![]() |
رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الثاني والعشرون بقلم رحمة نبيل
رفعت لورا عينها التي كانت الدموع تغشيها تبحث عن صاحبة الصوت في نفس الوقت الذي وصل به مايك رفقة فيور وهو ينظر للجميع الواقف بتعجب ولم يكد يفتح فمه للحديث، حتى تفاجئ بلورا أمامه ترتدي نفس الفستان الذي صممه لها، وكم كانت بهية به، لم يدرك أن الفستان جميل لهذه الدرجة حتى ارتدته هي، شعر مايك بضربات قلبه تزداد وهو يشرد بها قبل أن يستمع لصوت جولي تقول بجدية :
" هل هذا زفاف ابن خالتك ؟!"
هزت لورا رأسها وهي تخفض رأسها تحاول اخفاء دموعها، ثم قالت وهي تتجاوز الجميع بسرعة بصوت مختنق:
" عفوا سأذهب للمرحاض "
رحلت بسرعة تحت نظرات الصدمة من الجميع، لكن مايك لم يتوقف وهو يترك الجميع ويلحق بها تاركًا فيور تراقب ما يحدث بشفقة كبيرة، لتشعر فجأة بمن يمسك يدها ويضعها على ذراعه، نظرت لذلك الشخص لتجد أنه ماركوس الذي لم ينظر لها وهو يسحبها خلفه يدخل للمكان رفقة الجميع وهو يهمس بصوت وصل لها واضحًا :
" الويل لكِ إن ابتعدتِ عني طوال الزفاف "
_____________________
كانت تقف أمام المرآة في المرحاض وهي تحاول تمالك نفسها، يدها ترتعش بقوة وأصوات من الماضي تقتحم عقلها، اصوات صرخات وبكاء ...
( ارجوك فقط اتركني أنا لا أريد شيء، ارجوك دعني وشأني، لقد تعبت ارجوك )
انتفضت لورا وهي تخرج من تلك الذكرى قبل أن تبتلعها وهي تسمع صوت الباب يُفتح؛ لذلك تحركت يدها بسرعة صوب صنبور المياه حتى تغسل وجهها لتخفي دموعها، لكن توقفت يدها فجأة وهي تستمع لصوت خافت يقول :
" هذا أنا لورا "
رفعت لورا وجهها الذي كان قد تدمر بسبب البكاء لتتحرك فجأة نحو مايك بسرعة وهي تلقي نفسها بين أحضانه تبكي بقوة لا تدع لعقلها الفرصة حتى ليتساءل متى وكيف جاء وهي تقول :
" لقد ....لقد حاولت مايك اقسم حاولت لكنني لم استطع أنا ضعيفة بائسة "
كانت تبكي وهي تضم رقبة مايك بقوة وصوت بكائها يعلو أكثر وأكثر وكأنها واخيرًا وجدت ملجأها، بينما مايك ضمها بقوة نحوه وهو يقبل رأسها بحنان :
" لا تقولي هذا جميلتي أنتِ اقوى من قابلت في حياتي، لا تقولي هذا "
بكت لورا أكثر بين أحضانه، ثم قالت بشهقات وهي تحاول أن توصل له بعضًا مما تشعر :
" لقد ...لقد أخبرني في وجهي أنني ضعيفة، كان يخبرني أنني كان من الممكن أن أكون مكان زوجته الان، لقد .."
صمتت مرة أخرى وهي تنفجر في البكاء، بينما مايك شعر بقبضة تعتصر قلبه بقوة ومرارة تستحكم حلقه وهو يقول بصوت خافت :
" هل هو العريس ؟!"
هزت لورا رأسها بنعم ليعلو صوت مايك مجددًا :
" هل كنتِ تحبينه ؟!"
ضمت لورا نفسها له أكثر وهي تقول بصوت متقطع بسبب البكاء :
" كان خطيبي ...."
شعرت لورا فجأة بيد مايك تخفف من ضم خصرها حتى سقطت جواره، وصوته يعلو بنبرة غريبة على مسامعها :
" هل أنتِ حزينة لزواجه من أخرى ؟؟"
وجاءه الرد من لورا على هيئة صوت بكاء عالي :
" أنا لست حزينة مايك، أنا خائفة منه، أنا لا أحبه، هو ....هو لا ينفك ينظر لي بتلك النظرات المخيفة التي كان يرمقني بها أثناء فترة خطوبتنا "
لم يفهم مايك شيء من حديثها بل وقف عقله عند كلمة ( أنا لا أحبه )، ابتسم وهو يشدد من ضمها إليه، ثم قال بهمس :
" تريدين الرقص معي ؟!"
أبعدت لورا وجهها عن مايك بتعجب وهي تسأله بعينها عما يقصد، لكنه فقط ابتسم وهو يغمز لها، ثم أبعدها بلطف ممسكًا بيدها يتحرك نحو القاعة ولورا تحاول الإفلات منه :
" مايك ماذا تفعل ؟! أنا لا أريد الدخول ورؤيته مجددًا "
توقف مايك ثم قال ببسمة خبيثة :
" سنجعله يرى ما خسره بكل غباء، سنعرّف الجميع على لورا الجديدة "
أنهى حديثه بغمزة لطيفة وهو يتحرك بها نحو منظم الحفل وهمس له ببضع كلمات، ثم امسك يد لورا يتحرك بها صوب منصة الرقص وقد صدحت موسيقى حماسية في المكان ولورا لا تفهم شيء فبمجرد أن وطئت قدمها المنصة، حتى وجدت جسدها يُجذب بقوة صوب صدر مايك وهو يحركها معه بقوة وسرعة كبيرة هي حتى لم تستعوبها، ومايك يضحك بصوت عالي وهو يراقب صدمتها .
جذبها مجددًا وهو يميل بها بسرعة كبيرة هامسًا في أذنها :
" شاركيني الرقص أيتها الشرقية "
ابتسمت لورا بصدمة وهي تعتدل في وقفتها تتحرك معه بسرعة وحماس على الأغنية ولا تعلم حتى ما تفعل أو من ينظر كل ما كانت تفعله أنها تتحرك بكل جنون رفقة مايك الذي كان كل ثانية يمسك يدها ويجعلها تدور حول نفسها، ثم يمسك جسدها ويدور به في قوة .
كان انطونيو يجلس على الطاولة الخاصة بهم وهو يرمق ما يحدث ببسمة واسعة وجواره روما تصفق بصوت عالي وتصرخ مشجعة الاثنين .
بينما مارتن كان يكتف جولي جواره مانعًا إياها من التحرك، وفيور تتحرك بكل حماس جوار ماركوس وهي ترقص وتحرك يديها في الهواء كما علمتها جولي سابقًا بينما جولي تصفق وهي تقول :
" هذه هي تليمذتي النجيبة "
ضحك ماركوس على فيور وهو يحاول جذبها لتجلس :
" يا فتاة اجلسي الجميع ينظر نحوك "
تجاهلته فيور وهي تتراقص بكل حماس على الأغنية وتصفر بصوت عالي تشجع مايك ولورا، ثم تتمايل مجددًا على ماركوس الذي كان يضحك بصخب عليها.
وعلى طاولة بالقرب منهم كانت والدة لورا تفتح عينها بصدمة لما تفعل أبنتها قبل ان تقترب منها اختها ( والدة العريس ) وهي تنظر للمنصة بسعادة كبيرة تهمس :
" لم تخبريني أن لورا لديها حبيب ؟!"
نظرت لها والدة لورا وهي مازالت تفتح عينها بصدمة مما يحدث قبل أن تزداد صدمتها وهي تستمع همسة اختها :
" وليس أي حبيب، بل مايك فوستاريكي، محظوظة تلك الفتاة، عسى أن يكتب الله لها السعادة "
فتحت والدة لورا عينها بصدمة وهي تنظر لابنتها التي كانت ضحكاتها تنطلق بشكل لم تره منذ سنوات وهي تردد باستنكار :
" مايك فوستاريكي؟!"
وعلى منصة العروسين كان هو يجلس وعينه تزداد غضبًا مما يرى أمامه، هي سعيدة وترقص في زفافه أيضًا بدلًا من أن تحبس نفسها كالعادة في أي مرحاض وتبكي؟! يبدو أن لورا العزيزة تغيرت وكثيرًا عما تركها، تبدو كما لو أنها...لورا أخرى .
وعلى منصة الرقص كانت لورا تحرك قدمها بسرعة وهي تقلد حركات مايك وكل ثانية وأخرى تضع يدها في يده وهي تطلق ضحكات عالية كلما مال بها، فقد كان يهمس لها :
" بعد هذه الرقصة، سأعاني من الآلام العظام لأيام "
أطلقت لورا ضحكات عالية وهي تشعر بالسعادة تتسلل بكل خبث لروحها، وصوت مايك يهمس لها أثناء قربها منه :
" بعد انتهاء الرقصة علينا البحث عن طاولة الطعام فالرقص يشعرني بالجوع"
قهقهت لورا بصوت نافس صخب الاغاني، ثم غمزت له وهي تقول :
" سوف احضر أنا الطعام وأنت احضر طبق حلوى "
جعلها مايك تدور حول نفسها بسرعة كبيرة عدة مرات قبل أن يجذبها له وهو يغمز لها :
" وما حاجتنا للحلوى في وجودك ؟!"
ابتسمت له لورا وهي تنسى الرقصة وتنسى من حولها تضم رقبته لها وهي تقول :
" يا رجل ما هذا الغزل الهابط ؟! "
ضحك مايك وهو يشعر بانتهاء الأغنية أخيرًا ليبتسم وهو يسحبها لاسفل المنصة والجميع يصفق لهما، ومايك ينحني وهو يشكرهم ويرفع يده ملقيًا قبلات عديدة على الجميع وهو يهمس بتكبر :
" معجبيني الاعزاء، شكرًا لكم "
ضحكت لورا بصوت عالي وهي تسير جواره ونظراتها تمر عليه بينما مشاعر كثيرة تتدفق داخلها تجاه هذا الرجل الذي اذاقها اهتمامًا وحنانًا افتقدته لفترة طويلة في حياتها، فجأة استدار لها مايك فجأة ليمسكها وهو يغمز لها متحركِ رفقتها للخارج وهي تقول ببسمة :
" دعنا نخرج لاستنشاق بعض الهواء "
هز مايك رأسه وهو يسير معها للخارج، لكن وقبل أن يخطو خارج المكان شعر فجأة بمن يندفع له ويرتمي في عناقه بقوة لدرجة أنه أفلت يد لورا بسرعة وهو يرفع يده يحاول التوازن قبل أن يسقط بالفتاة وصوت الفتاة يصل لـ لورا وهي تسمعها تقول بهيام :
" كنت رائعًا ......"
____________________
دخل آدم المنزل يستشعر ذلك الهدوء الذي يغوص به، ورغم معرفته برحيل البعض لزفاف أحد مستثمري المجموعة، إلا أن ذلك الصمت مخيف خصوصًا في وجود تلك القردة الصغيرة التي احضروها آخر مرة وايضًا جايك وروز الذي أصبح القصر بمثابة ساحة حرب لهما .
القى آدم المفاتيح على الطاولة وهو يتحرك صوب الدرج يبحث بعينه عن هايز التي تتعمد تجاهله منذ سخر من رقصها المحترف الفريد _ على حسب قولها _ ومنذ ذلك الحين ترمقه بتعالي واستنكار لا يفهمه حقًا .
وبمجرد أن خطت قدم أدم الطابق الثاني القصر حتى تناهى لمسامعه صوت موسيقى يعرفها جيدًا موسيقى اعتادتها أذنه أثناء سنوات دراسته بإحدى الدول العربية، ابتسم بسمة جانبية صغيرة وهو يتحرك صوب غرفة هايز التي كان يأتي منها الصوت وفي رأسه يردد أنها ربما أرادت أن تثبت له كم هي راقصة محترفة فقررت تعلم الرقص الشرقي .
اتسعت بسمة آدم وهو يقف أمام الباب بسعادة يجهز نفسه لمشاهدة محاولة هايز في الرقص الشرقي، هو ليس طامعًا ليتخيلها تتمايل بخصرها بكل دلال يكفيه أنها تحاول .
وبمجرد أن فتح آدم الباب حتى أبصر هايز ترتدي نفس حزام الاجراس وجسدها يقف في منتصف الغرفة يهتز بسرعة مخيفة وينتفض، ولم يتوقف آدم للتفكير ثانية وهو يركض بسرعة مخيفة صوب هايز ممسكًا بالوسادة يضربها بها في عنف كبير حتى يبعدها عن مجال الكهرباء، ثم ابتعد عنها وهو يضربها بقدمه بعنف شديد وصوته يصرخ :
" أين مصدر الكهرباء، أين القبس الخاص بهذا السلك ؟؟"
كان يتحدث برعب وهو يشير لأحد اسلاك الكهرباء التي كانت تمر من أسفل هايز، بينما هايز كانت تمسك معدتها بوجع بسبب ضربته وهي تقول بحنق :
" أيها الاحمق ما الذي فعلته؟! لقد طحنت معدتي "
نظر لها ادم بشر وهو يقول بصراخ :
" أي معدة تلك يا غبية ؟! كدتِ تموتين بسبب الكهرباء ؟!"
رفعت هايز عينها له بتعجب وهي تهمس :
" أي كهرباء تلك ؟!"
أشار آدم للسلك أسفل قدمها وهو يقول برعب ومازال قلبه يهدر بقوة :
" ذلك الذي كاد يحولك لعمود إنارة منذ ثواني "
نظرت له هايز بغباء، ثم سحبت السلك الذي كان ساقطًا ارضًا وهي ترفعه قائله بعدم فهم :
" لكن هذا السلك لا تمر به كهرباء، أنه خاص بمجفف شعري "
كانت تتحدث وهي تشير بيدها لمجفف الشعر الذي يستقر ارضًا جوارها، بينما آدم فتح فمه بغباء وهو يقول :
" إذن لِمَ كان جسدك يهتز بهذا الشكل المخيف ؟؟"
أمسكت هايز معدتها بتألم وهي تقول بحنق تنهض من مكانها تشير بيدها للحاسوب الذي يستقر على طاولة الزينة الخاصة بها :
" كنت اتعلم تلك الحركة أيها الجاهل "
حرك آدم عينه بهدوء صوب الحاسوب وهو يرى فيه فيديو لراقصة شرقية تهز جسدها بحركات مدروسة حسب الموسيقى، والمفترض أن هايز كانت تقلدها منذ قليل، أشار لها آدم بغباء وهو يقول :
" هذا ؟! هل كنتِ تقومين بهذه الحركة ؟!"
هزت هايز رأسها بنعم وهي تضم يديها لصدرها :
" وتظل تخبرني أنك تريد رؤية رقص شرقي، وأنت حتى لا تفقه به شيء "
رفع آدم يده وهو يهددها قائلًا :
" اصمتــــي، أي حركة تلك، هذه المرأة تهز خصرها فقط، بينما أنت تهزين جسده بأكمله لدرجة شعرت أنك تعرضتي لصاعقة "
نظرت له هايز من خلف يدها التي تضعها أمام وجهها تحمي نفسها بها :
" هيا آدم اعترف أنك ظلمت موهبتي ولا تتكبر عن الاعتراف بالخطأ "
" ظلمت موهبتك ؟! يا فتاة أنتِ موهبتك خُلقت لتُظلم "
أنهى آدم حديثه وهو يترك الغرفة بحنق شديد يلملم بقايا آماله التي تحطمت تحت اقدام هايز للتو للمرة الثانية، كان يسير وهو يشعر بخيبة أمل كبيرة وقد سلّم أمره واقتنع أن تلك الفتاة يومًا لن يراها ترقص كما كان يرى، لكن وأثناء تحركه اصطدم آدم في جسد بعنف ليترفع صوت اجراس في المكان جعل آدم يظن أنه اصطدم في هايز وهو يعود للخلف بتعجب :
" لقد تركتك للــ "
لكنه توقف وهو يرى تلك الفتاة كارين تقف أمامه ترتدي ثياب تشبه خاصة هايز وعلى خصرها حزام رنان وهي تتحرك بحركات ظنتها دلالًا صوب غرفة هايز تقول :
" معذرة يا فتى، لم انتبه لك "
كانت تتحدث وهي تتحرك بشكل غبي جعل آدم يتشنج وهو يردد :
" فتى ؟! ثم ما هذه المشية الغبية ؟! تبدين كدجاجة مشلولة "
أنهى حديثه وهو يتحرك بحنق صوب غرفته، لكن أثناء ذلك انتبه على جايك الذي كان يلحق بروز صوب المطبخ ليقول لبسمة ساخرة :
" يبدو أن أعمالنا ستُرد الينا على هيئة فتيات حمقاوات "
___________________________
خرج من المرحاض يجفف شعره بعدما انتهى للتو من الاستحمام وارتداء ثيابه، نظر لفراشه بتعب يقترب منه يود أن يتسريح قبل أن يسافر في الغد لمنزل العائلة ويخبرهم بما يريد .
القى فبريانو جسده على الفراش ينظر للسقف ثواني يتمتم بينه وبين نفسه بملل :
" إلى متى سيستمر البعاد ارنبي الوردي ؟!"
تنهد قبل أن يمد يده ويطفأ انوار الغرفة ليغرق المنزل كله في الظلام وهو يغمض عينه يسترجع لقاؤه مع والد روبين الذي أمره أن يحضر عائلته ويتقدم ازواج ابنته كما يفعل الجميع، وهو لا يرفض حقًا، لكنه يخشى أن يزداد رفضه بعدما يقابل عائلته، في النهاية من سيقبل أن تتزوج ابنته من عائلة مليئة بالاوغــــاد؟!
استفــاق فبريانو من شروده على صوت طرق على باب منزله، تجاهل الأمر وهو يشعر برغبته في النوم؛ لذلك قرر عدم فتح الباب، وما كاد يغلق عينه حتى سمع صوت الطرق يزداد حدة أكثر وأكثر، فتح فبريانو عينه يرمق السقف بحنق شديد، يحاول أن يهدأ حتى لا يخرج ويقتل ذلك الذي يطرق الباب، لكن ارتفاع صوت الطرق كما لو أن صاحب الطرقات سيكسر الباب جعله ينهض بعنف كبير يمد يده أسفل وسادته يأخذ مسدسه، ثم تحرك للخارج بسرعة يجهز مسدسه، يضئ المنزل ...
فتح الباب بقوة وهو يجهز نفسه للصراخ بغضب، لكن كل ذلك تلاشى فجأة وهو يرى ارنبه الوردي يقف على أعتاب منزله وهي تبتسم له بسمة خلبت لبه، حدق بها فبريانو بتعجب شاعرًا أنه يحلم، ربما هو الآن على فراشه يغط في نوم عميق وهي أتت لزيارة أحلامه كما جرت العادة، لكن اتساع بسماها وصوتها الرقيق الذي خرج أخبره أنها أمامه وهي تقول بلطف :
" جبتلك اكل عشان عارفة أنك هترجع ومش هتاكل "
حرك فبريانو عينه ببطء من على وجهها حتى وصل لما تحمل في يدها وقد كانت علبة طعام كبيرة بعض الشيء تصدر منها روائح شهية، عاد بنظره لوجهها وهو مازال صامتًا وقد اهتز قلبه لفعلتها تلك، واهتمامها به ..
" هل احضرتيه لي ؟!"
ابتسمت له وهي تقول ببسمة واسعة :
" قعدت اعيط لبابا لغاية ما وافق اجبلك اكل "
اطلق فبريانو تأوه خافت وهو يود لو يجذبها إليه ويضمها بقوة ويخبرها أنه يعشقها، وأنه يومًا لم يجد من يعامله كما تفعل هي سوى والدته، تلك اللحظة بعثت في نفسه شعوره وقتما كانت والدته تحمل له طعامه تصر عليه ان يتناوله حينما كان صغيرًا.
تعجبت روبين صمت فبريانو الطويل؛ لذلك اقتربت منه وهي تقول بصوت خافت :
" ما بك فبريانو هل أنت بخير ؟!"
هز فبريانو رأسه بحركات بطيئة ثم قال ببسمة شجن صغيرة :
" فقط تذكرت امي "
وكم تألم قلب روبين من همسته تلك وهي تقترب أكثر منه تقول له بحنان مربتة على وجنته :
" اه لو يرى الجميع مقدار دفئك وحنانك فبريانو "
نظر لها فبريانو ببسمة وهو يقبل كفها التي تستقر على وجنته يقول :
" يكفيني أن تفعلي أنتِ جوهرتي الغالية "
ضحكت روبين وهي تعطيه علبة الطعام تقول :
" ارنب وردي وجوهرة ؟! كده هتعود على الدلع ده ولو رجعت تاني تقولي قبيحة هزعل على فكرة "
ابتسم فبريانو وهو يقترب منها يقول بهمس :
" مازلتِ قبيحتي الاجمل روبين "
ختم حديثه وهو يقترب منها أكثر وفي نيته أن يقبلها على وجنتها، قبل أن يجد يده تدفعه للخلف بقوة وصوت حانق يقول :
" أنت هتعمل ايه يا حيوان أنت؟!"
ابعد فبريانو رأسه وهو ينظر لفادي الذي كان يرمقه بشر وكأنه يود إحراقه حيًا، ثم قال بهدوء وهو يشير لروبين :
" كنت سأقبلك ابنتك ؟؟"
فتح فادي عينه بصدمة من وقاحته وهو يصرخ بجنون :
" تقبلها؟!"
" على وجنتها "
نظر فادي بسرعة لروبين التي كان وجهها قد احمر بعنف تحاول أن تبعد عينها عن والدها وقد جفّ ريقها من الخجل وفبريانو لم يرحمها وهو يقول :
" ما الذي أتى بك الآن ؟؟ "
" أنت عبيط يالا؟! أنت مفكرني هسيب بنتي تجيلك لوحدها ؟!"
ثم حدق في روبين بشر وهو يقول :
" هو ده اللي هتستنيني لغاية ما اركن العربية يا هانم ؟! حسابك معايا بعدين"
لوت روبين شفتيها وهي تنظر ارضًا بحرج وحزن من صراخ والدها، بينما فبريانو يتحدث بشر لفادي وهو يرى صراخه بوجه روبين :
" أخبرتك أنني كنت سأقبلها من وجنتها فقط، ثم أنا من كان سيقبلها وليس هي؛ لذا لا تصرخ في وجهها "
فتح فادي عينه وهو يقول بصراخ :
" أنت بتعيد الكلمة في وشي؟! أنت ياض ملقتش حد يربيك ؟؟"
" لا، توفى والدىّ في طفولتي، وجدي هو من تولى تربيتي، لكنني في الحقيقة لم أكن استمع له، هو للحق كان ينهرني عن فعل اشياء قليلة الادب، لكنني أحب تلك الاشياء كثيرًا "
شعر فادي بأنه على وشك أن ينفجر إن وقف ثانيا؛ لذلك استدار وهو ينظر لروبين ويقول ماسكًا يدها :
" مش خلاص عطتيه الاكل، يلا خلينا نمشي "
وبمجرد انتهاء حديثه حتى تحرك من أمام المنزل وفبريانو ينظر لروبين بحب شديد. ثم قال لها قبل أن تتحرك :
" سوف اسافر غدًا لإحضار عائلتي ارنبي الوردي وسآتي لخطفك من منزل ذلك المستبد "
ارتفع صراخ فادي الذي كان قد وصل للدرج :
" لما نشوف ..."
________________________________
كان الجميع يلتف حول طاولة كبيرة والكل يجلس في حالة صمت وبرود اكتسحت جميع الملامح وكأنهم جميعهم نُحتوا من صخر، يستمعون لصراخ ذلك الذي يكاد يهدم المكان فوق رؤوسهم متناسيًا تمامًا أنهم بإشارة واحدة قد يتخلصوا منه ...
كان يقف في المكان وهو يصرخ بجنون وشياطينه تقيم حفل أمام أنظاره في تلك اللحظة :
" لا تخصني ...كل مشاكلكم هذه لا تعنيني، اللعنة عليكم جميعًا أنا أريد أختي الصغيرة "
تحدث أحد الرجال ببرود شديد :
" فقط أهدأ لوكس، أخبرتك أننا نبحث عن المتسبب في تدمير القصر وهروب من به "
صرخ المدعو لوكس واعينه تطلق نيرانًا يضرب على طاولة الاجتماعات أمامه :
" كل ما يهمك هو القصر ومن به، وماذا عن أختي الصغيرة ؟؟ لقد أخذوها معهم، تركوا لي رسالة تخبرني أنهم فقط يحذروني التمادي في افعالي وأن اختي معهم "
ضرب المقعد بقدمه وهو يقول مشيرًا بأصبعه للجميع محذرًا :
" أنا اشتركت في تلك اللعبة القذرة ووافقت على جعل قصري مخزن لرهائنكم، كل ذلك لأنكم اخبرتوني أنني انتقم لمقتل عمي، لكن حين يصل الأمر لأختي الصغيرة، فاللعنة عليكم وعلى عمي، أنا لا يهمني في هذه الحياة سواها "
أنهى حديثه وهو يتنفس بعنف شديد وافكار تهاجمه عن هوية من اقتحم قصره رغم شكه في اليخاندرو ومن معه، لكن هو لا يستطيع أن يهجم عليهم وحده، هو لا يمتلك القوة الكافية لذلك، ها هي أخته الصغيرة من تبقت له في هذه الحياة تضيع من بين يديه .
كان صدره يعلو ويهبط وهو ينظر للجميع يقول بتحذير وصوت مخيف :
" أنتم ستساعدوني لإعادة أختي لاحضاني وإلا اقسم أن اقلب الطاولة على رؤوس الجميع بل واحطمها، ليست هي أيضًا، يكفيني خسارة جميع أفراد عائلتي بسبب عالمكم العفن "
أنهى لوكس حديثه وهو يلوح بتحذير :
" إلا اختي، اقسم إن حدث لها شيء لاخرجن شياطيني عليكم وعلى الجميع"
كاد يتحرك لولا صوت أحد الرجال وهو يقول بصوت بارد بشكل مخيف :
" ألا تخشانا لوكس ؟! تهددنا بكل قوة وتقف في وجهنا بهذا الشكل ولا تخشى أننا قد ندمرك وما تملك ؟!"
فتح لوكس ذراعيه في الهواء وهو يقول ببسمة ساخرة :
" لم أعد امتلك ما اخسره ايثان، انتهى الأمر وانا من سأحرك اللعبة من الآن فصاعدًا "
انتهى من حديثه وهو يخرج من الغرفة بعنف شديد وهناك نظرات مخيفة تلاحقه متوعدة له بالجحيم لتجرأه على الوقوف في وجوههم .
__________________________
يجلس في المطبخ وهو يراقب تلك الحرب التي نشأت في ثواني بين جايك وروز وهو في الحقيقة لا يهتم لايًا منهما، هو فقط ينتظر أن تُخرج له روز الحلوى التي يحبها من الثلاجة وتضع عليها ذلك الصوص الشهي .
تحرك جايك أمام روز بشكل مستفز وهو ينتقل كل ثانية من مكانه لمكان آخر يحاول جعلها تتشتت فيما تفعل، لكن روز لم تهتم بكل ذلك وهي تخفي بسمة خبيثة تخرج الحلوى من الثلاجة وهي تقول :
" هل تريد صوص ام لا مارسيلو ؟!"
تحدث مارسيلو وهو يتلاعب اي هاتفه بملامح غير مهتمة :
" الكثير من الصوص روز "
رمقه جايك بشر قبل أن يتحرك صوب روز يراقبها تضع الصوص على الحلوى، ليفكر بسرعة و يرفع الطبق الذي تضعه أمامها والقاه في الأرض كطفل صغير يشاكس والدته، بينما روز نظرت له وهي ترفع حاجبها ببسمة سخرية، وبعدها أحضرت طبق آخر والقته ارضًا هي الأخرى وهي تهز كتفها وتقول :
"أنا لست سيلين جايك؛ حتى اغضبك من كسرك للطبق "
أنهت حديثها وهي تمسك بالحلوى تقسمها لقطع، ثم لم تكد تحمل قطعه لوضعها في طبق مارسيلو، حتى هجم جايك على الطبق كله يتناوله بشراهة ونهم كرهه للحلوى، إلا أن عقله يرفض تمامًا أن يتناول أحدهم حلوى روز سواه، يرفض أن يتذوق شيء صنعته بكل حب إلا هو .
تراجعت روز للخلف بسرعة ترمقه له بصدمة لما يفعل وهو يتناول الحلوى بسرعة كبيرة بيده ونظرة عناد تغطي عينه، بينما مارسيلو رفع عينه ببرود من على هاتفه ليرى ما يحدث، تنهد بحنق يمسك زجاجة المياه من جواره والقاها في وجه جايك بعنف شديد قائلًا بغيظ :
" عساك تموت مختنقًا بها يا حقير "
ختم مارسيلو جملته وهو يخرج من المطبخ بغضب شديد وقد جهز معدته منذ ثواني لتناول حلوى، لكن ذلك الاحمق أفسد ما خطط له، توقف فجأة في سيره بسبب رؤيته لرسالة تصل له على هاتفه من راسيل والتي كانت تخبره بها أنها في انتظاره أمام باب القصر لامر هام ....
في المطبخ كان جايك يحاول عدم التقيأ بسبب الحلوى التي تناولها ضد رغبة معدته، انتهى من تناول كل ما في الطبق، ثم تحرك بسرعة صوب الثلاجة يخرج منها زجاجة مياه يسكبها كلها في فمه بسرعة تحت نظرات روز التي كانت تكبت ضحكتها بصعوبة، تتحرك صوبه، ثم أمسكت طبق به بعض المقبلات المالحة وهي تعطيها له تقول ببسمة :
" تناول هذه ستبعد ذلك الطعم الحلو عن فمك "
نظر لها جايك بغيظ وكاد يرفض، إلا أن رغبته في التقيأ جعلته ينتزع منها الطبق بعنف وهو يتناول ما به بسرعة وجواره روز تردد :
" يا بني إن كنت لا تحب الحلوى لماذا تتناولها ؟! "
رفع جايك عينه لها وهو يقول بشفاه مزمومة:
" لا دخل لكِ، أنا اردت تناولها ففعلت "
ابتسمت عليه روز وهي تتقرب منه تقف على أصابعها حتى تصل لوجهه تقول بصوت هامس:
" هل هذا انتقامك يا جايك ؟!"
ابعد جايك الطعام عن فمه وهو ينحني لها ينظر لي عينها بتحدي طفولي :
" لا بل كنتُ جائعًا فقط "
صمت ثم قال بخبث :
" ثم عن أي انتقام تتحدثين؟! أنا لن انتقم روز، أنا فقط سأعيد تربيتك حتى تتعلمي أن الكذب تصرف خطأ "
ختم حديثه وهو يطبع قبلة صغيرة على خدها، ثم همس لها بشر :
" والآن ارحلي من أمام عيني لأنني حقًا مازلت غاضبًا، ولا استطيع منع نفسي من التحدث معكِ بلطف وهذا يزعجني ويفسد غضبي منك "
ارتسمت بسمة واسعة على فم روز ترفع عينها له ثم قالت بكل بساطة :
" حسنًا جايك لا بأس، لكن ارجوك لا تتأخر حسنًا ؟!"
" ارحلي من هنا روز، فأنا لا اتحمل المزيد من الحلوى، يكفي ما تناولته بالفعل"
أطلقت روز ضحكة عالية على حديثه وهو يرمقها بغضب شديد، قبل أن يدفعها جانبًا، متحركًا بعيدًا عنها يذّكر نفسه أنه غاضب منها، وأنها خدعته وكذبت عليه، خرج وهو يهمس لنفسه بنزق :
" نعم ولكنها جميلة أيضًا ...."
صمت ثم قال بغضب أكثر وهو يصعد الدرج بسرعة كبيرة قبل أن يعود لها ويخبرها أن تأتي معه وتتزوجه وبعدها يكمل غضبه منها لكن وهي امرأته :
" ولطيفة كذلك، تبًا لها ولي "
_________________________
شعر مايك بالصدمة وهو يلتقط تلك الفتاة بين أحضانه قبل أن يسقط معها ارضًا، يراها تقبل وجنته بقوة وهي تهمس له ببعض الكلمات عن كم هو رائع ووسيم .
وجواره كانت تقف لورا وهي ترى ما يحدث تشعر أن الفتاة على وشك أكله، تشنج فكها وهي تراها تقبله بشكل مقزز، وتهمس له ببعض الكلمات التي جعلتها تشتعل في وقفتها .
أبعدها مايك عنه بصعوبة وهو يقول :
" شكرًا لكِ، فقط ابتعدي قليلًا سوق نسقط "
لكن الفتاة لم تتوقف عن الالتصاق به وهي تقول :
" ما رأيك بالخروج معي ؟! سوف نستمتع ثم بعدها نعود ونكمل السهرة في منزلك"
ختمت حديثها بغمزة جعلت مايك يبتسم بعدم تصديق وهو يقول :
" يبدو أن الكثير فاتني في فترة انقطاعي عن النساء "
نظر للفتاة وهو يربت على خدها قائلًا بلطف وبسمة صغيرة :
" آسفة يا جميلة لكن أنا الآن مشغول حقًا، كما أنكِ حقًا لن تودي المجئ لمنزلي "
ابتعدت عنه الفتاة وهي تقول ببسمة أكثر خبثًا :
" حسنًا لا بأس تعال لمنزلي أنا "
ابتسم مايك بخبث، لكن صوت سعال جواره جعله يفيق من كل ذلك وهو يرى لورا تقف بوجه مشتعل لا يدري أخجلًا كان أم غضبًا، لكن كل ما يعلمه في تلك اللحظة أنها كانت مهلكة، ابتلع ريقه وهو يعود بعينه للفتاة يقول مشيرًا لـ لورا :
" معذرة لكن أنا بالفعل مشغول "
نظرت الفتاة للورا التي اعتدلت في وقفتها وهي ترمق الفتاة يترقب لما ستقول، لكن كل ما صدر من الفتاة هو هزة رأس صغيرة وهي تقول بخيبة أمل:
" لا بأس لم أعلم أن لك حبيبة بالفعل، أنا فقط فُتنت برقصتك وحركاتك وظننت فقط أنها مجرد شريكة في الرقص، والآن اعذرني "
راقب مايك رحيلها بحسرة وهو يقول :
" أين كنتِ عندما بحثت عن فتاة يا امرأة ؟!"
انتفض مايك فجأة في وقفته بسبب سماعه لصوت خطوات لورا العنيفة جواره وهي تتحرك للخارج بسرعة كبيرة جعلت الفستان يتحرك بقوة معها وتظهر الخيوط النارية به ليقول مايك ببسمة ساخرة :
" ظللت أردد أن تخرج نيرانها وتثور، ويبدو أن أول من يحترق سيكون أنا"
سار مايك خلفها بسرعة وهو يناديها بغيظ :
" حسنًا لا أعلم سبب حزنك، فأنا من يجب أن يحزن الآن لقد ضيعت للتو فرصة ذهبية مع امرأة نــ "
لكنه توقف فجأة بصدمة وهو يجد لورا تتوقف في الخارج امام النهر وهي تستدير له بحدة كبيرة تهجم عليه دون مقدمات :
" أيها الحقير السافل، اقسم أنني سأقتلع عينيك تلك ..."
صرخ مايك بتفاجئ يعود للخلف بسرعة، لكن لورا كانت قد أمسكت بخصلات شعره وانتهى الامر وهي تصرخ بجنون :
" كيف تتواقح مع تلك الفتاة بهذا الشكل جواري ؟! ألا تخجل من نفسك يا حقير ؟! تتحدث في أمور كتلك وانا اقف جوارك ؟!"
حاول مايك إبعاد يدها عن شعره وهو يقول بصدمة من ردة فعلها :
" يا فتاة ما بكِ؟! هل أنتِ زوجتي؟! ثم أنا لم اذهب معها "
صمت ثم قال بصوت خافت وصل لها واضحًا :
" رغم أنني تمنيت الأمر في الحقيقة "
صرخت لورا وهي تتشبث في خصلاته أكثر وجنونها يزداد ولا تعلم السبب، هل لأنه اخجلها بالحديث في تلك الأمور أمامها، أم لرؤيتها فتاة تتوسط احضان كانت هي تتوسطها قبلها بدقائق قليلة :
" اي العمى بقلبك يا حيوان، ريتها امك خلفت كلب ولا خلفتك "
نظر لها مايك بصعوبة بسبب جذبها لرأسه :
" وما الداعي للشكر الآن وأنتِ تكادين تقتلعين شعري ؟؟ "
تركت لورا خصلاته بقوة وبعدها أمسكت يده بسرعة تندفع باسنانها لها وهي تعضها بكل ما تملك من غضب وحسرة يقلبها لا تعلم لها مصدر و صرخات مايك جوارها اسمعت الموتى في قبورهم ....
تركت لورا يده بقوة وهي تتراجع للخلف تمسح فمها كـ مصاص دماء انتهى للتو من ارتشاف دماء فريسته حتى آخر قطرة، ثم وكعادتها ودون حتى أي مقدمات انفجرت لورا في البكاء وهي تضع يدها على وجهها، ومايك أمامها يرمقها بصدمة، لدرجة أنه اقترب منها بسرعة يحاول نزع يدها عن وجهها وهو يقول بصوت مرتعب :
" ما بكِ لورا؟ لِمَ البكاء ؟؟ أنا آسف، اقسم أنني آسف، لم أكن سأذهب معها صدقيني أنا كنت امازحك فقط "
وعند ذكره ذلك الأمر ازداد بكاء لورا أكثر ومايك يقف أمامها يمد يده وهو يقول بحنان :
" تريدين عض ذراعي ؟؟ هيا عضيه لا بأس، فقط لا تبكي "
عند تلك النقطة ارتمت لورا في أحضان مايك بقوة وهي تضم نفسها له وهو فقط يربت عليها بحنان :
" اششش لا تبكِ أنا آسف "
تحدثت لورا من بين دموعها بما تشعر ولا تجد له تفسير :
" لقد شعرت بالغيرة مايك، شعرت بالوجع وأنا أرى الشخص الوحيد الذي يهتم بي يحتضن أخرى ويحدثها بود مثلما يحدثني، أنا لا أحب هذا "
تيبست يد مايك على ضهر لورا بصدمة وهو يستمع لكلماتها ويشعر أن قلبه قد بدأ يدك حصون صدره للخروج ....
______________________
تقفز هنا وهناك، لم تبرح منصة الرقص منذ رأته يتحرك ذاهبًا للمرحاض، فاستغلت الفرصة والقت بتهديده عرض الحائط، متحركة صوب المنصة تتراقص بقوة وتهديده ما يزال يرنّ في أذنها يترجاها أن تتراجع، لكنها لم تستمع له وهي تقف في منتصف المنصة تتمايل باستمتاع تتجاهل ذلك الصوت الذي مازال يرنّ في أذنها ( أنا سأذهب للمرحاض، لكن اقسم فيور إن عدت ولم أجدك ملتصقة بذلك المقعد اسفلك فسوف أريكِ الويل، وأنا لا امزح)
ابتسمت فيور وهي ترى أحد الرجال يتحرك صوبها، يبتسم بسمة ساحرة تليق بوسامته تلك، يقف أمامها يميل عليها قليلًا متحدثًا بصوت عالٍ بعض الشيء حتى يصل مسامعها :
" تبحثين عن شريك في الرقص ؟!"
ابتسمت فيور وهي تردد في رأسها :
" بل شريك في الحياة يا رجل، تبًا لوسامتك "
كان الرجل أمامها ذو ملامح وجه رجولية بشكل كبير فقد لفحت السمرة وجهه معطية إياه مظهر رجولي جعل فيور تهز رأسها بسرعة وهي تمسك يده الممدودة، ثم أخذت تتمايل معه وهو فقط يبتسم لها بإعجاب ...
وعلى طاولة قريبة كانت روما تجلس مع جولي ومارتن الذي فشل في كبح جنون جولي، وهي تنتظر عودة انطونيو من الخارج بعدما جاء له اتصال هام، نظرت بطرف عينها لجولي التي كانت تمسك يد مارتن وهي تنظر له بعيون لامعة مترجية :
" رقصة واحدة وسأتوقف عن استخدام حاسوبك لاسبوع كامل، هيا لا ترفض هذا العرض "
" قلت لا جولي، إن أردتِ الرقص يمكنك الرقص في المنزل وفي غرفتك فأنا بالطبع لن اجعلك تتداخلين بين تلك الأجساد المتلاحمة على منصة الرقص وتتراقصين بينهم "
لوت جولي شفتيها بحنق كبير وهي تنظر أمامها دون كلمة واحدة وجوارها مارتن يتحدث ببرود وهو يتصفح هاتفه :
" اغضبي كما تريدين فلن أسمح لكِ بهذا"
ضربت جولي بقدمها الأرض تشير لمنصة الرقص بحسرة :
" لكن فيور ترقص "
" وما دخلي بفيور ؟! أنا لا اهتم لأحد هنا سواكِ "
ابتسمت جولي بسمة صغيرة ويبدو أن مارتن ودون قصد منه استطاع أن يروضها ويجعلها تحيد عن قرارها بالرقص، بينما جواره كانت روما تنظر لفيور ببسمة واسعة وهي تدعو في قلبها أن يعود ذلك البارد المشاعر ماركوس ويراها هكذا، ولم تنتبه روما لذلك الجسد الذي يلتصق بها من الجانب وهي تظنه انطونيو، حتى ازكمت رائحته الغريبة أنفها والتي جعلتها تلتفت بسرعة كبيرة حدق بالرجل بحدة تسمعه يقول بكل رقي :
" مرحبًا سيدتي "
هزت روما رأسها هزة صغيرة وهي تنظر بحثًا عن انطونيو برعب خوفًا أن يأتي ويرى ذلك الرجل يقف هنا ببسمته الغبية تلك، تقسم أنه سيحيل ليلتها لجحيم، وهي لا ينقصها أن تبيت حزينة بسبب أي أحد؛ لذلك ودون شعور خرجت كلمتها حادة :
" تفضل كيف اساعدك ؟!"
تراجع الرجل قليلًا وهو يقول ببسمة مترددة :
" كنت فقط أتساءل إن أمكنكِ الموافقة على مراقصتي ؟!"
" إن لم تتحرك من هنا، ستجد جميع من في هذا المكان يتراقص أعلى جثتك العفنة "
ولم يكن ذلك صوت روما، بل كان صوت مارتن الذي رمق الرجل بشر وهو يعلم جيدًا كيف ستكون ردة فعل انطونيو وهو لا يود حدوث مشاكل في المكان بسببه، نظرت روما لمارتن وهي تبتلع ريقها بخوف، بينما مارتن تحرك يقف جوار الرجل يشير له بعينه أن يتحرك :
" تحرك من هنا قبل أن تندم "
رفع الرجل حاجبه وهو ينظر لجولي وروما ثم قال بسخرية :
" ماذا ؟! ألا تكتفي بتلك التي تجلس جوارك ؟! "
ابتسم مارتن بسمة مخيفة وهو يقول :
" أنت لا تريد أن أغضب أنا أيضًا منك، يكفيك ما ستراه إن لم ترحل "
رفع الرجل حاجبه متحفزًا لأي مواجهة يقترب من مارتن وهو يقف أمامه يتحدث متهكمًا :
" هل هددتني للتو؟!"
" أنا لا اهدد بل اخبرك ما سيحدث "
ضحك الرجل بصوت عالٍ لم يصل للبعض بسبب ارتفاع صوت الموسيقى في المكان، بينما روما شعرت بالخطر يقترب وهي ترى غضب مارتن يشتغل في عينه، والذي قلما رأته غاضبًا، الآن هي تتمنى حقًا لو يعود انطونيو حتى ينهي تلك الحرب التي على وشك الاشتعال بين الاثنين، لكن جولي لم تكتفي بالوقوف، بل ركضت بسرعة صوب الخارج لتنادي انطونيو قبل أن يشتبك مارتن في قتال قد يخرج منه ببعض الخدوش التي ستؤلمها هي .
انحنى الرجل على مارتن وهو يهمس له بصوت خافت مستفز :
" أنت حقًا لا تريد الظهور بشكل مخزي أمام سيدتين؛ لذلك نصيحة مني اترك لي واحدة منهما وخذ واحدة ..."
نظر بطرف عينه لروما التي كانت ملامحها تتحول تدريجيًا من الخوف للغضب وهي تستمع لجملته التالية :
" وإن كنت تريد تلك الجميلة جواري، فاترك لي الأخرى التي كانت تتوسط أحضانك منذ قليل "
وبكلماته تلك ختم الرجل حديثه. ..وحياته أيضًا.
لم يكد يعتدل في وقفته حتى وجد فجأة قبضة عنيفة تصطدم في وجهه بقوة جعلته يعود للخلف، أطلق الرجل تأوه عالي وهو يضع يده على عينها، ولم يكمل تأوهه حتى شعر بضربة عنيفة في معدته ترديه ارضًا ثم بجسد يحط عليه ولكمات تلو الأخرى تحط على وجهه بشكل مخيف .
ومارتن يبدو كما لو أنه تحول فقد كان مرعب بحق وهو يضرب الرجل بكل ما يمتلك من غضب، وكلما سمع تأوه منه ازداد غضبه أضعاف.
في نفس الوقت الذي عاد به ماركوس وهو يرى ما يحدث بأعين متسعة، ولم يكد يتحرك صوب مارتن يمنعه من قتل الرجل، حتى التقطت عينه جسد فيور الذي يسكن احضان رجل آخر تتراقص بين يديه، نظر ماركوس لمارتن نظرة أخيرة وهو يراه يتولى أمره دون الحاجة لمساعدة؛ لذلك تحرك هو حتى يكمل تخريب الزفاف على رؤوس من به .
كانت فيور تتراقص سعيدة لا تستوعب الحركة حولها بسبب الشجار الذي نشأ، لكن فجأة شعرت بجسدها ينُتزع بقوة من بين احضان ذلك الوسيم وصوت مرعب يتحدث جوار أذنها:
" تبًا لكِ أيتها القصيرة "
انتهى ماركوس من حديثه وهو يجذبها بعنف خلفه، لولا شعوره فجأة بتوقف فيور، استدار ينظر لها بشر ليلمح يد نفس الرجل الذي كان يراقصها يمسك بيد فيور الأخرى رافضًا رحيلها وهو يقول بملامح باردة :
" أترك يدها "
وبسرعة كبيرة ترك ماركوس يد فيور وهو يرفع يده في الهواء وكأنه يخبره أنه تركها، لكن ثانية واحدة وكانت يده تُسقط ذلك الرجل ارضًا في منتصف المنصة ليصبح الجميع ويتراجع للخلف، وتتوقف الموسيقى ويحل محلها الصرخات .
اندفع ماركوس يعلو الرجل وهو يلكمه بقوة مباغتًا إياه، لكن ذلك الرجل لم يكن بالخصم السهل كذلك الذي كان يصرخ أسفل يد مارتن، بل كان يضاهي ماركوس في القوة، فأصبحت المعركة عادلة واشتعل القتال بينهما .
كانت جولي تنظر يمينًا يسارًا بحثًا عن انطونيو وقلبها يقرع رعبًا على ما سيحدث بالداخل إن تأخرت، ولم تعلم أن المعركة سبق واشتعلت بالفعل، لمحت جولي فجأة مايك الذي كان يقف على قرب من النهر وهو يضم فتاة، وبكل وقاحة لم تهتم بأنها ستقطع ذلك المشهد أو تدمر لحظة نادرة في حياة مايك .
مايك الذي كان مايزال جسده متيبس وهو يستمع لكلمات لورا تلك، هي قالت أنها تغار عليه؟! هل هذا يعني أنها تحبه ؟! ابتلع ريقه وهو يحرك يده ببطء يضمها له وهو يشعر بقلبه يتراقص طربًا بتلك الكلمات البسيطة التي تجود بها على صحراء قلبه القاحلة فتنبت بذرة سعادة تُروى بقربها وبسمتها فقط.
لكن كل ذلك المشهد خرب حينما وجد صوت عالي جواره يصرخ بأنفاس لاهثة :
" مايك .....مارتن ....في الداخل ....مارتن ...هناك رجل "
كانت جولي تتحدث بأنفاس لاهثة لا تستطيع تجميع جملة واحدة، لكن لم ينتظر مايك أن تكمل حديثها وهو يفتح عينه بصدمة ورعب على مارتن راكضًا بجنون صوب الداخل ظنًا أن مارتن حدث له شيء، بينما جولي لحقت به ركضًا وخلفها لورا التي لم تفهم شيء .
وبمجرد دخول الثلاثة للمكان وجدوا الهرج والمرج يعمه ويبدو أن الزفاف خرب بالفعل، في نفس وقت وصول انطونيو وهو يرى ما حدث يردد ببرود شديد يتحرك للداخل :
" أكاد أجزم أن سبب تلك الفوضى هي حفنة الاوغاد التي أتت برفقتي "
تحرك مايك بسرعة وهو يتدخل مع مارتن يدافع عنه من الرجل الذي كاد مارتن يُخرج روحه في يده .
وعلى المنصة كان وجه ماركوس قد امتليء بالجروح وفي المقابل كاد الرجل الذي خارت قواه أسفله يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وقفت لورا تراقب ما يحدث وهي ترى نظرات ابن خالتها الغاضبة وهو يحاول تدارك ما يحدث وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من زفافه الذي تدمر من تحت رؤوس عائلة مايك، ميزة جديدة تضيفها لقائمة مميزات مايك، ارتسمت بسمة واسعة على فم لورا وهي تراقب ما يحدث بلقب مبتهج سعيد تتمنى لو أن منظم الحفل لم يغلق الموسيقى، لكانت تحركت الآن ورقصت بكل سعادة لما يحدث .
وقف انطونيو بكل برود جوار مارتن الذي كان مازال يضرب في الرجل بعد أن تركه مايك وتحرك راكضًا صوب أخيه الصغير ينقض بجنون على الرجل الذي يتشاجر معه، تاركًا مارتن يضع لمساته الأخيرة على وجه الرجل معه .
تحدث انطونيو بملل وهو ينظر لما يفعل مارتن :
" مارتن دع الرجل وانهض "
لكن مارتن لم يستمع لكلماته وهو مازال يتشاجر ليقول انطونيو مرة أخرى لكن بملامح حادة أكثر :
" أخبرتك أن تدع الرجل وتنهض مارتن "
ترك مارتن الرجل بعدما اخرج به كل غضبه وحنقه، ثم نهض وهو يعدل من ثيابه ويقول ببسمة واسعة :
" مرحبًا انطونيو "
ابتسم انطونيو بسمة ساخرة وهو يقترب منه متحدثًا:
" حسابي معك في المنزل مارتن "
" حسنًا لا بأس، لكن فقط لمعلوماتك ذلك الرجل كان يغازل روما في الأساس ويريد الرقص معها "
ألقى مارتن قنبلته، ثم تحرك صوب جولي يضمها له وهو يقول ببسمة :
" دعينا ننتظر الباقيين في السيارة بنية العينين"
نظرت له جولي بحنق وهي ترى خدش صغير يكاد يرى أسفل عينه تتلمسه بحنان كأم جُرح صغيرها :
" يا ويلتي، أنت مصاب مارتن، ذلك المتوحش خدش وجهك "
اطلق مارتن ضحكة عالية وهو يتحرك معها للخارج :
" لا بأس بنية العينين أنا اسامحه "
نظر انطونيو للرجل الذي كان مسطحًا ارضًا، ثم انحنى ينظر له بأسف وهو يقول :
" ذلك الحقير مارتن انظر ماذا فعل بك، لم يترك لي مكانًا واحدًا اضع به قبضتي "
نهض انطونيو بحسرة وهو يضرب الرجل بقدمه، ثم تحرك صوب مايك وماركوس وهو يقول بجدية وحزم :
" للسيارة أنتما الاثنين "
نظر له ماركوس قليلًا قبل أن يمسك بيد فيور في عنف وهو يتحرك للخارج يردد من بين أنفاسه :
" اياكِ...سمعتِ إياكِ أن تتحدثي بكلمة حتى نصل فيور "
أشار انطونيو لمايك أن يلحق بأخيه، وكذلك فعل مايك بعدما تحرك صوب لورا يقف أمامها يقول بأسف :
" أعتذر لورا عن إفساد الزفاف عليكم، لكن هكذا هي عائلتي، في المستقبل احرصي على ألا تدعي أحدهم لمناسبة سعيدة، صدقيني ستخرب "
انتهى من حديثه وهو يغمز لها ببسمة، ثم تحرك يقول دون أن يستدير :
" اراكِ لاحقًا يا فاتنة الشرق "
ابتسمت لورا وهي تراقبه يرحل ثم تبعه انطونيو بعد أن نظر لابن خالتها وهو يقول ببسمة دبلوماسية :
" مبارك الزواج، واتمنى لكم سهرة ممتعة "
وبهذه الكلمات انهى انطونيو حديثه وكذلك الليلة، بعدما رحل يضم روما له بكل حب وحنان، تاركًا الزفاف كله يغرق في صمت رهيب إلا من بعض التأوهات والهمسات المصدومة، لكن فجأة خرج صوت عالي بدد ذلك الصمت، وكان صوت زغرودة صاخبة خرجت من فم لورا وهي تقول ببسمة واسعة :
" وهذه هدية مني لأجل زواجك يا عزيزي، اتمنى لك حياة كليلة زفافك"
أنهت حديثها وهي تعيد خصلات شعرها للخلف ببسمة، ثم أمسكت طرف فستانها وتحركت بخيلاء للخارج ترفع رأسها وكأن ما حدث الآن برّد القليل من نيرانها، صعدت لورا السيارة الخاصة بها وهي تقول ببسمة سعيدة لا لأجل خراب الزفاف فقط، بل لأجل تلك اللحظات التي عاشتها مع مايك ايضًا، مايك الذي حتى الآن لا تجد له تصنيف في حياتها، لكن رغم ذلك هي متأكدة أنه الآن يقبع على رأس الهرم الخاص بأقرب واغلى ما تملك ........
___________________________
خرج من القصر وهو ينظر حول المكان يبحث عن المكان الذي أخبرته أنها تقف به، لكن لم يجد شيء هنا؛ لذلك هز كتفه بعدم اهتمام وهو يتحرك مجددًا للقصر دون حتى أن يحدّثها ويخبرها أنه بحث عنها ولم يجدها أو أنه عاد للقصر مجددًا.
في إحدى السيارات التي كانت تقف مقابل القصر كانت تجلس هي رفقة بعض رفاقها لتشعر بهزة من يد رفيقتها وهي تقول :
" راسيل هل هذا هو مديرك الاحمق ؟!"
نظرت راسيل سريعًا صوب النافذة التي تشير منها رفيقتها، لتجد أن مارسيلو يتحرك صوب القصر مجددًا لتصرخ بحنق شديد وهي تحمل بعض الأوراق بيدها :
" ليخرجني الله من ذلك العمل سالمة "
كانت تترجل من السيارة وهي تمسك الفستان الاسود الطويل الذي يكاد يسقطها ارضًا صارخة بصوت عالٍ :
" هيييه أنت، توقف "
وبمجرد قول تلك الكلمة حتى وجدت راسيل نفسها هدف لأسلحة الحراس الذين ركضوا لها معتقدين أنها تمثل خطرًا على سيدهم، رفعت راسيل عينها برعب لتلك الأسلحة وهي تقول بصوت خافت :
" ماذا فعلت !! أنا حتى لم اسبه"
توقف مارسيلو بتعجب وهو يرى تحرك الحراس بتحفز صوب مكان قريب من بوابة القصر، استدار وهو يراهم يقفون أمام أحد يرفعون المسدس في وجهه، في الحقيقة لم يكن سيهتم ويرحل كعادته، لولا تلك الصرخة التي يعلمها جيدًا :
" سيد مارسيلو، سيد مارسيلو "
ضم مارسيلو شفتيه بتعجب وهو يتحرك صوب ذلك التجمع يزيح الحراس جانبًا ليبصر راسيل تقف كفأر مبتل في عاصفة قوية، وهي تنظر له بخوف وشر، ولا يعلم كيف يمكن أن تجتمع هكذا نظرتين في عين واحدة في آن واحد، توقف أمامها وهو ينظر لها بحاجب مرفوع يميل برأسه قليلًا ليرى اطراف قدمها التي ترتاح في ذلك الحذاء الذهبي المبهر، رفع عينه ببطء على فستانها الذي يراه لاول مرة، بعد كل تلك الثياب الرسمية والتنانير والقمصان، ها هي تطل عليه بهيئة ....أنثوية بامتياز .
" أيها الحقير أنا أكاد أُقتل وأنت تتحرش بي ؟؟"
كانت راسيل تصرخ بغصب في وجه مارسيلو الذي كان مايزال يقيمها بمظهرها هذا، اعتدل في وقفته وهو يقول :
" منذ متى ترتدين تلك الثياب ؟!"
فتحت راسيل فمها بعدم تصديق وهي تنظر للأسلحة تشير لها صارخة بجنون :
" اللعنة عليك وعلى الثياب ابعد تلك الأسلحة من أمام وجهي "
أشار مارسيلو بيده للرجال أن يبتعدوا وكذلك فعلوا دون كلمة واحدة وكأنهم رجال آليين، نظر لها مارسيلو وهو يقول :
" هل تزينتِ هكذا لأجل لقائي ؟!"
رمت راسيل الورق بين أحضانه وهي تقول بسخرية :
" من كثرة نومك اصبحت ترى احلامك في اليقظة "
نظر لها مارسيلو وهي تتحرك بخطوات مثيرة رشيقة كان ينتبه لها دائمًا، لكن ذلك الثوب اللعين جعل تلك الخطوات أكثر رشاقة وإثارة بشكل جعله يعض على شفتيه وهو ينظر للاوراق التي أخبرها أن تكملها في المنزل وترسلها له، ثم رفع رأسه يراقبها وهو يقول بسخرية :
" يا ابنتي جميع الانجازات كانت بدايتها حلم "
توقفت راسيل، ثم استدارت له وهي تبتسم بسخرية :
" وبعض الاحلام تطيح بصاحبها الهاوية"
اقترب منها مارسيلو وهو يقول غامزًا :
" إن كنت سأسقط وأنتِ تتشبثين بي، فلا مشكلة لدي في السقوط "
" أولم تقل سابقًا أنك لا تحب العلاقات التي تنشأ في إطار العمل ؟!"
ضحك مارسيلو بصخب وهو يميل لها هامسًا وهو يراقب ملامحها بعين مدققة :
" لا مانع لدي ببعض الاستثناءات، ثم لا تقلقي أنا سأتعامل مع الأمر "
وما كادت راسيل تفتح فمها للرد، حتى سمع الاثنان صوت شاب يخرج من السيارة وهو يقول بنزق متأففًا :
" ما بكِ سيل ؟! لقد تأخرنا، علينا العودة "
تحركت عين مارسيلو ببطء لينظر خلف راسيل التي تعطي ظهرها للسيارة الخاصة بها وهو يرفع حاجبه قائلًا بحنق :
" سيل ؟!"
ابتسمت له راسيل وهي تهز رأسها، ثم تحركت صوب السيارة تقول :
" أراك غدًا في المكتب سيدي "
ولم تكد