رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم رحمه نبيل



 رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل الخامس والعشرون بقلم رحمه نبيل


ما اللي مَات النهاردة كان فاكِر إنه هيعيش لبكره وهيبقى يتوب "زينا كدة يعني "


د/محمد الغليظ.


( استقيموا يرحمكم الله) 


صلوا على نبي الرحمة .....


__________________________


ظلام دامس يعم المكان ولا صوت يعلو فوق صوت الرياح التي ودت وبكل حماس أن تشاركهم مهمتهم؛ لتبدأ التطفل عليهم بكل وقاحة متجاهلة أنها تسبب ازعاجًا لهم ...


تحرك انطونيو بخفة يختفي في ستار الليل مستغلًا سواد ثيابه التي ساعدته على التماشي مع السواد المحيط بهم وكأنهم تعاهدوا على مشاركة بعضهم البعض في السواد ...


لحق انطونيو كلًا من مارتن الذي كان يحمل حقيبة حاسوبه أعلى ظهره، ومايك الذي كان يحمل حقيبة معدات مجهولة الهوية أعلى ظهره متحركين بخفة لا تناسب ما يحملون ...


توقف انطونيو فجأة جوار شجرة تبعد القليل فقط عن القصر المطلوب دخوله وهو نفسه القصر الذي سيقام به الاجتماع بعد أيام قليلة :


" أتسمعون تلك الأصوات ؟؟؟؟"


نظر الثلاثة حولهم بريبة ليهز مايك رأسه بشك :


" ربما صوت تصادم الرياح بالاشجار "


هز انطونيو رأسه غير مقتنعًا بحديثه، ثم تحرك بهدوء في عكس اتجاههم وهو يخرج سلاحه يسير بتمهل شديد حذرًا من أي شيء قد يقابله، لكن وبعد سير قليل لم يصل لشيء، لا شيء... لذا خمن أنها الرياح كما قال مايك ...


عاد انطونيو مجددًا للاثنين ثم أشار لهما لإكمال الطريق، عدى الثلاثة صوب القصر بحذر شديد فمهمة كتلك ليس من السهل أن تخرج منها حيًا؛ لذا جده اختار أن يذهب الثلاثة للمهمة دون الباقيين حتى لا يتشتت بعضهم البعض بسبب العدد، وكي يكون دخولهم سهل دون لفت الأنظار، فـ مارتن هو المسئول عن معرفة جميع ثغرات القصر من خلال اقتحام نظامه القوي، وايضًا مسئول عن تشتيت جميع أجهزة الإنذار والكاميرات، بينما مايك والذي يبرع وبشده في فتح أي قفل أمامه، جاء خصيصًا لقدرته هو الوحيد على التعامل مع اي باب قد يحول دون تقدمهم، بينما وجود انطونيو، كان وكأنه العقل الذي يرشد الجميع، فهو جاء ليكون خصيصًا القائد في تلك المهمة حتى يتمكن من تنظيم الأمر والتخطيط بشكل جيد و إيجاد طرق للهروب إن أرادوا ذلك، وفي النهاية الثلاثة يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ...


كان مارتن قد أخرج حاسوبه وهو يختبئ مع الاثنين الآخرين على متن مركبة صغيرة تقبع جوار البحيرة التي تجاور القصر، فذلك القصر يطل على أحد البحار و له ميناء خاص به...


كانت أصابع مارتن تتحرك بدقة وسرعة فائقة على حاسوبه وعينه تمر على الارقام والاكواد التي تمر أمام عينه بينما انطونيو كان ينحني ليجاوره يحاول معرفة إن كان يواجه مشكلة ام لا ...


" ماذا مارتن ؟؟؟ هل الأمر صعب لتلك الدرجة ؟؟؟"


تحدث مارتن دون أن يرفع نظره لانطونيو بجدية كبيرة :


" صبرًا انطونيو، نحن أمام واحد من أقوى أجهزة الحماية والتي تتغير اكواده كل ساعة تقريبًا "


نفخ انطونيو وهو يعتدل في وقفته ينظر حوله حتى يتأكد أن لا أحد ينتبه لهم، فهم يقبعون في الجزء الخلفي للقصر...


كان مايك ينظر لهم بجدية وهو يخفي وجهه أسفل قناع لا يظهر سوى عينه كما يفعل انطونيو ومارتن؛ لضمان ألا يتعرف عليهم أحد في حالة صادفوهم ...


" وأخيرًا ..."


همسة صغيرة خرجت مارتن وهو يبتسم بزهو، يحي نفسه بفخر كبير، سمع فجأة همسة انطونيو المتلهفة جواره :


" انتهيت ؟؟؟"


تحدث مارتن وهو يضغط زر ما مبتسمًا بسمة جانبية خبيثة :


" نعم انتهيت، أصبح القصر الآن كمرحاض عام يمكن لايًا كان دخوله، لكن هذا فقط لساعة ....ساعة واحدة قبل أن تتغير الاكواد التي قمت بتشفيرها بأكواد أخرى "


هز انطونيو رأسه ثم رفعها لمايك وهو يقول ببسمة خبيثة :


" وهذا أكثر من كافي عزيزي "


_________________________


وعلى بُعد صغير كان يقف رفقة رجاله وهو يراقبهم من بعيد وخلفه أحد رجاله يهمس للاخر برعب ...


" يا رجل كدنا نُكشف "


أجاب صدّيق وهو ينظر لدراجون الذي يختبأ وسط الأشجار يراقب بالمنظار الليلي الثلاثة رجال الذين كادوا يكشفونهم منذ دقائق ...


" نعم نجونا بأعجوبة، لم أصدق أن ذلك المرعب لم يرانا "


ابتسم دراجون بسخرية لاذعة وهو ينحي المنظار بعيدًا عن عينه بعدما رأى انطونيو ورجاله يتحركون صوب القصر ليدرك أنهم تمكنوا من فك شفرات القصر، ارتسم الخبث على ملامح دراجون وهو يقول باستمتاع :


" هيا اعزائي، لقد قام أحفاد اليخاندرو الاعزاء بمساعدتنا، وفكوا شفرات القصر لأجلنا "


أنهى حديثها وهو يتحرك مع رجاله بخفة صوب نفس المدخل الذي سلكه انطونيو ومن معه، مستغلًا إياهم و هو يتخذهم وسيلة لدخول القصر دون أي عواقب؛ فهم سيتكفلوا بأي عواقب وهو يمر بكل سهولة و في النهاية تأتي المواجهة ...


_____________________


كانت تسند رأسها لنافذة السيارة وهي تغمض عينها بوجع تفكر فيه، ها هي ترحل دون حتى أن يتسنى لها فرصة توديعه، كل ما استطاعت فعله هو إرسال رسالة صغيرة لرفقة تخبرها بما حدث، وذلك قبل أن تسحب والدتها هاتفها منها ...


وضعت روبين يدها على فمها تكتم شهقات بكائها وهي تخفي وجهها بين كفيها تدعي النوم في المقعد الخلفي لسيارة خالها الذي تجاوره والدتها في مقعدها الامامي ...


" مش كنتِ تستني لبكرة يا لينا ؟؟؟ والصباح رباح يا ستي، بعدين أنا مش فاهم الصراحة لزمتها إيه بهدلتك دي ما هي كانت طيارتها بكرة اساسًا "


تحدثت لينا بصوتها الحازم وهي تجيب خالد متجاهلة سؤاله الاخير:


" لا معلش يا خالد، لازم نرجع عشان نجهز للفرح، أظن أننا ضيعنا وقت كتير "


" فرح ؟؟؟ فرح ايه ؟؟؟ مش مدحت مختفي؟؟ حسب اللي سمعته من أبوه إنه مش ظاهر من بعد ما وصل هنا بأيام، ازاي بقى فرح ؟؟"


كانت روبين تستمع باهتمام شديد، وقلبها يخفق بعنف شديد حتى خشيت أن تسمعها والدتها فتستدير من مقعدها معنفة إياها على بكائها، ترقبت وبقوة رد والدتها، تتضرع في قلبها لأن تصدّق والدتها حديث خالها وكذلك حدث بالفعل وهي تسمعها تتحدث :


" أيوة بس يعني مش هيختفي طول العمر يا خالد، تلاقيه انشغل في شغلانة كده ولا كده، وهيرجع، ولغاية ما يرجع يكون كل شيء جاهز أنت عارف ترتيبات الفرح بتاخد كتير "


صمت خالد وهو يهز رأسه بقلة حيلة على تصرفات لينا، نظر للمرآة الأمامية يراقب انتفاض جسد روبين ما بين الثانية والأخرى ليدرك أنها تكتم بكائها، و يا ليته يمتلك شيء يساعدها به، لكنه حاول يقسم أنه حاول أن يمنع لينا عن اخذها، خاصة وهو يعلم جيدًا قسوة قلب لينا وافعالها المنقادة خلف غضبها ...


توقف خالد بسيارته أمام المطار وهو يهبط ليخرج حقائب روبين منها فلينا لم تأتي سوى بحقيبة صغيرة لمعرفتها أنها ستعود مباشرة ...


هبطت لينا من السيارة وهي ترتدي نظارة شمس، رغم أنهم كانوا بالمساء، لكنها للحق لم تهتم لشيء سوى أن تخفي عينها المحمرة من كثرة البكاء عن والدتها، سارت بخطوات هادئة رفقة خالها ووالدتها حتة أصبحوا في صالة الاستقبال تستمع بهدوء ظاهر عكس ما يعتمر دواخلها، تستمع لحديث خالد الخافت مع والدتها وهو يحثها على الرفقة بها، جاهدت بصعوبة لكتم الضحكة المتهكمة التي كادت تفلت من فمها ثم تحركت بخطوات بطيئة صوب والدتها وهي تهمس لها بصوت منخفض وبنبرة خافتة لكثرة بكائها بعدما خلعت عنها نظارتها :


" ماما عايزة اروح الحمام قبل ما نتحرك "


نظرت لها لينا من فوق كتفها وكادت تعلق تعليقًا ساخرًا عن أنها ليست طفلة لتقوم بتلك الأفعال، لكن رؤيتها لتوتر ابنتها البادي على حركة يدها، جعلتها تهز رأسها ببطء وهي تردد:


" متتأخريش يا روبين؛ لأن مبقاش كتير على الطيارة "


هزت روبين رأسها وهي تتحرك في المكان بعقل غائب تنظر حولها لا تعلم أين تذهب فهي لاتعلم بالطبع مكان المرحاض، لكنها ودت فقط أن تبتعد قليلًا عن محيط والدتها تريد أي وسيلة توصلها لفبريانو وقد استطاعت وبصعوبة حفظ رقمه قبل أن تسلم هاتفها لوالدتها التي لم تدعها ثواني حتى تتمكن من التحدث له؛ لذا وقتها كل ما تمكنت من فعله هو استئذان والدتها للحديث مع رفقة تحت أعينها بالطبع ...


توقفت روبين وهي تنظر حولها وشعور مؤلم يضربها في صميم قلبها، تحركت بتردد صوب عائلة صغيرة تجلس على المقاعد ويبدو أنهم ينتظرون أحد المسافرين، أو يتحضرون للسفر، لم تهتم كثيرًا وهي تتحرك لهم بأقدام واهنة وبشدة لتقف أمام السيدة وهي تهتف بصوت خافت و بنبرة مرتعشة بلهجة إنجليزية خرجت مهتزة بسبب توترها:


" معذرة هل يمكنني أجراء مكالمة صغيرة من هاتفك ؟؟؟"


رفعت السيدة نظرها لروبين وهي ترمقها بتعجب ويبدو أنها لم تفهم ما تريده، لتشير روبين على أذنها بعلامة الهاتف وآثار الارتعاش تظهر على يدها :


" هاتف ...اريد هاتف ارجوكِ "


لم يبدو على السيدة أنها فهمت طلب روبين هي فقط فهمت أنها تتحدث عن هاتف، لكن فجأة سمعت روبين صوت طفولي جوار السيدة والذي كان يخرج من مراهق يحمل هاتف ويلعب به يحدثها بانجليزية جيدة :


" تريدين هاتف ؟؟؟"


ابتسمت روبين باتساع وهي تهز رأسها بسرعة وكل ثانية والأخرى تنظر حولها لترى إن كانت والدتها تنتبه لها أم لا...


ابتسم المراهق وهو يمد يده بهاتفه لروبين وهو يمنحها نظرة اعجاب صغيرة، لكن روبين لم تهتم كثيرًا وهي تختطف الهاتف من يده بسرعة وكأن حياتها تتوقف عليه، ثم بسرعة كتبت عليه الارقام التي حفظتها عن ظهر قلب وأخذت تكررها طوال الطريق؛ حتى لا يخونها عقلها وتنساها....


وضعت روبين الهاتف على اذنها بسرعة وهي تشعر أن ضربات قلبها تكاد تثقب صدرها ويقفز قلبها للخارج من شدة خفقاته، سمعت رنين الهاتف وهي ما زالت تنظر حولها بخوف، واستمر الرنين كثيرًا قبل أن يتوقف، لتعيد الاتصال مرة واثنتان، لكن لا اجابة منه، شعرت فجأة أن عالمها ينهار وهي تبكي بعنف كطفلة صغيرة تتمسك بالهاتف وكأنه القشة التي ينتظرها الغريق :


" رد ...فبريانو رد ابوس ايدك "


علت شهقاتها و لم تهتم في هذه اللحظة لأن تنتبه لها والدتها أو لا وهي تترجاه كأنه يسمعها، تترجاه أن يجيب لا تريد سوى أن تخبره فقط أنها تحبه، ولطالما أحبته، تخبره أن يأتي ليأخذها، ألا يتركها كما وعدها سابقًا ..


أشفق الجميع حولها على هيئتها الباكية ليقترح الصغير اقتراح يلائم تفكيره البسيط بعض الشيء مشفقًا عليها :


" يمكنك أن ترسلي له رسالة على الواتساب، أو حتى يمكنك إرسال رسالة نصية عادية، هكذا افعل عندما لا يجيب رفيقي "


نظرت له روبين ثواني وكأنها لم تفكر في ذلك لثانية واحدة؛ لذا سريعًا تحدثت بلهفة :


" يمكنني ذلك ؟؟؟"


أشار لها الصبي برأسه وهو يبتسم، لتسارع روبين في الدخول على اخر رقم تم الاتصال به وهي ترى خيارات التواصل مع لذلك الرقم لتختار أن ترسل له على الواتساب، تود الحديث أن تقولها بصوتها وليس مجرد كتابة ...


بيد مرتجفة ضغطت روبين على الزر الخاص بتسجيل الصوت على تطبيق ( الواتساب ) وهي تتحدث بصوت مرتجف لا تعلم ما تقول :


" مرحبًا فبريانو أنا..."


صمتت وهي تترك التسجيل ليظهر لديه وهو يحتوي تلك الكلمات القليلة فقط، ثم ابتلعت ريقها وهي تبدأ تسجيل جديد :


" فبريانو ...هذه أنا روبين، عندما تصلك تلك الرسالة سأكون قد عدت لبلادي، لكن ...أنا ..."


صمتت تحاول كتمان شهقاتها وهي تقول من بين دموعها بصوت يثير الشفقة :


" تمنيت لو أنني اتحدث الإيطالية لاخبرك أنني احبك فبريانو، أردت اخبارك إياها بلغتك الخاصة، لكنني لا استطيع، أردت أن أخبرك أياها وجهًا لوجه "


صمتت ثم قالت بدموع أكثر وشهقات :


" حسنًا جيد أنك لست أمامي وانا أخبرك تلك الكلمة فأنا ابدو أكثر قبحًا وانا ابكي كما أخبرتني من قبل، لكن قدرك كان أن تقع تلك القبيحة في حبك "


صمتت ليتعالى صوت بكائها أكثر لتقول بصعوبة شديد بسبب شهقاتها التي تقاطع حديثها، شهقات تشعر بها أنها تقطـع قلبها لقطع صغيرة، شهقات كانت تشعر أنها تستهلك أنفاسها لتصعب من حديثها أكثر واكثر :


" أنا قبيحة ...و ضعيفة ...ومثيرة للشفقة فبريانو...أنا كل ذلك، لكنني أحبك، فقط أردتك أن تعلم أنك أكثر الأشخاص لطفًا في حياتي، أنك الوحيد الذي كنت أنسى معه أحزاني، أنت الوحيد الذي لم أخجل يومًا أن أظهر أمامه روبين الضعيفة... روبين الحقيقية، أنت الوحيد الذي لم أغضب يومًا عندما يحدثني بفظاظة واصفًا إياي بالقبيحة، أنت الوحيد الذي احبه، وسأظل احبه، اعلم ذلك أيها البستاني اللطيف "


أنهت حديثها وهي تترك التسجيل تنظر للهاتف الذي تلوث بدموعها، لتقوم بمسحه بكل هدوء وهي تنظر له نظرة اخيره تود لو تهرب من هنا وتعود له، تلقي نفسها في أحضانه مرة واحدة فقط واخيرة.


مسحت شاشة الهاتف بلطف شديد وكأنها تمسح وجنته هو، ثم ببطء رفعت راسها للشاب وهي تراه يبكي شفقة عليها، أعطته الهاتف وهي تبتسم له هامسة بكلمة واحدة قبل أن تتحرك عائدة لوالدتها و خالها ..


" شكرًا "


________________________


اخرج ادم هاتفه الذي كان يرن بإلحاح وهو يقود السيارة على الطريق السريع، نظر نظرة جانبية للهاتف ليجد أن المتصل هي هايز، أوشك أن يغلق المكالمة ويتجاهلها بكل بساطة وهو يتذكر حديثها له، لكن لشيء لم يعلمه في نفسه وجد نفسه يفتح المكالمة ثم المكبر وهو يتحدث :


" لم تحذفي رقمي بعد ؟؟؟"


" بحق الله آدم ماذا فهمت من حديثي ؟؟؟"


ابتسم ادم بسخرية وهو يدور بسيارته بشكل سريع متحدثًا بنبرة حاول أن يصبغها بالتجاهل :


" ماذا تريدين مني الآن هايز؟؟؟؟"


" أن تستمع لي ادم، ذلك المريض الذي ...."


قاطعها ادم لا يود التحدث في هذا الأمر، يثير غضبه دون معرفة السبب :


" لا اريد الاستماع لذلك الأمر، وإن كنتِ اتصلتي للتحدث به فأعتذر أنا مضطر للإغلاق "


" اقسم إن أغلقت الهاتف ادم سأجعلك تندم، سمعت ؟؟؟؟" 


أنهت حديثها بصرخة عالية مخيفة غريبة بعض الشيء على شخصيتها الحمقاء المغفلة، رفع ادم حاجبه بسخرية لاذعة وهو يسمعها تقول بجدية كبيرة :


" ذلك المريض ليس حبيبي أيها المغفل، لذلك المريض طفل في الثامنة من عمره "


توقفت عن الحديث ثم قالت بنبرة خبيثة تحاول كسر بروده ذلك :


" الأمر لا يستدعي غيرتك تلك حبيبي "


فتح ادم عينه بصدمة وهو يتوقف فجأة بالسيارة يستمع لباقي حديثها والذي كانت تقوله بنبرة رقيقة جعلته يفتح فمه، لا يفهم سر التحول هذا بها، حتى أنه لثواني شعر أن هناك من بدل هايز للحقيقية بتلك اللعوب التي تحاول العبث معه في الحديث :


" ادري أنك تغار علىّ حبيبي، لكن هذا طفل بحق الله "


" ماذا ؟؟؟"


" لا بأس إن كنت مصرًا فأنا لن أُقبله مجددًا، سأكتفي بعناق صغير" 


" عانقتك نيران تشعل جسدك أيتها اللعوب، وما دخلي أنا؟؟؟"


سب ادم بصوت عالي جعل تلك الأخرى تكتم ضحكة كادت تفلت منها وهي تدرك أنها أثارت غضبه وبشدة، فمن خلال معرفته بادم، تدرك جيدًا أنه من ذلك النوع الذي يكره أي نوع من المشاعر وها هي تتفنن في اغاظته انتقامًا منه على أفعاله الوقحة بحقها وعلى ما جعلها ترتديه اليوم ...


" ادم حبيبي أنت هنا ؟؟؟" 


تحدث ادم بفحيح وهو يستند برأسه على المقود قائلًا بشر :


" لا تريني وجهك هايز، اقسم أنني وقتها قد اقتلك "


" يا لك من قاسي القلب، وأنا من اقضي لياليّ اتقلب على جمر شوقي لك "


" اللعنة عليكِ هايز، سأقتلك يا حمقاء "


أنهى صراخه الحاد وهو يغلق المكالمة بسرعة قبل سماع كلمة أخرى يفك بيده ازرار قميصه وهو ينفخ بضيق شديد يضرب المقود بعنف، يكره ذلك الشعور، ذلك الشعور الخبيث الذي تسلل له وهو يستمع لكلماتها التي يعلم أنها فقط ممازحة ليس إلا، لكن ذلك الجزء الحقير داخله انتفخت اوداجه برضى كبير لسماعه تلك الكلمات التي حتى كانت يتجنب أن يستمعها في أحد الأفلام ....


شعر ادم بطرق على نافذته وصوت ماركوس الذي كان يقود خلفه يصيح :


" ادم مابك؟؟؟ لِمَ توقفت ؟؟؟"


هز رأسه بلا وهو يتنفس بهدوء ثم قال بعدما رفع رأسه :


" لا شيء ماركوس فقط أردت الراحة قليلًا...عد لسيارتك حتى نكمل الطريق "


ابتسم ماركوس رغم معرفته أنه يخفي شيئًا إلا أنه قال بغمزة وبسمة متحركًا صوب سيارته :


" إذًا سابقني للمنزل عزيزي "


ابتسم ادم بسمة متحمسة ينفي أفكاره المتعلقة بهايز في دهاليز عقله النائية ...ثم ادار السيارة وهو يتحرك بها في سرعة كبيرة متخطيًا ماركوس الذي صعد لسيارته للتو، صاح ماركوس بحماس شديد وهو يلحق بأدم متجهين نحو المنزل، حيث مارسيلو و جايك يراقبون فبريانو لمنعه من اللحاق بانطونيو والتسبب في مشاكل .....


__________________________


توقف انطونيو و من معه امام بوابة الدخول للقصر وهو ينظر لهم يتأكد أن كل شيء صحيح :


" مارتن أنت عطلت أجهزة الإنذار صحيح ؟؟؟؟"


هز مارتن رأسه يطمأنه:


" نعم لا تقلق "


هز انطونيو رأسه بتفهم وهو يشير لمايك أن يتحرك ليبدأ عمله، ومع إشارة انطونيو كان مايك يخلع حقيبته سريعًا وهو يضعها ارضًا يخرج منها بعض الأدوات، ثم ودون كلمة واحدة كان يحاول فتح ذاك الباب الذي من المفترض أنه يفتح اليكترونيًا، لكن بعض تعطيل أجهزة الإنذار أضحى كـقطعة حديد كبيرة يلزم ازاحتها...


دقائق مرت قبل أن يسمع الثلاثة صوت فتح اقفال الباب، قبل أن يتحرك انطونيو ومن معه للداخل بخطوات حذرة، ففي النهاية لا يعلمون ما ينتظرهم ...


وخلفهم على بُعد صغير كان يتحرك رفقة رجاله، مع إبقاء مسافة مناسبة بينه و بين انطونيو ومن معه ..


سمع دراجون همس صدّيق وهو يقول بفضول :


" سيدي ألن يسبقونا هم للداخل؟؟؟ وهكذا سيحصلوا على ما نريد قبلنا "


نظر له دراجون ثواني قبل أن يعود بنظره للامام وهو يهتف بخبث شديد وعينه تدور في جميع أرجاء القصر الكبير :


" ومن قال أننا جئنا لنأخذ شيء ؟؟؟ عزيزي نحن لا نأخذ، بل نعطي "


أنهى دراجون حديثه وهو يغمز لصدّيق ثم أشار له بصمت أن يتبعه بعدما دخل للقصر وتوغل له، ليتحرك مع رجاله حيث ممرات أخرى بعيدًا عن انطونيو ومن معه ...


صعد انطونيو لدرج القصر بهدوء شديد يتبعه الباقيين، لكن فجأة توقف عن التقدم وهو يرى الممر المقابل للدرج يعج بالرجال...


نظر نظرة واحدة لمن خلفه ثم أشار لهم وفي ثواني كانت الأسلحة تلوح في الأفق، أشار انطونيو بإصبعه فوق فمه وهو يدعوهم للسير خلفه بهدوء، وبمجرد أن خطت أقدامهم الطابق المنشود حتى انطلقت الرصاصات من أسلحة الثلاثة تنهال على الحراس في الممر مستغلين عنصر المفاجأة ليخر الحراس ارضًا ...


ابتسم انطونيو وهو ينظر لمايك مشيرًا بعينه على الباب الذي يحوي خلفه الخزانة.. :


" انتهي من عملك عزيزي "


____________________________________


نهض بتكاسل شديد من على الأريكة الخاصة به وهو يستمع لصوت قرع الباب العنيف وكأنه سيسقط ارضًا من شدة الطرق ..


زفر اسكندر ( شقيق رفقة ) بعنف وهو يتجه صوب الباب يفتحه بغيظ وفي رأسه يعلم جيدًا أنها الشرطة أتت للمرة التي لا يعلم عددها، حتى يبحثوا عن أخته هنا ...


فتح اسكندر الباب وهو يرمق القادمين بحنق، قبل أن تتلاشى تلك النظرات ويحل محلها نظرات متعجبة لرؤيته أجساد ضخمة تقف أمام باب منزله، ليعمل عقله بشكل سريع ويعلم أنهم هنا لأجل أخته ومن المرجح أن يكون المرسل هي والدة إيفان...


" نعم اقدر اساعدكم في ايه ؟؟؟"


نظر الرجال له ثواني نظرات مخيفة قبل أن يتقدم أحدهم دافعًا اسكندر لداخل المنزل بقوة كبيرة وهو يردد بصوت رخيم مخيف وعينه تظهر نيته الواضحة للاعمى:


" فين اختك؟؟؟"


" وأنت مين عشان تسأل ؟؟؟" 


ابتسم الرجل بسمة جانبية ليلاحظ اسكندر فجأة دخول جميع الرجال لمنزله بشكل مثير للريبة مغلقين خلفهم المنزل يستغلون تأخر الوقت، وقبل أن يفتح فمه للصراخ وجد أحدهم ينقض عليه بعنف شديد...


سقط اسكندر بعنف ارضًا، عاد للخلف زحفًا يحاول إمساك شيء قد ينقذه بأي شكل من الأشكال، فموته يقبع الآن أمامه، رأى أخته ورأى ما قد يحدث لها إن حدث لها شيء ..


شريط من المعاناة التي قد تلقاها رفقة مر أمام عينه، لينهض بشكل مفزع وهو يركض نحو اول شيء قابلة والذي كان عبارة عن مطفأة الحريق المعلقة على الجدار ليحملها وهو يمسكها يستمع لصوت أحدهم يتحدث بنبرة ساخرة :


" احنا مش جايين نأذيك، احنا بس عايزين نعرف فين اختك وبكل هدوء "


ضحك اسكندر ساخرًا وهو يمسح بعض الدماء التي ملئت وجهه بسبب الضرب الذي تلقاه يضيق بتهكم :


" واضح فعلًا الهدوء "


نظر له الرجال ثواني، قبل أن يتحرك أحدهم متجهًا له، وقبل أن يتوقف امام اسكندر كانت رصاصة تتوسط جسده بشكل جعل عين اسكندر تتسع بصدمة وضربات قلبه تتوقف للحظات قبل أن يسقط كل يحمله ارضًا برعب شديد، وهو يرى لأول مرة في حياته شخص يُقتل ...


رفع اسكندر عينه ببطء يرى ما حدث ليجد عدد من الرجال يرتدون بذلات كهؤلاء الحراس الذين يراهم في التلفاز يحيطون الشخصيات المهمة دائمًا، و لم يستوعب اسكندر شيء إلا عندما رأى الرجال الذي هجموا عليه سابقًا يفترشون الارض البعض منهم جريح والبعض الآخر لا يعلم إن كانوا ماتوا أو لا، كل ذلك وهو يشعر بقرب توقف قلبه، الأمر الذي كان يراه في افلام الاكشن المقززة يحدث امام عينه بشكل مخيف لم يتوقعه يومًا ...


كتم اسكندر شهقة كادت تخرج منه وهو يرى الشخص الذي أطلق النار يقترب منه، ليبتلع ريقه وهو يفكر في سبب عدم مجئ من ينجده من أيديهم حتى الآن؟؟؟ نظرة سريعة لباب منزله المغلق اعلمته أن هروبه صعب وللغاية، تضرع في نفسه أن ينتبه أحد للفوضى في منزله ويأتي لنجدته..


و لم يدرك اسكندر بسبب خوفه أن الرجال كانوا يستعملون كاتم للصوت؛ لذا لم يخرج صوت إطلاق النار خارج حدود شقته...


راقب اسكندر أحد الرجال وهو يتوقف أمامه ثم قال بطريقة آلية وبلهجة أجنبية غريبة عليه :


" تقدم معنا رجاءً "


هو يفهم الإنجليزية، هو يستطيع التحدث بأكثر من لغة بحكم عمله كـ مترجم في إحدى الشركات الكبرى، لكن في تلك اللحظة تحديدًا شعر أنه لا يفهم شيء مما قيل، صدمته ليست بالقليلة هو حتى الآن لم يخرج من لحظة إطلاق النار على الرجل الذي كان يتقدم منه، تلك اللقطة تعاد امام عينه مئات المرات كل ثانية ....


نظر الرجل خلفه وهو ينادي شخص آخر ثم أخبره أن يأتي ويترجم له حديثه، ويبدو أن ذلك الشخص عربي، وتحديدًا مصري من لهجته :


" اتفضل معانا لو سمحت ..."


" انتم مين ؟؟؟ وعايزين ايه مني ؟؟؟؟"


صمت الرجل ثواني ثم قال بدون أي ملامح :


" متخافش احنا هنا لحمايتك، اتفضل معانا قبل ما نلفت الإنتباه "


رمقه اسكندر بصدمة وهو يصرخ غير مصدق لما يقول :


" نلفت الإنتباه ؟؟؟ أكتر من كده ؟؟؟ ده انتم قتلتم واحد، ويا عالم الباقي عايش ولا لا، انتم مين ؟؟؟؟؟؟ "


" هو مش ميت، بعدين هما كانوا هيأذوك، و ارجوك اتفضل معانا ولما نوصل لمكان آمن هنفهمك كل حاجة "


فتح اسكندر عينه وفمه يحاول ايجاد حديث، لكن لم يدعه أحد يفكر حتى وهم ينقضون عليه يسحبونه بالقوة للخارج، وبقي مجموعة صغيرة منهم لاخفاء المصابين واخفاء أي دليل قد يثير أي شبهات .


تحرك الجميع باسكندر للخارج ليرى اسكندر الحارة ليس بها سوى عدد قليل من الأشخاص الذي يخرجون في ذلك الوقت المتأخر من الليل .


__________________________


ابتسم الثلاثة وهم يتحركون في الممر بعدما نجحت مهمتم بشكل كبير دون أن يرتكبوا خطأ واحد، لكن وأثناء خروج الثلاثة توقفوا فجأة وهم يلمحون ثلاث أجساد أخرى تتحرك في المكان ....


توقف انطونيو الاثنين وهو يشير لهم بالهدوء ثم تحرك وهم خلفه صوب الطابق الاسفل يراقب تلك الأجساد التي تتحرك بشكل غريب في جميع أرجاء القصر ...


اخرج الثلاث أسلحتهم بتحفز قبل أن ترتسم بسمة واسعة ساخرة على فم انطونيو وهو يتعرف على هوية أحد الرجال الثلاثة ليقول بتهكم :


" اوووه دراجون ...."


ابتسم دراجون بسمة جانبية ساخرة وهو يتقدم بعدما أنهى مهمته الغامضة رفقة رجاله والتي تختلف كليًا عن مهمة انطونيو ومن معه :


" مرحبًا عزيزي ...."


" ما الذي تفعله هنا ؟؟؟ لا أعتقد أن هناك شيء يخصك أو يخص منظمتك هنا "


ابتسم دراجون بسمة خبيثة وهو ينظر لمارتن ومايك يحييهم بهزة بسيطة من رأسه ثم قال :


"هيا انطونيو لا تقل هذا، كل شيء يخصكم يخصني أنا أيضًا، أليس كذلك مايك ؟؟؟"


ابتسم مايك دون أن يجب ليسمع صوت خطوات انطونيو وهو يقترب من دراجون ثم انحنى عليه بشكل مثير للريبة وبعدها همس بكلمات لم تصل له، ثم ابتعد انطونيو قليلًا عن دراجون وهو يرمقه بنظرات خبيثة قبل أن يبتعد عنه ....


ارتسمت بسمة واسعة على فم دراجون ولم يكد يتحدث حتى سمع الستة أشخاص اصوات خطوات عالية تأتي صوبهم وكأن هناك من يركض جهتهم ...


نظر انطونيو لدراجون بسخرية ثم أشار لمن خلفه ثواني قبل أن يركض مبتعدًا هو و من معه صوب اول نافذة قابلته ليقفزوا منها سريعًا في نفس الوقت التي اضيئت فيها اضواء القصر ليقول دراجون ببرود وخيبة امل مصطنعة :


" خيبت املي انطونيو، وانا من ظننت أننا احباء يا رجل، تهرب وتتركني ؟؟؟ حسنًا لا بأس لنا لقاء آخر قريبًا عزيزي "


أنهى حديثه ثم ابتسم بخبث قبل أن يتحرك بكل برود يخرج سلاحه وهو يشير لرجاله أن يتبعونه....


وفي الخارج عندما قفز الثلاثة وجدوا نفسهم على الشاطئ الخلفي للقصر وهناك اصوات صافرات إنذار تعلو بعدما انقضت الساعة واكشتفت أجهزة الإنذار وجود دخلاء ...


نظر مايك حولهم وهو يقول :


" ماذا نفعل الآن؟؟؟ هل نركض حتى السيارة ؟؟؟"


فكر بتعجب وهو يتذكر انهم ابقوا السيارة بعيدًا عن هنا ليسمع صوت انطونيو وهو يجيبه بخبث :


" أي سيارة عزيزي ؟؟؟ ليس هناك سيارات هنا "


تحدث مارتن بعدم فهم :


" ماذا تقصد ؟؟؟ لقد تركنا سيارتنا عند بداية القصر في الخارج "


ابتسم انطونيو وعينه تنظر لشيء بعيد :


" نعم، لكن ماركوس جاء وأخذها رفقة ادم، نحن لن نترك شيء يدل علينا "


فتح مارتن فمه بعدم فهم وقبل أن يستفسر عن الأمر وجد مايك يسبقه وهو يقول :


" وكيف سنعود إذًا؟؟؟" 


ابتسم انطونيو وهو يشير لشيء بعيد يقترب في البحر، نظر الاثنين ليروا قارب يقترب منهم بسرعة مخيفة لتمر ثواني قبل أن يتوقف القارب بعنف على بعد قليل من الشاطئ مسببًا تناثر بعض ذرات المياه عليهم، ثم على صوت جاكيري وهو يقول ببسمة يستند على مقود القارب :


" تحتاجون توصيلة ؟؟؟"


نظر الاثنان لانطونيو بصدمة ولا يعلمون متى خطط لذلك الأمر...


" هيا اعزائي لنعد للمنزل "


هكذا أردف انطونيو قبل أن يقفز صوب القارب، ليبتسم كلًا من مايك ومارتن وهم يقفزوا خلفه ويتحرك جاكيري بالقارب في سرعة مخيفة كعادته المتهورة قائلًا بضحكة عالية :


" ارجو أن تكونوا استمتعتم بالليلة احبائي "


أنهى حديثه وهو يشق سكون الليل بصوت محركات القارب قبل أن يستمع الأربعة لصوت إطلاق نيران عالي في القصر خلفهم ليدرك انطونيو أنه دراجون ومن معه ....


ابتسم مايك وهو يرمق مارتن ليعلموا الآن لِمَ يجب وجود انطونيو في جميع المهمات الكبيرة، فلا أحد منهم يستطيع إنهاء جميع الأمور ببساطة وذكاء مثله، هو العقل الذي يحرك الجميع، وكما يقول اليخاندرو ( انطونيو عقل المجموعة كلها ) 

__________________________________


انقشع الظلام لتحتل الشمس السماء بأشعتها، التي انعكست على وجه تلك النائمة بعمق ..

فتحت عينها وهي تتأفف بسبب الطرقات العنيفة على باب غرفتها، لتمد يدها تمسح وجهها بملل ثم وضعت قدمها ارضًا قبل أن تتحرك للخارج تفتح الباب بعنف ...


" ايه يا عم توفيق هتكسر الباب فوق دماغي مش كده يا اخي "


" الحق عليا قولت اطلع اناديكِ قبل ما الفطار يبرد "


ابتسمت رفقة بقلة حيلة وهي تتركه متحركة صوب الغرفة تقول بيأس :


" يبرد ايه بس يا عم توفيق هو انت طابخ على الفطار ولا ايه ؟؟؟"


أجابها توفيق وهو يتجه صوب الطاولة التي تتوسط السطوح قائلًا بجدية مضحكة :


" لا جايب مربى و حلاوة طحينية وجبنة ومخلل"


" طب ايه اللي هيبرد فيهم ؟؟؟؟ المخلل ؟؟؟"


" أنا عارف يا بنتي اهم دائمًا بيقولوا كده في التلفزيون "


ضحكت رفقة وهي تخرج تنشف وجهها بعدما غسلته ثم تحركت صوب الطاولة تجلس على المقعد قائلة بجوع حقيقي لم تستشعره قبل أن ترى الطعام :


" تعرف إني ميتة جوع ؟؟؟"


هز عم توفيق رأسه وهو يجيبها متناولًا قطعة مخلل قبل أن يقول بجدية :


" أيوة صح ما أنا عارف جاكيري كان جايبلك اكل امبارح قبل ما يمشي، قالي اخليكِ تأكلي لاحسن كنتِ مخطوفة "


صمت ثم أضاف بتساؤل :


" هو صحيح انتِ كنتِ مخطوفة يابنتي ؟؟؟ عشان كده اتأخرتي ؟؟؟"


ابتسمت رفقة وهي تهز رأسها ثم تسائلت قبل أن تدس بعض الطعام في فمها بتلذذ :


" وفين الاكل على كده يا عم توفيق ؟؟؟"


" تحت يا بنتي زي ما هو أنا جيت عشان اديكِ الاكل امبارح بس أنتِ مردتيش عليا فعرفت أنك نمتِ؛ عشان كده نزلت حطتهم تحت زي ما هما من غير حتى ما افتح الشنط وأشوف فيهم ايه "


ابتسمت له رفقة بسمة صغيرة ولم تكد تفتح فمها بشيء لتتحدث حتى سبقها هو بالقول بنرة حانقة بعض الشيء :


" بس معلش يا رفقة يا بنتي ابقى قوليله لما يحب يشتري ليكِ اكل يبطل يسترخص ويشتري من المحل اللي جاب منه امبارح، لاحسن أنا معجبنيش طعم الفراخ أبدًا تحسي كأن المطعم مستخسر يحط شوية سمنة وهو بيشويها، الفرخة ناشفة أوي يا بنتي، بعدين طالما قرر يجبلك اكل ويعمل نفسه كريم، خليه يكمل جميله ويجيب اي حاجة تحلي بيها "


" مفتحتش الشنط متأكد ؟؟؟"


" أبدًا يابنتي، هو أنا يعني ايه عشان افتح حاجة تخصك ؟؟؟ "


ضحكت رفقة وهي تهز رأسها بقلة حيلة ترتشف بعضًا من عصيرها الصباحي وهي تتصفح هاتفها، لتتفاجئ من عدد المكالمات التي وردت لها من روبين وكل ذلك وهي نائمة لا تشعر بشيء ...


فتحت رفقة تطبيق الرسائل لتجد رسالة من روبين تخبرها بها أنها عائدة لمصر رفقة والدتها وكل ذلك كان بالمساء، يعني أنها من المفترض أنها وصلت الان مصر، فتحت فمها بصدمة وهي تسارع للاتصال بروبين مبتعدة قليلًا عن توفيق الذي رمقها بفضول شديد ...


انتظرت رفقة على نار أن تجيبها روبين لتمر دقائق قبل أن تستمع لصوت فتح المكالمة، لذا سارعت دون تفكير تصرخ في الهاتف :


" روبين رجعتِ مصر ؟؟؟ ومن غير ما تقولي قبلها ؟؟؟"


" أنا اروى مش روبين "


صمتت رفقة ثواني لا تعرف من تلك اروى، هذا الاسم ليس بالغريب عليها، لكن لا تعلم أين سمعته، لم تهتم رفقة كثيرًا وهي تتحدث بهدوء بعض الشيء :


" معلش يا اروى ممكن تدي الفون لروبين ؟؟؟"


على الجانب الآخر نظرت اروى للجميع الذين يستقرون في البهو والصيحات تعلو والتوتر هو سيد الموقف لتقول بنبرة جاهدت التحكم بها :


" روبين مش هنا ....."


" ازاي مش هنا ؟؟؟؟ المفروض انها وصلت مصر و..."


صمتت رفقة قليلًا وهي تبعد الهاتف عن أذنها لتتفاجئ أن رقم روبين يظهر أسفله أنها تستقبل الاتصال من ايطاليا لتتذكر الأن أين سمعت اسم اروى ...هي نفسها الفتاة ابنة العائلة التي تقيم لديهم روبين :


" هي روبين نسيت موبايلها ؟؟؟" 


" رفقة هي روبين عندك ؟؟؟؟ لو عندك طمنيني بس والله مش هقول لحد، مامتها مولعة الدنيا هنا "


تشنجت رفقة بعدم فهم وهي تصيح بشكل ارعب توفيق لينتفض من مكانه راكضًا لها :


" قصدك ايه أنها عندي ؟؟؟؟ روبين فين يا اروى ؟؟؟" 


"روبين هربت امبارح من المطار ومحدش عارف يوصلها "


_____________________________


" جيد فقط أخبره كل ما اخبرتك به واحذر أن يمسه سوء "


أنهى جاكيري حديثه في الهاتف وهو يراقب مارتن الذي اقتحم غرفته يحمل حاسوبه، ليشير له جاكيري بالانتظار حتى ينتهي مكالمته لاحد رجاله في مصر :


" لا تخبره من ارسلكم فقط أخبره أنكم هنا لأجل مساعدته، حسنًا سأحدثك لاحقًا "


اغلق جاكيري الهاتف وهو ينتبه لمارتن الذي ألقى حقيبة الحاسوب ارضًا بعدم اهتمام يضع الحاسوب على قدمه وهو يقول بجدية :


" لقد استطعت الوصول للأسماء التي ذكرتها لي جاكيري، تلك السيدة التي أعطيتني اسمها و..."


توقف عن الحديث وهو يرى جاكيري يحمل شيء من الأرض ويرمقه بتعجب :


" ما هذا ؟؟؟ "


نظر مارتن للسماعة التي تقبع بيد جاكيري وهو يفسر له باختصار :


" سماعة للترجمة الفورية "


" حقًا ؟؟؟ وماذا تفعل بها ؟؟؟"


هز مارتن كتفه بعدم اهتمام وهو ينقر على جهازه باهتمام :


" ليس أنا بل هي خاصة بفبريانو، احضرت بالأمس له اثنتين واخذ هو واحدة تاركًا تلك عندي، المهم فقط انتبه لي فـ..."


صمت وهو يستمع لصوت رنين هاتف جاكيري الذي قاطع حديثه ليزفر بضيق وهو يضرب الفراش أسفله :


" يا رجل اغلق هاتفك وتوقف عن اللعب بكل شيء، دعني اخبرك ما توصلت له بخصوص قضية حبيبتك و....ماذا تفعل يا رجل ؟؟؟"


ابتسم جاكيري وهو يغمز له يفتح المكالمة :


" احدث حبيبتي "


أنهى حديثه وهو يفتح المكالمة وقبل أن ينطق بكلمة واحدة وصل له صراخ رفقة المخيف وهي تكاد تصيبه بالصمم :


" جاكيري هل قام ابن عمك المختل باختطاف روبين ؟؟؟؟ اقسم أن اقتله ذلك الحقير جعل الجميع يظنون أنها هربت، تبًا لك ولجميع أفراد عائلتك المختلة "


لم يتحمل جاكيري حديثها الصارخ وهي تخبره أن تلك الصغيرة كانت على وشك الرحيل رفقة والدتها لولا فبريانو، ثم أخذت تصرخ لاعنة فبريانو بكل ما تعرف من اللعنات، لذا اغلق الهاتف سريعًا وهو يستدير لمارتن يتساءل بتعجب :


" أين اخاك مارتن ؟؟؟"


" ايهما تقصد ؟؟؟"


" فبريانو ..." 


أشار مارتن برأسه بعدم معرفة :


" لا اعلم...اخر مرة رأيته في الصباح الباكر كان يتجه لخلف القصر، اعتقد أنه ذهب لتقطيع الأخشاب كعادته، دعنا من فبريانو وتعال لتـ..."


لم يكمل مارتن حديثه وهو يرى جاكيري يتجاهله كليًا راكضًا للخارج، ليصرخ مارتن بحنق وهو يغلق الحاسوب الجديد والذي حصل عليه بدل ذلك الذي تحطم بسبب جاكيري سابقًا حينما سقط عليه ...


" تبًا لك جاكيري، عسى أن تتعفن حبيبتك في السجن، لِمَ اهتم من الأساس ؟؟؟؟؟للجحيم أنت وهي "


___________________


تحرك جاكيري يقصد فبريانو قبل أن يوقفه رنين هاتفه معلنًا وصوله مكالمة من مصر، حيث ترك بعض رجاله لمراقبة تلك السيدة التي تتهم رفقة في مقتل ابنتها ومراقبة اسكندر، وكذلك لمتابعة أي شيء يصدر بخصوص قضيتها قبل أن ينتهي هو من الاجتماع ثم يعود بنفسه لمصر و ينهي الأمر بنفسه ..


" اخبرني ..."


هكذا افتتح جاكيري حديثه مع الرجل الذي اتصل به ليستمع لحديثه الذي ورد له عبر الهاتف وهو يقول بكل جدية :


" سيدي وصلنا اليوم اخبار غير سارة بالمرة "


صمت جاكيري في إشارة منه ليكمل حديثه وهو يقول بأسف :


" تم تأكيد اتهام السيدة بشكل رسمي بعد أن كانت مجرد متهمة عادية من بين البعض، أصبحت الآن هي المتهمة الرئيسية و الوحيدة في القضية، خصوصًا بعدما احضرت والدة القتيلة بعض التسجيلات للسيدة وهي تهدد القتيلة بالابتعاد عنها وإلا اضطرت لقتلها، وايضًا هروب السيدة لم يساعد بل زاد الأمور سوءاً لنتأكد التهمة عليها أكثر "


مسح جاكيري وجهه بضيق وهو يغلق هاتفه دون رد من جهته، ثم تحرك بقدميه بسرعة كبيرة ونيران جنونه وغضبه تحركه حتى اقتحم غرفة أخيه بعنف ليجد أن فبريانو يجلس معه، لكن لم يهتم لشيء أو يتذكر حتى أنه كان يبحث عن فبريانو وهو يصيح بإصرار مخيف وجنون يظهر بوضوح في كل حرف من كلماته :


" اخي اود احتلال مصر ....."


" ماذا؟؟؟ "


هكذا صاح انطونيو وهو يعتدل في جلسته يستمع لحديث اخيه المجنون... 


" ماذا ماذا؟؟ قلت اريد أن احتل مصر "


احتسى فبريانو بعضًا من مشروبه وهو يحرك الكأس امام عينيه متشدقًا بسخرية: 


" حقًا؟؟؟ مارأيك بقطعة من ليبيا ايضًا فلا اريد أن اتكلف عناء الذهاب لافريقيا لاحتلال مصر فقط لذا أرى أن نحتــل ليبيا ايضا فالجيش الخاص بوالدك ليس صغيرًا كما ترى "


انهى حديثه وهو يتبعه بضحكة عالية يرمق ابن عمه بسخرية لاذعة ثم اضاف: 


" كل هذا لاجل دميتك الصغيرة؟؟؟ كم أنت مجرم رقيق القلب! ليتني كنت فتاة كنت لاود أن تكون حبيبي لعلي وقتها اقنعتك أن تشتري ليّ البحر الابيض المتوسط "


لم يستطع انطونيو أن يكتم ضحكته على ملامح اخيه الابله والذي يزداد جنونه يومًا عن يوم: 


" حسنًا يا اخي، اذهب للنوم الان.... وغدًا ربما اكون في مزاج يسمح لي بأن احتــــل مصر "


انهى حديثه وهو يتمتم بسخرية كبيرة : 


" يتحدث وكأنه يود احتلال منزل او اننا نملك جيشًا لا يقهر..... " 


صمت جاكيري وهو يضرب الطاولة بغيظ من الاثنين أمامه ثم قال بنزق وحقد :


" تتحدثان بسخرية لأن حبيبتكما جواركما دون خطر يهددها "


صمت ثم قال بنيران تشعل صدره كلما تذكر أنه من الممكن أن يخسر رفقة في أي لحظة تحدث معبرًا عنا يكمن داخل صدره ونبرته تزداد اشتعالًا :


" كلما فكرت أنني قد اخسرها في أي لحظة أشعر بأن قلبي يكاد يتوقف وبأن انفاسي تختنق "


توقف عن الحديث وهو يحاول الخروج من تلك الحالة، فليس هو من يضعف حتى و لو أمام إخوته، ابتسم بسمة صغيرة يحاول اظهار جانبه المجنون المازح ليمحي تلك النظرات المشفقة من عين أخيه :


" ثم يا اخي تسخر مني لأنني أريد أن احتل مصر لأجلها ؟؟ قد احتل العالم لأجل بسمتها، ثم تذكر أنه لو كانت ابنة سيرينا هي المعنية من الامر لكنت هدمت العالم فوق رؤوسنا "


نظر لفبريانو ثم أضاف بسخرية :


" وها هو ذلك المتبجح الذي يسخر مني بمجرد أن شعر أنه يكاد يخسر حبيبته ذهب واختطفها بكل وقاحة، عارٌ عليك "


ابتسم فبريانو بسخرية وهو يستمع لحديثه، وما كاد يخرج جملة مستفزة ساخرة من فمه حتى سمع سؤال انطونيو المتعجب وهو ينطق بعدم فهم : 


" أي اختطاف هذا؟؟؟؟ متى فعلت هذا فبريانو ؟؟؟"


تحدث جاكيري بتشفي وهو يربع ذراعيه أمام صدره قائلًا :


" الوغد ذهب واختطف الفتاة من المطار قبل رحيلها مع والدته، رفقة حدثتني منذ قليل واخبرتني أن الجميع يبحث عنها في كل مكان ويظنون أنها هربت، وكل ذلك بفضل عزيزنا فبريانو "


فتح انطونيو فمه بصدمة وهو يرمق فبريانو الذي انفصل عن عالمهم حينما سمع حديث جاكيري والذي ظنه في البداية مجرد مزحة لايغاظته ...


سقط كأس فبريانو بعنف على الأرض مصدرًا صوتًا عنيفًا جراء تهشمه، وهو يرمق جاكيري بصدمة وقد بدأت ملامحه تحتد بشكل مخيف :


" أنت لا تمزح؟؟؟"


" ولِمَ قد امزح في أمر كهذا ؟؟؟ توقف عن محاولة اخفاء أفعالك و..."


صمت جاكيري عن حديثه بفزع وهو يرى انتفاض فبريانو من وفوق اريكته وهو يصرخ بجنون وصوت أتى على أثره الجميع بفزع :


" أي افعـــــــــال تلـــــك ؟؟؟ انا لم أرى روبين منذ اوصلتها أمس ...أين ذهبت ؟؟؟؟"


نظر الجميع بخوف لفبريانو من صراخه، فتح انطونيو فمه للتحدث محاولًا فهم ما يحدث لولا صرخة فبريانو التي علت بجنون :


" اتصــــــــــــل بتلـــك الفتــاة الآن.... الآن جاكيــــــــــري "


____________________________________


هلّا توقفتي عن الدوران أشعر أن رأسي سينفجر "


أنهت روما حديثها وهي تمسك برأسها في وجع شديد تحاول تهدئة ذلك الصداع الذي لا يتركها منذ ليلة أمس، حتى بعدما ذهبت للمشفى وتأكدت أن الأمر ليس بالخطير، ووصف لها الطبيب بعض المسكنات، ما تزال تشعر بالوجع ....


توقفت رفقة عن السير وهي تنظر للثلاث فتيات اللواتي يحتلن أريكة منزل العم توفيق بعدما اتصلت بهن جميعًا للتأكد أن روبين ليست عند احداهن .....


سمعت رفقة صوت العم توفيق يتناهى لمسامعها وهو يقول بحنق شديد :


" ما تهدي يابنتي بقى من الصبح عمالة تأكلي في نفسك لما صرعتيني، بعدين يعني هي هتروح فين؟؟؟ هي مش صغيرة تلاقيها راحت تشتري حاجة وراجعة"


فتحت رفقة فمها بعدم تصديق لحديث توفيق الذي يتحدث بكل بساطة وكأن روبين أحد مواطني ايطاليا لتذهب في نزهة للبلاد :


" تروح تشتري ايه بس هي تعرف حاجة في البلد ؟؟؟ دي هبلة وبتوه في شير ماية، تشتري ايه يا عم توفيق ؟؟؟ ايه اللي ممكن تشتريه من بليل للصبح ؟؟؟ قولي على حاجة في الدنيا ممكن يقعد الإنسان يشتري فيها ليلة كاملة ؟؟؟"


" عرض بيج ماك من ماكدونالدز في أيام العيد "


هكذا أجابها توفيق بكل هدوء وسلاسة وهو يتبعه قوله بتفسير أكثر لها :


" اتذكر في مرة أنا والمرحومة قعدنا ليلة كاملة عشان ناخد طلبنا من ماكدونالدز ايام العيد، اصل المطاعم في الوقت ده بتكون ...."


" خلاص يا عم توفيق خلاص ابوس ايدك مش ناقصة....أنا مش ناقصة والله "


صمتت فجأة وصمت الجميع وهم يستمعون لرنين هاتف دفع الامل في قلوب الجميع أن تكون المتصلة روبين أو أي شيء له علاقة، ركضت رفقة صوب الهاتف الذي كان يجاور توفيق وهو يقرأ الاسم بتعجب :


" عبدالغفور البرعي ؟؟؟؟ هو أنتِ معاكِ رقم نور الشريف الله يرحمه ؟؟؟"


رمقته رفقة ببسمة صغيرة ولم تعقب إلى حديثه فهي من المفترض أنها اعتادت تفكير توفيق وحديثه الغير عقلاني في بعض الأوقات ...


رفعت رفقة الهاتف وهي تضعه على أذنها بأمل أن يكون هناك خبر عن روبين بعدما اغلق جاكيري الهاتف في وجهها صباحًا، ولم تمهلها جولي فرصة حتى انتزعت الهاتف من يدها وهي تفتح المكبر لسماع الاخبار، رمقتها رفقة بصدمة وهي تقول :


" ألا تلاحظين أن ما تفعلينه يسمى وقاحة ؟؟؟؟"


هزت جولي كتفها بعدم اهتمام وهي تجيب ببساطة شديدة :


" و ماذا في ذلك ؟؟؟" 


لم يمنحها ذلك الصوت الصارخ الذي قذف الرعب في قلوب الجميع فرصة إجابة جولي وهو يصرخ بنبرة مخيفة :


" تحدثي بكل ما حدث "


نظر الجميع للهاتف برعب لتقول روما بعدم فهم :


" هذا فبريانو ؟؟؟"


هزت رفقة رأسها وهي تجيب فبريانو تدعي الشجاعة :


" أنا من يحب أن يسأل ذلك السؤال يا وغد، أين هي روبين ؟؟؟ وماذا فعلت بها ؟؟؟ يا مختل الجميع يظنها هربت "


وصلها صراخ من الجانب الآخر :


" روبين ليست معي، أنا لم أرها منذ توصيلها بالأمس، هيا تحدثي عن كل شيء حدث "


لم تتحدث رفقة وهي تصدم من حديثه، فجزء منها كان يتضرع أن تكون لديه، وقتها لم تكن لتخاف ،فهي من حديث روبين تدرك جيدًا أنه لن يقدم يومًا على اذيتها....


وضعت رفقة يدها على فمها تكتم شهقات بكائها العنيفة التي علت وهي تقول بضياع :


" روبين ....روبين فين ؟؟؟؟ هتكون راحت فين ؟؟؟؟ "


" توقفي عن البكاء بحق الله وأخبريني ما حدث بلغة افهمها "


تحرك جاكيري على الجانب الآخر بعنف وهو يسحب الهاتف من يد فبريانو حينما سمعه يقول أنها تبكي، وما كاد فبريانو يصرخ في وجهه، حتى وجه له جاكيري نظرات حادة وهو يشير بإصبعه في وجهه بشر :


" إن تقدمت خطوة لن اهتم لشيء ولتذهب للجحيم ولن ادعك تحدثها سمعت ؟؟؟"


أنهى حديثه ثم رفع نظره لانطونيو وهو يقول بنبرة حادة بعيدة كل البعد عن تلك المازحة الساخرة :


" هدأ ذلك المتهور حتى اعلم منها ما حدث بالتحديد "


أنهى حديثه دون أن يستمع لرد وهو يخرج من الغرفة يحدث رفقة محاولًا تهدئتها، بينما في الداخل كان فبريانو ينظر في الفراغ بنظرات لم يعلم هل هي ضائعة أم حادة ....


كان فبريانو يقبض على كف يده بعنف شديد وهو يتجاهل الأحاديث الدائرة حوله وصوت مارتن المشفق على أخيه يردد بحزن لحزن أخيه :


" لا تقلق يا اخي سنجدها، فقط أهدأ احضر لي رقم هاتفها وانا سأحاول معرفة مكان الهاتف او حتى آخر مكان تواجد به "


أنهى مارتن حديثه وهو يضغط على كتف أخيه حتى ينتبه له، ولم يدرك مارتن أو أحد أن هاتف روبين ليس معها بل مع والدتها في منزل خالد؛ لذا تحرك فبريانو بسرعة صوب غرفتها يبحث عن هاتفه الذي ألقاه البارحة بمجرد عودته بإهمال شديد ...


بحث وبحث حتى اهتدى عليه ساقطًا جوار فراشه، حمله وهو يفتح الهاتف بسرعة ليحضر رقم هاتفها وهو يتحرك صوب الخارج، لكن توقفت فجأة قدمه وهو يلمح أن هناك رقم غير مسجل حاول الاتصال به، وايضًا رسالتين من ذلك الرقم، لذا ودون تردد كان يفتح الرسالة وهو مازال يقف في غرفته ليصل له صوتها الهامس الذي يغوص بين اوتاره، صوتها الذي طالما استمتع خفية بالحانه التي تخترق قلبه كسهام مشتعلة تبث نيرانها في قلبه ولجميع اجزاء جسده، تلك النيران التي تسير في دماءه تحرقه وتؤلمه بعنف، ذلك الالم اللذيذ الذي ادمنه..


اغمض عينه وهو يسمعها تقول :


" مرحبًا فبريانو أنا..."


صمتت ليصمت طنين قلبه تزامنًا معها، وكأن قلبه قد مضى سابقًا عهدًا على نفسه ألا ينبضسوى لسماع صوتها، وألا يتحرك سوى لمرآها ..عاد صوتها يصدح مجددًا خاطفًا نبضة منه وهو يستمع إليها تدلي باعتراف جمده بأرضه اعتراف لم يكن يعلم أنه ينتظره منها قبل الآن، هي قالتها، قالت انها تحبه، شعر بتوقف الزمن حوله وهو يستمع لصوتها الشجي الحبيب يهمس له برغبتها أن يكون أمامها وقت قولها لتلك الكلمات?

الفصل السادس والعشرون من هنا 

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم

تعليقات



×