رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم رحمة نبيل


 رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الخامس والعشرون



كانت فيور تنصت لما تقوله جولي وهي تشعر وكأن أحدهم ضرب رأسها بمطرقة كبيرة، لا تصدق ما تقول، بحق الله هل وصل عقلها الباطن لتلك الدرجة من الانحراف، نعم هي أخبرت ماركوس أنها كانت تتحرش بالرجل، لكن كان ذلك فقط حتى تستفزه وتثير غضبه كما يفعل معها .

كانت جولي يجلس وهي تقص كل شيء ببساطة على فيور :

" ثم عندما كدنا نرحل نسيناكِ في منزل روبين "

توقف ماركوس قبل أن يخرج من المنزل فجأة ينظر حوله بحثًا عن فيور، لكن لم يجدها؛ لذلك تحدث لجولي بتعجب :

" أين هي فيور جولي ؟!"

هزت جولي كتفها بجهل قبل أن يسمع ماركوس صوت كارين تقول مشيرة للمنزل :

" آخر مرة رأيتها كانت تنام على الأريكة في الداخل "

فتح ماركوس عينه لا يصدق أنها نامت هكذا بكل بساطة في مكان غريب عنها، مسح وجهه بحنق وهو يقول مغتاظًا مما تفعل :

" تلك الكارثة ذات الأرجل القصيرة تكاد تصيبني بالجنون "

تحرك ماركوس مجددًا صوب الباب الداخلي للمنزل والذي كانت جاسي على وشك غلقه لولا استماعها لذلك الصوت القادم من بعيد وهو ينادي :

" لحظة من فضلك "

توقفت جاسي عما تفعل قائلة بتعجب :

" ماذا هل نسيتم شيئًا؟!"

هز ماركوس رأسه ليتبع هزته تلك ببسمة ساخرة :

" بل نسينا شخصًا "

فتحت جاسي عينها بغباء وهي تقول :

" شخص؟؟"

" نعم، فيور غفت على الأريكة في الداخل ونسيناها "

ضحكت جاسي له وهي تفتح الباب سامحة له بالدخول تقول :

" اه حسنًا، تفضل "

دخل ماركوس يتحرك بسرعة صوب البهو وهو يفتش بعينه عنها بعدما أضاء انوار المكان الذي كان أصحاب المنزل قد اغلقوها دون حتى أن يلمحوها، وكيف يفعلون وهي قد انحشر جسدها في ركن الأريكة حتى كادت تبتلعها، نفخ ماركوس بغيظ وهو يتحرك صوبها يتحدث بسخرية :

" لن تستيقظ بالطبع ولو أقمت حربًا جوارها "

امسك ماركوس يدها وهو يسحب جسدها الذي كادت الأريكة تبتلعه، لكن وبسبب شده العنيف شعر فجأة بها تندفع صوبه بقوة وكأن الأريكة تبصقها، تلقاها ماركوس سريعًا بين أحضانه بعدما تمكن باعجوبة كبيرة من منع سقوط وشيك لهما سويًا .

امسك ماركوس جسدها، ثم انحنى وحملها على ظهره وهو يردد يتهكم :

" حتى الأريكة لم تتحمل وجودك ولفظتك "

ضمت فيور رقبته وهي تبتسم بسعادة وكأنها تتكرم في أحلامها عن مجمل اعمالها، لم يهتم ماركوس وهو يتحرك صوب الخارج شاكرًا جاسي، ثم انضم للجميع وهو يخبرهم أن يتحركوا، لكن وقبل أن يتحرك أحد سمع الجميع صوت فيور وهي تهمس من بين نومها :

" تبدو عضلاتك صلبة "

تجمد ماركوس وهو يفتح عينه بصدمة يتنفس بعنف بسبب حديثها وحركة يدها على صدره، بينما مايك يكتم ضحكته وهو يقول :

" الصغيرة تتحرش بك يا اخي "

ابتلع ماركوس ريقه، يسرع من سير أقدامه نحو السيارة بينما فيور تقول بصوت متذمر :

" فقط قبلة واحدة "

شعر ماركوس بجسده يتيبس وهو يركض صوب السيارة وضحكات مايك تتبعه وهو يقول بصوت عالٍ :

" يا رجل أحلامها تنافس احلامي وقاحة "

صرخت فيور وهي تقطع سيل حديث جولي :

" توقفي رجاءً، يا ويلتي كيف سأنظر في أعين الجميع بعد كل ذلك، اقسم أن هذه أول مرة يحدث ذلك، فأنا عندما اسقط في النوم لا أشعر بشيء حولي "

كانت تتحدث وهي تضع يدها على وجهها تشعر باحتراقه، بينما جولي تتمدد جوارها وهي تقول بسخرية :

" ما بكِ يا فتاة لا تكبري الموضوع، في النهاية هو شقيقك في الرضاعة صحيح ؟!"

استدارت فيور بعنف لجولي وهي تصرخ :

" هل تسخرين مني جولي؟!"

نهضت جولي وهي تنظر لها بشر تقول :

" لا اسخر منكِ يا صغيرة، بل اواجهك بما تحاولين إنكاره، ذلك الماركوس إن لم تحافظي عليه، فانسي أن تجدي شابًا مناسبًا آخر، هذا إن لم يفت الأوان بعد "

ضيقت فيور حاجبيها بعدم فهم وهي تقول :

" أي أوان هذا ؟! "

ابتسمت جولي بخبث وهي تقول :

" تلك الصغيرة كارين رأيتها تنظر لماركوس البارحة وكأنها تحاول التودد له "

اشتدت قبضة فيور على المفرش أسفل يدها وهي تشرد أمامها وعقلها يدور في دوائر مغلقة محاولًا تحديد مكانة ماركوس لديها وإن كانت ستخوض تلك الحرب لاجله، أم أنه لا يمثل لها ذلك الشخص الذي تعتقده جولي ؟! 

________________________________

خرجت من غرفتها وهي تتحرك صوب الاسفل تشعر بملل شديد بسبب كثرة جلوسها في الغرفة بعدما حذر جاكيري أحد من مقاطعة تمارينه الغبية، هبطت روز الدرج وهي تنظر حولها تبحث عن أحد لكن لم تجد أي شخص في البهو كما توقعت؛ لذلك ابتسمت وهي تتحرك صوب المطبخ وقد اشتاقت حقًا للوقوف به والطهي كما تحب أن تفعل .

تحركت روز وهي ترفع شعرها لأعلى، ثم بدأت تبحث في المطبخ عما ستحتاجه، وأثناء تحركها شعرت بصوت يصدر من أسفل الطاولة الرئيسية في المطبخ، تجمدت قدم روز بخوف وهي تتوقف فجأة أمام تلك الطاولة، ترهق السمع جيدًا للتأكد أن كل ذلك ليس من مخيلتها .

لكن لم تسمع صوت؛ لذلك زفرت براحة وهي تتحرك بعيدًا عن الطاولة حتى تكمل ما كانت تفعل، لكن وقبل أن تبتعد أكثر سمعت ذلك الصوت يعود من جديد وكأنه صوت همسات، ابتلعت روز ريقها برعب وهي تتراجع بظهرها للخلف ودون أن تُحدث صوتًا، وبعدها مدّت يدها وامسكت بالمقلاة التي كانت على طاولة تحضير الطعام، ثم تحركت بخفة صوب الطاولة التي يأتي من أسفلها الصوت.

أمسكت روز المفرش تتنفس بقوة تحضر نفسها لقتل أيًا كان ما يقبع أسفل الطاولة، عدت روز حتى الثلاثة، ثم ودون مقدمات كانت ترفع الغطاء بقوة وتهبط بالمقلاة أعلى رأس ذلك الذي يختبئ اسفل الطاولة .

فتحت روز عينها بصدمة وهي تستمع لصرخات تنطلق في المطبخ تتبعها سبات عالية غاضبة، عادت للخلف وهي تلقي المقلاة برعب كبير في نفس الوقت الذي دخل به جاكيري المطبخ وهو يقول بشر :

" ها سمعت صوت صرخاتك أيها الاحمق، هيا أخرج "

تحرك جاكيري صوب الطاولة وهو يمد يسحب قدم مارسيلو الذي تمسك بالطاولة وهو يصرخ :

" لا، لا أريد الرقص، ذلك متعب، لقد تحطم جسدي "

لكن جاكيري لم يستمع له وهو يجذب جسده على الأرض كما لو أنه يسحبه للمذبح، ومارسيلو يتمسك في أي شيء يقابله وهو يصرخ :

" لا اريد الرقص، اريد النوم ....يا امي "

تحدث جاكيري بغيظ وهو يجذبه بشكل أقوى :

" سوف ترقص رغم انفك أيها الكسول، وسوف ازيد عليك ساعات التدريبات حتى تخطط مع الحمقى الآخرين للهرب "

امسك مارسيلو بأول شيء لمحته عينه والذي كان قدم روز وهو يصرخ :

" لا لن افعل، توقف عن معاملة جسدي المسكين بهذا الشكل، هو لم يعتد سوى الدلال "

كانت روز تتمسك بالطاولة صارخة بفزع :

" ما بك دع قدمي "

لكن مارسيلو لم يكن يسمعها وهو يحرك قدمه بقوة ليفلت من يد جاكيري وهو يصرخ أكثر :

" النجدة، أنقذوني، ياجدي انقذني "

كان يصرخ وهو مازال يمسك بقدم روز التي كانت تصرخ :

" دع قدمي سأسقط "

في ذلك الوقت دخل جايك وهو يقول بسعادة :

" لقد وجدت ماركوس ومايك في الـ "

لكن فجأة توقف وهو يرى ذلك المشهد الذي أشعل عينه وهو يركض صوب روز بسرعة يمسك خصرها ساحبًا إياها بقوة صوبه وهو يضرب يد مارسيلو بقدمه صارخًا :

" أنت أيها الكوالا، دع قدمها تبًا لك "

ترك مارسيلو قدمها وهو يشعر بسحب جاكيري يزداد له وهو يصرخ :

" لا، لا أريد الرقص، أنا اريد النوم، النجدة يا ميمي ....."

كانت روز تراقبه بصدمة وهي تردد من بين أنفاسها :

" ميمي ؟! من تلك ميمي ؟!"

تحدث جايك وهو يرمق رحيل مارسيلو بحنق مرددًا :

" أنها وسادته، آخر علاقاته الفاشلة "

فتحت روز عينها بصدمة وهي تهمس ناظرة لوجهه، غافلة عن المسافة القصيةر بين وجهها وخاصته بسبب ضم جايك لها :

" هل يسمي وسادته ميمي ؟! حقًا ؟!" 

ضحك جايك وهو يهز رأسه بنعم، ثم قال يشرح لها حالة ابن عمه البائسة :

" ميمي وساندي، هم علاقات سابقة لمارسيلو، ساندي كانت الأريكة المفضلة لمارسيلو قبل أن نعود من إحدى المهمات ويكتشف أن سيلين باعتها، وميمي تلك وسادته التي وجدها في أحد اليوم في غرفة ادم وقرر الانفصال عنها "

كانت روز ترمقه يبلاهة، قبل أن تهمس له :

" وأنت هل كنت في علاقات سابقة ؟! "

ابتسم جايك وهو يدقق النظر بملامحها شاردًا :

" علاقات طبيعية أم كتلك التي يمتلكها مارسيلو ؟!"

تحدثت روز وهي تبتلع ريقها تتململ بين يديه بعدما أدركت وضعهما :

" هل كانت هناك علاقات عادية سابقة لك ؟؟ "

" لا، لا أحد منا كان يمتلك علاقات سابقة فعلية، جميعنا كنا نغلق قلوبنا بأبواب محكمة، قبل أن يتفاجئ كل واحدٍ منا بواحدة تأتي تخترق تلك الاقفال وكأنها لم تكن "

ابتسمت روز بسمة صغيرة وهي تحاول الإفلات من بين يديه وتقول بموارة :

" إذن هل مازالت اقفالك كما هي أم أن هناك من كسرها واقتحم قلبك ؟!"

ابتسم جايك وهو يحرر خصرها ينحني مقابل وجهها مرددًا :

" اه يا فتاة، كيف اخبرك أن من اقتحم قلبي وحطم كل تلك الأقفال كان برقة الزهور وبجمال الحوريات ؟! "

ابتسمت روز بخجل وهي تنظر لعينه بحب :

" حقًا، من تلك يا ترى ؟!"

اقترب جايك أكثر من وجهها وهو يهمس :

" ألا تعرفينها؟! لقد قابلتيها من قبل "

ابتسمت روز بسمة وهي تجاريه في حديثه؛ حتى يقولها صراحة :

" ربما، لكنني لا أتذكرها "

ابتسم جايك وهو يخرج هاتفه يقول :

" إذن دعيني أنعش ذاكرتك "

وبعد أن أنهى كلماته وضع هاتفه أمام وجهها وهو يقول بحب وصوت حنون :

" هذه هي زهرتي الحبيبة "

ابتسمت روز بخجل وهي ترفع عينها للهاتف قبل أن تنمحي بسمتها فجاة وهي تقول :

" ما هذا ؟! "

" زهرتي، علبة الالوان الخاصة بي "

رفعت روز وجهها له بغضب وهي تقول :

" حقًا ؟!" 

غمز لها جايك وهو يتحرك :

" جميلة ها ؟!"

راقبت روز رحيله بصدمة وهي تهمس :

" علبة الوان ؟! تقع في عشق علبة الوان ؟! ما بال تلك العائلة ؟! "

مسحت روز وجهها بغضب وهي تستند على طاولة الطعام تحاول تمالك نفسها وهي تتنفس بعنف قبل أن تشعر بإحدى خزانات الطعام التي تقبع أسفل الطاولة التي تستند عليها تُفتح ويخرج منها صوت آدم وهو يقول :

" هل رحلوا ؟!" 

_______________________

كانت كلًا من جاسي ورفقة تجلسان على الفراش وامامهما روبين التي كانت تجرب الثياب التي اشترتها برفقة جاسي تباعًا، وهي تأخذ آراء الاثنتين بجدية .

" حلو ده ؟!"

رفعت رفقة ابهامها وهي تخبرها أنه جيد دون حتى أن تكلف نفسها عناء رفع رأسها من على الوسادة وتلقي نظرة على ما تتحدث عنه روبين، وجاسي تجلس على الفراش تقلب في هاتفها بحنق وملامحها يعلوها جمود مخيف قبل أن تقول :

" رفقة هو اخوكِ ده ناقص ؟!"

رفعت رفقة رأسها قليلًا وهي ترمق جاسي بغرابة :

" ناقص ايه لا مؤخذة ؟!"

وضعت جاسي الهاتف في وجه رفقة وهي تريها صورة لأخيها والتي رفعها للتو على أحد مواقع التواصل الاجتماعي برفقة فتاة ترتدي تيشرت لا يغطي معدتها بالكامل، و شورت قصير يعلو ركبتها وهو يحمل هاتفه ويقوم بأخذ صورة لهما في إحدى المرايا .

أطلقت رفقة صغيرًا عالي وهي تقول :

" يا ابن الصايعة، ايه البنات النضيفة دي ؟! من امتى واسكندر بيعرف بنات كده ؟!"

رفعت جاسي حاجبها وهي تقول بغيظ وغصب مكبوت :

" هو اخوكِ فين ؟!"

" راح التدريب في النادي، بس ابن اللعيبة مقالش أن معاه نسوان تشرح القلب كده، وانا اقول كل شوية يختفي ويروح النادي ليه ؟! اتاري القعدة هناك طرية ومهوية على نفسها كده "

اقتربت روبين تنظر في الهاتف بفضول كبير وهي تحشر رأسها بينهما تقول مدققة في ملامح الفتاة :

" ايه القرف ده ؟! البنت شكلها وحش اوي "

ابتسمت رفقة وهي تنظر لها بسخرية :

" خفي أنتِ سواد من جواكِ وانتِ هتشوفيها حلوة "

نفخت روبين بحنق شديد، ثم اعتدلت ووقفت في منتصف الغرفة وهي تمسك ثيابها تردد بغيظ :

" طب ممكن تركزوا شوية معايا ؟! عايزة اتنيل استقر على حاجة، أي واحد هو الاحسن ؟!" 

" الاحمر والاسود والاخضر هم الافضل من بين الجميع "

ولم تكن تلك الجملة قادمة من رفقة او حتى جاسي التي فتحت عينها وهي تشهق ناظرة صوب النافذة التي يجلس فبريانو على فرع الشجرة المقابلة لها، أطلقت روبين صرخة عالية وهي تتحرك بسرعة تحاول أن تخفي نفسها من أمام عينه، بينما فبريانو لا يفهم سبب ما تفعل :

" ماذا ؟! ألم يعجبك ذوقي ؟!"

صرخت روبين وهي تتحرك صوبه بعنف صارخة :

" أنت ازاي تدخل بالشكل ده ؟! مش تستأذن الاول ؟!" 

نظر فبريانو نحو روبين وهو يزم شفتيه باعتراض :

" استأذن ؟! اخبط على الشباك يعني ؟!"

زفرت روبين بقوة وهي تنظر لجاسي ورفقة التي كانت تكتم ضحكتها العالية عليها تسمعها توبخ فبريانو بقوة :

" افرض كنت مش لابسة حاجة مناسبة ؟!"

" لا بأس حقًا أنا لا أمانع في رؤيتك بثياب عارية "

فتحت روبين عينها بصدمة وهي تشهق بقوة مرددة :

" أنت.... أنت... أنت واحد سافل تعرف كده، واتفضل انزل من هنا مينفعش تفضل قاعد كده وتشوف أي حاجة كده غلط اساسا "

لوى فبريانو شفتيه بحنق وهو يردد :

" ما جاسي وصاحبتك هنا اشمعنا أنا اللي امشي؟! بعدين أنا اللي مركز معاكِ وبديكِ رأيي مش هما اللي قاعدين يتكلموا على اخو رفقة الثقيل والبنت اللي معاه "

" أنت هنا من امتى بالضبط ؟!"

أجاب فبريانو ببساطة :

" منذ اللحظة التي بدأتِ فيها في اختيار الملابس، اجلس هنا بكل احترام وهدوء وانتبه لكِ بكل حواسي، ليس مثلهما لا تهتمان لكِ؛ لذلك من المفترض طردهما وابقائي أنا "

في تلك اللحظات وخلال ذلك الحوار الصغير كانت جاسي تفتح فمها بصدمة وهي تراقب أفعال وحديث وطريقة تعامل دراجون مع اختها، لو أنها تخرج الآن من صدمتها وتصور ما يحدث، لو أنها فقط تتمكن من تسجيل تلك اللحظات النادرة لتريها للوحدة الخاصة بها، هي لا تصدق حقًا ما يحدث .

تحدثت رفقة وهي تنظر لفبريانو بتساؤل :

" هو جاكيري فين؟! مجاش معاك ليه ؟!"

نظرت روبين لرفقة وهي تقول بصراخ :

" يجي فين يا هبلة هما في مسرح، ايه ما يلم العيلة ويجي يقعدوا على الشجرة ويتفرجوا "

" لا مش قصدي، أنا كنت أقصد يعني يجي معاه البيت مش يطلع هنا"

حرك فبريانو بيده في الهواء وهو يردد بعدم اهتمام :

" جاكيري في المنزل مع الباقيين، والآن هلّا اريتني باقي الفساتين ؟!"

لم تكد روبين تجيب بكلمة، حتى سمعت صوت والدها يقترب من باب غرفتها وهو ينادي عليها :

" روبي ...روبين "

لطمت روبين وجنتها برعب وهي تستدير صوب فبريانو بخوف، لكن فجأة فتحت عينها بصدمة كبيرة وهي تجد مكانه على الفرع فارغًا، استدارت روبين برعب صوب الفتيات وهي تقول مشيرة للمكان الذي كان به :

" هو كان هنا بجد ولا أنا بدأت اخرف ؟؟" 

ابتسمت رفقة ولم تكد تجيب حتى سمعت الفتيات صوت طرق على الباب وفادي يتحدث بهدوء :

" روبين البنات وصلوا يلا عشان تستقبليهم "

نظرت روبين خلفها ثم قالت :

" حاضر يا بابا، لحظة اغير وانزل ليهم "

ابتلعت ريقها وهي تتحرك ببطء صوب الشجرة تنظر للاسفل برعب أن يكون قد سقط، لكن بمجرد أن أخرجت رأسها من النافذة حتى وجدت فبريانو يتعلق على أحد الافرع بشكل أوحى لها أنه قرد في أحد الغابات الاستوائية :

" إذن هل آتي في المساء لرؤية باقي الثياب ؟! "

فتحت روبين فمها ببلاهة قبل أن تسمعه يضيف :

" روبين هو أنتِ كل فساتينك محترمة كده ؟! مفيش حاجة مقطعة أو قصيرة خالص ؟! " 

____________________________

خرج اليخاندرو من الغرفة التي كان يرابط بها منذ الصباح غير مهتم البتة بكل ما يحدث في الخارج من ضوضاء وصراعات وغيرها، بل كان كل ما يهمه هو الوصول للمعلومات التي تخص عائلة شقيق ايدن والذي من المفترض أنها عائلة جولي، لكن بمجرد خروجه وجد جميع أحفاده عدا فبريانو يضجعون على الارائك بكل كسل وفوق معدة البعض تستقر اطباق التسالي التي احضروها .

كان جاكيري يتحدث وهو يتناول بعض المحمصات :

" لا بأس إن لم نفز، فلن ندع الآخرين يفعلون، يمكننا تعطيل سياراتهم أو تهديدهم "

ردد ماركوس بكل هدوء وهو يلقي بعض قشور اللب على الأرض :

" أو نقتلهم "

هز مارسيلو رأسه مؤيدًا الفكرة :

" هذا سيكون أفضل من الرقص وكل ذلك التعب، اقسم أن جسدي يأن وجعًا"

ضحك مايك بسخرية وهو يقول :

" يأن ماذا يا عزيزي ؟! نحن لم نكمل تدريبات لنصف ساعة قضيت أنت عشرين دقيقة منها نائمًا "

أشار مارسيلو بيده مظهرًا عدم اهتمامه للأمر، قبل أن يعلو صوت انطونيو الهادئ والمسترخي :

" حسنًا من الأفضل أن تكملوا التدريبات لأجل فبريانو فأنتم لا تريدون اغضابه "

نظر له جايك بسخرية وهو يقول :

" لأجل فبريانو ام لأجل اضحاكك ؟!" 

ضحك آدم ساخرًا وهو يردد :

" فبريانو نفسه لا يهتم بتلك التدريبات، بل يستمر في الوقوف ومراقبة الجميع دون أي ردة فعل "

نهض مايك وهو ينفخ بضيق مبعدًا كل القشور عن ثيابه يقول بحنق :

" ما هذا الملل الشديد، أنا أشعر حقًا بالملل يأكلني، اريد الخروج والاستمتاع قليلًا، أعني دعونا نذهب للسهر في الخارج و...."

رفع مارتن إصبعه محذرًا:

" إياك وذكر الأمر حتى، آخر مرة خرجنا بها معك انقلبت الليلة رأسًا على عقب "

صمت مايك بحنق، ثم عاد وتمدد على الأريكة وهو يستمع لصوت خطوات يتقدم منهم، تبعها صوت فبريانو وهو يلقي بجسده على الأريكة يقول بملل :

" ماذا هل انهيتم التدريبات ؟!"

رزقه جاكيري نظرة غاضبة ثم قال :

" أين كنت يا هذا ؟! لم أجدك في المنزل منذ هربتم من التمارين "

نزع فبريانو جهاز التحكم من يد ماركوس الذي يجلس على الارض جوار الأريكة التي يتضجع عليها :

" كنت في عرض ازياء "

فتح مايك فمه بانبهار وهو يقول :

" عرض ازياء؟! هل هناك عرض ازياء هنا ولم تخبرني ؟! ربما كنت شاركت به أو حتى شاهدته، أنت حقير اقسم لك، إذن أخبرني كيف كان ذلك العرض "

رمقه فبريانو لثواني قبل أن يتذكر هيئة روبين في جميع الفساتين :

" كان ...رائعًا "

رفع مايك حاجبه وهو يقول :

" منذ متى كنت مهتمًا بهكذا أمور؟! ثم هل مازال العرض مستمرًا ؟!"

هز فبريانو رأسه دون شعور وهو مازال شاردًا في الأمر، لكن فجأة أخرجه مايك من شروده وهو يقول :

" إذن هل نذهب لرؤيته سويًا ؟! "

رفع فبريانو عينه له ببطء وهو يقول :

" لا "

" لماذا ؟!"

" لأن ذلك العرض ممنوع فيه دخول الرجال "

انكمشت ملامح مايك بتعجب شديد وهو يستمع لكلمات فبريانو الغريبة تلك، أي عرض هذا قد يُمنع له دخول الرجال ؟! ثم منذ متى بالأساس وفبريانو مهتم بالعروض، وإن كان مُنع الرجال من الدخول كيف حضره هو؟!

صدح صوت انطونيو في المكان يتحدث بخبث وهو ينظر لفبريانو وكأنه سمع أسئلة مايك ليجيب عليها بكل برود :

" نعم نعم ذلك النوع من العروض، والذي يتكون من عارضة أزياء واحدة ها "

اعتدل فبريانو قليلًا وهو يرمق انطونيو ببسمة واعين ملتهبة، ومايك يقف كالاخرق في منتصف الاثنين ينظر لهما بكل بلاهة :

" مهلًا مهلًا، هل اصبحتما تتحدثان بالالغاز التي أكاد أجزم أنها ليست بريئة البتة، وانا من اقف كالابله في المنتصف ؟! يا ويلي ما الذي حدث في هذا العالم، الأدوار تنقلب كل ثانية "

ضحك ماركوس بقوة على وجه أخيه وهو يقول مظهرًا تعاطفه :

" اه يا اخي أين ذلك الزمن الذي كنت فيه أنت اقذرنا، أصبحت الآن أكثرنا براءة "

انتهى من حديثه وهو ينفجر بالضحك والجميع يتبعه ومايك في المنتصف يرمقهم بحنق شديد قبل أن ينتبه لرنين الهاتف الخاص به معلنًا وصول رسالة له .....

تحرك مايك صوب الهاتف تزامنًا مع سماع صوت مارتن الذي كان يتحدث في هاتفه بجدية :

" حسنًا جولي لا بأس، لكن لا تتركي الجميع، وابقي الهاتف في يدك، إذا شعرتي بالخوف أو كنتِ وحدك اتصلي بي فورًا "

صمت قليلًا ثم قال بحنان :

" حسنًا حبيبتي استمتعي واشتري كل ما تريدين ولا تهتمي، وداعًا "

تحدث آدم وهو يقول بفضول :

" إلى أين هن ذاهبات ؟!"

أبعد مارتن الهاتف عن أذنه وهو يقول ببساطة :

" إلى مركز التسوق لشراء بعض الثياب "

هز آدم رأسه وهو ينظر لهاتفه بحنق، يتساءل عن سبب تجاهل هايز لاخباره، أو بالأحرى عن سبب تجاهلها له منذ البارحة، ونظرتها له كلما صادفته وكأنه خيب ظنها أو ما شابه . 

كان الصمت يعم المكان إلا من حديث مايك في الهاتف وهو يقول بصوت حاد عالٍ :

" ما الذي حدث بحق الله ؟!"

___________________

وكانت جملة لورا التي ختمت حديثها هو ما جعل موسى يصرخ مذهولًا من تفكيرها ودون حتى أن ينتبه بمن يحيطون بهما :

" ايه ؟! تنتحري ؟! اتجننتي ولا ايه يا لورا ؟؟"

فركت لورا يدها بقوة وهي تنظر حولها ترى إن كان أحدهم قد فهم حديثه، وتحمد الله أنه تحدث بالعربية وليس الإيطالية، ابتلعت ريقها وهي تشير له أن يهدأ :

" موسى خلص عاد لا تزيدها علىّ، حاسة حالي على تكة ورح انهار "

جلس موسى مكانه مجددًا ومازالت قبضته مشتدة بغضب، لكنه وبالنظر لحالتها تلك أثارت به عاطفة الأخوة التي يكنها لها قائلًا بهدوء :

" طب أنا آسف حقك عليا، متعيطيش وقولي براحة مالك يا لورا يمكن اقدر اساعدك "

كانت دموع لورا تهبط بقوة على خديها بهدوء كبيرة، قبل أن تقرر تحرير شهقاتها من سجون صدرها وهي تضع يدها على وجهها بقوة تقول بتعب ووجع :

"موسى أنا غبية وضعيفة ومكتئبة طول الوقت، الكل كان بيخاف يقعد معي مشان ما أنشر طاقتي السلبية حواليتهم متل ما بيحكوا، بس والله مو بأيدي، نفسي من جوا عم تبكي وجع وما لقيتلها علاج، انا تعبت من حياتي ومن الكل وحتى من حالي تعبت، وتعبت من الضعف الي جواتي أنا حاسة أني عم دور بدايرة فاضية كل ما بفكر إني وصلت لمركزها، بلاقي حالي عم دور معها، موسى أنا حاسة بالضعف والخسارة "

كان موسى يستمع لحديث لورا وهو يشعر بالصدمة مما تقول، هو لم يعتقد أن لورا تحمل كل ذلك التعقيد داخلها، بل كان اعتقاده أن ما تواجهه هي مجرد مشاكل صغيرة أرهقت عقلها ولذلك فكرت في الانتحار .

اعتدل موسى في جلسته وهو يقول بحنان يشعر كما لو أنه يجلس أمام ابنته الكبرى التي تأتي لاحضانه باكية بعد يوم دراسي شاق :

" خلاص يا لورا حقك عليا، والله ما كان قصدي ازعلك اكتر، اقسم بالله أنا بعتبرك زي مرام بنتي وعشان كده اتعصبت لما سمعتك بتقولي كده عن نفسك "

بكت لورا أكثر وهي تقول من بين شهقاتها :

" هل كنت لتسمح أن يسيء أحدهم لابنتك موسى ؟!"

نظر لها موسى بعدم فهم قبل أن ترفع عينها له وتقول بصوت يقطر وجعًا :

" هل كنت ستسمح أن يتعدى أحدهم بالضرب على ابنتك تحت مسمى أنه خطيب او حتى زوج ؟!"

اشتعلت عين موسى وهو يتخيل ما تقوله، ابنته صغيرته التي يدللها ويلاعبها ويضمها مقبلًا إياها بكل حنان خوفًا أن تُخدش بين يديه، يأتي من يرفع يده عليها، شعر موسى باشتعال النيران في دمائه وهو يقول بتهور متناسيًا كل رقي كان يدعيه يومًا :

" ده أنا كنت قطمت رأسه بين أيدي وقرقشته بسناني، وبعدها هقطعه حتت وارميه في أي خرابة، لو فيها سجني "

سقطت دموع لورا وهي تقول بوجع من بين شهقاتها :

" ابي لم يكن موجوداً لفعل ما تقوله موسى "

انتهت من حديثها وهي تنخرط في بكاء عنيف تحت أعين موسى المصدومة مما وصل له، فتح فمه يشهق وقد شعر فجأة أن الهواء ينفذ من حوله يقول بصوت ضعيف :

" لورا هو حد ضربك؟! خطيبك القديم كان بيضربك ؟!" 

بكت لورا أكثر وهي تهز رأسها منزلة إياها ارضًا لا تعرف أخجلًا من ضعفها أم وجعًا.

شعر موسى بالدنيا تدور من حوله وهو ينظر لمظهر لورا ثم قال بصوت خرج منه بصعوبة :

" ألم تحاولي التحدث من قبل بشأن هذا الأمر مع والدك أو والدتك ؟!"

" أبي مسافر طوال الوقت، وأمي لا تهتم حقًا، بل هي من كانت تدفعني دفعًا نحوه "

عاد موسى للمقعد بظهره :

" استغفرك ربي و اتوب اليك "

صمت ثواني يحاول التوصل لشيء ثم سأل فجأة :

" هل مازال يحاول التقرب منك ؟!"

هزت لورا رأسها بلا ماسحة دموعها :

" لا هو تزوج بالفعل، والآن مشغول رفقة زوجته في شهر عسلهما "

تنفس موسى بحدة ثم قال وهو يفكر في شيء ما :

" تمام لورا، متعمليش حاجة وانا هتصرف "

" كيف ؟!"

هز موسى رأسه بغموض :

" لا تهتمي فقط اتركي لي اسمه بالكامل وكل ما يخصه "

كادت لورا تجيبه لولا رنين هاتفها، نظرت له بتعجب لتلمح رقم غريب دولي يظهر على شاشتها، نظرت بتعجب لموسى الذي كان شاردًا وعينه تلتمع بشر مخيف، ثم أجابت وهي ترفع الهاتف تقول بصوت خافت ضعيف بسبب بكائها الطويل :

" مرحبًا ..."

لكن كل ما اتاها صراخ حاد منفعل :

" ما الذي حدث بحق الله ؟!" 

________________________________

كان توفيق يتحرك مع الفتيات في المركز التجاري وهو يتنقل هنا وهناك بكل حماس، وسعادة كبيرة، بينما الفتيات جواره كلٌ يتحدث عما يريد.

تحدثت هايز فجأة ودون مقدمات :

" اريد ثياب عارية "

نظرت جميع الفتيات لها بصدمة ونظرات الريبة تتحرك فيما بينهم بتعجب، حتى انحنت جولي تهمس في أذن روما :

" يبدو أنها قررت أن تحارب انحراف آدم بانحرافها الخاص "

ضحكت روما بصوت عالٍ وهي تنظر لهايز التي خجلت مما تقول تحاول تصحيح ما فهمه الجميع :

" لا لا ليس كما فهمتن أنا فقط اريد تلك الثياب التي ترتديها النساء هنا عند الرقص "

رفعت روبين حاجبها بعدم فهم ثم قالت وهي تنظر لرفقة :

" هي قصدها عباية نانسي عجرم بتاعة اخصمك أه ؟!" 

هزت رفقة كتفها بجهل وهي تنظر لهايز تحاول معرفة ما تريده هي :

" حسنًا حبيبتي هل تملكين صورة لتلك الثياب ؟!"

هزت هايز رأسها، ثم أخرجت هاتفها وفيور جوارها تنظر باهتمام شديد لما تفعل حتى فتحت عينها بانبهار فجأة وهي ترى ما تقصد هايز، حركت هايز هاتفها وهي تعرضه أمام رفقة وروبين قبل أن تلتصق كلًا من جولي وروما بهن بينما روز تقف بعيدًا وهي تراقب بعض الفساتين المعروضة أمامها بشرود وجوارها كارين تلتقط صور عديدة لنفسها .

رمقت روبين الهاتف وهي تقول بإدراك وبصوت عالٍ دون انتباه للمكان حولهم :

" بدلــــــــــة رقــــــــــص ؟!"

فتحت رفقة عينها بفزع وهي تنظر حولها تلاحظ وقوف بعض الأشخاص، ابتسمت لهم بسمة غبية وهي تقول :

" بدلة رقص باليه مش زي ما فهمتم "

لكن روبين لم تكن تنتبه أن رفقة تحدث الأشخاص حولهم بحرج، وظنت أنها تحدثها هي، بينما هي ما تزال عينها معلقة بالهاتف وهي تشير له تقول بصوت عالٍ دون مراعاة المكان حولها :

" لا يابت مش باليه، دي بدلة رقص شرقي، حتى معاها صاجات اهي "

ضربت رفقة وجهها بحنق وهي تدفع روبين صارخة في وجهها بحنق :

" هو البعيدة متخلفة ؟! هو احنا قاعدين في البيت يا هبلة ؟! ما تمسكي لسانك شوية "

نظرت لها روبين بخوف من عصبيتها تلك وهي تهز رأسها بحسنًا ثم قالت بصوت منخفض :

" بس دي بدلة رقص شرقي مش باليه "

قالت رفقة بغضب :

" عارفة يا ختي عارفة، والناس كلها في المول عرفوا "

صمتت روبين بخوف منها قبل أن تنفخ رفقة بحنق وهي تشير للفتيات باللحاق بها تقول بجدية :

" هيا اتبعوني، سآخذكم لمحل يبيع تلك الثياب "

تحركت جميع الفتيات خلفها بلهفة والكل يريد شراء واحدة لامعة كتلك في الهاتف مع هايز وخاصة روما التي التمعت عينها بالحماس، بينما في ذلك الوقت كانت روز مازالت ملتصقة بواجهة أحد المحلات قبل أن تنتبه لصرخة كارين جوارها ...

" مهلًا انتظروني "

استدارت روز بسرعة وهي تجد الجميع رحل دونها، لوت شفتيها بحنق وهي تتبعهم بأقدام سريعة قائلة بتذمر :

" أيها الحمقى توقفوا"

دخلت رفقة مع الفتيات لمحل ملابس نسائية به كل ما قد تتمناه أي واحدة منهن، تحركت فيور في المكان وهي تفتح فمها بانبهار قبل أن تقول بتفكير :

" ترى هل ستكون تلك الأشياء جميلة علىّ ؟!"

اقتربت منها روما وهي تقول بخبث :

" لِمَ لا تأخذين رأى ماركوس ؟! "

نظرت لها فيور ببسمة ثم قالت :

" أنتِ يا فتاة خبيثة بشكل مخيف "

غمزت لها روما وهي تضحك متحركة صوب رفقة التي كانت تتحدث مع صاحب المحل تطلب منه ما تريد، وروبين جوارها تراقب الاشياء بانبهار :

" رفقة إيه رأيك اشتري أنا كمان واحدة ؟!"

نظرت لها رفقة بتعجب وهي تقول :

" هو مش أنتِ كان عندك واحدة تقريبًا "

" لا التانية قديمة ومش حلوة، وكمان أنا عايزة واحدة بترتر زي دول وبيلمعوا، وكمان دي عليها صاجات هدية "

كتمت رفقة ضحكتها وهي تستمع لصوت البائع يقول بمبالغة :

" لو لفيتوا مصر حتة حتة مش هتلاقوا مكان يبيع زينا، احنا اول ناس تاخد منهم لورديانا بدلتها قبل ما تتشهر، وانتم كمان لو اخدتوا من عندنا هتبقوا زيها "

ضحكت روبين بصوت عالٍ وهي تقول :

" دول فاكرهم جايين يحترفوا الرقص هنا "

لوحت رفقة بيدها ساخرة :

" من كتر الاشكال اللي بتجيه وبعدين تحترف الرقص اصل بقينا في كازينو مفتوح وأي واحدة ملهاش لازمة في بلدها بتيجي هنا الرجالة تحترف القرف ده "

اقتربت هايز من رفقة وهي تقول :

" ماذا يقول ذلك الرجل رفقة أنا لم افهم منه سوى اسم لورديانا، من تلك لورديانا "

أجابت رفقة وهي تقلب بصرها في المحل حولها بسخرية :

" عالمة ذرة "

فتحت هايز فمها بانبهار كبير وهي تراقب المكان حولها قبل أن يرتفع صوت روز وهي تقول بملل :

" أنا سأذهب للبحث عن الفستان الذي رأيته منذ قليل وبعدها سآتي هنا لكم" 

وما كادت تتحرك حتى سمعت صوت رفقة تقول بجدية :

" هل تعرفين الطريق روز ؟! "

هزت روز رأسها بنعم بينما هي في رأسها تحاول تذكر كيف أتت، لكن روبين لم تدع لها الفرصة لذلك وهي تقول :

" سوف اذهب أنا معها "

ابتسمت لها روز بامتنان وهي تتحرك رفقتها تاركة باقي الفتيات مع رفقة لشراء ما يردن، بينما روبين خرجت مفضلة العودة وحدها وشراء ما تريد دون خجل من أحد وقتها ستطلب أن تتعامل مع فتاة وليس رجل .

بينما في المحل كانت كارين تحمل أحدى الثياب القصيرة وهي تقول ببسمة واضعة إياها على جسدها :

" ما رأيكم في هذا الفستان ؟! رائع صحيح ؟!" 

نظرت لها فيور وهي تتشنج والنيران تشتعل داخلها ترى أن ذلك الشيء سيكون رائعًا عليها بحق، بينما هي إن ارتدته ستكون كطفلة صغيرة في ثياب والدتها، وفي تلك اللحظة استحضرت صوت ماركوس في رأسها وهو يخبرها ( الحياة ليست عادلة ها ؟!) 

هزت فيور رأسها بحسرة وكأن ماركوس أمامها :

" نعم ليست عادلة البتة "

تحركت رفقة صوب كارين تنتزع منها الثوب وهي تقول ببسمة محذرة :

" هذا ليس فستان كارين، ولا تعبثي في أي شيء حولك، هذه الثياب للكبار فقط "

لوت كارين شفتيها بحنق وهي تقول :

" وماذا في ذلك ؟! هل أنا طفلة أم ماذا ؟!"

ارتفع صوت روما وهي تقول بتحذير :

" كارين إن سمعت صوتك حتى العودة، فستكون آخر مرة تخرجين بها معنا "

ضربت كارين الأرض بقدمها وهي تتحرك صوب أحد المقاعد تجلس عليها بملل وهي تقول متمتمة :

" أنتِ مستبدة كزوجك "

تحدثت روما بحدة :

" سمعتك "

لم تهتم كارين لها وهي تمسك هاتفها تقلب به، ثم أخذت ترفع بعض الصور لها على أحد المواقع بعدما فعّلت حساباتها مجددًا برقم جديد، متناسية تمامًا أن هناك من ينتظر الفرصة لمعرفة مكانها .

في الطابق الأرضي كان توفيق يقف أمام عربة المثلجات وهو يراقب العروض التي يقوم بها الرجل وهو يصوره بانبهار كبير يتراقص معه على تلك الأغنية والتي طلبها هو منه خصيصًا ليعيش الأجواء التي رآه يومًا في أحد الفيديوهات .

كان توفيق يرفع الهاتف يصور نفسه والعامل وهو يتلاعب بالمثلجات وفي الخلفية تصدح اغنية " والله شكلي حبيتك " نفسها الأغنية التي كان يتابع عليها توفيق تلك الفيديوهات رفقة ذلك الرجل التركي، والآن بمجرد أن لمح تلك العربة الخاص بالمثلجات حتى ركض لها وطلب منه تشغيل تلك الأغنية والقيام بتلك العروض لأجله .

وعلى الجانب الآخر كان موسى يقود سيارته ومازالت أعصابه مشدودة بغضب فبعدما جاءت لـ لورا مكالمة من شخصٍ ما استأذنت منه ورحلت، وها هو في طريقه للمنزل ومازال لا يصدق ما عانته لورا .

استفاق موسى من شروده على صوت رنين هاتفه باسم أخيه الأوسط، أجاب موسى بحنق وهو ينحرف بسيارته :

" أيوة يا اسحاق نعم ؟!"

أجاب أخيه من الجانب الآخر :

" ايه يا عم الدخلة دي ؟! "

" اسحاق مش ناقص أنا على أخري قول عايز ايه ؟!"

ضحك اسحاق من الجانب الآخر وهو يقول :

" لا مفيش بس بكمالة العصبية، ادخل صفحة ابوك وشوف بيعمل ايه " 

نفخ موسى وهو يدرك أن والده فعل شيئًا طفولي آخر ليقول بحنق :

" أنا والله مش عارف مين فينا اللي ابو مين، اقفل يا زفت اما اشوف "

وبمجرد أن أغلق الهاتف حتى توقف موسى بسيارته جوار إحدى البنايات وهو يفتح الهاتف يحرك أصابعه بسرعة على الشاشة حتى وصل لصفحة والده على أحد المواقع وهو يقوم ببث مباشر له أمام عربة مثلجات ويغني مع البائع .

" يعني أنا طالع عين امي عشان اوصلك وأنت واقف تترقص مع بياع ايس كريم ؟! يا اخي حرام عليك اللي بتعمله فيا، الله يسامحك يابا الله يسامحك"

انتهى من حديثه تزامنًا مع سماعه صوت رنين هاتفه باسم شقيقه الأصغر، ابتسم بسخرية وهو يقول :

" ماشاء الله الحاج سمع بسرعة عند الكل "

فتح موسى المكالمة وهو يقول :

" أيوة يا محمد أنا شوفت ابوك خلاص يا حبيبي"

وصل له صوت محمد وهو يقول بصوت عالٍ يرافقه ضحكة :

" طب والله ابوك ده رايق، سايبنا دايخين هنا عشان نوصله ورايح هو يهيص"

تحرك موسى بسيارته وهو يقول بحنق :

" بس يرد عليا بس، أنا خلاص تعبت والله مش عارف أشيل همي ولا هم ابوك ولا همك أنت واخوك التاني، اتنيل اقفل وانا شوية واكلمه يكون خلص العرض بتاعه "

__________________________

كان يجلس كعادته على أريكة في مكتبه يراقب الحديقة بشرود وفي رأسه يسترجع مشاهد بعيدة، حينما كان ذلك المكان المقفر يضج بالصرخات السعيدة والصيحات المرحة.

" جوليانا توقفي، واتركي العابي "

استدارت تلك الصغيرة البالغة من العمر خمس سنوات وهي تتحدث ببضع الكلمات التي خرجت منها بشكل مضحك :

" لوكس يلعب مع جولي "

نفخ لوكس وهو يقف في مكانه، وكذلك فعلت جولي وهي تنظر له بترقب، ثم أخذت تقترب منه بحذر وهي تهمس بحزن :

" لوكس حزين ؟!"

رفع لوكس رأسه قليلًا قبل أن ينقض فجأة على جولي وهو يحملها بين ذراعيه بقوة وهي تصرخ برعب كبير :

" لا ابي، النجدة ابي "

بينما لوكس أخذ يدّعي أنه يأكل معدتها وهي تبكي بصوت عالٍ وتتحرك بين يديه، ولوكس يضحك بصخب قبل أن يتركها ارضًا ويمسك أذنها ويقول بشر :

" اقسم إن اقتربتِ من محيط غرفتي سوف آكلك كلك دون كاتشب حتى "

ابتعدت عنه الصغيرة جولي وهي تمسح دموعها تقول بقهر :

" أنت لئيم، لا تدعني العب معك، أنا سأخبر ابي، أنا لا احبك لوكس "

تألم قلب لوكس من دموع صغيرته وحديثها ذلك، اقترب منها بهدوء وهو يمد يده لها بحنان يقول :

" حسنًا أنا آسف صغيرتي كنت امزح معك، ما رأيك أن أحضر كرتي ونلعب سويًا "

مسحت جولي دموعها وهي تنظر له من خلف رموشها المبللة بالدموع، ثم هزت رأسها موافقة على اقتراحه، ليركض لوكس سريعًا لغرفته مصطدمًا في والدته التي صاحت بحنق :

" هييه لوكس لا تركض في المنزل "

نظر لوكس بأسف لوالدته والتي كانت في ذلك الوقت في بداية حملها بشقيقته الثانية :

" آسف امي "

انتهى لوكس من حديثه وهو يحضر الكرة، ثم عاد ركضًا لجولي يحملها تحت ابطه وهو يضحك بصوت عالٍ، والآن تعالي يا صغيرة لاهزمك شر هزيمة .

لوحت جولي بيدها في الهواء سعيدة وهي تقول :

" بل أنا من سأهزمك شر هزيمة لوكس "

ضحك لوكس وهو يترك جسدها ارضًا ثم ألقى الكره ارضًا وأخذ يلاعبها في الحديقة وأصوات ضحكات وصرخات الاثنين تعلو أكثر وأكثر ...

والآن نفس البقعة التي كانوا يلعبون بها، تحولت لقطعة أرض فاقدة لكل معاني الحياة، كان لوكس يجلس على الأريكة في المكتب وهو يراقب تلك البقعة التي اعتاد اللعب بها مع جولي، لتسقط دموعه دون شعور وهو يستشعر مرارة الوحدة يهمس بصوت مختنق :

" هل كان علينا أن نكبر ؟! أما كان للزمان أن يتركنا كما نحن ؟!" 

نظر لوكس للسقف وهو يشهق بقوة يحاول كبت صوت بكاءه، لكنه لم يستطع أن يتحمل أكثر وهو ينفجر باكيًا وشعور الوحدة يملء قلبه بشكل مؤلم ..

" أين أنتم ؟؟ أنا أتألم وحدي "

سمع لوكس صوت رنين هاتفه مخرجًا إياه من تلك الحالة، حول أنظاره ببطء صوب الهاتف الذي يتوسط الطاولة جواره ليجد رقم مساعده الشخصي الخاص بشركاته يتصل، تجاهله لوكس وهو يشرد فيما وصل له حاله، غباءه هو الذي أوصله لهذا كله، ما كان عليه أن يتبع طريق الانتقام، ماله هو ومال ذلك العالم القذر، هو مجرد رجل اعمال كان يعيش بكل هدوء مع أخته ومن تبقى له في الحياة قبل أن يصل له خبر وفاة عمه، سنده الاخير ومساعده الاول في هذه الحياة بعد موت والديه، والذي لولاه لكان الآن يشحذ في الطرقات، ومن تلك اللحظة انقلبت حياته رأسًا على عقب .

مسح لوكس وجهه بتعب وهو يستمع لصوت وصول رسالة على هاتفه، رفع الهاتف أمام عينه بملل شديد قبل أن تتسع شيئًا فشيء، وينهض منتفضًا وهو يرى أن تلك الرسالة ما هي إلا اشعار له ينبهه أن أخته قد نشرت صورة حديثه على أحد المواقع، فتح لوكس الموقع بأصابع متلهفة ليجد صورة لها وهي تبتسم وتفعل تلك الحركات بأوجه غبية جعلته يضحك بحنين، قبل أن ينتبه لتحديث الحالة فوق الصورة وكلمتها التي كتبها، همس لوكس بصدمة :

" مصر ؟!"

_______________________________

اربع ساعات مروا وهي هكذا تقف مكانها لا تدري هل سيصدق القول ام أنه لن يستطيع القدوم، ابتلعت ريقها وهي تتذكر صراخه في الهاتف وخوفه الشديد عليها بعد تلك الرسالة التي أرسلتها له في حالة يأس بعدما لم يجب على هاتفه .

" ما الذي حدث بحق الله ؟!"

وكأن لورا كانت بانتظار ذلك الصوت وتلك النبرة حتى تشعر أنها الآن بخير وأن كل مشاكلها ستُحل :

" أين أنت مايك ؟! لقد اتصلت بك مرات عديدة ولم تجب" 

وصل لها زفرة حادة من الجانب الآخر ويبدو أن مايك يحاول التماسك وهو يقول :

" حسنًا أنا آسف حقًا لورا، لقد سافرت بشكل عاجل مع عائلتي لأجل امرٍ ما، أخبريني الآن ما الذي حدث ؟!"

سقطت دموع لورا بضعف وهي تقول :

" أشعر أنني تائهة مايك، أشعر أنني لا أستطيع فعل شيء الآن، أنا حقًا كطفلة تقف في منتصف طريق فارغ لا تعلم هل تتقدم أم تتراجع، أنا فقط لا اعرف ماذا يجب أن افعل "

صمت هو ماجاءها من الطرف الآخر ثم صوت جاد يقول :

" أنا قادم لورا، انتظريني "

وها هي وبعد ساعة من المكالمة وهي تقف أمام المطار لمدة تجاوزت الأربع ساعات، لا تدري إن كان بالفعل أفلح في إيجاد مقعد له على الطائرة، أم أنه فشل، نفخت لورا بتعب وهي تنظر للمطار بيأس قبل أن تستدير وهي تبكي بخيبة أمل، كانت تأمل أن يأتي، هي أنانية نعم، لكنها في أشد الحاجة له.

صعدت لورا سيارتها، ثم تجهزت للتحرك قبل أن ترى رنين هاتفها من رقم مايك الايطالي الأمر الذي جعلها تمسك الهاتف بلهفة وهي تنظر خارج السيارة، ثم هبطت منها بسرعة وهي تتحرك في المكان تجيب الهاتف :

" مايك، أنت هنا ؟!"

" أين أنتِ لورا ؟!"

تحدثت لورا بصوت خافت واللهفة واضحا في صوتها :

" أنا ...أنا انتظرك خارج المطار "

" حسنًا ابقي مكانك أنا قادم "

سقطت دموع لورا وهي تقول بعدم تصديق :

" هل ..هل أنت هنا لأجلي حقًا؟! جئت لأجلي خصيصًا مايك "

لكن مايك لم يجب عليها، بل استمر صمته دقائق حتى سمعت لورا صوت قريبًا منها وهو يقول :

" وسأذهب للجحيم لاجلك أيضًا عزيزتي "

استدارت لورا بسرعة ترمق مايك الذي يقف هناك مبتسمًا لها، لتشع فجأة بسمة مضيئة على وجهها وهي تشعر لثواني أن أحزانها كلها تلاشت، تقدمت ببطء ثم شيئًا فشيء ازدادت خطواتها حتى أصبحت تهرول صوب مايك الذي ابتسم باتساع وهو يفتح ذراعيه لها، وهي لم تنتظر ثواني وهي تلقي نفسها بين أحضانه تتعلق برقبته بقوة وهي تضحك بانطلاق تصرخ بسعادة لاول مرة تشعر أن أحدهم فعل لأجلها شيئًا خصيصًا :

" أنت هنا حقًا، أنا لا اصدق مايك "

ضمها مايك وهو يدور بها بحب ثم قال بحنان :

" وكيف لي أن اتأخر عندما تطلبين وجودي جميلتي الشرقية ؟!"

ضحكت لورا بصوت عالٍ وهي تقول :

" إذن ستجدني أطالب بوجودك طوال الوقت "

ضمها مايك وهو يبتسم مرددًا :

" وانا سألبي ندائك بكل رضى وسعادة جميلتي "

ابتعدت عنه لورا قليلًا قبل أن تقول بخجل :

" آسفة فقط تحمست قليلًا"

أشارت له بعدها للسيارة وهي تقول :

" هيا اصعد لنذهب إلى الشاطئ "

ابتسم مايك وهو يتحرك صوب السيارة، ثم صعد جوارها وقادت لورا سيارتها نحو المكان الذي اعتادا الجلوس به.

وبعد دقائق طويلة توقفت لورا بالسيارة أمام النهر، ثم هبطت منها وهي تتنفس بعنف وجوارها مايك الذي هبط وهو يراقبها قليلًا قبل أن يقول بجدية :

" إذن لورا ما الذي حدث معكِ ؟!" 

صمتت لورا قليلًا، ثم قالت بجدية ودون أي مقدمات ببسمة واسعة لا تلائم حديثها بأي شكل من الأشكال :

" كنت على وشك الانتحار البارحة مايك، حسنًا لأكون صادقة تلك المحاولة السابعة، ام كانت الثامنة ؟؟ لا أدري حقًا، لحظة واحدة سأعدهم لك "  

انتهت لورا من حديثها ببساطة جعلت قلب مايك يخفق برعب وهو يراها ترفع اكمامها أمام أعينه ليتراجع هو للخلف مرتعبًا يرى مقدار الجروح بيدها، بينما لورا اخذت تعد الجروح ودموعها تتساقط دون شعور قبل أن ترفع رأسها تقول :

" حسنًا خمس مرات هذا غير مرتين تناولت بهم حبوب بشكل مبالغ كادت تؤدي إلى موتي، لكن كالعادة فشلت، انظر مايك أمامك تقف اكبر فاشلة، حتى الانتحار فشلت به، في الواقع كنت اخاف الأمر وكانت يدي ترتجف وهي تمسك المشرط و...."

ودون أن تكمل حديثها كانت صفعة مايك تسقط على وجهها بعنف جعل صداها يرن في المكان كله ورأسها تتحرك بقوة كبيرة للجانب الآخر وصرختها تعلو في المكان ..................

___________________________

نهض مارتن من على الأريكة وهو يصرخ بسعادة وصخب يشير نحو آدم الذي خسر للتو في اللعبة التي وضعوها هم، والتي تتضمن أن يحاول الجميع إلقاء المحمصات في إناء ضيق على بُعد كبير منهم كما لو كانوا يلعبون كرة السلة، ومن يخسر ينفذ الشرط .

التوى فم آدم بغيظ وهو يشير للاناء البعيد الذي اخطأه واسقط المكسرات جواره :

" لقد كادت تسقط به "

ضحك جايك بتشفي وهو يقول :

" لكنها لم تسقط، والآن هيا نفذ الشرط "

نظر لهم آدم بحنق وهو يقول بغيظ كبير :

" وما هو ذلك الشرط يا هذا، اقسم إن لم ينل اعجابي سأترككم واذهب للنوم" 

ضحك جاكيري وهو ينهض ويقول :

" الشرط هو أن تلتزم في التدريبات وترقص بشكل جيد بدلًا من تلك الحركات الغبية التي تقوم بها "

نظر له آدم بحنق ثم صرخ بغيظ :

" هذا ليس عدلًا، أنت تستغل الأمور لصالحك، اقسم أنني لن ألعب معكم مجددًا "

تبع آدم حديثه وهو يتحرك نحو الإناء يلقيه ارضًا بغيظ وغصب فسقط الإناء مصدرًا صوتًا عاليًا، جعل الجميع يفتحون أعينهم بصدمة وهم يسمعون في الحال صرخة سيلين التي هزت القصر وهي تقول :

" ما هذا الصوت؟! ماذا فعلتم أيها الاوغاد ؟!"

وفي ثواني فقط كان الجميع يختفي من المكان وكأنهم لم يكونوا موجودين تاركين فقط مارسيلو الذي كان ينام بكل سلام على الأريكة بعدما غفى أثناء اللعب وانطونيو يجلس واضعًا قدم على قدم جواره وهو يعبث في حاسوبه وجواره فبريانو يتناول بعض التسالي في تحدي سافر لسيلين أن تقترب منه .

لكن وعلى عكس المتوقع لم تأتي سيلين للبهو، بل اكتفت بالصراخ فقط، خرج الجميع من مخبأهم وهم ينظرون حولهم بتعجب كبير، ثم تقدموا صوب البهو مجددًا وماركوس يقول :

" عجبًا أين هي سيلين ؟!"

" هنا يا عزيزي "

استدار الجميع فجأة على ذلك الصوت والذي كان يخص سيلين التي تحركت صوب الجميع وهي تقول بخبث :

" كنت أعلم أنكم ستركضون بسرعة؛ لذلك انتظرت حتى اشعركم بالأمان وبعدها ..."

تركت سيلين حديثها معلق لتجد أن الجميع يوجه إصبعه صوب آدم قائلين بجدية :

" آدم الفاعل "

حركت سيلين انظارها صور آدم وهي تقول :

" حتى أنت يا صغير أصبحت وغدًا ؟! هكذا هي الحياة لا ترحم أحدًا"

لوى آدم فمه بحنق وكاد يتحدث لولا ارتفاع رنين هاتف جاكيري الذي دفع سيلين جانبًا وهو يتحرك بعيدًا يجيب على رفقة ببسمة واسعة :

" مرحبًا حبيبتي، كيف كان التسوق ؟؟"

صمت جاكيري فجأة وهو يستمع لصوت رفقة الذي جاءه من الطرف الآخر لتتلاشى بسمته فجأة وتشتد قبضته وصوته يخرج مخيفًا :

" أي مركز تجاري؟! أخبريني العنوان رفقة "

انتبه الجميع لتغير ملامح جاكيري والذي بمجرد انتهاء المكالمة حتى ركض بشكل مخيف صوب مكتب جده الذي يضع به سلاحه، وخلفه الجميع ينظر له بتعجب وصوت جايك يقول بقلق :

" ما بك أخي هل رفقة بخير ؟!"

توقف جاكيري وهو يخرج من المكتب واضعًا سلاحه في ثيابه يقول بجدية وهو ينظر لجميع الوجوه :

" تعرض المركز التجاري الذي ذهبت إليه الفتيات لسطو بعض العصابات وقد احتجزوا الجميع رهائن هناك

تعليقات



×