رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس والعشرون 26 بقلم رحمة نبيل



رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل السادس والعشرون بقلم رحمة نبيل 


توقفت سيارة الأجرة أمام المنزل الذي استأجره اليخاندرو، هبط لوكس من السيارة وهو يحضر حقيبته، ثم نزع نظارته الشمسية وتحرك بكل هدوء صوب الباب يتخطى الحديقة الخارجية، وها هو يقف أمام الباب الداخلي للمنزل، ابتسم بسمة صغيرة، ثم رفع يده ودق الباب .

دقائق صغيرة مرت قبل أن يجد سيدة كبيرة في العمر تنظر له من أعلى لاسفل وهي تقول بالإنجليزية؛ حتى تضمن أن يفهمها ذلك الشاب أمامها ظنًا أنه من أصحاب تلك البلد :

" نعم، كيف اساعدك ؟!"

ابتسم لوكس بسمة جانبية وهو يجيبها بايطالية منقمة :

" اريد السيد اليخاندرو رجاءً"

رفعت السيدة حاجبها وهي تنظر له مجددًا، تدرك الآن أنه ايطالي، لكنها رغم ذلك لم تحيد من أمام الباب وهي تقول بريبة :

" لماذا ؟!" 

" أخبريه أن صديقًا عزيزًا في انتظاره "

ضحكت سيلين بسخرية وهي تقول :

" حقًا ؟! هل تمزح معي يا فتى ؟! أنت صديق اليخاندرو ؟؟"

هز لوكس رأسه بكل بساطة وهو يقول :

" نعم صديقه، قضينا يومين سويًا واصبحنا فيهما اصدقاء "

في ذلك الوقت سمع لوكس صوتًا من الخلف يقول بشك :

" من على الباب سيلين ؟!"

نظرت سيلين خلفها وهي تقول بحنق :

" لا اعلم من ذلك الشاب، يقول أنه رفيق جدك "

تحرك مارسيلو صوب الباب وهو يزيح سيلين جانبًا، ثم نظر لذلك الشاب الذي كانت ملامحه غريبة على عينه وهو ينظر له بدقة ثم قال :

" من أنت ؟!"

ابتسم لوكس وهو يقول بسخرية :

" هل سأقضي يومي في التعريف عن نفسي ؟! ما رأيك أن تجمع العائلة بأكملها حتى اعرف عن نفسي مرة واحدة للجميع دون الحاجة لتكرار الأمر ؟؟"

اجابه مارسيلو بنفس السخرية :

" يا ليت يا عزيزي، لكن لا أحد هنا عد لاحقًا وعندها سنتعرف بك "

وبمجرد انتهاء من كلمته، صفع الباب في وجه لوكس الذي أغمض عينه بقوة، يحاول أن يذّكر نفسه بسبب وجوده هنا، هو هنا لا لصنع عداوة، بل لأخذ صغيرته والرحيل بسلام؛ لذلك رفع يده مجددًا وطرق الباب بإصرار وشكل مزعج جعل سيلين تفتح الباب وهي تصرخ :

" ما بك يا فتى، لا تدعني اصب جام غضبي عليك و..."

ولم يمنحها لوكس الفرصة لتكملة حديثها وهو يدفعها بخفة جانبًا ثم اقتحم المنزل يتحدث بصوت عالٍ :

" أنا لن ارحل من هنا دون ما أتيت لاجله، وإن تطلب الأمر سوف التصق بكم لبقية حياتي "

اعتدل مارسيلو في نومته على الأريكة وهو ينفخ بغيظ صارخًا :

" أنت، اقسم أن اقتلك "

ابتسم له لوكس وهو يقول بشر وصوته يعلو أكثر وأكثر :

" احضر جدك يا فتى فلن ارحل من هنا دون ما أريده "

" ما هذا الصوت ؟! "

وكانت تلك الجملة خارجة من فم اليخاندرو الذي كان يتحدث في الهاتف مع انطونيو يطمأن عليهم، استدار لوكس بحدة لاليخاندرو الذي أغلق المكالمة مع انطونيو وهو يرى بعينه ذلك الحقير الذي ظن بكل غباء أنه اختطفه ذات يوم :

" مرحبًا مجددًا لوكس "

ودون مقدمات تحدث لوكس بشر :

" أين هي اختي اليخاندرو ؟؟" 

____________________________

" ما الذي حدث في الخارج ؟!"

وكان ذلك صوت جولي المرتعب بعدما وصل لمسامع الجميع صوت صرخات قريبة مترافقة مع صوت إطلاق رصاص، ارتعشت كارين وهي تخفض رأسها بقوة تدفنها في قدمها وهي تنادي اخيها برعب :

" لوكس...النجدة "

نظرت لها جولي بشفقة كبيرة وهي تشعر بالوجع عليها، هي صغيرة لترى وتسمع كل هذا؛ لذلك اقتربت منها وهي تجذب جسدها لاحضانها تربت عليها بحنان :

" اششش اهدئي جميلتي، سوف نخرج من هنا أنا اعدك "

بكت كارين بقوة وهي تدفن نفسها بين احضان جولي تقول برعب :

" أريد العودة لأخي، أنا أريد اخي "

ضمتها جولي أكثر وهي تربت عليها، ثم نظرت لروما التي كانت تحرك نظراتها على الجميع تباعًا قبل أن تقول بجدية :

" ابقوا هنا، أنا سأخرج لارى ما حدث "

لكن وقبل أن تتحرك أمسكت بها روز برعب وهي تهز رأسها بقوة :

" لا، لا تفعلي ارجوكِ قد يؤذيكِ أحدهم "

نظرت روما للجميع وهي تشعر بالعجز وتلعن نفسها لعدم إحضارها سلاح كما أضحت تفعل في الآونة الأخيرة، لكن من أين لها بمعرفة أن كل هذا سيحدث ؟! 

فجأة انتفضت روما وهي تستمع صوت شهقات رفقة الخافتة تقول برعب :

" روبين "

نظر الجميع صوب روبين التي كانت تضع يدها على صدرها بعنف بعدما شعرت فجأة بالرعب يتسلل لها بسبب تلك الصرخات في الخارج وكأنها اكتشفت فجأة أن الأمر خطر بالفعل وليس ككل مرة ستنجو بسهولة، كانت تتنفس بقوة وكأنها تحارب مرضها للفوز بشهيق، لكن وكأن تلك الأنفاس تحولت لخناجر تقطع رئتها بقوة، سقطت دموعها وهي تقول بأنفاس منقطعة ودموعها تهبط من الالم :

" أشعر بالـ...وجع ...لا استطيع "

توقف عن الحديث وهي تشعر برفقة تقترب منها تقول بخوف :

" البخاخة فين ياروبين ؟! بخاختك فين أنتِ مش بتخرجي من غيرها "

كانت تتحدث برعب وهيسترية وروبين لم تكن تعي ما يحدث حولها فقد بدأت تفقد وعيها شيئًا فشيء، بكت هايز برعب وهي تقترب منها، مبعدة رفقة عنها، تفتح لروبين ازرار بلوزتها النسائية، ثم أخذت تفرك لها صدرها وهي تقول بجدية :

" ابتعدوا قليلًا اعطوها بعض الهواء "

وبسرعة ابتعد الجميع في ركن المكان والكل مرتعب مما يحدث، بينما روبين عينها تتحرك في المكان وكأن روحها تنازع للبقاء في جسدها، وهايز تتحدث بكل جدية وخوف :

" هيا روبين خذي نفس عميق، حبيبتي تنفسي ببطء شديد، لا تكافحي ولا تتنفسي بقوة، هيا خذي نفس  "

لكن روبين لم تكن تستمع لها بكل كانت فقط تشعر بالاضواء تزعج عينها وصدرها يتحرك بسرعة كبيرة، واصوات تخترق مسامعها .

تحركت روما وهي تستغل أن الجميع منتبه لروبين، تخرج من ذلك المخبأ بعدما توقفت اصوات الصرخات في الخارج، تبتلع ريقها بخوف، تعلم أن تلك الخطوة غبية وقد تكلفها حياتها، لكن عليها أن تجد مخرج لهم قبل أن تضيع روبين من بينهن ...

_________________________________

كان جاكيري يتحرك بالسيارة بشكل جنوني كاد يفتعل بها العديد من الحوادث خاصة مع وجود ازدحام في بعض المناطق، وكان جواره فبريانو يشعر بنيران تشتعل في صدره، ومارتن في الخلف يحاول التواصل مع جولي والرعب يملء صدره .

صرخ فبريانو بجنون :

" اسرع جاكيري ما بك ؟!"

صرخ مارتن بدوره في وجه فبريانو :

" يسرع ماذا ؟! هل جننت سوف يقتلنا "

لكن نظرة من فبريانو جعلته يصمت وهو متأكد أن أخاه ليس في موقف يناسب الحديث الآن، وكأن جاكيري كان بحاجة لحديث فبريانو حتى يسرع، فهو من الاساس كان يزيد من سرعته بشكل جنوني لدرجة أن السيارة كانت ترتفع عن الأرض اسفلهم في بعض الأوقات غير عابئًا بالردارات التي كانت تلتقط السرعات العالية المخالفة .

وخلفهم كان انطونيو يحاول مجاراة قيادة جاكيري، ورغم أنه بالطبع لم يستطع إلا أنه لم يقد بطبيعته الهادئة، وفي داخله يتوعد للجميع بالويل إن أصاب زوجته خدش صغير .

وجواره يجلس جايك وهو يحمل هاتفه يحاول التواصل مع روز :

" ليتني لم ادعها تذهب معهم "

نظر له انطونيو بشر وهو يزجره بعينه أن يصمت، لكن جايك ولأول مرة لم يعبأ بنظراته يضرب السيارة بجنون صارخًا :

" لا تنظر لي بهذا الشكل، أنا الآن لست في مزاج يسمح لي باحترامك انطونيو"

ابتسم انطونيو بصدمة وهو يزيد من سرعته يتوعد لذلك الاحمق جواره أيضًا .

وفي السيارة الأخيرة كان آدم يتحدث بعنف :

" ما بك ماركوس هل تقود على قشر بيض، تحرك اسرع نكاد نفقد أثر الجميع ولن نصل لذلك المكان الذي نجهله في الأساس "

نظر له ماركوس بغيظ وهو يصرخ :

" ما بك هذه أقصى سرعة للسيارة، توقف فقط عن الصراخ في وجهي فأنا حقًا لا طاقة لي بالقتال معك والصراخ الآن حسنًا ؟!"

عض آدم شفتيه بغيظ وهو ينظر أمامه، ثم انحنى يجهز سلاحه .

دقائق فقط وعلقت جميع السيارات في زحمة سير خانقة، جعلت جنون فبريانو يرتفع لأقصى الدرجات وهو يفتح باب السيارة، ثم حمل سلاحه وهو يركض بين السيارات متجاهلًا نداء جاكيري أو مارتن، وفي رأسه رعب كبير على روبين، رعب يزداد أضعاف كلما تذكر أنها قد تخاف وتختنق بحالتها..

نظر انطونيو من سيارته لفبريانو الذي كان يركض بين السيارات بسرعة مخيفة، خاصة أنهم ووفقًا للعنوان الذي أرسله له جاكيري قد اقتربوا .

ضرب ماركوس المقود بغضب شديد وهو يسب كل شيء تسبب في حدوث ذلك، نفخ بضيق يلاحظ أن السيارات قد بدأت بالتحرك لكن ببطء بعض الشيء .

وبمجرد أن تحركت السيارات حتى انطلق جاكيري بسرعة مخيفة بين السيارات وبشكل كاد يتسبب في مئات الحوادث، يسير بشكل مخالف للقانون، في عكس الاتجاه المخصص له .

ابتسم انطونيو وهو يرى أخيه يقود بهذا الشكل، لذلك ودون تفكير كان يستدير بسيارته يسير بها خلف خاصة جاكيري، ومن خلفه سيارة ماركوس التي انتهجت طريقة الاثنين .

كان فبريانو يركض بقوة وبسرعة مخيفة وسلاحيه يستقران بكل راحة في ثيابه،  توقف قليلًا حتى يتنفس و ابصر من بعيد المركز التجاري، ابتسم بسمة مخيفة وهو يعتدل في وقفته مجددًا، ثم اسرع صوب المركز بسرعة كبيرة يخرج سلاحيه .

توقف فبريانو أمام المركز والذي كان محاط بالعديد من قوات الشرطة، ودون تفكير كان يدور حول المركز كله بحثًا عن أي مدخل آخر غير الذي كان ينحشد أمامه الجميع .

في نفس الوقت الذي وصلت فيه باقي السيارات، وصلت الجميع رسالة من فبريانو يخبرهم فيها بأمر الباب الجانبي خلف المركز التجاري.

خبط الجميع وتحركوا بكل هدوء وخفة صوب المكان الذي أرسله لهم فبريانو، وبمجرد الوصول ابصر الجميع فبريانو وهو يضرب الباب الصغير بقدمه والذي يبدو أنه أحد أبواب المخازن الجانبية للمركز التجاري، تحرك انطونيو صوبه وهو يعود للخلف ثم اندفع بقوة بقدمه مع فبريانو حتى تحطم الباب لقطع، ابتسم الجميع بخبث، قبل أن يتحركوا بكل بساطة صوب الداخل واحدًا تلو الآخر، وانطونيو يقول بشر :

" هذه المرة لا قواعد ولا تعليمات اعزائي، ليستمتع الجميع بطريقته الخاصة"

صمت قليلًا قبل أن يضيف بتحذير :

"  لكن احذروا أن ينتبه أحد نحن لسنا في ارضنا، وأنت مارتن، لا اريد ترك أثر خلفنا، قبل الرحيل احذف جميع التسجيلات"

_____________________________

كانت لورا مازالت تضع يدها على وجهها بصدمة، وقلبها يخفق بسرعة مخيفة، لا تصدق ماحدث منذ ثواني، تنظر في وجه مايك الغاضب بعدم فهم وكأن عقلها انتُزع منها للتو، دموعها تهبط ببطء بعدما ظنت منذ ثواني أنها استطاعت التغلب على بكائها، وقبل حتى أن تستوعب ما حدث وجدت يد مايك تنتشلها بعنف من تلك اللحظات وهو يهزها بعنف وغضب :

" هل جننتِ ؟! تتحدثين عن محاولة انتحارك بتلك البساطة لورا ؟! ما بكِ هل جننتِ، استفيقي بحق الله "

سقطت دموع لورا ببطء وهي تقول بكل بساطة دون أن تخرج منها شهقات فعلية :

" نعم "

ولم تزد كلمة أخرى على كلمتها تلك مما جعل مايك يرمقها بتعجب، يتساءل عن مقصد تلك الكلمة لتوضح له لورا وهي تهز كتفها بكل بساطة وبسمة صغيرة مرتجفة :

" نعم أنا مجنونة مايك، أو مدللة، أو غبية، أو يمكنك القول أنني ضعيفة، أنا كل هذا "

صمتت قليلًا ثم قالت وهي لا تهتم بدموعها التي تهبط بقوة وهي تجلس على المقعد في سيارتها والتي كان الباب الخاص بها مفتوح :

" أنا مجنونة مايك، اتعالج لدى طبيب نفسي منذ سنوات وحتى هذه اللحظة لم استطع علاج جنوني "

سقطت دموعها أكثر، ثم أشارت لجروح يدها وهي تقول :

" لا تظن أنني سعيدة بكل تلك الجروح"

صمتت ثم صرخت بصوت مرتفع :

"  أنا لست سعيدة بما أعيشه، لست سعيدة بمحاولتي للانتحار مرات ومرات، أنا لست سعيدة مايك"

انتهت من حديثها وهي تنهار في البكاء شيئًا فشيء تصرخ من بين شهقاتها بوجع :

" أنا مجنونة ومدللة، أنا مجنونة "

بكت بقوة ومايك مازال يقف جوارها لا يصدق ما يسمعه منها، هي تعاني كل ذلك، وهو الغبي من ظن أنها فقط تفتقد ثقة بنفسها، أنها تبكي فقط كأي فتاة، لكن يبدو أنه لم يبصر عمق الجرح الذي تعانيه هي بصمت، ارتفع شهيق لورا أكثر وصوتها يصفعه بقوة، تقول بوجع وكأنها تحاول أن تخبره أنها ليست سيئة :

" مايك أنا لست سيئة، اقسم لك أنني لست سيئة"

صمتت ثم قالت بلهفة وهي تنهض تمسك بوجهه تجبره على النظر لها بعدما كان يتنفس بقوة وبوجع :

" انظر ألىّ مايك انظر إلىّ، اقسم لك أنني لست سيئة، أنا فقط حمقاء ضعيفة، أنا لم أكن أريد الانتحار، أنا فقط ...فقط أردت الشعور بتلك الراحة التي كان الجميع يتحدث عنها "

صمتت وهي تتنفس بقوة ودموعها تهبط بعنف وصوت بكائها يعلو أكثر وأكثر وهي تجذب وجه مايك لها وكأنها دخلت في حالة هيستيرية :

" لقد اخبروني أنني هكذا سأشعر بالراحة، تلك المجموعة التي انضممت إليها عبر الانترنت، كانوا يتحدثون أنني بهذه الطريقة سأنال الراحة التي كنت أفتش عنها، لكنني لم احصل عليها مايك، لم احصل عليها، كل ما شعرت به عندما لمس المشرط ذراعي هو الوجع، الوجع والخوف، كنت خائفة مايك، كنت خائفة وأنا أشعر بالألم ينتشر من ذراعي لباقي اجزاء جسدي، وبعدها شعرت بالهلع وانا اراقب دمائي تسيل أمام عيني "

صمتت ثم قالت ببكاء عنيف :

" لم اشعر بتلك الراحة مايك، لقد كنت خائفة أن أموت بهذه الطريقة، أن أموت وانا احمل في اعناقي هكذا خطيئة، لقد كنت خائفة وأنا أحاول فتح فمي احاول الصراخ، ارتعبت أن اموت، لم أشعر أبدًا بالراحة، شعور أن روحك تنازع، شعور أنك تراقب موتك يقترب منك ببطء، شعور الترقب المؤلم، كل ذلك كان مرعبًا أكثر من فكرة الموت نفسها "

كانت تتحدث وهي تجذب وجه مايك لينظر لها وتبكي بقوة، محاولة جعله يرى مدى معاناتها لا تريده أن يظنها مجرد بائسة غبية، لكن ما لم تعلمه لورا أن مايك كان يبعد وجهه عنها، يكتم دموعه بصعوبة، يخشى أن يستدير وينظر لها فينهار أسفل قدميها باكيًا، يتخيل حالتها تسيل في دمائها ونظرات الرعب تملء عينها .

تهدلت يد لورا، ثم سقطت لورا شيئًا فشيء لتعود إلى جلستها على مقعد السيارة تخرج قدمها من السيارة وهي تبكي بقوة وتقول من بين دموعها :

" لم اقصد اقسم أنني لم اقصد، وجميع محاولاتي الغبية، كانت مجرد يأس من حياتي ومحاولة أخرى للبحث عن تلك الراحة، لكنني لم اجدها مايك "

أنهت لورا حديثها وهي تنهار باكية، ومايك يعطيها ظهره وهو يحاول التماسك، لكن انفجارها الاخير جعله يستدير له وهو يتحرك ببطء، ثم جلس على ركبتيه يمسك كفيها وهو ينظر لها ثواني يقول بصوت خافت :

" لورا أنا ...."

ولم يتمكن من كبت شهقاته منفجرًا في البكاء يستند برأسه على يدها يبكي لأول مرة منذ زمن طويل، يقول بصوت خرج متوجعًا :

" ارجوكِ لورا، أنا ارجوكِ، لا تفعلي ذلك مجددًا، اقسم أنني لن اتركك ثانية واحدة، لن تصبحي وحدك مجددًا، اقسم أنني سأترك عملي وكل شيء وسأبقى هنا جوارك، سأتخلى عن كل شيء لاجلك، فلا تتخلي عني لورا "

بكل أكثر وهو ينظر لعينها مترجيًا :

" ارجوكِ لورا لا تفعلي، اقسم أنني لن اترككِ مجددًا، لكن فقط ابقي معي"

_____________________________

رفع اليخاندرو حاجبه وهو يراقب ذلك الشاب مجددًا أمامه والذي يأتي ويتبجح أمامه بكل وقاحة مطالبًا بشقيقته التي كان يهملها تاركًا إياها تتحرك حيث شاءت بلا رقيب ...

" عفواً أي أخت تلك ؟! لا أعتقد أن هناك من يخصك هنا "

حرك لوكس عينه في المكان بملل شديد، ثم عاد لوجه اليخاندرو يقول بصوت خرج منه هادئًا في ظاهره :

" سيد اليخاندرو أنا لم آت هنا لافتعال مشاكل؛ لذلك أنا أحدثك بكل هدوء مطالبًا باختي التي اخذها احفادك من القصر الخاص بي بعدما هجموا عليه "

تحرك اليخاندرو بكل برود صوب الأريكة المجاورة لتلك التي عاد مارسيلو للنوم عليها غير مهتمًا بما يحدث حوله :

" ماذا هل كانت تلك الصغيرة هناك اختك ؟! لقد ظنها احفادي إحدى الرهائن التي كنت تحتفظ بهم في قصرك و ...."

فتح لوكس عينه بشر وهو يقول بنبرة مخيفة :

" و ماذا أيها العجوز ؟! لا تحاول خداعي أنا أعلم أن اختي هنا في مصر؛ لذا توقف عما تفعل وأخبرني الآن أين هي اختي ؟!"

ولم يكد يختم جملته حتى شعر بشيء صلب يصطدم بخصره بعنف وصوت ذلك الشاب يردد بشر :

" تحدث مع جدي باحترام قبل أن انهض واريك كيف تُحدث رجلًا بعمر جدك"

ألقى لوكس حقيبته ارضًا وهو ينظر لمارسيلو بشر، ثم صرخ وهو يفتح ذراعيه في المنزل قائلًا بشر :

" هيا سيد اليخاندرو، اريني ما تملك أنت وأحفادك، فأنا لن اتحرك من هنا دون شقيقتي، ولو على جثتي "

ابتسم اليخاندرو ثم قال بكل بساطة ساخرًا :

" حسنًا لوكس لقد اخفتني أنا استسلم "

صمت ثم قال بكل هدوء :

" شقيقتك بالفعل معي "

" أين هي ؟!"

صمت اليخاندرو وهو يدعي التفكير ثم قال وهو يهز كتفه ببساطة :

" في الحقيقة يمكنك القول أنه بعدما اختطفها احفادي، خُطفت مجددًا من بيننا وهي الآن رهينة في عملية سطو على إحدى المراكز التجارية، ولا ندري إن كانت حية بعد أم لا، لكن لا تقلق أنا لست نذلًا لدرجة أن أدع الفاعلين ينجون بتلك السهولة، أنا ارسلت احفادي ليحضروا شقيقتك، أو بقايا شقيقتك"

فتح لوكس عينه بصدمة من حديث اليخاندرو، يتخيل صغيرته محاصرة في عملية سطو من عصابات خطرة، رفع عينه فجأة لاليخاندرو، ثم قال بجدية :

" ما رأيك بهدنة صغيرة بيننا ؟!" 

ابتسم اليخاندرو وهو يهز كتفه بعدم اهتمام، لكن لوكس لم يصمت وهو يقول بينما صدره يعلو ويهبط بقوة وغضب :

" ويمكنك منحي سلاحًا وتخبرني مكان ذلك المركز التجاري عربون لتلك الهدنة "

_______________________

كان الجميع يتحرك خلف فبريانو والذي كانت أقدامه تسابق الريح، توقف الجميع فجأة في ممر صغير يطل على البهو الرئيسي للمركز التجاري، يبصرون عدد الرهائن الذين كانوا ينحنون ارضًا برعب، و اصوات البكاء تعلو في المكان .

أشار انطونيو للجميع بالهدوء وهو ينظر للمكان حولهم يحاول دراسة الوضع وكذلك ماركوس الذي كان يحرك عينه في المكان ...

في الاعلى :

كانت روما تتحرك في المحل بحثًا عن شيء لتحتمي به قبل الخروج والبحث عن مخرج بعيدًا عن أعين أفراد العصابة، ورغم غباء الفكرة وخطورتها، إلا أنها لا تريد أن تجلس مكتوفة اليدين تراقب ما يحدث للجميع .

وبعد بحث طويل لم تجد روما شيئًا لتدافع به عن نفسها، لكن فجأة لمحت بطرف عينها تلك العصا المعدنية القصيرة بعض الشيء التي يستخدمها أصحاب المحلات لإحضار الاشياء العالية، اتجهت لها روما بسرعة تحملها وهي تخرج من المكان بعدما تدمر الباب وسُحب صاحب المحل ورفيقه للخارج، حاولت روما تجاهل قطرات الدماء التي تزين الأرضية أسفلها وهي تخطو خارج اامحل .

ابتلعت ريقها تنظر يمينًا ويسارًا، ثم خرجت بحرص شديد تسير لنهاية الممر وفي رأسها، تفكر أنه لابد من وجود باب في نهاية هذه الممرات يؤدي لمخرج أو سلم طوارئ حتى، لكن وأثناء تحركها صوب نهاية الممر توقفت فجأة برعب وهي ترى أحد الرجال يعطيها ظهرها وهو يتحدث في الهاتف بكلمات لم تفهم منها شيئًا، وبدلًا من التراجع تقدمت صوبه ببطء شديد وبحذر، ثم ودون إنذار كانت تهبط بالعصا المعدنية فوق رأسه بقوة جعلت الرجل يلقي الهاتف ارضًا وهو يصرخ بصوت مرتفع ودمائه تسيل أمامه .

نظر الرجل لروما وهو يسب بغضب مخيف :

" اه يا بنت الـ ****"

انتهى الرجل من كلماته متحركًا صوب روما بخطوات مهرولة جعلت روما تقف في مكانها بكل قوة، ثم رفعت العصا ودون تردد كانت تضربه على وجهه ضربة اقوى من سابقتها أدت لسقوطه ارضًا وهو يتأوه بقوة، لكن روما لم تهتم وهي تضربه بقدمها، ثم تجاهلته متحركة صوب نهاية الممر ركضًا .

لكن ما لم تحسب له حسابًا هو أن الجميع في الاسفل سمع صرخات ذلك الرجل وقد ركضوا حيث هو، سمعت روما صوت خطوات تقترب من مكانها؛ لذلك ركضت بشكل أسرع وهي تتنفس بعنف، وفجأة شعرت بشخص يجذب شعرها بقوة وصوت يشبه الفحيح يصدح جوار أذنها :

" ده أنا هخلي حياتك سودة يا زبالة، وكل الرجالة اللي تحت دي هتتسلى عليكِ الليلة، عشان تبقي تتشطري تاني "

أغمضت روما عينها بوجع وهي تنظر لوجه ذلك الرجل ثم بصقت في وجهه وهي تقول بشر رغم عدم فهمها لحديثه :

" للجحيم يا قذر "

ابتسم الرجل بسمة بشعة وهو ينظر لروما من أعلى لاسفل بقذارة :

" وأجنبية كمان؟! ده شكل الرجالة دول محظوظين بقى "

اخذت روما تتحرك بين يديه بعنف تحاول الفكاك منه، لكنه اوقف محاولتها تلك بصفعة قوية، ثم سحبها بقوة خلفه صوب البهو الرئيسي ...

وفي الاسفل :

تحدث ماركوس بجدية :

" عدد الرجال هنا في حدود خمسة عشر رجلًا، ثمانية منهم في البهو والباقيين على بدايات الممرات والدرج "

نظر انطونيو للجميع ثم أشار لهم بالتجهز وهو يقول بجدية :

" تمهلوا قليلًا، لننتظر أن..."

وقبل أن يكمل كلمته شعر فجأة بنيران تنشب في جسده بأكمله وهو يستمع لصوت يأتي من الدرج، صوت جعله يستدير ببطء يراقب أحد الرجال يسحب خلفه امرأة...... امرأته هو .

رأى انطونيو نيرانًا تشتعل أمام عينه وهو يشهد ما يفعل ذلك الرجل بزوجته، يسحبها من شعرها بقوة صافعًا إياها، وروما مستمرة بإطلاق سباب مرتفع ...

توقف الرجل في منتصف البهو وهو ينظر لرجل يقف أمام الجميع بسلاحه يقول ببسمة قذرة :

" لقيت ليكم أجنبية انما ايه بتخربش "

تحركت عين الرجل الآخر _والذي يبدو عليه أنه قائدهم_ على روما بشكل جعل انطونيو يميل برأسه وهو يقول :

" لا داعي الانتظار  يا رجال، يمكنكم تقطيعهم اربًا أنا لا اهتم، لكن لا أحد يقترب من ذلك القذر "

كان يتحدث بشر وهو يشير للرجل الذي امسك بروما.

وفي البهو نظر القائد لروما ببسمة وهو يقول بسماجة :

" Welcome to Egypt "

ابتسمت له روما ثم ردت عليه بصوت مخيف وبلغتها الإيطالية  :

" تبًا لك "

احدث القائد وهو ينظر للآخر الذي يمسك روما :

" دي شكلها شتمتني ياض ولا ايه ؟؟"

ابتسم الرجل وهو يجذب شعر روما بشكل جعل صرخاتها تنطلق متوجعة وهو يقول :

" معلش ياباشا أصلها شرسة شويتين زي ما قولتلك "

فجأة توقف الاثنين عن الحديث بسبب سماعهم لصوت صراخ :

" أنت يا حيوان أنت وهو ابعدوا ايديكم عنها "

وكان هذا صوت توفيق الذي نهض من مكانه وهو يركض صوب روما، لكن وقبل أن يتحرك خطوة كان أحدهم يضع السلاح على رأسه وهو يقول بشر :

" مكانك يا خرفان أنت ومتدخلش في حاجة متخصكش "

نظرت روما لتوفيق وهي تقول بخوف عليه :

" لا بأس توفيق، لا تستفزهم حتى لا يؤذيك أحد"

وكاد توفيق يتحدث قبل أن يتوقف الجميع برعب بسبب سماع صوت رصاصة عالية يتبعها صوت مخيف أكثر وهو يقول بشر :

" مرحبًا احبائي نأسف لقطع تلك الحفلة، لكن نحن أيضًا نود الاشتراك بها واللعب معكم "

وكان ذلك الصوت صادرًا من انطونيو وهو يبتسم بشكل مرعب وخلفه باقي أبناء عمه وإخوته، ليضيف انطونيو بصوت مخيف :

" ترجم لهم فبريانو "

ابتسم فبريانو وهو يقول :

" هتتنفخوا ......"

___________________________

كانت تجلس على مكتبها وهي تتنهد براحة تستشعر الهدوء حولها بسبب غياب مديرها المستفز، ماذا سيحدث لو أنه استمر في الغياب عن المكتب ؟! لا شيء هي سترتاح وهو سينام كما يريد .

اعتدلت راسيل على مقعدها وهي تنظم كل شيء لحتى عودة مديرها، والذي تتمنى من قلبها ألا يفعل، لكن وأثناء ذلك سمعت راسيل صوت خطوات تقترب منها، رجعت على المقعد بظهرها وهي تحاول معرفة هوية الشخص القادم في نفس وقت رنين هاتفها الشخصي، أجابت راسيل على الهاتف تزامنًا مع ظهور ذلك الشخص .

تحدثت راسيل في الهاتف وهي تراقب ذلك الضيف :

" مرحبًا سيد مارسيلو "

توقف القادم أمام مكتب راسيل وهو يميل عليه قائلًا ببسمة :

" مرحبًا آنسة راسيل ...."

وعلى الجانب الآخر اعتدل مارسيلو في جلسته وهو يتحرك بعيدًا عن الجميع يتحدث بتعجب :

" من هذا راسيل ؟!"

لكن راسيل لم تكن تستمع له وهي تفتح فمها بصدمة من هوية الزائر الغير متوقع.

كان الرجل أمامها يبتسم لها بسمة صغيرة وهو يقول مشيرًا بعينه للهاتف :

" هل اعطلك عن شيء ما ؟!"

ولم تكد تجيب حتى وصل لمسامعها صوت صراخ مارسيلو وهو يقول :

" من هذا راسيل ؟!"

تحدثت وهي ما تزال تنظر للرجل أمامها :

" هذا سيدي ...يكون ... أنه"

ابتسم الرجل وهو يسحب الهاتف من يدها غامزًا، ثم وضعه على أذنه يقول بهدوء مستفز :

" هذا أنا سيد مارسيلو "

" من أنت يا هذا هل تظن نفسك ممثلًا حتى اعرفك من صوتك ؟!" 

ضحك الرجل وقال بتوضيح :

" أنا جيرمي ابن شقيق الرجل الذي تسببت في سجنه بكل غباء "

ابتسم مارسيلو بسخرية من الجانب الآخر وهو يقول :

" يا رجل أنت تتحدث وكأن عمك هذا كان رجلًا شريفًا وأنا من لفقت تلك التهمة لاجله، أنت تتحدث عن قاتل وتاجر مخدرات؛ لذلك بدلًا من المجئ ولومك لي، عليك أن تشكرني أنت وعمك الغبي الآخر  "

همهم جيرمي وهو يقول ناظرًا لراسيل التي كانت تتابع ما يحدث باهتمام :

" بخصوص عمي الآخر، هو يشكرك على هديتك الأخيرة له قبل الرحيل، ويخبرك أنه قريبًا سيرد لك الهدية "

ابتسم مارسيلو من الجانب الآخر وهو يقول :

" أنتم أهل كرم سيد جيرمي، شكرًا لكم يا عزيزي والآن اعطي الهاتف لزوجتي وارحل قبل أن أعيدك لبلادك جثة عفنة"

ابتسم جيرمي ثم قال مستفزًا مارسيلو :

" ليس الآن فأنا لم آت للرحيل ببساطة، مازلت اريد التحدث مع ...زوجتك العزيزة "

وبهذه الكلمات ختم جيرمي حديثه واغلق الهاتف كليًا تحت نظرات راسيل الحادة التي صرخت في وجهه :

" يا لك من رجلٍ وقح، كيف تتجرأ وتأخذ هاتفي ثم تغلقه هكذا وكأنه ملكك "

تنفس جيرمي بحنق وهو يتحدث لها ملقيًا الهاتف على المكتب الخاص بها يقول بجدية :

" جئت فقط أحذرك، ابتعدي عن ذلك الاحمق حتى لا تتأذي بسببه "

فتحت راسيل عينيها بصدمة من وهي تقول :

" هل تهددني ؟!"

اقترب منها جيرمي وهو يقول بغضب :

" اهددك ماذا أيتها الغبية، أنا فقط أحذرك حتى لا يطالك أذى بسببه "

أصابت صاعقة رأس راسيل وهي تحلل حديثه بسرعة كبيرة تراه يتحرك من أمامها بعدما رماها بنظرة أخيرة غامضة، هل اخبرها للتو بشكل غير مباشر أن عمه سيؤذي مارسيلو ؟! 

يا الله هل هي تعمل بين عصابات ؟! 

______________________________

كانت رفقة تبكي برعب وهي ترى هايز تحاول مساعدة روبين بصعوبة وروبين تشهق بصوت مرتفع كل ثانية وأخرى، سمع الجميع صوت قادم من المحل، لتتجه الأنظار نحو الخارج برعب .

نهضت جولي تاركة كارين، ثم وقفت في بداية الممر وكأنها حائط صد لحماية الجميع خلفها، مرت ثواني فقط قبل أن يبصر الجميع صاحب المحل الذي اقترب منهم وهو يقول بصوت منخفض :

" متقلقوش ده أنا، أنا بس سمعت صوت واحدة بتكلم التانية وتقريبا مش عارفة تتنفس، فجبت ازازة المايه دي لو هتساعد "

ورغم نظرات الجميع المصدومة من نجاته بعد سماع الصرخات وإطلاق النيران في الخارج إلا أن رفقة شكرته بهزة من رأسها وهي ترى هايز ما زالت مشغولة مع روبين .

تحدث الرجل بشفقة وهو يرى حالة روبين :

" أنا كلمت البوليس وهو بلغني أنهم جايين، الكلام ده من نص ساعة تقريبًا"

نظرت له رفقة بسرعة وهي تقول بلهفة :

" هو تليفونك فيه شبكة !! اصل مفيش شبكة هنا خالص "

هز الرجل رأسه ثم أشار للهاتف في الخارج وهو يقول :

" ده التليفون الارضي هو اللي شغال "

ابتسمت رفقة بلهفة كبيرة وهي تنظر للفتيات تقول بجدية :

" الرجل يقول أن هناك هاتف في الخارج يعمل "

انتفضت روز بعدما كادت تفقد وعيها من كثرة البكاء :

" حقًا، هل يمكنني التحدث لجايك ؟!"

هزت رفقة رأسها وهي تراقب روز تركض صوب الخارج تحت نظرات الرجل المصدومة من لهفتها تلك وركض جميع الفتيات خلفها عدا رفقة وهايز تحدث الرجل بتعجب :

" أنا بلغت البوليس، هما هيكلموا مين ؟!"

نظرت له رفقة ثواني ثم قالت :

" كل واحدة هتكلم جوزها "

تحدث الرجل بتفكير :

" هما متجوزين شرطة برضو ؟!"

هزت رفقة رأسها بلا وهي تنتبه لهايز مضيفة :

" لا قتالين قتلة ..."

في الاسفل :

انتبه الجميع لهؤلاء الذين اقتحموا المكان بأسلحة ويبدو من مظهرهم أنهم شرطة أو ما شابه، فالأسلحة وطريقة امساكهم بها تبدو احترافية عكس هؤلاء الحمقى الذين اقتحموا المكان ...

تحدث القائد وهو ينظر لهم ويقول ببسمة ساخرة :

" الله الله الله ؟! إيه كمية الأجانب اللي موجودة دي؟! ده احنا لو كنا اقتحمنا سفارة أجنبية مكناش لقينا كمية الأجانب دول، بس مش مشكلة كله خير لينا، اكيد السفارة بتاعتكم هتدفع كتير فيكم "

ابتسم فبريانو وهو يقول بحزن مصطنع :

" أنظر إلى ما اضطررتنا لفعله، نحن الآن نلعب دور الاخيار، بعدما اعتدنا لعب دور الاشرار "

تحدث جاكيري ببسمة واسعة مخيفة وهو يجهز أسلحته :

" لطالما أردت تجربة الأمر في الحقيقة، لارى كيف يكون شعور الابطال"

نظر لهم الرجل بشر لا يفهم شيئًا من حديثهم وهو يصرخ في رجاله :

" أنتم واقفين تتفرجوا عليهم ؟! اتنيلوا هاتولي العيال دي "

ضحك فبريانو وهو يطلق رصاصة على قدم أحد الرجال قبل أن يتحرك خطوة، ثم قال بسخرية لاذعة :

" خليهم بس يمسكوا السلاح صح الاول بعدين ابقى اتكلم بقلب جامد كده "

نظر جميع المسلحين لأيديهم بتعجب، وماكادوا يرفعون أبصارهم حتى وجدوا السبعة ينقضون فوقهم بشكل مخيف وتبادل الطرفين الضربات، كان مارتن يمسك ذراع رجل وهو يكسرها بعنف وهو يقول بشر :

" هذا سيء احبائي، من السيء أن تقتحموا أماكن ملك الآخرين "

ارتفعت الصرخات حول الجميع وقد بدأ كل الرهائن بالركض برعب كبير بحثًا عن مخرج لهم من المكان، بينما كانت الحرب مشتعلة بين الطرفين .

كان انطونيو يمسك يد الرجل الذي جرّ بها زوجته وصفعتها بها وهو يضغط عليها بقوة جعلت الرجل يطلق صرخات رنّ صداها في المكان .

ابتسم جاكيري يخرج سلاحه يقول لجايك :

" ما رأيك أن تسابقني جايك، لنرى من سيُسقط أكثر؟!" 

ابتسم جايك وهو يهز رأسه ثم قال وهو ينظر لأحد الرجال يصيب يده :

" أتعلم ما الافضل؟! أن تكون هناك موسيقى حماسية، لطالما تمنيت أن اخوض قتال على موسيقى حماسية "

ومن العدم خرج توفيق وهو يتحدث بصوت عالٍ :

" أنا هشغل ليكم اغاني "

تحرك توفيق صوب عربة الايس كريم يتحدث للبائع الذي كان يختبئ خلف سيارته برعب :

" يلا شغل الأغنية اللي كنت برقص عليها من شوية "

نظر له الرجل برعب وهو يشعر أن توفيق مختل :

" اغاني ايه ؟! اغاني ايه في وسط المدعكة دي يا حاج؟!"

" يابني اسمع الكلام خلي الدنيا تحلو كده، أنت بس شغلهم حاجة كده حماس، اقولك شغلهم اغنية مهرجانات "

كان فبريانو يمسك وجه القائد الخاص بذلك الهجوم وهو يضربه ضربات متتالية دون أن يعطيه الفرصة للتنفس حتى .

بينما روما ركضت صوب الرجل الذي كان يلفظ أنفاسه أسفل يد انطونيو وهبطت فوق رأسه بمطفأة الحريق التي احضرتها من على الجدار وهي تصرخ :

" أخبرتك سأريك الجحيم "

نظر انطونيو للرجل الذي سقط ارضًا ثم أخرج سلاحه وضرب رصاصة صوب قدمه وهو يقول :

" احسنتِ حبيبتي"

صمت ثم مدّ يده بمسدسه وهو يقول :

" تريدين ضربه واحدة ؟!"

استلم آدم الرجل من ماركوس وهو يضربه برأسه في عنف شديد، ثم ألقاه صوب ماركوس الذي كان يتحدث بغيظ :

" لا لم آت لأجل فيور، بل أتيت فقط لأنني أشعر بالملل آدم"

ضحك آدم وهو يستلم منه الرجل مجددًا، يلكمه بعنف اكبر :

" نعم نعم، كدت تهبط وتحمل السيارة على كتفك راكضًا بها، فقط لأنك تشعر بالملل، اصدقك "

استلم ماركوس الرجل وهو يضربه بغضب اكبر صارخًا :

" توقف عن هذا آدم "

تحدث الرجل الذي كان يتنفس بعنف بسبب تدمر وجهه بالضربات :

" طب هو شكله عصبك أنا مالي ما تضربه هو "

نظر له ماركوس وهو لا يفهم منه كلمة، ورغم هذا ألقاه ارضًا بغيظ وهو يتحرك صوب آدم ينكزه بإصبعه متحدثًا :

" أنا لا اخاف على فيور، ولقد أتيت هنا فقط لأنني لم أرد البقاء في المنزل وحدي رفقة الكسول مارسيلو "

كاد يجيب آدم عليه قبل أن يفتح عينه بفزع ينظر للدرج خلفه صارخًا :

" يا ويلتي هايز ما الذي حدث لفيور ؟!"

استدار ماركوس بوجه شاحب يصرخ فزعًا :

" فيور ما بها ؟!" 

لكن فجأة استوعب ماحدث وهو يستمع لصوت ضحكات آدم العالية والذي ربت على كتفه من الخلف :

" نعم الآن اصدقك، فيور لا تعني لك شيء، بل تعني لك كل شيء "

كان توفيق يقف أمام عربة المثلجات وهو يرقص بقوة على بعض المهرجانات وجواره جاكيري يحرك جسده مع جايك بعدما نسي الاثنان، سبب وجودهما في ذلك المكان .

حرك انطونيو نظره في المكان وهو يقول بفم مزموم :

" هكذا فقط ؟! هؤلاء الحمقى هم من جاءوا للسطو على المكان ؟! "

ضحكت روما وهي تقول :

" اقسم أنني كدت أصاب بالــ "

صمتت فجأة وهي تنظر بسرعة لفبريانو صارخة برعب وقد تذكرت فجأة ما حدث :

" يا ويلتي لقد نسيت "

نادت روما بصوت عالٍ على فبريانو الذي كان يجلس ارضًا جوار قائد العصابة يحدثه بكل هدوء ورفق :

" فالافضل بقى أنك تبطل تعمل الحاجات دي طالما أنت واللي معاك مش قدها، اصل بص خلينا صريحين، انتم شوية حمير في بعض ماسكين المسدسات غلط اساسا، فالمفروض لو هتعملوا حاجة كبيرة كده تدربوا كويس وبعدين اعملوها، خلي بالك أنا مش عايز منك حاجة دي بس نصيحة مني "

انتهى فبريانو حديثه وهو ينظر للرجل جواره والذي كان قد فقد تواصله مع العالم حوله بسبب كثرة الضربات العنيفة التي تلقاها منذ قليل ..

لوى فبريانو شفتيه بحنق وهو يقول :

" أنت سمعت اللي قولته ولا ايه ؟!" 

وكاد يتبع جملته بأخرى لولا سماعه لصراخ روما جواره :

" فبريانو انقذ روبين في الاعلى، لقد تعرضت لنوبة ريو "

توقفت يد فبريانو في الهواء برعب بعدما كاد يصفع الرجل مجددًا،  وقد حدث ما توقعه، نهض فبريانو من مكانه بقوة وهو يضرب الرجل بقدمه،  وبعدها تحرك بسرعة صوب الاعلى لا يعلم أين يذهب، وصل الطابق الثاني وهو يصرخ بصوت مرتفع :

" روبيـــــــن....روبين أنتِ فين ؟! روبين  "

كان يتلفت حول نفسه بقوة وهو يبحث عن أي دليل يوصله لها، كاد يسير في أحد الاتجاهات لكنه سمع فجأة صوت صراخ يصل له من الاتجاه المعاكس وهو يناديه :

" فبريانو ....فبريانو احنا هنا "

استدار فبريانو بسرعة، ثم هرول برعب صوب اتجاه الصوت والذي كان يخص رفقة، كان الصوت يأتي من أحد المحلات، اقتحم فبريانو المحل بعنف كبير ليتوقف قلبه برعب من رؤية بعض الدماء على الأرضية اسفله، وفكرة واحدة تراوده الآن، سيحرق المكان فوق رؤوس من فيه حتى ابناء عمومته واخوته، إن كانت قطرة من تلك القطرات تعود لروبين .

تحرك فبريانو للداخل وهو يخرج سلاحه يستعد لأي مفاجأة، لكن فجأة تهدلت كتفه وازدادت وتيرة قلبه وهو يبصر جسد روبين الذي كان فاقدًا لكل معاني الحياة متسطحة ارضًا بهذا الشكل، خرج تأوه من فم فبريانو وهو يترك سلاحه يسقط دون شعور راكضًا صوب روبين صارخًا برعب :

" روبيـــــــــــــن "

ابتعدت هايز عن روبين وهي تقول بدموع :

" حاولت أن اجعلها تقاوم لأطول وقت، واقلل من تدهور حالتها، لا تقلق هي افضل فقط تحتاج للبخاخ، النوبة لم تكن حادة بشكل خطر، لقد تخطت الأمر و... "

دفعها فبريانو دون شعور وهو يصرخ في الجميع جاذبًا روبين لاحضانه بقوة ورعب وهو يهدهدها :

" ابتعدوا عنها، تبًا لكم جميعًا "

فزع الجميع من حالة فبريانو وهو يصرخ بهم، لكن الجميع يقدر حالته، بكت رفقة وهي تقول تحاول أن تخرجه من صدمته، تقول بصوت مرتجف :

" فبريانو أين هو بخاخها؟! روبين أخبرتني أنك تحتفظ بواحد معك دائمًا، فبريانو أخبرني أين هو ؟!" 

نظر لها فبريانو بانتظار زائغة قبل أن يقول بتشوش يحاول التركيز وإبعاد تفكيره عن وجود روبين فاقد الحياة بين احضانه:

" البخاخ في حقيبتي، أنا أحضرت واحدًا في حقيبة الأسلحة خاصتي "

وقبل أن تسأل رفقة السؤال التالي كان فبريانو ينهض منتفضًا برعب يستوعب فجأة الأمر يحمل بين يديه روبين، ثم تحرك بها للخارج راكضًا بجنون وعينه معلقة بها يهمس من بين انفاسه:

" لا تقلقي حبيبتي، احضرت بخاخك، احضرته معي "

هبط فبريانو للطابق الارضي وهو يحمل روبين راكضًا بها صوب الباب الذي دخل منه وهو يضم برعب، بينما روما صدمت مما رأت لتنهار باكية بين أحضان انطونيو :

" يا ويلتي لقد ...لقد ...كل هذا بسببي، لو أنني لم أتأخر لأخبار فبريانو "

ضمها انطونيو وهو يشير للجميع بعينه أن يتحركوا للخارج :

" لا بأس حبيبتي كل شيء سيكون بخير "

هبطت جميع الفتيات للطابق الارضي ليركض مارتن من فوره لجولي بمجرد أن لمح طيفها، وجولي لم تمنح نفسها حتى فرصة استيعاب وجوده وهي تبكي ملقية نفسها بين أحضانه، وتلك اللحظات القاتلة تكاد تشق قلبها نصفين .

تحركت رفقة صوب جاكيري الذي توقف عن الرقص والضحك بمجرد رؤيته لفبريانو يركض بذلك الشكل الجنوني، تحرك صوب رفقة بسرعة وهو ينادي عليها بخوف :

" رفكة "

نظرت رفقة لجاكيري وهي تنفجر في البكاء تلقي بنفسها بين احضانه تشكوه خوفها :

" روبين، روبين كادت تلفظ أنفاسها في الاعلى "

كانت هايز تقف عند نهاية الدرج وهي تراقب المكان الذي خرج منه فبريانو برعب تشعر بالخوف عليها، هي حاولت وساعدتها، لكن تصرفات فبريانو ودفعها في الاعلى جعلها تشعر فجأة بالرعب ولا تعلم السبب، شعرت هايز بشخص يجذبها لاحضانه وصوت حنون يهمس في اذنها بلطف :

" انتهى كل شيء هايز، انتهى كل شيء حبيبتي "

رفعت هايز انظارها لادم وهي تهتف من بين شهقاتها التي ارتفعت بمجرد شعورها به جوارها :

" لقد حاولت آدم اقسم أنني حاولت إنقاذها  "

ضمها آدم أكثر مقبلًا رأسها بحنان :

" اعلم حبيبتي أعلم، أنت افضل هايز في هذا العالم "

وكلام آدم لم يزد هايز سوى بكاءً وهي تنفجر أكثر وأكثر، وادم يضمها بحنان :

" لا بأس حبيبتي ابكي "

كانت روز تقف جوار الدرج تبحث بعينها التي كانت مشوشة عن مسكنها، تبحث بين الجميع عن وجهه، حتى لمحته يقف بعيدًا ينظر لها، تحركت روز صوبه بخطوات بطيئة وهي تبكي بهدوء، قبل أن تهرول صوبه بسرعة أكبر ليتلقفها جايك في أحضانه وهو يضمها بقوة هامسًا :

" اشتقتك زهرتي "

بكت روز أكثر وهي تستمع لحديثه :

" كنت اريد التحدث معك للمرة الأخيرة ولم أستطع جايك "

" يا قلب جايك، ها أنا هنا زهرتي، أنا هنا دائمًا وابدًا، لا تقلقي حبيبتي، أنتِ بخير بين أحضاني وسنعود للمنزل ونجلس سويًا في الشرفة لارسمك مرات عديدة "

ابتسمت روز من بين دموعها وهي تهمس له :

" هل انتهى غضبك مني ؟!" 

ضحك جايك قليلًا وهو يقول :

" قليلًا فقط، حتى ننتهي من هذا كله، ولأن اناملي تشتاق لتسجيل ملامحك الحبيبة، مر وقت طويل منذ آخر مرة "

ابتسمت روز بسمة واسعة وهي تضم نفسها له أكثر 

كان ماركوس يبحث عن فيور والتي كانت تجلس بدورها على درج المركز التجاري وهي تراقب الجميع يطمأن على شريك حياته بكل عاطفية، شعرت بأحد يجلس جوارها وهو يقول :

" كيف حالك ؟!"

استدارت فيور ترمق ماركوس بسخرية :

" فقط كنت على وشك الموت منذ قليل "

ابتسم ماركوس وصمت وفيور تنتظر أن يقول شيء، أي شيء، لكنه كان كعادته، لوح من الجليد الصلب، نفخت فيور بتعب وهي تمسح وجهها تقول، تخفي وجهها بين يديها :

" حسنًا ماركوس أنت فزت، أنا هي الكلب الاجرب "

استدار لها ماركوس بصدمة وهو لا يفهم مقصدها، لكن فيور لم تقل شيء وهي تنهض تاركة إياه وقلبها يؤلمها، لم ترى خوفه عليها، لم تشعر بحبه لها كما هي حالتها تجاهه .

كان ماركوس يرمقها بعدم فهم وهي ترحل تاركة إياه، في نفس الوقت الذي كانت كارين ترمق فيور بشفقة وحزن على حالتها، كادت تتحرك بعنف صوب ماركوس تصفعه على وجهه حتى يستفيق ويرى حب فيور الواضح لها، لكن صوتًا خلفها تألفه جيدًا أوقفها في مكانها بصدمة.....

_________________

كان فبريانو يركض صوب السيارة وهو يضم روبين بين أحضانه بعشق، وضربات قلبه تعلو شيئًا فشيء حتى كادت تصم أذنه، وصل فبريانو للسيارة التي أتى بها مع جاكيري، رفع روبين لصدره أكثر وهو يخرج مفتاح السيارة بصعوبة من جيب بنطاله، ثم فتح بابها ومدد روبين على المقعد .

وبسرعة مخيفة كانت يده تبحث عن الحقيبة الخاصة به والتي يحمل داخلها أسلحته وكل ما يخصه، كان يتحرك بسرعة وهو يستمع لصوت انفاس روبين الهادئة بشكل اخافه وبشدة ...

توقفت يده وقد عثر اخيرًا على الحقيبة، فتح سحاب الحقيبة بيد مرتعشة ولاول مرة يشعر بكل تلك الأحاسيس سويًا، رعب..قلق ...وجع .

احضر فبريانو البخاخ، ثم تحرك صوب روبين يقف جوار المقعد الخاص بها خارج السيارة، رفع رأسها قليلًا يضع البخاخ بين شفتيها وهو يقول بحنان :

" روبين هل تسمعينني ؟؟" 

لكن لم يأتيه رد منها، مما جعله يردد بنبرة مرتعبة مرتعشة ويده تربت بحنان على وجنتها :

" هيييه روبين، افيقي، روبين حبيبتي افيقي"

لكن لا شيء أيضًا مما جعل فبريانو على حافة الانهيار وهو يقترب من وجهها بسرعة يستمع لصوت أنفاسها بخوف مرددًا :

" روبين حبيبتي أنتِ بخير صحيح؟ اجيبيني "

وعندما لم يصل له رد للمرة الثالثة تحولت ملامحه لرعب هيستيري وهو يقول بهلع يمسك وجهها بين يديها قائلًا :

" يا ويلتي، حبيبتي ما بكِ؟!"

كان فبريانو يتحدث بصراخ مرتعب وهو يهز وجه روبين كل ثانية وأخرى، ينظر حوله بتشتت وكأنه لا يعرف ما يجب فعله.

فجأة  تحرك فبريانو من مكانه وهو يغلق الباب، ثم صعد السيارة ينطلق بها  بجنون مخيف وكل ثانية ينظر جواره لروبين وهو يناديها برعب وكأنه يترجاها أن تفيق :

" روبين حبيبتي افيقي أنا اترجاكِ "

وعندما لم يسمع لها ردًا شعر فبريانو بقلبه ينتفض رعبًا بين جنبات صدره، وطبقة شفافة من الدموع تغطي عينيه دون أن تسقط وهو يردد برجاء وصوت خافت :

" روبين ...."

ودون أن يشعر سقطت دمعة من عينه وهو يقول بتوسل :

" ليس أنتِ ارجوكِ "

كان يقود بجنون وهو يبحث بعينه بين المباني عن أي مشفى قد تساعده، مدّ يده يمسح تلك الدمعة التي غافلته وهبطت، ثم زاد سرعته أكثر وهو يردد :

" أنا آسف، لقد تأخرت عليكِ، اقسم أنني لم أكن أعلم، أنا آسف حبيبتي "

" لا بأس، أنا بخير "

اجاب فبريانو دون شعور وهو يضرب المقود بقوة ووجع :

" لا لستِ بخيـ"

لكن فجأة فتح عينه بصدمة وهو يوقف السيارة بقوة ودون مقدمات مما تسبب في اندفاع جسد روبين بعنف للامام، لولا يد فبريانو التي منعتها من الاصطدام وهو يقول بصدمة :

" ما الذي يـ ؟؟"

توقف فبريانو عن حديثه وهو لا يفهم ما يحدث أو كيف أفاقت هكذا بكل بساطة بعدما كاد يقبل يدها منذ قليل حتى تفتح عينها فقط، اعتدلت روبين في جلستها ببطء ووهن وهي تردد بشفاه بيضاء ووجه شاحب ببسمة صغيرة :

" اوعى يكون حد من الحرامية عملك حاجة ؟!"

تشنجت ملامح فبريانو وهو يغمض عينه، ثم فتحها وهو يقول بصوت مخيف :

" ماذا ؟! أنتِ كنتِ تلفظين انفاسك للتو .."

ابتسمت روبين بغباء وهي تقول :

" اه لا ده كان اختبار وانت نجحت فيه"

صمتت وهي تبتسم له بحب بينما هو مازال ينظر لها بغباء ودون أي ردة فعل، لتسترسل روبين في الحديث معه وكأنه بصمته هذا يخبرها أن تكمل ما فعلت :

" اصل انا هقولك، اساسا أنا معايا البخاخة بتاعتي، وبعد ما كنت بفلفص ( بموت ) قدرت رفقة تلاقي البخاخة في الشنطة بتاعتي، واخدتها وبقيت زي الفلة متقلقش "

لكن لم يصل لها من روبين أي ردة فعل أو شيء يدل على تفاعله مع حديثها فقالت هي بتردد :

" اكمل طيب ولا ايه ؟!"

لكن كل ما صدر من فبريانو هو حاجبه الذي ارتفع في انتظار باقي حديثها، ولم تتأخر روبين وهي تقول ببسمة غبية مرتجفة من نظرات فبريانو :

" بعدين حصل حوار خفيف بيني أنا والبنات خلص بأني اتحديتهم أنك لطيف وحساس، وعشان كده عملت نفسي تعبانة، بس أنت مخيبتش املي ورفعت راسي "

ابتسم فبريانو بسمة مخيفة جعلت روبين تتراجع في مقعدها وهي تراه يخرج مسدس من ثيابه ثم رفعه في الهواء يجهزه للاطلاق :

" حبيبتي أنا لن ارفع رأسك فقط، بل سأرفع روحك بالكامل لخالقك "

___________________________

دخل لوكس من الباب الخلفي وهو يحمل سلاحه يتجهز لقتل من يقف في طريق إيجاد شقيقته، لكن بمجرد أن خطت قدمه البهو الداخلي للمكان وابصر كل تلك الأجساد المترامية حتى تحدث بصدمة :

" يبدو أنني تأخرت كثيرًا "

وقبل أن يرفع عينه البحث سمع صرخة عالية تقترب منه :

" اخــــــــــــي "

رفع لوكس وجهه بسرعة كبيرة وهو يلمح صغيرته تركض صوبه، 

تعليقات



×