رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل العشرون
شعرت كارين بالرعب وهي تستمع لذلك الصوت المخيف خلفها، بينما ابتسم انطونيو وهو يرى ما تفعله روما؛ لذلك استراح جوار جده وهو يقول :
" يا ليتها تتخلص منها وننتهى فأنا لن اتحمل حمقاء أخرى في المنزل "
ارتعشت الفتاة بين أيدي روما وهي تحاول نزع ثيابها من بين يدي روما تقول ببسمة متوترة :
" ماذا ؟! دعي ثيابي رجاءً"
قربتها منها روما أكثر وهي تقول بشر :
" من أنتِ وماذا تفعلين هنا في منزلنا ؟! وأي اختيار هذا الذي تتحدثين عنه ؟!"
أشارت كارين بسرعة لاليخاندرو وهي تفلت من قبضة روما تركض صوب اليخاندرو تقول بخوف من الجميع في المنزل :
" هو أخبرني أنه يمكنني أن ارتبط بأحد أحفاده، حتى أنه رشح لي ماركوس "
تشنج ماركوس وهو يرفع حاجبه يضحك بسخرية ثم نظر لاليخاندرو وهو يقول :
" حقًا جدي ؟! لم تجد غيري لتقترحه عليها ؟! ما بال الجميع يبحث لي عن عروس ؟! هل أصبحت حالتي بائسة لهذه الدرجة ؟!"
كان يتحدث بصوت عالي وهو يبتسم بعدم تصديق، ثم أشار لفيور التي كانت ترمق الفتاة من أعلى لاسفل وهي تشعر بالغيظ لا تعلم مصدره :
" لم اتخلص من فيور لتأتي أنت وتلقي تلك المصيبة فوق رأسي "
تدخلت فيور في الحديث وهي تقول بجدية :
" حسنًا أنا قلت أنه اقترحك علىّ ولم أقل أنني اخترتك حسنًا "
كانت الفتاة تتحدث وهي تهز رأسها وفمها بحركات متكبرة جعلت ماركوس يرفع حاجبه وهو يبتسم بسمة جانبية يسمعها تضيف :
" حسنًا الأمر ليس شخصيًا لكنني لا أحب أصحاب العيون الزرقاء مثلك "
في هذه اللحظة رنت ضحكة فيور في المنزل كله وهي لا تصدق أن الفتاة ترفضه الآن، بينما ماركوس رمقها ببرود ثم قال :
" ومن قال أنني كنت لاقبل بكِ ؟!"
أشارت كارين بيدها في عدم اهتمام، ثم تحركت صوب منتصف المجلس وهي تضم يديها لصدرها تبتسم بخجل غافلة عن نظرات روما التي تراقب تحركاتها وكأنها اسد يتربص فريسته، وجولي فقط تنتظر أن تحيد بعينها صوب مارتن حتى لو بالخطأ لتنقض عليها، وكذلك كانت روز التي نست لثواني روز الهادئة وهي تتحفز للتدخل وقتلها، جوارهم هايز التي كانت تنظر بخوف لادم .
ابتسمت كارين وهي تشير صوب أحد المقاعد تقول :
" لقد اخترت هذا، لقد أسرني هدوئه وتعقله، أشعر به مختلفًا عن الجميع هنا، يبدو مسالمًا ولطيفًا "
تحركت جميع الأعين سريعًا صوب ذلك المسالم الهادئ الذي تتحدث عنه الفتاة، والذي لم يكن سوى أكثر الاحفاد هدوئًا حقًا، مارسيلو الذي كان يجلس على أحد المقاعد يرفع قدمه من الأرض وهو يمسك بعض الطعام الذي وجده على الطاولة يتناوله بكل هدوء، لا يعير الجميع انتباه، لكن فجأة شعر كما لو أن جميع الأنظار موجهة عليه، رفع رأسه ببطء من على الطبق أمامه وهو مازال يلوك طعامه يتحدث ببرود تام :
" ماذا ؟! لِمَ الجميع ينظر إلىّ ؟!"
تحدث مايك وهو يصيح بسعادة :
" مبارك عليك يا اخي لقد وقع الاختيار عليك ..."
نظر بعدها مايك لكارين وهو يقول بجدية :
" صدقيني لقد احسنتِ الاختيار يافتاة، لن تجدي فينا بل في العالم كله من هو بمواصفات اخي العزيز، ومن هو بهدوئه "
ابتلع مارسيلو طعامه وهو يقول :
" اي اختيار هذا ؟! هل كسبت في مسابقة ما ؟! لكنني لم أشارك في شيء "
ضحك آدم بصخب وهو يقول :
" نعم نعم فأنت كسول لتفعل هكذا أمور تحتاج لمجهود "
تحركت صوبه كارين وهي تقول :
" جدك أخبرني أن أختار منكم من أريده، وأنا اخترتك أنت "
رمقها مارسيلو ثواني دون ردة فعل وهي تنتظر بلهفة ردة فعله، ليبتسم فجأة مارسيلو وهو يصيح بسعادة :
" يا فرحة قلبك يا مارسيلو، اخترتني أنا ؟! لا اصدق حقًا لا اصدق"
صمت قليلًا ثم قال وقد عاد لبروده :
" لحظة فقط ....أنا لا اهتم "
أنهى حديثه وهو يعود لتناول الطعام لا يهتم بما يحدث حوله كل ما يهمه هو تناول طعامه؛ حتى يذهب لراسيل ويرى أمر استقالتها التي أرسلتها له على بريده الخاص.
كانت كارين تنظر له بحزن وهي تقول :
" هل رفضتني للتو ؟؟"
" رفضت من ؟! هل أنتِ حمقاء يافتاة ؟! أنا حتى لا اعرفك "
ابتسمت كارين وهي تمد يدها له تقول معرفة نفسها :
" حسنًا أنا كارين ماتيلدي، وأنت؟!"
نظر مارسيلو ليدها ثواني قبل أن يزيح يدها وهو يقول :
" لا احب مصادقة الفتيات الصغيرات "
فتحت كارين فمها بصدمة من وقاحته معها وهي من ظننته هادئ لطيف ومتعقل :
" أنت، من تنعت بالصغيرة ؟! أنا لست صغيرة يا هذا"
ترك مارسيلو طبق الطعام الخاص به وهو ينهض ويقول بكل جدية :
" كم عمرك ؟!"
نظرت له كارين ثواني قبل أن تقول :
" أنا في الثالثة والعشرين "
ابتسم مارسيلو وهو يقول :
" صغيرة، أنا لا أحب من هن تحت الخامسة والعشرين "
أنهى مارسيلو حديثه قبل أن يدفع بها جانبًا، ثم تحرك من أمام الجميع وهو يقول بجدية :
" سوف اذهب للعمل لا تنتظروني على الغداء، لكن اتركوا لي طعام "
راقب الجميع رحيل مارسيلو، قبل أن يتحرك مارتن صوب كارين يقول ببسمة خبيثة :
" حقًا أنتِ في الثالثة والعشرين ؟!"
هزت كارين رأسها بنعم، بينما مارتن كان يشك أنها كاذبة، فإن كانت تلك شقيقة جولي كما يظن، كيف تكون بنفس عمر جولي وهي في الصور القديمة كانت تبدو أصغر من جولي، مدّ مارتن يده وهو يقول ببسمة مستفزة :
" اعطني بطاقة هويتك "
عادت كارين للخلف تقول بحنق :
" لماذا؟! ما شأنك ببطاقتي ؟؟"
كانت تتحدث وهي تضم حقيبة كتفها لها اكثر ترفض تركها، بينما مارتن انتزعها منها بقوة ليس ليعلم عمرها كما يدعي، بل ليعلم بياناتها ويستطيع الوصول لعائلتها، كانت جولي في ذلك الوقت تقف متحفزة وهي ترمق مارتن بتوعد لحديثه مع الفتاة تردد في نفسها :
" ما دخله وعمرها ؟! هل سيتزوجها ام ماذا ؟!"
أخرج مارتن بطاقة هوية كارين وهو ينظر لها بسخرية يردد :
" أنتِ مازلتِ مراهقة بعمر السادسة عشر ؟! "
فتحت فيور عينها بصدمة وهي تستمع لكلمات مارتن، اخذت تدقق النظر بجسد الفتاة والذي كان يبدو جسد امرأة ناضجة حتى أنها لثواني لم تشك أنها ليست بعمر الثالثة والعشرين كما ادعت، علت الحسرة وجه فيور وهي تحرك نظراتها بين جسد الفتاة وجسدها تفتح فمها وهي تود لو تبكي .
اقترب ماركوس من فيور وهو يلاحظ نظراتها تلك الفتاة، ليربت على رأس فيور وهو يقول بمواساة :
" لا بأس فيور "
نظرت له فيور وهي تلوي شفتيها بحسرة وكأنها تشتكي له بصمت، ليقول ماركوس وهو يحاول كبت ضحكته :
" الحياة ليست عادلة ها ؟؟"
أنهى حديثه وهو يطلق ضحكات عالية في المنزل تحت نظرات فيور التي كانت ترمقه بغيظ شديد، ثم اقتربت منه وهي تضرب قدمه صارخة :
" توقف عن السخرية مني "
لكن ماركوس لم يتوقف عن الضحك وهو يسقط على المقعد خلفه يكمل ضحكاته العالية تحت نظرات كارين التي انتزعت بطاقة هويتها من يد مارتن تقول بحنق كبير :
" ما به عمري ؟! أنا لست صغيرة "
تحدث انطونيو بحنق :
" أنتِ مراهقة يا فتاة، كيف تتصرفين هكذا تصرف، لا وتختارين واحدًا منا كما لو أنكِ بلغتي الثلاثين من عمرك ولم تجدي زوج بعد، يا فتاة اصغرنا هنا يكبرك بتسع سنوات، أنا اكبرك بتسعة عشر عام هل تتخيلين؟! لا وتريدين الزواج بجدي أيضًا "
تحركت كارين تجلس جوار اليخاندرو وهي تبكي بغيظ من سخرية الجميع منها :
" لا تسخروا مني، أنا لستُ صغيرة، حسنًا لا بأس أنا اوافق بماركوس اعطوني ماركوس "
قبض ماركوس على يده بحنق وهو يقول بصوت عالي :
" ماذا؟! الآن أصبح ماركوس مقبولًا لسيادتك؟! عيني لم تتغير مازالت زرقاء للمعلومة"
نظرت له كارين بفم مزموم وهي تقول :
" لا بأس سأقبل بك وبعينك "
" يا لكرمك يافتاة، أنتِ تخجلينني "
أنهى ماركوس حديثه وهو يتحرك صوب غرفته يقول بحنق :
" سوف اصعد لغرفتي قبل أن اقتلها "
نهض جاكيري من مقعده وقد اكتفي مما يحدث يشير لفبريانو بعينه وهو يقول :
" هيا فابري لنعد "
نهض فبريانو وهو يحمل اشياءه، ثم نظر للجميع نظرة قبل أن يتحرك مع جاكيري للخارج، في نفس الوقت الذي نهض به مايك من مكانه وهو يقول بتعب :
" حسنًا إن كان ذلك العرض قد انتهى سوف ااااا"
لكن وقبل أن يكمل جملته ابصر تلك التي تقف في ركن القصر جوار الباب وهي تنأى بنفسها عن الجميع، شعر بقلبه يتوقف بخوف وهو ينادي باسمها :
" لورا ؟! "
تحرك مايك صوبها بأقدام سريعة صوب الركن الذي تقف به لورا وكأنها منفصلة عن العالم كله حولها، بينما روما فزعت وقد نست للحظات ما جاءوا لأجله هنا، وقد نست لورا كليًا .
كانت لورا تقف في ركن جوار باب المنزل لا تشعر بما حولها كل ما يدور في رأسها أن حياتها الآن تدمرت، الجميع اصبح يتحدث عنها وعن اخلاقها بالسوء، الآن أصبح لدى عائلتها سبب آخر لتوبيخها، شعرت لورا أن رأسها يدور في دوامة واقدامها لا تحملها، ثواني فقط حتى شعرت بجسدها يتهاوى ارضًا وصوت صراخ جوارها ينادي باسمها في لهفة كبيرة، لكنها اكتفت وسلمت نفسها للسواد تتمنى ألا تستيقظ .
_______________________________
تقف في منتصف صالة منزلها وهي تضم شعرها بشكل جعلها تبدو كقطة صغيرة وترتدي ثياب وردية، رغم مقتها لذلك اللون إلا أنها ترتديه أحيان قليلة كي ترى نفسها كما الفتيات، ابتسمت وهي تتحرك مع الموسيقى بحرية في يدها كوب عصير كبير، تشعر بنفسها حرة، ها هي الآن عادت للهدوء الــ.....ولم تكد تكمل كلامها حتى سمعت صوت رنين الجرس الذي جعلها تنتفض بفزع مسقطة الكأس ارضًا .
نظرت راسيل للكأس بحسرة، ثم تحرك صوب باب الشقة الذي كان يُطرق بحدة، صرخت راسيل بجنون وهي تركض بسرعة تمسك العصا التي تضعها دائمًا خلف الباب تتوعد لذلك الطارق الحقير :
" حسنًا أنا قادمة فقط انتظر "
أنهت حديثها وهي تفتح الباب بعنف شديد تشهر عصاها في وجه ذلك الذي يــ....توقفت افكار راسيل وهي تبصر مارسيلو يقف أمام شقتها وهو يبتسم بسمته الثلجية يشير لها بيده مرحبًا، فتحت راسيل فمها بصدمة وهي تقول :
" كيف....كيف عرفت منزلي ؟!"
أشار مارسيلو ببرود للباب الذي يقابل باب راسيل يقول ببسمة :
" نفس الطريقة التي عرفتِ بها أنتِ منزلي "
تحركت عين راسيل كالرصاصة على السيدة مانتيو التي كانت تقف أمام الباب الخاص بها تبتسم بسمة غبية، ثم لوحت بيدها راسيل التي توعدت لها بعينها، ثم نظرت لذلك الذي كان يقف بملل على باب منزلها :
" وماذا تريد يا سيد، ما الذي دفعك للوقوف على باب منزلي بهذا الشكل ؟!"
" ماذا برأيك ؟! أنا لا اتشوق للمجيء هنا، يا فتاة أنا عدت للتو من عمل شاق وبدل من النوم بين احضان فراشي الحبيب ضحيت بكل هذا وأتيت لهنا "
ابتسمت له راسيل تدعي التأثر :
" يا الله كم أنت شخص لطيف "
دفع مارسيلو كتفها بخفة وهو يقتحم منزلها بكل وقاحة يقول بأعين شبه مغمضة :
" هل هذه رائحة باستا ؟!"
رفعت راسيل حاجبها بحنق وهي تقول :
" ما الذي ألقى بك أمام عتبات منزلي ؟!"
" هل اعتبر هذا طردًا لي من منزلك ؟!"
هزت راسيل رأسها بنعم وهي تبتسم له بسمة مستفزة سمجة، لكنه كالعادة يخيب أملها وهو يتحرك صوب الأريكة التي كانت تتواجد في البهو يجلس عليها بكل هدوء وبرود :
" لا بأس أنا لا اتوقع منكِ شيئًا بعدما تخليتِ عني وأنا نائم وتركتيني ورحلتِ، بل وقدمتِ استقالتك، أنا حقًا لا اتوقع منكِ سوى الوقاحة، أنتِ يا فتاة لم ترى يومًا أي احترام، عارٌ عليك "
انتهى مارسيلو من حديثه وهو يتتبع الرائحة التي تكاد تصيبه بالجنون منذ دخل للمكان، يتحرك بكل حرية حتى وصل للمطبخ يفتح الأواني أمامه بحثًا عن مصدر الرائحة وخلفه راسيل تصرخ بملل :
" نعم معك حق اقسم أنني اكثر انسان وقح حقير على وجه هذه الأرض، يا رجل أنا سأتسبب في مشاكل لمكتبك بسبب قلة احترامي؛ لذلك سيد مارسيلو أنا ارفع عنك الحرج وأخبرك أن تطردني ارجوك "
استدار لها مارسيلو وهو يقول :
" نعم أنتِ محقة آنسة راسيل، أنت واجهة سيئة لمكتبي، وإن ابقيتك في العمل عندي، قد يضر هذا باسم مكتبي "
هزت راسيل رأسها بلهفة وهي تبتسم مشيرة لنفسها قائلة بسرعة كبيرة :
" أقسم أن أحدًا لن يخطو لمكتبك، وسوف تكون سُمعته علكة تلوكها الافواه؛ بسبب تعينيك لفتاة مثلي كمساعدة شخصية "
نظر لها مارسيلو ثواني وكأنه يفكر في حديثها بجدية، ثم قال وهو يهز كتفه بعدم اهتمام يتجه صوب اواني الطعام يحمل ملعقة يتناول البعض :
" وكأن اسم مكتبي لامعًا بالفعل، يا فتاة لقد وصلني إخطار منذ يوم تقريبًا يفيد أن مكتبي على وشك أن يتم إغلاقه بسبب عدد القضايا التي رُفعت عليه "
فتحت راسيل فمها بصدمة، ثم تحركت له تراه يتناول طعامها بكل أريحية :
" ماذا ؟! كيف تتحدث عن هكذا أمر بهذه البساطة ؟!"
أجابها مارسيلو بتعجب :
" ماذا هل ابكي وأنا أتحدث عنه ؟؟"
" أنت ألا تمتلك بعض الاحساس؟ هذا تعبك يضيع هباءً بسبب كسلك، يا رجل تحرك وانقذ اسم مكتبك "
ابتلع مارسيلو الطعام بتلذذ وهو يقول :
" أي تعب هذا؟! جدي من افتتح لي المكتب بالقوة، أخبرته أنني لا اريد العمل، لكنه لم يسمح لي بالنوم واجبرني على العمل بذلك المكتب "
وضعت راسيل يدها على رأسها وهي تشعر برغبة عارمة في البكاء على حظها الذي اوقعها مع هذا الرجل الذي لا يتركها تعيش حياتها كما تود، بحق الله لِمَ لا يتركها تعيش حياتها كما كانت ؟!
راقبته يتحرك بطبق ملئ بالطعام صوب الأريكة، اتكأ عليها بكل راحة وهي تشعر أنها تود لو تركض له تدفع بوجه في طبق الطعام الساخن وتنتهي :
" حسنًا ما الذي تريده الآن؟!"
رفع مارسيلو رأسه واخبرها بكل صراحة :
" عودتك للمكتب ومساعدتي لحل كل تلك القضايا، وجورب برتقالي "
أشار بعدها الطبق في يده :
" وطبق باستا كهذا حتى آخذه للمنزل، فأنا أشعر بالجوع سريعًا "
تحدثت بحنق وبسمة ساخرة :
" ألم تقل للتو أنك لا تهتم لسمعة مكتبك؟! لماذا إذن تود مساعدتي في حل أموره ؟!"
" ليس لشيء سوى لأنني لا أحب أن يتحداني أحد، ولا أحب أن يمس أحد اشيائي "
أشار لنفسه وهو يقول بحدّة :
" أنا فقط من يحق له تدمير سمعة مكتبي ولا أحد غيري "
ضحكت لورا قليلًا، ثم مسحت وجهها ببطء تقول بجدية :
" حسنًا لحين انتهاء كل هذا فقط سأعود وبعدها سأرحل ولن تمنعني، أو حتى تعود السيدة مانتيو، اتفقنا ؟!"
انتهت من حديثها وهي تمد يدها له وكأنها بذلك توثق الاتفاق بينهما، بينما هو رمق يدها ثواني ثم امسكها بكل قوة وهو يضغط عليها يقول ببسمة :
" اتفقنا "
صمت قليلًا يراقب نظراتها ليدها التي يحتضنها، تركها ببطء يقول ببسمة صغيرة وهو يشير الطبق بيده :
" هل يوجد المزيد من هذا ؟!"
كانت راسيل ما تزال ترمق يدها، قبل أن تهز رأسها ببطء وتنهض حاملة الطبق من بين يديه تتحرك صوب المطبخ لتصب له بعض الطعام وهي تتنفس بعنف، عندما امسك بيدها شعرت بشعور غريب وضغطه على يدها كان ....
" اششش توقفي عن التفكير في تلك الأمور راسيل، ليس مع هذا ليس معه ابدًا، اياكِ حتى أن تفكري في الأمر مجرد تفكير "
___________________________
كان مارتن يجلس جوار اليخاندرو وهو يقص عليه كل ما يخص تلك الفتاة كارين واليخاندرو يستمع له باهتمام شديد، ثم نظر نظرة صغيرة لكارين التي كانت تجلس على الأريكة وهي تغفو بتعب ثم قال بغموض :
" متأكد مما تقول مارتن ؟!"
" في الحقيقة جدي أنا فقط اشك في الأمر، لكنني سأعمل على الأمر، وحتى ذلك الحين لا اريد لجولي أن تعلم "
نظر له اليخاندرو يتفهم سبب حديثه هذا :
" حسنًا، ومن الأفضل أن تنتهي من هذا سريعًا مارتن، وأنا سوف اساعدك من جهتي فأنا لدي بعض المعلومات التي تخص عائلة ايدن والذي حسب قولك يكون عم جولي "
هز مارتن رأسه ببطء وهو يتحرك بعينه صوب جولي التي كانت صامتة بشكل أثار خوفه منذ دخولها، لم يعتد هدوئها هذا يومًا، لكن جولي كانت فقط تجلس وحدها وهي لا تعير مارتن أي انتباه علّه يشعر أنها غاضبة وبشدة من تحدثه واهتمامه بتلك الفتاة .
لكن مارتن لم يفهم كل هذا ولم يعلم سبب غضبها؛ لذلك تحرك صوبها وهو يقول ببسمة حنونة :
" مرحبًا بنية العــ ..."
ولم يكمل حديثه بسبب أن جولي نهضت من مكانها وهي تتحرك للأعلى دون قول كلمة واحدة مما جعل مارتن يرمق أثرها بصدمة، هل تركته للتو دون أي كلمة ؟!
وما كاد مارتن يتحرك خلفها حتى سمع الجميع صوت صراخ مايك الذي جعلهم ينتفضون من أماكنهم برعب، كان مظهر مايك وهو يصرخ ويركض صوب الباب، حيث أخرج أخرج انطونيو سلاحه سريعًا وكذلك فعل ادم ظنًا أن هناك هجوم أو ما شابه ولم ينتبه أحد لذلك الجسد الصغير المتكوم جوار الباب .
توقف مايك أمام جسد لورا التي سقطت ارضًا وهو يرمقها بخوف شديد لا يعلم ما بها، انحنى بسرعة يرفع رأسها بلطف يضعه على قدمه يناديها باسمها .
رفع مايك رأس لورا يضمها برعب لصدره وهو يصرخ باسمها :
" لورا ...ما بكِ، ما الذي حدث ؟!"
اقتربت روما منهما برعب وهي تقول :
" مايك خذها للأعلى دع هايز تفحصها وانا سأخبرك لاحقًا ما حدث "
فتح مايك فمه للتحدث، لكنه اغلقه مجددًا، ثم وقف وهو يحمل جسد لورا له يضمه بقوة لا يفهم ما حدث ولا ما يحدث، لكن خفقان قلبه الآن بتلك القوة يشعره بالوجع، مظهرها وهي تقف في الركن وحدها كطفل معاقب حطم قلبه لاشلاء، وضعها مايك بلطف على فراشه، ثم نظر خلفه لهايز التي كانت قد أحضرت حقيبتها الطبية وهي تركض له، لم يقف مايك ليراقب ما يحدث، بل جذب روما للخارج تاركًا الجميع مع لورا في الغرفة .
" الآن أخبريني ماذا حدث ؟! هل ازعجتها مولي بالحديث ؟؟"
بللت روما شفتيها وهي تهز رأسها بلا، ثم قالت وهي تتنهد بتعب مما يحدث :
" لقد أخرج أحدهم اشاعات عنكما، اشاعات كثيرة تفيد أن هناك علاقة بينك وبين لورا، واليوم أمام مركزك هاجمها العديد من الصحافة متهمين إياها بقضاء ليلة معك مقابل اللقاء الصحفي "
صمتت روما وهي تراقب ملامح مايك التي كانت لا توحي بشيء، ودون كلمة واحدة تحرك من مكانه يهبط للاسفل تاركًا روما خلفه تشيعه بنظرات متعجبة، بينما هو تحرك صوب مارتن الذي كان ما يزال يرمق الدرج بصدمة بسبب ما حدث منذ ثواني، جذب مايك مارتن من ثيابه وهو يقول بجدية مخيفة :
" تعال معي "
نظر مارتن لثيابه التي يسحبه منها مايك بصدمة وهو يحاول أبعاد يده عنه :
" أنت أيها الاحمق أترك ثيابي، مابك ؟!"
دخل مايك المكتب وهو يترك مارتن، ثم أخرج هاتفه وفتح صفحته الشخصية يبحث بها عن الأخبار التي اخبرته روما أنها انتشرت حتى وقع أسفل يده أحد الاخبار التي أشعلت نيرانه أكثر، رفع مايك الهاتف في وجه مارتن وهو يقول :
" اريد معرفة من نشر تلك المعلومات واريدك أن تمحي أي أثر لها "
امسك مارتن الهاتف من يد مايك بتعجب وهو يرمق الحديث المكتوب عنه وعن تلك الفتاة التي أخذها للأعلى منذ قليل :
" من هذه الفتاة مايك ؟! وهل ما كُتب هنا صحيح ؟!"
" افعل ما قلته مارتن "
فتح مارتن عينه بصدمة من جملة مايك الذي لم يتوقف حتى لشرح شيء، ثم تحرك للخارج بخطوات غاضبة وهو يتوعد لمن روج الإشاعات تلك عنه .
تحرك صوب غرفته ليجد أن هايز ما تزال جالسة جوار لورا هي وجميع الفتيات عدا جولي، تقدم مارتن من الفراش يرمق لورا بحزن، تؤلم قلبه هيئتها تلك، يشعر بالوجع كلما راقب ذلك الألم المرتسم على صفحة وجهها .
" ما بها هايز ؟؟"
نهضت هايز وهي تقول بهدوء مشفقة على تلك الصغيرة :
" هبوط في الدورة الدموية، كما أن ضربات قلبها ضعيفة بعض الشيء "
صمتت ثم قالت بتردد وهي تفرك كفها :
" مايك لا تتركها ارجوك، هي تحتاج مساعدتك، أنت لم ترى كيف كانت تنظر للمصورين اليوم، كانت تبدو تائهة، لم تستطع حتى النطق بكلمة، ولولا وجود روما لم أكن أعلم ماذا كان ليحدث لها "
هز مايك رأسه بحركة لا معنى لها ولم يجب وهو مازال يعلق نظره على لورا، بينما روما أشارت للجميع بالتحرك معها للخارج تاركة مايك يقف وحده في الغرفة رفقة لورا، تحرك ببطء صوبها وهو يجلس على الارض جوار الفراش يستند بظهره على الطاولة الصغيرة التي تجاور الفراش، ثم مدّ يده يمسك يد لورا التي كانت تتدلى من الفراش .
امسك مارتن يدها وهو يضمها بحنان بين كفيه يقول بلطف :
" أنا آسف لورا، لم أعلم أن ذلك سيكون نتيجة ما فعلت، اقسم أنني لم اقصد كل ذلك، أنا فقط أردتك أن...."
صمت ثم قال بحزن على حالتها التي تكررت أكثر من مرة :
" أنا فقط أردت أن أساعد لورا التي تخفينها أسفل ركام خوفك وضعفك، أنا لم اقصد أيًا من هذا جميلتي، لكن لا بأس، سوف اعلم الفاعل وأقسم لكِ أنني سأجعله يندم أشد الندم لأجل كل دمعة فرت من عينك جميلتي "
تبع مايك حديثه بقبلة رقيقة على كفها وهو يهمس لها بلطف :
" لا بأس جميلتي، أنا هنا حتى تملّي جواري، أنا معكِ حتى تملّي رفقتي "
شعر مايك بيد لورا تتحرك بين كفه، رفع عينه لها بلهفة ظنًا أنها استيقظت، لكنه وجد دموعها تهبط وجسدها يرتجف بقوة، نهض مايك من مكانه وهو يتحرك ليجلس على الفراش جوارها يضم كفيها بين يديه يفركهما بلطف، ظنًا أنها تشعر بالبرد، لكن لورا في ذلك الوقت كانت تعاني ما هو أكبر من البرودة، كانت تعاني حربًا مع نفسها، حرب بين لورا القديمة الضعيفة، ولورا الوليدة حديثًا والتي تكافح للخروج .
كانت دموعها تهبط بقوة وهي نائمة مما جعل مايك يتأوه بوجع يقترب منها يضع رأسه جوار رأسها وهو يهمس بأسف وصوت متألم :
" أنا آسف لورا، آسف بالنيابة عن الجميع، آسف حبيبتي "
________________________________
يخرجان من المطار بعد ثلاث ساعات من الطيران تقريبًا، كان جاكيري يحمل حقيبة أعلى ظهره، بينما فبريانو يسير دون حقائب، خرج الاثنان بحثًا عن سيارة توصلهما للمنزل، كان فبريانو ينظر يمينًا يسارًا بحثًا عن أي سيارة تقلهما وجواره جاكيري يحمل هاتفه وهو يحاول الاتصال برفقة التي لم تكن تحسبه، وهذا جعل قلبه يهدر برعب ظنًا أن شيء حدث .
ثواني فقط حتى ارتفع صوت مرحب عالي :
" الاه المترجم بتاعنا هنا، يا مراحب يا مراحب باللي مشرف مصر كلها "
التفتا جاكيري وفبريانو بتعجب صوب الصوت الذي صدح جوارهما ليجدا أن هناك شاب يتحدث بحديث يجهله جاكيري بينما فبريانو يفهمه ويعرف صاحب الحديث، فهو نفسه الرجل الذي أوصله إلى مزرعة قائده عندما جاء لاحضار روبين اول مرة .
ابتسم الشاب وهو يرحب بفبريانو :
" ده سايح تبعك يا باشا ولا ايه ؟؟ "
ابتسم فبريانو بسمة صغيرة ثم نظر لجاكيري وبعدها قال وهو يهز رأسه :
" أيوة ده سايح تبعي "
تحرك الشاب صوب جاكيري وهو يلوح بيده مرحبًا :
" يا welcome ياباشا، يا ميت الف welcome، ده أنت على دماغي من فوق كفاية أنك تبع الباش مترجم حبيبنا "
أشار الشاب لسيارته وهو يقول بترحيب :
" اتفضلوا يا بشوات اتفضلوا، دي مصر نورت "
تحرك فبريانو صوب السيارة وهو يشير لجاكيري الذي كان لا يعلم ما يحدث، تحرك جاكيري صوب السيارة وجلس في الخلف بينما فبريانو جلس جوار السائق الذي تحرك بسيارته وهو ينظر لجاكيري ببسمة وبعدها اقترب من فبريانو يتحدث بهمس وكأن جاكيري سيفهمه :
" لا بس تحسوا انكم فيكم ملامح من بعض والله، شوف سبحان الله يا اخي يخلق من الشبه اربعين "
اعتدل السائق وهو يقول ببسمة :
" ألا الباشا come frome ايه بالضبط ؟!"
اجابه فبريانو ببساطة :
" ايطاليا "
" يا مراحب بالبيتزا والمكرونة النجرسكو، على كده الباشا بيعرف يتكلم انجليزي ويفهمني ولا مش قد كده فيها ؟!"
نظر فبريانو لجاكيري الذي كان ينظر لهما ببلاهة :
" اه بيفهم شوية على قده، أصله تعليم مجاني "
نظر السائق بتعجب لفبريانو :
" ايه ده ؟! هما كمان في إيطاليا عندهم تعليم مجاني وحكومي برضو ؟! وعلى كده التعليم المجاني هناك حلو ولا مش اوي زي هنا؟!"
صمت فبريانو ولم يجيب الرجل بعدما مل الأمر، ليتحدث الرجل وهو يقول بود :
" صحيح ايه الاخبار في لانشون ؟؟ ابن عمي بيقولي الجو ساقعة هنا اوي "
رفع فبريانو حاجبه وهو يقول :
" لانشون ؟!"
" أيوة مش أنت من مقاطعة لانشون، نفس المقاطعة اللي ابن عمي متجوز فيها دي، بيقولك بقى الجو هناك مش طبيعي "
ابتسم له فبريانو بسمة باردة وهو يقول :
" لاتسيو ؟! "
" نعم ؟!"
" المقاطعة اسمها لاتسيو مش لانشون "
" اه اه صح هي دي "
صمت فبريانو وهو ينظر من النافذة جواره يتنهد بتعب يشعر بجسده يطالبه بالراحة، لكن هو قرر أن يذهب اولًا لروبين وبعدها يمكنه الراحة وليس قبل أن يراها ويمتع عينه برؤيتها، دقائق قليلة مرت قبل أن تتوقف السيارة في حديقة منزل جاكيري الذي لم ينتظر أن يتحدث فبريانو وهو يتحرك بسرعة صوب الداخل يلوح بيده له :
" وداعًا يا عزيزي "
كان جاكيري يركض في الحديقة وهو ينادي باسم رفقة التي كانت بالفعل قد رأته من نافذة غرفتها التي كانت ملجأ لها طوال غيابه، دخل جاكيري للمنزل بسرعة في نفس الوقت الذي لمح به رفقة تركض على الدرج صوبه وفي المنتصف كان الملتقى .
التقط جاكيري رفقة بقوة في أحضانه وهو يدور بها بحب، فترة قصيرة لكنه مات شوقًا لها، كانت رفقة تضم نفسها له بقوة لدرجة أن قدمها لم تعد تطأ الأرض.
" اشتقت لك جاكيري، اشتقت لك كثيرًا "
ابتسم جاكيري وهو يضمها أكثر :
" وأنا كدت أموت شوقًا لرؤياكِ جميلتي "
ابتعدت رفقة عنه قليلًا تبتسم له وهي تمد يدها تنزع القبعة الصوفية التي كانت تخفي شعرها خلفها :
" وصغارك أيضًا اشتاقوا لك "
فتح جاكيري عينه باتساع ينظر لشعرها الذي أعادته كما كان، ارتسمت بسمة كبيرة على فمه جعلت ضحكة رفقة تعلو أكثر وهي تضم رأسه بحنان مقبلة وجنته :
" يا الله جاكيري هل كان الأمر يعني لك الكثير فعلًا ؟!"
ابتسم جاكيري وهو يضعها ارضًا، ثم أمسك خصلات شعرها بين أصابعه بحنين وكأنه يلتقي حبيبًا بعد سنوات فراق اشبعته وجعًا :
" يعني لي اكثر مما تتخيلين رفكة، كان ذلك اول ما لمحته من رفكة، لكنني في الحقيقة أود اخفاءه الآن لأن هناك أمر احتاج فيه لاسكندر وليس رفكة "
ضيقت رفقة عينها بعدم فهم ليقترب هو منها هامسًا في أذنها بحماس :
" سوف نخرج للاستمتاع كرجال يا صديقي "
ضحكت رفقة بصوت عالي وهي تقول غامزة :
" هل سنرافق نساء ؟!"
ابتسم جاكيري بسمة خبيثة وهو يقترب منها هامسًا :
" بل سنطلق العنان لجنونا وسنودع مصر، تلك ستكون آخر مرة نخرج بها هنا قبل أن نعود لإيطاليا صاحبة الشعر المجعد "
_________________________________
كانت تجلس في غرفتها وهي تمشط خصلات شعرها الحمراء أمام المرآة تبتسم لنفسها، قبل أن تستمع فجأة لطرق الباب الذي أخرجها من شرودها، تحركت روز ببطء صوب الباب تتوقف خلفه وهي ترى جايك يقف أمام الباب الخاص بها وهو يحمل دفتره يقول ببسمة صغيرة :
" تريدين رؤية آخر ما رسمت ؟!"
فتحت روز الباب أكثر وهي تبتسم بتعجب ترمق الدفتر في يده، ليعتبر هو تلك موافقة منها يرفع الدفتر في وجهها وهو يفتحه لترى أول رسمة به والتي كانت فيها فتاة بشعر احمر ترتدي فستانًا طويلًا، ثم قلب جايك الصفحة لتظهر صورة شاب يرتدي بذلة ويبتسم بسعادة وهو يحمل باقة ورود حمراء، وبعدها رسمة أخيرة لهما في مكان فارغ والاثنان يتعانقان أو يتراقصان .
رفعت روز عينها لجايك وهي تبتسم بتعجب ليقول هو ببسمة عاشقة :
" توافقين ؟! "
نظرت له روز ببلاهة وهي لا تفهم قصده، هل هذه دعوة منه لأنه يريد الخروج معها ؟! رفع جايك الدفتر مجددًا والذي أظهر الشاب يقف أمام سيارة يراقب الفتاة تهبط درج منزل كبير يشبه القصر وهو يقول بهدوء وصوت أجش :
" بعد ساعة من الآن سأكون في انتظارك زهرتي "
وبمجرد انتهاء تلك الكلمة اقترب منها جايك، ثم منحها قبلة رقيقة على وجنتها، وبعدها همس بحب في أذنها :
" سأنتظرك "
ابتعد جايك من أمام روز واختفى وكأنه لم يكن، بينما روز بقيت تنظر أمامها بصدمة لدقائق حتى أنها لم تنتبه لهايز التي كانت تتحدث معها، أفاقت روز من شرودها على هزة يد وصوت هايز يصدح بحنق :
" ما بكِ روز ؟! "
همست روز بتيه :
" لقد ...لقد طلب مني جايك الخروج في موعد "
نظرت لها هايز ثواني دون ردة فعل، قبل أن تركض بعيدًا عن روز بشكل مثير للفزع، لم تهتم بأنها كادت تسقط لولا آدم الذي امسكها وهو يقول بحدّة :
" ما بكِ هايز كدتِ تسقطين، انتبهي لنفسك و .."
لكن هايز لم تقف وتستمع له مما جعل عين ادم تكاد تخرج من محجرها وهو يراقب ركضها بعيدًا صوب غرفة جولي التي اقتحمتها بقوة وهي تقول وبسمة متسعة ترتسم على فمها :
" جايك طلب الخروج في موعد "
انتفضت جولي من فراشها بعدما كانت معتصمة في غرفتها رافضة التحدث مع مارتن، ومعها روما وفيور وكذلك كانت هايز معهم قبل أن تقرر الذهاب وإحضار روز تشاركهن الجلسة، تحركت جولي صوب هايز تقول بشر :
" يا ويلتي هل طلب منكِ جايك الخروج في موعد ؟!"
فتحت هايز فمها يبلاهة وهي تقول :
" لا بل من ر....."
ولم تعطها جولي فرصة للتحدث وهي تغلق أذنها تقول بصدمة :
" أخبريني أنك أخطأتِ بين اسم ادم وجايك"
تحدثت هايز بصدمة من حديثها وهي تقول :
" ماذا ؟! لا بــ ...."
" وتؤكدين حديثي ايضًا؟؟ يا خيبة أملك يا آدم أنت وروز "
صمتت ثم قالت بنبرة توشك على البكاء تضع يدها على وجهها :
" أنا لا أصدق نفسي، الصغير آدم سيموت كمدًا، وروز لن تتحمل الأمر"
فجأة فتحت جولي عينها بصدمة وهي تقول :
" ذلك العناق في المطبخ لم يكن مجرد خطأ أو صدفة كما أخبرتيني ؟؟ ذلك المسكين آدم كُتب عليه العذاب "
وبمجرد انتهاء كلمة جولي شعرت فجأة بشيء صلب يصطدم برأسها وصوت روما يصدح بغضب في الغرفة :
" أقسم أن مارتن هو من كُتب عليه العذاب "
استدارت جولي لروما وهي تصيح بحنق :
" بدلًا من توبيخها هي تستمرين في توبيخي أنا ما بكِ، هي الخائنة "
صاحت هايز بغيظ :
" أنا لست خائنة أيتها الحمقاء، أنا كنت أقصد أن جايك طلب الخروج في موعد مع روز، والآن هو ينتظرها، وأنا لا أعلم ما أفعله لذلك أتيت لهنا أطلب مساعدتكن يا غبية "
ابتسمت جولي وهي تضم هايز :
" أنا أعلم فقط كنت امزح معك "
ضربت هايز كتف جولي بحنق لتتعالى ضحكات جولي بصخب في نفس الوقت الذي كان فيه مارتن يقف على الباب يكاد يطرقه، رفع مارتن حاجبه وهو يراها تضحك وتتحدث بحرية، لماذا إذن تتعامل معه بجمود ؟!
انتبهت جولي لوقوف مارتن على باب غرفتها وهو يحمل في يده حقيبة سوداء كبير، نظرت له جولي بحاجب مرفوع جعله يبتسم لها بسمة مستفزة .
نظرت روما للفتيات وهي تشير لهن بالخروج وترك الاثنين سويًا دون وجود أحد، وبمجرد خروج آخر واحدة منهن التفت مارتن وهو يقول بحاجب مرفوع يضم يديه لصدره بعدما القى الحقيبة التي كان يحملها على الأريكة جواره :
" ما بها السيدة جولي المدمرة ؟! "
لوت جولي شفتيها دون أن تجيبه، ثم تحركت ببطء صوب الأريكة التي وضع عليها الحقيبة تنظر لها بطرف عينها تدعي عدم اهتمامها بها، بينما مارتن يقف ومازالت يد مستقرة عند صدره يراقب نظراتها الفضولية على الحقيبة .
" هل هذا استقبالك لي جولي ؟! ألم تشتاقي لي ؟؟"
رفعت جولي عينها له بشر وهي تنهض فجأة منتفضة حتى تصرخ به، لكن ما كادت تقف على قدمها حتى شعرت بشيء يعرقلها ارضًا وجسدها يتهاوى ارضًا، أغمضت عينها بسرعة متأكدة أن مارتن سيسرع ويمسك بها قبل أن تمس الأرض، لكن ملمس الأرض الصلبة أسفل وجهها بعدما اصطدمت بها جعل كل خيالاتها تتطاير عاليًا كبخار ثم تختفي فجأة، أغمضت جولي عينها بغضب وهي ترفع رأسها ببطء تنظر لمارتن مترقبة أي رد منه، أن يخبرها أنه لم يلحق بها، لكن الهدوء كان رده .
" مارتن عزيزي ألم ترى ما حدث منذ ثواني ؟!"
" نعم رأيت، لقد سقطتِ ارضًا "
نهضت جولي ببطء من الأرض وهي تقول :
" نعم صحيح سقطت، لماذا لم تساعدني ؟؟ لم تركض لي وتمسكني قبل السقوط، كل ما فعلته هو مشاهدة وجهي يلتصق بالارضية هكذا دون ردة فعل "
" أنتِ لم تخبريني أن أمسك بكِ "
فتحت جولي عينها وهي تصرخ في وجهه :
" يا بني هذه الأمور لا تُقال بل تكون هكذا دون شعور، كردة فعل طبيعية من جسدك تجاه الفتاة التي تحبها، تتقدم منها سريعًا وتنقذها "
ابتسم مارتن وهو يقول :
" هل كان هذا ليجعلك سعيدة وراضية عني ؟!"
ابتسم جولي بسخرية، ثم هزت رأسها بنعم، لكن ما لم تحسب له حسابًا هو أن مارتن مدّ قدمه فجأة ليعرقل قدمها حتى يسقطها ويمسك بجسدها قبل الاصطدام، لكن يبدو أن حساباته لم تكن دقيقة بالقدر الكافي، فلم يلحق بها هذه المرة أيضًا وسقطت جولي ارضًا وارتفع صراخها في المكان .
فتح مارتن عينه بصدمة وهو يراقب جسدها الذي التصق بالأرض مجددّا وهي تضرب الأرضية أسفل يدها بعنف وغضب شديد، بينما هو حك ذقنه يفكر أين الخطأ ؟! هل كان في التوقيت ؟!
انحنى مارتن مجددًا يساعد جولي على نهوض وهو يقول بلطف :
" آسف حبيبتي، لنعد الكرة "
فتحت جولي عينها بصدمة من حديثه وهي تتجهز للصراخ تفتح فمها لتسمعه سيل من السباب، قبل أن يباغتها مارتن للمرة الثانية وهو يعرقل قدمها ويسقطها مجددًا، ارتفعت صرخات جولي بجنون وهي ترى الأرض تقترب من وجهها للمرة الثالثة خلال دقيقة، لكن وقبل أن تمس الأرض كان مارتن يمسك بيدها جاذبًا إياها له بسرعة وهو يضمها بقوة، تمسكت به جولي وهي تتنفس بعنف شديد ورعب ومازال قلبها ينبض بقوة بعدما كانت تتحضر لاصطدام جديد، فتحت عينها ببطء وهي تنظر في عين مارتن الذي كان يبتسم لها بسمة ساحرة وهو يقول :
" سعيدة الآن؟؟"
هزت جولي رأسها وهي تبتعد عنه ببطء تهز جسدها في حركات راقصة مضحكة :
" بل أنا أكثر من سعيدة حبيبي، انظر إلىّ ارقص من السعادة "
ضحك مارتن بصخب على ما تفعله قبل أن يتحرك لها يقيد جسدها بين ذراعيه يضمها لصدره بحنان شديد هامسًا بلطف :
" ما بال بنية العينين غاضبة مني؟! "
نظرت له جولي بحنق وهي تقول تدعي غضبًا تلاشى بمجرد همسه لها بهذا الشكل :
" لا تدعي الجهل مارتن، أنت تعلم ما فعلت، تلك الفتاة في الاسفل كنت تتحدث معها بكل بساطة وكأنك تعرفها منذ ايام، ثم ما الذي جعلكم تحضرونها هنا ؟! "
نظر لها مارتن ثواني نظرات غامضة قبل أن يقول :
" لقد كانت في القصر وقت الهجوم واحضرناها هنا لربما نستفيد منها بأي معلومة، ثم جولي هل تغارين من مراهقة صغيرة ؟؟"
" لا لا مارتن، لن تصمتني بأمر عمرها، الفتاة دخلت لهذا القصر لتبحث عن زوج وأقسم إن كانت حادت بنظرها صوبك ولو بالخطأ لكنت الآن تقف أعلى قبرها ترثيها وترثي عمرها الذي ضاع "
صمتت جولي ثم قالت بشر :
" أقسم لك مارتن إن اقتربت من تلك الفتاة مرة أخرى أو وجهت لها حديث سوف ادخل مخزن للأسلحة هنا و أخذ منه قنبلة واضعها في غرفتها وبعدها ستجدني أخرج في بث مباشر من المخزن نفسه وأخبر الجميع عنكم"
فتح مارتن عينه بصدمة من حديثها الذي جعله يخشى منها للحظات :
" جولي هل جننتِ ؟! "
" نعم، ولا تجعلني اريك جولي المدمرة التي لم يرها أحد سوى النكرة انطونيو"
جاء صوت من الخلف وكأنه كان ينتظر أن يُذكر اسمه :
" بخصوص النكرة انطونيو، هناك حساب لتصفيته "
أنها انطونيو تلك الكلمات بعدما جاء للغرفة هنا وعينه تشتعل بالغضب يحمل سلاحه وبمجرد انتهاء حديثه، حتى رفع سلاحه وهو يجهزه للاطلاق يقول ببسمة مخيفة :
" هيا أيتها المدمرة دعينا نلتقي في ساحة الحرب مجددًا لكن هذه المرة في الواقع"
فتحت جولي عينها برعب وهي ترمق سلاح انطونيو الذي كان يتحرك أمام عينها قبل أن تجد جسد مارتن يمنع الرؤية بعدما وقف أمامها، تمسكت به جولي بخوف وهي تنظر لانطونيو من خلف ظهره تهمس :
" اقتل هذا النكرة مارتن وسوف انسى ما فعلته في الصباح "
استدار لها مارتن يرمقها بشر :
" وهل تظنين أنني قد أحيا بعد هذه اللحظة لانتظر مغفرتك ؟! "
عاد مارتن بنظره لانطونيو وهو يحاول أن يبتسم ليهدأ غضب انطونيو الواضح على وجهه :
" ما بك يا اخي ماذا حدث الآن؟! جولي لم تتحرك من غرفتها منذ عدنا، إن كان حدث أي شيء فهي ليست الفاعل هذه المرة اقسم "
ابتسم انطونيو بسمة ساخرة، ثم رفع هاتفه أمام وجه مارتن يريه ما جعله يغضب، اقترب مارتن بوجهه من الهاتف ليجد صورة لأحد المنشورات التي تتحدث بها جولي عن الاسلحة ثم قامت بالاشارة لانطونيو، نظر مارتن خلفه لجولي وهو يهمس لها :
" إن عشنا بعد اليوم سوف اريكِ الويل جولي "
ابتلعت جولي ريقها وهي تقول بخوف :
" ألم تخبرني أنك أغلقت جميع الصفحات الخاصة بي، كيف حصل على تلك الصورة ؟! "
عض مارتن شفتيه وهو ينظر لانطونيو يحاول الابتسام :
" يا اخي كانت جولي تمزح فقط، ثم لا تقلق أنا أغلقت لها جميع الصفحات "
صمت ثم قال بتساؤل :
" من أين أحضرت تلك الصورة ؟!"
ابتسم انطونيو وهو يخرج من الصورة يريه محادثة بينه وبين رجل هو من أرسل له تلك الصورة يخبره أنه يود شراء سلاح، فتح مارتن عينه بصدمة وهو يهمس لجولي :
" حسنًا جولي لا حل آخر، مع ثلاثة تركضين للخارج "
نظر مارتن لانطونيو وهو يقول بهدوء :
" واحد ...اثنان ....ثلاثة "
ومع ثلاثة كانت جولي تطلق ساقيها وتركض خارج الغرفة بجنون، لكن لم تكد حتى تخطو خارجها، حتى شعرت بشيء يجذبها للخلف مجددًا وصوت انطونيو يصدح بشكل مخيف :
" ليس بهذه السهولة أيتها المدمرة، المعركة لم تبدأ بعد "
نظرت جولي لمارتن ثواني قبل أن تقول بحنق :
" أرأيت ما فعلت بنا يا مارتن ؟! "
أشار مارتن لنفسه باستنكار لتكمل جولي وهي تقف جواره هامسة بغيظ :
" لو لم تتأخر آخر مرة في حذف الحساب الخاص بي، لما رآه ذلك الرجل الاحمق وما راسل انطونيو، ولم يكن انطونيو ليعلم شيء "
عض مارتن شفتيه بحنق ثم صرخ :
" اصمتي...فقط اصمتي "
نظر مارتن لانطونيو وقال بغيظ :
" حسنًا انطونيو ارسل لي حساب ذلك الرجل وسوف اغلقه وامسح ما يخص الأمر من هاتفه"
ابتسم انطونيو ورفع سلاحه وكاد يجيب لولا دخول روما وهي تسحبه من الغرفة بسرعة تقول بجدية :
" انطونيو تعال بسرعة احتاجك في شيء خطير "
نظر لها انطونيو بحنق وهو يتبعها مستجيبًا لجذبها :
" ألا ترين أنني الآن مشغول روما "
" الامر مهم انطونيو، بل خطير "
تابعت جولي خروج انطونيو وهي تتنفس براحة تقول ببسمة واسعة :
" كان هذا وشيكًا "
استدارت وهي تنظر لمارتن تقول بسعادة :
" انظر كان الأمر بسيطًا و...."
توقفت جولي عن الحديث وهي ترى مارتن المخيفة؛ لذلك صمتت وهي تنظر حولها بخوف وبعدها تحركت بكل هدوء تجلس على الأريكة وهي تضع يديها بين قدمها، ومارتن يقف وهو يرمقها بشر مخيف، وهي تبتلع ريقها تنظر له من طرف عينيها كل ثانية تقول :
" آسفة لن اكرر الأمر مارتن "
تحرك مارتن صوبها وألقى بجسده على الأريكة جوارها وهو يقول بتعب يدعوها لتسكن أحضانه لتفعل جولي بسرعة وهي تضم نفسها له وتسمعه يردد بصوت هامس متعب :
" لا بأس بنية العينين، في هذه الحياة قُدر لكل شخص أن يقابل مصائب ومشاكل كثيرة، وأنا قُدر لي أن تتجمع جميع مصاعب حياتي ومشاكلها في شخص واحد يُسمى جولي "
_____________________
كانت تتسطح على فراشها وهي تحمل هاتفها تتابع ما يحدث بأعين راضية، لكم تسعدها تلك الكلمات التي يهزي بها الجميع بعدما كانت هي أول من نشرتها، ابتسمت وهي تتمنى لو ترى وجه لورا في تلك اللحظة، لكن لا بأس يكفي أن تنتقم لما فعلته، حتى أنها تشعر الآن أنها تود فعل المزيد.
شردت ماليكا وهي تفكر هل ترسل تلك الصور التي عانقت بها لورا مايك ذلك اليوم في المجلة لوالدها، هي تعلم أن أصول والدها الشرقية الغريبة قد تدفعه لمعاقبة ابنته على مثل تلك الصور، لكن يا ترى كيف ستحصل على رقم والد لورا ؟!
أفاقت من شرودها على صوت رنين هاتفها والذي كان يقبع بين أصابعها لتجد أن المتصل بها كان موسى، ضيقت ماليكا حاجبيها بتعجب وهي تجيب على الهاتف :
" مرحبًا موسى "
" مرحبًا أيتها القذرة، افتحي الحساب الرسمي لمافو، هناك ما يخصه "
ودون أي مقدمات اغلق موسى الهاتف في وجه ماليكا التي فتحت عينها بتهكم من فعلته تلك، لكنها توعدت له في نفسها حينما تذهب للمجلة في اليوم التالي، ودون تردد بحثت عن الصفحة الرسمية لمافو بين الصفحات التي تتابعها، ثم حركت أصابعها على الشاشة وهي تبحث عن ذلك الشيء الذي يخصها كما قال موسى، قبل أن تتوقف أصابعها فجأة وهي تجد بث مباشر لا يظهر من مافو سوى فمه وذقنه وباقي جسده، دون اظهار ملامح وجهه، راقبت ماليكا ما يحدث باهتمام شديد .
وعلى الجانب الآخر كان مايك يجلس في الحديقة الخاصة بمنزله وهو يضع الهاتف أمامه يخفي ملامحه، ثم بدأ يتحدث بهدوء :
" بالطبع شاهدتم جميعكم الاخبار التي انتشرت عني في الفترة الأخيرة مع الصحافية لورا، ورأيت ما قيل في حقي وحقها، وكل ذلك لأجل ماذا؟! لأجل لقاء صحفي هل تتخيلون الأمر ؟!"
ضحك مايك وهو يقول بسخرية لاذعة :
" أنا الآن أتخيل ردة فعلكم أن خرجت معها في أحد المطاعم "
صمت مايك قليلًا ثم قال بهدوء شديد :
" لكن لا بأس، في الحقيقة أنا لا اهتم لأحد أو لحديث أحد، لكنني لا اغفر من يخطأ في حقي "
وفورًا ظهرت صورة تعلو شاشات الجميع جوار صورة مايك وهو يقول :
" تلك الصورة التي ظهرت لكم هي صورة إحدى الصحافيات بنفس المحلة التي تعمل بها الآنسة لورا، كانت قد حاولت سابقًا عمل سبق صحفي معي وفشلت، وهي نفسها من روجت لتلك الإشاعة بنفسها بسبب حقدها لنجاح لورا فيما فشلت هي فيه، لكن كما قلت سابقًا أنا لا اغفر من يخطأ في حقي "
صمت ثم قال ببسمة وهو ينظر بخبث للشاشة :
" سيدة ماليكا إن كنتِ الآن تسمعين حديثي هذا فعليكِ العلم أن أيامك في الصحافة قد ولت، وحري بكِ البحث عن عمل آخر يقبل بكِ، والآن شكرًا لكم جميعًا "
وبمجرد انتهاء كلامه اغلق مايك الكاميرا وهو يلقي الهاتف على الطاولة، يشرد بعيدًا في ردة فعل لورا حينما استيقظت، لم تتحدث بكلمة أو تقل شيئًا، بل نهضت وحملت حقيبتها ورحلت دون أي مقدمات، اغمض عينه بوجع يدرك جيدًا مقدار معاناتها، لكن صبرًا هو سيعيد كل شيء لنصابه الحقيقي .
وخلف الشاشة كانت ماليكا تشعر بالرعب وقلبها ينخفق بقوة قبل أن تسمع صوت اشعارات كثيرة تصل لها عبر هاتفها ولم تحتج النظر ومعرفة محتواها .....
___________________
في منزل لورا كانت تقف في غرفتها بعد انتهاء مناقشة حادة مع والدتها، لم تبالغ فيها بردة فعلها حتى لا تتراجع لورا عن قرار حضور زفاف ابن خالتها في اليوم التالي، تحركت لورا صوب نافذتها تقف فيها وهي تترك للهواء حرية تحريك خصالاتها، وهناك بسمة غريبة تزين وجهها تنظر للسماء فوقها تتذكر همسة من صوته قبل أن تفيق مباشرة ( أما آن لشعلتك أن تنير درب حياتك أيتها العربية؟! أما آن لبركانك أن يثور )
نظرت لورا نظرة سريعة صوب الفستان الذي يتوسط فراشها وهي تتذكر ما ستواجهه في الغد ثم عادت بنظرها للسماء وهي تقول :
" آن الأوان ...."
_______________________________
هبط من سيارته أمام المنزل وهو ينظر له ببسمة واسعة، قبل أن يتحرك بسرعة، يقف أمام بابه الداخلي يفكر هل يطرق الباب أم يصعد مباشرة لروبين ؟! الوقت الآن تأخر ربما هي الآن نائمة؛ لذلك قرر فبريانو أن يتسلق الشجرة أمام نافذة روبين ويصعد هو لها حتى لا يحدث ضجة في المنزل .
وبالفعل قفز فبريانو على الشجرة وأخذ يتسلقها كما لو كان يتسلق أحد الأسوار التي تحيط القصور التي يقتحمها رفقة عائلته، وبينما هو يصعد كان هناك صوت موسيقى يقترب منه أكثر وأكثر حتى اصبح الصوت أكثر وضوحًا بمجرد استقراره أمام نافذة روبين، اتسعت عين فبريانو بصدمة كبيرة وهو يراقب ما يحدث في الغرفة .
كانت جاسي تجلس على الفراش وهي تراقب روبين بأعين منبهرة كطفل يشاهد الحلوى المرة الأولى، بعدما أصرت على روبين أن تعلمها ذلك الرقص الاستعراضي الذي شاهدته للتو في أحد الأفلام الهندية مع لولو، وها هي روبين ترتدي فستان قصير بعض الشيء لها وهي تحرك خصرها وتتمايل بكل مرونة ودلال سلب لب ذلك الذي كان يراقبها بأعين متسعة .
كان فبريانو ما يحدث بصدمة كبيرة وهو لا يصدق أن تلك التي تتمايل أمامه بهذه الطريقة هي نفسها روبين، ارنبه الوردي الصغير البرئ، ابتلع ريقه وهو ينظر للاسفل، ثم أمسك في الشجرة يهبط بسرعة لا يود أن يكمل ذلك العرض الذي جعله يود أن يدخل ويلقي بجاسي من النافذة وبعدها يجلس هو مكانها يراقبها باستمتاع، نعم هو شاهدها ترقص سابقًا لكن جميع رقصاتها السابقة كانت باليه أو غيرها من الرقصات العادية لكن تلك كانت .......
توقف فبريانو عن التفكير وهو يجد نفسه يقف أمام باب منزل لولو؛ لذلك مد يده دون ادوضع اعتبار الوقت أو أي شيء، طرق فبريانو الباب بقوة وهو