رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السابع والعشرون 27 بقلم رحمة نبيل


 رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السابع والعشرون


تحركت عين روبين على المسدس برعب وهي ترى اشتعال عين فبريانو بغضب مخيف، ابتلعت ريقها محاولة التحدث، لكن لم يسمح لها وهو يجذب يدها بعنف نحوه، يقول بشر :

" إلا هذا روبين، إلا هذا، قد اسامحك على كل شيء عدا استغلالك لمرضك لأي غرض مهما كان، سمعتِ؟!"

لم تجبه روبين وهي تنظر لملامحه برعب قبل أن يصرخ صرخة عالية جعلتها تنتفض :

" سمعتِ ؟!" 

هبطت دموع روبين بعنف وهي تهز رأسها بنعم بسرعة كبيرة، بينما هو ترك يده بحدة دون أن يظهر تأثره بدموعها، ثم تحرك بسيارته في عنف شديد والغضب يكاد يعميه، لا يصدق أنها كانت تتلاعب به بهذا الشكل، لقد كاد يموت رعبًا عليها وكل ذلك لأجل لعبة سخيفة ؟!

كانت روبين تنكمش في مقعدها تبكي بصوت منخفض ومازال أثر الإعياء واضحًا على وجهها الشاحب، وشفاهها الجافة الزرقاء، دموعها تسقط ببطء وهي تتجنب النظر لفبريانو،  دقائق مرت حتى  شعرت روبين بتوقف السيارة، نظرت حولها ظنًا أنها وصلت للمنزل، لكن انكمشت ملامحها بتعجب وهي ترى المشفى تقبع أمام عينيها، نظرت لفبريانو تتحدث بتعجب :

" ليه جينا هنا ؟!"

لم يجب عليها فبريانو وهو يهبط من السيارة يشير لها أن تلحق به، وكذلك فعلت روبين وهي تهبط من السيارة ببطء وتعب واضح على وجهها وحركاتها، تتحرك خلف فبريانو بخطوات ضعيفة .

دخلت روبين رفقة فبريانو للمشفى، لتشعر بيده تمسك خاصتها وهو يجذبها له يساندها بعدما انتبه لضعفها، تحرك بها في هدوء صوب الاستقبال ثم تحدث :

" لو سمحت محتاجين دكتور ضروري "

نظرت الممرضة لحالة روبين بين ذراعيه والتي كانت تغمض عينها بتعب وهي تنظر حولها بتشوش لا تعي بشيء، سوى بفبريانو الذي يحركها معه قبل أن تجد نفسها تتسطح على فراش ما وبعدها لم تفقه لما يحدث وهي تعطي جسدها إشارة للراحة مجددًا .

كان فبريانو يقف جوار الفراش وهو يراقب الطبيب يجري الفحص عليها، لكن فجأة ابصر عينها التي انغلقت ليشعر بقلبه يهوى بين قدميه وهو يشير عليها بجنون متحدثًا :

" لقد اغشي عليها، ما بها ؟! هل هي بخير ؟!"

نظر له الطبيب بجهل لما قال، لكنه رغم ذلك لم يهتم وهو ينادي الطبيبة :

" محتاجين نعمل أشعة على الصدر لأن من الواضح أن عندها مشاكل في التنفس "

سارع فبريانو في التحدث بعدما نسى اخبارهم بتلك المعلومة :

" هي مصابة بالربو "

رمقه الطبيب ثواني بجهل قبل أن يدرك فبريانو تحدثه بالايطالية بسبب توتره :

" هي عندها ربو، ومن شوية جاتها نوبة ربو "

هز الطبيب رأسه بتفهم، ثم نظر للممرضة جواره وهو يحدثها بجدية فيما يجب أن تفعله، لكن فبريانو لم يهتم بشيء وهو يمسك يد روبين رافضًا تركها، يرمق وجهها بحب قائلًا بحنان :

" لا بأس حبيبتي ستكونين بخير "

_______________________

" جوليانا ؟؟؟؟؟؟"

كانت تلك مجرد همسة صغيرة لم تعبر حاجز فم لوكَس، وهو يشعر بقلبه يتحرك بصخب داخل صدره ولمحات سريعة من ماضيه تعود أمام عينيه ..

سقوط والدته ارضًا وبكائها وصراخها الذي هز جدران القصر، وانكسار والده ودموعه التي كانت تهبط بقوة وهو يقص عليهم كيف فقد شقيقته أثناء المشاغبات والهرج الذي عم إحدى مباريات كره القدم بسبب اكتشاف الجميع بوجود قنبلة هناك ليشتعل الاستاد، ويصبح الجميع في حالة من الهرج ويركض كلٌ لجهة غير الآخر وتضيع أخته الصغيرة التي شعر والده فجأة بشخص يجذبها من يده ولم يستطع العودة لها وهو يشعر بالاجساد تدفعه للخارج بجنون والكل يريد النجاة بحياته لا أحد يأبه بصراخ والده وبكائه وهو يبحث عن ابنته الصغيرة التي افلتها بسبب الاندفاع .

كانت والدته تجلس ارضًا وهي تصرخ بوجع صرخات هزت أرجاء المنزل كله وهو فقط يقف ويشاهد ما حدث بأعين مصدومة ودموع تأبى النزول، لا يصدق أن صغيرته الحبيبة والتي كانت تستفزه منذ ساعات لأن والدهما سيأخذها هي معه بدلًا منه لأنه معاقب، الآن ضائعة وحيدة في الخارج .

تحرك لوكَس صوب غرفته راكضًا يبكي بقوة يغلق بابه خلفه صارخًا باسم شقيقته والرعب يملء قلبه :

" جوليــــانـــا "

ومن ثم تتابع ما حدث أمام عينه، اجهاض والدته ومرضها، وانحناء ظهر والده وشعوره الدائم بالذنب، رغم أنه بحث عنها حتى مرض، كل ذلك مر أمام عينيه في ثواني قليلة ...

استفاق لوكَس برعب على هزة كارين جواره وهي تقول بخوف :

" لوكَس ما بك ؟! لِمَ البكاء ؟!"

نظر لوكَس حوله برعب شديد وهو يبحث عن جولي بين الأوجه، لكن لم يعثر عليها، سقط قلبه برعب يتخيل أنها فقط كانت مجرد وهم، مجرد صورة وضعها له عقله شفقة منه على حالته .

لكن رغم ذلك تمسك بالأمل الاخير وهو يقول بلهفة مشيرًا للمكان الذي كانت تقف به منذ ثواني  :

" كارين، أين تلك جولي رفيقتك ؟! ألم تكن هنا منذ ثواني ؟؟"

نظرت له كارين بتعجب، ثم قالت :

" أخي لقد رحل الجميع منذ دقائق، وأنا أحاول جعلك تفيق من تلك الحالة التي تلبستك منذ ذلك الحين، ما بك أنت بخير ؟!"

هز لوكَس رأسها لها بنعم ثم مسح دموعه وهو يقول بجدية :

" حسنًا حبيبتي دعينا نرحل نحن أيضًا "

تحركت معه كارين بتعجب وخوف عليه من تلك الحالة التي كان بها منذ ثواني، لقد كان يرتجف ويبكي كالطفل حتى وإن لم يصدر له صوت بكاء.

صعدت معه كارين للسيارة الخاصة به وهي ترى حالته الغريبة تلك، يده ترتجف ووجهه منقبض بشكل مخيف، امسكت كارين يده بدعم وهي تقول :

" أخي أنت بخير ؟!"

هز لوكَس رأسه بنعم يحاول تمالك نفسه أمام الصغيرة حتى لا يخيفها، ثم تحرك بالسيارة صوب قصر اليخاندرو وقلبه يقرع بقوة مما رأى، يود لو يحلق الآن صوب ذلك المكان ويراها جيدًا، يقترب منها ويتلمسها ليتأكد أنها حقيقية، فقط يتلمسها ولو لثواني يرضي بها قلبه الذي يبكي لفقدان شقيقته، يدعو ويتوسل أن يكون من رآها حقيقة وأن تكون هي شقيقته ....

________________________

تيبس جسد لورا بين ذراعي مايك وهي تشعر بقلبها يطرق وبقوة، ابتلعت ريقها وهي تراه أخرج من صدره ما عجزت هي عن إخراجه، لقد قال للتو أنه يحبها، مايك يحبها كما تفعل هي، سقطت دموع لورا بقوة وهي تحرك يدها ببطء تضمه محاولة التحكم في رجفة يدها .

بينما مايك كان يضمها بقوة وهو يبوح بكل ما يكمن في صدره :

" سأظل جوارك بالمسمى الذي تريدينه لورا، لكن بطريقتي أنا "

شعرت لورا بالراحة الكبيرة، ليس بسبب جملته الاخيرة فحسب بل لأنه لم يدعهم يدخلون في تلك الدائرة المفرغة من التجاهل والتعامل بشفقة، ورغم ذلك تحدثت لورا بهدوء وكأنها تضع الحجر الأخيرة في قلعة ثقتها به :

" هل أنت واثق مما تقول مايك ؟! لا اريدك تفعل شيئًا بسبب شفقتك علىّ"

ابتعد مايك عنها قليلًا وهو يضم وجهها ينظر في عينها بحنان وحب وهو يقول بجدية كبيرة :

" هيا انظري لعيني لورا، هل ترين بها أية شفقة !! "

نظرت لورا لعينه وهي تهز رأسها بلا، ثم قالت ببسمة صغيرة وجملة أصابته في مقتل :

" لا وهذا ما يجعلني محتارة، فأنا يومًا لم اقابل من يعاملني تلك المعاملة، وإن حدث كان يفعلها بدافع الشفقة مايك "

صمت مايك قليلًا ولم يجب عليها مما جعلها تتعجب صمته ذاك، وطال صمته حتى شعرت لورا أنها قالت شيئًا خاطئًا أو ما شابه؛ لذلك فتحت فمها تتحدث بقلق :

" ما بك مايك هل قلت شيئًا خاطئًا ؟! أنا لم ااا"

لكن مايك لم يدع لها الفرصة لتكملة حديثها وهو يقول بلهفة كبيرة وبسمة واسعة :

" ما رأيك في حضور حفلة ما ومشاهدة عرض لبعض محترفي الرقص ؟!"

رفرفت لورا برموشها في تعجب كبير، لا تفهم كيف غيّر منحنى الحديث بهذا الشكل، وما الذي ذكره بأمر الحفل، أو ما علاقة ذلك الحديث بأمرهم؟! 

" عرض راقص ؟! ومحترفي رقص !!"

هز مايك رأسه بنعم وهو يبتسم لها بسمة واسعة بعدما أراد أن يبتعد بحديثه عن أمر حزنها وانعدام ثقتها بمن حولها، أراد صرف ذهنها عن كل شيء قد يتسبب في زعزعة تلك النظرات اللامعة السعيدة التي بدأت تنير عينيها، متجاهلًا  تمامًا أمر اعترافه الاخير بحبه لها، مؤجلًا إياه للحظة مناسبة يتمكن بها من نزع اعترافها الخاص .

ابتسمت له لورا وهي تقول بتفكير :

" حسنًا في الواقع أنا لم اذهب لمثل تلك العروض سابقًا أعني لم افكر يومًا في الذهاب ورؤية هكذا عروض، لكن لا مانع لدي إن كان العرض لبعض المحترفين كما تقول"

هز مايك رأسه وهو يجذبها معه نحو الشاطئ ينزع حذائه :

" نعم محترفين وبشدة "

نظرت له لورا ببسمة متعجبة تراقبه ينزع حذائه وهناك حماس يرتسم على فمه :

" اووه حقًا ؟! الآن أصبحت متشوقة كثيرًا لرؤيتهم، والتعرف على هؤلاء الراقصين، لربما اتابعهم فيما بعد "

صمتت ثم قالت وهي ترى مايك يشمر بنطاله من الاسفل :

" هل لديهم صفحات شخصية على المواقع الإلكترونية ؟!"

رفع مايك رأسه لها وهو يقول بجدية :

" نعم جميعهم لديهم صفحات شخصية، لكنني صدقًا لا انصحك بمتابعتهم عليها، فهم حمقى بعض الشيء وينشرون اشياء وقحة على صفحاتهم و اشياء عنيفة لا تناسب فتاة رقيقة مثلك "

فتحت لورا فمها بصدمة وهي تراه يخلع سترته يلقيها على الرمال، ثم أمسك يدها يجذبها بشكل مفاجئ صوب صدره يبتسم بسمة ساحرة مظهرًا أسنانه وهو يغمز لها :

" لكن يمكنك واحد فقط من هؤلاء الراقصين، أكثرهم وسامة ورُقيًا واحترامًا"

كانت لورا مازالت مصدومة من حركته الأخيرة، قبل أن تشعر به يضمها أكثر  لصدره يتمايل معها ببطء وبرقة لتتساءل ببسمة صغيرة :

" حقًا ومن هذا الراقي المحترم ؟! ما اسمه ؟!"

" مايك فوستاريكي"

ابتسمت لورا بصدمة وهي تقول :

" ماذا ؟!"

ضحك مايك بصوت عالٍ وهو يميل بها برقة كبيرة يقول بغمزة :

" ماذا لديكِ شك ؟!"

ضحكت لورا وهي تعتدل في وقفتها تتمايل معه على لا شيء، لا انغام ولا موسيقى ولا أي شيء، فقط امواج البحر واصوات الأنفاس في المكان، ابتسمت وهي تقول تجاريه في حديثه :

" اممم إذن دعني اخمن، الراقصون هم أفراد عائلة فوستاريكي ؟!"

ابتسم مايك وهو يهز رأسه بنعم، ثم أضاف وهو يدور بها بسرعة :

" نعم هم بأعينهم،  سرب من الكسالى والحمقى عداى بالطبع، أنا محترف، إذن توافقين على حضور العرض وتنالين شرف رؤية رقصات ذلك الفنان مايك فوستاريكي  ؟!"

ضحكت لورا ضحكة صافية عالية اختلطت بامواج البحر لتصل كسمفونية عذبة لاذن مايك والذي شعر بقلبه يقيم احتفالًا في صدره، هو يسمعها تضيف بصوت رقيق :

" نعم سيدي سيكون شرفًا كبيرًا لي "

ابتسم مايك وهو يتراقص معها دون أن تشعر هي بما حولها، فقط شاردة بأعينه ونظراته التي كانت تلمس داخلها، حتى شعرت فجأة ببرودة المياه تلامس قدمها وبسمة مايك تتسع وهو يميل بها بشكل جعل اطراف شعرها تلامس المياه أسفلها في لحظة الغروب خالقة لوحة غاية في الجمال، ومايك يميل عليها أكثر وهو يهمس لها :

" إذن فلتتجهزي فاتنتي، فامامنا رحلة لطيفة لمصر ......"

_____________________

كان جايك يمسك يد روز وهو يعبر بها الطريق بعدما تركه انطونيو ورحل عقابًا له على وقاحته معه، لكن جايك لم يهتم وهو يفتح باب روز التي كانت تركب في المقعد الخلفي مع انطونيو وسحب يدها وهو يقول بعناد كبير وغيظ :

" حسنًا إن لم آت أنا معكم فلن تفعل روز "

نظرت له روز ببلاهة وهي تقول معترضة على حديثه :

" وما شأن روز، أنا أريد العودة للمنزل "

نظر لها جايك بشر وهو يقول :

" أنتِ ايتها النذلة، أنا عوقبت للتو من اجلك وأنتِ تتخلين عني ؟!"

نظرت له روز بعدم اهتمام وهي تتجه صوب السيارة مجددًا:

" أنا أريد العودة والنوم جايك و..."

لم تكمل حديثها بسبب يد جايك التي جذبتها بقوة وهو يكبلها بين أحضانه يقول بحنق لانطونيو :

" ارحل نحن لا نريد منك شيئًا، هيا اذهب مع زوجتك للجحيم نحن لا نهتم "

نظرت له روز بجنون :

" هيييه من نحن ؟! لا تجمعني معك بالحديث" 

نظر لها جايك بشر هامسًا :

" اصمتِ يا حمقاء  لن يتركنا، هو ليس سيئًا لهذه الدرجة، هو يعلم أننا لا نفقه شيئًا في هذه الطرق " 

بعدها نظر لأخيه وهو يقول بحنق :

" هيا ارحل نحن لا نهتم يا اخي، لكن تذكر أنني كــ..."

ولم يكد جايك يكمل كلمته بسبب الغبار الكثيف الذي أنتجته سيارة انطونيو بسبب سرعة تحركها من المكان تاركًا خلفه جايك يسعل بقوة، وروز ترمق رحيل السيارة بصدمة تسمع صوت جايك خلفها يقول :

" عجبًا لقد رحل حقًا "

استدارت روز ببطء صوب جايك وهي تقول له :

" نعم هو ليس سيئًا لتلك الدرجة، هو اسوء من تلك الدرجة "

وها هم منذ رحل انطونيو تاركًا إياهم، وهم يقفون على جانب أحد الطرق، بعد سير طويل بعيدًا عن المركز التجاري، دون معرفة شيء عن الطريق، ينتظرون حضور أي سيارة وجايك يكرر لها أن انطونيو سوف يرسل لهم سيارة عاجلًا ام آجلًا .

" لا تقلقي روز اخبرتك أن اخي لن يتركنا، هو على الأرجح الآن قادم لنا أو حتى يتحدث مع أحدهم ليأتي لنا "

وعند انطونيو كان يجلس على الفراش الخاص به وهو يراقب روما تريه المشتريات التي احضرتها مع الفتيات والتي ذهبت لأخذها خصيصًا قبل رحيلهم من المركز التجاري، اعتدل انطونيو في جلسته فجأة وهو يرى ذلك الفستان القصير الذي اخترته روما وهي تدور له تقول ببسمة واسعة :

" حسنًا ما رأيك في هذا، اخترته خصيصًا لأنك تحب اللون الاسود "

ضحك انطونيو وهو ينظر لها من أعلى لاسفل يقول بخبث :

" اه جميل، لكن ألا تعتقدين أن الجو حار بعض الشيء هنا؟! اخلعي تلك السترة الخاصة به حتى لا تتحسس بشرتك "

وعند جايك كانت روز تنظر له بحنق، كاد جايك يفتح فمه ويتحدث لتصرخ روز في وجهه :

" إياك أن تتحدث، اخوك الآن لا بد وأنه سقط في النوم ونحن هنا في انتظار سيارة، هيا تحرك لنذهب نحن ونحضر سيارة أجرة "

انتهت من حديثها وهي تتركه واقفًا مكانه يرمقها بحنق صارخًا :

" توقفي هنا روز، لا بد وأن اخي في الطريق الآن، لا يحب أن نبتعد كثيرًا عن المكان الذي تركنا به "

لكن روز لم تتوقف في مكانها وهي تمد يدها محركة إياها في الهواء حتى توقف إحدى السيارات، لكن لم تتوقف أي سيارة لهم، مما جعل ضحكات جايك تنطلق، استدارت روز له وهي تصرخ في وجهه :

" وتضحك أيضًا ؟! كل هذا بسببك، بدأ الظلام ينتشر في المكان ونحن هنا لا نعرف كيف نعود حتى للمنزل "

كاد جايك بجيبها، لكن فجأة توقفت كلماته على باب فمه وهو يستمع لصوت موسيقى صاخبة بشكل جنوني يقترب منهما، ثواني فقط حتى ظهر في مرمى بصرهم عدة درجات نارية تتحرك بشكل جنوني جعل جايك يجذب روز لاحضانه بخوف.

  يرى تلك الدرجات تتوقف في الطريق وتفتعل حركات دائرية حول بعضها وخلفها سيارات عديدة تحمل العديد من الرجال والنساء وسيارات أخرى تحمل سماعات ضخمة تخرج منها اصوات الموسيقى الصاخبة والجميع يصفق ويرقص بجنون .

نظرت روز لما يحدث أمام عينها بصدمة لا تفهم ما يحدث، هل هذا مهرجان أو ما شابه هنا ؟! التفت روز بسرعة نحو جايك حتى تتحدث معه، لكنها تفاجئت به يحرك جسده على الموسيقى ويحرك ذراعيه في حركات تشبه تلك الحركات التي يقوم بها بعض الشباب في تلك الاحتفالية أمامها .

كان جايك مندمجًا مع الموسيقى وهو يرقص دون شعور، متجاهلًا روز تمامًا، حتى أنه تركها وهو يتجه لتلك الدائرة من الأشخاص يدخل بها ويرقص معهم بكل جنون يحاول تقليدهم وروز تقف بعيدًا عنهم وهي ترمقه بصدمة لا تصدق ما يفعله، هل جن؟! 

بينما جايك كان يرى الشباب أمامه يهبطون للأرض ويرتفعون بسرعة كبيرة، ليندمج معهم بسرعة سعيدًا بأنه واخيرًا رأى تلك الحركات التي كان جاكيري يخبره عنها، وفجأة انطلقت الالعاب النارية وازدادت الصرخات الصاخبة بين الجميع، لكن ومن بين كل ذلك اندفعت روز بين الجموع تجذب جسد جايك بعنف بينما جايك مازال يحرك رأسه ويده مع الجميع ويطلق صفيرًا عاليًا كما الجميع .

" وأنا من كنت اسخر من جاكيري، هيا جايك كف عن هذا، ما بك هل جننت؟!" 

نظر لها جايك وهو مازال يحرك ذراعيه كما علمه جاكيري :

" ما بكِ روز دعيني اكمل رقص، لقد تعلمت بعض الحركات الجديدة، سأعود واريها للجميع "

توقفت روز وهي تنظر له بغباء ثم تركت يده، رافعة اصبعها في وجهه للحديث، لكن بمجرد أن تركت يده حتى ركض جايك صوب الدائرة مجددًا وهو يرقص معهم، وروز تركض خلفه وهي تصرخ :

" اقسم إن رقصت مجددًا لاقطعن اطرافك جايك، تعال هنا"

كانت تتحدث وهي تجذب جايك بعنف من المكان وجايك يحرك رأسه بقوة مع الموسيقى، لكن فجأة وجد جسده يندفع لسيارة لا يعرف متى توقفت أو متى صعد إليها اساسًا، لكنه لم يستسلم وهو يخرج رأسه من النافذة مصفرًا ومصفقًا، قبل أن يسمع صرخة روز :

" جايك توقف "

ادخل جايك رأسه وهو ينظر لها بغيظ كبير كطفل حُرم لتوه من لعبته المفضلة :

" ما بكِ روز، لقد أفسدتِ متعتي للتو، كنت على وشك تعلم بعض الحركات الجديدة لأجل رقصتنا"

هزت روز رأسها بيأس منه، ثم نظرت من النافذة وهي تشرد بينما هو ضم ذراعيه لصدره بحنق شديد منها، قبل أن يستمع لصوت ضحكات خافتة صادرة منها سرعان ما ارتفعت أكثر وأكثر حتى ملئت السيارة وهي تقول متذكرة شكله :

" يا ويلتي جايك، كنت تشبه الدجاجة التي تنازع أثناء خروج روحها وأنت تحرك يديك في الهواء بتلك الحركات البلهاء "

كانت روز تضحك بصخب وهي تحرك يدها كما رأته يفعل، بينما جايك تحدث بسخرية :

" وما ادراكِ أنتِ بالرقص ؟!"

ضحكت روز بصوت اعلى وهي تقول :

" رقص ؟! أي رقص هذا؟! لقد كنت تبدو كما لو أنك انتهيت للتو من حصة الرقص مع جولي "

نظر لها جايك بحنق قبل أن يدفع وجهها بعيدًا عنه بغيظ :

" تتحدثين هكذا لأنكِ لا تفقهين شيئًا في تلك الأمور الفنية، ثم تلك الحركات التي تسخرين منها هي رقصات مصرية شعبية، هكذا أخبرني جاكيري "

" أي شعبية تلك يا رجل، الجميع كان يحرك يديه بشكل معين وأنت تحركها بشكل آخر، حتى أنك ضربت أحد الرجال في وجهه دون أن تنتبه وأنت تحرك يده بهذا الشكل الغبي "

ابتسم جايك بسخرية على حديثها ثم قال :

" أفضل رد عليكِ هو الصمت "

كادت روز تجيبه لولا صوت السائق الذي خرج من الأمام وهو يقول :

" لا مؤاخذة بس يا باشا لو هقاطع المسلسل الانجليزي ده، حضراتكم مقولتوش رايحين فين ؟!"

نظر جايك وروز لبعضها البعض بصدمة والاثنان لا يفهمان شيئًا من حديث الرجل، وفكرة واحدة غفل عنها الاثنان تدور في عقليهما الآن، كيف سيتحدثا مع الرجل، وهم لا يعلمان لغته، ولا حتى يعلمان عنوان المنزل ....

_____________________

توقفت سيارة لوكَس أمام منزل اليخاندرو يرى عدد من السيارات لم تكن موجودة عند مجيئه تقف أمام المنزل، هبط من السيارة، ثم ساعد كارين على النزول وتحرك صوب باب المنزل يشعر أن أقدامه لم تعد تعمل تحت إرادته، فهي تتحرك دون أن يتحكم بها، توقف أمام المنزل رفقة أخته التي كانت متعجبة تصرفاته، لكن لوكَس لم يكن يهتم لنظراتها وهو يطرق الباب بقوة يبتلع ريقه ...

تحدثت كارين جواره وهي تتعجب مجيئهم :

" لوكَس لِمَ عدنا هنا ؟!"

وتزامن سؤالها ذلك مع فتح سيلين للباب وهي تقول بملل :

" هذا أنت مجددًا ؟! ماذا تريد يا هذا ألم تجد شقيقتك ؟!"

دفعها لوكَس ليتخطاها كما فعل المرة السابقة، لكن سيلين تلك المرة ابعدت يده بقوة عنها وهي تصرخ في وجهه مانعة إياه من الدخول :

" ليس هذه المرة، أنت تستفز الجميع في الداخل وهذا سيجعلهم يكسرون اشيائي الثمينة على رأسك، هيا عد من حيث اتيت "

صرخ لوكَس في وجهها بجنون وقد أصبح على حافة فقدان صبره :

" ابتعدي عن وجهي أيتها العجوز "

انتهى من كلماته وهو يدفعها بقوة مقتحمًا المنزل وقد تصدعت تلك القشرة الواهية من البرود والتي كان يضعها على وجهه طوال الدقائق السابقة .

تحركت كارين خلفه برعب وهي تناديه :

" لوكَس ما بك ؟! دعنا نرحل من هنا "

توقف لوكَس في منتصف المنزل وهو يقول بقوة :

" لن ارحل من دون أن أعلم كل شيء "

انتهى من حديثه وهو يصرخ بجنون في منتصف البهو :

" جــــــــــــولي "

في الاعلى حيث غرفة مارتن، كان مارتن يضع يده أعلى عينه وهو يتظاهر بالنوم يفكر فيما سيحدث لاحقًا بعدما تعرف لوكَس على جولي، عكس كارين والتي وللعجب لم تفعل، بينما جولي تجلس على الأريكة مقابل فراشه وهي تحمل حاسوبه تشاهد عروضًا لذلك الرقص الذي كانت تقوم به روبين حتى تتعلمه تضع السماعة في أذنها كي لا تزعج مارتن بصوت الموسيقى العالي ظنًا أنه نائم..

لكن فجأة انتفض مارتن كما فعلت جولي بسبب ذلك الصراخ الذي يأتي من الاسفل، أدرك مارتن أن المواجهة قد حانت، نهض بسرعة من فراشه وهو يتحرك صوب باب الغرفة وخلفه جولي التي ألقت الحاسوب برعب وهي تسمع تلك الصرخات باسمها.

تجمع افراد المنزل كلهم على صوت صراخ لوكَس الذي كان يتوسط البهو وهو يصرخ باسم جولي :

" جــــــــولي ..."

نظرت جولي لمارتن الذي ركض على الدرج وهو يبادل صراخ لوكَس بآخر مرعب :

" أنت يا هذا اخفض صوتك قبل أن اقتلع لسانك "

نظر له لوكَس بشر وهو يقول بصوت مخيف :

" لا لن أصمت قبل أن أرى جولي الآن امامي هناك ما يجب توضيحه لي ولن ارحل قبل أن أفعل "

في ذلك الوقت دخل جايك ومعه روز من الخارج بعدما جعل جايك فبريانو يتحدث للسائق حتى يستطيعان الوصول .

كان الجميع ينظر لما يحدث بجهل عدا رجال المنزل كلهم والذين أدركوا أن الحقيقة حانت لتُكشف .

تحركت جولي بخوف صوب الاسفل وهي تقف أمام ذلك الشاب وجوار مارتن تقول بحدة رغم رعبها من الشر الذي يستوطن عينها : 

" ما الذي تريده مني ؟! هل اعرفك ؟!"

استدارت رأس لوكَس كالرصاصة صوب الدرج حيث كانت جولي تقف في نهايته، وبحركة سريعة كان يركض صوبها وهو يقول بلهفة :

" جوليانا"

لكن جولي ركضت من فورها صوب مارتن تختبئ خلفه بخوف من ذلك الشاب، بينما لوكَس توقف في مكانه بصدمة وهو يقول بقهر كبير :

" ما بكِ جولي ؟! هل أنتِ خائفة مني صغيرتي ؟!"

نظرت روما بصدمة لما يحدث، تقول بخفوت :

" ما الذي يحدث هنا انطونيو ؟! كيف تسمحون لذلك الشاب بالدخول والصراخ هكذا ؟! ثم ما علاقته بجولي ؟!"

لكن انطونيو لم يجب عليها وهو ينظر لما يحدث بترقب ينتظر الفرصة للتدخل إن تطلب الأمر.

وفي البهو كانت النظرات مشتعلة بين مارتن الذي يمسك ذراع جولي بقوة حتى يبثها الامان، ولوكَس الذي كان يرمق خوف جولي منه بأعين مصدومة دامعة .

همس لوكَس وهو يشير لنفسه :

" جولي حبيبتي هذا أنا لوك، ألا تتذكريني ؟!"

دفنت جولي وجهها في كتف مارتن أكثر وهي تنظر لذلك الشاب أمامها تهز رأسها بلا :

" أنا لا أعرف من أنت سوى أنك شقيق كارين "

شعر لوكَس بتحطم قلبه وهو يسمع حديثها، ماذا كنت تتوقع لوكَس ؟! أن تتذكرك وتركض لتتعلق باحضانك كما اعتادت الفعل في طفولتها ؟! 

اقتربت كارين من أخيها وهي تقول بغضب من الجميع لظنها أنهم هم من ابكوا أخاها :

" دعنا نرحل أخي من هنا، لنعد إلى المنزل، لا حاجة لنا بأحد"

لكن لوكَس هز رأسه بلا وهو يقول بجدية :

" لا، لن اعود قبل أن أعلم كل شيء "

ابتلع ريقه، ثم أخرج محفظته التي يحتفظ فيها بجميع صور عائلته وبعدها تحرك منها صورة صغيرة واقترب من جولي وهو يرفعها في وجهها يقول بوجع :

" انظري لهذه رجاءً هل تعلمين من هي تلك الصغيرة ؟؟"

رفعت جولي نظرها وهي ترمق تلك الصورة في يده بدقة قبل أن تقول بتعجب كبير :

" هذه صورتي، كيف حصلت عليها ؟؟" 

ارتعشت يد لوكس وهو يخرج صورة أخرى له وهو مراهق يقول بأمل ورجاء :

" وهذا هل تعرفين هذا الطفل ؟!"

نظرت جولي للصورة جيدًا قبل أن ترفع عينها له وهي تهز رأسها بلا :

" لا أظن ذلك رغم أن شكله مألوف بعض الشيء، ربما قابلته دون أن انتبه"

هز لوكَس رأسه بلا وهو يصرخ وقد انفلت لجام صبره :

" لا لا، كيف لا تعرفينه ؟! كيف لا تعرفينه ؟! هذا.... هذا هو رفيقك الوحيد في طفولتك جولي، هذا هو من كان يحملك ويلاعبك، من كان يقص لكِ حكايات قبل نومك، ومن كان يطعمك،  كيف نسيتيه بهذه البساطة ؟!"

نظرت له جولي مجددًا وهي تحاول التذكر قبل أن تقول بحزن :

" لا أتذكره أنا آسفة "

سقطت دموع لوكَس وهو يقول :

" أين والدتك جولي، أو والدك ؟! أين عائلتك؟! هل تتذكرين أي شيء عنهم ؟!"

هزت جولي رأسها بلا وقد بدأت دموعها تتساقط وهي تقول :

" أنا يتيمة يا سيد تربيت في ملجأ، ولا اعلم ما تتحدث عنه "

تدخلت كارين في تلك اللحظة وهي تقول بحزن وغضب من بكاء اخيها باكية هي الأخرى على بكائه :

" أخي ماذا يحدث هنا ؟! ما شأنك أنت بجولي؟! هل لأنها تشبه أمي ؟!"

صُدمت جولي من حديث كارين، تشبه من ؟! والدتها ؟! 

لكن الصدمة بحق لم تكن تلك الكلمة بل كانت ما قاله لوكَس لاحقًا وهو يصرخ بجنون :

" بل لأنها شقيقتي الصغرى، وتشبه أمي لأنها والدتها كذلك الأمر "

صمت ثم قال بدموع :

" هي شقيقتنا كارين ...."

____________________________

" وبعدين بقى وقفت في نص المول وانا بقولهم، جرا ايه ياض أنت ياض أنت ياض، انتم مفكرين نفسكم ايه ؟! لا فوقوا ده أنا توفيق اللي كنت موقف شبرا كلها نفر نفر على رجليهم "

ضحكت رفقة بصوت مرتفع وهي تضع الاطباق على الطاولة بعدما عادت مع جاكيري وتوفيق وأخذت تجهز طعام لهم جميعًا:

" امال يا عم توفيق، ده أنا كنت سامعة صوت ركبهم بتخبط من عندي في الدور التاني "

هز توفيق رأسه وهو يقول بجدية :

" بالك أنتِ جاكيري وعيلته نجدوهم من ايدي، لو كانوا بس اتأخروا نص ساعة، نص ساعة بس انا كنت عرفتهم مين هو توفيق "

توقف توفيق عن الحديث وهو يستمع صوت رنين هاتفه، أخرجه من جيب جيب وهو يرمق ذلك الرقم الغريب بتعجب يقول بصوت مرتفع قليلًا :

" رقم غريب من ايطاليا ؟! "

انتبهت رفقة له بكامل حواسها وهي تدرك أنه نفس رقم ابنه؛ لذلك حدثته وهي تدعي عدم الاهتمام :

" رد يمكن حد من الجيران هناك عايزك أو غيره "

هز توفيق رأسه باقتناع وهو يجيب على الهاتف :

" مرحبًا معكم توفيق، كيف اساعدكم ؟!"

" تساعدني ؟! والله يابا أنت اكبر مساعدة تقدمها ليا هي أنك ترد عليا بس، بقى أنا يا حاج تلففني حوالين نفسي اسبوعين عشان اوصل ليك، يا اخي مش بصعب عليك؟!"

اعتدل توفيق في وقفت وهو يقول بحدة :

" أنت عايز ايه ؟! لسه فاكر إن ليك أب ؟!"

فتح موسى فمه من الجانب الآخر وهو يقول بصدمة :

" لسه فاكر ؟! هو أنا امتى نسيتك ياحاج ؟! "

ابتسم توفيق بسخرية :

" والله مش عارف، اسأل نفسك أنت واخواتك، اصل انا خلفتكم وربتكم عشان لما تكبروا كل واحد يروح يعيش حياته ولا كأن عنده اب يسأل عليه، ووقت ما احتاج ليكم محدش منكم يعبرني "

شعرت رفقة بالوجع على توفيق لتقترب منه حتى تربت عليه بحنان، لكن توقفت وهي تستمع صوت ابنه العالي عبر السماعات وهو يصرخ بصدمة :

" ايه يابا كلامك ده ؟! امتى اهملناك ؟! ده كل شوية بنتصل بيك، و كل إجازة اسبوع بنكون عندك، ده أنت آخر مرة طردتتا احنا والعيال عشان صدعناك وقولتلنا منجيش تاني"

"  اديك قولتها، صدعتوني وانتم عيالكم بيلعبوا في التلفزيون ويضيعوا القنوات بتاع الافلام وانا مرتبها ورا بعض "

صمت قليلًا ثم أضاف بسخرية :

" بعدين يا فرحتي بيكم يا خويا، ولما اتصل بيكم اقولكم حد يلحقني محتاجكم جنبي محدش يعبرني لما كنت هموت "

صرخ موسى من الجانب الآخر بجنون :

" تموت ايه يا حاج، متصل بينا الساعة ٣ الفجر عشان حد يجي يجبلك ازازة بيبس تبلع بيها الرنجة ؟! "

ابتعدت رفقة عن توفيق وهي ترمقه بصدمة وبلاهة تستمع لإجابة توفيق التي يدافع بها عن نفسه :

" ما أنت عارف إن بعد الرنجة لازم اشرب حاجة فيها صودا وإلا هتعب"

" وهو فيه حد ياكل رنجة الساعة ٣؟! بعدين يا حاج ما اسحاق قالك تصبر عليه ساعة وهو هيجيبها ليك هو كده كده كان متأخر في الشغل، بس أنت عملت ايه، اتقمصت و قولتله مش عايز منكم حاجة ربنا ما يحوجني لحد، حصل ولا محصلش ؟!"

اجابه توفيق بحدة وهو يعرض أمامه اسباب رفضه عرض اسحاق في ذلك الوقت :

" أنت قولتها بعضمة لسانك، قالي هخلص الشكل واجبلك واحدة، يعني فضل شغله عليا، يعني شغله اهم من أبوه "

" لا يا حاج يسيب الشغل يولع ويتطرد عشان حضرتك تحبس بعد الرنجة "

نفخ توفيق بحنق :

" أنت عايز ايه دلوقتي يعني ؟! متصل بيا ليه من رقم غريب! أنا مش عملت ليك بلوك أنت وكل اخواتك وقولتلكم مش عايز اعرفكم تاني ؟؟"

تنهد موسى من الجانب الآخر وهو يراقب ابنته تلعب أمام عينه :

" يابا أنا والله ما يرضيني زعلك مني، مكانتش ازازة بيبس اللي تعمل فينا كده، يا حبيبي لو عايز هجبلك دستة بس متزعلش، والله محمد واسحاق كل يوم يكلموني عشان يجوا ليك ويقعدوا معاك بس خايفين تجري وراهم بالحزام زي آخر مرة"

تحدث توفيق وهو يدعي الغضب :

" أنا مش في ايطاليا، عشان تيجوا ليا، لما ارجع يبقى نشوف الحوار ده"

انتهى توفيق من كلماته ثم اغلق الهاتف دون أن يعطي ابنه فرصة الإجابة، ورفقة جواره تنظر له بصدمة وهي تقول :

" اوعى تقولي أن ده سبب زعلك من عيالك يا عم توفيق ؟!"

نظر لها توفيق ثم ابتسم بسمة صغيرة يهز كتفه وهو يقول بمزاح :

" عادي هما متعودين"

ضحكت رفقة بعدم تصديق وهي تقول :

" وانا اللي قولت بقى عيالك راميينك ومستعرين منك ومحدش فيهم بيعبرك وسايبينك لوحدك وعملت قصة مأساوية في راسي، وفي الآخر يطلع الحوار كله عشان ازازة بيبس ؟!"

كاد توفيق يجيب عليها بمبررات كثيرة قبل أن يستمع الاثنين لنداء جاكيري باسم رفقة، خرجت رفقة من المطبخ صوب البهو وهي تقول :

" نعم جاكيري ؟!"

توقفت فجأة وهي ترى فبريانو يجلس على مقعده ينظر لها بشر كبير وجواره جاكيري يقول بتعجب :

" فبريانو يريد التحدث معك بأمرٍ ما "

نظرت رفقة صوب فبريانو بسرعة وهي تقول مرتعبة :

" ايه ؟! روبين حصلها حاجة؟! "

ابتسم لها فبريانو بسمة مغتاظة وهو يقول بحنق :

" لا رفقة روبين أكملت اللعبة جيدًا"

رددت رفقة بغباء :

" لعبة ؟! أية لعبة تلك ؟!"

نهض فبريانو وهو يصرخ بجنون مشيرًا بإصبعه :

" حذاري رفقة أن تتراهني مع أحد حتى مع روبين نفسها على مكانة روبين عندي ؟! اقسم أنني وقتها لن اهتم لأحد "

نهض جاكيري بعنف وهو يقف بين رفقة وفبريانو يقول بشر واعين حادة :

" إياك أن تتجرأ يومًا على الصراخ في وجه زوجتي أو تهديدها فبريانو، وإلا وقتها سترى مني ما لا يسرك "

كان جاكيري يتحدث بشر واعينه لا تحمل أي مزاح كما اعتاد ...

بينما فبريانو صرخ بجنون ومازال غضبه لم يهدأ بسبب تلك اللحظات التي عاشها مع روبين، لقد كاد يموت رعبًا جوارها، بكى خوفًا عليها وهو الذي لم يبكي يومًا .

" زوجتك تلك التي تدافع عنها امامي جعلت الغبية روبين تدعي المرض لأجل اختباري جاكيري، عشت لحظات كالجحيم لأجل لعبة "

صرخ جاكيري في وجه فبريانو بجنون :

" وهذا لا يعطيك الحق في توجيه أي كلمة لزوجتي"

تحركت رفقة من خلف جاكيري وهي تقول بصدمة :

" أي لعبة تلك ؟! روبين كانت تلفظ أنفاسها الاخيرة بالفعل "

ابتسم فبريانو بسخرية :

" لا تدعي الغباء رفقة، روبين أخبرتني أنكِ اعطتيها بخاخها بالفعل وأن كل ذلك ما هو سوى لعبة سخيفة من بعض الفتيات فارغات العقل "

صرخت رفقة في وجهه :

" أي بخاخ ذلك أيها المختل ؟! روبين لم تحضر بخاخًا معها من الأساس، ولولا وجود هايز والاسعافات التي قامت بها لروبين، لكنت الآن تقف على قبر روبين باكيًا"

فتح فبريانو عينه بصدمة وهو يتسمع لحديث رفقة قبل أن يقول بعدم فهم :

" ماذا ؟!"

قالت رفقة بجدية وحدة :

" روبين لم تأخذ أي دواء، وإلا لماذا سألتك عن البخاخ بمجرد وصولك؟! لقد كادت تضيع من بين أيدينا، كل ذلك لم يكن لعبة "

نظر لها فبريانو ثواني دون أي ردة فعل، قبل أن يتحرك فجأة صوب الخارج تاركًا إياها وهي تنظر لاثره بتعجب مما حدث تتساءل سبب ادعاء روبين أن ما حدث كان لعبة، لكن فجأة شعرت رفقة بجاكيري يضمها من الخلف وهو يقبل رأسها بحنان :

" لا تحزني حبيبتي هو لا يقصد، فبريانو هكذا دائمًا مندفع غبي واحمق "

ابتسمت رفقة وهي تنظر له بحب ثم استدارت تضمه :

" لا بأس حبيبي أنا اتحمل جنون عائلتك كلها، فلا بأس بجنون فبريانو أيضًا "

ضحك جاكيري وهو يقول  :

"  أنتِ تشعرينني أنكِ تعانين من الأمر رفكة "

" أنا كذلك بالفعل جاكيري، أنت لا تعلم مقدار صعوبة أن يتعامل المرء يوميًا مع أفراد عائلتك"

أبعدها جاكيري عنه وهو يقول :

" مهلًا ليس لهذه الدرجة، نحن عائلة سعيدة مرحة، التعامل معنا ليس بالصعوبة التي تصفينها "

ضحكت رفقة وهي تربت على وجهه :

" إن كان الجنون والصخب والقتل والأسلحة والصراخ والضرب والرقص مرح، فنعم أنتم عائلة مرحة كثيرًا حبيبي "

لوى جاكيري فمه وهو يدفعها بعيدًا قائلًا :

" أنتِ يا فتاة عديمة الذوق، فامثال أبناء عمومتي وإخوتي يسعد المرء بمرافقتهم، وليس مثلك ناقمة على كل ذلك، أنتِ حقًا لا تستحقين العيش مع عائلة عريقة وكبيرة كخاصتي "

رفعت رفقة حاجبها وهي تقول بسخرية :

" عريقة ؟! شللاه يا عريقة، يا حبيبي ده أنتم مفيش حاجة عريقة في بيتكم غير الكنبة اللي في صالة القصر بتاعكم اللي هي وأنت داخل على ايدك اليمين كده، غير كده كلكم على باب الله ودماغكم مريحاكم، وكل واحد عايش حياة مبهدلة وحاجة تعر الحقيقة "

ضيق جاكيري عينيه وهو يقول بشر :

" تستغلين أنني لا ارتدي سماعة الترجمة لتسبِ عائلتي الموقرة ؟! تبًا لكِ، سوف اجعلك تعيدين حديثك كلمة كلمة على مسامعي بعدما احضر سماعتي"

انتهى جاكيري من حديثه وهو يتحرك صوب الاعلى بسرعة، بينما رفقة تضحك بصوت صاخب عليه، قبل أن تسمع صوت رنين الهاتف الخاص بها، تحركت صوب الطاولة التي تتوسط البهو وهي ترفع الهاتف لاذنها تزامنًا مع هبوط جاكيري بسرعة وهو يضع السماعة يسمع صوت رفقة تتحدث...

" فرح ايه ده يا جاسي ؟! دلال ؟! هي لسه متجوزتش ده كله ؟! طب هو امتى كده وانا اشوف لو عرفت ازوغ من جاكيري واجي ...طيب تمام هأكد عليكِ لو هاجي، بس اعرف اهرب من جاكيري وعم توفيق لاحسن لازقين فيا ولا كأني خلفتهم ونسيتهم"

صمتت قليلًا ثم قالت بسرعة :

" ياستي اجيب مين، جاكيري لو جه مش هيهدي غير لما يرقص زيهم وانا مش حمل أنه يعقب( نوع رقص شعبي) ليا في البيت ويفضل يطلع وينزل زي الكورة المطاط، وعم توفيق ما هيصدق يلاقي هيصة ويشتغل، بصي أنا هزوغ واقول رايحة ازور روبين وهاجي، سلام  "

وماكادت رفقة تنزع الهاتف من على أذنها حتى وصل لها صوت جاكيري وهو يقول بشر وترقب :

" إلى أين رفكة؟! أنتِ لن تذهبي لذلك الزفاف بدوني ...."

___________________

كان الجميع يقف في البهو يراقب ما يحدث ، وكانت ردات الفعل متفاوتة ما بين ترقب وصدمة وقلق، لكن وأثناء كل ذلك انتبه آدم لحركة هايز القلقة خارج المكان كله وهي تحمل الهاتف؛ لذلك ودون تفكير ركض خلفها بسرعة خوفًا أن شيئًا سيئًا قد حدث .

خرج آدم من المنزل إلى الحديقة ليرى هايز أسفل أحد الاشجار وهي تبكي بارتجاف وفي يدها الهاتف تتحدث فيه بلهفة كبيرة، اقترب منها آدم وقد ضربت فكرة أن آيان حدث له شيئًا رأسه بعنف، لكن ما كاد يدنو منها أكثر حتى وصل لمسامعه صوت هايز المختلط بالبكاء :

" ايان صغيري اشتقت لك حبيبي، يا الله لقد اشتقت لصوتك كثيرًا "

على الجانب الآخر كان ايان يجلس على  الفراش وهو ينظر للطبيبة سارة ببسمة قبل أن يقول بهدوء وشوق :

" أنا بخير أمي لا تقلقي، لقد أصبحت قويًا، الطبيبة سارة أخبرتني أنني يمكنني الخروج بعد نجاح العملية الاخيرة "

بكت هايز أكثر وهي تقول :

" نعم نعم حبيبي، يمكنك الخروج، سوف نخرجك حبيبي وأراك مجددًا "

صمت ايان قليلًا قبل أن يقول بجدية وكأنه عجوز في الثمانين من عمره :

" أخبريني هايز كيف هو آدم ؟! هل يعاملك جيدًا أم مازال جلفًا كما هو؟!" 

في ذلك الوقت كان آدم يقف خلفها يصله صوت آيان واضحًا ليبتسم بعدم تصديق وهو يهمس مبهوتًا من كلمة ذلك المراهق :

" جلف ؟!" 

لكن هايز لم تنتبه له وهي تلوي شفتيها بحنق تخرج صوتًا ساخرًا جعل آدم يميل برأسه وهو يتشنج من حالتها تلك التي تشعرك كما لو أنه يجلدها كل يوم خمس جلدات ...

"ماذا اقول لك ايان، لقد خُدعت في ذلك الادم "

صمتت تقول بحسرة :

" أشعر بالحسرة على أيامي التي اضعتها في الركض خلفه، لقد اكتشفت عنه اشياء اخجل حتى في التفكير بها مع نفسي، أشعر أنني الآن مع شخص غير ذلك الادم اللطيف الذي أحببته "

عض آدم شفتيه بتفكير ساخر وهو يهمس لنفسه بصدمة مصطنع :

" ويلتي هل يُعقل أنها اكتشفت أمر تناولي لحوم بشرية ؟!"

استمتعت هايز لصوت ايان يأتيها عبر الهاتف بشكل جعلها تعتقد أنها تُحدث ناضجًا :

" الآن تقولين هذا بعدما كنتِ تبكين ليالٍ طويلة أمام صورته ؟! هل تلعبين بالرجل يا فتاة ؟!"

كادت هايز تندفع مدافعة عن نفسها لولا ذلك الصوت الذي ارتفع من خلفها وهو يقول :

" نعم أخبرها تلك الحمقاء، تظنني لعبة بين يديها، تركض خلفي وتجعلني اتخطى كل الحواجز التي وضعتها لنفسي، ثم تبتعد عني فجأة وكأنني أجرب أو ما شابه "

انتفضت هايز وهي تنظر للخلف برعب :

" آدم ؟!"

" نعم آدم أيتها الخائنة، تشكين للصغير مني؟! ماذا فعلت أنا يا فتاة؟! أنا حتى لم امسك منذ اتينا لهذه البلاد "

وضعت هايز يدها على سماعة الهاتف وكأنها بذلك تمنع الكلام من الوصول لايان، ثم قالت بشر :

" حقًا وتلك الرقصات الشرقية التي تشاهدها أيها المنحرف، تشاهد سيدات بثياب عارية تتمايل بشكل ..."

صمتت هايز تحاول ايجاد كلمة تناسب الأمر ليتحدث آدم ببسمة باردة :

" مثير ؟!"

" نعم مثير أيها المنحرف، لم اعتقد في أكثر احلامي غرابة أن تصل بمستوى تفكيرك المنحرف لتلك الدرجة "

وصل صوت ايان عبر الهاتف وهو يقول بحنق :

" كل هذا لأن الرجل يشاهد عروض راقصات مثيرات ؟! ما بكِ يا امرأة جميع الرجال هكذا "

رفعت هايز الهاتف وهي تصرخ :

" أصمت أنت ايان أنت لا تعلم شيئًا عن تلك العروض الراقصة، هي ليست كما تظن، أو كالعروض التي نراها عادة، ثم أنت أيها المنحرف الصغير لا تدافع عنه ولا تتحدث في هذه الأمور السيئة مجددًا، وذكرني ألا ادعك تجلس مع ذلك المنحرف مجددًا سيفسد عقلك "

اطلق آدم ضحكات عالية وهو يصفق بيديه لا يصدق سبب نفورها منه وغضبها منها، كل هذا لأنها علمت أنه شاهد الراقصات، ماذا لو علمت أنه كان يراهم أمامه مباشرة وليس عبر الهاتف بل وكان يشجعهم ايضًا؟! لكن كل ذلك أثناء مرحلة مراهقته الفاسدة، وكان يفعلها فقط كأي مراهق ينجذب لبعض العادات السيئة، وهو لم يتجاوز تلك النقطة .

أغلقت هايز الهاتف مع ايان مع وعد بالتحدث له مجددًا، ثم رمقت آدم بحدة وهي تصرخ في وجهه :

" هل ترى الأمر مضحكًا؟! كيف سمحت لنفسك برؤية هكذا أمور ؟! ألا تخجل من نفسك ؟!"

صمت آدم قليلًا وهو يقول :

" لا، لا اخجل من نفسي، أنا أحب تلك الأمور ما الداعي للخجل "

فتحت هايز فمها بصدمة وهي تصرخ بعدم تصديق :

" أنت... أنت...لقد صدمتني حقًا بك آدم، من أين لك بكل ذلك الانحراف وأنت الهادئ المحترم ؟!"

صمت آدم قليلًا وهو ينظر الأرض، ثم هز كتفه وهو يقول ببساطة :

" حسنًا الأمر بدأ بعمر السادسة عشر عندما كنت ادرس في إحدى الدول العربية وصادقت شباب من تلك الدولة، ثم تعرفت على ثقافتهم، وهذه واحدة من ضمن الثقافات هناك "

صرخت هايز بجنون وهي تهز خصرها تزامنًا مع هز كتفها كما رأت روبين تفعل :

" ثقافة ؟! تسمي هذا ثقافة ؟! من تخدع يا رجل ؟!"

لكن آدم لم يكن ينتبه لما تقول، بل كان يميل برأسه قليلًا وهو ينظر لخصرها ببسمة خبيثة وهو يقول :

" عفواً لم اسمعك، أعيدي حديثك مجددًا "

كادت هايز تكرر ما قالته بكل بلاهة، قبل أن تنتبه لنظراته نحو خصرها، لتصرخ بغضب :

" أنت أيها الوقح ماذا تفعل ؟!"

" استمع لكِ "

قالها آدم بكل براءة جعلت هايز تصرخ بحنق وهي تتحرك من أمامه :

" اقسم أنني خُدعت بك آدم "

ضحك آدم وهو يلحق بها قائلًا بجدية :

" ماذا لم تعيدي حديثك يا امرأة توقفي هنا، حسنًا لا تغضبي أنا لن اشاهد تلك الأمور مجددًا، أنا في الأساس لم اشاهدها منذ كنت مراهقًا اقسم لكِ "

توقفت هايز في سيرها وهي تستدير له نصف استدارة تتبين صدقه :

" حقًا آدم ؟!"

اقترب منها آدم وهو يقول ببسمة :

" حقًا حبيبتي، اقسم أنني لم اشاهد تلك الرقصات منذ كنت مراهقًا"

صمت قليلًا قبل أن يُحرّك نظره ببطء صوب خصرها غامزًا :

" لا بأس حقًا أنا سأصبح محترمًا وانتظر أن تفعلي أنتِ بعد الزفاف، و أرى أنكِ بدأتِ التعلم بالفعل "

فتحت هايز عينها بصدمة وهي تدفع للخلف صارخة :

" في احلامك يا قذر "

راقبها آدم تبتعد قبل أن يقول بحنق :

" لماذا في احلامي ؟! هل لأنها رقصات جيدة تقولين في احلامي، وعندما تتعلمين حركات القرود تأتين راكضة لي لاراها ؟! أي عدل هذا ؟!" 

_________________________________________

شعرت جولي بأن صاعقة ضربت رأسها وهي تستمع لتلك الكلمة التي صدرت للتو من ذلك الغريب شقيق كارين، كانت عينها مفتوحة بشكل مخيف وتلك الكلمة تترد في رأسها بقوة ( شقيقتنا ...) شعرت جولي برجفة تمر في جسدها بأكملة وهي تتحرك للخلف تهز رأسها رافضة الأمر، لا هي يتيمة وحيدة هكذا اخبروها مرارًا وتكرارًا .

كان لوكَس يراقب ردة فعلها بوجع، بينما كارين جواره تهمس بتعجب وعدم فهم :

" شقيقتنا ؟! لكن...لكن نحن ليس لدينا اشقاء لوكَس "

سقطت دموع لوكَس وهو يهز رأسه نافيًا حديث أخته :

" لا، بل لدينا، جوليانا، الابنة الثانية لوالدىّ "

" أنت كاذب "

وكانت تلك الهمسة خارجة من فم جولي التي رفعت وجهها وصرخت في وجهه :

" أنت كاذب ومخادع، أنا لا عائلة لي، أنا يتيمة وحيدة، هكذا اخبروني وهكذا كنت وهكذا سأكون، ارحل من هنا "

تحرك مارتن بسرعة صوب جولي يجذبها لاحضانه بقوة حينما رأى ارتجاف جسدها، يهمس لها أن تهدأ بينما جولي بمجرد أن شعرت بأحضان مارتن حتى انفجرت في البكاء وهي تقول :

" أنا ليس لدي عائلة مارتن، أنا وحيدة يتيمة، ليس لدي عائلة "

" بلى جولي ما يقوله لوكَس صحيح، أنتِ الابنة الثانية لعائلته "

وكان ذلك الصوت الرخيم صادرًا من أحد الجوانب في البهو، حيث يجلس اليخاندرو وهو ينظر للجميع بهدوء، ثم نهض يتحرك ببطء صوب الجميع يقول :

" لوكَس هو شقيقك الأكبر وكارين هي الشقيقة الصغرى لكِ، وأنتِ هي الابنة الوسطى (لستيفانو بورجيا)، والابنة الضائعة للعائلة منذ سنوات طويلة "

كانت جولي تشعر بأنها في حلم، حلم غريب عليها، نظرت حولها لتلك الأوجه بتشوش تشعر أن المكان يدور بها، هي لا تتذكر شيئًا، لا تتذكر أي شيء عن طفولتها، سوى تلك الذكرى المشوشة لها وهي تقف في مكان واسع وحدها تبكي منادية والدها والجميع يركض من حولها وهي تبكي برعب تنادي والدها .

كان لوكَس يراقب صدمة شقيقته بوجع، اقترب منها قليلًا وهو يقول بتألم :

" جوليانا "

رفعت جولي نظرها له وهي تبكي بشكل قطع نياط قلب لوكَس وهي تقول بصوت خافت موجوع :

" أنا لا اتذكر شيئًا، لا أتذكر شيئًا "

لم يتحمل لوكَس نظراتها ولا صوتها الموجوع، ليندفع لها بقوة يجذبها لاحضانه يضمها بقوة كبيرة وهو يهمس لها بحنان كبير :

" لا بأس صغيرتي، لا بأس حبيبتي، أنا هنا معكِ دائمًا"

بكت جولي وهي تقول بصوت ضائع :

" أنا لا أعرف شيئًا، أشعر أنني ضائعة "

كان مارتن يراقبها بوجع كبير يود لو يختطفها من بين احضان شقيقها ويضمها لاحضانه هو، يربت عليها بحنان، لكنه ليس بتلك الأنانية ليحرمها احضان شقيقها بعد كل تلك السنوات من البُعد بينهما؛ لذلك اكتفي بالمشاهدة وهو متحفز لأي شيء يستدعي تدخله .

بكت جولي بصوت مرتفع وهي تقول بوجع :

" لا أتذكر احدًا، أنا لا اتذكر أمي أو ابي، لا اتذكرك ايضًا، أنا أشعر أن رأسي فارغة "

ضمها لوكَس بقوة وهو يقول من بين دموعه :

" لا بأس حبيبتي يكفي أنكِ الآن بين أحضاني، يكفي وجودك جانبنا الآن حبيبتي "

همست جولي بصوت منخفض وهي تنظر لوجهه :

" أنت لا تخدعني صحيح ؟! "

" لا حبيبتي اقسم أنني لا أخدعك، أنا اخوكِ وكارين أيضًا شقيقتك، وأنتِ حبيبتي أحد أفراد عائلتنا

تعليقات



×