا بتكلم مع تهاني وبنتريق عليكوا ، كان هيتجنن وكان عاوز يقتلني وطلق تهاني وليلة كبيرة بس من الانفعال ولأن القدر كان لسه بيضحكلنا وقع جلال ميت ، وبقت كل أملاكه باسمي ، بس كنت لسه بكرهه كنت حاسس إني لسه ما شافتش غليلي وكرهي منه، عشان كدة ما كنش قدامي غير طرب وملاك وخصوصا طرب اللي تبقى حتة من قلب جلال
بعد أن أنهى عُدي كل ما قال ، أدرك أنه باح بالكثير ، عُدي نرجسي يحب التباهي ، والكلام عن بطولاته السامة الدنيئة ، ابتلع عُدي لعابه متوترا ينظر لكاملا الذي أحمر وجهها من شدة الغضب مدت يدها إلى حقيبتها تُخرج منها سكينة كبيرة الحجم ، انتفض عُدي مفزوعا ما أن رآها يحادثها خائفا :
- كاملا اهدي وما توديش نفسك في داهية ، وبعدين جاسر مهران جابلكوا حقكوا وزيادة قسما بالله دا وراني النجوم في عز الضهر من كتر الضرب فيا هو والحرس بتوعه ، وبعدين انتوا رجعلكوا كل حاجة وأنا عايش في المكان المقرف دا زيي زي الكلب
حركت كاملا رأسها للجانبين تقبض على السكين في يدها تصرخ بشراسة :
- أنا اللي هاخد حقي وحق جوزي وحق بناتي منك يا عُدي
اقتربت منه وهو يعود للخلف خائفا ينظر إليها مذعورا يحاول أن يستجديها :
- كاملا أبوس إيدك ما تموتنيش أنا آسف هعيش ليكوا خدام لباقي عمري
ضحكت كاملا تتهكم منه :
- عمرك ما فضلش فيه غير لحظات يا عُدي ، أنا هخلص الدنيا من شيطان زيك
اقتربت منه ليمسك بيدها سريعا قبل أن تهبط بالسكين على صدره ، يحاول دفعها وهي تحاول بقوة وشراسة كبيرة غرز السكين في صدره ، تشعر بأن بداخلها قوة كبيرة ،قوة الغصب والانتقام والثأر ، صرخت بقوة تجرح عُدي بالسكين في يدها قبل أن تغرزه في صدره بكل عنف ، شهق بقوة وتوسعت عينيه ألما ترنح قبل أن يسقط أرضا كان لا يزال حيا ، وهي لن تتركه حيا ، انحنت على ركبيتها تجذب السكين من صدره بعنف تنزل به عليه طعنة تليها الأخرى والأخرى وهي تصرخ :
- موت إنت لازم تموت ، دا حق جلال وحق بناتي وحقي يا عُدي ، موت
توالت الطعنات إلى أن تأكدت أنه فارق الحياة وقفت تنظر إليه تتنفس بقوة يديها أثار دمائه ، لم تمحو الآثار ، لم تأخذ السكين ، عليها هي الأخرى أن تدفع ثمن ثقتها به يوما ، على أنها تركت ابنتيها بين براثن وغد قذر ، دمرهما ، نظرت إليه وهو جثة هامدة تُشفي غليلها برؤياه ، قبل أن تخرج من البيت ، تاركة بصمات أصابعها على السكين !!
___________
في منزل جاسر راضي
في غرفة الصالون سترى والدي مليكة ، ووالدي جاسر ، وأريچ وسامر ، أمامهم العصائر والحلوى ، الجميع يتحدث فرحين بالعروسين عدا نرمين التي تنظر إلى شاهندا وابنتها بغضب شديد ، كلما رأت شاهندا تحديدا تتذكر صبري وما فعله بها ، تتذكر سنوات المعاناة ، ما حدث لوالديها ، وما عانى منه جاسر ، وما عايشته هي ...
قامت مليكة بحركة لطيفة منها تود كسب ود والدة زوجها ، حملت صينية العصائر تقترب منها تحادثها وهي تبتسم :
- اتفضلي يا طنط
تبدلت الصورة أمام عيني نرمين لترى صبري يقف أمامها يمسك بكوب العصير يمده إليها يقول بنبرته الخبيثة الناعمة :
- اشربي يا نرمين ، اشربي يا بنتي شكلك مجهد بجد
احتدت عينيها غضبا لتقف بعنف تدفع الصينية بقوة من يد مليكة لتسقط أرضا بما عليها من أكواب تُحدث صوتا عنيفا ، هبت شاهندا واقفة تقترب من ابنتها تُبعدها عن الزجاج ، تقول سريعا :
- حصل خير يا جماعة ، ابعدي عن مليكة عن الازاز عشان ما تتعوريش هاتيلي المقشة من المطبخ يا مليكة
نظر جاسر إلى والدته غاضبا ، من الجيد أن والدة شاهندا احتوت الموقف ، ولكن والدته لم تتوقف عند ذلك الحد بل صرخت بعلو صوتها في شاهندا ومليكة :
- اطلعوا برة بيت ابني ، اطلعوا برة حياتنا ، أنا لما بشوف وشك أنتي وبنتك بفتكر أبوكي والقرف اللي هو عمله فيا ، واللي بسببه دمر حياتنا
صرخ جاسر بإسم والدته يطلب منها التوقف ، أما ياسر فاقترب سريعا من زوجته يجذب يدها يحادثها غاضبا :
- ايه اللي أنتِ هببتيه دا ، امشي معايا يلا ، أنا آسف يا جماعة بجد على اللي حصل دا حقكوا عليا أنا ، يلا يا أريج يلا يا سامر
جذبت نرمين يدها من يد سامر بعنف تصرخ في وجهه :
- أنت بتعتذرلهم ، أنا ما قولتش غير الحقيقة ، مش أنت بردوا كنت الدكتور اللي بيعالجني ، وشوفت حالتي كانت عاملة إزاي، دلوقتي جاي توافق جاسر على الجوازة دي ، وكمان بتعتذرلهم
ومن ثم التفتت إلى جاسر الذي يحتضن مليكة يخفي في صدره تصرخ فيه بحرقة :
- وأنت ، يا دكتور بعيدا عن كل البنات اللي في الدنيا ، روحت اخترت حفيدة صبري ، وياريتها عدلة دي مستعملة قبل كدة
جملة والدته البشعة جعلت مليكة تنتقض بين أحضانه بقوة ، وصرخ هو أبيه فيها علها تتوقف ، أما شاهندا فتحركت صوب نرمين وبدون مقدمات صفعتها !!
ساد الصمت أثر ما حدث تنظر نرمين إلى شاهندا غاضبة وقبل أن تنبث بحرف ، صرخت شاهندا فيها :
- أنا ما استحملكيش تهيني بنتي فاهمة يا نرمين ، وبعدين دا موضوع واتفقل ، ولا ناسية أخوكي عمل فياا اييييييه ، خد حقك تالت ومتلت يا نرمين هانم ، ولولا أن ابنك دكتور محترم وأخلاقه عالية أنا ما كنتش وافقت أبدا أن بنتي تتجوز من العيلة دي ، لكن واضح أن بنتي هتعاني معاكي كتير أوي وأنا مش مستغنية عنها ، أنا ما عنديش غيرها في الدنيا
صدق فتحي على كلام زوجته يوجه حديثه لابنته :
- شاهندا عندها حق ، خشي يا مليكة غيري هدومك ، ما تجبيش حتى معاكي هدوم يلا يا بنتي
ابتعدت مليكة عن أحضان جاسر تنظر إليه معاتبة تبكي بحرقة قبل أن تركض إلى غرفتها تصفع الباب خلفها ، واللحظة التالية عمها الصمت المطبق ... تحركت شاهندا تلحق بابنتها ، في حين توجه ياسر سريعا إلى أن فتحي والد شاهندا يحاول أن يحتوي الموقف :
- صلي على النبي يا حج فتحي وحقكوا على رأسي ، العيال لسه عرسان ما ننكدش عليهم ، تعالا معايا نخرج البلكونة نتكلم كلمتين واللي أنت عاوزه أنا هعمله
أمسك ياسر بذراع يحثه على التحرك معه للخارج صوب الشرفة ، أقترب سامر من أريج يحادثها بصوت خفيض للغاية :
- بقولك جاسر عمال يبصلي عشان ننزل ، تعالي يلا نستناهم تحت
نظرت أريج إلى شقيقها لتراه يحرك رأسه كأنه يخبرها أن تفعل ما قاله لها سامر ، تنهدت متوترة تحرك رأسها تحركت بصحبة سامر لأسفل ، جلست جواره في سيارته متضايقة للغاية التفتت إليه تتحادث ثائرة :
- سمعت اللي ماما قالته أنا مش مصدقة بجد أنها تقول كدة على مليكة ، كلمة بشعة أوي ، ما حاولتش تحطني مكان مليكة وهي بتقول الكلمة دي ، وتسمع حماتي وهي بتقولي أنتي عروسة مستعملة
تنهد سامر يحرك رأسه ، ما فعلته والدة جاسر كان صادما للكل ، صحيح أنه لا يعرف سبب غضبها وكرهها الشديد ، ولكن ذلك لا يبرر أبدا أن تُهين الفتاة بذلك الشكل ، لن يلوم والدة مليكة أنها صفعتها فهو كان سيفعل المثل وأكثر أن أهان أي من كان ابنته بذلك الشكل ،حاول أن يبتسم يغير مجرى الحديث :
- بس عمي ياسر راجل دبلوماسي ، وأخوكِ مقنع جداا هيلموا الموضوع ما تقلقيش ، صحيح مش شيتوس اتجوز بسكوتة امبارح ، وكلها كام شهر وهتخلفنا قطاقيط صغيرين
أحمر وجه أريچ حرجا تتلعثم متوترة تردف :
- وأنت بتقولي ليه على فكرة أنا ما كنتش عاوزة أعرف
ضحك سامر بخفة مد يده يُمسك بكف يدها ، خرج من ثغره تنهيدة صغيرة حالمة يتمتم سعيدا :
- تعرفي يا أريچ ، أنتِ مش متخيلة أنا ببقى سعيد ومبسوط قد ايه لما بشوفك بس ، أنا عديت في حياتي بحاجات بشعة كنت بفكر فء الموت في كل لحظة ، بس كانت الجايزة في الآخر أحلى من الخيال ، أنا بجد بحبك أوي يا أريج
كاد وجه أريچ أن ينفجر من الخجل يصاحبه قلبها أيضا ، تسارعت دقات قلبها بعنف شديد ، تسري رعشة قوية متلاحقة تعصف بكيانها المرمم جيدا ، ابتسمت خجلة تسحب يدها من يده تتحاشى النظر لعينيه تهمس بنبرة مرتبكة :
- سامر عيب كدة ، وبعدين بس عشان أنا بتكسف ، ولو سمحت روح هاتلي أي حاجة حلوة عشان حاسة بجد اني دايخة
قطب جبينه قلقًا ، يعرف أنها تود خروجه من السيارة لشعورها بالخجل ، نزل من السيارة يلتف حولها وقف عند النافذة المغلقة المجاورة لها بخفة ؛ لتقطب جبينها تفتح النافذة لتراه يبتسم ابتسامة واسعة غمزها بطرف عينيه يتمتم يغازلها :
- أنا روحت أجيب حاجة حلوة ، بس ما لقتكيش على الرف
توسعت عيناها ذهولا قبل أن تضحك خجلة على ما يقول أما هو فغمزها من جديد قبل أن يتحرك إلى المتجر القريب
في الأعلى كان الوضع مختلف تماما ، جاسر يقف أمام والدته كل ذرة به ترتعد غضبا ، حاول أن يهدأ مرارا وتكرارا ولكن الأمر كان مستحيلا ، اقترب من والدته أكثر يبشر أسنانه يتمتم حانقا غاضبا منفعلا :
- أنتِ إزاي تعملي كدة ، إزاي تقولي عنها كدة
أنا مش متخيل مدى القسوة اللي في قلبك ، مليكة ما غلطتش مليكة شريفة غصب عن عين الكل ، مبسوطة يا ماما دمرتي جوازي بعد اسبوع واحد بس ، يارب تكوني مبسوطة وسعيدة
وتركها وتحرك إلى غرفة نومه أدار المقبض يفتح الباب بخفة ، دخل إلى الغرفة ليرى مليكة تجهش في البكاء بين أحضان والدتها
هو أكثر من يعرف أن مليكة لا تبكي أمام أحد خاصة والديها ، ولكن ما فعلت والدته كان أسوء ما يكون ، تفتت قلبه كلما اقترب أكثر حمحم يوجه حديثه لشاهندا :
- مدام شاهندا لو سمحتي أنا مش هسيب مليكة تمشي دي مراتي ، وأنا أوعدك أن اللي حصل دا مش هيتكرر تاني ، أظن أن ما في مرة إلا ووفيت بوعدي
حركت مليكة رأسها للجانبين بعنف ترفض ما تسمع ، ترفض بقائها بعد ما سمعت ، ترفض رؤيته هو أو والدته ، ترفض الكثير
نظر جاسر إلى أن شاهندا يطلب منها حزينا أن تتركه معها ، تمسكت مليكة بيد والدتها تحرك رأسها للجانبين بعنف ، ابتسمت شاهندا لها برفق رفعت يدها تمسح على خصلات شعرها برفق :
- حبيبتي ما تخافيش أنا هعملك كوباية عصير واجي على طول
وتركت شاهندا ابنتها وخرجت من الغرفة تجذب الباب خلفها تحركت في صالة المنزل صوب المطبخ ألقت نظرة حاد صوب نرمين التي تجلس في صالة البيت ومن ثم أكملت طريقها
في داخل الغرفة اقترب جاسر من مليكة جلس جوارها على سطح الفراش ، مد يده يجذب رأسها لصدره ، يمسح على خصلات شعرها برفق ، نظر لها من أعلى يعاتبها :
- كدة يا مليكة عايزة تسبيني وتمشي ، هو إحنا لحقنا نفرح ببعض
رفعت كفيها تتمسك بسترته بأصابعها تهمس بحرقة :
- مامتك بتكرهني أوي يا جاسر ، أنا ما عملتش ليها حاجة ، وقالت عني كلام وحش أوي ، أنا ما اقبلش تقولي عني كدة ، أنا ما عملتش حاجة غلط ، بسببها عيطت قدام بابا وماما ، وأنا ما بحبش اعيط قدامهم أنت عارف
أبعدها عنه قليلا برفق يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه تنهد يحادثها :
- أنا آسف يا مليكة ، آسف أوي على اللي سمعتيه منها ، حقك عليا ... أقسملك أنها مش هتقول حرف يضايقك تاني ، بس ما تمشيش يا مليكة ، عشان خاطري أنا
ابتعدت برأسها للخلف تبتعد عن كفيه قطب جبينه متعجبا ، رفعت يديها إلى وجهها تمسح دموعها بعنف تسأله :
- عايزني أقعد يبقى تفهمني ، تفهمني مامتك بتكرهني أنا وماما أوي كدة ليه ، وليه قالت لماما أنا لما بشوف وشك أنتِ وبنتك بفتكر أبوكي والقرف اللي عمله فيا ، هو جدي أذى والدتك ؟!
لم يكن يريد أن يتطرق لذلك الموضوع خاصة الآن ، تنهد يمسح وجهه بكف يده قبل أن يتمتم بنبرة ثقيلة :
- صبري جدك ، أبو والدتك اعتدى على والدتي زمان
توسعت حدقتي مليكة ذعرا ، شهقت بعنف تضع كفيها على فمها ، لا تعي ما تسمع منه ... أما هو فحرك رأسه بالإيجاب وبدأ يحكي لها الحادثة القديمة الذي عرف تفاصيلها كاملة من مذكرات والدته ، ما أن انتهى مما يقول أنفجرت في البكاء تردد بلا توقف :
- عندها حق تكرهنا ، عندها حق يا جاسر
ومن ثم ارتمت إلى أحضانه تتمسك به تتمتم مصعوقة من بين أمواج بكائها العنيفة :
- دا إنسان بشع مريض ، ربنا يجحمه ويعذبه
مامتك معذورة يا جاسر ، أنا حاسة بوجعها عدى سنين وعمري ما نسيت تفصيلة واحدة من تفاصيل الحادثة دي
توقفت عن البكاء فجاءة تبتعد عنه ، ابتلعت لعابها تسأله مدهوشة :
- بس المفروض تكون هي كمان تكون حاسة بوجعي مش تعايرني بيه يا جاسر ، هي ليه عملت كدة ؟
لأول مره هو لا يجد إجابة ، بل هو نفسه يسأل نفس السؤال ، توقع رد فعل معاكس تماما من والدته ، تنهد يوجه أنظاره إليها قبل أن يسألها ، دُق الباب ، ودخل أبيه يبتسم لهم اقترب من مليكة التي وقفت ما أن دخل يحادثها :
- مليكة أنتِ مرات ابني ، يعني زيك زي أريچ بالظبط ، واللي يزعلك يزعل جاسر ويزعلني ، أنا اتكلمت مع بابا وماما والمشكلة خلاص اتحلت ، وحقك عليا يا بنتي ما تزعليش ، صدقيني لما ترجعوا من شهر العسل ، نرمين هتيجي تصالحك ، يلا أنا هاخد الجمع اللي برة واتكل على الله ، خلي بالك من مليكة يا جاسر
اقترب جاسر من أبيه يعانقه يتمتم يشكره ممتنا :
- متشكر يا بابا ، متشكر أوي
ابتسم ياسر يربت على رأس ولده يهمس ضاحكا :
- اديني ظبطتلك الدنيا اهو ، عارف ياض مراتك لو ما رجعتش من شهر العسل حامل هتبرى منك
ضحك جاسر يحرك رأسه موافقا ، استأذن ياسر وخرج وسمعت أصواتهم بالخارج وهم يرحلون ، تحرك جاسر صوب دولاب الثياب يخرج حقيبته وحقيبته يفتحهم على سطح الفراش ، اقتربت مليكة منه كتفت ذراعيها تتمتم عابسة تتدلل :
- أنا زعلانة منك ، عشان أنا كان نفسي أسافر أسوان وأنت مش راضي
ابتسم عابثا ، فتح درج المكتب الصغير القريب منه ، يخرج بطاقتي حجز لرحلة نيلية في أسوان ، توسعت عيني مليكة تأخذ منه البطاقات تصيح سعيدة:
- يعني إحنا هنروح أسوان بجد
وارتمت بين ذراعيه تعانقه بقوة تضحك سعيدة ، ليغطي ثغره ابتسامة ماكرة يهمس لها:
- فاكرة فرويد كان بيقول ايه
ضحكت مرتبكة تُبعد ذراعيه سريعا تفر من أمامه تردف سريعا :
- لا لا مش وقته الدنيا برة مكركبة خالص ، أنا هروح انضفها وأنت خلص الشنط
وخرجت من الغرفة وهي تضحك متسلية وهو يبتسم على ضحكاتها ، إلى أن اختفت من أمامه واختفت ابتسامته وشردت عينيه يفكر في والدته خاصة مع جملة مليكة
(عدى سنين وعمري ما نسيت تفصيلة واحدة من تفاصيل الحادثة دي )
والدته لم تنسى يوما ، رؤيتها لابنة صبري وحفيدته معا جعلها تتذكر ما حدث ، هذا إن كانت نسيته أصلا ، تراجع غضبه وسخطه مما فعلت والدته وبدأ يشعر بالحزن والشفقة والألم على حالها ، تنهد بحرقة يبحث عن هاتفه إلى أن وجده سيتواصل مع خاله ، هو الأقرب لوالدته ، طلبه يقص عليه ما حدث كاملا يطلب منه أن يكن جوار والدته ، أغلق معه الخط يشكره أنزل الهاتف يتنهد حائرا ، رفع يده الأخرى يضغط بأصابعه على أنفه ، يفكر بشكل سلبي لأول مرة ، أنه هو السبب في تعاسة والدته ، بعد أن كان يخطط للانتقام لأجلها !!
______________
في منزل عاصم ... تحديدا في غرفة زين ، تحرك زين ذهابا وإيابا يضب حقيبته ، ومراد يرتمي بجسده على سطح الفراش يعقد ذراعيه خلف رأسه ينظر للسقف شاردًا يحادث شقيقه :
- زين هو أنا ممكن أخد رأيك في حاجة ؟
ترك زين الثياب من يده يتوجه يجلس جواره يحرك رأسه موافقا ، تنهد مراد ينتصف جالسا يتحدث متوترا :
- زين ، تفتكر مريم لسه بتحبني ؟ أنا مش مصدق أنها بقت بتكرهني بالشكل دا ، دي ما بتطقش تشوف وشي ، أنا بحبها أوي يا زين
ابتسم زين في هدوء رفع يده يربت على كتف مراد برفق يسأله :
- قولي بصراحة يا مراد أنت خونت مريم مع البنت اللي على النت دي مش كدة
أصفر وجه مراد يبتلع لعابه قبل أن يحرك رأسه للجانبين يتمتم سريعا :
- لاء طبعا أنت ايه اللي خلاك تقول كدة
ابتسم زين يجلس مواجها لشقيقه يربع ساقيه يتحدث ببساطة :
- كلامك المتناقض يا مراد ، أنت قولت لحسين
أنا كنت قاعد في أوضتي والجو كان برد فكنت مقفل الشبابيك ، وبعدين كنت حران فقعلت التيشرت ، أنا خدت بالي من النقطة دي من ساعة ما قولتها بس ما رضتش أعلق عليها
أنت كنت بتخون مريم صح يا مراد ؟
اضطربت حدقتي مراد بقوة ، لحظات طويلة قبل أن تخرج من بين شفتيه زفرة قوية رفع كفيه إلى وجهه يتمتم نادما :
- أيوة ، أيوة خونتها ... عرفت تُجر رجلي
حرك زين رأسه للجانبين يعاتبه بهدوء :
- يبقى ما تقولش أنك بتحب مريم ، اللي بيحب مستحيل يخون ، اللي بيخون دا ما حبش يا مراد ، عشان كدة سيبها في حالها وربنا يرزقك بالأحسن ويرزقها بالأحسن
هب مراد واقفا على ركبتيه ينفعل حانقا :
- الأحسن دا نصار !! ، دا قد أبوها ، أنا مش فاهم هي بتحب فيه ايه اصلا ، دا لو كانت بتحبه أنا لسه ما اتأكدتش
نصار الوغد يرمي شباكه على فتاة صغيرة ، جاسر طلب منه ألا يتدخل تماما ، ولكن هل جاسر يعلم أن نصار ينصب فخاخه حول ابنته ، عليه أن يخبره بتلك المعلومة في اسرع وقت ممكن
نظر زين صوب مراد يبتسم يستفزه :
- وليه لاء مش يمكن يكون هو دا العوض منك يا خاين يا توكسيك
اشتعل مراد غضبا ألتقط الوسادة المجاورة له يقذقها على شقيقه بعنف يضيح غاضبا :
- ما تستفزنيش يا زين بجد ، أنا غلطان اني صارحتك ، وأنت عاملي المحقق كونان
اقترب زين من شقيقه وضع يده على كتفه ينصحه بهدوء :
- مراد اسمعني ، تعرف لو نصار دا فعلا بيلف شباكه على مريم ، تبقى أنت غبي لأن أنت الشاب وهو العجوز ، مش عارف توقع مريم في حبك حتى لو من أول وجديد ، بدل ما أنت شاغل وقتك في أنك تدور هي بتحب مين ، خليها تحبك أنت يا غبي ، ابدأ من الصفر
واطلع برة أوضتي عشان عاوز أنام ، عشان مسافر الصبح أسوان
_______________
في منزل جاسر مهران ...تحديدا في غرفة جوري
جلست جوري على المقعد أمام حسين يفصل بينهما طاولة ، تنهد حسين يردف بنزق :
- وبعديت بقى في التحقيق دا ، هو أنا قاعد قدام وكيل نيابة ، يا بنتي خليتني احكيلك اللي عملته طول السنة اللي فاتت يوم بيوم ، ارحميني بنهار
قلبت چوري عينيها ساخرة ، تكتف ذراعيها أمامها تتمتم متهكمة :
- دا اللي عندي لو عايز تصالحني تجاوب على كل الأسئلة ، قولي بقى يا باشمهندس سوونة على رأى البت الملزقة ولا أقولك هات موبايلك هشوف حاجة
زفر أنفاسه متضايقا ، فتح هاتفه يعطيه لها ، سريعا توجهت إلى المحادثات تبحث عن اسم المهندسة السخيفة التي تعمل معهم في المشروع ، إلى أن وجدت رقم هاتفها مسجلا لديه ، توجهت إلى المحادثات بينهم ، فلم تجد شيئا أكثر من أسئلة عادية عن الرسومات ومواد البناء وما يفعله العمال ، يبدو أنها كانت تظلمه حقا، وتظلم المهندسة السخيفة ،وضعت الهاتف على الطاولة . ظلت صامتة لبضع لحظات تقضم أظافرها ، تحرك قدميها سريعا بتوتر قبل أن تنفجر فيه :
- طول السنة اللي فاتت ما جتش قولتلي ليه ، ما عملتش اللي عملته النهاردة ليه ، أنا افتكرتك خلاص بطلت تحبني يا حسين
قام حسين من مكانه يقرب مقعده من مقعدها ، جلس جوارها يحرك رأسه للجانبين بعنف ، مد يده يحتضن أحد كفيها بين كفيه يحادثها :
- لا يا چوري ، أنا عمري ما بطلت أحبك ، بس أنا كان من عاشر المستحيلات أن أفرض نفسي أو أفرض علاقتنا عليكِ ، أنتِ ما تعرفيش أنا كنت بحس بإيه لما بشوفك واقفة مع الحيوان اللي اسمه عُمر ، كنت بروح كل يوم اخبط دماغي في الحيطة من الغيظ والغضب ، منك ومن نفسي ، بس خلاص فاض بيا الكيل ، أنا عمري ما اذيتك يا چوري ، ويشهد ربنا على ده ، عايزة علاقتنا ترجع تاني ، عايزانا نتطلق وأخرج من حياتك اللي أنت ِ عيزاه أنا هعمله ، اختاري يا چوري أنتِ عاوزة إيه ؟
جذبت چوري يدها من يده بكل عنف ليقطب حسين جبينه مستنكرا ما فعلت ولكنها في اللحظة التالية ألقت بنفسها بين ذراعيه تحتضنه بقوة ، أغمضت عينيها تشدد على احتضانه وهو يفعل المثل ، كورت كلها تصدمه على ظهره بعنف شديد تهمس حانقة :
- أنا كنت بكلمه عشان تغير ، كنت عوزاك تغير وتيجي تتخانق معايا ، ساعتها كنت هتأكد أنك لسه بتحبني بس أنت كنت تلاجة
ضحك حسين بخفة يبعدها عنه ، يبسط كف يده على وجنتها ، يقرب وجهها منه كاد أن يقبلها حين فُتح باب غرفة چوري فجاءة وظهر الصغير سليم ، شهق الصغير عاليا يصيح بعلو صوته :
- يا مااااماااا يا مااااماااا ، عمو حسين بيبوس چوري في أوضتها بوسة عيب
انتفض حسين يركض لخارج الغرفة يحاول اللحاق به ، بينما لطمت چوري خديها تضع يديها فوق رأسها تتمتم مذعورة :
- اتفضحنا ، بابا هيجي يمثل بجثة حسين وجثتي
في الأسفل دس جاسر المفتاح في قفل الباب يدخل إلى البيت كان أول ما رآه أمامه مريم ابنته تجلس على مقعد في منتصف الصالة تحرك ساقيها تقضم أظافرها ، تحرك إليها يمد يده يمسك بذراعها يجذبها بخشونة يطلب منها :
- تعالي معايا فوق عايزك
في اللحظة التالية سمع صوت سليم وهو يصرخ بما فعل حسين ، ورأى حسين وهو يركض خلف سليم يحاول الإمساك به في مشهد أشبه بالقط والفأر ، أصفر وجه حسين ما أن رأى جاسر ، ليتحدث جاسر يتوعده :
- لما انزلك حاضر أنت والهانم التانية
وتحرك لأعلى يجذب مريم معه ، الصغيرة ترتجف بين يديه كل ذرة بها ترتعد خوفا ، تحرك إلى غرفته دفعها داخلها يغلق الباب عليهم
في اللحظة التالية سمعوا صوت صرخات عالية صاحبتها صوت دقات سريعة على باب المنزل هرعوا جميعا من غرفهم ليعرفوا من الفاعل ، حين فُتح الباب ظهرت ملاك وهي تصرخ وترتجف لا تردد سوى كلمة واحدة :
- ماما ماما ماما
وسقطت أرضا فاقدة لوعيها ، ليهرع يوسف إليها يحملها بين ذراعيه ، يهرول بها إلى أعلى وخلفه الجميع وضعها على الفراش في غرفتها ، يربت على وجنتها بخفة ... نظر حوله يبحث عن مريم ولكنه لم يجدها ، مريم لم تنزل معهم أين هي ؟! ، قام سريعا يهرول خارج الغرفة دخل إلى غرفته القريبة ينتشل زجاجة العطر ومن ثم عاد يركض إلى الغرفة ، لمحت عيناه باب غرفة أبيه مفتوحة ومريم تجلس هناك تتساقط الدموع من عينيها ،ما أن رأته خرجت تركض إلى غرفتها تصفع الباب في وجهه وقف هو مقطب الجبين متعجبا مما رأى ، سيعرف ما بها مريم ولكن عليه أن يطمأن على ملاك ... حين دخل للغرفة وجد أبيه جوار ملاك يرش بعض زخات بسيطة من المياه على وجهها ، إلى أن بدأت الأخيرة تفتح عينيها شيئا فشيء ، تنظر للوجوه حولها تحاول أن تعي ما يحدث ، إلى أن تذكرت ، شهقت بعنف تنتفض جالسة تصرخ مذعورة :
- ماما ، ماما البوليسي قبض عليها ، الحقها يا عمي أرجوك
قطب جاسر جبينه مستنكرا ما يسمع، أمسك بذراعيها برفق يحاول أن تجعلها تهدأ يحادثها مترفقا :
- ملاك اهدي كدة وفهميني براحة يا حبيبتي ، الكلام دا حصل إزاي وامتى
حركت ملاك رأسها للجانبين تهبط دموعها بحرقة تتمتم مذعورة :
- ما اعرفش ، ما اعرفش هي ماما خرجت ولما رجعت فضلت حضناني وتقولي خلي بالك من نفسك ومن طرب وفضلت تعيدها كتير أوي ، وبعدين لقيت البوليس جه وبيقبض عليها ، وبيقولوا أنها قتلت عُدي
انتهت ملاك مما تقول لتنفجر في البكاء ، نظر جاسر إلى رؤى التي اقتربت سريعا من الفتاة تأخذها بين أحضانها تحاول أن تهدأها ، في حين خرج جاسر من الغرفة سريعا يُمسك بهاتفه يطلب رقم أحد أصدقائه ليعرف تحديدا أين توجد كاملا الآن ، خرج من المنزل ليتنفس حسين الصعداء يتمتم :
- الحمد لله يارب اتكتبلي عُمر جديد ، الحق أخلع أنا قبل ما يرجع
________
في منزل رعد
فتحت طرب عينيها قليلا على صوت بكاء تشعر بصداع بشع وكأنها نامت لمئات الأعوام ، حين وضحت الرؤية أمامها رأت رعد يحمل يونس على ذراعه يتحرك به في الغرفة ذهابا وإيابا ، يُمسك زجاجة الحليب في يده ، حاولت أن تقوم لتأخذ الصغير منه ، إلا أن جسدها كان يؤلمها بشكل بشع ، همست باسم رعد ليلتفت إليها يتحدث يطمأنها :
- ما تقلقيش عليه ، ارتاحي أنتِ تعبانة ، أنا أكلته وهينام أهو
حركت رأسها للجانبين بضعف شديد بالكاد تهمس له وبالكاد سمعها :
- طبطب على ضهره براحة وأنت شايله على كتفك ، كدة مش هينام
سمع ما قالت ، دقائق قليلة ونام الصغير ... تحرك نحوها ليراها بالكاد تفتح عينيها ، وضع يده على جبينها حرارتها لم تكن مرتفعة ولكنها كانت شاحبة للغاية ، ربما لأنها لم تتناول شيئا منذ فترة طويلة جداا ، خرج سريعا من الغرفة يُحضر لها كوب عصير ، وطبق حساء أعده سلفا لها ، عاد للغرفة ليراها على حالها كما تركها مال بجسده إليها يحاوطها بذراعيه يحاول أن يرفعها عن الفراش ولكن جسدها كان يرتخي منه وتسقط من جديد ، جعد جبينه قلقا يحادثها متوترا :
- طرب ، مالك في ايه ، يلا قومي معايا اقعدي بس عشان تاكلي ، لم تُبدي استجابة ، فما كان منه إلا أن رفع جسدها وجلس خلفها يُسند جسدها المتخاذل على جسده ، أمسك بكوب العصير يقربه من فمها فابتعدت برأسها بوهن ترفض ؛ليتحدث متضايقا :
- طرب مش وقت عِند بالله عليكِ ، أنتِ مش شايفة حالك ، اشربي أنا مش هسيبك كدة
قرب الكوب من فمها مرة بعد أخرى إلى أن رضخت وبدأت ترتشف منه وهو يراقبها قلقا ، عينيه تفصح عما بقلبه من خوف عليها ، بعد دقائق من شُربها كوب العصير بدأت تشعر بأنها أفضل ، أما هو فأمسك بالمعلقة ، يملئها من الطبق يقربها من فمها لتأكل ، كانت تظن أنها ستمقت ما تأكل ، معدتها لن تتحمل ولكنها وجدت نفسها جائعة ، وجائعة للغاية أيضا فلم تعترض بدأت تأكل من يده إلى أن انتهى الطبق ، ولكنها كانت لا تزال جائعة ولكنها لم تقل ، وشعر هو من نظراتها بذلك ليتحرك من خلفها يتحدث سريعا :
- ثواني اجيبلك غيره ، الطبق دا صغير أوي أصله ما بياخدش معلقتين
ابتسمت بوهن ، على الرغم من أن جسدها بدأ يستعيد نشاطه ألا أنها تشعر بالوهن الشديد ، عاد هو سريعا يحمل صحن أكبر في الحجم ، جلس كما كان وعاد يطعمها ، إلى أن شعرت بالشبع ، فتحدثت :
- أنا شبعت
نظر إليها لعدة لحظات قبل أن يتنهد يومأ برأسه موافقا ، وضع الصحن جانبا وتحرك يجلس أمامها يسألها :
- حصل ايه ، وصلك للحالة دي ؟ ، طرب القوية اللي أنا عارفها لازم تكون حصلت كارثة عشان توصل للحال دا
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها تحرك رأسها للجانبين تهمس تتهكم من نفسها :
- طرب عمرها ما كانت قوية ، أنا طول عمري كنت بمثل أن أنا قوية لكن أنا أضعف من جناح فراشة استندت على كفيها تنتصف جالسة نزلت الدموع من عينيها دون أن تدري أن ذلك يحدث تتحدث بحرقة :
- مثلت أن أنا قوية قدام ملاك عشان ما تخافش ، وقدام عُدي وتهاني عشان ما حدش فيهم يأذيها ، قدام نفسي عشان ما اقفش وأعيط كل لحظة على اللي بيحصلي ، لكن أنا مش قوية أنا أضعف مما تتخيل ، أنا كل اللي أنا عوزاه إني أعيش في حالي وأنا محافظة على كرامتي، من غير ما حد يقلل مني ، صعب الطلب دا ، صعب اني أعيش
كاد أن يعانقها ويخبرها أن كل شيء سيحدث كما تريد ، ولكن هاتفه دق والمتصل كان أبيه ، واحتمالية أن أبيه يطلبه في ذلك الوقت بعد ما حدث بينهما لا يدل سوى على شيء واحد حدثت كارثة ، فتح الخط وقبل أن ينطق بحرف سمع ما جعل عينيه تتوسع فزعا الجملة الوحيدة اللي نطقها :
- أنا جاي حالا !!
_____________
في قسم الشرطة هناك حيث توجد كاملا في غرفة الضابط تجلس أمام مكتبه ، هادئة عينيها شاردة ، يمر أمامها مشاهد حياتها سريعا ، اجفلت على صوت الضابط وهو يوجه سؤاله إليها :
- ممكن أعرف ايه الدافع اللي خلاكِ تقتلي المجني عليه اللي أنتِ قتلتيه على حسب ما أنتِ بتقولي ، عُدي المهدي ؟
نظرت إليه وتحدثت بهدوء :
- قتل جوزي من سنين وسرق ورث بناتي ، وأهانهم ، أنا خدت حق جوزي وبناتي ، أنا ما عملتش جريمة بالعكس انا خلصت العالم من شيطان عشان كدة أنا اللي بلغت عن نفسي
تعجب الضابط من هدوءها ، السيدة أمامه ربما تعاني من علة ما في عقلها على ما يبدو ، كاد أن يُخبرها بمفاجأة ستذهلها تماما حين دُق الباب ودخل العسكري يقدم للضابط ثلاث بطاقات تعريف ، نظر الضابط قبل أن يوجه حديثه للعسكري :
- خليهم يدخلوا
أدى العسكري له التحية وخرج ؛ ليدخل جاسر ومعه محامي كبير وثالثهم كان رعد !!، قام الضابط يصافح جاسر ، ابتسم ما أن رأى رعد ليتحرك من خلف مكتبه يعانقه يتحدث مبتسما :
- رعد عاش من شافك يا عم ، اومال لو ما كناش أصحاب سنين ثانوي وإعدادي يا ندل
ضحك رعد بخفة يصافح الضابط يردف :
- الشغل يا عم طارق والجواز والعيال ، واكيد إنت نفس الحكاية
ضحك طارق يردف يسأله :
- إيه دا أنت اتجوزت ، مش كنت تعزمنا يا عم على الفرح ، دا كان امتى دا
حرك رعد رأسه يتحدث مبتسما :
- يا عم دا أنا عندي يونس دلوقتي 3 شهور
اندهش طارق يردف متعجبا :
- يا ابن اللذين دا أنت متجوز من مدة بقى ، ماشي يا ندل تاني ، صحيح فاكر الواد عماد كان بيسألني عليك من فترة ، أهو مرزوع في المكتب اللي جنبي روح سلم عليه
اومأ رعد برأسه موافقا قبل أن ينظر صوب كاملا ويعاود النظر إلى طارق الذي أخفض صوته حد الهمس يقترب من رعد يهمس له بشيء ما ، جعله يقطب جبينه ويوجه أنظاره إلى كاملا ومن ثم إلى أبيه سريعا ، تنهد يومأ برأسه يستأذن منهم خرج من الغرفة ليعود طارق يجلس مكانه، ليتحدث المحامي :
- طه القاضي ، المحامي يا افندم
طلب المحامي أن يعرف بالضبط ملابسات ما حدث ليتحدث طارق بهدوء :
- إحنا وصلنا بلاغ من مدام كاملا بتقول أنها قتلت اخو جوزها ، وادتنا عنوانه وعنوانها عشان نروح نقبض عليها ، بعتنا قوة تقبض عليها وروحنا العنوان بتاع المجني عليه زي ما قالت ، بس ما لقناش حد القتيل ما كانش موجود أصلا ، وأنا كنت لسه هبلغها بالخبر دا قبل دخولكوا
ومن ثم وجه حديثه لكاملا يسألها :
-حضرتك بتقولي أنك قتلتيه وسيبتيه مرمي في صالة البيت ، فهل دا معناه أن الجثة صحيت ومشيت لوحدها مثلا
شهقت كاملا مذهولة ، توسعت عيناها تنظر صوب جاسر سريعا لتراه ينظر إليها محتدًا وكأن يخبرها أن تصمت ، هنا عاد الضابط يتحدث من جديد :
- مدام كاملا حضرتك بتاخدي أي أدوية أو بتعاني من أي هلاوس ؟!
تحدث المحامي يخرج من حقيبته ورقة بها بعض الأدوية يقدمها للضابط يتحدث :
- ايوة يا افندم ، مدام كاملا بتعاني من صدمة من بعد موت زوجها ، واحيانا بتشوف تهيئات ما حصلتش ، بس حالتها غير خطيرة على اللي حوليها ، ودي روشتة العلاج بتاعها ، من عيادة الدكتور جاسر راضي ، وتقدر حضرتك تتواصل معاه وتتأكد من الحالة
حرك الضابط رأسه للجانبين يأخذ الروشتة من المحامي يتحدث بهدوء :
- لاء مالوش لزوم ، ربنا يشفيها مدام كاملا زي والدتي وعشان خاطر جاسر باشا بس ، أنا هقفل المحضر وتقدروا تاخدوها وتروحوا
قام جاسر يصافح الضابط يحادثه مبتسما :
- متشكر جدا يا طارق
ومن ثم نظر لكاملا يتحدث بهدوء:
- يلا يا مدام كاملا عشان ملاك منهارة من العياط ، وعمالة تقول أنا السبب أنا اللي نسيت أديها الدوا
جعدت كاملا جبينها مستنكرة ما يحدث ، ابتلعت لعابها تتحرك معه للخارج إلى حيث تقف سيارته ، رأت جاسر يقف أمام المحامي يصافحه يقول له شيئا ما لم تسمعه قبل أن يغادر المحامي ويعود ،رأت رعد يخرج من القسم لم ينظر صوب أبيه حتى بل تحرك إليها وقف أمامها يسألها محتدًا :
- طرب راجعة من عندك بتموت حرفيا ، أنتِ قولتلها ايه ولا ايه اللي حصل وصلها للحال دا
توسعت عيني كاملا فزعا ، أرادت أن تذهب إلى ابنتها في الحال وأرادت أن تعرف ما حدث كيف اختفت جثة عُدي ، انهمرت الدموع من عيني كاملا تتمتم بحرقة :
- طرب فهمت غلط أنا ما قولتلهاش الحقيقة عشان ما تمنعنيش من اللي أنا عاوزة اعمله ، أنا قتلته والله قتلته ، بس الظابط بيقول ما فيش جثة ، بس أنا قتلته
وضع رعد كف يده سريعا على فم كاملا يتمتم مستنكرا ما تقول :
- ما خلاص يا حماتي ، أنتِ حالفة تتحبسي ، دا إحنا ما صدقنا خرجتي منها
تحرك جاسر مقتربا منهم ، أعطاه رعد ابتسامة ساخرة يقلب عينيه ما أن رآه ، يتحدث متهكما :
- مش هستغرب أن الجثة اختفت في وجود زعيم العصابة الكبير
احتدت عيني جاسر غضبا نظر لرعد يتوعده :
- حط لسانك جوا بوقك بدل ما اقطعهولك
ضحك رعد ساخرا بعلو صوته يضرب كفا فوق آخر يسخر :
- تصدق خوفت وركبي بتخبط في بعض ، صدقني ضربتي الجاية هتبقى القاضية عليك يا جاسر ، والفلوس والنفوذ اللي أنت متحامي فيهم دول ، هيتاخدوا منك
اشتعل وجه جاسر غضبا رفع يده ليصفعه ليمسك رعد بيده يمنعه من ذلك دفع يده للخلف يتحدث ساخرا :
- ما تحاولش ، سلام يا حماتي
تحرك يغادر المكان ، هنا وقف جاسر إمام كاملا يتحدث حانقا :
- اركبي العربية بنتك هيجرالها حاجة من العياط
جلست كاملا جوار جاسر في السيارة بداخلها ألف سؤال ، كيف علم أنها ستفعل ما فعلت ، وكيف تخلص من الجثة ومتى فعل كل ذلك ، لفت رأسها إليه تسأله :
- هو أنت كنت عارف إن أنا هقتله ؟!
حرك جاسر رأسه للجانبين يتحدث :
- لاء طبعا أنا لو كنت عارف ما كنتش سيبتك تعملي الجنان دا
لم يكن يعلم كيف اذا تخلص من الجثة ، عادت تسأله من جديد مستنكرة :
- إزاي ما كنتش عارف وإزاي لحقت تتخلص من الجثة
زم جاسر شفتيه يدق على بأصابعه على المقود يحاول أن يهدأ قبل أن يصرخ في وجهها بأن تصمت تماما :
- من ساعة ما اتحايلتي عليا عشان اسيبه وأنا حاسس أنك هتعملي مصيبة عشان كدة كنت مخلي واحد من رجالتي دايما ماشي وراكي ، ولما طلعتي عنده وطولتي كلمني ، وأنا قولتله يطلعلك ، وهو طالع لاقاكي نازلة على السلم وبتخبي السكينة في شنطتك ، طلع جري وقالي على المصيبة اللي الهانم عملتها وبعتله رجالتي ولموا الدنيا ، بس أنا ما كنتش متخيل أبدا أنك تبلغي البوليس ، وبعدين ما هو كان تحت أيدي وكان ممكن اوديه ورا الشمس ، استفدتي ايه لما قتلتيه أنا مش فاهم ، غير انك عايزة تودي نفسك في ستين داهية
قبضت كفيها تغرز أظافرها في لحم يديها ، نزلت دموع عينيها تتحدث بحرقة :
-خدت حقي وحق جوزي وحق بناتي ، دا تاري أنا ، وأنا مش ندمانة ، أنت مش متخيل هو أذانا ، كفاية اللي عمله في طرب ، يخليني أموته بدل المرة ألف ، أنا عاوزة أروح لطرب أرجوك
حرك رأسه للجانبين بعنف يتحدث حاقدا :
- أنا مش هدخل بيت الحيوان اللي اسمه رعد دا ، غير لما اطلع عينه وأجيبه راكع ، وهيحصل قريب أوي !! ، وبعدين ملاك منهارة وإحنا الفجر ، ابقى كلميها ولا روحيلها بكرة
__________
في صباح اليوم الذي لم يتنهي بسهولة
السابعة صباحا في شقة محمود وفاطمة ، فتحت فاطمة عينيها تنظر لمحمود الذي يغط في النوم جوارها ابتسمت تقترب بجسدها منه تندث بين أحضانه مما جعله يبتسم يقربها منه أكثر التصقت خصلات شعرها بأنفه ؛ ليداعبها بأنفه فتح عينيه يبتسم لها سعيدا ، يتحدث بنبرة متحشرجة أثر النوم :
- صباح الورد ، حد يصحى على الجمال دا كله
دا أنا أكيد الحجة صفاء دعيالي
ابتسمت فاطمة تحرك رأسها تؤيد ما يقول تتحدث مغترة :
- أكيد طبعا
ضحك بخفة يبعثر خصلات شعرها قبل أن ينهض من الفراش يحرك ذراعيه ورقبته ، توجه إلى المرحاض يغتسل وتوجهت هي إلى المطبخ تُعد له الإفطار ، وضعت البيض المخفوق على النار ، ما أن بدأت رائحة البيض تتصاعد شعرت بالاشمئزاز الشديد ، شعرت بأنها تود أن تتقيأ ، لم تحتمل لحظة أخرى ، هرعت إلى الحوض تتقيأ ، خرج محمود قلقا على صوتها ، أسرع إليها يسألها :
- مالك يا فاطمة بترجعي أوي كدة ليه ؟
فتحت صنبور المياه تصفع وجهها بالمياه الباردة وقفت توجه انظارها إليه تتحدث متعبة :
- مش عارفة يا محمود ريحة البيض قلبت معدتي خالص ، يا نهار أبيض دا بيتحرق
توجه محمود سريعا يُغلق الموقد يُمسك بيدها يُخرجها من المطبخ توجه صوب غرفة النوم يُجلسها على سطح الفراش يحادثها مترفقا :
- طب ارتاحي ، هتلاقيكِ خدتي برد عشان بتنامي بهدوم خفيفة ، سيبك مني أنا هتصرف في الورشة ، أنا بس عندي كام حاجة مهمة هخلصهم على طول واجيلك ولو تعبتي كلميني وأنا اجيلك وفي داهية أي حاجة ،وما تعمليش غدا هجيب وأنا جاي
ابتسمت فاطمة كلماته الحنونة المهتمة تُحلق بها فوق السحاب حرفيا ، لم يغادر إلا بعد أن اطمأن عليها جيدا أنها بخير ومن ثم غادر ، أما هي فتسطحت إلى الفراش تنظر للسقف ترتسم ابتسامة سعيدة راضية على شفتيها ، كلما تذكرت ما عانت ، وما يحدث في حياتها الآن شتان بينهما ، عقدت جبينها فجاءة وهبت جالسة حين تذكرت شيئا ما ، حملها الأول حين كنت متزوجة بنور ، بدأ بنفس الأمر شعرت بالاشمئزاز الشديد من رائحة البيض رغم أنها تحبها في العادة ، ابتلعت لعابها تبسط يدها على معدتها تتسع عينيها ذهولا ، قامت من مكانها سريعا تتوجه للمرحاض لديها إختبار حمل هنا تبتاع كل شهر واحدًا على أي حال ، بعد عدة دقائق كانت تنظر للاختبار في يدها عينيها متستعين ذهولا تضع يدها الأخرى على فمها ، لا تصدق ما تراه عينيها ، لا تصدق أنها أخيرا .... حامل !!
__________
أما هناك في شقة زينب ووالدها
استيقظت زينب صباحا عينيها شبه مغلقة شعرها اشعث مبعثر ، تحركت من غرفتها مجبرة صوب الخارج بسبب إلحاح والدها الذي لم يتوقف عن قول :
- يا زينب، يا بنتي اصحي تعالي عايزك ضروري
خرجت زينب إلى الصالة تتثائب ناعسة رفعت يدها تحك فروة رأسها تتحدث ناعسة :
- ايوة يا بابا في اييه
توسعت عينيها فزعا حين رأت شريف يجلس في صالة المنزل أمام أبيها يتناولان الإفطار ، شهقت بعنف أما هو فضحك بخفة يتحدث عابثا :
- صباح الخير ، ممكن تروحي تلبسي عشان هنروح المطار وبعدين نطلع نختار العفش ، أنا استأذنت عمي ووافق
ظلت تنظر إليه لعدة لحظات في ذهول تفعر فاهها إلى أن أدركت ما هي فيه ، فهرعت تركض إلى غرفتها أغلقت بابها ووقفت خلفه وضعت يدها على قلبها تشعر به يكاد ينفجر ، سمعت صوت رسالة وصلت لهاتفها التقطته تنظر للرسالة لتجدها من شريف أرسل لها
« حلوة أوي البيجامة اللي عليها سلاحف دي ، ابقى هاتي زيها للجواز »
ضحكت بخفة تحتضن المنامة التي ترتديها سعيدة »
____________
في فيلا جاسر مهران تحديدا في غرفة مريم جلست مريم على سطح فراشها تبكي تتحرك للأمام وللخلف ، أمسكت بهاتفها لأول مرة تطلب نصار من رقمها هي ، ليس من الرقم الذي أعطاه لها ، لحظات وأجاب نصار متعجبا :
- مريم أنتِ اتجننتي من امتى وانتي بتكلميني من الرقم دا ....
قاطعته تتحدث باكية :
- بابا عرف يا نصار ، أنا قولتله امبارح عن اللي بينا كله ، وزعقلي وضربني بالقلم ، أنت قولتلي أنه هيوافق على طول
هنا سمعته يصرخ فيها بعلو صوته :
- الله يخربيت دماغك أنتي ايه اللي خلاكي تقوليله ، هيقول ايه عني دلوقتي كنت بلعب ببنته بخون ثقته ، وطبعا هو مش موافق
قاطعته تقول وهي تبكي :
- لاء ، قالي أنه موافق وأنه عايزك تيجي تتقدملي !!