رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل السادس والعشرون بقلم رحمه نبيل
سَلِ الله أن يحبّك حُبًّا تتجاوزُ به الحياةَ حتّىٰ تنتهي بك وهو راضٍ عنك، سله أن يُعظّم الرِّضا في صدرِك، واليقين في قلبك، فتغدو الأمورُ الشَّديدةُ هيّنةً عليك.
-الرافعي
صلوا على نبي الرحمة
________________________
يتحرك في ممرات المنظمة بخطوات ثابتة وملامح جامدة كما اعتاد أن يكون كلما تواجد في ذلك الصرح الكبير، هو دراجون أحد أقوى العملاء والذي خطّ اسمه في المكان بحروف من نار ...
ابتسم بسمة جانبية وهو يرى ركض جاسي من أمامه حينما قابلته في الممر، وكم ارضى هذا هيبته وقوته، فجاسي كقطة شرسة لا يجب التعامل معها بتهاون، نفى دراجون جاسي والجميع عن رأسه وهو يدخل لمكتبه يجلس على المقعد أمام شاشته العملاقة والتي يتواصل من خلالها مع ريئسه وقائده المباشر....
" إذًا دراجون؟؟؟ نفذت كل ما خُطط له ؟؟"
هز دراجون رأسه بنعم وهو. يجيب قائده بكلمات مقتضبة :
" نعم قائد كل شيء تم كما خُطط له، لكن ....."
صمت ليعلو سؤال قائده في المكان وهو يقول بترقب:
" لكن ماذا ؟؟؟؟؟"
" أنا لا أريد الدخول بالشكل الذي خططته سابقًا "
ابتسم القائد وهو يقول بنبرة خفيضة :
" اممممم...لديك خطة أخرى ؟؟؟ اود سماعها دراجون "
ابتسم دراجون بسمة مخيفة خبيثة ثم بدأ يطرح خطته التي سيستطيع بها الدخول للاجتماع الكبير، والذي يعد بمثابة مصيدة لجميع اعضاء المافيا الكبار....
كان القائد يستمع باهتمام قبل أن يهز رأسه باستحسان للفكرة يضيف بجدية كبيرة :
" حسنًا دراجون، سوف أطرح الأمر على القائد والجهات العليا وبعدها اجيبك "
لوى دراجون فمه بحنق وهو يجيبه بتأكيد :
" إذًا ها أنا قد ضمنت رفض خطتي، فلا أحد يطيقني من الجهات العليا وخاصة القائد "
ابتسم الآخر بسخرية وهو يضيف معلقًا على تذمره :
" وكأنك تبذل جهدك لتغيير وجهة نظرهم بك دراجون، يا فتى أنت لا توفر جهدًا حتى تثير اعصاب الجميع هنا، وفي الحقيقة أنا لا ادري السبب، لكنني الوحيد هنا الذي وافقت على تدريبك، بعدما رفض الجميع تلك المهمة "
ابتسم دراجون بسخرية كبيرة :
" نعم وكأنني اعض، لكن لا بأس عما قريب سأثبت لهم جميعًا من هو دراجون "
ابتسم القائد وهو ينظر له بفخر :
" لقد سبق و فعلت دراجون، انظر إليك انت قائد لوحدة كاملة؛ لذا يحق لك الفخر بنفسك "
همس بصوت خفيض ساخر :
" قائد وحدة من الاوز السمين "
تنحنح وهو يرفع صوته قائلًا ببسمة واسعة وهو يعد نفسه اولًا قبل قائده أنه، سيجعل من فريقه ذاك الذي سخر منه الجميع أفضل الفرق، وقد بدأ في ذلك بالفعل بعد قيامه بعدة مهمات ناجحة معهم ....
" شكرًا لك قائد، شكرًا لانك لطالما آمنت بقدراتي "
ابتسم القائد قبل أن ينهي المكالمة :
" تستحق ذلك دراجون "
______________________________
كان يجلس في الحديقة بعدما فضّل الانعزال عن الجميع يحمل حاسوبه على قدمه وهو ينظر له بانتباه شديد، وعينه تتحرك على شاشته غير واعيًا بأي شيء يحدث حوله، أو بالأحرى لا يهتم، كل ما يهتم له الآن هو الوصول لخاطفي حبيبة اخيه، يؤلمه رؤية فبريانو بهذا الحزن، لم يتوقع يومًا أن يظهر الحب ذلك الجانب من أخيه ...
نفخ مارتن بضيق وهو يزيح الحاسوب من على قدمه ينزع بعدها نظارته الطبية التي كان دائمًا كان ما يرفض ارتدائها بكل عناد طفولي، لكن في الآونة الأخيرة أضحى يرتديها لحماية عينه التي بدأت تؤلمه بحق.
فرك مارتن عينه بقوة وهو يتنهد دافنًا وجهه بين قدميه يحاول التفكير في طريقة لمعرفة الخاطفين، فكل شيء فشل، كل طرقه فشلت وبجدارة، كاميرات المراقبة الخاصة بالمطار كانت مشوشة في نفس وقت الرسائل التي وصلت لفبريانو، لا يدري كيف حدث ذلك، لكن كل ما يعلمه أن الشخص الذي استطاع الوصول لكاميرات المراقبة في مطار كبير كهذا، بقادر على فعل اسوء مما كان يتخيل ..
انتفض جسد مارتن وهو يشعر بتربيته على كتفه من الخلف، نظر حيث كانت تقف هي وتشرف عليه من أعلى تحمل بيدها شيء لم يتبينه ولم يهتم لذلك، بل فقط نظر لنظر لوجهها ببسمة صغيرة وهو يراقبها بتمهل تتحرك لتجلس جواره.....
وضعت جولي ما تحمل بيدها والذي كان طبق طعام ثم قالت بخفوت تحاول ابعاد تفكيره عما يحدث بالداخل :
" إذًا أنت تجيد فعل أي شيء بالحاسوب ؟؟؟"
ابتسم مارتن وهو يهز رأسه ببطء وعينه تمر عليها ببسمة صغيرة، ثم قال بشغف وهو يرمقها بحب :
" يقولون هذا ..."
" هل يمكنك أن تساعدني في إعادة صفحتي الشخصية على الفيسبوك ؟؟؟ فقد تمت سرقتها منذ فترة طويلة، ذلك النذل سرقها طمعًا في متابعيني الكثر، فأنا كنت أملك ٤٣ متابع على الفيسبوك "
كانت تتحدث وتتحدث دون توقف غافلة عن أنه لا يستمع لها بالحقيقة بل فقط ينظر لها ببسمة صغيرة وهو يراقبها تتحدث بشغف كبير تجاه شيء، لكن فجأة أفاق على يدها وهي تهزه بخفة متحدثة :
" مارتن مابك ؟؟؟ سألتك إن كنت تستطيع إعادة صفحتي التي سرقت ؟؟؟"
" نعم ....نعم يمكنني لا بأس فقط ارسلي لي اسم الصفحة ولا تقلقي "
أنهى حديثه وهو يستدير ينزع عينه بصعوبة من على وجهها الذي يشبه قطعة المعدن التي تجذب المغناطيس بكل قوتها، وفي هذه المعادلة كانت عينه هو المغناطيس المسكين الذي يجاهد للابتعاد عن عينها دون مفر...
" إذًا أنت من أفسدت تلك القناة ؟؟؟"
نظر لها مارتن بعدم فهم لتوضح هي ببسمة خبيثة :
" تلك القناة التي نشرت الفيديو الخاص بمشاجرتي ؟؟؟"
ابتسم هو بسمة صغيرة دون أن يجيب ثم تحركت نظراته لتستقر في الفراغ ويعم صمت كئيب جعل جولي تتململ في جلستها، وهي تقول بتهكم خفي يغطيه لا مبالاة مصطنعة، تحاول به إظهار عدم اهتمامها :
" إذًا مارتن، أنت لم تعد مهتمًا بي ؟؟؟"
رمقها مارتن باستنكار واضح ولم يتحدث تاركًا لها حرية التفوه بما تريد؛ ليصل له صوتها المختنق وهي تقول بشرود كبير :
" لطالما كنت وحيدة مارتن، لم اتذوق يومًا ذلك الشيء الغريب المسمى حنانًا، أو حتى استشعر تلك المشاعر التي تدعى دفء، كل ما كنت أشعر به هو الصقيع، صقيع الوحدة "
صمتت ثم قالت بغصة صغيرة قطعت نياط قلبه لقطع :
" اتعلم أنني كنت اخاف أن أموت وحيدة، لذا كنت دائمًا ادفع لحارس العقار حتى يصعد ويطرق بابي كل صباح محضرًا الجرائد كحجة واهية اخفي خلفها حالتي المثيرة للشفقة "
تنهدت وهي تكمل قص ما عانته دون أن تشعر بدموعها التي كانت تهبط على خدها بغزارة :
" خفت أن يتعفن جسدي دون أن يدرك أحدهم، حتى تخرج رائحتي وتنبئهم وبعدها يحملوني ويلقون بجسدي في أي مقبرة "
أنهت حديثها وهي تشهق بعنف تبكي حالتها مكملة بحزن كبيرة تخفي وجهها بين كفيها :
" لم أشعر يومًا بما شعرت به رفقتك مارتن، حتى أنني......توقفت عن دفع أموال للحارس، بعدما علمت أنك دائمًا جواري، لكنك لم تعد تهتم بي مارتن ولم تعد تحبني، حتى أنك توقفت عن تدليلي ببنية العينين، أصبحت تناديني جولي فقط "
أنهت حديثها بنبر خانقة من بين بكائها وهي ترميه بنظرة معاتبة، ليبتسم هو بسمة صغيرة وهو يقترب منها جاذبًا إياها لاحضانه بحب شديد يربت على ظهرها بينما هي انفجرت في البكاء دون سبب هي كانت تريد صرف نظره عما يحدث حتى لا يحزن، لينتهي الأمر بها هي باكية بحالة مثيرة للشفقة ...
" لم تعد تقول لي سلامًا لعينيك، أنت لم تعد تحب عيني مارتن، أنت أصبحت كأخيك الغبي القاسي "
ضحك مارتن ضحكة صغيرة وهو يهدهدها بخفوت مبتسمًا عليها بيأس يهمس لها :
" كل هذا لأنني توقفت عن تدليلك؟؟؟؟ ثم ألستِ أنتِ من قارنتني بانطونيو؟؟؟"
هزت راسها بلا وهي تهمس له بحب :
" لا أنت افضل من ذلك القبيح، أنا فقط أردت اغاظتك حتى تعود لتدليلي مجددًا مارتن "
" حسنًا لا بأس حبيبتي، كنتِ ومازلتِ صاحبة أجمل عيون بنية رأيتها في حياتي "
" حبيبتك !؟؟؟"
ابتسم مارتن وهو يداعب خصلات شعرها بحنان :
" نعم حبيبتي جولي، أنا أحبك بينة العينين "
" وانا أيضًا احبك مارتن "
فتح مارتن عينه بصدمة وهو يستمع لاعترافها والذي خرج بكل بساطة منها، ليبعدها عنه بسرعة وهو يهمس بعدم تصديق :
" ماذا قلتي للتو ؟؟؟"
ابتسمت له جولي وهي تهز رأسها برفض :
" قلتها مرة وانتهينا "
أنهت حديثها وهي تنهض مسرعة تركض للداخل تقول له بصوت مرتفع نسبيًا :
" لا تنسى تناول طعامك يا وسيم "
راقبها مارتن ببسمة واسعة قبل أن يعود بنظره للطعام أمام ثم الحاسوب ليجذبه على قدمه مجددًا، لكن تلك المرة بروح أخرى، روح مختلفة، روح مليئة بالأمل ....
_____________________________
تحركت من جوار روز وهي تنظر حولها باحثة عن جولي فهي منذ الامس لم تجلس معها وحدها حتى تعلم ما جمع بينها وبين انطونيو بالتحديد، هي تثق في انطونيو، ورغم فترة معرفتها القصيرة بجولي، إلا أنها تدرك أنها ليست من ذلك النوع، لكن تلك النيران الغبية التي تشتغل داخل قلبها لا تتفهم هذا ...
كانت تسير في الممرات تبحث عن جولي، هي لا تدري أين ذهبت، لكن وقبل أن تكمل طريقها كانت فجأة تشعر بباب يفتح وشيء بجذبها للداخل بقوة، لم تصرخ ولم تقل شيء، فهي تدرك من ذلك العطر الذي ملء المكان من الشخص الذي جذبها ...
صمتت روما وهي ترفع عينها بحدة تنظر لانطونيو الذي ابتسم بخبث وهو يقترب منها ينظر داخل عيونها بقوة وهو يقول :
" منذ متى ؟؟؟"
" ماذا ؟؟؟"
ازدادت بسمة انطونيو في الاتساع وهو يرى محاولتها البلهاء للتهرب منه؛ لذا اقترب منها ببطء شديد حتى اصطدمت في باب الغرفة والتي لا تعلم لمن هي، تراقب تقدمه منها وهي تبتسم بسمة صغيرة واثقة تحاول بها أن تظهر له أنها لا تهتم لما يفعل ...
" أنتِ تعرفين جيدًا أنني لا أحب المراوغة، صحيح ؟؟؟"
لم تجب روما أو يصدر منها رد فعل على حديثه حتى شعرت فجأة باقترابه منها بقوة مما جعلها تطلق صرخة عالية و هي تعود للخلف أكثر حتى كادت تحفر مكانها في الباب خلفها :
" توقف سيد انطونيو عن التقدم حتى لا اصرخ و أُسمع جميع من بالخارج "
" هيا اصرخي، تظنين أن الاوغاد بالخارج سيسارعون بمنعي عنك ؟؟؟ حبيبتي هم سيأتون لتشجيعي، هم اوغاد حقيرين "
كان يتحدث وهو يربت خصلات شعرها ببسمة باردة وحركات بطيئة جعلتها تغمض عينها وهي تقول بسرعة :
" منذ يوم الحفلة ...."
ابتسم انطونيو بسمة سوداوية وهو يقترب من أذنها هامسًا بنبرة مخيفة :
" عادت لكِ ذاكرتك اللعينة يوم الحفلة، وأنتِ تركتيني التظي نيران تجاهلك لي ؟؟؟؟"
صمت ثم قال بينما أنفاسه الساخنة تلفح وجهها في شكل جعلها تنكمش خوفًا من ردة فعله :
" اخبريني كيف اعاقبك ؟؟؟"
نظرت له روما ثواني تتذكر ذلك اليوم أثناء عزفها على الكمان، ذلك العزف الذي أعاد لها ذكريات داهمت رأسها بشكل سريع لتتزاحم الأفكار وتنفصل عن المحيط الخاص بها، ثم فتحت عينها لتجده يقف بين الجمهور يصفق لها ببسمة واسعة، وقتها لم تتمكن من منع نفسها عن الركض صوبه وهي تلقي نفسها بين احضانه، لكن بعدها قررت وبكل خبث أن تدعي عكس ما حدث حتى تختبر صبره، لترى إن كان سيتقبل روما القديمة؟؟؟ أم فقط يفضل الجديدة الهادئة ؟؟؟
ارتأت روما في تلك اللحظة أن تنتهج مبدأ ( قلب الترابيزة) وهي تتخذ الهجوم وسيلة :
" هيييه تتحدث وكأنك بريء ايها الخائن، إياك أن تقترب مني واذهب لنسائك، ألم تقل البارحة أنك تفكر جديًا في خيانتي ؟؟؟ لك هذا "
أنهت حديثها وهي تستدير بقوة تكاد تخرج من الغرفة تتنفس بعنف مبتسمة براحة للتخلص منه، لكنها فجأة شعرت بشيء يسحبها من الخلف؛ لتتحرك ببطء بظهرها تفكر ببسمة أنه سحبها؛ ليعتذر منها، وربما يمنحها عناق لطيف، لكنها فكرت بكل خبث في ادعاء المقاومة والحنق، وقبل أن تفتح فمها للتذمر كان سلاح انطونيو يتوسط رأسها بقوة وصوته يصدح جوار أذنها بنبرة مخيفة :
" للاسف خيار الذهاب غير متاح جميلتي، أما الموت أو رفقتي "
تحركت عين روما لتتركز على السلاح الذي يحتل جانب رأسها الأيمن هي ترمقه برعب هامسة بشكل يثير الضحك :
" انطونيو هل جننت ؟؟؟"
ابتسم انطونيو بسمة صغيرة وهو يقترب من الجانب الآخر المقابل الجانب الذي يحتوي سلاحه :
" هيا اختاري جميلة الجميلات .....تريدين رفقتي ام الموت ؟؟؟"
نظرت له وهي تصرخ بغضب شديد :
" أيها المجنون ابعد سلاحك عن وجهي، بدلًا من محاولتك لمراضاتي توجهك سلاحك علىّ؟؟؟ أي رومانسية تلك التي تنتهجها ؟؟؟"
" رومانسية ( أنا أو لا شيء) جميلة الجميلات "
ابتسمت روما ثواني قبل أن تستدير في غفله عنه وهي تدفعه للخلف بسرعة كبيرة تصرخ في وجهه محذرة بقوة :
" أنت يا انطونيو سأريك ايام جحيم فقط انتظرني "
أنهت حديثها قبل أن تركض للخارج بسرعة كبيرة بشكل مثير للضحك تاركة إياه يرمق إثرها ببسمة واسعة يهمس باستمتاع :
" في انتظار تلك الأيام جميلتي، فجحيمك نعيمي "
أنهى حديثه وهو يستدير لينظر من النافذة بشرود حيث يجلس مارتن، لكن فجأة شعر بشيء صلب يصطدم في ظهره بعنف شديد، استدار بقوة وهو يصرخ بغضب :
" ما الذي ......"
توقف عن الحديث وهو يرى روما وقد عادت مجددًا وهي تصرخ بغضب شديد :
" أيها الخائن القذر "
أنهت حديثها وهي ترحل مجددًا مغلقة الباب خلفها بقوة جعلت ضحكات انطونيو تعلو وبشدة خلفها متجاهلًا ألم الضربة التي ضربتها له....
___________________
دخل لغرفته بعدما عاد من الخارج، بعد بحث طويل في الطرقات علّه يلمح طيفها بالصدفة، عله يراها، يود فقط أن يطمأن عليها ...
تنهد فبريانو وهو ينهض نازعًا ثيابه بضيق كبير بعدما يأس من الوصول إليها عبر ذلك الهاتف الذي أرسل الرسالة، والذي اتضح أن ذلك الرقم مشفر ومعطل منذ سنوات ...
يبدو أن من يلاعبه يعلم جيدًا كيف يعاملهم ويعلم جيدًا كيف يتصرفون ؟؟؟
تحرك فبريانو صوب المرحاض يحاول ابعاد ذلك الوهن عن جسده، ليغيب في الداخل دقائق أو ساعات لم يعرف كم غاب، إلا عندما سمع صوت هاتفه يعلن عن وصول رسالة ليخرج سريعًا وهو يضع فقط منشفة على خصره يمسك بهاتفه يراقب ذلك الرقم المختلف تمامًا عن الرقم الاول ورسالة اطول من الاولى تقول :
" لاتظنني غبيًا قد أغفل عن أمر تتبعك لهاتفي سيد فوستاركي، حسنًا لا داعي لهذا الحديث الآن ودعنا ندخل في صلب الموضوع .
الاجتماع الذي سيقام بعد غد، لا يحب أن تتواجد به، وإلا ستتلقى رأس تلك الصغيرة هدية بعد انتهاء الاجتماع، ولا تحاول التذاكي فتلك المرة أنا اسبقك بخطوات كثيرة، خلال يوم واحد فقط، اود أن يصل لي خبر انسلاخك عن جدك ومنظمته، وانتبه فأنا لدي أعين في كل مكان، وبمجرد تأكدي من حدوث الأمر سيتحرك رجالي ويتركوا فتاتك عند منزلك، وإن اصابك الشك واردت دليل على أنني سأنفذ حديثي، فلا دليل لك عندي، وتذكر أنني صاحب اليد العليا في ذلك الأمر، غدًا أود أن يصل لي خبر انعزالك عن جدك رسميًا وأمام جميع أفراد منظمتك، و إلا ......"
أنهى فبريانو قراءة الرسالة ببرود شديد وهو يلقي الهاتف على فراشه يكمل ارتداء ملابسه مفكرًا أن ذلك الرجل من خارج منظمتهم، وإلا كان علم جيدًا مصير أي شخص يود الخروج منها .
ابتسم بسمة جانبية غامضة مخيفة وقد خطرت برأسه فكرة ما، وهو يتحرك ببرود صوب الخارج متجاهلًا الجميع وهو يقتحم المكتب على جده وانطونيوش يهتف بكل برود يمتلكه :
" جدي، اود منك جمع الكل غدًا فلدينا مراسم معتادة، واحدهم يود ترك المجموعة "
رفع اليخاندرو عينه لحفيده بتعجب شديد يهمس وهو يعتدل في جلسته :
" أحدهم يود ترك المجموعة؟؟؟ من هذا ؟؟؟"
" أنا ...."
كلمة واحدة خرجت من فبريانو كانت كالصاعقة على مسامع جده وانطونيو الذي نهض بعنف يصرخ صرخة أتى الجميع على إثرها :
" مـــــاذا ؟؟؟؟ جننت أنت؟؟؟؟ أي مراسم تلك التي تود القيام بها أيها المغفل ؟؟؟"
كان انطونيو يصرخ بجنون في وجه فبريانو الذي واجه الأمر بملامح جامدة دون أن يرد عليه بكلمة واحدة، بينما جده ينظر للفراغ بشرود مخيف وملامح الصدمة تزين ملامحه بقوة ...
بينما الباقيين لا يفهمون شيئًا مما يحدث ...
استدار جاكيري وهو يرمق رفقة بجدية :
" رفقة رجاءً خذي الفتيات وأخرجوا "
هزت رفقة رأسها وهي تتحرك للخارج تحت صمت مخيف من الجميع لتتبعها جميع الفتيات والجميع متخوف من تلك الشحنات السلبية التي تنتشر في الأجواء بكثرة لدرجة قادرة على إحراق القصر بهم ...
فور خروج الفتيات اغلق مارتن الباب وهو يتحدث بتعجب :
" ماذا حدث انطونيو ولِمَ هذا الصراخ ؟؟؟"
تحدث انطونيو بنبرة مهتزة مرتعبة رغم القوة التي يحاول إظهارها يشير لفبريانو بشر وغضب :
" اخوك الغبي، يوم الانفصال عن المجموعة غدًا، وهو أكثر من يعلم شروط الانفصال "
ولم يتبع حديث انطونيو سوى صوت الهدوء، الهدوء الشديد والنظرات المصعوقة المتبادلة بين الجميع، ليكون صوت ادم الخافت هو من قطع ذلك الهدوء :
" ماذا عني اخي ؟؟؟؟"
صمت ثم قال بصوت غلبته غصة بكاء أبى أن تخرج أمام الجميع :
" هل سأخسرك كوالدىّ؟؟؟ هذا ليس عدلًا "
استدار فبريانو يرمق ادم بنظرات جامدة، لكنه في داخله يشتعل ورأسه توقفت عن التفكير، يذكّر نفسه أن ما يفعل هو الصحيح للجميع؛ ليبعد عينه عنه ويوجهها لمارتن الذي كان ما يزال في صدمته ....
" أنا قررت وانتهى الأمر، رجاءً نفذوا لي رغبتي "
" كل هذا لاجل تلك الفتاة ؟؟؟"
وأخيرًا كان صوت اليخاندرو يصدح في المكان وهو يتساءل بغموض عن سبب قراره، لكن فبريانو لم يجب جده ...
تقدم جاكيري من فبريانو ثم لكمه لكمة عنيفة وهو يصرخ في وجهه بغضب شديد أدى لنفور عروقه بشكل كبير :
" لن أسمح لك، سمعت لن أسمح لك، حتى لو اضطررت لسجنك طوال العمر في المنزل وحرستك طوال الوقت بنفسي "
نظر فبريانو لعينه قليلًا قبل أن يقول بهدوء شديد :
" لو كانت رفقة هي المعنية بالأمر هل كنت ستقول هذا ؟؟؟؟"
تحدث مايك بجنون وهو يحاول إقناعه :
" فبريانو ألا عقل لديك ؟؟؟ هل ستنفذ حديث الخاطفين ؟؟؟ منذ متى تفعل هذا ؟؟؟ ثم كيف ستنقذها إن حدث ما حدث و قُتلت ؟؟؟؟"
تحدث فبريانو ببعض التفاصيل التي علمها محتفظًا بالباقي لنفسه بكل خبث :
" هناك أحد رجال الخاطف سيحضر مراسم الانفصال و سيخبره بكل شيء، أحدكم سيراقبه ويصل للخاطف، وإن عشت سأذهب له بنفسي، وإن لم يحدث ...."
صمت قليلًا ثم أضاف بنبرة مترددة :
" ليذهب أحدكم ويخرجها بدلًا مني، هو لن يتحرك إلا بعد تأكد من تنفيذ حديثه، لذا لن نتمكن من الوصول لهم الا بعد تنفيذ ما يريد، لأن تحركهم سيكون بعد ذلك "
صاح انطونيو بسخرية لاذعة وهو يطلق ضحكات عالية :
" اليوم فقط أدركت كم أنت غبي فبريانو "
تقدم مارتن من أخيه وهو يمسكه من أكتافه متحدثًا برجاء بعدما أفاق من صدمته :
" اخي لا تفعل، سوف نصل لها، صدقني أنا لن انم لثانية، لن انهض من على حاسوبي، حتى لو كان آخر شيء افعله، سأحاول الوصول لها، لكن ارجوك، أنا ارجوك، بل اتوسل إليك لا تفعل ذلك، لأجلي، لأجل ادم يا اخي، لقد فقدنا ابي وامي، ليس أنت"
سقطت دموع مارتن وهو يصرخ بقلة حيلة ضاربًا صدر فبريانو بعنف :
" أنا لن استطيع الاعتناء بادم، إن وقع في مأزق، لن استطيع التصرف مثلك، ارجوك يا اخي ارجوك، أنا ارجوك لا تفعل ذلك "
أنهى حديثه وهو ينخرط في بكاء عالي يتمسك في فبريانو وكأنه سيهرب منه وينفذ ما برأسه الآن، يتمسك به في خوف شديد، خوف من القادم، قادم مظلم دون أخيه...
نظر فبريانو لمارتن بشفقة قبل أن يمد يده ببطء يضم أخيه وهو يربت على ظهره بحنان هامسًا :
" أنا اثق بك مارتن "
أنهى حديثه وهو يرفع نظره يرمق ادم الذي كان ينظر له بخيبة أمل وعتاب كبير، مدّ فبريانو يده لادم وهو يحثه على التقدم منه...
تقدم ادم ببطء صوب فبريانو يمسك يده الممدودة قبل أن يلقي بنفسه في أحضانه وتعلو صرخاته الباكية لوعة على اخيه، ليس هو....
كان الجميع في حالة يرثى لها، فها مارسيلو اللامبالي يتفاعل واخيرًا مع محيطه يخفي وجهه بين يديه معطيًا الجميع ظهره وهو يكتم شهقاته، من كان يتوقع تلك النهاية؟؟؟؟
هل انتهى الأمر بهذه السهولة ؟؟؟
كان اليخاندرو يراقب كل ما يحدث بأعين باردة تلوح بها نظرة غموض مخيفة قبل أن يفتح فمه و يهمس أخيرًا بكلمته :
" لك ما تريد فبريانو .....انطونيو أجمع الكل غدًا"
_________________________________________
في الخارج كانت جميع الفتيات تستمع للصرخات التي تكاد تهدم الجدران على رؤوسهم قبل أن تعلو فجأة الاصوات وصرخات محتدة ...
ضربت سيلين بعكازها ارضًا وهي تنهض صارخة بلوعة ودموع تهبط منها دون شعورها متجهة صوب المكتب تهتف بغضب :
" اليخاندرو ماذا تفعل بالاولاد ؟؟؟ افتح ذلك الباب قبل أن اكسره على رؤوسكم جميعًا "
كانت سيلين تتحدث بهلع وهي تبكي، عند اقترابها من الباب وصل لها صوت شهقات خافتة هامسة جعلها تصدم، فهم الذين لم ترهم يبكون منذ كانوا اطفال في مهدهم، حتى عندما أضحوا أطفالًا كانوا يرفضون البكاء لأنه ضعف كما يقولون دائمًا ....
ضربت سيلين الباب بعكازها وهي تصرخ باكية :
" افتحوا ذلك الباب واخبروني ما الذي يحدث، اقسم إن كان لك يد بما يحدث اليخاندرو لاتركن لك المنزل وأخذهم بعيدًا عن وجهك ولن تراهم بعد الان "
نظرت الفتيات لبعضهم البعض، والجميع لا يعلم ما يحدث، أو ما يجب فعله، فالاجواء أصبحت مشتعلة وبشدة بين الجميع.
صمت طويل عمّ المكان فجأة إلا من صوت صراخ سيلين، لكن الاصوات داخل المكتب هدأت واستمر الأمر لساعات لم يعلم أحدهم كم كانت عددها
فجأة توقفت صرخات سيلين وعلى صوت فتح الباب في القصر كله، و عم صمت مهيب بين الجميع ...
تحرك جاكيري بعنف للخارج دون أن يدع لأحد الفرصة في التفوه بكلمة واحدة، وكردة فعل طبيعية من رفقة كانت تنهض راكضة خلفه بسرعة كبيرة خوفًا أن يكون حدث له شيء، أو وصل لهم خبر محزن يخص روبين ...
بينما خرج جميع الاحفاد من المكتب بوجوه جامدة وكأن لا شيء حدث، وكأنه أصوات الصراخ تلك لم تكن من الأساس...
تحرك فبريانو بهدوء وبرود صوب الاعلى لغرفته، يحاول تصفية ذهنه فما هو على وشك فعله غدًا ليس بالهين أبدًا، هو يلقي بنفسه للموت ....
نظر ماركوس لادم بحزن قبل أن يقترب منه يهمس جوار أذنه بهدوء وشفقة على رفيقه المقرب :
" هيا تعال معي، اود الحديث معك في أمرٍ ما "
نظر ادم لماركوس ثواني قبل أن يتحرك معه، فهو كل ما يريده الآن هو الابتعاد عن الجميع والابتعاد عن تلك الأجواء ...
تحركت جولي بأقدام مترددة صوب مارتن وهي تهمس له ببطء :
" مارتن أنت بخير ؟؟؟"
رفع مارتن عينه لها بنظرات ضائعة جعلت قلبها يتقطع حزنًا عليها، لكن كل ما بدر من مارتن هي هزة رأس صغيرة قبل أن يستأذن منها بكلمات مقتضبة صاعدًا لغرفته ....
حدقت جولي في أثر مارتن بصدمة لا تدري ما حدث أو ما سيحدث، لكن ما تدريه أن القادم لن يحمل خيرًا أبدًا، فنظرات الجميع بعد خروجهم تحمل في باطنها جحيم.........جحيم سيحرق الجميع.
_____________________
" جاكيري ....توقف ....توقف يا رجل لقد أهلكتني بالركض خلفك في تلك المتاهة "
أنهت رفقة حديثها وهي تستند بكلتا كفيها على قدمها تتنفس بعنف محاولة تهدئة ضربات قلبها التي ازدادت جراء الركض خلف جاكيري داخل المتاهة _ القصر _، رفعت رأسها وهي تنفخ بتعب شديد متوقعة أنه سبقها بكثير من الخطوات، لكن لم تكد ترفع رأسها بشكل مستقيم بالكامل حتى أبصرت وجهه أمام وجهها مباشرة لتعلو صرخاتها المصدومة في المكان وهي تسقط بقوة على ظهرها ....
" اه، اه يا امي اه، كان مالي ومال البهدلة دي يا ربي ؟؟؟ يا ريتني كنت اتسجنت اريح من اللي انا فيه ده "
كان جاكيري يراقبها بحاجب مرفوع وهو يراها تتلوى على الأرضية متأوهة بشكل مضحك، لينحني قليلًا يجلس القرفصاء جوار جسدها الممد ارضًا وهو يقول :
" تأذيتي ؟؟؟؟"
نظرت له رفقة نظرة بلاهة، تتعجب سؤاله الاخرق من وجهة نظرها وهي تحدق بحالتها تقول ساخرة :
" لا متاخدش في بالك ده أنا بتقلب في الأرض بس، عشان شوية وهدخل الطاسة اتقلي "
صمتت قليلًا قبل أن تصرخ في وجهه بغضب :
" تراني اتلوى أمام عينيك أيها الاحمق بوجع، وتتسأل إن كنت تأذيت أم لا ؟؟؟؟ لا جاكيري أنا لم اتأذى بل كنت اتقلب في الدقيق حتى يتم قليي "
أنهت حديثها بسخرية، لكن لم يهتم للأمر وهو يجلس ببساطة شديدة جوارها على الأرض التي تفترش بالاوراق الساقطة من الأشجار في جزء نائي من القصر، جلس بهدوء وهو يربع قدميه أسفله ينظر إليها بهدوء شديد يراقبها وهي تحاول النهوض وحدها، دون حتى أن يمد لها يد العون من باب اللباقة ...
كانت رفقة تنظر له وهي تفتح فمها بصدمة، كانت تتوقع أن يساعدها للنهوض ثم يمسح بكل لطف على جرح يدها ويقبله كما كانت ترى في المشاهد الرومانسية، لكنه بكل بساطة جاء ليجلس جوارها دون شيء ...
" نعم ؟؟؟؟؟؟"
" ماذا ؟؟؟؟"
" ماذا ايه يا اهبل ياللي مفيش واحد في عيلتكم عنده عقل ؟؟؟ هو البعيد معندوش نظر ؟؟؟؟ ده أنت ناقص تديني برجلك "
" لا افهم ما تريدين وضحي حديثك بلغة افهمها رفكة "
اغتاظت رفقة من برودته أو عدم استيعابه للأمر وهي تصرخ بلهجة شرسة :
" رفكة؟؟؟؟ دلوقتي رفكة ؟؟؟ ايه ياض هتعيش ليا دور الخواجة ولا ايه ؟؟؟؟"
أنهت رفقة صراخها وهي تتنفس بعنف تنظر له وهو ما يزال يجلس بكل هدوء يرمقها بترقب حتى تنتهي من وصلة ندبها وتنهض ...
سبته رفقة بعنف وهي تستند على كوع يدها تطلق تأوهًا عاليًا جعله ينتفض من مكانه مدركًا أنها تأذت في يدها ....
" اريني يدك ...."
سحبت رفقة يدها بعنف وهي تعدل في جلسته مربعة القدم كما كان يفعل سابقًا ترمقه بحنق، وهي ترفع كوعها امام عينها تحاول النظر له، لكنه لم يسمح لها وهو يجذب بعنف شديد صوبه حتى كادت تسقط على وجهها مجددًا ...
نظر جاكيري باهتمام للجرح وهو يتحسسه بلطف شديد هامسًا بصوت منخفض :
" يؤلمك ؟؟؟؟"
" كلك نظر "
" اعتذر منك لم اعلم أنك اذيتي نفسك "
صمتت رفقة وهي تنظر له ثم سحبت يدها منه بهدوء شديد تقول بصوت خافت حنون بعض الشيء وهي ترفع كفها لوجهه بلطف :
" ما بك جاكيري ؟؟؟؟ أنت بخير ؟؟؟"
نظر لها جاكيري ثواني قبل أن ينظر للاسفل ثم يرفع نظره لها قائلًا بصوت خافت كطفل صغير يشتكي لوالدته :
" أنا سيء رفقة، أنا سيء جدًا اسوء مما تظنين، سيء لدرجة قد اخسر أي شيء عقابًا لي، لكنني ارفض أن يتم عقابي بك، اقبل أي عقاب سوى أن اعاقب بفقدك، لا أود أن أصل لمرحلة فبريانو و افقدك من بين يديّ "
شعرت رفقة بوجع في قلبها من حديثه لتربت على خده بحنان شديد تتعجب كيف يمكن لشخص في غاية اللطف والبراءة كجاكيري أن يكون سيء :
" ماذا حدث ؟؟؟ هل حدث شيء لك ؟؟؟ فقط اخبرني جاكيري "
صمت ليقول بعد ثواني بصوت خافت :
" إن أخبرتك بالأمر ستسامحيني للكذب عليكِ ؟؟؟؟ "
صمتت رفقة لا تدري ماذا تفعل أو حتى تعلم سبب حديثه هذا، لكنها رغم كل ذلك هزت رأسها دون تردد، فهذا جاكيري بحق الله، الوحيد الذي هوّن عليها حياتها في الغربة، الذي اعتنى بها، الذي جاهد لرسم بسمة أخرى على فمها بعدما كانت قد نسيت كيف تبتسم ...
" سأسامحك ...."
ابتلع جاكيري ريقه وهو يتمسك بيدها التي تحاوط وجهه، وكأنه بذلك سيضمن عدم ركضها منه بعد معرفتها بكل كذبه :
" أنا لستُ من تظنين، اقصد أنني لست رجل اعمال "
" هذا واضح جاكيري لا تحتاج لقول ذلك "
أنهت حديثها وهي تنظر له نظرة الام لطفلها، وكأنها تحاول مراضاته ليتقبل فشله، لكنها لم تتوقع حديثه التالي وهو يقول بنبرة خافتة :
" أنا..... أنا مجرم، أعني أنا قاتل، وسيء....و........"
صمت وهو ينظر لها ثم قال بعد ثوانٍ من الصمت، ينظر لها بأعين حاول جعلها تبدو بريئة بكل ما استطاع :
" لكنني كنت لطيف، اعني أنا لم اعذب أحد، كنت اقتل مباشرة و..."
توقف عن الحديث وهو يرى انتفاض رفقة بعيدًا عنه برعب تصرخ به أن يبتعد عنها، تحاول النهوض من مكانها وهي ترميه بكل ما يقابلها :
" قتال قتلة ؟؟؟؟ قتال قتلة ؟؟؟؟؟"
أنهت حديثها وهي تزحف على قدمها بفزع تندب حظها البشع :
" من بين كل سكان ايطاليا اقع مع قتال قتلة ؟؟؟"
لم يفهم جاكيري حديثها، لكنه تحدث بسرعة وهو يحاول اللحاق بها بسرعة قبل أن تهرب منه يكمل اعترافه الاخرق :
" أنا أعمل في نظام يُعرف بالمافيا ".
تحدثت ببكاء ورعب وهي تزيد من ابتعادها عنه :
" أنت كده بتطمني يعني ؟؟؟؟ أنت نيلتها، اخرس ...اخرس يا مجرم انت، هبلغ عنكم واحد واحد يا عيلة واطية خصوصًا ابن عمك الجحش اللي حبيته روبين "
أنهت حديثها وهي تحاول النهوض قائلة بسخرية ومازالت دموعها تهبط بعنف :
" قال و روبين تقولي لطيف لطيف ....انا قولت الخلقة بتاعته دي مش اقل من جزار تلاقيه زيك واسود كمان "
صمتت فجأة وهي تستمع لحديثه المتذمر وكأنه ما يحدث الآن أمر عادي :
" حسنًا أنت تبالغين في ردة فعلك، ها أنتِ قاتلة أيضًا ولم افعل مثلك "
فتحت رفعة عينها وهي تصرخ في وجهه وقد جُنّ جنونها لوصفها بالقاتلة، لأجل جريمة لم ترتكبها :
" أنا قاتلة ؟؟؟؟ أنا لم اقتل أحد، أنا مظلومة "
" أنا لا اهتم حبيبتي حتى لو كنتِ قاتلة، أعني أنا متسامح بشكل كبير، أرأيتِ كم أنا لطيف في تقبل حقيقتك الإجرامية ؟؟؟ عكسك تمامًا مجرمتي الصغيرة "
" برضو هيقولي قاتلة، يا اخي اللهي تتقتل في خرابة وما حد يعرفلك طريق "
كانت تتحدث بشكل هستيري جعله يسارع لها وهو يمسك جسدها حتى يمنعها من الهرب يحاول التفسير لها :
" اشششش فقط اهدئي، سأخبرك وأوضح لكِ كل شيء لو صمتي "
" اصمت ؟؟؟؟ تطالبني بأن اصمت ؟؟؟؟ سوف اصرخ وأُسمع جميع من بالقصر واخبرهم أنك قاتل مجرم "
" حسنًا في الحقيقة جميع من بالقصر مثلي، لذا لا أعتقد أن صراخك بالأمر سيقدم شيء "
فتحت رفقة عينها بصدمه وهي تصرخ أكثر من بين دموعها تنادي أخيها :
" عصابة ؟؟؟؟يعني طلعتوا كلكم عيلة متربتش قتالين قتلة، أنا كان ومال الهم ده، ابعد متقربش، ابعد بقولك "
لم يستمع لها جاكيري وهو يجذبها لاحضانه بقوة يحاول السيطرة على حركتها الهيستيرية وصرخاتها المدوية والتي كادت تصيبه بالصمم، ليتمكن منها واخيرًا وهو يرى جسدها قد هدأ بعض الشيء، ثم اقترب منها ببطء يهمس في اذنها :
" اشششش فقط اصمتي، لا اريد سماع صراخك "
هزت رفقة رأسها بسرعة وهي مازالت تبكي قبل أن يتناهى لمسامعها صوته وهو يقول بهدوء و نبرته التي اعتادتها دائمًا، هادئة حنونة، و متفهمة :
" اسمعيني فقط رفقة، ارجوكِ، لا اطلب منك سوى أن تسمعيني، أنا لن اؤذيكِ، مازلت جاكيري نفسه الذي تعرفينه، اهدئي حبيبتي "
هدأت رفقة وهدأت حركتها تمامًا قبل أن تجده يجلس بهدوء مستندًا على جذع شجرة جاذبًا إياها لاحضانه بهدوء ومازالت يده تضمها بقوة خوفًا من ركضها :
" حسنًا أين توقفنا ؟؟؟؟ اه نعم أنني اقتلهم بكل لطف ......"
______________________
كان يجلس على شرفة نافذته وهو ينظر للسماء بشرود كبير ومازال يستمع لصوتها في الهاتف وهو يتردد بنفس الكلمات التي حفظها عن ظهر قلب، يشتاقها وبعنف يريد أن يراها ويعانقها بقوة مانعًا إياها من الابتعاد، لو كان يعلم ذلك اليوم عندما عانقها أنه لن يراها مجددًا ما كان تركها تخرج من أحضانه أبدًا ولو حاربه الكون بأكمله ....
تجاهل فبريانو صوت خطوات الأقدام خلفه، ولم يلتفت حتى لرؤية من دخل غرفته دون استئذان، فجأة شعر بجسد يتسلق النافذة بهدوء ثم جلس جواره دون الاهتمام أنه قد يسقط في أى لحظة :
" أنت بخير ؟؟؟"
نظر فبريانو نظرة جانبية لمايك، ثم بعدها أعاد نظره للامام يهز رأسه بنعم، تبعها صوته وهو يصدح بسخرية لاذعة :
" في أفضل أحوالي كما ترى "
صمت مايك ثواني وهو ينظر لفبريانو قبل أن يتحرك بعينه صوب السماء يراقبها بشرود كبير والشمس تودعها اثناء غروبها مع وعد بالعودة غدًا مع آمال جديدة ...
" أنا أشعر بك "
صمت ثم قال بعد صمت قصير :
" ربما لم احب سابقًا، لكنني أدرك جيدًا ما تشعر به "
لم يلقى مايك رد من فبريانو، هو بالأساس لم ينتظر منه رد على حديثه بل اكمل بشرود وهو يتذكر ماضي لم يزل في رأسه، ماضٍ ظن أنه دفنه بعيدًا عن الجميع، ماضٍ مازال يقطر سمًا على جروحه ليتأكد بكل خبث أنها لن تلتئم :
" تتذكر رفيقي الذي تعرفت عليه أثناء دراستي الجامعية ؟؟؟ ذلك الشاب المسمى رحيم ؟؟؟"
و مجددًا لم يهتم مايك إن كان فبريانو سيجيبه ام لا :
" ذلك الشاب كان خير صديق لي، لم اعلم أنني تعلقت به بشدة إلا عندما قتل أمام عيني "
صمت وهو يبتسم محاولًا أخفاء دموعه وتغطية نبرته المجروحة :
" تم خطفه من قبل بعض الشباب في الجامعة الذي كانوا يضايقونه، واستمروا في اذيته جسديًا و لفظيًا، لأيام وايام حتى قرر الانتحار "
أنهى حديثه وهو يمنع خروج شهقته ليقول ببسمة، ينظر لفبريانو الذي كانت ملامحه تزداد سوادًا :
" ادري الآن جرحك ومقدار ألمك، أن تجلس عاجزًا هكذا لا تملك من امرك شيئًا سوى التمني، تمني لو أنك لم تبتعد عنها اخر مرة رأيتها بها، تمني أنها بخير، تمني أنها ستعود لك في النهاية، أدرك كل ذلك، وأدرك مقدار الوجع الذي يقبع خلف ملامحك الصخرية تلك، لكن فبريانو نحن لن نستطيع خسارتك يا اخي، يمكنك البقاء وصدقني لن اشتكي يومًا من ضربك لي أو اضايقك يومًا "
أنهى حديثه وهو يبكي مندفعًا لأحضان فبريانو يضمه من خصره هامسًا من بين شهقاته :
" أنا اثق بك يا اخي واثق بما ستفعله، اثق أنك لن تخيب املي أو امل أحد، أنا اثق بك فبريانو، ورغم كل ما كنت تفعله بي والجميع، إلا أننا نحبك، وكثيرًا "
ابتسم فبريانو بسمة باهتة قبل أن يربت على ظهر مايك هامسًا بحب و حنان شديد :
" وانا احبكم كثيرًا ....وأحبها هي أيضًا يا اخي؛ لذا لا يمكنني التخلي عنها "
" اثق بك، واثق انك ستنجو من كل ذلك "
______________________________
كانت تجلس وهي تضم قدمها لصدرها ترفض الاستجابة لأي شيء حولها، ترفض أن تلتفت حتى للخادمة التي تحاول أن تطعمها منذ ساعات طويلة ...
ترفض كل شيء، ترفض واقعها ...
هبطت دموع روبين وهي تغمض عينها بعنف تحاول أن تنفصل عن واقعها، تحاول ابعاد كل تلك الأصوات التي تهمس لها أن تلك نهايتها، تحاول ابعاد تلك المشاهد التي تعاد أمامها....
همسة صغيرة خرجت منها بصوت خافت ابح من كثرة بكائها :
" فبريانو أنت فين ؟؟؟؟؟؟؟"
أنهت روبين همستها وهي تنخرط في بكاء عنيف جعل تلك الخادمة تزفر بضيق وهي تخرج من الغرفة مقررة التوقف عن المجئ لها، فلا فائدة ترجى من ذلك ...
راقبت روبين اغلاق الباب خلف الخادمة وتناهى صوت المفاتيح لمسامعها معيدة إليها مشهد اختطافها حينما كانت في المطار ....
أعطت روبين الهاتف للطفل ببسمة صغيرة قبل أن تتحرك ببطء صوب والدتها مقررة أن تتواصل مع فبريانو بأي طريقة عند عودتها، ولو كانت حياتها تتوقف على زواجها من مدحت، فلتمت افضل من فعل ذلك .
توقفت فجأة وهي تصطدم بعدة أجساد تقطع عليها طريق العودة، حاولت تخطيهم بهدوء وهي مازالت تمسح دموعها الساقطة، لكن أحدهم مدّ يده لها يمنعها من ذلك ...
رفعت روبين عينها له وهي تقول بصوت مبحوح تحاول اخراج نبرتها متزنة :
" عفواً هلّا افسحتم الطريق ؟؟؟ اود المرور "
لم يجيبها أحد منهم، بل بكل هدوء اقترب أحدهم منها وهو يتوقف أمامها، تشنجت روبين من فعلتها لتفتح فمها للصراخ لولا رؤيتها لورقة توضع أمام نظرها واحدهم يتحدث بانجليزية متقنة :
" عفواً يا سيدة هل يمكنك اخبارنا ما تحتويه تلك الورقة، فلا أحد منا يستطيع قراءة الإيطالية "
نظرت روبين للورقة نظرة سريعة ثم رفعت عينها وهي تعود للخلف بريية من أمرهم، تقول بشك من حجته الحمقاء التي تشبه تلك التي كانت تستخدم لخطف الاطفال قديمًا :
" عفواً يا سيد لكنني لا استطيع قراءة الإيطالية أيضًا "
أنهت حديثها وهي تحاول تغيير طريقها للابتعاد عنهم بسرعة وتبحث عن والدتها، لكن فجأة أوقفها الرجل مجددًا وهو يقطع طريقها يمد الورقة في وجهها لدرجة أنها التصقت بها لثواني يردد بإصرار عجيب أكد ظنونها :
" ألقي نظرة أخرى عليها لربما عرفتي شيء "
صاحت روبين بصوت عالٍ وهي تنظر لهم بخوف :
" أخبرتك أنني لا اسـ....."
و لم تكمل كلمتها بسبب موجة الاغماء التي هاجمتها ليلتقطها أحدهم بسرعة وهو يحملها بعدما تأكد من اغمائها بسبب المخدر الموضوع على الورقة والتي كان قد الصقها في وجهها ليتأكد من استنشاقها له...
تفرق الرجال في جهات مختلفة حتى لا يثيروا الشك في قلوب الجميع خاصة مع تلك الفتاة المغشي عليها، وتبقى فقط الشخص الذي يحملها مدعيًا أنها زوجته وقد سقطت من التعب فقط لا اكثر ...
فاقت روبين من شرودها بفزع وهي تستمع لصوت فتح الباب تبعه صوت ذلك الحذاء الذي ميزته بسهولة شديدة لكثرة تردده عليها في الساعات الأخيرة ...
ارتجفت روبين وهي تستمع لصوته المقيت يردد :
" إذًا يا صغيرة أخبرتني الخادمة أنكِ رفضتي الطعام ؟؟؟ هذا سيء بحق، هكذا سيظن سيد فوستاريكي أنني بخيل لم استضيفك بشكل يليق بحبيبة فبريانو فوستاريكي في منزلي المتواضع "
لم ترفع روبين عينها في وجهه وهي تراه يقترب منها ثم قال ببسمة مخيفة :
" أتعلمين الآن فقط صدقت تلك المقولة الغبية التي تقول الحب يصنع المعجزات، فمن كان يصدق أن فبريانو المرعب قد يرضخ يومًا لأحد ؟؟؟؟ والآن هو لم يرضخ فقط، بل سيُقتل لأجلك، كم أنتِ محظوظة يا فتاة !!!"
رفعت روبين واخيرًا عينها برعب في وجه ذلك الرجل لا تصدق حديثه عن قتل فبريانو، لتصدح ضحكة الرجل في الغرفة وهو يتحرك نحو الخارج تاركًا إياها ترتجف داخليًا ليس خوفًا على مصيرها المجهول، بل رعبًا جراء حديثه السابق عن موت فبريانو ......
________________________________
كانت روز تقف أمام المرسم الخاص به وهي تراقبه يدمر كل ما تطاله يده من رسومات، غير مهتمًا لما بذله من تعب لانهاء تلك الرسمة أو ما شابه، هو فقط أراد وسيلة ليفرغ فيها عن غضبه ....
توقف جايك في منتصف المرسم وهو يراقب كم الدمار الذي احدثه من حوله، يتنفس بعنف شديد مغمضًا عينه بوجع قبل أن يتقهقر ارضًا وهو يستند على الجدار خلفه، لتقع عينه فجأة على دفتره الخاص جواره، لكنه لم يهتم وهو يمسكه ملقيًا به بعنف شديد بعيدًا عن وجهه خارج المرسم كله..
سقط الدفتر خارج الغرفة بعيدًا بعض الشيء عن روز التي اقتربت سابقًا من الغرفة بفضول شديد عندما سمعت صرخات قادمة منها، تقدمت ببطء من مكان الدفتر وهي تنحني لحمله والفضول يكاد يقتلها لرؤية ما به، وقبل أن تفتح الدفتر وجدت يد تنتزعه منها بقوة كبيرة ولم يكن سوى جايك الذي تذكر فجأة أمر رسمتها الخاصة التي لم يكملها، رسمتها التي شغلت باله ايام، ليركض صوب الخارج؛ حتى يحضر الدفتر مجددًا قبل أن يجدها هي، رسمته الناقصة و الزهرة النادرة تنحني لتمسكه، اندفع بقوة يجذبه من يدها وهو ينظر لها بشر ثم صرخ مندفعًا بسبب قلقه من الغد وبسبب قلقه من أنها لمحت رسمتها :
" كيف واتتك الجرأة لرؤية ما لا يخصك ؟؟؟"
نظرت له روز بصدمة من صراخه، تحاول فتح فمها للحديث بشيء، لكنها وقفت عاجزة أمام ذلك، لا تستطيع الدفاع عن نفسها بالحديث؛ لذا اخذت تحرك يدها بسرعة كبيرة تحاول تبرير فعلتها له، لكنه لم يمنحها الفرصة وهو يجذبها بعنف شديد متحدثًا من بين أسنانه بشر :
" اياكِ والاقتراب من أي شيء يخصني مجددًا سمعتي ؟؟؟"
سقطت دموع روز بعنف وهي تهز رأسها بسرعة توافقه حديثه، تود فقط الرحيل من أمام وجهه المخيف الآن، قبل أن تشعر بيده تتحرك على وجهها برقة ثم صوته يهمس لها :
" من السيء يا صغيرة أن تعبثي بأشياء غيرك "
فجأة تركها جايك وهو ينظر للدفتر بيده قليلًا قبل أن يرفع عينه لها قائلًا ببرود :
" ارحلي من هنا "
وكأنها كانت تنتظر كلمته حتى تركض باسرع ما تملك، تاركة إياه يؤمقها بغموض قبل أن يعود صوب مرسمه يغلق بابه بقوة خلفه....
_____________________________
" أخبرتك أنني لا اريد الحضور غدًا ماركوس؛ لذا توقف عن الحديث "
أنهى ادم صراخه بجنون بينما صدره يعلو ويهبط بقوة مكملًا صراخه :
" أنا لا أريد رؤية اخي يُقتل أمام عيني سمعت ؟؟؟"
مسح ماركوس وجهه بضيق شديد وهو ينهض من على فراشه الخاص متجهًا صوب ادم يجبره على النظر له وهو يكرر بقوة عكس ما يعتريه من رعب داخلي :
" سمعت ما قاله انطونيو، الجميع سيحضر ادم، الجميع سيحضر لنتأكد من استحواذنا على اكبر عدد من المقاعد حول طاولة الاجتماع و بالتالي زيادة فرصة استقرار الخيار على أحدنا "
" و ماذا إن لم يكن أحدنا هو المختار ؟؟؟"
ابتلع ماركوس ريقه برعب من تلك الفكرة، لكن رغم ذلك قال بهدوء وثقة :
" فقط اجلسوا كما خطتت أنا، بنفس الترتيب الذي اخبرتكم به، وانا من سيدير المسدس وسأحدد زاوية توقفه حسب سرعة يدي وزاوية جلوس كل واحد منكم، وكما أتفقنا سيتوقف المسدس عند جاكيري "
اغمض ادم عينه وهو يتذكر تلك الخطة التي وضعها الجميع معتمدين فيها على دقة وذكاء ماركوس في التخطيط، وقد تبرع جاكيري بأن يفتدي هو الجميع ويجلس في المكان المحدد لتوقف فوهة المسدس ضاربًا بأي حديث سيقال عرض الحائط، ليقول الجميع عنه جبان، ليقولوا ما يريدون، هو على أتم الاستعداد لتحمل كل ذلك لأجل أي أحد فيهم، ورغم إصرار الباقيين خاصة مارسيلو على أن يكونوا هم المستهدفين، إلا أن جاكيري رفض رفضًا قاطعًا أن يعرض أحدهم لذلك الأمر، مقررًا أنه هو من سيأخذ المسدس و يلقيه ارضًا متحملًا كافة الاتهامات والحديث الذي سيتلقاه...
" ادم ثق بي يا اخي، ليست اول مرة اخطط لشيء صحيح؟؟؟"
هز ادم رأسه بنعم ليبتسم له ماركوس بأمل شديد :
" اذًا لِمَ الخوف لا تقلق، واستعد للغد يا اخي...."
_________________________________
وأتى اليوم المرتقب للجميع، الجميع يتمنى أن تسير الأمور كما خطط لها، تسير الأمور كما هو مرجو منها...
دخل الجميع بكل هيبة يتبعون الجد كالعادة في منظر مهيب، لكن المختلف تلك المرة أن المعني من ذلك الاجتماع هو أحدهم ....
عيون كثيرة تدور في المكان والكل يفكر في القادم، مملكة اليخاندرو بدأت تنهار، خبر مفرح للكثير الذي ينتظر أن يزيح اليخاندرو جانبًا، و مقلق للبعض الذي يتبع اليخاندرو، فأنهياره يعني ضياعهم ...
ها هو واحد من أهم الركائز التي يستند عليها اليخاندرو على وشك السقوط ..
تراص الجميع حول الطاولة يحاولون تغطية اكبر عدد من الجهات، لزيادة احتمالية أن يقع الاختيار على أحدهم، كان ادم يتنفس بعنف يحاول منع ارتجاف يده للمرة الأولى في حياته، يشعر بجسده كله يرتجف رعبًا، اخوه الكبير، من عمل على تربيته على شفا خطوة من الموت .
بصعوبة تمكن مارتن من منع دموعه، تنفس ليمنع تلك الغصة التي جاهدت للخروج، ينظر لأخيه مرة أخيرة ليقنعه بالتراجع، لكن فبريانو كان جامدًا بشكل مخيف لم ينظر لأحد أو يتحدث سوى بكلمة واحدة :
" لننتهي ...."
وأخيرًا رفع اليخاندرو عينه لفبريانو وقد بدأت تغيم عينه بدموع يتذكر عندما حصل اليخاندرو حفيده الثالث والذي كان دائمًا يضايقه بأنه الطف الاحفاد كلهم ...
اغمض عينه وصوت يتردد في أذنه، صوت صغير ملائكي يتحدث ببراءة كبيرة له ( إذًا يا جدي عندما اكبر سأصبح قوي مثلك ؟؟؟ ولن يناديني أحد باللطيف ؟؟؟؟؟؟ )
( أنا سأصبح مخيفًا عندما اكون كبيرًا يا جدي حتى يتوقف الجميع عن نعتي باللطيف )
( توقف عن حديثك هذا سيد اليخاندرو أنا لم أعد فبريانو الصغير ويمكنني تدبر نفسي )
( حسنًا فهمت فهمت ...المرة القادمة سأقتله دون تعذيب، هل هذا جيد ؟؟؟؟)
( سيد اليخاندرو هل ستستمر في عقابي الممل هذا كثيرًا، ألا قلب لديك لتشفق على حفيدك الحبيب ؟؟)
افاق اليخاندرو بفزع على صوت انطونيو الذي كان يجاوره وهو يقول بصوت مختنق :
" جدي ....لنبدأ "
أنهى انطونيو حديثه وهو يرمي مسدسه صوب ماركوس الذي كان يجلس جواره معطيًا بذلك إشارة تنفيذ مخططهم كما قالوا سابقًا، بعد أن جلس الجميع على المقاعد المتفق عليها، وكل شيء يسير وفق الخطة، الأمر الآن يتوقف على ماركوس وعقله ...
هز ماركوس رأسه وهو يمسك المسدس ثم نهض ببطء ينظر في الوجوه والاعين المسلطة عليه، الجميع الآن يعيش جحيمه الخاص، والقليل فقط يحيا لحظات نعيم ...
ابتلع ماركوس وهو يدور بعينه في جميع الزوايا الخاصة بالغرفة يتذكر حساباته التي حسبها البارحة