رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الواحد والعشرون
توقف بسيارته في شارع حيوي ملئ بالحركة والأصوات والغناء، هبط ينظر جواره لرفقة، ثم غمز لها بمشاكسة لتهبط هي بكل حماس تبتسم بسعادة كبيرة .
ابتسم جاكيري وهو يتجه لها يضمها من كتفها كما لو كان صديقًا مقربًا منه وبعدها أشار أمامه وهو يقول بفخر :
" انظر يا رفيقي لذلك المكان، لقد اكتشفته أثناء مروري من هنا أحد الأيام "
رفعت رفقة نظرها حيث يشير جاكيري وابصرت ملهى ليلي صاخب يخرج منه اصوات عالية وهناك العديد من الرجال والنساء يدخلون إليه وأصوات ضحكاتهم تخرج بصخب، ارتسمت بسمة مبهورة على فم رفقة وهي تستدير ببطء صوب جاكيري تقول بأعين لامعة :
" سوف تجعلني ادخل ملهى ليلي ؟! كيف علمت أنه كان حلمي ؟!"
انكمشت ملامح جاكيري وهو يرفع حاجبه بعدم فهم، قبل أن ينتبه أين تشير له رفقة ليلوي شفتيه بحنق وهو يمسك وجهها يوجهه لمبنى آخر يقع على يمين الملهى الليلي :
" بالطبع لا، أنا اتيت بكِ حتى ندخل لذلك المكان "
نظرت رفقة حيث يشير لتجد مبنى غريب يقف أمامه رجال أمن ويدخل له شباب بكثرة، رفعت رفقة حاجبها ثم قالت باعتراض :
" ماذا ؟! ألن ندخل الملهى الليلي ؟؟ "
دفعها جاكيري صوب المبنى وهو يقول بحنق كبير وصوت حازم :
" بالطبع لا، هل تظنين أنني سأسمح لكِ بدخول مثل هذه الأماكن حيث السكارى، اقسم أن اقتلك إن فعلتِ "
لوت رفقة شفتيها بتذمر وهي تتبع جذب جاكيري لها قبل أن يقفوا أمام المبنى ويتحرك هو معها حيث شباك صغير لقطع التذاكر، ثم تحدث بانجليزية متقنة وهو يطلب تذكرتين ذهبيتين حتى يتاح له هو ورفقة تجربة كل الالعاب في الداخل .
كانت تراقبه وهي مازالت متذمرة، ظنت لثواني أن هناك فرصة لها حتى تدخل وتقتحم ذلك المكان الذي كان منذ سنوات غامضًا بالنسبة لها، ثواني حتى وجدت جاكيري يعود لها بكل حماس، ثم ودون كلمة واحدة كان يجذب يدها خلفه يقتحم ذلك المبنى الغامض الذي لا تعرف ماهو .
وقف الاثنين في بداية ممر كبير يحتوي عدة غرف وكل غرفة عليها لوحة تشرح ما يحدث بالداخل، وكانت الغرفة الاولى خاصة بالالعاب ثلاثية الأبعاد، جذب جاكيري رفقة خلفه بقوة وهو يصرخ :
" هيا بسرعة قبل أن يسبقنا أحد "
أجابته رفقة بحنق :
" حسنًا لكن أنا من سيقود السيارة أثناء العودة و....."
توقفت رفقة بصدمة وهي تراه يرمي بها في غرفة مظلمة بالكامل، ثم أعطاها نظارة لترتديها، وفعل هو المثل يقول بجدية :
" والآن يا رفيق سوف نحارب الشر "
نظرت رفقة له بتشنج وهي تقول :
" منذ متى أصبحت بطلًا خارقًا جاكيري، لطالما كنت الشرير "
ضحك جاكيري وهو يضغط أحد الازرار أمامه :
" ومن قال أنني سأحارب الشر لأنني بطل خارق ؟! أنا ساحاربه لأنني أريد الاستيلاء على العالم "
ابتسمت رفقة وهي ترى فجأة الغرفة تتلاشى من أمامها ويحل محلها غابة مظلمة مخيفة مليئة بالثعابين والحشرات المقززة، ثم بدأت الأشجار تهتز بقوة لدرجة أن رفقة ركضت سريعًا والتصقت في جاكيري وهي تصرخ :
" الأشجار تهتز هناك زلزال في المكان جاكيري "
نظر لها جاكيري بجهل وهو يحاول إبعادها عن يده حيث كانت تلتصق به بشكل غريب تأبى الابتعاد وهو يرى الوحش بدأ بالظهور :
" ما بكِ يا فتاة اتركي يدي دعيني احارب ذلك الوحش "
تحدثت رفقة بصوت عالي :
" وحش ايه بقولك فيه زلزال و..."
وفجأة توقفت رفقة عن الصراخ والنواح وهي ترى الأشجار تُنزع من مكانها ووحش كبير يظهر لهما يزأر بشكل جعل رفقة تعود للخلف ببطء وهي تقول بصوت منخفض :
" شتته حتى اهرب من الغرفة "
صرخ جاكيري وهو يجهز الأسلحة :
" تهربين من الغرفة ؟! رفكة هذه لعبة هل جننتِ ؟!"
لكن رفقة لم تكن معه، بل كانت تحدق بالوحش الذي كان يقف أمامها يتأملهما وهناك لعاب مقزز باللون الاخضر يخرج من جسده، يتقدم منهما بخطوات كانت تشعر أنها تسبب اهتزاز الأرض اسفلهم، تراجعت رفقة ببطء وهي تقول :
" فكرني مخرجش معاك مرة تانية، هي دي خروجاتك الحماسية ؟! كنت وديني المقبرة على طول وادفني بدل تعب القلب ده "
نظر لها جاكيري بجهل؛ بسبب عدم ارتدائه السماعة وهو يقول :
" ماذا ؟! رفقة أنا لا افهم منكِ شيئًا تقدمي هنا حتى ننتهي منه "
" ننتهي منه ؟! لا، متجمعنيش معاك في الجملة دي عشان مــ "
ولم تكد رفقة تكمل كلامها حتى وجدت يد الوحش تقترب منها بشكل جعلها تصرخ صرخة عالية متواصلة كادت تتسبب في صمم جاكيري الذي انتفض من جوارها برعب بسبب صرخاتها، وهي تنحني بسرعة تحاول الامساك بالحجارة التي تنتشر في الأرض وجاكيري يرمق بلاهتها بجهل كبير :
" ما الذي تفعلينه يا حمقاء هذه ليست حجارة حقيقية، وهذا ليس وحشًا حقيقيًا "
لكن رفقة لم تستمع له وهي تنظر حولها تبحث عن أي سبيل للخروج من هنا، تصرخ بجنون :
" الحقونا ....يا ناس ياللي برة الحقونا هنتاكل، الحقونا بنموت "
كانت تصرخ وهي تنظر للوحش يقترب منها وصراخها يعلو بشكل متواصل مزعج قبل أن يتحرك جاكيري نحوها بغضب ينزع النظارة من على عينها وهو يلقيها ارضًا لترى رفقة الغرفة فارغة أمامها ولا شيء بها، تلمست جسدها بخوف، ثم ابتسمت بسعادة وهي تنظر لجاكيري الذي ألقى نظارته ارضًا يسحبها خارج الغرفة بملل، بينما هي تنظر له قائلة :
" ما بك لِمَ تبدو غاضبًا؟! لقد كاد يتناولني ألم تر كيف كان يرمقني ؟؟"
خرج جاكيري من المكان وهو يلقي برفقة في السيارة، ثم تحرك صوب مقعده جوار السائق بعدما وعد رفقة أن تقود هي هذه المرة وهو يقول بحنق يمد يده يضع السماعة في أذنه :
" هذا خطأي لأنني خرجت مع حمقاء مثلك "
نظرت له رفقة من أسفل رموشها وهي تقول :
" أنت قموص اوي على فكرة، فك شوية لأحسن كده هتبوظ الليلة "
استدار لها جاكيري بعنف وهو يرمقها بشر :
" أنا من سأفسد الليلة ؟! يا فتاة لقد كنتِ تصرخين لمجرد أن كائن من لعبة يقترب منك "
تحدثت رفقة وهي تبتعد ملاصقة للباب جوارها تتمسك بالمقود وكأنها ستطير تقول بصوت منخفض :
" لقد كان ينظر لي بشكل مخيف "
رفع جاكيري قبضته في الهواء وهو يتمنى لو يهوي بها على وجهها، لكنه أبعدها وهو يعضها بغيظ وبعدها نظر أمامه يقول :
" حسنًا لا بأس، تحركي بالسيارة واذهبي بنا حيث اخبرك "
كادت رفقة تتحدث لولا شعورها فجأة باهتزاز السيارة؛ بسبب اصطدام سيارة أخرى بها من الامام، فتحت رفقة عينها بصدمة كبيرة وهي ترى تلك السيارة التي كادت تحطم خاصة جاكيري، ابتلعت ريقها وهي ترى السيارة تقترب منهم والتي كانت تحوي بعض الشباب ليقول أحدهم :
" مش تاخد بالك يا أعمى ؟!"
نظرت لهم رفقة بتوتر وهي لا تعرف ما تفعل، ولم تكد تتحدث بكلمة حتى وجدت جاكيري يميل على المقعد الخاص بها ويمسك المقود، ثم عاد للخلف بالسيارة دون كلمة واحدة ورفقة مازالت تمسك المقود وهي تتعلق به، بعدما عاد جاكيري للخلف، ثم اندفع مجددًا بسرعة مخيفة صوب سيارة الشباب وبعدها اصطدم بهم اصطدام اقوى من الاصطدام الاول، ثم عاد للخلف واصطدم بالسيارة مجددًا ورفقة مازالت تتعلق بالمقود وهي تصرخ برعب، وكل ما يصدر من الشباب في السيارة هو أصوات صراخ وسباب عالي .
ترك جاكيري المقود بكل بساطة وهو يقول ببسمة لرفقة :
" هيا تحركي الآن"
نظرت له رفقة ببلاهة ولم تكد تتحدث بكلمة واحدة حتى سمعت صوت صراخ يأتي من السيارة التي كانت خلف سيارتهم :
" اقف يا روح امك، اقف ياض اقسم بالله لاطبق عربيتك فوق دماغك يا ابن الـ ....."
ضيق جاكيري ما بين حاجبيه وهو يقول بجدية :
" هل تعتقدين أن شركة تأجير السيارات ستغضب إن أعدت لهم السيارة ببعض الخدوش؟!"
نظرت له رفقة وهي تفتح عينها بصدمة من حديثه، لكن تلك البسمة المخيفة على وجه جاكيري قلبت الصدمة لرعب وهي تراه يميل على المقود مجددًا :
" هيا استعدي سأريكِ كيف تقودين سيارتك وتتبعين اجراءت السلامة والأمان"
___________________________
كان مايزال راكعًا على ركبته يرمق وجهها الذي شجب بشكل مخيف، لا يفهم ما حدث منذ ثواني، هل تحدث للتو ؟! نطقت اسمه ؟!
ابتلع جايك ريقه وهو يقول ببسمة مصدومة :
" هل تحدثتِ للتو ؟؟"
نظرت له روز برعب من ملامح الجمود التي بدأت تزحف لوجهه، عادت للخلف وهي تحاول اخراج أي كلمة تبرر بها ما حدث، تحاول الدفاع عن نفسها، لكن يبدو أنها اصحبت في تلك اللحظة بكماء بحق ، سقطت دموعها ببطء وهي تفتح فمها وتعلقت مجددًا دون أن تجد كلمات تقولها.
بينما كان جايك مايزال راكعًا وهو ينظر لها بصدمة، ملامحها وكل مايحدث الآن يثبت له أنها تتحدث بالفعل، تتحدث منذ زمن، ذلك الارتجاف في يدها والخوف في عينيها يخبرك أنها متوترة وخائفة، نهض جايك وهو يقول :
" ماذا ؟! هل كانت كلمة واحدة ؟!"
سقطت دموع روز ثم قالت بارتجاف :
" اقسم أنني كنت سأخبرك جايك لقد ...."
توقفت عن الحديث وهي تنتفض بقوة؛ بسبب القاء جايك للعلبة على الأرض بعنف كبير وملامحه تزدان غاضبة، ثم رمقها ثواني ببسمة جانبية ساخرة، قبل أن يتحرك خارج المعرض بأكمله تاركًا إياها تنظر لاثره، حركت روز عينها ببطء صوب علبة الخاتم التي استقرت أسفل قدمها، انحنت تمسك الخاتم ودموعها تهبط بقوة عليه تضمه إليها، قبل أن تعلو شهقاتها بقوة في المكان بأكمله .
في الخارج كان جايك مازال يقف جوار السيارة وهو لا يصدق ما حدث منذ ثواني، هي كانت تتحدث منذ زمن طويل، وكانت تخدعه، كانت تستمتع برؤيته كـ أبله أمامها يلتصق بها، ارتسمت بسمة ساخرة على فمه وهو ينظر لانعكاس وجهه على نافذة السيارة يهمس :
" أنت أحمق كبير جايك"
عض شفتيه وهو يحاول التفكير، هو لا يزال غير مستوعب لما حدث، اغمض عينه بوجع وهو يستند برأسه على السيارة يتنفس ببطء ووجع، لكن فجأة انتفض جسده يشعر بيد تحيط خصره بقوة ورأس يستقر على ظهره من الخلف، يشعر بانتفاضة جسدها بسبب البكاء وصوتها الذي خرج مختنق ضعيف:
" اقسم لك جايك أنني لم اخدعك، اقسم أنني لم اقصد ما فهمته، أنا فقط أردت التأكد أنك ستتمسك بي تحت أي ظرف، أنك لن تتركني، أردت التأكد أنك ستحبني تحت أي ظرف جايك، و "
توقفت عن الحديث وهي تشعر به يبعد يدها عن خصره ويستدير لها ينظر بوجهها ثواني قبل أن يقول :
" إلى متى كنتِ ستستمرين في الاستمتاع بغبائي روز ؟؟ هل كنتِ تستمتعين بكوني احمقًا يلتصق بكِ أينما ذهبتِ؟!"
صمت ثم قال بصوت موجوع صارخًا:
" لقد كنت التصق بكِ واتبعك لكل مكان خوفًا أن يحدث لكِ شيء ولا تستطيعي الصراخ روز، كنت أخشى أن تتأذي وانا لستُ بجانبك فلا تستطيعين طلب المساعدة "
سقطت دموع روز بقوة، تتمسك بيده تقول من بين شهقاتها بصعوبة كبيرة :
" لم ...لم اقصد ...لم اقصد اقسم لك، جايك اقسم لك أنني لم اقصد أن اجرحك بهذا القدر ...أنا كنت غبية اقسم أنني اغبى مما تتخيل، أنا اغبى شخص في هذا العالم، لكن ارجوك، أنا ارجوك ألا تحزن اقسم لك أنني الآن على استعداد للرحيل بعيدًا عنك، لكن لا تحزن ارجوك، أنا لا اتحمل ذلك الالم المرتسم على وجهك "
تحدث جايك بسخرية وملامحه تنبض بالألم :
" هل تعتقدين أنني حزين روز ؟؟ أنا أشعر أن أحدهم طعنني، وهذا الـ ( الاحدهم) يعني لي عالمًا روز"
انتهى من حديثه، ثم تحرك ببطء صوب المعرض يغلقه بقلب متحطم، يغلق على حبه الذي تم وأده في مهده داخله، ثم عاد للسيارة وصعد لها دون كلمة واحدة، بينما روز كانت تغلق قبضتها أكثر على الخاتم في يدها وعينها تتحرك معه، قبل أن تسمعه يتحدث بصوت غريب على مسامعها :
" اصعدي روز ...انتهت الليلة هنا "
وتبع جايك كلماته وهو يجهز السيارة للتحرك، لكن ما لم يتوقعه هو أن روز رمقته ثواني دون ردة فعل، ثم بعدها هزت رأسها له وتحرك بهدوء، لكن ليس للسيارة بل تحركت خارج المكان كله ترفض الصعود معه للسيارة، وجايك يراقب أثرها بملامح جامدة قبل أن يتحرك بسيارته خلفها يراقبها تتحرك في الطرقات دون معرفة من أين تذهب، ابتسم جايك بسخرية كبيرة وهو يتخطاها بالسيارة تاركًا إياها تنظر لاثره بملامح حزينة، قبل أن تجلس ارضًا دون أي ردة فعل وتضم قدمها لصدرها وهي تضع رأسها عليها وتبكي .
من بعيد قليلًا كان يقف بسيارته يراقبها وهو يشعر بالغضب يتمكن منه، ضرب المقود بقوة، ثم هبط من السيارة وتحرك صوبها وقبل أن يصل لها وجدها تنهض وهي تنفض ثيابها بكل بساطة وبعدها تحركت للسيارة تصعد لها في تصرف لم يترجمه عقل جايك، كان يراقب ما فعلته ببلاهة لا يدرك غرضها، لكنه رغم ذلك تحرك نحو السيارة وقادها في صمت قاتل على الاثنين وقد انقلبت ليلتهم الوردية لأخرى سوداء قاتمة، كانت روز تضع رأسها على النافذة وهي تتمتم ببعض الكلمات التي لم تتضح لجايك الذي استمر بادعاء البرود رغم غضبه منها ومن نفسه ومن كل ما حدث .
توقفت السيارة واخيرًا أمام القصر لتهبط منها روز بسرعة وتتحرك للداخل دول قول كلمة واحدة، مما جعل عين جايك تتسع بصدمة وهو يهمس باستنكار :
" أنا الغاضب هنا "
لكن روز لم تكن تهتم به، بل تحركت فقط للأعلى بسرعة متجاهلة نداء مايك الذي كان يجلس في الحديقة :
" روز ؟! ما الذي دفعك للعودة بهذه السرعة و...."
توقف عن الحديث وهو يلمح دموع تهبط بغزارة من عينها مندفعة للمنزل دون قول كلمة، وخلفها جايك الذي كانت ملامحه سوداء غاضبة، لم يفهم مايك ما حدث ورغم ذلك تحرك خلف جايك :
" جايك توقف هنا، ما الذي حدث ؟! لِمَ تبدو روز غاضبة ؟!"
توقف جايك فجأة في سيره وهو يستدير بعنف صارخًا :
" اللعنة أنا من يجب أن يغضب وليس هي "
عاد مايك للخلف بصدمة من صراخ جايك الغريب :
" مابك؟؟ من المفترض أنكما في موعد رومانسي "
دفع جايك الطاولة الزجاجية جواره بغضب وهو يصرخ :
" أي موعد هذا؟! أي موعد هذا؟! لقد تدمر كل شيء "
فتح مايك عينه بصدمة ولم يكد يجيب وهو يفتح فمه بصدمة وينظر خلف ظهر جايك يراقب روز التي كانت تحمل حقيبة وهي تتحرك بها صوب الاسفل :
" روز ما الذي تفعلينه ؟؟ إلى أين أنتِ ذاهبة ؟!"
استدار جايك بعنف كالرصاصة وهو يرمق الحقيبة في يدها بشكل مخيف وبعدها حرك انظاره ببطء حتى ثبتها على وجهها وهو يقول بكل استنكار، يتوقف أمامها يضرب أصابعه بجانب رأسها :
" هل جننتِ؟! أنا الغاضب هنا وليس أنتِ "
أبعدت روز يد جايك بعيدًا عن راسها وهي تتحرك صوب الخارج دون رد، بينما مايك يفتح عينه بصدمة وهو يراقب ما يحدث قبل أن يركض صوب روز ينزع الحقيبة من يدها قائلًا بصوت عالٍ :
" ما الذي يحدث هنا بحق الله ؟؟ "
تحدثت روز وهي تنزع حقيبتها من يد مايك :
" أسأله هو "
نظر مايك لجايك وهو يقول :
" أنت أيها الاحمــ "
توقف فجأة مايك بصدمة وهو يعود بنظره لروز يقول بتيه :
" هل تحدثتِ للتو ؟؟"
ابتسم جايك بسخرية وهو يجيبه :
" يا اخي هي تتحدث منذ زمن وتستمر بخداع الاحمق الذي يقف أمامك"
ألقت روز الحقيبة بعنف فسقطت على قدم مايك الذي تعالى صراخه في المكان وهو يسب الاثنين، تحركت روز صوب جايك ثم توقفت أمامه وهي ترفع رأسها حتى تستطيع الوصول لرأسه :
" أخبرتك أنني لم ارك يومًا احمقًا، لكن إن أردت أنت أن تضع نفسك في هذا الإطار، هنا يختلف الحديث يا عزيزي "
ازدادت ملامح جايك قتامة وهو يشعر أنه يود قتلها الان من شدة غيظه، بينما مايك يراقب ما يحدث باهتمام شديد.
امسك جايك المزهرية التي تقبع جواره، ثم رفعها عاليًا وكسرها بعنف جوار جسد روز التي أطلقت صرخة عالية وهي تتراجع للخلف بصدمة من جنونه الذي تشهده للمرة الأولى وصوت الذي خرج عاليًا :
" اقسم سأريكِ روز "
أنهى حديثه ثم تحرك صوب الدرج بخطوات واسعة وهو يتوعد لها قبل أن يتوقف مرة أخرى يقول صارخًا :
" إن تحركتِ من المنزل سأفصل رأسك الغبية تلك عن عنقك "
ختم حديثه وهو يدخل غرفته بقوة واغلق الباب خلفه بشكل جعل روز تنتفض في مكانها وهي تغمض عينيها بخوف، بينما تحدث مايك جوارها بتخمين :
" هل هو غاضبٌ لانكِ تتحدثين ؟؟"
نظرت له روز بحزن وهي تهز رأس بنعم ودموعها على وشك الهبوط، لكن مايك ربت على كتفها بحنان اخوي يحمل حقيبتها من الأرض وهو يقول بلطف :
" لا بأس لن يطول غضبه أنا اعرفه جيدًا "
نظرت له روز بشفاه مزمومة ليقول هو بغمزة :
" إن كان يريد جايك أنهاء الأمر معك لم يكن سيحدثك من الاساس أو يصرخ في وجهك، فغضب جايك وكرهه لشيء يتمثل في ابتعاده عن ذلك الشيء دون قول كلمة، ومحادثته لكِ وصراخه منذ قليل ما هو سوى فقط توابع لغضبه اتركيه للصباح وهو سوف يهدأ "
ابتسمت له روز وهي تمسح دموعها ثم تحرك صوب غرفتها تفكر في حديث مايك الذي ناداها :
" ماذا عن حقيبتك هل أحضرها أنا لكِ "
أشارت له روز بعدم اهتمام وهي تقول :
" لا بأس هي فارغة من الأساس، لم اكن سأرحل مايك "
راقبها مايك وهو يهز رأسه بسخرية :
" أنتما احمقان، إن لم تكن الحقيبة تحتوي شيئًا لماذا إذن شعرت بعظام قدمي تتكسر مجرد أن سقطت عليه "
كان يتحدث وهو يعبث بالحقيبة، قبل أن يشعر فجأة بشيء يهبط على رأسه وصراخ سيلين يصدح في المنزل :
" أيها الفاسد كيف تكسر الطاولة والمزهرية بهذا الشكل، هل هو منزل والدك ؟! "
_______________________________
كان فبريانو ينظر لفادي ببرود شديد قبل أن يهز كتفه بعدم اهتمام وهو يقول :
" هعتبرك مقولتش حاجة "
ابتسم فادي بسخرية وهو ينظر له رافعًا أحد حاجبيه :
" وده عشان ايه ؟؟"
" عشان حياتك "
أنهى فبريانو كلماته ليعلو صوت لولو الحانق وهي تقول بصوت حاد :
" ومين بقى اللي سمح ليك تتصرف في حياة البنت من دماغك يا فادي ؟؟"
نظر فادي لـ لولو وهو يشير لها بعينه ألا تتدخل :
" هو ايه اللي مين سمح ليك ؟ دي بنتي يا تيتة "
ضربت لولو الأرض بعكازها وهي تصرخ بصوت عالٍ :
" طب كويس انك عارف اني تيتة يا فادي لاحسن أنت ومراتك بقيتوا فاكرين إن خلاص ملكوش كبير وعمالين تبيعوا وتشتروا في البنت على مزاجكم، لا هاممكم هي عايزة ايه ولا هي حاسة بايه؟؟"
نظر فادي سريعًا لروبين التي كانت تنظر في الوجوه بالحزن، وما كاد يتحرك صوبها كي يضمها له ويعتذر منها، حتى وجد ذلك الشاب يبتسم وهو ينظر لجدته بسعادة يتحدث معها بجدية :
" احسنتِ يا لولو، سوف احضر لكِ حاسوب جديد ومتطور "
صمت فبريانو قليلًا ثم نظر لروبين التي كانت على اعتاب البكاء وقال بلين وحنان :
" لا بأس ارنبي الوردي، سأقتل والدك أيضًا فقط لا تحزني "
فتحت روبين عينها بصدمة وهي تستدير بسرعة لوالدها تدعو الله أنه لم يسمع ما تحدث به فبريانو، أو يكون لا يستطيع فهم الإنجليزية، شعرت بالخطر وهي ترى ملامح والدها تنقلب فجأة بعدما كادت تلين لتهمس في نفسها :
" أنا لغاية ما اتجوزك هتطلع روحي "
تحرك فادي صوب فبريانو بسرعة وهو يتجهز للانقضاض عليه، لكن فبريانو تحركت يده بسرعة ليخرج سلاحه لولا جاسي التي توقفت في المنتصف وهي تدفع والدها و تغمز له :
" معلش يا بابا امسحها فيا، نو مش قصده حاجة، هو بس يا عيني حالته صعبة، وده مجرد كلام بيقوله على طول ومش بيعمل حاجة "
تحدث فبريانو بجدية وهو يكره أن تتحدث جاسي عنه بهذا الشكل :
" لا بل أنا أقصد كل كلمة قلتها، أنا لا أقول مجرد تهديدات في الهواء وأنتِ أكثر من تعلمين جاسي "
أشار فادي له وهو يصرخ بجنون :
" شايفين ؟! شايفين البجاحة يعني واقف في بيتي وبيهدنني "
اجابه فبريانو ببسمة مستفزة :
" هذا ليس منزلك، بل منزل لولو "
كانت روبين تضع يدها على فمها وهي تتابع ما يفعل بغيظ شديد، ثم فجأة صرخت بغضب من أفعاله :
" يابني أهدى بقى، أنت جاي تطينها؟؟ "
نظر لها فبريانو وهو يقول بهدوء وبراءة :
" ماذا فعلت أنا الآن؟! هو من يصرخ بوجهي وانا حتى لم ارفع صوتي عليه حتى الآن"
كاد فادي يجيبه وهو يحاول أن يفلت من قيد جاسي له لولا صوت لولو التي تدخلت بسرعة بنظرة من روبين وهي تقول بصراخ :
" بس منك ليه هو انا مليش كلمة هنا؟! دخل الشاب يا فادي بدل ما انتم هتلموا علينا الناس كده "
شاور فادي على فبريانو الذي كان لا يعير أحد اهتمام وهو ينظر لروبين :
" يا لولو أنتِ مش شايفة بــ "
" أنا قولت ايه يا فادي ؟؟ دخل الشاب واقفل الباب "
ابتسم فبريانو بسمة واسعة وهو يتحرك داخل المنزل بكل تكبر يتجاهل اشتعال فادي خلفه، بينما فادي اغلق الباب بعنف شديد، ثم تحرك خلفه وهو يكاد يحطم الأرضية أسفله من شدة غضبه وعندما عبر بروبين نظر لها وهو يقول بغيظ من بين أسنانه :
" شوفتِ فيه ايه ؟! قوليلي ميزة واحدة بس تطمني أنك مش هبلة عشان تختاريه "
توقفت روبين جوار لولو وهي تقول دافنة رأسه بأحضان لولو بخوف من غضب والدها :
" يابابا هو لطيف وطيب على فكرة "
ابتسم فادي بسخرية وهو يقترب منها يقول بتشنج :
" لطيف وطيب ؟! تمام كده اتأكدت أنك متخلفة"
تحرك للداخل وهو يقول بتمتمة خانقة وصوت مغتاظ مما يحدث :
" عشان أنا قولت لامك تكشف عليكِ لما وقعتِ على دماغك وأنتِ صغيرة وهي قالتلي لا متخافش محصلهاش حاجة"
استدار فادي فجأة لـ لينا وهو يشير لروبين :
" شوفي اهو بقت هبلة، عشان تبقي مهملة في عيالك تاني، كله منك أنتِ، بس معلش حسابي معاكِ بعدين "
دخل فادي البهو حيث يجلس فبريانو ليجده يجلس بكل هدوء على الأريكة كما لو أنه لم يهدده منذ ثواني بالقتل أمام الباب، دخل الجميع خلفهما والكل خائف من حدوث مواجهة تنتهي بقتل أحدهما، لكن ما كادت روبين تجلس حتى سمعت صوت فبريانو يقول بهدوء :
" روبين أنا جائع، لم اتناول شيء منذ البارحة "
نهضت روبين بسرعة ترمقه بحزن ولم تكد توبخه لاهمال طعامه، حتى ارتفع صوت والدها وهو يقول :
" معلش بقى يا حبيبي اصلنا مش عاملين اكل انهاردة غير على قدنا "
نظرت روبين لوالدها وهي تقول بحنق :
" بابا "
ابتسم لها فادي بسمة باردة قبل أن يستمع لصوت فبريانو وهو يقول بكل جدية وبساطة :
" لا بأس ساتناول طعام روبين "
أشار فادي له بسرعة وكأنه للتو حصل واخيرًا على سبب لرفضه :
" اهو شوفتوا من اولها عايز يحرمها من اللقمة، يعني لسه متجوزهاش وهياكل اكلها، ده غير مؤهل للجواز وغير مؤهل للتكاثر، الإنسان ده تكاثره خطر على البيئة "
نظرت روبين لوالدها وهي تكاد تبكي :
" معلش يابابا هجبله ياكل حرام ما اكلش من امبارح بيقولك "
أجاب عليها فادي بحنق وصوت عالي لا يفهم ما يحدث مع ابنته :
" اوعي تقولي أنه صعب عليكِ؟! يابنتي أنتِ عامية ؟؟ ده ميصعبش على حد"
" معلش عشان خاطري يابابا "
نفخ فادي بحنق وهو يشير لها بعدم اهتمام وبعدها عاد بنظره لفبريانو الذي كان ينظر لها بهدوء، ثم قال بحنان :
" لا بأس روبين أنا لستُ جائعًا كثيرًا، ساتناول الطعام عند عودتي للمنزل"
كان يتحدث وهو يشفق عليها أن تبكي لأجله أو تحمل همه وتقف بينه وبين والدها، صمت وهو يرى حزنها يستوطن عينها بكل وضوح؛ لذلك تنفس بهدوء وهو يرفع نظره لوالدها وهو يقول :
" سيد فادي دعنا نتحدث بجدية بعيدًا عن أي خلافات قديمة، أخبرني ما الذي تعارضه في زواجي من ابنتك ؟؟"
" أنت، بعارضك أنت، يعني أنا مش شايف فيك ميزة الصراحة تخليني اقبل بيك زوج لبنتي "
ضربت لولو عكازها في الأرض وهي تقول بشر :
" وهو الاستاذ خطيبها اللي أنت جايبه ده هو اللي فيه ميزات ؟؟"
نظر لها فادي ثواني دون رد، لكن لولو لم تسمح له بأن يصمت الآن وهي تقول :
" لو أنت مش مهتم بسعادة بنتك يا فادي يبقى تاخد مراتك وبنتك التانية وتطلع برة بيتي وروبين أنا هجوزها بنفسي اللي يستاهلها "
تدخلت جاسي في الحدث بحنق شديد وهي تصيح :
" ايه أنا اتكلمت دلوقتي ؟! ده أنا بدافع عنه من وقت ما جه "
لكن فادي لم يهتم بجملة ابنته وهو يجيب جدته بجدية كبيرة :
" وهو ده بقى اللي يستاهلها ؟؟"
رفعت لولو حاجبها وهي تقول ببسمة واثقة :
" محدش يستحقها غيره يا فادي، أنت كنت بعيد عن بنتك ومتعرفش عنها حاجة ومهتمش تسأل عنها، فمتجيش بعد ده كله تفرض رأيك عليها في موضوع زي ده "
فتح فادي عينه بصدمة من هجوم لولو عليه بهذا الشكل وهي أكثر من يعلم معاناته :
" يا لولو أنا ..."
ضربت لولو عكازها بعنف وهي تقول بصوت غاضب :
" بلا لولو بلا زفت، اسمع يا فادي بنتك في بيتي وتحت رعايتي أنا، أنت مشوفتهاش وهي كانت كل شوية تجيلي وتعيطلي وتقولي قد ايه بتكره حياتها، مشوفتش الليالي اللي كانت بتنام فيها وهي معيطة بسبب اهمالك ولا شدة امها ولا تعامل صحابها في المدرسة معاها، بنتك عمرها في حياتها ما اهتم بيها ولا خاف عليها قد الشخص اللي انت واقف تعاند فيه عشان جه يطلبها منك "
صمتت تراقب تباين ردات فعل فادي أعلى وجهه، تراقب صدمته من حديثها، والحسرة التي علت ملامحه وهو يقول بغصة:
" لولو متقوليش كده وأنتِ اكتر واحدة عارفة بناتي عندي ايه "
" يبقى تقعد مع الشاب وتتكلم معاه بكل عقل مش الند بالند، كلمه كأنه عريس متقدم لبنتك مش عدو ليك، وحط في بالك يا فادي إن حتى لو أنت رفضته أنا هقف جنبه واجوزه بنتك غضب عنك وعن مراتك طالما روبين عايزاه "
نظر فادي ارضًا وصمت طويلًا دون أي رد، مما جعل روبين تبكي حزنًا عليه وهي تنظر لـ لولو بعتاب تخبرها بعينها أنها قست على والدها، بينما فبريانو كان لا يهتم بأحد سوى روبين، التي لأول مرة يستمع لمعاناتها من لولو، وكم ود لو ينهض الآن ويعانقها مخبرًا إياها أنه معها وألا تحزن أو تخف يومًا، ومن بين افكار فبريانو انبثق صوت فادي الذي قال بخفوت :
" تمام، طالما هنمشيها جواز زي أي جواز يبقى يجيب عيلته و يجي يتقدم لبنتي زي أي واحد ما بيعمل ....."
_____________________
كان صراخ رفقة يعلو بشكل مثير للقلق مع مظهرها ذلك وهي ما زالت تتعلق بالمقود رافضة أن تتركه وكأنه سيطير من السيارة، بينما جاكيري لم يكن يهتم كثيرًا وهو يميل بجسده المقعد الخاص بالسائق يمسك المقود يحرك السيارة بعنف مخيف، ورفقة جواره تحاول ابعاد يده عن المقود وهي تقول ببكا، وخوف :
" سيبه بس انا هسوق، والله انا هسوق "
ضرب جاكيري يدها وهو يعود لامساك المقود، ثم ودون أن تنتبه انحرف بالسيارة فجأة مما جعل وجه رفقة يلتصق في النافذة جوارها وصراخها يعلو أكثر، بينما جاكيري عينه على السيارة التي تتبعه بكل سرعة، ارتسمت بسمة خبيثة على فمه وهو يعود بشكل مفاجئ للخلف، نظرت له رفقة وهي لا تفهم ما يفعله :
" بتعمل ايه ؟! "
سكتت ثم قالت فجأة من بين دموعها :
" عشان كده قولت اخر خروجة لينا في مصر ؟! دي اخر خروجة في العمر "
ابتسم جاكيري وهو يقول غامزًا:
" فقط استمتعي وتعلمي "
" استمتع ايه هو أنا راكبة مرجيحة؟! ده...."
ولم تكمل كلمتها بسبب سرعة عودة السيارة للخلف بظهرها صوب سيارة الشباب الذين بدأوا يعودون هم أيضًا برعب وكأن الأدوار انقلبت وقد أصبحت سيارة جاكيري هي من تلحق بسيارة الشباب لكن بالعكس، كانت رفقة تنظر بعين متسعة وبصدمة كبيرة للسيارة الخاصة بالشباب والذين كانوا يعودون للخلف خوفًا أن تطحنهم سيارة جاكيري .
لكن وأثناء تلك الخدعة التي فعلها جاكيري استغل تراجع السيارة الأخرى للخلف، ثم ودون مقدمات كان ينحرف في أحد الشوارع بسرعة كبيرة وهو ينطلق في طريقة وضحكاته تملئ السيارة ورفقة تجلس جواره تفتح فمها بصدمة منه قبل أن تقول بانبهار وفم مفتوح :
" اه يا ابن الصايع "
ضحك جاكيري بقوة يضع قبلة على خدها قبل أن يبتعد ويعود للمقعد الخاص به يقول براحة وهو يعود بظهره للخلف :
" هيا يا رفيق تحرك بنا صوب أي مطعم فأنا أشعر بالجوع "
ابتسمت رفقة وهي تتحرك بالسيارة وقد استمتعت حقًا بالأمر، بينما جاكيري كان يشعر بالحماس الشديد جراء ما حدث، ربما لم يلعب تلك اللعبة، لكنه عوضها بما هو افضل، فالواقع له شعور خاص .
توقفت السيارة بعد قليل أمام أحد المطاعم، وحاولت رفقة أو تقوم بركنها، لكن لم تفلح وذلك بسبب أن المكان المتروك بين سيارتين صغير وهي ليست بتلك المهارة لتقوم بذلك، نظرت جوارها لجاكيري ثم قالت وهي تحاول أن تدعي الخبرة :
" ترجل من السيارة؛ حتى اقوم بركنها "
ضيق جاكيري حاجبيه بعدم فهم، لكنه لم يتساءل وهو يهبط منها ثم ابتعد ووقف يراقبها :
" هيا إذن، انتهي من الأمر "
ابتسمت له رفقة وهي تهز رأسها بحسنًا، ثم نظرت للخلف حتى ترى المكان الذي ستوقف به السيارة وامامها يقف جاكيري ينتظر أن تنتهي، تحركت رفقة بالفعل حتى تقوم بركن السيارة، لكن بدلًا من التحرك للخلف حيث المكان الفارغ، تحركت للامام حيث جاكيري يقف وكادت تدهسه أسفل عجلات السيارة، ارتفع صراخ جاكيري وهو يتنحى بسرعة بعيدًا عن السيارة صارخًا :
" أنتِ أيتها الحمقاء مابكِ كدتِ تدهسيني "
ابتسمت له رفقة وهي تخرج يدها من النافذة تتحدث وكأن شيئًا لم يكن :
" معلش يا جاكي كنت بهزر معاكِ يا جدع "
رفع جاكيري حاجبه بسخرية بعدما فهم حديثها لارتداءه سماعة، رمقها وهي تحاول العودة للخلف، لكن بدلًا من إيقاف السيارة في المكان الفارغ اصطدمت بإحدى السيارات التي تقف على الجانبين، فتحت رفقة عينها بصدمة وهي تستمع لصوت جاكيري :
" ماذا تفعلين ؟! تحركي لليمين قليلًا "
ابتسمت رفقة بتوتر وهي تحاول الابتعاد عن السيارة :
" أنا أعلم، أنا فقط كنت أطبق آخر درس لك "
انتهت من الكلام وهي تتحرك بالسيارة صوب المكان الفارغ تحاول وضعها في المكان المحدد، وصوت جاكيري يساعدها في ذلك :
" لليمين أكثر، لا تخافي المكان سيتسع للسيارة، لليمين يا غبية ما بكِ "
صرخ جاكيري بجنون :
" أيتها الحمقاء اخبرتك لليمين، هذا اليسار "
صرخت رفقة بتوتر وهي مازالت تتعلق بالمقود :
" بتزعق ليه طيب؟ما أنت محددتش يميني ولا يمينك "
عض جاكيري شفتيه بغضب، ثم تحرك صوبها وتعلق بالباب الخاص بالسائق وأمسك منها المقود بقوة وهو يضرب يدها لتبعدها عنها، وبعدها تحرك بالسيارة بعنف كبير جعل رفقة تتمسك أكثر بالمقود، توقف جاكيري في المكان الفارغ وهو يضع السيارة في المنتصف .
توقفت السيارة أخيرًا لينظر جاكيري لرفقة بحنق، ثم هبط من على باب السيارة وهو ينفض ثيابه وبعدها تحرك صوب المطعم تاركًا رفقة تنظر لاثره وهي تقول بحنق :
" طب على فكرة كانت سهلة اوي، أنت بس اللي مش صابر لما اخد وضعي "
ولم تكد تكمل جملتها حتى وجدت جاكيري يعود لها ويفتح الباب، ثم جذبها من ثيابها بعنف صوب الداخل وبعدها تحرك صوب اول مقعد وهو يرمقها بسخرية .
" ايه بتبصلي كده ليه ؟!"
تحدث جاكيري بسخرية :
" تعجبينني "
ابتسمت رفقة بخجل وهي تنظر ليدها، قبل أن تنتبه لنظرات جاكيري خلفها، تحركت رأس رفقة للخلف ببطء لتجد طاولة لثلاث فتيات يرمقون طاولتهم بنظرات غير عادية، عادت رفقة بنظراتها لجاكيري وهي تقول بشر :
" ما الذي تفعله جاكيري ؟!"
" تلك الفتاة تمتلك شعرًا يشبهك "
تشنجت رفقة وهي تعود بنظرها له تحدق في وجهه بشر وهي تهمس بغيظ :
" ماذا جاكيري ؟! هل تطور بك هوسك بشعري لأن تنظر لأي فتاة تمتلك مثله ؟!"
ابعد جاكيري عينه عن الفتاة وهو ينظر لها ببلاهة :
" ماذا ؟! لا أنا لا أنظر لها لأنني أحب شعرها، أنا فقط لا يعجبني أن يمتلك أحدهم شعرًا كخاصتك "
ابتسمت رفقة بسمة جانبية ثم قالت وهي تعود بظهرها للخلف :
" حسنًا لا بأس الآن دعنا نتناول الطعام فأنا جائعة و..."
قاطع الحديث بينهما توقف فتاة أمام الطاولة وهي تقول بانبهار وبلغة إنجليزية :
" لقد علمت من أول نظرة أنكما أجانب "
رفع جاكيري عينه وهو ينظر للفتاة يتجهز لصرفها باحترام، لكن توقفت الكلمات على باب فمه وهو يرى نظراتها التي كانت موجهه لرفقة وليس له، فتح فمه يبتسم بعدم تصديق يرمق رفقة التي كانت ترمي الفتيات بنظرات مشتعلة، نظر جاكيري للفتاة وتحدث بالايطالية :
" هل تفهمين حديثي ؟!"
لكن ملامح الجهل التي علت وجه الفتاة انبأته أنها لا تفهم شيء؛ لذلك نظر جاكيري لرفقة وهو يقول بالايطالية :
" تلك الفتاة تنظر لكِ، يا ويلتي هل أصبحت سأخفيكِ عن الفتيات أيضًا ؟؟"
رمقته رفقة بجهل وهي تعيد نظراتها للفتاة تقول بريبة :
" تبدو بلهاء يا رجل "
ابتسمت الفتاة وهي تتودد لرفقة :
" إن اردتم أن اساعدكم لرؤية الاماكن السياحية سأفعل، فأنا ورفيقاتي في رحلة سياحية في الأساس "
تحركت عين رفقة على الفتاتين على الطاولة خلفها لتجد أن أعين الاثنتين معلقة بجاكيري، حسنًا هذا طبيعي، لكن تلك الفتاة أمامها تبدو غريبة الأطوار .
تنحنحت رفقة وهي تقول بصوت حاولت جعله خشنًا قدر المستطاع :
" شكرًا يا آنسة بس انا مصري اساسا "
فتحت الفتاة فمها فجأة بخجل وهي تنظر حولها، ثم أشارت لجاكيري وهي تقول :
" بس ده شكله ..."
قاطعتها رفقة وهي تقول ببسمة سمجة :
" ايطالي ...هو ايطالي مش مصري "
ابتسمت الفتاة وهي تنظر ارضًا بخجل ثم قالت :
" اه آسفة افتكرتكم اجانب، بس أنت ملامحك مصري اوي فعلا "
شعرت رفقة فجأة بضربة على قدمها من أسفل الطاولة، نظرت لجاكيري بتساؤل لتجده يتحدث بغيظ :
" تلك الفتاة تتودد لكِ في وجودي "
" هي تظنني رجل جاكيري "
لوى جاكيري فمه وهو ينظر للفتاة بطرف عينه :
" لا يعنيني ذلك، أخبرها أنك شاذ لترحل "
فتحت رفقة عينها بصدمة من كلمته، ثم نظرت حولها خوفًا أن يكون أحدهم انتبه لما قال أو فهم ما قال :
" هل جننت ؟! تريديني أن أخبرها أنني شاذ لتبتعد عني ؟؟ هل تفضل أن أكون شاذًا على أن تتودد لي فتاة؟! "
هز جاكيري رأسه بنعم ثم قال :
" أنا لا أستطيع التحدث بالعربية لذلك اخبريها أنتِ، وإلا أخبرتها أنا بالإنجليزية حتى تبتعد "
نظرت رفقة حولها بصدمة وهي تعود له تقول بغيظ :
" أيها الاحمق هذه تُصنف جريمة هنا، تريد أن أُسجن حتى لا تتودد لي فتاة وانا في الأساس فتاة، تريد أن تزيد جرائمي واحدة ؟؟"
لوى جاكيري شفتيه وهو يقول بحنق :
" لا يهم فقط دعيها ترحل من هنا "
نظرت رفقة بحرج للفتاة وهي تقول :
" اتشرفت بمعرفتك يا آنسة، بس هو الاستاذ ده مكسوف يعني ياكل وفيه حد جنبه"
ابتسم جاكيري بسخرية بينما الفتاة اعتذرت بخجل وهي ترحل صوب طاولتها، عادت رفقة بنظرها لجاكيري وهي تقول بغيظ :
" جاكيري هل جننت ؟! تغار من فتاة ؟!"
رفع جاكيري إصبعه في وجه رفقة وهو يقول بجدية :
" أنا لا أغار، أنا فقط اكره أن يتحدث لكِ أحدهم بهذه الطريقة اللطيفة سواي "
" تمام بعد كده اخليهم يتفوا في وشي وهما بيكلموني عشان ترضى حضرتك "
ابتسم لها جاكيري وهو يراقب النادل يضع الطعام أمامهم قبل أن يستمع هو ورفقة لصوت قريب منهم يصيح بغضب :
" مين الحيوان اللي ركن عربيته في الخط التاني وكسر عربيتي بالشكل ده ؟؟"
رفعت رفقة عينها لجاكيري وهي تقول له بصوت منخفض :
" أنظر جاكيري لقد اوقعتنا في مشكلة "
تشنج جاكيري وهو يشير لنفسه :
" أنا ؟! أيتها الكاذبة بل أنتِ من ضربتِ سيارته "
ابتلعت رفقة ريقها وهي تحرك عينها بين الأوجه وصوت الشجار والصراخ من صاحب السيارة يصل لهم بوضوح قبل أن تقول بخوف :
" ماذا سنفعل الان؟!"
هز جاكيري كتفه وهو يقول ببسمة وبرود :
" لا شيء سننتهي من تناول الطعام، ثم نعود بسيارة أجرة للمنزل حتى لا يكتشف احد أنها سيارتنا، لكن لا تقلقي سوف اترك للرجل تعويض عما سببتيه"
ابتسمت رفقة بسمة واسعة وهي تقول له :
" حلوة الخطة دي، جدع والله وبتفكر "
صمتت قليلًا ثم تحدثت بريبة :
" ماذا عن الشركة التي استأجرت منها السيارة ؟؟"
هز جاكيري رأسه بعدم اهتمام وهو يتناول الطعام بتلذذ :
" لا تقلقي تم تأجير السيارة باسم فبريانو على أية حال ......"
________________________________
ارتشف بعض العصير جواره، ثم وضع الكوب مجددًا على الطاولة وبعدها عاد للاندماج في الحاسوب أمامه يحاول الوصول لأي معلومة عن عائلة جولي، كان يحاول التأكد أن الصورة الخاصة بجولي ليست حقيقية، أصابعه تتحرك بسرعة كبيرة على لوحة المفاتيح وعينه لا ينزعها من على الشاشة، مدّ يده مجددًا ليأخذ كوب العصير، لكن عندما وضعه على فمه لم يتذوق أي شيء .
أبعد مارتن عينه ببطء من على حاسوبه ثم نظر للكوب الذي كان فارغًا، حرّك عينه ببطء على الأريكة جواره ليجد أن جولي تجلس وهي تضم الغطاء الخاص بها وتتثائب بكسل تضع رأسها على كتفه :
" لقد كان العصير قليل السكر "
ضحك مارتن بخفوت، ثم قرب رأسه من كتفه حيث تستريح رأسها وقبلها بلطف وهو يقول :
" المرة القادمة سأضع سكرًا أكثر "
أغمضت جولي عينها وهي تشعر بالنعاس تضم ذراعه لها :
" سيكون هذا افضل "
ابتسم مارتن وهو يهمس لها بحنان مربتًا على شعرها بلطف :
" ما الذي جعلك تستيقظين الآن ؟!"
" رأيت كابوسًا سيئًا مارتن "
ربنا مارتن عليها بحنان شديد، ثم قال :
" لا بأس حبيبتي أنا الآن هنا، هيا يمكنك النوم على فراشي وأنا سأنام على الأريكة "
هزت جولي رأسه رافضة وهي تقول بينما تتخذ أكثر الوضعيات راحة على كتفه :
" سأنام هنا جوارك "
وبعد هذه الكلمة سقطت جولي في النوم سريعًا وكأنها بوجودها جواره هنا اقتنع عقلها أن لا خطر من النوم، وأن لا شيء مخيف في الغوص في الاحلام، وكأن أمانها وراحتها تقبعان فقط هنا بين أحضانه .
ابتسم مارتن وهو يعود لعمله يحرك رقبته بتعب بسبب طول جلسته، انحنى قليلًا ببطء حتى لا تستيقظ جولي وهو يمسك رأسها على كتفه، ثم أحضر نظارته الطبية التي تقبع على الطاولة يرتديها وهو يقول :
" يبدو أن الأمر سيطول "
اندمج مارتن فيما يفعل وكل ثانية تتحرك يده تلقائيًا يتأكد أن وضعية رأس جولي صحيحة، اشتدت عينه وهو يبتسم بخبث يرى الصورة التي معه تعود لاصلها، ليتأكد أنها ليست حقيقة وأنها كما خمن تم التلاعب بها من خلال بعض التطبيقات التي تستطيع تكبير الملامح والحصول على أقرب شكل قد يكون به الشخص، وهذا ما حدث، فتلك الصورة كانت صورة معدلة لصورة الطفلة التي رآها في المنزل هناك .
وأثناء اندماجه ذاك سمع صوت جولي التي تمتمت بصوت ناعس وكأنها تحلم :
" هل هذه صورتي ؟! هل كنت تلتقط لي صورًا دون أن انتبه مارتن، ألم تقل أنك لم تفعل ؟! في النهاية اتضح أنك مهووس يا رجل"
كانت تتحدث وهي تنظر للحاسوب بعيون ناعسة، قبل أن تلمح شيئًا اخير وهي تقول :
" هذه صورتي وأنا صغيرة ؟! هل كنت تراقبني منذ كنت طفلة ؟! "
نظر لها مارتن وهو يقول مبتلعًا ريقه :
" هذه أنتِ جولي ؟؟"
نظرت جولي للصورة من بين اجفانها التي تكاد تنغلق وهي تقول بنعاس :
" هذه صورتي بعمر الخامسة تقريبًا، يبدو أن هوسك بدأ منذ الصغر مارتن "
أنهت حديثها ببسمة وهي تسقط في النوم دون شعور تاركة مارتن يرمق الصورة بملامح غامضة وهو يقول :
" وها نحن نخطو الخطوة الأولى بنية العينين"
نظر لها وهو يلاعب خصلاتها بحنان مقبلًا رأسها بحب وهو يهمس لها :
" اقسم حبيبتي أن أفعل ما بوسعي لأجد عائلتك، وسيحضرون زفافنا أيضًا "
أنهى حديثه وهو يحرك عينه صوب الحاسوب يقتحم كاميرات مراقبة القصر الذي اخترقه في مهتمهم الأخيرة وهو ينظر للأمور أمامه يرى إن كان أحد أفراد عائلتها قد ظهر عدا أخيها واختها الصغيرة، لكن هو لم يتعرف على أي أحد في الفيديو؛ لذلك زفر بضيق وهو يقول مفكرًا :
" يبدو أننا سنحتاج لمساعدة الصغيرة ....."
______________________________
صباح اليوم التالي :
كان يغط في نومٍ عميقٍ وهو ينفخ كل ثانية والأخرى بسبب الأصوات العالية حوله، سحب الوسادة يغطي بها وجهه، علّ تلك الضوضاء تخف حدتها، لكن ما حدث هو أن الأصوات ازادادت أكثر وكأنها تعانده .
ابعد الوسادة عن وجهه بعنف وهو يلقيها بكل قوة على مصدر الصوت صارخًا :
" ما بكِ منذ الصباح تقفزين في كل مكان كالقرود روما ؟!"
تلقت روما الوسادة في وجهها وهي تتوقف وترمقه بتعجب على صراخه ذلك :
" ما بك انطونيو أنا بالفعل اخفض صوتي حتى لا تستيقظ "
اعتدل انطونيو في جلسته وهو يقول بينما خصلات شعره كانت غير مرتبة ومظهره كله مبعثر :
" حقًا كل هذا وتخفضين صوتك ؟! حمدًا لله أنكِ لا ترفعين صوتك وإلا كنتِ ايقظتِ سكان القارة كلها "
رمته روما بنظرة متهكمة من حديثه، ثم تركته وتحركت صوب المرحاض تاركة إياه ينظر لاثرها بأعين يظهر عليها النعاس، وبمجرد أن اختفت في المرحاض حتى اغمض انطونيو عينه وهو يريح جسده مجددًا ليعود لنومته، لكن فجأة استمتع لصوت تحطيم عالي جواره قبض على المفرش أسفل يده وهو يغمض عينه متنفسًا بعنف يحاول قدر الإمكان أن يتحمل ويصمت، لكن ارتفع صوت تحطيم اخر فانتفض وهو يصرخ بصوت جهوري :
" تبًا لكِ روما توقفي عن هذا يا امرأة لا استطيع النوم "
رفعت روما عينها له وهي ترتب ما اسقطته بسرعة قبل أن يراه، تقول ببسمة متوترة :
" عذرًا حبيبي هل ايقظتك ؟!"
رفع انطونيو حاجبه بسخرية وهو ينظر لما تفعل يتحدث ببرود :
" ما هذا ؟؟"
نظرت روما حيث يشير وهي تقول ببسمة غبية :
" هذه يدي طوني "
" واسفل يدك يا حبيبة طوني ؟!"
نظرت روما نظرة سريعة لما حطمته، ثم عادت وهي تنظر له بعين قططية بريئة وبشدة وهناك بسمة لطيفة ترتسم على فمها :
" هذا ...هذا ...هذا لا شيء فقط كنت أنظف الأرضية من الغبار "
أنهت حديثها وهي تحرك يدها على الأرضية ببطء حتى لا تجرح يدها، بينما انطونيو ابتسم وهو يهز رأسه يدعي اقتناعه، ثم ابعد الغطاء عنه ليظهر جذعه العلوي عاريًا ويتجه لها وهو ينظر لما تخبئ، بينما روما فتحت عينها بصدمة وهي تقول :
" أين تذهب ؟!"
" سأرى الغبار حبيبتي "
هزت روما رأسها بسرعة وهي تقول :
" لا، لا تتعب نفسك، أنا سأنظفه، ثم لا يمكنك السير هكذا دون سترة "
نظر انطونيو لصدره العاري وهو يقول بحاجب مرفوع وبسمة جنبية :
" ماذا هل تخجلين ؟!"
" لا بل أخشى أن تتعرض للبرد حبيبي، هيا هيا اذهب واستحم وأنا سأحضر لك ثيابك "
لكن انطونيو لم يستمع لها وهو يقترب وكاد ينحني ليري ما تخفي خلف ظهرها بعدما تقدمت لتخفي مافعلت، ترفع يديها في الهواء وهي تحاول منع الرؤية عنه :
" حبيبي لا تشغل بالك بتلك الامور"
ابتسم انطونيو بسخرية وهو يرى كل ما خلف ظهرها بسبب اختلاف الطول بينهما، دفع انطونيو رأس روما جانبًا وهو يقول بسخرية :
" أنا أرى كل شيء أيتها الحمقاء "
وبمجرد انتهاء كلماته كان دفع روما جانبًا التي لم تمنح له فرصة النظر لما فعلت وهي تقفز متمسكة في كتفه وهو تراجع للخلف بصدمة، بينما روما تضع يدها على عينه وهي تقول له :
" سأشرح لك الأمر اولًا، انظر أنا ....."
" أنظر ماذا ؟! ابعدي يدك عن وجهي روما قبل أن ألقي بكِ من النافذة "
تمسكت به روما أكثر وهي ترى الخطر يقترب، لكن لم تكد تفعل شيء أو تتحدث، حتى شعرت بجسدها يتهاوى بقوة بعدما ألقاها انطونيو، لكن من حسن حظها أنه رماها على الفراش .
تحرك انطونيو صوب المنطقة التي كانت روما تخفيها ليجد الأرضية كلها ممتلئة بساعات يده الثمينة وجميعها محطمة، رفع انطونيو حاجبه وهو يعود بنظره لها يشير لما فعلت باستنكار :
" ما هذا ؟!"
اعتدلت روما وهي تقول ببسمة وتحرك يدها المضمومة أمامها وهي تقول :
" فقط اصبر سوف اشرح لك، كنت ابحث عن العقد الخاص بي حتى ارتديه اليوم مساءً ولم أجده في جميع أرجاء الغرفة وفكرت ربما يكون في الدرج الخاص بالساعات، أعني ربما وضعته بالخطأ هناك، لذلك ذهبت ابحث عنه، لكن فجأة سقط الدرج ارضًا بالخطأ وتحطم كل شيء، ولا اعرف لماذا "
صمتت ثم قالت ببسمة هادئة :
" ربما أصبح قديمًا، علينا تجديد الغرفة "
لم يتحدث انطونيو وهي تنظر له ببلاهة وبسمة تنتظر ردة فعله على ما قالت وهو فقط يرمق وجهها بجمود جعلها تبتلع ريقها أكثر وهي تقول ببسمة متوترة :
" ماذا ؟! هل اكرر الحديث ؟!"
رفع انطونيو حاجبه ببطء، ثم تحرك صوبها وهي تعود للخلف بسرعة على الفراش تمسك الوسادة كدرع حماية لها من غضبه الذي يشتعل في عينه :
" اقسم إن اقتربت لاصرخن واجمع سكان المنزل كله وأخبرهم أنك تمارس علىّ عنف منزلي "
عض انطونيو شفتيه بغيظ، ثم عاد للخلف مجددًا وقد لغى فكرة الاقتراب منها فجأة، وتحرك صوب طاولة الزينة الخاصة بها وأمسك اول شيء قابله وقد كان احمر الشفاه المفضل عندها وأخرجه كله وبعدها كسره مخرجًا صرخة عالية من فم روما التي أغلقت عينها برعب من ذلك المشهد الذي هز قلبها في مضجعه، ولم يكتفي ذلك السفاح _ حسب وجهة نظر روما _ مما يفعل بل امسك اقلام الكحل كلها وكسرها وهو يلقيهم ارضًا جوار بقايا ساعاته العزيزة وبدأ يمسك كل ما يقابله من أدوات الزينة ويحطمها وروما تشعر بقرب موتها وهي تراقب ما يفعل .
انتفضت من على الفراش وهي تركض صوبه تصرخ برعب أن يكمل ما يفعل، لكن وقبل أ?