رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل التاسع عشر 19 بقلم رحمة نبيل


رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل التاسع عشر  بقلم رحمة نبيل


يبدأ مؤشر نضوجك بالصعود عندما يبدأ مؤشر انبهارك الزائد بالأشخاص ينهار؛ حينَ يُصبح الجميع بعينك سواسية، فكُل مَن يُكرِم يُكرَم، ومَن يُحسِن فلنفسِه، ومَن يُسيء فلا حاجة إليه للأبد!

- أحمد عبداللطيف.

صلوا على النبي..

__________________

كان الجميع يجلس في الطائرة يتجهزون للمهمة، منهم من يجهز أسلحته كفبريانو ومنهم من يجهز حاسوبه كمارتن، ومايك الذي يجهز أدواته التي بواسطتها يستطيع فتح أي باب حديدي أمامه، ومنهم يراقب احداثيات المكان كماركوس ومنهم من يراقب الجميع بملل كمارسيلو، وآدم يجلس وهو يعدل من وضعية ثيابه، وجايك يحمل دفتره يرسم به كعادته بلا اهتمام بما يحدث حوله .

كل ذلك وجاكيري يقود الطائرة، كان يحلق بالجميع فوق المنطقة التي سيهبط بها، تحدث جاكيري في المكبر الخاص بالصوت :

" على السادة الركاب ربط الأحزمة استعدادًا للهبوط، أو لا تفعلوا لا يهم على أية حال "

وبمجرد أن انتهى من كلماته اندفع بالطائرة لاسفل يبحث عن المهبط المناسب للاستقرار بالطائرة لا يعبأ بأن البعض لم يتخذ إجراءات الهبوط .

ارتفع صوت الصراخ في الطائرة وانطونيو يتوعد لجاكيري بالويل :

" أيها الحقير ستقتلنا قبل حتى أن نبدأ "

ضحك جاكيري وهو يهدأ من حركة الطائرة بما يتناسب مع الهبوط، وشيئًا فشيء استقرت الطائرة ارضًا بكل مهارة وحرفية وصوت جاكيري يصدح في المكبر :

" شكرًا لكم للسفر على خطوط جاكيري، اتمنى أن تكون الرحلة قد نالت إعجابكم "

تحرك ادم من مقعده وهو يصرخ بغيظ :

" تبًا لك ولمن يركب معك طائرة مرة أخرى "

نهض انطونيو من مكانه وهو يلقي ما بيده ارضًا، ثم تحرك صوب أخيه ودون كلمة كانت قبضته تهبط على وجه جاكيري وهو يقول بشر :

" من حظك أن لدينا مهمة الأن وإلا لكنت قضيت اليوم كله اعيد تشكيل وجهك القبيح "

نظر جاكيري بحنق لانطونيو وهو يقول متذمرًا :

" ماذا فعلتُ الآن لتضربني ؟! ألا يكفي أنني لن اذهب معكم وسأجلس هنا وحدي ليأكلني الملل ؟! لا احد منكم يشعر بمقدار حسرتي وحزني لمنعي من الذهاب والاشتراك معكم في هذه المهمة "

تحرك الجميع خارج الطائرة وهم يحملون ما يحتاجونه من المعدات، عدا فبريانو الذي توجه نحو جاكيري وهو يربت على كتفه يؤازره بشفقة :

" يكفي يا اخي لقد اوجعت قلبي، لا تقلق سأحضر لك ذراع لتحتفظ به كذكرى من المهمة "

أنهى فبريانو حديثه وهو يغمز لجاكيري، ثم هبط من الطائرة وهو يضحك بصخب، بينما جاكيري ينظر للجميع بحزن وتأثر :

" انتبهوا على انفسكم، لا تتأخروا احبتي، إن احتجتم لي فقط اتصلوا"

وبمجرد نزول آخر شخص منهم، سارع جاكيري وأخرج هاتفه ثم اغلقه حتى لا يتصل به أحد ويزعجه، وبعدها تحرك وأحضر حقيبة مليئة بالعصائر والمقبلات وجلس على طاولة تتوسط الطائرة وهو يضع قدم على الأخرى يردد براحة وسكينة :

"  هكذا تكون المهمات ...."

وعلى الجانب الآخر كان الجميع يسير في طريق رملي بعض الشيء خالي من أي اشجار أو نباتات قد يستخدمونها في الاختبار أو غيره، لا شيء سوى السور الذي يحيط بذلك القصر المهيب والذي يبدو كما لو أنه خرج من أحد افلام الرعب القديمة .

كان انطونيو يتقدم الجميع وهو يتحدث بجدية :

" هذه المرة من يخالف حديثي اقسم أن اقتله بنفسي، الكلام موجه لك فبريانو "

لوى فبريانو فمه بضيق وهو يسير خلفه ولم يجبه، ليكمل انطونيو كلماته بجدية :

" مارتن أنت وجايك وآدم ستتحركون نحو الغرفة التي ستمكنك من اختراق القصر، ماركوس ومايك ومارسيلو سيذهبون للمخزن ويحررون الرهائن،  أنا وفبريانو سنتولى أمر ترك تذكار لشكرهم على استضافة جدي، الجميع سينفذ  ما أريده أنا وما أقوله أنا، الكلام موجه لك فبريانو "

تمتم فبريانو بضيق شديد :

" اللعنة على فبريانو، نحن ثمانية انطونيو وأنت تستمر في توجيه الحديث لي أنا، أشعر أنني المتسبب في جميع الكوارث الطبيعية ؟!"

توقف انطونيو واستدار له وهو يقول ببسمة :

" لا أحد يفعل ما تفعله فبريانو؛ لذلك أحذرك من مخالفة اوامري "

ابتسم له فبريانو بسمة بلاستيكية وهو يهز له رأسه بحسنًا، ثم أكمل سيره ليلحق به الجميع، حتى أصبحوا على مشارف السور الذي يحيط بالقصر، توقف انطونيو ثم أشار لإحدى الجهات وهو يقول :

" المخزن من هنا "

وتلقائيًا تحرك ماركوس ومايك ومارسيلو صوب المخزن الذي يتم به سجن الرهائن حتى يحين وقتهم ...

اكمل انطونيو ومعه الباقيين سيرهم حتى وصلوا للسور واختفوا حوله، نظر لفبريانو وهو يقول :

" اصعد أنت اولًا وانتهي من الجميع خلف السور وبعدها أعطنا الإشارة فبريانو "

ابتسم فبريانو ببرود :

" الآن فبريانو ؟! ومنذ دقائق توجه لي الأوامر وتمنعني من فعل ما اريد ؟!"

ضم انطونيو شفتيه بغيظ ثم اندفع صوب فبريانو وامسك سترته السوداء وهو يقول :

" افعل ما اقول فبريانو ولا تخرج شياطيني عليك "

ابعد فبريانو يد انطونيو من عليه، ثم قال ببسمة باردة :

" حسنًا سأفعل ليس لانك قلت ذلك، بل لأنني أريد ذلك "

انتهى فبريانو من كلماته، ثم عاد للخلف وهو يدس سلاحه في جيب بنطاله وبعدها انطلق بسرعة كبيرة صوب السور يقفز عاليًا ليمسك به، لكنه فشل وسقط على قدمه، نهض وعاد مجددًا للخلف، ثم تحرك للامام بسرعة أكبر وهو يقفز عاليًا أكثر من المرة السابقة وتعلق بالسور، ثم صعد عليه ونظر أسفله يستطلع المكان، وبعدها قفز، هبط فبريانو وهو يستند على يديه، اعتدل في وقفته ينفض يده، لكن فجأة شعر بمسدس يوجه على رأسه من الخلف ابتسم وهو يستدير ببطء شديد وملامحه تعلوها نظرات باردة وبسمة مستفزة يرفع يديه للأعلى وهو يقول :

" لقد أمسكت بي، أنا استسلم "

__________________________

كانت روبين تركب سيارة أجرة رفقة جاسي التي جاءت معها لاستقبال والديها من المطار وروبين تشعر بالشوق والحماس وايضًا الخوف من مواجهة امها بعد ما حدث، هل صدقت قصتها عن أنها خُطفت ولم تهرب ؟!

أفاقت روبين من شرودها على يد جاسي التي ربنا عليها وهي تنظر لها بلطف وحنان وكأنها تخبرها أنها معها، ابتسمت لها روبيبن بحب، ثم شردت قليلًا قبل أن تصرح بسؤال لطالما الح عليها سابقًا :

" جاسي هو ايه سبب سفر بابا السنين دي كلها من غير ما ينزل ولا إجازة ولا يشوفنا ؟!"

نظرت له جاسي ثواني بغموض قبل أن تتنهد وتقول بهدوء :

" بابا لما سافر كان ناوي يبني نفسه بعدين يبعت يجيبكم أنتِ وماما، وللاسف استعجل أنه يبني ثروة باسهل الطرق واتورط مع ناس في أعمال غير قانونية وقتها مقدرش يخرج نفسه من الموضوع ولا يعمل أي حاجة غير أنه يجاريهم لغاية ما يلاقي حل، ويبعدكم عنه بأي طريقة عشان محدش يضغط عليه بيكم أنتِ وماما، وبالنسبة ليا أنا فانتِ عارفة اللي فيها صعب حد يضغط على بابا بيا "

صمتت قليلًا ثم نظرت لروبين وهي تكتم ضحكتها بصعوبة وهي تقول:

" لغاية ما الناس دي وقعت في شر أعمالها وتم القبض عليهم من قريب جدا وطبعًا ده بتوصية مني بعد ما بابا حكى ليا وانا اشتغلت على الموضوع ده عشان اوقعهم، ودراجون هو اللي قاد الحملة ضد الناس دي وقدر بكل سهولة يوقعهم ويخرج بابا من الموضوع، بس ...."

توقفت عن الحديث وهي ترى نظرات روبين الفضولية وصدمتها من معرفة والدها لفبريانو :

" بس ايه ؟! كملي "

" بس للاسف يعني فبريانو وبابا يعني زي ما تقولي كده بابا مش بيطيقه لأنه احم يعني وقح شوية وكان بيتعامل بكل برود مع بابا و...أنتِ عارفة تصرفاته" 

نفخت روبين بضيق تمسح وجهها وهي تتمتم بغيظ :

" اه البني ادم ده مش بيعرف يكوّن علاقات  طبيعية أبدًا، لازم يخلي نفسه مكروه بين الكل، هلاحق عليه منين ولا منين ياربي ؟! مفيش واحد بس بيطيقه في العيلة "

توقفت السيارة فجأة لتستوعب جاسي أنهم وصلوا للمطار، هبطت رفقة روبين ودفعت أجرة السيارة، ثم تحركت داخل المطار وهي تنظر في ساعة يدها تقول بجدية :

" المفروض تكون الطيارة وصلت "

وقفت روبين جوارها بتوتر شديد وهي تفرك يدها تنتظر ظهور احدهما، واستمر ذلك الانتظار عشر دقائق تقريبًا قبل أن تلمح خروج والدها وجواره والدتها التي كانت تسير بملامح جامدة كعادتها، وفجأة انطلق صوت عالي باسم روبين :

" روبيـــــــن "

التفتت روبين مجددًا صوب والدها الذي ترك حقائبه وهو يفتح ذراعيه راكضًا لروبين وهو يبكي شوقًا لها، لا يصدق أنها أمامه الآن بعدما كادت تضيع منه، ابنته الصغيرة الرقيقة التي جاهد ليبعدها عن عالمه الذي أقحم نفسه فيه بكل غباءه كادت تضيع من بين يديه، التقف فادي ابنته بين ذراعيه بقوة وهو يدور بها يقبل وجهها وشعرها بحب كبير وهو يبكي دون شعور :

" حبيبة قلبي وحشتيني اوي اوي يا قلب بابا "

بكت روبين بقوة وهي تضم والدها الذي افتقدته لسنوات طويلة، لم تكن تراه حتى في الإجازات كجاسي، بل كان يكتفي بمكالمة مرئية كل فترة طويلة، كانت تضمه وهي تشهق بعنف :

" بابا وحشتني اوي يا بابا، اوعى تسبني تاني "

" عمري يا روبين عمري ما هسيبك تاني ياقلبي عمري "

افاق الاثنين من شوقهما على صوت لينا التي قالت بهدوء :

" وانا موحشتكيش يا روبي؟!"

ابتسمت روبين وهي تنسل من احضان والدها ودفئه ببطء، ثم تحركت صوب والدتها تضمها بحب رغم كل شيء تظل والدتها التي لم تحزنها يومًا سوى في أمر زواجها من مدحت :

" لا طبعًا يا ماما وحشتيني اوي "

ابتسمت لينا وهي تربت عليها بحنان شديد قبل أن تستمع لصوت جاسي التي قالت :

" على فكرة أنتم عندكم بنت تانية اسمها جاسي لو مش واخدين بالكم "

ضحك فادي وهو يضم جاسي أسفل ذارعه بمزاح :

" ياستي أنا زهقان اساسا منك "

ضحكت جاسي وهي تضم خصر والدها :

" قول مهما تقول برضو هفضل على قلبك "

ضحك فادي وهو يجذب روبين لأحضانه رفقة جاسي يقبل رأس الاثنتين بحنان :

" وانا اطول تفضلوا على قلبي وفي قلبي العمر كله ؟!"

ضحكت روبين وهي تضم والدها تقول بلطف :

" لولو كانت عايزة تيجي بس قعدت عشان تجهز الأكل ليكم "

ابتسم فادي وهو يحمل الحقائب :

" طيب يلا لاحسن لولو وحشتني اوي، ووحشني اكلها "

______________________________

كان فبريانو يرفع يده وهو يدعي الاستسلام ليسير له الرجل الذي يقف أمامه حاملًا سلاحه :

" تحرك امامي "

هز فبريانو رأسه ثم تحرك أمامه بطاعة والرجل خلفه يضع المسدس على رأسه، وفبريانو يتحرك أمامه بهدوء شديد، ثم وفي غفلة عن الرجل خلفه استدار بسرعة كبيرة وعكس اتجاه السلاح لرأس الرجل، ثم ضربه به على رأسه وأخرج سلاحه الخاص الذي كان يضع به كاتم للصوت وأطلق رصاصة على قدميه الاثنتين، ثم تركه يسقط ارضًا ويصرخ من الوجع .

تحرك بعدها فبريانو في المكان يسير بكل هدوء يحمل في كلتا يديه سلاحًا، وهو يطلق النيران على كل من يقابله دون أن يرف له جفن، لكن كان يتعمد أن يصيب الأطراف فقط دون أن يقتل، وصل أخيرًا لمنتصف الحديقة، ثم نظر حوله نظرة سريعة قبل أن يخرج هاتفه ويرسل رسالة لانطونيو وبعدها تحرك هو لبهو القصر ينظر حوله باستمتاع شديد وهو يقول :

" والآن من أين نبدأ ؟!"

سمع صوتًا خلفه يقول ببرود :

" من حيث أُخبرك فابري "

نظر فبريانو لظهر انطونيو بملل ثم سار خلفه بعدما انفصل عنه مارتن وآدم وجايك للانتهاء من المهمة التي وكلت لهم، تحرك فبريانو رفقة انطونيو واقتحم الاثنين جميع الغرف مستغلين عنصر المفاجأة ويصيبون كل من بها، ثم يغلقون الغرفة مرة أخرى بكل هدوء .

وأثناء تحركهم في الممر صوب إحدى الغرف تفاجئ الاثنين لسماع صوت أنثوي من خلفهم يقول بلهفة شديدة :

" انتم من ارسلكم ذلك الرجل الوسيم ؟! من منكم هو ماركوس ؟!" 

في الاعلى :

توقف الجميع في أحد الممرات قبل أن يشير مارتن لبعض الغرف وهو يقول :

" ابحثوا عن أي حاسوب أو اي جهاز الكتروني ومن يعثر على شيء يبلغ الباقيين "

هز آدم وجايك رأسيهما، ثم تحركا ناحية الغرفة تبعًا لأوامر مارتن الذي اقتحم إحدى الغرف، لكن وجدها فارغة، ثم اقتحم غرفة أخرى ووجدها كذلك فارغة، وقبل أن يقتحم الثالثة سمع صوت جايك يناديه :

" مارتن، اعتقد أنني وجدت تلك الأشياء السخيفة التي تبحث عنها "

تراجع مارتن من أمام الغرفة التي كاد يقتحمها، ثم تحرك صوب الغرفة التي يقف جايك أمامها دافعًا إياه في كتفه بعنف وهو يقول بحنق :

" تلك الأشياء لها اسم وهي ليست بسخيفة، وإن كان هناك ما هو سخيف في هذه الحياة فهي رسوماتك جايك "

فتح جايك فمه بصدمة ثم أشار على نفسه وهو لا يصدق ما سمعت أذنه للتو :

" رسوماتي الحبيبة سخيفة ؟! أنت يا منعدم المشاعر والأحاسيس تلقي بمثل تلك الصفة الشنيعة على رسوماتي العزيزة ؟! "

ابتسم مارتن بسخرية وهو ينزع الحقيبة عن ظهره وهو يقول :

" نعم الحقيقة أحيانًا تؤلم "

اوصل مارتن جهاز الحاسوب الخاص به على الحاسوب الذي وجده جايك، ثم أخذ ينقر على بضعة ازرار بحماس يندفع في أوردته بقوة كلما لمست أنامله ازرار حاسوب ما، عض مارتن على شفتيه بتركيز كبير يقرب أطراف الأسلاك ببعضها البعض بكل دقة، ليسمع صوت جايك الذي كاد يتحدث، لكنه منعه وهو يقول بتركيز وهو يعود للنقر على الازرار:

" اششش ولا كلمة جايك حتى لا احطم رأسك الفارغة، دعني أركز ارجوك "

صمت جايك بحنق وهو يراقب مارتن الذي كانت عينه تتحرك بسرعة تنافس سرعة اصابعه على لوحة المفاتيح أمامه، لكن أخرجه فجأة من تلك الغيمة صوت آدم الذي اقتحم الغرفة بقوة وهو يصرخ :

" مارتـــــــن "

وبسبب الصدمة سقط جسد مارتن على الأجهزة أمامه واصطدم رأسه بها بقوة وهو يصرخ بغضب وقد نسي فجأة أنهم في مهمة اقتحام :

" اللعنة على مارتن، ماذا تريد ؟!" 

تحدث آدم بصدمة وهو يشير للممر في الخارج :

" هناك ما يجب أن تراه "

هز مارتن رأسه بتجاهل، ثم قال وهو يعود لعمله :

" ليس الآن آدم دعني انتهي من الأمر و..."

" مارتن الأمر يخص جولي "

توقفت أصابع مارتن على لوحة المفاتيح أمامه وهو يستدير بصدمة لادم، ثم قال بعدم فهم :

" جولي ؟! ما بها جولي؟! وما علاقتها بما نحن فيه الآن ؟!"

" عليك أن ترى بنفسك "

أنهى ادم حديثه ثم تحرك بسرعة يتبعه جايك ومارتن الذي بمجرد سماع اسم جولي حتى تجاهل كل شيء، فهي الوحيد التي تتغلب على عشقة لما يخص الحواسيب، هي الوحيدة التي بمجرد ذكر اسمها ينطفئ شغفه بالتكنولوجيا وعالمها، تحرك مارتن خلف آدم صوب الغرفة الثالثة التي كاد يقتحمها هو قبل قليل، ودخل خلفه الغرفة وهو ينظر لادم بعدم فهم يحرك عينه في الغرفة التي كانت تحتوي على فراش بسيط واريكة وطاولة صغيرة فقط ...

" أنا لا افهم شيء آدم ماذ......"

ولم يكد يكمل كلمته حتى وقعت عينه على بعض صور فوتوغرافية تحتل الجدار الذي يقع على الجهة اليمنى لباب الغرفة، شعر مارتن فجأة بالهواء يفرغ من حوله وهو يرى صورة كبيرة تتوسط عدة صور اخرى اصغر، صورة بها عائلة مكونة من ام واب وابنتين وشاب، وللصدمة كانت الأم نسخة طبق الأصل من جولي، وأسفل تلك الصورة تقبع صورة أخرى اصغر منقسمة لنصفين نصف يعود لطفلة ونصف أخرى يعود لـ جولي ..

_____________________________

كانت تقف في مطبخها الذي يطل على شرفة منزلها الواسعة المليئة بالزهور والنباتات تتغنى بأغنية هادئة وهي تتمايل بخفة تمسك بين أصابعها طبق بلاستيكي متوسط الحجم تخفق به خليط الكيك المميزة به، تبتسم بصفاء وهي تشعر بالحرية بعدما تخلصت من عملها الذي كان يضغط على أعصابها بشكل مستفز .

ابتسمت راسيل وهي تتحرك صوب قالب الكيك ثم سكبت به المزيج وهي تحمل القالب تلقي به في الفرن، قبل أن تتحرك صوب النافذة تسقي الورود الخاصة بها وهي تدندن لحنها بحب وتشعر كما لو أنها فراشة تحلق فوق حقل زهور زاهية .

لكن فجأة كل ذلك اختفى من حولها وهي تستمع صوت قادم من الشرفة جوارها :

" مالي اراكِ في المنزل ؟! أوليس لديكِ عمل يا فتاة ؟!"

أغمضت راسيل عينها وهي تحاول تمالك أعصابها وأن تحتفظ بهدوئها أمام الجميع، ثم استدارت وهي تبتسم في وجه السيدة مانتيو :

" صباح الخير سيدة مانتيو، عسى الطفل الصغير بخير ؟!"

تناولت السيدة مانتيو بعض رقائق البطاطس التي تحملها على قدمها وهي تقول :

" نعم الطفل بخير، لماذا لستِ في عملك يا فتاة ؟!"

" هذا عملك أنتِ سيدة مانتيو وليس أنا "

رفعت السيدة مانتيو حاجبها وهي تقول بصدمة :

" ماذا قلتِ؟! ألم تتولي أمور العمل من بعدي ؟! "

" نعم لكنني استقلت بالفعل من هذا العمل المقيت مع ذلك المدير المستفز، أنا حقًا لا احتمل البقاء معه ليومٍ اضافي يا الله كيف كنتِ تتحملينه بحق الله أنه أكثر شخص مستفز بارد ولا مبالي رأيته في حياتي، هو ..هو ..هو الشخص الوحيد الذي دفعني للتفكير جديًا في القتل"

صمتت ثم حركت يدها أمامها تحاول أن تصف بها بعضٍا مما تشعر به جوار مارسيلو :

" أنه يدفعني للتفكير في اشياء لم اتخيل يومًا أن أفكر بها "

حملت السيدة مانتيو كوب العصير أمامها ثم قالت بجدية :

" يا فتاة أنتِ تظلمينه، هو ليس بهذا السوء "

ضربت راسيل قدمها في الأرض وهي تصرخ :

" بل اسوء "

" عجبًا يبدو أنه بالغ قليلًا معكِ، في الحقيقة أنا لم أكن احتك به كثيرًا فهو كان نوعًا ما ....اممم كيف اقولها ؟! نعم كسول، كان كسولًا لدرجة أنه كان يستثقل القدوم للمكتب؛ لذلك لم أكن أشعر به "

مسحت راسيل وجهها ثم قالت بجدية :

" على أية حال لقد انتهينا وانا استقلت، آسفة سيدة مانتيو "

انتهت راسيل من حديثها وهي تتجه صوب الداخل لفحص الكيك الخاص بها بينما السيدة مانتيو تمد رقبتها لتتحدث وهي تقول بصوتٍ عالٍ:

" يا فتاة اعطيه فرصة واحدة، ربما اسئتِ فهمه، هو لطيف حقًا، أنتِ مستبدة ظالمة، ذلك الفتى يمتلك في داخله رجلًا صالحًا بريئًا في غاية الطيبة والحنان"

_____________________________

امسك مارسيلو رأس أحد حراس المخزن وهو يضربه في الحائط مرات ومرات عديدة، ثم قربه من وجهه وهو يرى مقدار الجرح الذي سببه له، وبعدها قال بتفكير  :

" تحتاج لضربة أخرى بعد "

وبعدما انتهى اتبع حديثه بضربة أخرى أكثر قوة حتى كادت رأسه تتفتت بين يديه، ثم نظر لمايك الذي كان يعمل على فتح باب المخزن والذي كان يبدو كما لو أنه منذ العصور الوسطى، باب حديدي ضخم صدئ وقديم، شيء يبعث في النفس تقزز، تحدث مايك بهدوء وهو يحاول فتح الباب :

" احبائي ألعبا بهدوء فأنا أعمل هنا "

ضرب ماركوس أحد الرجال بقدمه، ثم نظر حوله سريعًا قبل أن يقول وهو يحرك كتفه بملل :

" انتهينا بسرعة "

جلس ماركوس ارضًا يستند على الجدار خلفه وامامه جلس مارسيلو، ليقول ماركوس بلا اهتمام :

" إذن هل تعتقدون أن سيلين ستصنع لنا على العشاء بيتزا ام باستا ؟! أنا حقًا أشعر بالجوع، ليتني تناولت الفطور في الطائرة "

أشار له مارسيلو بسخرية :

" لم يسمح جايك لأحد بتناوله على أية حال،  رفض أن نأكله بحجة أن روز أعدته له هو فقط "

ضحك ماركوس وهو يهز رأسه بيأس :

" ذلك الشاب حقًا لا ادري كيف يغار على طعامها، هو يبالغ بعض الشيء "

نفخ مارسيلو بسخرية وهو يجيب أخاه :

" ربما شخصٌ مثلك يفكر في كل شيء قبل الإقدام عليه لن يفهم أمور كالغيرة والحب وغيرهم "

" وأنت من تفهم في تلك الأمور مارس ؟!! ارجوك لا تدفعني للضحك، أنت  آخر علاقة غرامية خضتها كانت مع وسادتك ميمي "

تحدث مارسيلو بعد تنهيدة طويلة متأثرًا بما قاله أخيه للتو  :

" يا اخي لِمَ تستمر في الضغط على جروحي القديمة ؟! لقد انفصلنا أنا وميمي بالفعل منذ وجدتها على فراش آدم "

كتم ماركوس ضحكته وهو يجاري لعبة أخيه :

" لا تظلمها مارس لقد ذهبت هناك بالخطأ بعد سهرتك مع ادم، ثم لا تدع مجرد حادثة صغيرة تنهي ما بينكم من حب "

" ارجوك ماركوس لا تذكر الامر، ما بيني أنا وميمي انتهى تمامًا "

تحدث مايك بحنق وهو يضغط على جزء معين بالباب :

" أقسم إن سمعت كلمة إضافية سأمزقكم اربًا انتم وميمي الغبية تلك "

تذمر مارسيلو من حديثه :

" أخي أنا انفصلت عن ميمي، لكن هذا لا يعطيك الحق في وصفها بالغبية "

ارتسمت بسمة واسعة على فم مايك وهو يرى الباب يتحرك من مكانه بهدوء، نهض من الأرض ثم أمسك مقبضه وجذب الباب بقوة يفتحه وهو يردد ببسمة هازئة :

" عندما نعود سأخلصك على ميمي تلك، واثأر لجرحك منها  "

وبمجرد أن انتهى من حديثه حتى أخرج مايك كشافًا يدويًا من حقيبته واقتحم الغرفة المظلمة الرطبة التي جعلت وجهه ينكمش بتقزز وهو يحرك الكشاف على الاجساد المترامية أسفله ورائحة الدماء تكاد تصيبه بالغثيان، تحدث ماركوس من خلفه بملامح غاضبة :

" هؤلاء الاوغاد يتعاملون معهم كما لو أنهم مجرد حيوانات "

نظر لهم مايك وهو يقول بعجز :

" ماذا نفعل الآن ؟!" 

دفعه مارسيلو جانبًا وهو يأخذ منه الكشاف يحاول ايجاد أي زر لإضاءة الغرفة لكنه لم يجد؛ لذلك فكر سريعًا وتحرك لخارج الغرفة يبحث عن زر إضاءة حتى وجد بعض الأزرار وأخذ يعبث بها حتى انتشر نور قوي في الغرفة كاد يصيب الأشخاص المسطحين ارضًا بالعمى .

صدم الثلاثة من عدد الأطفال الموجودين وفي هذه اللحظة شكروا جدهم في أنفسهم لمنعه جاكيري من القدوم، فلو رأى جاكيري هذا المشهد لكان انتكس وعاد لما كان عليه، نظر مايك لاخوته، ثم قال بجدية وهو يتحرك صوب طفلة صغيرة كانت تزحف ارضًا يحملها بين ذراعيه :

" هيا ساعدوني لأخذ كل هؤلاء للجهة الغربية، جدي سيرسل السيارات هناك"

وبالفعل بدأ ماركوس يتحرك ويوقظ من يمكنه ايقاظه، ثم يدفعه للتحرك خلف مايك، ومارسيلو يحمل على ظهره من لا يستطيع التحرك ويركض به للخارج وهو يسب ويلعن من له يد في ابتعاد كل هؤلاء عن عائلتهم .

______________________

هبطت من سيارتها الصغيرة بعد ساعات قصيرة من التجول بها في المدينة بلا هدف، كل هذا فقط حتى لا تتصادم مع والدتها، تصادم قد يستزف منها طاقتها التي شحذتها أمس رفقة عائلته، ارتسمت بسمة صغيرة لطيفة على فمها وهي تتذكر تلك الليلة المجنونة التي قضتها رفقة عائلته، بالله هل هناك عائلة بمثل تلك القرابة واللطف ؟! في الحقيقة هي ليست محرومة من دفء العائلة بشكل كامل، فهي تعترف انها في وقت إجازة والدها تقضي اسعد أيام في حياتها بين احضان والديها، سهراتهم سويًا وغيظ والدتها من تحدثها هي ووالدها بالعربية .

كان كل شيء على ما يرام، كانت حياتها مثالية هادئة كأي شخص في هذا العالم، حتى استوعب والديها فجأة أنها كبرت وتحتاج لصنع مستقبلها، ومنذ ذلك الحين وهما يتسابقان في  وضعها على اول طرق هي تجهل كيفية السير بها، طرق كلما خطت بها وجدت سعادتها وراحتها تسير في الاتجاه المعاكس .

تنهدت لورا وهي تنظر حولها تنتظر وصول رفيقتها الجديد، رفيقتها التي قررت الرهان عليها للمرة الثانية بعدما فاز رهانها بمايك، ثواني حتى رأت سيارة بيضاء جميلة تقترب منها جعلتها ترمق سيارتها بحنق وهي تربت عليها :

" لا بأس وزة أنتِ ما تزالين جميلة صغيرتي، ومهما رأيت ستظلين صغيرتي الوحيدة "

توقفت السيارة بالقرب منها وراقبت رفيقتها تخرج منها والتي لم تكن سوى جولي التي كانت تلتصق بها في الامس بعدما همس لها مايك أن تشاركها الحديث وتصادقها، ابتسمت جولي وهي تتحرك بحماس صوب لورا وهي تقول :

" عفواً على التأخير، الصغيرة فيور كانت ترفض المجئ واستغرقت الكثير لاقناعها"

حركت لورا نظرها على السيارة لتجد أربع فتيات غير جولي يهبطن منها، وقد عرفتهن، هن أفراد من عائلة مايك تعرفت عليهن البارحة، ابتسمت لورا بسمة صغيرة وهي تحيي الجميع برأسها، قبل أن تقترب منها روما وهي تنظر لها ببسمة تمد يدها لها بهدوء :

" مرحبًا يا جميلة أنا روما زوجة انطونيو الأخ الأكبر لمايك، في الحقيقة هو الأكبر بين الجميع "

لم تكد لورا تفتح فمها بكلمة حتى وجدت جولي تميل عليها وهي تهمس لها :

" ذلك العجوز القبيح لورا الذي كان يترأس الجلسة أمس، هو نفسه زوجها، لكن لا تقتربي منه أنه مفترس "

نظرت لها لورا بصدمة لتنتفض بعيدًا فجأة وهي تجد يد روما تسقط بقوة على جسد جولي تصرخ في وجهها :

" أقسم جولي أنني امنع نفسي عنك بصعوبة، توقفي عن محاولة تشويه صورة انطونيو أمام الجميع "

رمقتها جولي بحنق، ثم انتبهت لهايز التي تقدمت وهي تعدل من وضع نظارتها تقول ببسمة واسعة :

" أنا هايز صديقة آدم"

اقتربت جولي منها وهي تهمس لها مجددًا وكأن جولي نصبت نفسها مرشد لاخبارها بكل ما يخص العائلة :

" هي كاذبة هما ليسا فقط صديقين، هما حبيبين، لكن الصغير آدم فظ بعض الشيء، ورغم ذلك هو يحبها كثيرًا "

أنهت جولي حديثها وهي تشير لروز تقول ببساطة :

" وهذه روز الخرساء حبيبة جايك "

نظرت لها لورا بصدمة من وصفها لروز بالخرساء وعلى مسمع الجميع، شعرت بالشفقة وهي تنظر لروز تود قول شيء لتصرف ذهنها عن كلمة جولي الوقحة _ من رأيها _ لكن صوت روز الذي خرج ساخرًا :

" حقًا جولي، فقط انتظري حتى أعود للمنزل وقتها سأريك ما يمكن للخرساء أن تفعل"

نظرت للورا التي لا تفهم شيء ثم قالت :

" مرحبًا لورا، أنا روز ونعم أنا كنت خرساء ومازلت كذلك، لكن أمام أفراد العائلة فقط؛ لذلك احرصي ألا يعلم أحد أنني اتحدث "

رفرفت لورا بعينها وهي لا تفهم شيء قبل أن يدفع جسد صغير الجميع بقوة مجهولة ويظهر صوت رقيق منها وهي تقول :

" مرحبًا أنا فيور، صديقة العم ماركوس، حسنًا في الحقيقة الأمر معقد لكن يمكنك القول أنني صديقة له "

دفعت جولي الجميع وهي تقول :

" هش هش الفتاة ستخافكن،  لا تخافي لورا هن فقط مندفعات غبيات، انتظري فقط حتى تري روبين ورفقة وبعدها يمكننا القول أننا اكتملنا، ينقصنا فقط حبيبة الكسول مارسيلو وبعدها يمكننا أن نغلق القائمة ونقتل أي امرأة تقترب من القصر مجددًا "

كانت تتحدث بحماس بينما فيور تقول بحنق :

" لا لا تحسبينني معكن، أنا لست من نساء ذلك القصر، أنا فقط ضيفة حتى يحين وقت رحيلي "

جذبت جولي لورا معها صوب المبنى العملاق أمامها وهي تقول ببسمة صغيرة :

" نعم نعم صحيح "

بعدها همست في أذن فيور بصوت منخفض :

" دعكِ منها أنها غبية"

رفعت جولي صوتها وهي تقول للجميع ببسمة بينما تدخل مع لورا لمركز تصميم الازياء الخاص بمايك بعدما اخبر لورا البارحة أن تصميمها جاهز، وفقط ستذهب لتراه :

" هيا يا فتيات لنرى تصميم السيد مافو العظيم، أراهن أنه غبي " 

بعد دقائق فقط كانت جميع الفتيات يقفن بافواه مفتوحة ببلاهة أمام الفستان الذي يقبع على جسد أحد تماثيل العرض، والجميع لا يصدق ما يراه، رددت جولي وهي تشير للفستان بصدمة متحدثة مع مولي ( مساعدة مايك ) :

" عفواً تصميم من هذا ؟؟"

" السيد مافو آنستي"

نظرت جولي للفتيات وهي تشير للفستان بصدمة وكأنها تخبرهن ( مايك خاصتنا فعل هذا ؟!) 

كانت لورا تتلمس الفستان وهي لا تصدق أن هذا صُمم لأجلها هي، وعيونها التمعت بالانبهار وهي ترمق الفستان الذي كان باللون الاسود الليلي وينتشر عليه خيوط فضية بشكل متناثر برقة يوحي لك كما لو أنها نجوم تضئ ليلة هادئة، وهناك شق صغير في منتصف الفستان يظهر طبقة داخلية من اللون الاحمر وتدرجاته يجعلك تشعر كما لو أن هناك لهب داخل الفستان لايظهر إلا عند الحركة بقوة، وكان الفستان ضيق من الاعلى ويتسع شيئًا فشيء لاسفل وبه العديد من التفاصيل التي لم تستوعبها عينها التي اعتادت أن ترتدي فساتين بسيطة جدًا، ومن بين تأملاتها تلك لاحظت ورقة تقبع عنق رقبة الفستان وعليها جملة صغيرة خُطت بخط منمق، حملت الورقة وهي تقرأها بلهفة :

"  هادئة كسماء ليلةٍ مليئة بالنجوم، لكن قلبك مشتعل كقطعة جمر تخفي خلفها حمم؛ حمم تنتظر الثوران "

________________________________

كان انطونيو وفبريانو ينظران للفتاة أمامهما ببرود شديد وسؤال واحد يدور في رأس الاثنين، ما الذي تفعله فتاة في مكان كهذا خاصة أنه ليس مخصصًا للعيش ؟!

لكن الفتاة لم تلاحظ كل تلك التساؤلات التي تعلو وجوه الاثنين وهي تتقدم منهما تقول بحماس شديد وهي تضم يديها أمام وجهها :

" لقد أخبرني ذلك الوسيم أنه سيرسل لي احفاده حتى اختار واحدًا منهم، وقد رشح لي ماركوس، إذن هل ماركوس واحد منكما ؟!"

نظر فبريانو لانطونيو وهو يميل برأسه في شكل جعل الفتاة أمامه تشعر كما لو أنه أحد القتلة المتسلسلين في الأفلام المرعبة، وعززت كلماته المختلة تلك الصورة التي رسمتها له الفتاة في رأسها :

" هل تقتلها أنت أم افعل أنا ؟!"

نظر له انطونيو وهو يناقشه بجدية في الأمر وكأن المعنية به لا تستمع لهما :

" حسنًا أنت تعلم تقززي من النساء؛ لذلك تفضل أنت وانتهي منها "

ابتلعت الفتاة ريقها وهي تعود للخلف بخوف شديد من الاثنين وقد همست بصوت وصل واضحًا للاثنين :

" أنتما من أول ثلاثة؟! الثلاثة الذين يأكلون الفتيات الصغيرات ؟!"

ضحك انطونيو بصوتٍ عالٍ وهو يقول لفبريانو :

" يبدو أنها تحدثت مع جدك طويلًا "

عدلت الفتاة من وقفتها وهي تقول بارتجاف من يد فبريانو التي كانت تتلاعب بالسلاح أمام عينيها :

" لقد ...لقد ...لقد ساعدت جدكما للهرب من هنا، أنتما تدينان لي مقابل ذلك"

تحرك انطونيو صوبها وهو يقول بأعين ضيقة :

" ما الذي تفعله فتاة بلهاء مثلك هنا ؟!"

نظرت الفتاة حولها بخوف تبحث عن أحد رجال أخيها الذين لم تظن يومًا أنها قد تحتاج لهم وهي تقول بخوف :

" لقد جئت هنا وحدي من دون علم أخي"

ابتسم انطونيو لها بسمة باردة، ثم تخطاها بكل برود وهدوء وهو يقول :

" انتهي من الأمر فبريانو، لا نريد ترك دليل خلفنا "

نظر فبريانو للفتاة التي سقطت دموعها بخوف وهي تقول :

" أنا لم افعل شيئًا "

هز فبريانو رأسه بحسرة وهو يقول :

" احيانًا يا فتاة نكون ضحايا لغبائنا "

بكت الفتاة وهي تعود للخلف برعب تنظر ليد فبريانو الذي كان يقترب منها خطوات بطيئة بعثت الفزع في قلبها، لا ينتوي قتلها بالطبع، لكن لا بأس ببعض المتعة .

في الاعلى :

كان مارتن لا يفقه شيئًا وهو يمسك إحدى الصور بين يديه يحدق بها وضربات قلبه تعلو، ليسمع صوت جايك المتعجب وهو يقول :

" هل ؟! هل هو معجب مهووس بجولي ؟!"

استدار له مارتن كالرصاصة بشكل مخيف وهو يضغط على الصورة بين يديه بقوة، ثم رفع نظره للصورة الكبيرة التي تتوسط الجدار وهو يقول بتفكير :

" أو ربما شقيقته ؟!"

تعجب ادم حديث مارتن ثم أضاف :

" حسب معرفتي بجولي فهي يتيمة وتعيش وحدها منذ سنوات طويلة، كيف يمكن أن يمتلك ذلك الشخص صورًا لها وهي في مرحلة شبابها إن لم يكن يتربص لها؟! ثم إن كانت شقيقته بالفعل، لِمَ يستمر بالتقاط الصور لها بدلًا من احضارها جواره ؟!"

" ربما لم يتم التقاطها "

نظر له الاثنين بعدم فهم ليقول هو بعدما تحرك وانزل الصورة الكبيرةيكسرها بعنف ارضًا، ثم نزعها من بين الزجاج وهو يقول بصوت غامض :

" الصورة ليست لجولي، بل تم تعديلها على بعض البرامج باستخدام صورتها وهي طفلة إلى جانب استغلال الشبه بينها وبين والدتها، لتخرج في النهاية، صورة تشبه جولي لكنها ليست بجولي، ليست نفس الملامح ولا نفس الابتسامة"

صمت ثم نهض وهو يشير لجزء صغير في الصورة :

" انظروا هناك علامة مائية صغيرة هنا باسم أحد التطبيقات التي تختص بمثل تلك العمليات "

فتح جايك فمه بانبهار، فمارتن من نظرة واحدة تمكن من تحديد كل تلك الاشياء، ربما لأنه اعتاد ذلك النوع من التلاعب، لكن السؤال الآن ما هي الحقيقة كاملة ؟!

تحرك مارتن خارج الغرفة واتجه صوب الغرفة التي تحتوي حاسوبًا وأخذ ينقر على عدة أزرار بسرعة كبيرة لتمر دقائق طويلة وهو على نفس حالته قبل أن يبتعد وهو يقول بجدية ينزع كل شيء من المكان  :

" لنرحل من هنا "

في الاسفل كانت الفتاة ما تزال تبكي خوفًا من فبريانو الذي بمجرد اقترابه منها حتى همس بصوت منخفض مخيف :

" عودي لمنزلك يا صغيرة وانسى كل ما رأيته الآن"

أنهى حديثه وهو يتجاوزها بكل بساطة مما جعلها تفتح عينها بصدمة وهي تستدير ترمق ظهره أثناء رحيله، في نفس الوقت الذي أبصرت به ثلاث رجال بهبوطون الدرج بسرعة كبيرة وصوت أحدهم يتحدث بجدية :

" لقد انتهينا "

هز فبريانو رأسه وهو ينظر للدمار الذي تحدثه هز وانطونيو وقال :

" ونحن أيضًا كذلك، دعونا نرى إن كان مايك والاخرين قد انتهوا أم لا "

لكن وقبل أن يتحرك أحدهم خطوة اندفعت الفتاة وهي تمسح دموعها تقول ببسمة واسعة :

" مرحبًا من منكم ماركوس ؟!"

فتح مارتن عينه باتساع وهو يراقب تلك الفتاة، ثم نظر لجايك وآدم نظرات فهمها الاثنين، فقد كانت تلك الفتاة هي نفسها الفتاة الثانية في الصورة .

نظر لها فبريانو بشر ثم قال :

" أنا لست كريمًا لهذا الحد حتى اتركك مرة أخرى "

نظرت له الفتاة برعب وهي تتراجع للخلف، ثم قالت بتردد وهي تنظر لهم :

" أنا لم افعل شيئًا، فقط اريد الرحيل بعيدًا عن أخي"

كاد فبريانو يسمعها ما لا تطيق أذنها الصغيرة سماعه، لكن أوقفه صوت مارتن الذي خرج بسرعة وبلهفة غريبة وهو يقول بجدية :

" سوف نأخذها معنا أخي "

استدار فبريانو ببطء يرمق مارتن باستنكار كبير، لكن مارتن نظر له بهدوء وهو يخبره متنهدًا بتعب :

" سأخبرك كل شيء لاحقًا، جايك خذ الفتاة وعد بها للطائرة عند جاكيري "

فتحت الفتاة عينها بانبهار :

" انتم لديكم طائرة ؟!"

عض مارتن شفتيه وهو يرى نفس بلاهة جولي تتمثل أمامه لكن بنسخة اصغر قليلًا، لكن هو في الحقيقة لا يتحمل البلاهة ولا الغباء، سوى من جولي فقط؛ لذلك تحدث بحنق :

" الآن جايك، ونحن سنساعد مايك ونلحق بكم "

انتهى من حديثه وهو يخلع حقيبته التي تحتوي الحاسوب ثم قال بجدية :

" خذ هذه معك واحرص عليها جايك "

وبمجرد انتهاء حديثه حتى تحرك من القصر مع انطونيو وآدم وفبريانو الذي رمق الفتاة مرة أخيرة بشكل جعلها تركض خلف جايك وهي تكاد تبكي رعبًا منه، سار فبريانو خلف الجميع وهو يخرج أسلحته مرة أخرى تحسبًا لمقابلة أحدهم في الطريق، بينما مارتن يسير شاردًا ولا يعلم حقًا سبب أخذه للفتاة معهم، لكن ما يعلمه أنه لن يتوانى لحظة عن محاولة الوصول لحقيقة ما رأى، لأجل بنية العينين وفقط........

________________________________

توقف مارسيلو بتعب وهو ينظر لباقي الأجساد التي عجزت على الركض خلف ماركوس، شعر بالسخط والغضب يعتريه من هذا المظهر، يتعاملون مع البشر كما لو أنهم سلعة بخسة الثمن، أجساد لهم الحق في التحكم بهم كيفا شاؤوا، هو منذ اقحمه جده لهذا العالم رفقة إخوته وأبناء عمومته، وهو ناقم على الجميع كاره لهم، في البداية كان يُصدم من مقدار الشر والكره واللانسانية التي تزخر بها قلوبهم، لكن شيئًا فشيء اعتاد قسوتهم ووحشيتهم، لكن في هذه اللحظة يشكر لجده أنه لم يسمح لايًا منهم أن يتشرب تلك القسوة والجحود منهم، هم كانوا يدعون البأس أمامهم، وفي منزلهم، هم عائلة عادية لكلٍ منهم شخصيته، لكنهم في النهاية مازالوا يحتفظون بانسانيتهم...

في ذلك الوقت ابصر مارسيلو عودة مايك وماركوس اللذين ركضا صوب الغرفة مرة أخرى ينقذون ما يمكن إنقاذه، وبعدها يتحركون معهم صوب السيارات التي تصطف بأمر من جده في الجهة الغربية خارج القصر .

وصل الباقيين للمكان وتحدث انطونيو وهو يتجه صوب مارسيلو :

" هل انتهيتم مارسيلو ؟!"

هز مارسيلو رأسه بلا ثم أشار للغرفة التي خرج منها ماركوس وهو يحمل بين يديه فتاة تبدو في طور المراهقة :

" لا اعلم ما بهم يبدو كما لو أن أجسادهم شُلت، الكثير منهم لا يستطيع التحرك "

كان فبريانو يرمق الاجساد بأعين مظلمة وذكرى بعيدة تلوح له في الأفق، هو لم يتأذى بقدر جاكيري، لكن رؤية الأجساد مكومة بهذا الشكل، ذكرته به حينما كان ينتظر دوره برعب بين احضان جاكيري، وذكرته بنفسه حينما أُخذ جاكيري منه عنوة، وبقي هو يصرخ ويناديه .

تحرك فبريانو داخل الغرفة يمرر عينه بين الاجساد ثم تحرك صوب رجل يبدو في منتصف العمر، لكن وقبل أن يقترب منه لمح جسد صغير يتكوم في ركن الغرفة بشكل جعل قلبه ينبض بعنف، تراجع فبريانو ببطء، ثم سار صوب الجسد يخفي سلاحه في ثيابه من الخلف وهو يجلس على ركبته وهو يقول بصوت خافت :

" مرحبًا يا صغير " 

نظر له الطفل برعب وهو يبكي يخفي وجهه بين يديه، يبدو صغيرًا حتى اصغر منه هو وقتما عانى نفس الأمر، ابتلع فبريانو ريقه وهو يجذب يد الطفل بعيدًا عن وجهه يقول بلطف وصوت خافت حاول جعله حنونًا :

" هل تود العودة لوالدتك يا صغير ؟!" 

رفع الطفل نظره لفبريانو بارتجاف وهو يردد بصوت مرتعب :

" ماما ؟!" 

" نعم يا صغيري، هيا أنا سأخذك لها "

نظر له الطفل بشك وخوف، لكن عقله الصغير لم يستمر في التفكير أكثر من ذلك وهو يسلم أمره له، حتى لو كان كاذبًا، هو فقط يتعلق بأي أمل قد يخرجه من هنا، رفع الطفل عينه لفبريانو وهو يقول بصوت حفيض مرتعش :

" لقد أخذوا صديقي منذ أيام ولم يعد حتى الآن "

ضرب رأس فبريانو صوت طفل آخر باكٍ مرتجف وهو يقول برعب ( لقد أخذوا اخي يا جدي )، ابتلع فبريانو ريقه وهو ينحني بجسده أكثر يعطي للصغير ظهره في إشارة منه أن يصعد عليه وهو يقول بخفوت ينهض به وهو يتمسك بالطفل جيدًا :

" هو الآن في مكان اجمل يا صغيري "

صمت ثم حمله وهو يخرج من الغرفة تحت أنظار الجميع الذين كانوا يتابعون النقاش بينه وبين الصغير، يدرك الجميع أن فبريانو أيضًا مازال محبوسًا في تلك الغرفة مثله مثل جاكيري، لكن فبريانو يبرع في دفن أحزانه وتجاوزها، عكس جاكيري الذي كان جرحه غائرًا ..

همس الصغير ببكاء :

" لكنه يخاف البقاء وحيدًا، لِمَ ذهب بدوني ؟!"

تحدث فبريانو وهو يمسك الصغير جيدًا :

" هو الآن مع امي وابي، سأخبرهما أن يعتنيا بصديقك "

ضم الصغير رقبته وهو يقول ببراءة :

" وكيف سيعرفانه ؟!"

" لا بأس أنا سأخبرهما "

نظر له الصغير وهو يمد رأسه بلطف :

" كيف ستفعل ؟! "

نظر فبريانو للسماء وهو يقول :

" فقط سأتحدث معهما وهما سيسمعاني"

نظر الصغير للسماء وهو يقول :

" هل سيسمعني رفيقي أيضًا "

ابتسم فبريانو بسمة صغيرة وهو يتوقف أمام إحدى السيارات :

" نعم سيفعل، فقط اغمض عينك وقل له ما تريد، والآن ابق هنا حتى تصل لوالدتك حسنًا "

ابتسم الطفل له وهو يجلس على أحد المقاعد في السيارة الكبيرة التي كانت واحدة من ضمن السيارات الكثيرة التي أحضرها اليخاندرو لهذه المهمة، نهض الصغيرة وألقى نفسه في احضان فبريانو يربت على ظهره وهو يقول :

" شكرًا لك عمو لقد كنت أثق أنك ستأتي لتخرجني، امي أخبرتني ذلك، هناك دائمًا بطلٌ خارق سينقذك من أي مأزق "

ابتسم له فبريانو بسمة واسعة، ثم لاعب خصلات شعره اللطيفة وهو يقول :

" ويومًا ما ستكون أنت أيضًا بطل خارق يا صغير، والآن يمكنك النوم قليلًا حتى تصل لوالدتك "

هز الطفل رأسه وهو يندفع جوار النافذة ينظر للسماء وهو يهمس بعض الكلمات يناجي بها صديقه، عاد فبريانو للقصر مجددًا ليجد أن الجميع قد انتهى تقريبًا، تحدث بجهل لمارتن :

" كيف ستجدوا عائلات الجميع مارتن "

نظر له مارتن نظرة واثقة وهو يقول :

" لا تقلق اخي من خلال وجوههم أو بصماتهم نستطيع الوصول لسجل كل شخصٍ منهم، ومن لا يمتلك سجلًا سيتم اداعه في منازل رعاية، جدي دبر كل شيء لا تقلق، هيا للطائرة "

أنهى مارتن حديثه وهو يضع السيدة التي كان يسندها في السيارة جوار الصغير، ثم اغلق الباب ونظر للسائق والذي كان أحد رجالهم أن يتحرك، توقف الجميع يراقبون رحيل السيارات واحدة تلو الأخرى وهناك بسمة ترتسم على جميع الأوجه، ليعلو صوت انطونيو وهو يقول بفخر :

" لنعد للمنزل احبائي، لقد ابليتم حسنًا "

تحرك مايك صوبهم وهو يركض بحماس ليقول شيئًا، لكن أثناء ذلك تعرقل بقوة في أحد الصخور وكاد يسقط على وجهه، لولا فبريانو الذي امسكه بسرعة يمنع اصطدام محتم، بينما مايك كان يفتح عينه بفزع، استدار ينظر لفبريانو بشكر وهو يعتدل في وقفته :

" كان هذا وشيكًا، ريتها امك خلفت كلب وما خلفتك فبريانو "

فتح ادم فمه بصدمة من حديث مايك، وفبريانو يقف أمامه يرمقه بملامح مخيفة، قبل أن يرفع يده يلكم مايك لكمة عنيفة، وبعدها ضربه بقدمه في معدته واسقطه ارضًا وهو يقول بشر :

" الكلب ده يبقى أنت يا زبالة "

نظر له مايك بصدمة وهو لا يصدق أنه فعل هذا لأنه شكره :

" أنت أيها الوقح، كل هذا لأنني شكرتك، تبًا لك، أنت لا تستحق ما أخبرتك به "

لكمه فبريانو مرة أخرى وهو يقول ببسمة بارة :

" نعم أنا لا استحقه، ولا أحد يستحقه بمقدارك مايك، ريتها امك خلفت حمار ولا خلفتك يا متخلف "

رفع مايك حاجبه وهو يراقب تحرك فبريانو بتعجب، يشعر أن جملة الشكر الخاصة به تغير شيئًا بها :

" مهلًا هي لا تقال هكذا، لقد غيرت كلمة بها، يا رجل أنت سيء في العربية، إن لم تكن تستطيع تحدثها فلا تجادلني رجاءً" 

ضحك آدم بصخب وهو يراقب ذلك الحوار الممتع، ثم تحدث ليخرج الجميع من ذلك الصمت وهو يتحرك باقدام سريعة :

" آخر من يصل للطائرة سيتناول باستا سيلين بالكامل وحده "

وبهذه الكلمات اشعل آدم روح التنافس بين الجميع وانطلق الجميع سريعًا كالقاذفات نحو الطائرة، عدا انطونيو وفبريانو اللذان نظرا لبعضها البعض، قبل أن يتحدث انطونيو غامزًا :

" احضر دواء للمعدة قبل عودتك للمنزل يا عزيزي " 

ابتسم فبريانو وهو يتحرك يسرع من مشيته قبل أن تزداد خطواته حتى وصلت للهرولة وهو يهتف بصوت عالي يتخطى انطونيو :

" نعم سأحضره .....لك "

أنهى حديثه بغمزة وهو يطلق ضحكات عالية يزيد من سرعة ركضه يتجاوز واحدًا تلو الآخر وصوت ضحكات الجميع تعلو في المكان واصوات الصرخات الحماسية تشق السكون حولهم ......

في الطائرة كان جاكيري يرقص على بعض الاغاني بكل حماس حماس ويشاركه في ذلك جايك الذي جاءه قبل قليل ومعه فتاة لم يهتم لها كثيرًا وبمجرد أن خطى للطائرة حتى وجد جاكيري يرقص بكل صخب وسعادة جعله يتجاهل الفتاة وهو ينطلق له ينضم لرقصته بحماس والفتاة جلست على أحد المقاعد وهي تراقبهم بانبهار شديد، وهما لا يعريها أي اهتمام ..

تحدث جاكيري بحماس وهو يري أخاه وشريك الرقص الخاص به في العائلة حركته الخاصة :

" انظر لهذه الحركة تعلمتها مؤخرًا "

انتهى من كلماته وهو يضع أحد ذراعيه بشكل أفقي في الهواء، ثم حرك يده الأخرى لأعلى وأسفل ذلك الذراع وهو يحرك جسده وجايك يتابعه بانبهار ثم أخذه يقلده في حركاته، وجاكيري يستعرض له آخر ما وصل له من الرقص السوقي المصري والذي لمحه بالصدفة في أحد الأفراح التي مر بها .

تحدث جاكيري مجددًا وهو يشير لخصره الذي يحركه بشكل دائري كما لو كان أحد مؤدي عروض " التنورة " :

" وهذه أيضًا تعلمتها، انظر "

كان جايك يرمق جاكيري بانبهار يوازي انبهار الفتاة التي تجلس على المقعد وتشاهدهما باستمتاع، لكن فجأة قطع كل ذلك صوت فتح الباب الخاص بالطائرة بعنف شديد وصوت عالي يصدح وهو يقول :

" ماذا تفعلان "

صرخ جاكيري و جايك بصوت مرتفع وقد أخرج جاكيري مسدسه كردة فعل من جسده، لكن توقف وهو يرى ادم يضحك بصخب عليهما، تحدث جاكيري بحنق :

" لعين كأخيك "

وصل له صوت فبريانو الذي كان ثاني الواصلين وهو يقول بمرح قلما ظهر رفقة عائلته :

" وما شأنك بأخيه جاكيري، كل هذا لأنني رفضت احتضانك اخر مرة ؟! حسنًا لا بأس تعالى سأعانقك "

صرخ جاكيري وهو يبتعد عن مرمى يد فبريانو :

" هذا الجسد الطاهر لن تمسه يد سوى يد رفكة فقط، ابعد يديك عني أيها القاتل "

وصل انطونيو وهو يتنفس بعنف يقول وهو يرى ماركوس ومايك يصلان في الوقت نفسه ينظر لادم الذي سبق الجميع :

" ذلك الصغير يستغل أقدامه السريعة للفوز " 

ثواني وكان مارتن يقتحم الطائرة وهو يلقي جسده بها يقول بتعب :

" ويلتي كادت أنفاسي تزهق "

كان يتنفس بعنف وهو يبتسم بسعادة أنه ليس الاخير بل مارسيلو، وها هو صاحب المركز الأخير وصل لهم وهو يسير بخطوات شبه سريعة، ويبدو أنه كسله تفوق عليه مرة أخرى .

ضحك انطونيو بقوة على وجه مارسيلو الذي دفع جسد مارتن المتكوم ارضًا :

" هذا ليس عدلًا أنتم تنتقون السباقات التي لا احبها، أنتم تعلمون أنني لا أحب أن ابذل جهدًا بهذا الشكل، يكفيني أنني تركت فراشي وجئت معكم "

تحدث مارتن وهو يضع يده على معدته يتنفس بعنف :

" وجودك في العائلة مارسيلو يضمن لأي أحد ألا يكون المركز الأخير في مثل تلك السباقات، فأنت أكثر كسلًا من الركض "

نظر مارسيلو بحنق لماركوس وهو يقول :

" أرأيت يا ماركوس ما فعلته بنا سباقاتك الغبية ؟! أنا الآن

تعليقات



×