رواية الفتاة التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الواحد و الثلاثون بقلم اسماعيل موسى
كان الألم مثل تيار بارد يجتاح جسده، لكنه لم يكن ألمًا جسديًا فقط. كان شيئًا أعمق، كأن روحه نفسها تُعاد تشكيلها وفق إرادة الملكة. رعد حاول أن يقاوم، لكن كلما اشتد في معارضته، شعر بالتعويذة تتعمق أكثر، كأنها تحفر مساراتها في عقله ودمه.
أما ليلى، فكانت واقفة بصمت، لكنها لم تكن كما كانت قبل لحظات. شيء ما تغير فيها، شيء لم يكن مرئيًا بعد، لكنّه كان موجودًا، ينتظر لحظة الانفجار.
الملكة راقبتهم بعينيها الذهبيتين، نظرة المنتصر الذي يعرف أن معركته قد حُسمت قبل أن تبدأ.
"الآن، ستفعلون ما أطلبه منكم دون مقاومة."
بإشارة من يدها، انبعث ضوء ذهبي خافت من أجسادهم، رموز غريبة كانت تتوهج للحظات قبل أن تختفي، لكنها لم تُمحَ—لقد انغرست في أعماقهم.
"بحثكم عن ريان لن يكون خيارًا، بل مصيرًا." أضافت الملكة بصوت هادئ لكنه لا يقبل الجدل. "ستسيرون في طرق لا عودة منها، وستجدونه لي… أو ستُمحون من الوجود."
كانت تلك ليست تهديدًا، بل حقيقة محكمة.
شعر رعد بأن جسده أصبح أكثر خفة، لكن ليس بحرية… بل لأنه لم يعد ملكًا له. كان شيئًا ما يتحرك داخله، كأن إرادته لم تعد تخصه وحده، كأن جزءًا منه أصبح خاضعًا لنداء خفي، لمسة خفيفة لكنها غير قابلة للمقاومة.
ماجي، التي كانت لا تزال تحاول استجماع أنفاسها، أدركت ذلك أيضًا. نظرت إلى الملكة بعينيها الحادتين، محاولة إخفاء توترها، لكنها لم تقل شيئًا.
أما ليلى، فلم تحاول إخفاء شيء. حدقت في الملكة مباشرة، دون خوف أو تردد.
"وأنتِ، ماذا ستفعلين عندما نجده؟"
الملكة ابتسمت ببطء.
"هذا ليس شأنكِ، لكن بما أنكِ تسألين…" نظرت إليها نظرة طويلة، ثم أضافت بصوت هادئ: "سأعيد التوازن لما لم يكن ينبغي كسره."
لم توضح أكثر، لكن الكلمات نفسها حملت وزنًا أكبر من أن يكون مجرد لغز.
ثم، دون أن تعطيهم فرصة أخرى للحديث، لوّحت بيدها.
"اذهبوا."
وفي لحظة، اختفى المكان من حولهم.
…
عندما استعاد رعد وعيه، كان الهواء من حوله باردًا، الأرض تحت قدميه خشنة، والظلام يحيط به كأنه عاد إلى سجن النهر الأسود… لكنه لم يكن هناك.
كانوا في مكان آخر.
مكان لم يروه من قبل.
كان المكان أشبه بغابة، لكنها لم تكن غابة عادية. الأشجار كانت طويلة بشكل غير طبيعي، جذوعها ملتوية كأنها نمت تحت تأثير قوى غامضة. أوراقها بلون أرجواني داكن، تتوهج بخفوت مع كل نسمة هواء تمر.
كانوا وسط دائرة حجرية ضخمة، أعمدة قديمة منحوتة بعلامات غير مفهومة تحيط بهم. بدا كأنه موقع مقدس، لكن لأي كائن؟
رعد وقف أولًا، رغم الألم الذي لا يزال يثقل جسده. نظر إلى ماجي وليلى، اللتين كانتا تنهضان ببطء، تحاولان استيعاب المكان.
"أين نحن؟" سألت ليلى بصوت خافت.
رعد حدّق في الرموز على الأرض، ثم قال بصوت منخفض: "لا أعرف… لكن أشعر بشيء يسري في عروقي. كأن هذا المكان مرتبط بالتعويذة التي ألقتها علينا."
ماجي، التي كانت تراقب الظلال بين الأشجار، قالت بحذر: "لسنا وحدنا."
كان هناك صوت… ليس مجرد صوت الرياح بين الأوراق، بل همسات، خطوات خفيفة، حركة بالكاد تُرى بين الأشجار.
ثم—
ظهر أولهم.
كان طويلًا، أطول من أي جان رأوه من قبل، جسده نحيل لكن طاقته كانت ثقيلة، كما لو أن الهواء نفسه انحنى عند اقترابه. عيونه لم تكن ذهبية مثل الملكة، بل حمراء، عميقة كدم غامق متجلط. خلفه، بدأت أشكال أخرى بالظهور، جميعهم يحملون العيون نفسها، جميعهم يحدقون بهم بصمت.
ليلى شعرت بقلبها ينبض بقوة. نظرت إلى رعد، الذي كان يقف بثبات، رغم أنه كان يشعر بالثقل ذاته.
الجان الحُمر.
لم يكن عليهم أن يسألوا،كانوا يعرفون.
ماجي قبضت على يديها، كأنها تحاول مقاومة الرغبة في التصرف باندفاع، لكن رعد رفع يده قليلًا، كإشارة لها بالصبر.
ثم تحدث الجان الطويل، بصوت يشبه الحجارة تُسحق ببطء:
"أنتم ملعونون."
لم يكن سؤالًا، لم يكن استنكارًا… بل حقيقة.
رعد لم يرد مباشرة، لكنه قال بعد لحظة: "نبحث عن أميركم، ريان."
لم يرمش الجان ذو العيون الحمراء، لكنه مال قليلًا إلى الأمام، كما لو أنه كان يتأكد مما سمعه.
ثم ضحك، لكنها لم تكن ضحكة عادية. كانت باردة، جافة، كأنها لم تحمل أي متعة.
"إذن، أرسلتكم هي."
لم يذكر اسم الملكة، لكنه لم يكن بحاجة لذلك.
"إن كنتم تبحثون عن أميرنا، فأنتم إما أغبياء…" نظر إليهم واحدًا تلو الآخر، ثم أضاف بصوت منخفض: "أو ميّتون بالفعل، لكنكم لم تدركوا ذلك بعد."
كانت الرياح بين الأشجار تحمل همسًا جديدًا، أقرب إلى نذير شؤم.
رعد شعر أن رحلتهم لم تبدأ إلا الآن.
لم يكن هناك تحذير. لم يكن هناك إنذار.
بلمح البصر، تحرك أحد الجان الحُمر. كان سريعًا، أسرع مما توقعه رعد، وهاجم بلا مقدمات. لم يكن سلاحه معدنًا، بل طاقة سوداء انطلقت من كفيه كشرارة ممزقة للهواء، متجهة نحوهم بقوة ساحقة.
رعد بالكاد استطاع تفادي الضربة، لكن الأرض تحته لم تكن محظوظة—انفجرت الحجارة وتشققت، كأن قوة التعاويذ نفسها قد نُزعت من أعماقها.
"تراجعوا!" صاح، لكن لم يكن هناك وقت.
حارسان آخران تحركا في نفس اللحظة، أحدهما هاجم ليلى، والآخر اندفع نحو ماجي بسيف غامق اللون، بدا وكأنه مصنوع من ظل متجمد.
ليلى رفعت ذراعيها غريزيًا، وعندما فعلت، اندفعت منها طاقة لم تكن تتوقعها—طاقة بنفسجية داكنة تشبه ضوء النجوم الميتة، صدّت الهجوم الأولي للحارس، لكنها لم تمنعه بالكامل.
"متى…؟!" شهقت، لكنها لم تمتلك وقتًا لتفكر في ذلك الآن.
ماجي، في المقابل، لم تعتمد على السحر. كانت تعرف أن سرعتها ليست كافية لمجاراة الجان، لكنها لم تكن بحاجة لذلك. عندما انقض عليها الحارس، لم تتراجع—بل اندفعت نحوه بشكل مفاجئ، استخدمت زخمه ضده، انحنت في اللحظة الأخيرة، ووجهت لكمة مباشرة إلى أسفل ضلوعه.
كان أثر ضربتها أقل مما كانت تأمل، لكنه كان كافيًا ليفقد توازنه للحظة.
رعد، في تلك الأثناء، واجه الجان الأول، الذي كان لا يزال يحاول صعقه بطاقة الظلام خاصته. لكن رعد لم يكن في مزاج للانتظار.
اندفع نحوه، متفاديًا ضربة أخرى بالكاد، ثم قبض على معصمه بقوة. كان يعلم أن لمسه لن يوقف تعاويذ الجان، لكنه راهن على شيء آخر—القوة البدنية الخالصة.
شدّ ذراعه، ودفع الجان أرضًا بقوة. اصطدم الأخير بصخرة خلفه، مما جعله يصرخ بغضب، لكن رعد لم يمنحه فرصة أخرى—وجه إليه لكمة مباشرة إلى وجهه، جعلت رأسه يرتد للخلف.
لكن حتى مع ذلك، لم يكن الجان من النوع الذي يُهزم بهذه السهولة.
شعر رعد بحرارة قاتمة تتصاعد من جسد عدوه، ثم فجأة—
انفجر ضغط رهيب من الطاقة حوله، دفعه إلى الخلف بقوة. اصطدم بصدره بشجرة ضخمة، لكنه استخدم قوة ساقيه ليمنع نفسه من السقوط.
"هذا ليس جيدًا…" تمتم، بينما رأى الحراس الآخرين يستعدون لجولة ثانية.
كانت هذه مجرد بداية المعركة.
لم يكن لدى رعد سوى لحظات لالتقاط أنفاسه قبل أن يشعر بضغط غريب في الهواء. ثم، كما لو أن الظلام نفسه قد تشكل إلى كائنات حية، انبثق المزيد من حراس الجان الأحمر من الفراغ. كانوا خمسة هذه المرة، أعينهم تلمع بتوهج أحمر قاتم، وجلودهم تكسوها أنماط سوداء متحركة كأنها سحرٌ حيّ.
"هذا… ليس جيدًا." تمتمت ماجي، قبضتها تشتد حول السكين الصغيرة في يدها.
"إن بقينا هنا، سنُقتل أو ما هو أسوأ." قال رعد وهو يتراجع بخطوات مدروسة، عيناه تراقبان كل حركة من أعدائهم الجدد.
أحد الحراس رفع يده، وعندما فعل، تشكلت حوله دوامات من طاقة داكنة، كأن الهواء نفسه يتمزق حوله. ثم أشار نحوهم، فانطلقت موجة من الظلام القاتل، تمزق الأشجار في طريقها، وتحول الأرض إلى حفرة سوداء.
لكن قبل أن تصل إليهم—
ارتفع جدار من النور البنفسجي أمامهم، صد الهجوم كما لو كان درعًا منيعًا.
كانت ليلى.
عيناها تألقتا بتوهج لم يكن موجودًا فيها من قبل، وكأن القوة التي استيقظت داخلها قد بدأت تتشكل أخيرًا. مدت يديها إلى الأمام، وبدأت ترسم في الهواء رموزًا لم تكن تدرك أنها تعرفها.
"اتبعوني!" صاحت، قبل أن تضرب الأرض بكفها.
على الفور، تشكل ممر ضيق عبر الظلام، كأنها مزقت الواقع نفسه لخلق طريق آمن. كان النفق ينبض بطاقة غريبة، يتلوى كأنه مخلوق حي، لكنه كان مستقرًا بما يكفي للعبور.
رعد لم يتردد. "تحركوا!"
اندفعت ماجي أولًا، تتبعها ليلى، ثم رعد في المؤخرة، فيما كان الحراس يطلقون عليهم موجات من الطاقة لإيقافهم. لكن كلما اقترب أحدهم من الممر، كان الجدار البنفسجي يهتز للحظة ثم يعيد تشكيل نفسه، مانعًا أي اختراق.
عندما وصلوا إلى نهايته، وجدوا أنفسهم في غابة كثيفة، بعيدة عن موقع المعركة. كان الهواء هنا أكثر نقاءً، لكن إحساس الخطر لم يتلاشَ بعد.
رعد استدار نحو ليلى، التي بدت مرهقة، لكن عيناها لا تزالا مشعتين بتلك الطاقة الغريبة.
"كيف…؟" بدأ يتكلم، لكنه تراجع عندما رآها ترتجف، كأن جسدها لم يعتد بعد على هذه القوة الجديدة.
"لا أعرف." تمتمت، قبل أن تنهار على ركبتيها، يديها ترتجفان.
ماجي اقتربت بسرعة، وضعت يدها على كتفها، ثم نظرت إلى رعد. "علينا التحرك قبل أن يجدونا مجددًا."
رعد أومأ، عينيه لا تزالان على ليلى. كان هناك شيء يتغير، شيء لم يفهمه بعد.
لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا—
الهروب لم يكن سوى البداية.
اختفى الممر الان كانو فى مكان بلا ملامح جلسو يستردو أنفاسهم
اين العظمه؟ سأل رعد ليلى المنهكه
مع الملكه همست ليلى بتعب
كيف سنصل إلى الساحر ضرغام دون العظمه؟
قالت ماجى، ربما من الأفضل اننا فقدناها، لا تنسى اننا نخدم ملكة الجان
حاول رعد ان يصرخ ان يسب الملكه لكن لسانه لم يطاوعه
ثم ظهره جراده غريبه كانت تطير فوقهم
غمزت ليلى بعينها بما يعنى اننا مراقبون
ثم دوي صوت الملكه فى اذهانهم، لا تظنو انكم فى رحله
لديكم وقت محدد بعده ستعمل التعويذه ضدكم، سيتقلص جسدكم حتى تتلاشو تمامآ