رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الثامن والعشرون
"ثُم إنكَ إذا عصيتَ
تجِدُ الأشياءَ كُلُّها تُعاتبُكَ
كُلُّ الرَّسائلِ مُوجهةٌ إليكَ
كُلُّ الآياتِ تُتلى عليكَ
يريدُكَ اللهُ أن لا تبتعدَ عنه !"
صلوا على نبي الرحمة ...
_____________________
وعلى ذلك الصوت استدار الجميع صوب انطونيو الذي كان يجلس بكل هدوء وبرود على أحد المقاعد وهو يقول :
" بالطبع تنحدرين من عائلة مجرمة "
رفعت جولي حاجبها بعدم فهم وهي تنظر لأخيها بتساؤل، بينما لوكَس كان وجهه قد احمرّ غضبًا من ذلك المنحنى الذي تحرك فيه النقاش، لكن انطونيو لم يصمت وكأنه للتو حاز فرصته الذهبية في الانتقام من جولي يقول ببسمة واسعة :
" أنظر لوكَس رغم أن شقيقتك الحمقاء ابتعدت عن أعمال عائلتك القذرة، إلا أن جيناتها الإجرامية المتوارثة بينكما لم تدعها تعيش حياتها كما البشر"
صمت ثم قال بأسف مصطنع :
" مسكينة تلك العجوز "
كانت جولي ترمقه بحنق كبير وهي تفتح فمها بشدة قبل أن تخرج منها صرخة عالية مغتاظة :
" أنت من تحسب نفسك لتصف عائلتي بالقذرة؟! ثم لا تتحدث هكذا وكأن عائلتك تتكون من أطباء ومهندسين يعملون ليل نهار لرفعة المجتمع "
تحدث آدم ببسمة مستفزة :
" أنا طبيب "
رفع ماركوس يده وهو يضيف :
" وانا مهندس جولي "
ابتسمت جولي بسمة سمجة وهي تجيبهم بكل بساطة :
" لكنكم لا تعملون لرفعة المجتمع "
تحدث جايك وهو يهز رأسه بلا :
" لا لا يا جولي نحن أكثر من يعمل لأجل رفعة المجتمع، فنحن من ننظف القاع لأجل أن تستمر نظافة السطح، لكن اخوكِ يصر على تلويث القاع "
نظر مارتن للجميع بحنق وهو يتحرك صوب جولي يجذبها له :
" حسنًا توقفوا عن هذا جميعًا، لا شأن لكم بجولي أو أي شيء يخصها "
لكن جولي أبعدت يد مارتن وهي تقول بفضول :
" مهلًا أنا لم افهم شيئًا هل تقصدون أن أخي مثلكم ؟!"
كانت تتحدث وهي تنظر لأخيها الذي ابتلع ريقه وهو يهز رأسه بلا بسرعة كبيرة ولهفة خوفًا أن تعود للشك والخوف منه، لكن جولي لم تصمت وهي تنظر للجميع تقول بترقب :
" هل أخي رجل عصابات مثلكم ؟!"
هز انطونيو رأسه وهو يقول بسخرية :
" انظروا لذلك الحماس الذي ينبثق من عينيها، يا ويلتي أي مجرمة أحضرت لمنزلنا مارتن ؟!"
رمقه مارتن بحنق وهو يتحدث :
" ليس الآن حبيبتي، ربما لاحقًا دعي اخاكِ يرتاح قليلًا "
وكم كان لوكَس شاكرًا لمارتن وهو يبتسم له، ثم قال بهدوء :
" أنا فقط اريد التحدث مع السيد اليخاندرو "
التفتت جميع الرؤوس صوب اليخاندرو الذي رفع حاجبه يترقب قبل أن يسمع كلمة لوكَس التالية وهو يقول :
" على انفراد إذا سمحت لي "
هز اليخاندرو رأسه وهو يتحرك صوب المكتب يشير له باللحاق به، بينما استدار لوكَس لشقيقتيه وهو يبتسم لهن بحنان قائلًا :
" لن اتأخر صغيراتي الجميلات "
وبهذا الكلمات أنهى لوكَس حواره ورحل خلف اليخاندرو وفي رأسه ما عزم على تنفيذه، بينما جولي تلاحقه بعينها قبل أن تستدير لكارين وهي تقول ببسمة صغيرة :
" إذن كارين أين والدىّ ؟؟؟"
___________________
كانت ضحكات لورا تعلو أكثر وأكثر وهي تستشعر قطرات المياه على وجهها بفعل قذف مايك الذي كان يحاول بكل ما يمتلك أن ينتزع بسمة من فمه قبل أن يقطع كل هذا رنين هاتف لورا ..
تحركت بسرعة صوب سترتها التي تركتها على الشاطئ حتى لا تبتل اثناء لعبها في النهر، انحنت لورا تحمل هاتفها لتجد أن المتصل والدها، سارعت بفتح المكالمة وهي تقول بلهفة، تمسح تلك القطرات عن وجهها :
" مرحبًا ابي "
صمتت قليلًا تستمع للجانب الآخر قبل أن ينفرج فمها عن ابتسامة واسعة وهي تصرخ فرحة :
" ماذا أنت في المنزل ؟! متى عدت ؟!"
صمتت تستمع لما يقول والدها قبل أن تقول بصوت عالٍ فرح :
" حسنًا حسنًا أنا قادمة وداعًا، لا لا لن اتأخر "
أغلقت لورا الهاتف وهي تستدير بسرعة لتخبر مايك بوصول والدها والزامية عودتها، لكن وقبل أن تفعل وجدت مايك يقف خلفها مباشرة لدرجة أنها تراجعت للخلف بفزع فسقطت على الرمال واضعة يدها على قلبها برعب :
" كدت تتسبب في توقف قلبي، ما بك مايك ؟!"
اعاد مايك خصلات شعره للخلف وهو يجلس القرفصاء جوارها يقول ببسمة :
" مالي أرى بسمة تنير وجهك الفاتن ؟؟"
اتسعت بسمة لورا أكثر وهي تستغل تمددها في مراقبة السماء قائلة براحة كبيرة :
" اسباب عديدة يا صديقة، لكن أهمها وجودك هنا جواري وعودة ابي للمنزل "
ابتسم مايك بحنان وهو يبعد خصلات شعرها عن وجهها ثم انحنى مقبلًا رأسها هامسًا لها :
" ابتسمي دائمًا، فبسمتك تبعث السعادة في نفس من يراها جميلتي "
ابتسمت لورا بسمة واسعة تحولت لقهقات عالية وهي تعتدل تقول ببسمة تلك الجمل الشعبية التي كانت تسمعها في بعض المسلسلات السورية قديمًا :
" أي لااااااع هيـــــــك كتيـــــر كل هاد بيوم واحد ليش البعزئة سيد راسي؟؟"
نظر لها مايك دون فهم، لتفسر له لورا بضحك :
" لا تهتم بما اقول "
هز مايك رأسه وهو يقترب منها يقول بتساؤل يراها ترتدي سترتها أعلى ثيابها المبتلة :
" والدك لن يمانع سفرك لمصر معي ؟!"
توقفت لورا فجأة عما تفعل وهي تنظر له وكأنها استوعبت فجأة ما يحدث هنا، ولم تكد تفتح فمها للرد حتى سمع مايك رنين هاتفه، انحنى يخرجه من سترته وهو يتحرك بعيدًا نسبيًا ليجيب عليه، فيما ظلت لورا تفكر في أمر سفرها، كيف تذهب وقد عاد والدها للتو ؟؟ هي تريد البقاء معه وفي ذات الوقت ترغب وبشدة في خوض تجربة كتلك مع مايك .
انتبهت لمايك الذي عاد وهو يقول لها ببسمة واسعة وخبث كبير :
" نحن محظوظان يا فتاة، ها قد وجدنا وسيلتنا للسفر "
رفعت لورا حاجبها باهتمام وهي ترى مايك يرتدي سترته وهو يقول غامزًا :
" سوف آتي معكِ لمقابلة والدك وسأقنعه باخذك معي، لكننا في تلك المرحلة سنستعين بمساعد خارجي "
رمقته لورا بجهل قبل أن تشعر بمايك يسحب يدها للسيارة وهو يقول ببسمة :
" هيا علينا إحضار المساعدة "
وبعد دقائق كانت لورا تستند على سيارتها وهي تنظر لذلك المبنى أمامها تنتظر خروج مايك مع المساعدة التي أخبرها عنها، ولا تدري حقًا من هذا الذي قد يساعدهم في إقناع والدها بالسفر، هي ترغب حقًا بالسفر، ليس لحضور العرض فقط، بل لتبقى جوار مايك وايضًا تبتعد عن كل تلك الضغوطات هنا .
ثواني ورأت جسد مايك يخرج من المبنى ويتبعه جسد آخر جعل لورا تعتدل من فورها وهي ترمقه بتساؤل وترقب، اقترب مايك منها وهو يشير لذلك الضيف يقول ببسمة واسعة :
" لورا، اعرفك على ايان طفل بعقل افعى صغيرة "
ابتسم ايان بسمة واسعة وهو يمسك يد لورا يقول ببسمة صغيرة ولطف :
" تشرفنا انستى"
ولم يكد ينحني مقبلًا يد لورا المذهولة، حتى وجد مايك يدفع وجهه للخلف :
" إياك أن تمس شفتاك يدها أيها المتحرش الصغير، هيا للسيارة "
ابتسم له ايان وهو يهز كتفه بعدم اهتمام ثم غمز لـ لورا وهو يقول :
" سوف تكون رحلة جميلة رفقتك يا جميلة "
فتحت لورا عينها بصدمة وهي تستدير تراقب دخول ايان لسيارتها ومازالت نظرات البلاهة تعلو وجهها لا تفهم ما سيحدث أو ما يريده مايك من ذلك الطفل، والسؤال الأهم هو من هذا الطفل وما علاقته بمايك ؟!
___________________________
انسحب ماركوس من تلك الجلسة بعدما انتبه فجأة لاختفاء فيور، بحث عنها في الوجوه ولم يجد أي أثر لها، تحرك ببطء صوب الاعلى بحثًا عنها، تحرك صوب غرفتها بأقدام سريعة وهو ينتوي أن يعلم مقصدها من ذلك الحديث الاخير في المركز التجاري .
وقف ماركوس أمام باب غرفتها وهو يجهز نفسه لمواجهتها ومعرفة كل شيء، ثواني ومد يده يطرق الباب، ثم انتظر ثواني ولم يستمع
لرد منها، اقترب ماركوس من الباب أكثر وهو يقول :
" فيور أنتِ في الداخل ؟!"
لكن لم يصل له رد من أحد مجددًا؛ لذلك فتح الباب ودخل الغرفة ببطء وقد كانت تسبح في الظلام، تحرك ماركوس صوب مقبس الإنارة، لكن وقبل أن يفعل سمع صوت همس يأتي من أسفل الفراش الخاص بفيور .
رفع حاجبه بتعجب وهو يتراجع عن فكرة إضاءة الغرفة، ثم تحرك ببطء صوب الفراش واصوات الهمس تزداد شيئًا فشيء، وقف جوار الفراش يستمع لتلك الهمسات الخافتة التي تشعره كما لو أنها قادمة من أحد افلام الرعب العالمية .
" أنت حقير احمق، اقسم أن أريك الويل، لم يخلق بعد من يفعل هذا معي، أنا سأريك أيها الحقير "
فتح ماركوس عينه بصدمة وقد أدرك للتو أن فيور هي من تتحدث لأحدهم أسفل الفراش، هل يعقل أن هناك من يهددها أو يستغلها؟! هل مازالت تلك العصابة على تواصل معها ؟!
جاءه صوت فيور مجددًا وهي تقول :
" توقف لا اريد سماع أي كلمة منك أيها الحقير، اقسم أنني ساقتلك بيدي هاتين "
فجأة انحنى ماركوس سريعًا يسحب يرفع غطاء الفراش للأعلى بعنف شديد جعل فيور تتراجع للخلف وهي تصرخ بصوت مرتعب مرتفع، وكذلك فعل ماركوس بعدما فزع من وجه فيور الموجه عليه كشاف الهاتف ..
سقط ماركوس على ظهره وهو يصرخ بصوت عالٍ يتراجع للخلف يمسك جهة قلبه وهو يتنفس بخوف من ذلك المنظر الذي رآه للتو، فيور لا بل شبح فيور، وجه ملطخ بألوان مختلفة وأسفل عينيه خطين من اللون الاسود، والشعر هائج حول وجهه بشكل جعل ماركوس يتلقى اكبر صدمة في حياته .
كانت فيور أسفل الفراش مازالت تحاول تهدئة ضربات قلبها، ثم زحفت بعدها وخرجت من أسفل الفراش تتحدث بغيظ وغضب :
" أنت ما بك ؟! كيف تقتحم غرفتي بهذا الشكل ؟!"
كانت تتحدث وهي ما تزال توجه الإضاءة الخاصة بالهاتف صوب وجهها، الشيء الذي جعل ماركوس يغلق عينه وهو يقول بفزع :
" لا ابعدي تلك الإضاءة عن وجهك، قلبي سيتوقف من بشاعته "
فتحت فيور فمها بصدمة من حديثه، ثم تحركت بسرعة صوب الإضاءة وهي تصرخ بجنون :
" أنت أيها الحقير هل اهنتني للتو و.."
توقفت فيور فجأة وهي ترى انعكاس صورتها في المرآة لتطلق صرخة أعلى من سابقتها وهي تعود للخلف بصدمة مرتعبة من منظرها، لتسقط على الفراش من الخوف بعدما تفاجئت بمظهرها، أشارت فيور للمرآة وهي تقول برعب :
" من هذه ؟! هناك شبح تلبس جسدي "
اعتدل ماركوس في جلسته وهو يستند على الجدار خلفه يقول بحنق :
" ما الذي فعلتيه يا صغيرة بنفسك ؟!"
نظرت له فيور بأعين مصدومة وهي تقول :
" اقسم أنني عندما وضعت الزينة كانت جميلة وشعري كان مرتبًا "
تحدثت وهي تدرك الآن أن كل ما حصل الآن بسبب بكائها الطويل أسفل الفراش كما اعتادت الفعل في ذلك المكان المقزز الذي كانت تحيا به .
اقترب منها ماركوس وهو يقول بتساؤل وقد أدرك أن كل ذلك جراء البكاء الواضح على عينها المحمرة :
" ما الذي حدث فيور ؟! هل هناك من يزعجك؟! هل مازال أحد أفراد تلك العصابة يهددك ؟!"
نظرت له فيور بأعين متعجبة :
" لماذا تقول هذا ؟!"
أشار ماركوس على الهاتف في يدها :
" أولم تكوني تتحدثين مع أحدهم أسفل الفراش منذ ثواني وتهددينه و..."
توقف فجأة وهو ينتبه لشيء آخر في يدها ليفتح عينه بصدمة يقول :
" ما هذا ؟!"
انتبهت فيور لما ينظر فسارعت باخفاءه خلف ظهرها وهي تقول :
" لا شيء، لاشيء "
ابتسم ماركوس بغيظ وهو ينقض عليها ينتزع ذلك الشيء بقوة، ثم أشار له ببسمة غير مصدقة لما تفعل :
" صورتي ؟! هل كل تلك السباب كانت موجهة لي أنا ؟! "
لوت فيور فمها بحنق وهي تختطف منه الصورة، ليمنعها وهو يرفعها للأعلى مستغلًا فرق الطول المخيف بينهما، وهو يقول بغيظ وغضب :
" اياكِ سمعتِ، لن اعطيكِ تلك الصورة اللعينة مجددًا، تختطفين صوري لأجل سبي ؟! أي نوع من البشر أنتِ ؟!"
صرخت فيور بغضب وهي لا تستطيع الوصول للصورة بيده، ثم صاحت بغضب :
" اعطني تلك الصورة، أنها ملكي "
" ملك من؟! هذه صورتي "
" لكنها ملكي أنا، هيا أعطها لي وارحل من هنا فأنا لم انهي حسابي مع صورتك بعد "
ضرب ماركوس جانب رأسها باستخدام اصبعيه يقول بحنق :
" هل أنتِ غبية يا فتاة ؟! ماذا فعلت لكِ أنا ؟!"
" حساب لا شأن لك به "
رفع ماركوس حاجبيه، ثم استغل اقترابها لأجل انتزاع الصورة، ومد يده يضم خصرها ساحبًا إياها نحو صدره وهو يقول بصوت هامس :
" أي حساب هذا ؟! ولِمَ تنهينه مع صورتي، والنسخة الأصلية بين يديكِ الآن أيتها القصيرة ؟!"
رفعت فيور وجهها له قبل أن تقول بلا أي مقدمات :
" أنا أريد الرحيل من هنا ماركوس "
تعجب ماركوس وبشدة من حديثها، يحاول تفسيره في عقله، وتحليل اسباب قرارها ذلك، هل بدر من أحد ما يغضبها هنا ؟!
" ما هذا الحديث فيور هل احزنك أحدهم هنا ؟!"
" لا، لكن في الحقيقة ماركوس أنا لا مكان لي هنا، ولا علاقة لي بتلك العائلة "
صمتت ثم قالت :
" بمجرد العودة للبلاد، سوف استقر بعيدًا عن الجميع، سأبحث عن عمل ومنزل و.."
قاطع أحلامها الواهية تلك صراخ ماركوس وقد جن جنونه مما تقول :
" توقفي عن هذا أنتِ لن ترحلي لأي مكان "
رفعت فيور عينها له وهي تقول بحنق وغضب تمكن منها :
" وعلى أي أساس اجلس هنا ماركوس ؟!"
تشوش عقل ماركوس وهو يحاول تحليل حديثها ذلك متغاضيًا عن قربها منه، لكن اول ما خرج منه كان همسته بحديث سخيف :
" نحن لم ننهي الرهان بعد، أعني لا يمكنك الرحيل قبل أن ننتهي مما اتفقنا عليه "
أبتعدت فيور عنه وهي تقول بتعجب :
" هل أنت أحمق ؟! ألم أخبرك في مركز التجاري أن الأمر انتهى "
رمقها ماركوس بتساؤل لتصرخ فيور في وجهه وهي تضرب كف بكف :
" انتهى الأمر ماركوس، أنت فزت وانا هي الكلب الاجرب هنا، انتهت اللعبة "
اقترب منها ماركوس وهو يتحدث بعدم فهم :
" مهلًا لكنني لم اجد من يحبني بعد كما اتفـ "
ولم يكمل كلمته بسبب كلمة فيور التي خرجت منها ببساطة وهي تهز كتفها :
" أنا فعلت؛ لذا انتهينا ماركوس "
وكانت تلك أكبر صدمة يتلقاها ماركوس في حياته، فتح فمه بقوة للتنفس ومحاولة استيعاب ما قالته فيور، لكن فيور لم تسمح له بالأمر وهي تجلس على الفراش بتعب :
" ارجل من هنا ماركوس رجاءً "
ركبنا ماركوس بصدمة كبيرة وهو يقول :
" فيور اااا "
قاطعته فيور وهي تشير للباب :
" رجاءً أرحل أنا الآن لا اريد التحدث بشيء حقًا "
ابتلع ماركوس ريقه ومازال عقله يعمل بسرعة لتحليل تلك الجملة التي استمع اليها من فيور للتو، ويبدو أن عمل عقله في تلك المسألة شغله عن التفكير في باقي الأمور، حيث تحرك دون شعور منه وقبّل وجنته فيور وهو يقول بلطف :
" أنتِ جميلة فيور "
ويبدو أن تلك الجملة لم تكن صادمة لفيور فقط، بل ماركوس نفسه الذي تصنم جسده وهو يستوعب الآن ما فعله وما قاله، وكأن كل ذلك خرج منه تلقائيًا، كأن جسده استغل فرصة انشغال عقله المزعج بأمر حل شيفرة فيور، لينفذ هو ما يطمح له منذ وقت طويل، لكن يمنعه منه عقله .
عاد ماركوس للخلف بصدمة يتحدث بكلمات غير مرتبة أو مفهومة، ثم انسحب بسرعة تاركًا فيور تنظر في أثره بصدمة، ثم ألقت جسدها على الفراش تتحدث متنهدة بتعب :
" يا ويل قلبي من حبي لك ماركوس "
_________________
نظرت كارين بتعجب لجولي بعد سؤالها ذلك لا تفهم ما معناه، وهي أخبرته منذ ثواني حينما كانت تبكي بين أحضانها أنها لم ترى والدتها فعليًا، لكن يبدو أن عقل جولي وقتها لم يستوعب الأمر .
كان مارتن ينظر لجولي التي تترقب إجابة اختها بفارغ الصبر، يرمقها بحزن وقلبه يصرخ وجعًا لها؛ لذلك امسك يدها وهو يسحبها معه للأعلى يقول بجدية :
" تعالي معي حبيبتي أنا سأخبرك "
سارت خلفه جولي بتعجب وصدمة :
" مهلًا أنت تعلم !!"
لكن مارتن لم يجيبها وهو يدخل بها لغرفته تحت أنظار الجميع المشفقة ونظرات روما التي تحاول تحليل ما يحدث قبل أن تقول بصوت خافت مشفق :
" هل والديكِ موجودين كارين ؟!"
هزت كارين رأسها بلا وهي تبكي قائلة بحزن :
" لا، والدتي ماتت أثناء ولادتي بسبب صعوبة حالتها بعد إجهاض أختي التي سبقتني، وأبي لحق بها بعد شهور قليلة، بعدما لم يتحمل بُعدها، وكنت أنا ما أزال رضيعة وقتها، أخي هو من تولى تربيتي في ذلك الوقت "
سقطت دموع روما بشفقة وهي تعانق الصغيرة تربت على ظهرها بحنان تهمس لها أنه لا بأس، بينما انطونيو يرمق روما بحنان، وروز تبكي بصمت على حالة تلك الصغيرة وجولي التي عندما وجدت عائلتها واخيرًا وجدتها دون والديها.
شعرت روز بجايك يضمها لاحضانه وهو يربت عليها بحب وحنان ...
في الاعلى كانت جولي تقف في الغرفة وهي تقول ببسمة متلهفة :
" هل تعرف والدىّ مارتن ؟! هل قابلتهما من قبل؟! مهلًا هل هما أحد شركائكم ؟!"
اجلسها مارتن على المقعد خلفها وهو ينحني على ركبتيه أمامها ينظر بعينها ببسمة حنونة يقول بصوت لطيف :
" جولي حبيبتي تعلمين أنني احبك صحيح ؟!"
هزت جولي رأسها وهي تقول ببسمة :
" وأنا أيضًا احبك مارتن "
قبّل مارتن يدها بحب كبير، ثم همس يحاول تمهيد الأمر لها :
" وتعلمين أيضًا أنكِ أغلى من امتلك في هذه الحياة صحيح ؟!"
هزت جولي رأسها وهي لا تفقه سبب حديث مارتن هكذا، راقبت مارتن وهو يغلق عينه قليلًا، ثم تحدث بصوت مختنق حنون :
" وتعلمين أيضًا أنني عائلتك كلها، أخبرتك سابقًا أنني سأعوضك عن جميع أفراد عائلتك وسأظل هنا جوارك العب دور الأب والاخ وأي دور لا تجدين من يحتله في حياتك سأحتله أنا بكل طيب خاطر، صحيح حبيبتي ؟!"
هزت جولي رأسها وقد بدأت بسمتها تتلاشى ولا تعلم سبب الأمر، قبل أن ترى طبقة شفافة من الدموع تغطي عين مارتن وهو يقول بصوت خافت :
" ورغم ظهور عائلتك بالفعل إلا أنني سأستمر في الأمر وسأظل أمثل لكِ العائلة والعالم كله إن اردتِ جولي "
صمت وهو ينظر لعيون جولي التي بدأت الدموع تسقط منها تباعًا وقد بدأت تستوعب سبب حديث مارتن الذي قال بعشق ووجع :
" يبدو أن القدر يريدني أن أستمر في لعب هذا الدور للنهاية بنية العينين"
هنا وخرجت شهقة عالية من فم جولي وهي تحاول التنفس من بين بكائها الذي لم يكن له صوت، وقد أدركت ما يريد مارتن قوله، نظرت لوجهه وهي تقولها صراحة :
" هل رحلا ؟!"
سقطت دمعة صغيرة من عين مارتن بسبب الوجع الذي استشعره في صوتها وهو يرتفع بجسده قليلًا يضم وجهها مقربًا إياه منه يستند على جبينها يقول مغمض العينين :
" أنا معكِ جولي، سأكون لكِ أب وأم إن اردتِ حبيبتي "
سقطت دموع جولي وهي تحاول أن تمنعها، ثم قالت بصوت مختنق وهي ترى وجه ودموع مارتن عليه، تمد يدها لتمسحها:
" لا بأس مارتن، أنا لست حزينة، أنا لا اتذكرهما، اعتدت اليتم؛ لذا لا تحزن علىّ، أنا بخير، أنا ...أنا "
صمتت ثم قالت بوجع :
" أنا فقط تمنيت لو اعانقهما لمرة واحدة مارتن، مرة واحدة فقط .."
هنا وانفجرت جولي في البكاء لينهض مارتن ويضم رأسها لصدره بحب شديد، مربتًا على رأسها وهي تضم خصره بقوة تكتم شهقاتها في جسده وجسدها ينتفض من البكاء بين ذراعيه وهي تهذي بكلمات غير مفهومة، بينما مارتن يبكي وجعًا على حزنها ووجعها:
" لا بأس حبيبتي أنا هنا سأعوضك عنهما اقسم لكِ جولي، أنني سأعوضك عنهما، لا تبكي حبيبتي، لا تبكي ارجوكِ "
استمرت جولي في البكاء لدقائق طويلة لم يتوانى فيها مارتن عن التربيت عليها بحنان وترديد ( أنا معكِ ) ما بين الثانية والأخرى، مقبلًا رأسها بحنان كل ثانية وهو يبثها ما يستطيع من الامان والحنان، حتى شعر بها تسقط في النوم، نظر لها بحنان وهو يحملها متحركًا بها صوب الفراش يمددها عليه، ثم تمدد هو الآخر جوارها يضمها لصدره بحنان وهو يهمس لها بالكلمة التي لا يعلم عدد مرات تكرارها :
" أنا هنا جواركِ بنية العينين، وحتى آخر انفاسي سأظل هنا حبيبتي "
______________________________
استيقظت في الصباح وهناك بسمة متسعة ترتسم على وجهها وذكرى لقاء الأمس تتمثل لها، تلك اللحظات التي قضتها وهي تتابعه بكل استمتاع، ترى ابتسامته التي تسر قلبها أمام عينها .
تنهدت روبين وهي تفرد يديها تتمطأ براحة، ثم نهضت من فراشها تفرك شعرها بكسل كبير، وبعدها تحركت صوب الاسفل وهي تنظر حولها في المنزل باحثة عن الجميع، لكن لم تبصر في المنزل سوى جاسي التي كانت تجلس على الأريكة وهي تنظر لهاتفها بشر قبل أن تنتفض فجأة وهي تصرخ :
" لا بقى كده كتير، كده كتير اوي "
عادت روبين للخلف وهي تقول بريبة :
" هو ايه اللي كتير ؟! حصل حاجة في شغلك ولا ايه ؟!"
رفعت جاسي عينها بشر لروبين التي عادت للخلف وهي تقول بخوف :
" ايه أنا معملتش حاجة، أنا آسفة طيب "
نهضت جاسي وهي تتحرك بشر صوب الاعلى تصرخ :
" والله لاروح اكسر البيت على دماغه هو واللي خلفوه "
وما كادت تتخطى روبين حتى توقفت فجأة مستديرة لها كما الرصاصة مما جعل روبين تتراجع للخلف وهي تصرخ برعب :
" أنا معملتش حاجة"
قالت جاسي من تحت اسنانها بشر :
" اطلعي غيري الزفت ده عشان تيجي معايا عند بيت صاحبتك دي لاني معرفوش "
هزت روبين رأسها بسرعة وهي تقول :
" حاضر حاضر "
انتهت وهي ترى جاسي تصعد للغرفة تتوعد لاسكندر، بينما روبين ما زالت تحشر جسدها في ركن الدرج برعب من ملامح اختها الإجرامية، ورغم تشابها الكبير مع روبين في الملامح، إلا أنه شتان بينهما في الطباع، هي مسالمة غبية _ كما يقول البعض _ وجاسي شرسة نارية، ما جعلها تفكر في شيء لم يخطر على بالها سابقًا، كيف لم ينجذب شخص كفبريانو بكل قسوته وقوته التي يتحاكى عنها الجميع بشقيقتها التي علمت أنها تعمل معه منذ سنوات ؟!
خرجت روبين من شرودها ذلك على صوت فتح الباب الداخل للمنزل ورؤيتها لـ لولو تتحرك خارجه، تحدثت روبين بجهل وهي تنظر لها :
" على فين يا لولو من الصبح كده ؟!"
نظرت لها لولو بحسرة وهي تحرك شفتيها بقهر :
" رايحة ازور الواد رؤوف "
ضيقت روبين حاجبيها بتفكير وهي تقول :
" رؤوف ابن طنط تينا ؟؟ ماله ؟!
هزت لولو رأسها وهي تتحرك خارج المنزل تتحدث بقهر :
" بعيد عنك يا ختي فيه امبارح عربية نقل ثقيل عدت عليه طبقته، الواد يا حبة عين امه مبقاش نافع للاستخدام الادمي"
فتحت روبين عينها بصدمة وهي تردد بشفقة :
" ليه كل ده ؟! هو سواق اعمى ولا ايه ؟!"
ردت لولو قبل أن تغلق الباب خلفها بحنق :
" لا متخلف بعيد عنك ومش بيفهم ولا بيتفاهم، زي الطور ماشي يشيل أي حد في وشه "
راقبت روبين رحيلها بحسرة وهي تقول في نفسها أثناء تحركها للأعلى :
" لازم اروح أزوره لما ارجع "
بعد دقائق كانت روبين تتحرك جاسي وهي تحاول أن تلحق بخطواتها الراكضة، لكن خطوات جاسي كانت اسرع وروبين تسير خلفها بسرعة كطفل يحاول اللحاق بوالده في سيره .
تحركت جاسي بالسيارة في عنف شديد وروبين جوارها تنظر لها برعب وهي تبتلع ريقها برعب من هيئتها، قبل أن تنتفض على صوت رنين هاتفها، أخرجت الهاتف وهي تجيب وعينها ما زالت تتحرك على جاسي بخوف :
" الو فبريانو "
خرج فبريانو من غرفته وهو يصفف شعره مستعملًا أصابعه يتحرك صوب الأريكة حتى يجلس عليها ليرتدي حذاءه :
" أين أنتِ روبين وما بال صوتك ؟!"
نظرت روبين بخوف لجاسي وهي تتحدث بصوت خافت هامس في الهاتف :
" أصل أنا مع جاسي وهي سايقة العربية بسرعة كبيرة وتقريبا كده متعصبة اوي "
توقفت اصابع فبريانو عن ربط حذاءه وهو يقول بحاجب معقود :
" جاسي ؟! إلى أين؟!"
" إلى منزل رفـ ...."
وقطعت كلمة روبين صرختها العالية التي جعلت جسد فبريانو ينتفض وهو يصرخ بجنون راكضًا لباب الشقة دون أن يعبأ بعقد رباط حذاءه :
" ما بكِ روبين ؟! ماذا حدث ؟!"
تنفست روبين براحة وهي تنظر لجاسي بحنق قائلة :
" ولا حاجة يا فبريانو دي جاسي بتخمس بالعربية، المهم كنت بقولك أننا رايحين بيت رفقة "
صرخ فبريانو في الهاتف بصوت مخيف :
" ضعي الهاتف على أذن جاسي "
" ليه ؟!"
" افعلي ما اخبرك به روبين ؟!"
نظرت روبين لاختها برعب، ثم اقتربت منها ووضعت الهاتف على أذنها دون مقدمات وقبل أن تتساءل جاسي عن سبب ما تفعل روبين سمعت صراخ يأتيها من الجانب الآخر :
" إن لم تتوقفي عن جنونك هذا وتقودين سيارتك ببطء، اقسم أن اجعلك تقضين الباقي من حياتك في جحيم، وسأجعل عملك عبارة عقوبات متتالية لا تنتهي"
صمت قليلًا ثم قال :
" أنا ذاهب لمنزل جاكيري إن وصلت لي روبين بخدش واحد سأريكِ جحيمي جاسي، توقفي عن جنونك، طالما هي معكِ لا تخرجي جنونك، وعندما تكوني وحدك فـ للجحيم"
انتهى من حديثه وهو يقول لها :
" أعيدي الهاتف لها "
قامت جاسي بتقليل سرعة السيارة شيئًا فشيء ثم أشارت لروبين أن تبعد الهاتف وهي تقول بحنق :
" كلمي الاستاذ بتاعك "
نزعت روبين الهاتف وهي تجيب بكل براءة على فبريانو :
" هو أنت كنت بتزعق لها ؟؟"
" لا حبيبتي كنت أخبرها بكل هدوء أن تتوخى الحذر لأجل سلامتكما "
ابتسمت روبين بسمة واسعة وهي تقول بهيام :
" تعلم أنني أحب عندما تكون مسالمًا هادئًا بهذا الشكل ؟!"
تشنجت جاسي وهي تنظر لها بطرف عينها تبتسم بسمة مصدومة من حديث شقيقتها الغبية وهي تقول متذكرة تلك الحادثة القديمة :
" أنا اللي غلطانة برضو لما وقعتك وأنتِ صغيرة "
__________________________________
يجلس بالطائرة جواره لورا وهناك بسمة منتصرة تعلو شفتيه وخلفه يقبع ذلك الصغير والذي كان مفتاحه الذهبي لموافقة والد لورا على مجيئها معه .
عاد مايك برأسه للخلف وهو يبتسم بسمة واسعة يتذكر كيف اقنع والد لورا بضرورة حضورها معه لمصر .
كان يقف أمام المنزل مع لورا وايان وهو يقول بتأكيد :
" إذن هل علمت ما عليك فعله ؟!"
نظر له ايان وهو يهز رأسه بنعم، ثم قال ببسمة واسعة رغم الوهن الذي مازال يظهر على وجهه بعد أسابيع من إجراء عمليته الأخيرة :
" لا تخف عم مايك أنت الآن تقف في حضرة امهر الممثلين، ثم هذه المسرحية التي تطلب مني لعب دورًا بها سهلة جدًا، أديت سابقًا أدوار اصعب منها "
ابتسم مايك وهو يربت على كتفه بفخر :
" حبيب العم مايك، نفذ ما اتفقنا عليه وانا سأزوج لك آدم بالطبيبة خلال أيام، حسنًا ؟!"
أشار له ايان بابهامه وهو يقول بسعادة :
" حسنًا "
تدخلت لورا وهي تقول بجهل :
" عفواً، لكن ما الذي سيفعله الصغير بالتحديد ؟!"
ابتسم مايك وهو يشير صوب ايان وهو يقول :
" انظري وشاهدي ."
تحرك الثلاثة صوب المنزل ولورا لا تعلم ما الذي سيحدث، فتحت الباب باستخدام مفتاحها الشخصي، ثم تحركت للداخل وهي تشير لمايك أن يتقدم رفقة الصغير، في نفس الوقت الذي سمعت فيه صوت ابيها يرحب بها :
" لورا الحبيبة "
استدارت لورا بسرعة صوب والدها وهي تقول بسعادة كبير :
" بابا حبيبي كتير اشتقتلك "
ابتسم والدها وهو يضمها بقوة مقبلًا وجنتها بقوة، وكاد يتحدث لولا أن لمح شاب يقف جوار باب المنزل رفقة طفل صغير، ابتعد قليلًا عن ابنته وهو يقول بجهل :
" من هذا ؟!"
استدارت لورا صوب مايك وهي تشير له ببسمة مترددة :
" هذا ...ابي هذا هو ...هذا ..."
ويبدو أنها نست تمامًا كيف تتحدث في وجود والدها، في ذلك الوقت سمع الجميع صوت والدة لورا وهي تقول :
" ما بكما هل ستكملان اليوم عند الباب و..."
توقف والدة لورا عن الحديث وهي تنتبه لذلك الرجل الذي تقابله للمرة الثانية لتقول بصدمة :
" سيد مايك فوستاريكي؟؟"
ابتسم مايك بسمة صغيرة وهو يهز رأسه بترحيب :
" مرحبًا سيدتي، تشرفت بمقابلتك "
نظر والد لورا للجميع وهو يقول بتعجب :
" ما الذي يحدث هنا؟! هلّا تطوع أحدكم وأخبرني "
تحدث مايك قبل أن يفكر أحد في فتح فمه حتى وهو يقول :
" مرحبًا سيدي أنا مايك فوستاريكي، صديق لورا وجئت هنا لأجل طلب مساعدتك ومساعدة الآنسة لورا "
رفع والد لورا حاجبه بعدم فهم ليبتسم مايك وهو يشير لايان الذي كان ينظر للجميع وهو يلعب دوره جيدًا، كطفل صغير شارد تائه خائف ..
" هذا هو طفل شقيقي وهو مريض، والده قد سافر لأجل ترتيب أمر عمليته القادمة، وطلب مني إحضاره له، لكن للاسف كما ترى هو مازال صغير ويبكي دائمًا، وانا لا استطيع السفر به وحدي، فأنت تعلم إجراءات السفر التي قد تتطلب مني وقتًا طويلًا وهذا سيكون مرهقًا بوجود الصغير؛ لذلك أردت الطلب منك أن تسمح للورا أن تأتي معي لتعتني بالطفل حتى أوصله لوالده "
قصة غبية كمن حبكها، كذلك فكر مايك وهو يرى نظرات والد لورا المتشنجة الساخرة وقبل أن يفتح فمه، كان ايان يتحرك من مكانه وهو يقترب من قدم لورا يضمها واضعًا رأسه عليها يقول بعيون لامعة :
" ستأتين معنا صحيح ؟! أنا لا أريد الذهاب مع مايك وحدي "
نظرت له لورا ثواني، ثم رفعت عينها لوالدها الذي كان يرمق الجميع بعدم فهم، ثم قال بتهكم :
" هل تظنني سأسمح لابنتي أن ترافق شابًا غريبًا لا اعلم عنه شيء أقابله للمرة الأولى في حياتي، لبلدًا غريبة لا اعلمها ؟!"
ابتسم مايك بسمة غبية وهو يهز رأسه بنعم قائلًا :
" نعم رجاءً "
ضحك والد لورا ضحكة عالية وهو يمسح وجهه قائلًا :
" شو هالبلوة الي جايبتيلنا ياها؟ ما لقيتي أهبل من هيك؟ الله يسامحك على هالمصيبة الي جايبتيلنا ياها"
نظر له مايك ببسمة واسعة وهو يقول سعيدًا :
" حسنًا سأعتبر ضحكتك تلك موافقة "
اقترب من لورا هامسًا :
" أرى أنني نلت إعجاب والدك دون أي مجهود يُذكر "
ابتسمت لورا بسمة صغيرة وهي تقول :
" نعم مايك نلت إعجابه وبشدة، حتى أنه الآن يثني عليك "
اقترب ايان من لورا وهو يضم قدمها مجددًا باكيًا بدموع جعلت مايك يفتح فمه منبهرًا من قدرات ذلك الصغير :
" ارجوكِ تعالي معنا، آخر مرة سافرت بها وحدي مع أبي مرضت ولم يعلم كيف يعتني بي"
نظرت له لورا وهي تدمع تأثرًا بحديثه وقد نست لثواني أن كل ذلك لعبة من مايك، لتنحني سريعًا تضم الصغير لاحضانها وهي تقول بحب وحنان :
" حبيبي المسكين "
كان مايك يرمق ما يحدث بحنق وهو يهمس بانبهار :
" ذلك الخبيث الصغير "
نفخ بغيظ ثم انتبه لوالد لورا الذي كان يرمق المتحرش الصغير بشفقة كبيرة ليقطع مايك تلك اللحظات وهو يقول :
" إذن سيدي هل احضر التذاكر ؟!"
وها هو يجلس رفقتها في الطائرة بعدما اقنع والدها بصعوبة كبيرة وقد اخذ منه الأمر ساعات ليستطيع ذلك بعدما جعله يتحدث لجده ويأخذ عليه عهدًا بالحفاظ على ابنته، أفاق مايك على صوت لورا وهي تقول بضحكة :
" انظر مايك لذلك الفيديو، حقًا ايان هذا موهوب بشكل لا يعقل، جميل هذا الطفل "
اقترب مارتن منها يرمق هاتفها بتشنج وهو يرى إحدى الصفحات الخاصة بايان على مواقع التواصل الاجتماعي ينشر عليها بعض الفيديوهات التمثيلية والغنائية له ليهمس :
" ذلك المراهق الغبي "
استدارت له لورا فجأة وهي تقول :
" مراهق ؟!"
ابتسم مايك وهو يقول بسخرية :
" كم تظنين عمر ذلك الصبي ؟!"
هزت لورا كتفها بعدم معرفة ثم قالت :
" لا اعلم ربما ٩ أعوام ؟؟"
" بل اثنا عشر عامًا، وكاد يبلغ الثالثة عشر، أنتِ تتحدثين عن مراهق وليس طفل، هو فقط بنيته ضعيفة بعض الشيء لا اكثر ولا اقل "
فتحت لورا فمها بصدمة وهي ترفرف برموشها في صدمة قبل أن تسمع ضحكة مايك العالية يعود لمقعده مرددًا براحة كبيرة :
" لكن لا ننكر أن اتصال آدم وطلبه أن أحضر الصغير معي، قد أفادنا صحيح ؟!"
ضحكت لورا بقوة وهي تتذكر مظهره بالأمس وهو يحاول إقناع والدها :
" في الحقيقة ابهرتني بعقلك الفذ يا رجل "
غمز لها مايك وهو يقول ببسمة خبيثة :
" هذا جيد فاطفالنا سيرثوا ذكائؤ "
خجلت لورا من حديثه وهي تبتلع ريقها تحاول أن تنشغل بهاتفها مجددًا مانعة بسمة واسعة من الارتسام على محياها...
______________
وعلى بُعد صغير منهم كان يجلس هو جوارها وهو يقول :
" إذن سنأخذ وجبتين واحدة دجاج وأخرى لحم، ونبدل إن لم تعجبني "
نفخت راسيل بحنق وهي حتى لا تعلم ما الذي جعلها تأتي معه حقًا، كيف وافقت على ذلك لا تعلم في الحقيقة :
" سيد مارسيلو "
انتبه لها مارسيلو وهو يقول :
" نعم ؟!"
" ارجوك لا تجعلني اندم على مجيئي معك "
نظر لها مارسيلو ثواني قبل أن يقول بجهل :
" حسنًا لن اجعلك تندمين "
صمت قليلًا ثم استدار لها يقول بتساؤل :
" كيف افعل ذلك ؟!"
ابتسمت راسيل وهي تنظر له بسعادة تقول بلهفة كبيرة :
" ما رأيك أن تتجاهلني طوال الرحلة، تعامل معي كما لو أنك رفقة امرأة غريبه لا تعرفها، حسنًا ؟!"
هز مارسيلو رأسه بحسنًا، ثم اعتدل في جلسته وهو يتجاهلها بكل برود، لتمر دقائق جعلت راسيل تبتسم براحة، تعود برأسها للمقعد الخاص بها تتنفس الصعداء قبل أن تفتح عينها فجأة وهي تسمع صوت مارسيلو يتنحنح جوارها وهو يقول :
" مرحبًا يا جميلة، لم نتعرف "
انتفضت راسيل وهي تنظر له بصدمة قبل أن تسمعه يقول بغمزة وعبث :
" نحن سنكون رفيقين رحلة واحدة ومقعد واحد لثلاث ساعات تقريبًا، ألا يجب أن نتعرف على بعضنا البعض؟! حسنًا أنا مارسيلو فوستاريكي اعمل محامي في روما، محامي بارع في الحقيقة، يمكنك السؤال عني، أو تقرأين الاخبار ستجدي اسم مكتبي ينير صفحات الجرائد "
صمت ثم أضاف موضحًا :
" صفحة القضايا والمصائب، إذن لم تخبريني اسمك "
فتحت راسيل فمها وهي تقول ببسمة غير مصدقة :
" حقًا سيد مارسيلو ؟!"
ابتسم مارسيلو بسمة واسعة واثقة وهو يقول بخبث :
" وتعرفين اسمي أيضًا ؟! يبدو أن اخباري بالفعل منتشرة "
هزت راسيل رأسها تحاول أن تستوعب ما يفعل :
" عفواً ما الذي تحاول فعله الآن؟! ألم نتفق على أن نتعامل على أساس أنني امرأة غريبة ؟!"
تشنج مارسيلو وهو يقول بتذمر :
" وهكذا فعلت، أنا اعاملك على أساس أنكِ غريبة "
تراجعت راسيل وهي تقول بحنق وبسمة متغاظة :
" وهل تتعرف على كل امرأة غريبة تقابلها ؟!"
" لا بل اتودد لها واحاول مرافقتها "
فتحت راسيل عينها بصدمة وهي تردد :
" ماذا ؟!!"
هز مارسيلو كتفه وهو يقول ينظر أمامه ببسمة :
" لا تنظري لي هكذا أنا فقط اقدر الجمال راسيل عزيزتي "
" أنت شخص غريب الأطوار "
غمز لها مارسيلو وهو يطلق ضحكات عالية، ثم استدار لها يقول بنبرة مستفزة :
" ربما، لكنني في الحقيقة مرافق جيد، وأنتِ خسرتيني "
ابتسمت راسيل وهي تنظر من النافذة جوارها :
" هذا الأمر يستحق احتفال "
نفخ مارسيلو وهو يعود بظهره للخلف يحاول أخذ وضع مريح له، ثم أضاف بسخرية يردد واجفانه مغلقة :
" أنتِ مجرد حمقاء راسيل يومًا ما ستأتين لي تترجيني حتى ارافقك ووقتها لن ارفض في الواقع، بل سأفعل بكل صدر رحب "
_____________________
كان الجميع يجلس على الطاولة يتناولون الفطور وهناك نظرات حادة متبادلة بين جاكيري ورفقة التي قالت بحنق :
" ما بك جاكيري توقف عن النظر لي هكذا، أخبرتك أنني لن اذهب للزفاف انتهينا "
ألقى جاكيري ملعقته وهو يقول بحنق :
" كل هذا لأنني أخبرتك أنني أريد المجئ؟؛ هل تخجلين مني رفقة ؟!"
تنهدت رفقة وهي تقول بصوت هادئ :
" حسنًا حبيبي الأمر ليس أنني اخجل منك، لكن في الحقيقة أنا لا أحب أن يراك أحد ترقص سواي، أنا اغار عليك جاكيري "
خرجت ضحكة ساخرة من فم اسكندر وهو يقول بتهكم :
" حاسس أن الحوار ده المفروض كان يكون بالعكس، يعني هو اللي يقولك مترقصيش عشان بغير عليكِ "
نظرت له رفقة بغضب وهي تقول :
" اسكندر متتريقش عليه، هو بس هاوي رقص وبيحب يتعلم انواع كتير، وبعدين هو مش بيرقص رقص شرقي يعني، ده رقص محترف "
انتهت من حديثها وهي تنظر لجاكيري الذي ترك الطعام بكل بساطة ونهض من الطاولة، ثم تحرك صوب الاعلى ورفقة تنظر لاثره بحزن، وبعدها ترجمت خلفه بسرعة وهي تناديه ولم تنس أن تلقي بنظرة حارقة لاسكندر.
بينما توفيق كان يتناول الفطور وهو يتثائب بقوة ما بين اللحظة والأخرى.
دقائق قليلة قبل أن ينتفض توفيق برعب من على الطاولة وكذلك اسكندر الذي نهض مرتعبًا يتجه صوب الباب الذي كان يطرق بعنف، وبمجرد فتح الباب تفاجئ بوجود جاسي وروبين التي رفعت يدها وهي تقول ببسمة صغيرة :
" اهلا اسكندر رفقة هنا ؟!"
لكن اسكندر لم يكن منتبهًا لها وهو ينظر لجاسي، وهو يقول ببسمة صغيرة :
" اهلا يا جاسي اتفضلي "
رمقته روبين بحنق وهي تشير لنفسها وكأنها تخبره ماذا عنها، لكن اسكندر لم يكن منتبهًا لها وهو يتحرك خلف جاسي للداخل تاركًا روبين تنظر للباب بحنق :
" طب وأنا؟!"
توقفت روبين أمام طاولة الفطور وهي تنظر لما حضرته رفقة بجوع كبير، ثم تحركت صوب الطاولة تجلس جوار توفيق الذي كان يستند برأسه على الطاولة نائمًا وشرعت تأكل بكل تلذذ .
وفي الاعلى ...
كانت رفقة تقف أمام باب غرفة جاكيري وهي تقول بحزن :
" جاكيري ما بك؟! هل حزنت من رفضي الذهاب للزفاف أم من حديث الغبي اسكندر ؟! حبيبي لا تحزن، اقسم أنني لا اخجل منك، بل إنني اسير مرفوعة الرأس جوارك، ولا تهتم لحديث اسكندر يكفي أنني اعلم جيدًا من أنت وأدرك كيف تفكر، هيا حبيبي افتح الباب "
ولم يصل لها رد مما جعلها تزم شفتيها بحنق وهي تتحرك صوب غرفتها التي تلتصق بغرفته مقررة أن تعبر إلى خاصته من خلال النافذة المشتركة بينهما، وكذلك فعلت، وحينما كانت على وشك القفز في الشرفة الخاصة بجاكيري شعرت بجسدها يختل، نظرت أسفلها برعب وهي تتمسك باليد المعدنية أسفلها تغمض عينها برعب فهي الآن تقبع في الطابق الثاني للمنزل .
فتحت فمه بخوف وهي تنادي جاكيري :
" جاكيري النجدة "
وفي الداخل كان جاكيري يستحم بكل استمتاع، يصفر بلا اهتمام بما يحدث في الخارج .
وعلى الشرفة كانت رفقة تتمسك بها وهي تصرخ بجنون، وصوتها يعلو بشكل هستيري :
" أنت أيها الراقص الاحمق، سأسقط وأنت تتظاهر بالغضب يا غبي "
صمتت وهي تتنفس بعنف قبل أن تصرخ صرخة عالية بشكل مزعج :
" جاكيــــــــيري "
وفي المرحاض توقف جاكيري عما يفعل وهو يستمع لصراخ رفقة العالي يخترق مسامعه، تحرك بسرعة صوب المنشفة يضعها على خصره، ثم تحرك صوب الخارج يبحث عن مصدر الصوت ليجد أن الغرفة فارغة، وكاد يعود للمرحاض مجددًا لولا الصرخة التي جاءته من اتجاه الشرفة .
وفي الاسفل كان فبريانو يهبط من سيارته وهو يرى ما يحدث في الاعلى ليقول بتعجب وهو يسير للداخل بكل هدوء بعدما رأى جاكيري يمسك بها :
" ما هذا الصباح الجميل "
كان جاكيري يرمق رفقة بصدمة وهو يصرخ راكضًا صوبها :
" يا ويلي رفقة ما الذي حدث معكِ ؟!"
أجابت رفقة بسخرية :
" لا مفيش اصل انا لقيت نفسي عايشة من زمان فقولت آن الأوان اخفف كثافة سكانية، أنت اهبل يعني متشعلقة على البلكونة وهقع اكون بعمل ايه؟! بتشمس ؟!"
نظر لها جاكيري بجهل لما تقول قبل أن ينتفض بفعل صرختها ويركض صوبها يسحبها بقوة لاحضانه، ثم دخل بها للغرفة واغلق الشرفة وهو يقول برعب :
" أيتها الحمقاء ما الذي جعلكِ تتسلقين الشرفة بهذه الطريقة ؟!"
كانت رفقة متسطحة على الأرض برعب وهي مازالت تتنفس بقوة ناظرة للسقف فوقها :
" كنت أحاول مصالحتك بعدما نهضت غاضبًا من على الفطور "
ضيق جاكيري ما بين حاجبيه وهو يقول بتعجب :
" غاضبًا؟! أنا لم أكن غاضبًا، أنا كنت اتجهز فقط لأجل الزفاف بالمساء "
رفعت رفقة عينها له لتقول بشر :
" ولما أنت مش متنيل متعصب خبطت المعلقة جامد ليه، جاك خبط نفوخك "
نظر لها جاكيري بجهل وهو يقول :
" ماذا لم افهمك، أنا لا ارتدي السماعة الآن رفقة تحدثي بلغة افهمها "
نهضت رفقة بسرعة وهي تقف أمامه تقول بغيظ وهي تقترب منه بشر جعل جاكيري يتراجع للخلف وهو ينظر لها بريبة قبل أن تضرب رفقة كفيها في بعضهما البعد، ثم أخذت تسمعه وصلة متواصلة من بعض الأحاديث الشوقية التي تمتاز بها وكأنها بذلك تعند معه :
" لا يا حبيبي ده أنا هتكلم واتكلم واتكلم، هتعمل ايه يعني، مش كفاية كنت لسه هتكل بسبب أن الأستاذ حابب يجهز للفقرة المسائية بتاعته ؟! لا ده انا هتكلم لغاية ما ريقي ينشف، بعدين اشمعنا أنا اللي اتكلم بلغتك؟! ليه متتكلمش أنت بلغتي ؟! اشمعنا فبريانو بيتكلم مع روبين عادي ؟! ولا أنا ما اشبهش يعني ؟!"
اقترب منها جاكيري فجأة يضمها في احضانه وهو يوقفها عن الحديث يربت على ظهرها وهو يقول :
" اششش لا بأس حبيبتي، اهدئي لا بأس، كل شيء سيكون بخير، سأحضر لكِ كنف أيضًا، فقط لا تحزني "
كان يتحدث وكأنه يوقف بكاء رضيع صغير بينما رفقة لم تشعر بشيء سوى أن وجهها التصق دون مقدمات بصدره العاري و...عاري ؟!
عند هذه النقطة استيقظت حواس رفقة كلها وهي تستوعب وضع جاكيري أمامها بالمنشفة فقط، ابتلعت ريقها في أن تنتفض مبتعدة عنه وهي تغمض عينها فجأة صارخة :
" كيف ...كيف تقف أمامي هكذا ؟!"
تحدث جاكيري بعدم فهم :
" هل اجلس ؟! "
" تجلس ماذا ؟! أين ثيابك ؟!"
أشار جاكيري للخزانة الخاصة به وهو يقول :
" في الخزانة، هل تريدين الاستعارة منها ؟!"
ابتسمت رفقة وهي تقول بغيظ :
" لا، اريدك أن ترتديها رجاءً "
نظر لها جاكيري ثواني قبل أن يستوعب فجأة مقصدها ليقول ببسمة خبيثة :
" مهلًا هل تخجلين من الأمر ؟!"
أطلقت رفقة زغرودة عالية وهي تقول بسعادة مبالغة :
" بركة يا خويا أنك فهمت اخيرًا، والآن ارتدي ثيابك وتعال لتكمل فطورك "
ضحك جاكيري بصوت عالٍ وهو يراها تتحرك أمامه صوب الباب قبل أن يوقفها فجأة وهو يقبلها من الخلف دون مقدمات قائلًا بحب :
" أنا أحبك كثيرًا رفقة "
وكان الأمر مفاجئ لرفقة، أن يقول تلك الكلمة دون مقدمات تسبب في صدمة لقلبها مازال يحاول الخروج منها، لكنها رغم ذلك ابتسمت بسمة واسعة وهي تستدير قائلة بحب وهي تضم وجهه :
" وانا أيضًا جاكيري، احبك بكل ما فيك، أحبك كما أنت هكذا، بكل ما فيك اعشقك جاكيري"
ابتسم جاكيري وهو يميل عليها هامسًا :
" ما رأيك أن نقيم زفافنا مع فبريانو ؟! "
اتسعت بسمة رفقة وهي تهز رأسها بموافقة، ثم ركضت للخارج بخجل تحت نظرات جاكيري العاشقة وهو يراقبها بحب كبير ...
_______________________
دخل فبريانو المنزل وهو يبحث بعينه عن روبين والتي وجدها جوار توفيق تحدثه باندماج كبير تتناول الطعام بنهم، ابتسم وهو يتحرك صوبها، لكن فجأة توقف وهو يراها تنتفض من مكانها تحمل هاتفها الذي يرنّ، ثم تحركت صوب الشرفة المقابلة لطاولة الطعام بتوتر، ولم يكن فبريانو لينتظر ثواني وهو يلحق بها يقف مستندًا على مدخل الشرفة يستمع لحديثها باهتمام ...
" واشمعنا أنا ؟! مش مارينا قالت إنها هي اللي هتعمل العرض ده ؟! "
صمتت ثواني ثم قالت بحنق :
" لكن أنا معرفش الرقصة وحتى لو اعرف أنا حاليا في فرقة الباليه "
رفع فبريانو حاجبه وقد بدأ يستوعب فحوى حديثها، وقد أيقن أن القادم لن يعجبه وقد كان .
" نعم حضرتك بتهزر ؟! دي ..دي "
صمتت روبين ثواني ثم قالت بهمس وكأنها تعلم أن هناك من يتسمع على حديثها :
" دي رقصة استعراض وفيها حركات كتير لو عملتها اضمنلك متحركش الباقي من عمري"
صمتت تستمع للجانب الآخر ثم قالت بسخرية لاذعة :
" يا استاذ أنت اللي تسمعني، أنا لو عملت اللي أنت عايزة ده مش هقدر بعد كده احرك عضمة في جسمي مش ارقص بس، ده حتى صباع رجلي الصغير مش هقدر احركه، فمعلش ممكن تخلي اي حد غيري يعمله، فيه بنات كتير اوي تقدر تعمل العرض "
نفخت بضيق وهي تستمع لاصرار مدير المركز الذي يصر عليها لأجل رقصة الافتتاح للاحتفال السنوي، والتي تُصنف من ضمن رقصات الاستعراض، وهي تعلم تمام العلم أن فبريانو لن يحب أن تقوم بمثل تلك الرقصات، رغم أنها لا تحتوي ما يشين، إلا أنها لا تحبذ تلك الرقصات التي تكون أقرب للرقص الشرقي، رغم أنها ليست بالشرقي.
كانت تستمع لما يقوله الرجل وما كادت تفتح فمها حتى شعرت بالهاتف يُختطف من بين اصابعها وصوت يصدح جوراها يقول بجدية وصوت هادئ، لكن مخيف :
" للاسف يا استاذ روبين مش هتعرف تأدي الرقصة دي، بس لو أنت مصر اوي حد يعمل العرض ده فممكن أنت تعمله، واظن أنك ترقص استعراضي احسن ما ارقص أنا على تربتك(قبرك) ولا ايه ؟!"
وبمجرد انتهاء كلماته اغلق الهاتف في وجهه دون مقدمات مما جعل روبين تنظر له ببلاهة وهي تفتح فمها بصدمة مما قال تراه يعطيها الهاتف وهو يبتسم ببساطة لها :
" مرحبًا ارنبي الوردي، هل نمتِ جيدًا ؟!"
نظرت روبين للهاتف بين يديها بصدمة ثم همست :
" أنت... أنت عملت ايه ؟! "
ابتسم فبريانو بكل هدوء وهو يقول ببراءة :
" كنت فقط أوضح له الرؤية لا أكثر، صحيح هل ستحضرين ذلك الاحتفال السنوي ؟!"
نظرت له روبين وهي مازالت لم تخرج من صدمتها، ثم هزت رأسها بشرود وهي تقول :
" لا أعلم ربما لن افعل، اقصد لا احب حضوره على أية حال"
" لا، سوف نذهب سويًا له ما رأيك ؟!"
نظرت له روبين بعدم فهم ليقترب منها فبريانو يضم وجهها بين يديه بقوة حتى جعل خديها يبرزان للخارج وهو يقول :
" سوف نستمتع سويًا هناك ارنبي الوردي، كما أنني أريد مشاهدة العروض الراقصة "
تحدثت روبين بصعوبة وهي تحاول أبعاد يده عن خدها :
" ومن امتى حب الفن ده ؟! أنا على حسب معرفتي إن اخر معرفتك في الفن رقص جاكيري "
ضحك فبري?