رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل التاسع عشر 19 بقلم رحمة نبيل


  رواية احفاد اليخاندرو (ابواب الجحيم التسعة) الفصل التاسع عشر  بقلم رحمة نبيل

كانت صرخات رفقة تعلو في السيارة و قد بح صوتها لكثرة الصرخات التي أطلقتها منذ صعدت للسيارة جوار ذلك المختل، الذي يقود بشكل مثير للرعب، يجعلك تشعر أنك على متن السيارة التي ستقلك للآخرة ...


" توقف ....توقف يخربيت ابوك توقف ...جاتك مصيبة أنت واخوك اللي بيسبلك عربياته تركبها "


كانت تصرخ دون وعي أنها تتحدث بصوت انثوي، بيننا يدها تضرب في المقعد الخاص به على أمل أن يستمع لها ويتوقف .


بينما جاكيري كان يقود وهو يرمقها بتعجب شديد لصراخها وحركاتها الغبية تلك، يفكر فيما أصابها حتى تصرخ بهذا الشكل الغريب :


" ما بك يا رجل؟؟؟ هل جننت ؟؟؟"


" جننت ؟؟؟ هو أنت لسه شوفت جنان ؟؟؟ نزلني الله يحرقك ده احنا هنسبق عم توفيق على الآخرة "


أنهت حديثها وهي تصرخ في وجهه بشكل جعله يكرمش ملامحه بعدم فهم، لكنه رغم ذلك لم يتوقف بل استمر في القيادة، حتى سمع صوت رنين هاتفه، فتح المكالمة ثم مكبر الصوت يحدث المساعدة الشخصية التي كلفها بالبحث عن عنوان العم توفيق ...


كانت رفقة تشعر أنها ستتقيأ بسبب حركة السيارة الغير منتظمة، لكن كل ذلك تلاشى وهي تسمع صوت أنثوي حرك مشاعرها وهي الانثى فما بالها بذلك المجنون الذي يحتل المقعد المجاور لها !؟؟


التفتت رفقة سريعًا لجاكيري لتجده يتحدث بجدية وهو يحاول معرفة العنوان :


" متأكدة من ذلك العنوان ؟؟؟؟"


" نعم يا سيدي أنا متأكدة ... ألا تثق بي أم ماذا ؟"


ابتسم جاكيري بسمة واسعة خبيثة و هو يزيد من سرعة السيارة أكثر حتى يصل باسرع وقت لتوفيق الذي ربما يكون قد سلم روحت منذ وقت طويل ....


أغمضت رفقة عينها برعب وهي تتنفس بسرعة كبيرة تحاول تهدئة نفسها بسبب ذلك الهلع الذي تملكها بمجرد زيادة سرعة السيارة أكثر حتى شعرت أنها لا تسير على الأرض أسفلها بل تطير في الهواء ...


" نعم ...ذلك الفستان الازرق الذي رأيتك به اول يوم في العمل ...كنتِ جميلة فيه، تعالي به غدًا "


كان جاكيري يتحدث ببسمة خبيثة أثناء قيادته المجنونة غير مهتم بتلك التي تكاد تسلم روحها جواره، فجأة شعر بضربة عنيفة على يده وصوت صراخ يكاد يضم أذنيه :


" توقف ...توقف سأتقيأ ... اقف لاحسن ابهدلك عربية اخوك دي واخليها متنفعش لحاجة تاني "


رقمها جاكيري بعدم فهم ليسمع صوت المساعدة الشخصية يصله مجددًا وهي تقول بتعجب لذلك الصوت جواره :


" عفواً يا سيدي هل اقاطعك عن شيء ؟؟؟"


" سكت الحيزبونة دي لاحسن بكرة استناها على باب الشركة واجبها من شعرها "


توقف جاكيري بالسيارة فجأة مما جعل جسده رفقة يرتد بقوة :


" هموت يا ما ...اول واخر مرة اركب معاك عربية يا متخلف انت "


أنهت حديثها وهي تفتح الباب لتسقط على ركبتيها تتنفس بعنف تحاول منع ذلك الشعور الذي يحثها على إفراغ كل ما بمعدتها ...


توقف جاكيري جوارها وهو يشرف عليها متحدثًا بتعجب لحالتها تلك :


" يا فتى أنت حقًا غبي ....هيا انهض لنرى ما حدث لتوفيق "


أنهى حديثه ثم تحرك صوب ذلك المنزل الصغير الذي يتوسط حديقة متواضعة تحتوي على عدد قليل من الأشجار، تاركًا إياها تتنفس بعنف شديد وهي تغمض عينها بتعب :


" ربنا يسامح اللي اتطس في نظره وعطاك رخصة "


أنهت حديثها وهي تتمالك نفسها ناهضة ثم تحركت خلفه بخطوات غير متزنة كما لو أنها ستسقط ارضًا ...


_________________________


توقف بالسيارة أمام المبنى الخاص بالمسابقة وهو يتحرك للداخل ينتوي الشر لروما ومن معها ...تحرك في ممرات عديدة يقابل الكثير من الأشخاص الذين يتجهزون للمسابقة...


حاول انطونيو تمالك نفسه حتى لا يذهب ويحرق روما حية الأن ..أخرج هاتفه يحدث سيرينا ليستعلم منها عن مكانهم بالتحديد ..


وصل انطونيو حيث الجميع وهو ينظر حوله لذلك العدد من الفرق الذين تجمعوا في غرفة الانتظار .


رفع عينه يبحث عن روما، حتى وقع نظره عليها بنفس تلك الزينة المقززة التي كانت تضعها سابقًا، شعر بالغضب يزداد داخله، لكنه رغم ذلك تحرك صوبهم وهو يتمالك نفسه ..


" حسنًا كل شيء واضح ؟؟؟؟"


أنهى أحد شباب الفرقة الخاصة بروما حديثه ليسمع صوت الباقيين المتحمس وهم يجيبونه بصوت عالٍ نسبيًا حماسي :


" واضح "


ابتسم الشاب وهو ينظر في وجوه الجميع بفخر، ليس وكأنهم مجموعة من العلماء على وشك دخول مسابقة علمية كبيرة، بل هم مجموعة من المطربين الفاشلين ...


صدم الجميع بذلك الجسد الطويل الذي أشرف عليهم، ليشعروا فجأة بالخطر وهم يرون نظراته المخيفة التي وجّهها لهم ...


قفز قلب روما برعب داخل صدرها، تشعر بعدم انتظام ضرباته و هي تراه يتقدم منهم بهيبته المعتادة وقد بدل بذلته بثياب رياضية أصابتها في مقتل، ابتلعت ريقها وهي تنظر للجيتار في يدها محاولة تجاهل وجوده تمامًا، لولا شعورها بظل يشرف عليها من الاعلى ...


رفعت عينها ترمقه بتساؤل ليشير انطونيو بعينه عليها، لكنها لم تفهم ما يريد :


" ماذا تريد ؟؟؟"


" تلك القذارة ...انزعيها عن وجههك "


نظرت له روما بغيظ شديد وهي تحاول فتح فمها للاعتراض :


" اقسم روما إن اعترضتي سوف احملك الآن وأخرج بكِ من هذا المكان الذي يثير غضبي وانسي أمر الغناء للابد "


ابتلعت روما ريقها وهي تلمح غضبه، لذا تحدثت بقلة حيلة :


" لكن هذا هو أسلوب الفرقة كلها ولا أستطيع أن اغيره والآن "


" لا يهمني ذلك، أنتِ لستِ مثل هؤلاء الحثالة؛ لذا اذهبي الآن وأمسحي كل ذلك عن وجهك "


نظرت روما ارضًا ولا تعلم كيف، لكنها لا تستطيع جداله، ربما لأنها نفسها غير مقتنعة بتلك الزينة المخيفة، لكنها لم تود أن تخبر الجميع بذلك حتى لا يسخروا منها ...


" سوف يسخرون مني ..."


" سأقتلهم إن فعلوا ..."


وكان رده أكثر من كافٍ لها وهي تتحرك دون كلمة واحدة صوب اول مرحاض قابلها عازمة على إزالة كل تلك الألوان السوداء المخيفة والتي تخفي خلفها ملامحها الجميلة البريئة ...


بينما انطونيو مسح وجهه بضيق ثم ألقى نظرة مخيف صوب باقي فرقة تلك الغبية، وبعدها أخرج هاتفه وهو يتحدث فيه بجدية :


" مرحبًا ...نعم أنا هنا ...هي في الفرقة رقم ٥٨، احذر أن تخرج حزينة "


________________________


كان الشجار مشتعل بين الاثنين، والباقون يحاولون منع التحامهم ....

أبعدت جولي يد السيدة التي تتمسك بخصرها ثم ركضت صوب ذلك الشاب وضربته بقدمها مغتاظة قبل أن تسحبها جارتها مجددًا ....


" تقوم بتصويري دون علمي لأجل زيادة المشاهدة على قناتك الوضيعة يا حقير، اقسم أنني سأحطم تلك القناة فوق رأسك "


تحدث الشاب بغضب شديد بينما هناك بعض الرجال يحاولون منعه من التهور وضربها، فهي فتاة في النهاية :


" أي قناة تلك ؟؟؟؟ لقد تدمرت قناتي وتم سحب جميع أموالي من الحساب البنكي الخاص بي وخسرت كل ما املك وكل هذا من بعد نشر الفيديو اللعين الخاص بكِ "


واخيرًا استطاعت الإفلات من جارتها وهي تركض صوب الشاب تضربه بعنف شديد والغيظ يقطر من حديثها :


" ولك عين وتأتي لمنزلي تخبرني أن أعيد لك أموالك؟؟؟ يا حقير "


" نعم فأنا متأكد أن لكِ يد في تخريب قناتي "


ضحكت جولي وهي تبعد يد جارتها بحدة ثم توقفت وهي تقول بهدوء شديد ليس وكأنها كانت تصرخ منذ قليل :


" للجحيم أنت وقناتك...أنا لا علاقة لي بما حدث لها ".


" وهل تحسبينني ابله ؟؟؟؟؟ سرقتي جميع أموالي من حسابي البنكي واغلقتي لي قناتي بل وقمتي بحذف جميع ما املك على حاسوبي وتخبريني أن لا يد لكِ بالأمر ؟؟؟"


نظرت له جولي بتعجب تفكر في الأمر بجدية، فهو لا يبدو أنه يمزح من مظهره وهو يكاد يبكي كطفل صغير على أمواله ....


" أنت .....ماذا تقصد ؟؟؟"


" تدعين الغباء الآن؟؟؟ لقد فقدت كل ما املك بسببك أيتها الساحرة "


فتحت جولي عينها بصدمة وبعد أن كانت مشفقة عليه، شعرت بغضب كبير يتلبسها وهي تدفع السيدة التي تقيدها حتى اسقطتها ارضًا صارخة بهياج :


" ساحرة ؟؟؟؟ حسنًا سترى الآن غضب الساحرة يا قذر "


انقضت جولي على الشاب وهي تضربه بعنف غير عابئة لصراخه الذي يكاد يصم أذان الجميع وهو يسبها ويلعنها بكل ما يعلم من سباب...


في ذلك الوقت كان مارتن يحطو بقدمه في المكان الذي يشهد ذلك القتال بين الاثنين، وقف بصدمة وهو يراقب ما تفعله تلك الفتاة الشرسة، وهو من ظنها رقيقة مرهفة الحس كأغلب الفنانين، ولِمَ التعجب فها هو جايك من المفترض أنه فنان رقيق الحس في الصباح، وفي المساء يصبح قاتلًا .


ربع مارتن يديه عند صدره وهو يراقبها ويراقب ما تفعل يحاول ايجاد فتاة رقيقة تقبع أسفل قناع الشراسة ذلك، لكن كل ما وجده هو متوحشة تأكل الاطفال، لكن لم يتعجب فهو في أول مرة رآها كادت تقتل أحد الرجال في الحانة.


أنهت جولي ضرب الشاب وهي تقف تصفق بيدها في عنف غاضبة :


" انتهت الحفلة يا سادة ليذهب كلٌ لمنزله، قبل أن يصبح مكانه "


سريعًا انفض الجميع من حولها برعب من تهديدها فتلك الفتاة كل يوم تقوم باجتذاب المشاكل ...


ابتسمت جولي بسخرية وهي تتحرك لمنزلها ثم اغلقته بحدة ولم تنس أن تلقي بنظرة مخيفة لذلك الذي كان يتسطح بوجع على الأرض .


تحرك مارتن سريعًا صوب منزلها يود تلقين تلك الفتاة درسًا حتى تتوقف عن الزج بنفسها في كل مصيبة تقابلها ...


طرق الباب بغضب ينتظر ردها، لكن بمجرد فتح الباب وجدها تهم بالهجوم عليه ظنًا أنه الشاب ذاته الذي هاجمته منذ قليل.


أدرك مارتن سريعًا نيتها في الهجوم عليه لتصدر منه ردة فعل سريعة غير متحكمًا في نفسه وهو يلتقط يدها التي كادت تسقط على وجهه في لكمة عنيفة، يضغط على يدها في عنف شديد ثم لفها بسرعة، يلف ذراعه حول رقبتها حتى أوشك على خنقها ....


شعرت جولي بالرعب فجأة وهي حتى لم تملك الوقت لترى وجه ذلك الذي كتفها بهذا الشكل المهين، والآن يكاد يخنقها :


" أيها الحِمار سأموت أسفل ذراعك ...ابتعد عني اللعنة عليك أنت وعائلتك كلها ...."


__________________________


" ماذا ؟؟؟؟" 


تحدثت روبين وهي تشعر أنها تحلم، هل يغازلها الآن؟؟؟ حسنًا ليس غزلًا بذلك المعنى المعروف للجميع، لكنه قال أنها تروقه، ابتلعت ريقها تحاول تهدئة نبضات قلبها وهي تنظر في المكان حولها تدفعه بعيدًا عنها :


" ابتعد قليلًا أشعر أنني لا أستطيع التنفس .....ارجوك "


امسك فبريانو يدها التي كانت تضعها على صدره وهو يقترب أكثر هامسًا :


" يمكنني قتله لاجلك "


رفعت روبين عينها له تحاول تبين صدق حديثه لتجد الجدية تعلو ملامحه، لكن هي في الحقيقة لم تهتم لجملته، بل لم تكن في موقف يسمح لها بفهم معاني حديثه، حيث بدأت تشعر بقرب تلك الحالة وهي تهمس بتقطع من بين أنفاسها اللاهثة، تمد يدها لامساك بخاخها :


" ابتعد .....أشعر ....بأنفاسي ستتوقف ....ابتعد عني "


ابتعد فبريانو بهدوء عنها يراقبها تستنشق ما يخرج من بخاخها وصدرها يعلو ويهبط بعنف شديد ...


أخرجت روبين أنفاسها واخيرًا وهي تتنهد براحة، اخفضت نظرها ترمق يدها التي تضغط على البخاخ تتلاشى النظر لوجهه، تخجل منه وتخجل من ذلك الموقف، لا تحبذ وجوده الآن معها وبمفردها في غرفتها، لكن خرجت فجأة من تلك الحالة وهي تراقبه ينهض قائلًا ببرود شديد وقد عاد لحالته الطبيعية 


" والآن هل ستحضرين لي الطعام ؟؟؟"


رفعت روبين رأسها بحدة لا تصدق حديثه، تقول بصدمة :


" ماذا ؟؟؟؟" 


" اريد تناول طعامي "


" طعامك ؟؟؟ أي طعام هذا ؟؟؟"


أشار فبريانو للباب وهو يتحدث بنبرة عادية وكأن ما يقوله طبيعي :


" طعامك الذي سأتناوله ..."


ضحكت روبين ضحكة غير مصدقة لما يقول :


" ألا تظن أنك صريح بشكل مبالغ به ؟؟؟؟"


" وهل هذا أمر سيء ؟؟؟"


ضحكت روبين بغيظ ثم أشارت لجبيرتها قائلة بضيق :


" حسنًا يؤسفني القول أنني لا أستطيع التحرك وإحضار الطعام لك "


لوى فبريانو شفتيه وهو يرمق تلك الجبيرة بغيظ ثم قال بملل شديد وهو يرفع ذراعيه :


" متى ستنزعين تلك الجبيرة ؟؟؟؟"


" المفترض أن انزعها بعد اسابيع، لكنني في الحقيقة مللت وسوف اذهب للطبيب وارى إن كان بامكاني نزعها الان ام لا "


صمت فبريانو وهو يهز رأسه لها ثم قال بعد صمت قصير :


" حسنًا طالما ليس هناك طعام، سأرحل إذًا "


فتحت روبين فمها لتتحدث، لكن لم يعطها الفرصة لذلك وهي تراه يخرج من غرفتها بكل بساطة ثم تحرك متجهًا للاسفل وكأنه يملك المنزل ومن فيه ...


تحدثت روبين بصدمة شديدة لأفعاله الغير مبالية :


" ده طلع اهبل بجد ..."


بينما فبريانو تحرك صوب الاسفل وهو يجيب هاتفه ويتحدث مع مايك الذي كان يحدثه في أمر ما، وأثناء سيره اتجاه باب الخروج صدم بفتاة تخرج من المطبخ وهي تمسك طبق طعام كبير وتفتح فمها ببلاهة ترى ذلك البستاني في منزلها و في هذا الوقت ..


لم يهتم لها فبريانو وهو يتجاهلها كليًا متجهًا صوب باب المنزل ثم خرج منه بكل بساطة ليس وكأنه أحد ساكني المنزل، تاركًا اروى خلفه تفتح فمها ببلاهة وهي تشعر أنها ما تزال نايمة وتحلم ....


_______________________


كان يقف في بهو المنزل وهو يتحرك مع الموسيقى الصاخبة بحركات مرنة، يبتسم اثناء ذلك وهناك كان يجلس مايك على الأريكة وهو يصفر ويشجعه...


قلب مارسيلو عينه بملل وهو يتجاهل ما يقوم به أخيه الأكبر الاحمق و جايك اللذان استغلا خروج الجميع ليمرحوا بطريقتهم البلهاء تلك ...


نهض مايك وهو يتجه للطاولة التي يعلوها جايك ويقف جواره ثم بدأ الرقص مع بحركات متناغمة تتماشى مع الموسيقى التي تصدح في المكان...


رفع مارسيلو عينه من على هاتفه بملل يراقب الاثنين المزعجين، ولم يكد يفتح فمه ليصيح فيهما، حتى ارتسمت بسمة واسعة على فمه وهو ينظر خلفهما...


عاد مارسيلو بظهره للخلف يراقب باستمتاع ما سيحدث ...


بينما كانت هي تقف تراقب هذين الاثنين بخجل شديد لما يفعلونه، وجوارها يقف اليخاندرو يراقب الاثنين بنظرات باردة، حتى فتح فمه يقول بسخرية :


" إن كنتما انتهيتما من ذلك العرض المبتذل ارجوكما اهبطا ارضًا "


انتفض جايك على صوت جده وهو يتحرك بعشوائية ليهبط من أعلى الطاولة، لكن أثناء ذلك اصطدم في مايك الذي لم يملك حتى الفرصة للصراخ، وكان يتسطح ارضًا ويعلوه جايك ..


انطلقت صرخات مايك لتهز جدران المنزل :


" تبًا لك جايك ...ابتعد من فوقي يا رجل كسرت ظهري ...اه يا امي كُسر ظهري .."


لم يهتم جايك وهو ينهض بسرعة من فوق مايك ليتفاجئ بجده يرمقه بسخرية، ليتحدث اليخاندرو بهدوء كعادته :


" ارجوكِ تجاهلي كل ما رأيتِ ....اتبعيني يا ابنتي "


والآن فقط انتبه جايك لتلك الفتاة التي تقف جوار جده ترمقهما بخجل، ابتسم جايك بغباء وهو يضرب مايك الذي مازال متسطحًا ارضًا بقدمه وهو يقول :


" انهض يا غبي ..."


رفع عينه لهما وهو يقول ببسمة غبية :


" نحن يا جدي كما فقط نـ...أعني مايك هو من كان يريد فقط الخروج من حالة الحزن، فهو للتو أنهى علاقة وكان يشعر بالانكسار "


نهض مايك وهو يتمسك بظهر متوجعًا ثم رفع عينه لجده ليتفاجئ بالفتاة الصهباء تقف جواره ليقول مدافعًا عن نفسه :


" أيها الكاذب ... أي علاقة تلك ؟؟؟ أنا حتى لا ارفع عيني في امرأة ...عارٌ عليك، ألم يكلف عمي نفسه عناء تربيتك ؟؟؟ الآن أصدق سيلين عندما كانت تصفك دائمًا بقليل الادب "


أنهى حديثه الذي ترك جايك مصدومًا ثم نظر لروز وهو يقول ببسمة صغيرة بلهاء :


" أنا فقط كنت أمرن عضلات جسدي "


كتمت روز ضحكة كادت تفلت من فمها، ثم تحركت بعينها صوب جايك الذي رمق مايك بسخرية لاذعة وبعدها اخفضت عينها بسرعة تتبع اليخاندرو صوب مكتبه ...


انتبه مايك لنظرات روز التي كانت متوجهة لذلك الغبي الذي يقف جواره ليقول بحنق :


" ماذا ؟؟؟؟ هل كانت تنظر لك للتو ؟؟؟ تلك الفتاة ليست بكماء فقط، بل أيضًا عمياء، تتجاهل كتلة الوسامة تلك ( قالها مشيرًا لنفسه )، وتنظر لكتلة القذارة تلك ؟؟؟"


أنهى حديثه وهو يشير لجايك التي تعجب حديثه، فهو لم ينظر لها ليلحظ أنها تنظر له، لكنه سمع حديث مايك المتذمر من الأمر :


" حسنًا يبدو أن حظي سيء وبشدة ...كلما نظرت لفتاة، ترتبط فوراً بعدها، وكأنهن ينتظرن أن انتبه إليهن حتى تقع في حب آخر ...سأفكر جديًا في الارتباط بسيلين لربما تقع في حب أحدهم ونتخلص منها "


أنها حديثه وهو يضم ذراعيه بحنق شديد وجايك فقط يرمقه بعدم فهم :


" ماذا قلت للتو ؟؟؟ لم افهم من حديثك شيء ..."


" اقول في المرة القادمة عندما أجد فتاة جميلة، اقسم سأقتل من يقترب منها، ساترك لك تلك الصهباء فهي ليست نوعي المفضل على أي حال....هي حمقاء بعض الشيء "


فتح جايك فمه بصدمة من حديثه :


" هل جننت مايك !؟؟؟ أي فتاة تلك التي جعلتها ملكي في ثواني أنا حتى لم اتحدث معها ولو مرة واحدة "


ابتسم مايك بخبث وهو يقترب منه :


" أيها الخبيث هل تخفي عني شيء ؟؟؟ تلك الفتاة نظرت لك نظرة ليست عادية، حسنًا لم افهم معنى نظراتها، ولكنها ليست نظرات عادية "


رقمها جايك بسخرية وهو يتركه متجهًا صوب غرفته :


" تتحدث وكأنك خبير في النظرات "


صاح مايك خلفه بحنق شديد : 


" أنا كذلك بالفعل وستتأكد بنفسك عندما تأتي يومًا وأنت تصطحب معك تلك الحمقاء الصهباء "


أنهى مايك حديثه بغيظ شديد وهو يربع يده أمام صدره مع التواء شفتيه بحنق شديد، يكره أن يشكك أحدهم في خبرته الكبيرة في عالم النظرات ...


انتبه مايك لنظرات مارسيلو الذي كان يرمقه بحاجب مرفوع وبسمة ساخرة ليقول بغضب مغتاظ :


" ماذا ؟؟؟ هل هناك من تريدني أن أعجب بها حتى ترتبط بك أنت أيضًا ؟؟؟ "


_______________


في الداخل عند اليخاندرو كان ينظر بنظرات غامضة لروز ثم قال بعد صمت طويل نسبيًا :


" هل تواجهين أي مشاكل اثناء بقائك رفقة سيرينا ؟؟؟"


هزت روز رأسها برفض، فهي في الواقع منذ ذهبت للعيش رفقة تلك السيدة اللطيفة لم تر منها شيء سيء، غير أنها منذ تعرضت ابنتها لحادثة وهي تكاد لا تراها في المنزل ...


هز اليخاندرو رأسه باستحسان ثم صمت قليلًا وهو يضيف بغموض :


" هل ما زلتي مصرة على الصمت روز ؟؟؟؟ صمتك لن يساعدني في القصاص لوالدك "


التمعت عين روز بدموع ابت الهبوط، لتهز رأسه وهي تبتلع ريقها بأن الأمر ليس بيدها، وأشارت على فمها ثم حركت يدها بمعنى أنها عاجزة عن ذلك ...


ابتسم اليخاندرو بسمة صغيرة وهو يخرج ورقة وقلم ثم وضعه أمامها وهو يقول بنبرة مخيفة :


" يمكنك الكتابة صحيح ؟؟؟؟"


____________________________


وقف جاكيري أمام باب الشقة بصحبة رفقة، ثم نظر لها وهو يقول بجدية تحسبًا لما قد يرونه في الداخل :


" حسنًا اريدك أن تتماسك فربما نرى شيئًا لا يمكن لعقلك الصغير أن يتحمله "


شعرت رفقة باعصابها تحترق من شدة توترها وهي تصرخ في وجهه :


" تحرك وافتح هذا الباب، علنا نتمكن من مساعدته "


تجاهل جاكيري كل شيء وهو ينظر لها قائلًا بجدية مغتاظًا من أمرها له :


" تتحدث وكأنك فتاة يا رجل ... أولست رجل مثلي ؟؟؟ هيا ساعدني في كسر الباب "


نظرت له رفقة بفزع من حديثه ثم بعدها نظرت للباب تفكر كيف ستكسره؟؟؟ بل كتفها هو من سيُكسر قبل الباب، لكن لم يعطها جاكيري فرصة وهو يسحبها معه للباب ثم أشار لاصابعه يعد عليها :


" مع ثلاثة ...واحد ...اثنان...ثلاثة "


أنهى كلامة ثم اندفع بعنف شديد للباب وهي تظاهرت بأنها تدفع الباب رغم أنها فقط تلامسه بأكتافها، لكن ذلك لم يخفى على جاكيري الذي انتظر تلك اللحظة التي تلامس فيها كتفها الباب ثم فجأة ضرب الباب بقدمه ضربة واحدة كانت أكثر من كافية على كسره؛ لتسقط رفقة ارضًا بعنف شديد جعل صرخاتها تعلو في المكان كله ...


انطلقت ضحكات جاكيري بقوة وهو يستمع لسباتها التي لم يفهم منها شيء أبدًا ...


تحاملت رفقة على نفسها و هي تنهض ثم اتجهت صوب جاكيري تقف أمامه بشكل أظهر قصر قامتها مقابله، تقول بنبرة حاولت تضخيمها :


" تصدق ياض انك مشوفتش ريحة التربية ؟؟؟ دي عمايل واحد عاقل وكبير ...اقول ايه ما انت اهبل متدحرج من عيلة هبلة "


لم يفهم جاكيري حديثها، و لم يحاول حتى فهمه فهو يعلم أنها تسبه، لذا دفعها جانبًا وهو يتجه للداخل وهي خلفه ترمقه بضيق وقد نست للحظات ما جاءت لأجله ...


تحرك الاثنان صوب الداخل وقد بدأ التوتر يعلو مجددًا في الأجواء، وكل ما يمكن سماعه هو صوت التلفاز الذي يصدح في المكان ...اقترب الاثنان بأقدام مترعشة للداخل وملايين المشاهد المرعبة تتدافع لرؤوسهما ...


فجأة توقف الاثنان بفزع وعلت شهقات رفقة وهي تغلق عينها بعنف تتلاشى النظر لذلك المشهد المريب....


كان توفيق ممددًا بشكل مفزع على الأريكة و وجهه ممتلىء بسائل احمر.


لم يتأثر جاكيري بقدر رفقة التي بدأت دموعها تسقط بصدمة تتذكر ذلك الرجل الطيب المسكين، والذي مثل لها والد في تلك الغربة ..


تحرك جاكيري صوب العم توفيق ثم توقف جوار رأسه ومد يده ببرود شديد يتلبسه في هكذا حالات، يتحسس نبضه وبعدها فتح عينه ليقول بعد صمت طويل _ بالنسبة لرفقة _ وبصوت بارد :


" أنه نائم .."


شهقت رفقة بوجع وهي تصرخ، لكن فجأة توقفت وهي تستوعب كلمته تلك :


" ماذا ؟؟؟ نائم ؟؟؟" 


هز جاكيري كتفه بمعنى هذا ما حدث، تحركت رفقة بأقدام مرتجفة صوب توفيق وهي تقول بصوت خافت :


" عم توفيق ....عم توفيق "


تحرك توفيق في نومه وهو يردد بحنق شديد :


" فيه ايه ما أنا فتحت الشركة، لازم يعني تقلقوا منامي، الواحد مينفعش يريحله ساعتين في الشركة دي ؟؟؟"


غضبت رفقة من حديثه وهي من ظنته مات؛ لتصرخ بحنق وهي تهز بعنف :


" يا اخي ولولوا عليك ساعتين ....اصحى يا عم توفيق "


فتح توفيق عينه ببطء وهو ينظر حوله يحاول استيعاب أين هو ؟؟؟ هل حل الصباح وذهب للشركة ؟؟؟؟ لكن بالنظر للمحيط، أدرك أنه مازال في منزله ..


نظر لوجود اسكندر وهو يقول بنعاس شديد يعتدل في جلسته :


" اسكندر يابني ايه اللي جابك دلوقتي ؟؟؟" 


صاحت رفقة بجنون لا تصدق اللحظات التي عاشتها للتو، وفي النهاية كان نائمًا :


" ايه اللي جابني ؟؟؟؟ مش انت اللي اتصلت بيا وكنت بتفيص ؟ أنت هتجنني ؟؟؟" 


نظر لها توفيق لا يفهم ما تقول ومازال اثار النعاس ظاهرًا عليه ليقول فجأة عندما أدرك مقصظها بمسكنة :


" اه صحيح ...اتأخرت ليه يا بني...ده أنا عدت عليا ربع ساعة جحيم وكنت مفكرك هتيجي بسرعة تساعدني "


وضعت رفقة كف على الاخر وهي تضمهما لصدرها لي حركة شعبية تمصمص شفتيها في شفقة مصطنعة :


" ليه يا غالي ؟؟؟ ايه اللي حصل احكيلي "


هز توفيق رأسه وهو يقص عليها سبب اتصاله بها :


" اصل بعيد عنك وانا راجع من برة لقيت بتاع حلويات فاتح جديد على اول الشارع، فضعفت واشتريت منه شوية حلويات كده و لما رجعت كلتهم كلهم و ..."


صمت وهو يتنهد بتعب لتدرك رفقة فوراً ما حدث وهي تقترب منه متحدثة بحذر :


" أنت عندك السكر يا عم توفيق واكلت حلويات كتير ؟؟؟؟حصلتلك غيبوبة سكر ؟؟؟؟"


ابعد توفيق يد رفقة عنه بحنق وهو يقول :


" سكر ايه يا خويا تف من بقك ...أنا بس نفسي بتموع بسرعة من الحلويات، و لما اكلت كل الكمية دي حسيت إن نفسي موعت وإني هرجع وكنت عايز اكل اي حاجة مالحة "


شعرت رفقة بالغضب يشتعل في رأسها مجددًا وهي تقول متمسكة بآخر ذرات صبرها :


". وليه مقومتش تجيب لنفسك حاجة مالحة !؟؟؟ ليه تتصل بيا وتوقع قلبي بالشكل ده ؟؟؟"


" اصل رجلي بعيد عنك مرة واحدة كده لقيتها نمّلت ... ومكنتش قادر اقوم اجيب لنفسي حاجة فقولت اتصل بيك تيجي تجبلي لمونة ولا مخلل ولا حتى قطمة فسيخة كده اكسر بيها السكريات اللي كلتها كلها "


فتحت رفقة عينها بصدمة ثم نظرت لجاكيري الذي لم يكن يفهم شيء من حوارها، وبعدها عادت بنظرها لتوفيق وهي تتحدث موشكة على الانفجار :


" يعني أنت متصل بيا توقع قلبي وتقولي بفيص عشان اجي جري اجبلك لمونة "


" الحلويات يابني كانت طابقة على نفسي بعدين كان فيه حتى جاتوه شوكولاتة كلتها خلتني عا...."


قاطعته رفقة بصراح مجنون :


" يا خي ما تطبق أنا مال امي ؟؟؟؟؟ يعني كل بهدلتي دي عشان اخدت جرعة حلويات زيادة ؟؟؟؟ "


" ما انت محستش باللي أنا حسيت بيه بعد ما خلصت الحلويات "


تحدثت رفقة وهي تضحك بعدم تصديق ....


" انت ليه بتتكلم على اساس انك واخد جرعة مخدرات زيادة؟؟؟ دي حلويات يا عم توفيق فوق "


صمت وهي تحاول تهدئة نفسها :


" تعرف لولا إنك راجل كبير أنا كنت قليت ادبي ....بعدين عايز افهم ايه ده ؟؟؟ ها ايه ده ؟؟؟ ايه جو افلام الرعب الفيك ده ؟؟؟"


كانت تتحدث وهي تشير مستنكرة لذلك السائل الذي يلوث وجهه.


نظر توفيق حيث تشير ليمسح بأصبعه ذلك السائل وهو يقول :


" ده ؟؟؟ ده كاتشب .. اصل بعد ما رجلي فكت قمت اجيب لمونة ولا حاجة ولقيت حتة بيتزا كدة فجبتها معايا وجبت كاتشب، اصل انا احب الكاتشب اوي على البيتزا "


" أنا مالي ...أنا مالي بقصة حبك مع الكاتشب، ليه بتدخلني في حوارتك الفكسانة دي يا جدع ؟؟؟ "


لوى توفيق شفتيه وهو يبتسم ساخرًا :


" بتزعق فيا يا اسكندر ؟؟؟ هانت عليك الرنجة والفسيخ ؟؟؟"


" يا اخي يارتني كنت طفحتهم قبل ما اكلهم ...بقولك ايه يا عم توفيق ملكش دعوة ببا بعد كده ماشي ؟؟؟ "


أنهت حديثها وهي تخرج من المنزل مسرعة وهي تشتعل غضبًا منه ومن جاكيري ومن الجميع ...


لحق بها جاكيري الذي كان صامتًا بشكل مثير للريبة، وذلك لأنه لم يفهم شيء من حديثهما ...


نظر العم توفيق في اثرهم بتعجب :


" هو ماله زعل كده ؟؟؟ يكونش كان عايز ياكل حلويات "


________________________


كان يجلس جوار سيرينا يتابعان العروض واحدًا تلو الآخر حتى جاء وقت العرض الخاص بروما وفرقتها الغبية ...


صعد جميع أفراد الفرقة على المسرح، لكن دون روما، صمت عم المكان وهم يراقبون الفرقة في انتظار بدء العرض ..


تحدثت الفتاة من الفرقة وهي تنظر لباقي أعضاء الفرقة هامسًا وهي تضغط على أسنانها بغيظ :


" أين تلك الحمقاء ؟؟؟؟" 


كاد أحدهم يجيبها لولا روما التي اقتحمت المسرح وهي تتنفس بعنف بسبب ركضها، تقول من بين أنفاسها اللاهثة...


" أنا هنا ...آسفة على التأخير "


ابتسم انطونيو وهو يراها قد اصلحت زينة وجهها بتلك الرقيقة التي لطالما احب رؤيتها بها ...


تحرك أحد أفراد الفرقة صوب روما وهو يهمس من بين أسنانه :


" ما الذي اخرك روما ؟؟؟ و أين هي زينة وجهك ؟؟؟"


كادت روما تجيبه لولا الصوت الذي صدح في المكان وهو يقول :


" والآن وبما انكم اكتملتم، هلا بدأتم العرض ؟؟؟؟؟" 


تجاهلت روما حديث رفيقها وهي ترتدي حامل الجيتار، قربت منها الميكرفون وهي تتنحنح لتهيأ نفسها للغناء، لكن فجأة وجدت صوت تصفيق يعلو في المكان و الذي كان مصدره أحد أعضاء لجنة التحكيم :


" رائعة...لم أر في حياتي من هو بمثل براعتك يا فتاة ..احسنتِ "


فتحت روما فمها ببلاهة وهي تنظر له ثم نظرت حولها تفكر، في أن كل ذلك لأنها تنحنحت فقط ؟؟؟ ماذا إن غنت ؟؟؟


ضرب انطونيو وجهه بغضب من غباء ذلك الرجل، فهو أخبره أن يشكر في غنائها ويمدحها، لكن ليس لهذه الدرجة .


انتبه عضو اللجنة للنظرات المتعجبة التي وجهت له؛ لذا عدل من ثيابه وهو يجلس مجددًا على مقعده بخجل من ذلك الموقف، لكن هو له عذره، فذلك الرجل المرعب الذي يجلس خلفه هددهم بالقتل إن احزن أحدهم تلك الفتاة، أو قال مجرد كلمة من شئنها أن تؤلم قلبها ....


تجاهل الجميع ما حدث وبدأت الفرقة في العزف، ومعهم روما التي عزفت على جيتارها أثناء الغناء، لكن غنائها كان ينافس العزف فظاعة، ليقوم البعض بوضع يده على أذنه يحاول أن يقلل من التلوث السمعي الذي يصل له ...


اغمض انطونيو عينه بغضب وهو يسمع لعزف هؤلاء الحمقى والذي كان أشبه بصوت مدافع الحرب ....


وبعد عشر دقائق من العذاب السمعي انتهت الفرقة واخيرًا من عرضها لينهض أعضاء لجنة التحكيم يصفقون بعنف شديد لهم، تحت نظرات الصدمة من البعض، فذلك العرض أقل ما يوصف به، هو كارثة ...


وبعد تشجيع طويل مبالغ فيه من قبل لجنة التحكيم جلسوا واخيرًا على مقاعدهم ...


تحدث احدهم وهو ينظر لانطونيو بخوف يتبع الخطة التي أخبرهم بها ذلك المرعب :


" احسنتم ...كنتم رائعين يا شباب وخاصة أنتِ "


أنهى حديثه يشير لروما التي ابتسمت بغباء شديد، سرعان ما انمحت بسمتها وهي تسمع حديثه الرجل الذي اضافه :


" لكن للاسف، اكتفى المركز من الفرق المختارة لهذا الموسم "


علت خيبة الأمل وجوه الجميع خاصة روما التي امتلئت عينها بدموع...


" لكن ...نحن مازلنا في حاجة لعازف كمان، إن كان أحدكم يستطيع العزف عليه، ربما نضمه للفريق الأساسي في المركز "


رفعت روما عينها بسرعة وهي تنظر له بصدمة ثم ابتلعت ريقها وهي تقول بتردد :


" أنا ....أنا يمكنني عزف الكمان، هل يمكنني التجربة ارجوك ؟؟؟"


أنهت حديثها بنبرة مترجية، جعلت انطونيو يود أن ينهض ويجتذبها لاحضانه بعنف ويمسح دموعها ...


نظر الرجل لانطونيو نظرة خفية ثم تحدث بجدية حسب المتفق عليه، وهو يشير لطاولة تعتلي جانب المسرح تحتوي على جميع الآلات :


" بالطبع يمكنك ..."


ابتسم انطونيو وهو يرى تردد روما أثناء تحركها صوب الطاولة، فهي في الاصل كانت عازفة كمان، قبل أن تتركه عند انضمامها لفرقتها تلك؛ لأن الكمان لا يناسب فرق الروك .


حملت روما الكمان وهي تنظر له بشرود كبير، لا تتذكر آخر مرة حملت بها كمان...


حملته وهي تتحرك لتتوسط المسرح مجددًا؛ لتدرك أن فرقتها هبطوا من المسرح تاركين إياها وحدها ...شعرت فجأة بالرهبة والخوف لدرجة أنها كادت تترك الكمان وتهرب من المكان بأسره، لكن ذلك الصوت الذي على في المكان اوقف كل تلك الأفكار ...


ارتفع صوت انطونيو وهو يقول بتشجيع :


" هيا روما ....تستطيعين فعلها يا فتاة ...اثق بكِ "


ومع كلمته الأخيرة تدافعت ذكرى مشوشة في عقلها وصوت يشبه صوته حنون يهمس في أذنها ( اثق بكِ جميلتي )


أغمضت روما عينها وهي تضع الكمان على كتفها تعدل من وضعه، ثم بكل هدوء بدأت تحرك العصا عليه في حركات متناغمة وقد انعزلت عن العالم الخارجي، تعزف مقطوعة تمثل صراعها الداخلي الذي تعيشه، مقطوعة لا تعلم متى وأين تعلمت عزفها فهي لا تتذكر أنها يومًا عزفت شيء مشابه لها ....


صدم انطونيو من عزفها لتلك المقطوعة بالتحديد، فهذه المقطوعة هو من اسمعها إياها للمرة الأولى واخبرها أنه يحبها بشدة فهي تشعره وكأنه في صراع كبير ...( مقطوعة الحرب لبيتهوفن) حتى اسمها كان يعبر عما بها، وقتها أخبرته أنها تعرفها، لكن لم تسبق يومًا أن عزفتها، تفاجئ انطونيو في ذلك الوقت أن روما حبيبته تستطيع عزف الكمان، لتصر هي على أن يسمع عزفها وكانت تلك اول مقطوعة تعزفها على مسامعه، لتصبح منذ ذلك اليوم افضل مرة يسمع بها ذلك اللحن منها هي ...


انطونيو هو من أخبر لجنة التحكيم أن يبلغوها باكتفاء المركز من الفرق، رغم أنهم لم يكتفوا بعد، لكنه أراد منها أن تفعل شيء تتقنه، شيء تحبه، هي لا تستطيع الغناء، وليست محترفة في عزف الجيتار كما هي في الكمان؛ لذا كانت تلك هي خطته، أن يدفع بها دفعًا صوب روما القديمة ...روما الرقيقة، تلك الروما التي تقف أمامه الآن تعيد على مسامعه للمرة التي لا يعلم عددها نفس المقطوعة التي يعشقها من بين أناملها ...


كانت روما تعزف غير آبهة، لكل ما حولها، لا تدرك ما يحدث ولا تريد أن تعلم، هي فقط في هذا العالم الذي أشعرها بالراحة الشديدة ...مشاعر كثيرة مختلطة، لتبدأ الموسيقى تزداد حماسًا مما دفع البعض للنهوض والتصفيق بعنف، لكن هي لم تنتبه بل اكملت بكل قوة وعنفوان تستعيد تلك التي دفنتها أسفل حطام للضعف والخضوع والوحدة..


انتهت روما من العزف وهي ما زالت تغمض عينها تستشعر ذلك الهدوء الذي عم المكان، لتتفاجئ بصوت تصفيق حاد هز أرجاء المكان تبعها صوت نفس الرجل من لجنة التحكيم وهو يصرخ بتشجيع وهذه المرة كان حديثه ينبع من قلبه :


" أنتِ عبقرية ...اقسم في حياتي لم اسمع شيء ملئ بالمشاعر كالان. ..يا فتاة اصبتني بالقشعريرة "


أنهى حديثه وهو يبتسم باتساع وقد صدق ذلك الرجل المخيف ...تلك الفتاة بارعة وبشدة في الكمان ...


ابتسمت روما باتساع وهي تفتح عينها تسمع لكلمات الرجل :


" أنتِ بلا شك معنا ...."


ازدادت بسمة روما اتساعًا وهي تهبط من المسرح بلا وعي راكضة صوب انطونيو الذي تلقفها في أحضانه بحنان شديد كطفلة تلقي نفسها في احضان والدها بعد يوم دراسي طويل ....


" شكرًا لك ....شكرًا لك انطونيو "


____________________


" لا تنظري لي هكذا، أخبرتك أن الأمر تم دون إرادة مني "


ابتسمت جولي بسخرية وهي تضع مكعبات ثلج على رقبتها تحاول أن تخفف من حدة العلامات التي سببها ذلك الاحمق بذراعه بعدما كاد يقتلها بين يديه ...


" فقط اصمت ....هناك افكار إجرامية تندفع برأسي في تلك اللحظة لذا فقط حاول ألا تتحدث معي ."


لوى مارتن شفتيه بضيق ثم قال و هو يدفع بحقيبة كان يحملها عند مجيئة :


" حسنًا اتيت فقط لاعطيكِ هذا "


تصنعت جولي الحنق وهي ترمق الحقيبة بعدم اهتمام ظاهري بينما في داخلها يكاد الفضول يأكلها :


" ما هذا ؟؟؟ هل تظن أنك ستخدعني هكذا وسأنسى ما كدت تفعله بي ؟"


ابتسم لها مارتن وهو يهز رأسه بنعم، لتجذب جولي الحقيقة لها بفضول شديد :


" حسنًا لقد نجحت في ذلك "


فتحت جولي الحقيبة بسرعة كبيرة وهي ترى ما بها لتجدها مليئة بالعديد والعديد من الحلوى التي تفضلها وغيرها من الحلوى التي لم ترها يومًا، فتحت فمها ببلاهة وهي تقول :


" أنت ... أنت....كيف عرفت بكل هذا ؟؟؟"


صمتت ثم قالت فجأة بشك :


" هل تراقبني ؟؟؟"


شهقت مارتن بصدمة مصطنعة وهو يشير لنفسه :


" أنا ؟؟؟؟ ابدًا، من أين اتيتِ بهذه الفكرة ؟؟؟"


" إذًا كيف علمت بكل الاشياء التي تخصني ؟؟؟ الحساسية والحلوى المفضلة وغيرها من الأشياء".


أنهت حديثها وهي تقترب منه تهمس أمام وجهه بنبرة خبيثة :


" أنت يا فتى مريب ؟؟؟؟"


نظر مارتن لها بسخرية وهو يدفع وجهها بعيدًا عنه قائلًا بسخرية يسحب الحقيبة من أمامها :


" إذًا لا تريدين تلك الأشياء ؟؟؟"


انتزعت جولي الحقيبة من يده بعنف وهي تصرخ به :


" إن مددت يدك مجددًا لحقيبتي سأقطعها "


أنهت حديثها ترمقه بشر ثم أخرجت قطعة حلوى تتناولها ومازالت نظراتها تحوم حوله بشك ليهز هو رأسه بيأس منها ...


" إذًا غدًا تبدئين العمل في المسرح ؟؟؟"


" لا اعلم "


رفع مارتن حاجبه بسخرية لتقول هي مدافعة :


" ماذا ؟؟؟؟ لا اعلم حقًا متى أبدًا لم يخبرني أحد بالأمر "


مسح مارتن وجهه بغيظ وهو يقول :


" الرحمة ..."


عم الصمت قليلًا قبل أن تضيف هي :


" إذًا أخبرتني أنك مهووس ها ؟؟؟"


نظر لها مارتن بعدم فهم لتقوم وهي ما تزال تأكل حلواها ببرود :


" هل تضع صورتي كواجهة في هاتفك ؟؟؟ "


هز مارتن رأسه بلا يتعجب سؤالها لتضيف هي :


" هل تلتقط لي الصور أثناء انشغالي عنك وتحتفظ بها ؟؟؟ "


رفع مارتن حاجبه ببسمة ساخرة ليجدها تقترب منه تهمس بنبرة بدت مخيفة حقًا :


" إن علمت يومًا أنك اخذت لي صورة دون أن انتبه سأقتلك....اخبرني قبلها وانا سأدّعي عدم الإنتباه ...حتى لا تأخذ لي صورة قبيحة "


كتم مارتن ضحكته وهو يهز رأسه بحسنًا يحاول مجاراة جنونها، ليسمعها تضيف :


" هل تملء صوري جدران منزلك ؟؟؟"


وايضًا هز مارتن رأسه بلا لتخرج هي صوتًا مستنكرًا من حنجرتها تلوح بحلواها في وجهه بحنق :


" أي نوع من المهوسين أنت يا فتى ؟؟؟ عارٌ عليك "


أنهت حديثها وهي تنهض قائلة بغيظ :


" سأذهب لإحضار بعض الطعام فقد اشعرني الشجار بالجوع "


ذهبت صوب المطبخ لتعود فجأة وبسرعة وهي تختطف حقيبة الحلوى ملقية بنظرة شريرة صوبه وكأنها تخبره ( أنا اراقبك يا فتى ) 


" أنت تحمل العديد من الأسرار وانا سأعمل على كشفها واحدًا تلو الآخر ...فقط انتظر "


أنهت حديثها وهي تدخل المطبخ تتمتم بغيظ جعله ينفجر ضاحكًا عليها لا يصدق فيما أوقع نفسه، تلك الفتاة المجنونة لو تدرك أنه يراقب كل حركة منها، وكل همسة منها قد يحدث لها شيء وتموت .


_______________________


كانت تجلس على الفراش تشعر بارتجاف جسدها، كلمات والدتها منذ دقائق في الهاتف وهي تخبرها، أنها ستحدثها بعد قليل في أمر مهم تقتلها رعبًا ..


وهي تعلم جيدًا ما هذا الأمر الهام، بالطبع مدحت أخبرها ما حدث، وهي الآن ستحدثها فقط لتصرخ في وجهها، و توبخها .


أغمضت روبين عينها بوجع وهي تستمع لرنين هاتفها جوارها، ترددت كثيرًا وهي تفكر جديًا في تجاهل اتصال والدتها، ثم تخبرها لاحقًا أنها لم تنتبه له، لكن ....والدتها تعلم أفعالها جيدًا؛ لذا غالبًا ما تحدثها وتخبرها أنها ستحدثها بعد قليل؛ حتى تضمن أنها ستجيب، وإلا حولت حياتها لجحيم ...غريبة والدتها، ومخيفة أيضًا.


فاقت من شرودها على صوت هاتفها الذي توقف عن الرنين ثم عاد يصدح وبقوة مجددًا ...


" الو ...."


همست بصوت خافت متردد كعادتها، هي ذات شخصية ضعيفة بعد الشيء، مسالمة بشكل كبير، وربما ساهم انعزالها منذ الطفولة في هذا...


سمعت صوت والدتها يصل لها بنفس النبرة المتزنة التي عهدتها منها :


" ازيك يا روبين ؟؟؟ اخبارك ؟؟؟ مرتاحة عندك ؟؟"


وهي تعلم جيدًا أن سؤال والدها ليس بهذا الشكل الذي يظهر عليه، بل يخفي الكثير والكثير خلفه، لكنها رغم ذلك أجابت بكل بساطة :


" أيوة يا ماما متقلقيش عليا، أنا كويسة ومبسوطة اوي هنا "


كانت تتحدث وهي تضغط على شفتيها بعنف تتمسك بالهاتف بكلتا يديها حتى توقف ارتجافهما؛ ليصل لها صوت والدتها بما خمنت أنها تريد قوله :


" وعشان كده مش عايزة ترجعي ؟؟؟؟"


" لا يا ماما انـ...."


" مدحت كلمني وحكالي أنه قعد معاكِ وحاول يقنعك بالرجوع لكنك مصرة على القعدة عندك ...اسمعي يا روبين أنا لما وافقت تسافري لخالد كان عشان نفسيتك اللي كانت تعبانة اخر فترة، قولت تسافري تريحي اعصابك ومنها تفكري كويس في جوازك "


سقطت دموع روبين بغيظ من حديث والدتها :


" يا ماما أنا نفسيتي كانت تعبانة عشان انتم بتجبروني على حاجة أنا مش عايزاها، ارجوكِ ...ارجوكِ يا ماما بس تفهميني، أنا مش بحب مدحت، أنا بخاف منه "


" أنتِ اللي افهميني، من صغرك وانتِ مكتوبة لمدحت، فكلامك ده مش هيغير حاجة، خلال اسبوع تكوني رجعتي عشان نجهز لـ ...."


توقفت لينا عن الحديث وهي تسمع صرخات ابنتها التي اعتادتها كثيرًا في الآونة الأخيرة :


" اشمعنا أنا ؟؟؟؟ اشمعنا أنا اللي مكتوبة لمدحت من صغري ؟؟؟؟ عشان العيلة العبيطة اللي مش بتتكلم صح ؟؟؟؟ عشان مدحت ميقدرش على جاسي، وعايز واحدة ضعيفة يقدر يتحكم فيها فعرضتيني عليه "


لم يصل لروبين إجابة من الجهة الأخرى سوى صوت صفير يوحي بإغلاق الاتصال، لتتفاجئ مما حدث ...فتحت عينها بصدمة وهي مازالت مليئة بالدموع، ضحكت بسخرية وهي تلقي هاتفها على الفراش ثم انخرطت في بكاء طويل، تشعر بقرب نهايتها ....


وبعد ساعة تقريبًا من البكاء لمحت روبين هاتفها جوارها لتحمله وهي تضغط على ازراره بسرعة ثم وضعته على أذنها انتظر الرد، تعلم أن الوقت مبكر وبشدة، لكنها تشعر بالعجز لا تستطيع التفكير وحدها، وصل لها واخيرًا صوت ناعس وبشدة، لتقول بدموع ولهفة :


" فبريانو هل أنت مستيقظ ؟؟؟"


نظر فبريانو حوله لغرفته التي بدأت الشمس تسلل إليها بكل خبث قائلًا بسخرية :


" لا، أنا الآن نائم حدثيني بعد قليل "


تحدثت روبين من بين شهقات بكائها تتجاهل حديثه كالعادة :


" أنا احتاج مساعدتك ؟؟؟"


اعتدل فبريانو في جلسته وهو يفرك شعره بنعاس، فهو لم ينم سوى منذ ساعات قليلة جدًا، ليخرج صوته ببحة ناعسة وهو يقول بانتباه :


" هل تبكين ؟؟؟"


خرجت شهقة صغيرة من روبين وهي تهز رأسها مجيبة :


" نعم ..."


" إذًا عندما تنتهي من البكاء حدثيني، فأنا لا قبل لي برؤية وجهك الباكي منذ الصباح "


أنهى حديثه وهو يغلق الاتصال بشكل أصابها بالصدمة أكثر من صدمتها لاغلاق والدتها الاتصال في وجهها ..همست روبين بحنق شديد :


" يا حيوان يا عديم الاحساس ....."


________________________________


" خلاص يا اسكندر فهمت ... أنت بس خف اتصالات ليكونوا بيراقبوك "


أطلقت رفقة ضحكة عالية و هي ترتدي حذائها متجهة صوب الباب :


" اكيد طبعًا خايفة على نفسي يا خويا ..."


" أنتِ واطية يابت....بعدين اطمني يا ختي أنا مش بكلمك من فوني خالص "


ضحكت رفقة وهي تتجه للدرج بسرعة تجيبه بضحكة صغيرة :


" أيوة اخدت بالي "


" ايه صوت العربيات ده ؟؟؟ أنتِ رايحة فين دلوقتي ؟؟؟"


كانت رفقة تقف أمام البناية الخاصة بها وهي تشير للسيارات على أمل أن تتوقف واحدة لها :


" هكون رايحة فين يعني يا اسكندر ؟؟؟ رايحة الشغل طبعًا ..بس مش عارفة انهاردة فيه ايه ؟؟؟ مفيش عربيات بتقف "


لم تكد تنهي حديثها حتى وجدت سيارة صغيرة تقف أمامها وصوت جون ينطلق من داخلها وهو يقول :


" اصعدي سوف اوصلك في طريقي "


فتحت رفقة فمها بنية الاعتراض، فهي لم تغفر له بعد، لولا صوت أخيها الذي وصل لها عبر الهاتف وهو يقول بجدية :


" اركبي معاه يا رفقة عشان متفضليش واقفة "


" بس . .."


" مبسش ...أنا كل يوم بكلم جون وبعرف منه كل اخبارك وهو الحقيقة متعاون جدًا وبيساعدني اطمن عليكِ لما معرفش اوصل ليكِ "


زمت رفقة شفتيها وهي تنظر للسيارة ثم صعدت لها بملل، فهي لا تملك حلًا آخر ولا تود التأخر عن العمل، إن كانت ما تفعله يسمى عملًا ..


تحرك جون بالسيارة في هدوء شديد دون توجيه كلمة لها بينما هي استمرت في الحديث مع اخيها حتى تنشغل عن ذلك الذي يجلس جوارها ....


_____________________________


كان يجلس جوارها في السيارة وهو يتجاهل صياحها و بكائها، فهي منذ خرجت من المنزل معه وهي تصرخ وتصيح جوار أذنه بشكل أثار إزعاجه وبشدة، لذا دون تفكير أخرج سماعة الأذن خاصته و وضعها في أذنه يستمع للموسيقى حتى تنتهي هي من وصلة الندب التي بدأتها منذ ساعة تقريبًا...


سحبت روبين محرمة أخرى من العلبة التي تتوسط سيارة فبريانو وهي تقول بنحيب بسبب ذلك الاتصال الذي ورد لها من والدتها :


" هو ليه محدش عايز يفهم ؟؟؟ أنا مش بحبه ...هو بالعافية ؟؟؟ أنا بخاف منه اكتر منك لما تتكلم بعبط وتقول قتل ونيلة "


كانت تتحدث وهي تنظر له تنتظر رده ولم تلمح تلك السماعة التي تحتل أذنه الأخرى وهو يهز رأسه مع الموسيقى مندمجًا معها، لتكمل هي حديثها بكل غباء معتقدة أنه يسمعها، متناسية أنه حتى لو كان يسمعها فلن يفهمها ...


" طب قولي اعمل ايه ؟؟؟ ماما قالتلي ارجع خلال اسبوع "


صمتت قليلًا ثم فجأة نظرت صوبه وهي تنتفض بشكل أثار ريبته، لينظر لها بحاجب مرفوع يراقب حركة شفتيها التي لا يفهم منها شيء، لذا نزع السماعة وهو يقول بعدم فهم :


" ماذا قلتي للتو ؟؟؟"


ظنت روبين أنه يرفض الأمر، لذلك قالت مجددًا بتردد :


" أخبرتك أن تتزوجني حتى انتهي من هذا المأزق المسمى مدحت ..."


فتح فبريانو عينه بسخرية لتقترب هي منه تتمسك بيده تترجاه :


" ارجوك فقط ليومين أو ثلاثة حتى اتخلص منه ...."


ابعد فبريانو يدها وهو يتشنج بحنق شديد :


" يمكنني قتله اسهل من ذلك كله "


" هل رفضت للتو الزواج مني ؟؟؟"


انطلقت ضحكات فبريانو وهو يهز رأسه بيأس ثم تحدث بلا مبالاة وهو يتحرك بالسيارة :


" بالطبع ارفض، فأنا لا قِبل لي بالاستيقاظ على وجهك كل يوم، قد يتوقف قلبي من قبحك"


نظرت له روبين بشفاه ملتويه ثم رفعت ذراعيها عند صدرها وهي تنظر للامام بحنق شديد مرددة :


" فقط مرة واحدة ...مرة واحدة اخبرني أنني جميلة "


" أنتِ فاتنة ........."


لم يصدر أي ردة فعل من روبين بل بكل بساطة استمرت في التحديق فيه بشكل غريب ليقول وقد ازعجته نظراتها :


" ماذا ؟؟؟ لِمَ تجدقين في وجهي بهذا الشكل الغبي"


أجابت روبين بآلية :


" انتظر باقية حديثك "


" أي باقية ؟؟؟؟"


" ألم تقل أنني فاتنة ؟؟؟ انتظر أن تكمل وتقول أي شيء من شأنه أن يفسد تلك الكلمة، أو أن تخبرني أنني قبيحة وأنت فقط تمزح "


رفع فبريانو حاجبه ثم ابتسم بسخرية وهو يتحرك بالسيارة مجددًا يردد بلا اهتمام :


" لا انتهى حديثي ...."


" أنت تمزح بالتأكيد !؟؟؟"


لم يجبها فبريانو لتنتفض في مقعدها وهي تقول بصدمة :


" تتحدث بجدية ؟؟؟"


" أخبرتك سابقًا أن قبحك لم يعد يمثل مشكلة لي، أنتِ قبيحة حقًا، لكنني بعدما قضيت معكِ كل هذه الأوقات أصبحت اراكِ جميلة بشكلٍ ما "


" أنت ...ماذا قلت للتو ؟؟؟"


وايضًا لم يجبها فبريانو بل استمر في القيادة دون اهتمام وهو يهز كتفه بلا أدنى اهتمام لها ....


جلست روبين في مقعدها ثواني تستوعب الأمر، لتمر دقائق على ذلك الصمت ولم يقطعه سوى صوتها الذي خرج بحزن وكأنها تذكرت الآن ما حدث صباحًا :


" سأعود لمصر نهاية هذا الأسبوع .

الفصل العشرون من هنا

تعليقات



×