رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الثامن عشر 18 بقلم رحمة نبيل


رواية احفاد اليخاندرو الجزء الثاني (الوجه الاخر للمافيا) الفصل الثامن عشر  بقلم رحمة نبيل



‏"أليستْ كل أمورك بيد الله؟

‏فليطمئن قلبُكَ" ❤️


صلوا على نبي الرحمة .


كانت تقف في صالة المطار تنتظر عائلتها بشوق كبير تشعر بالحنين قد استبد بقلبها، وجوارها يقف العم توفيق واسكندر اللذان أصرا على الحضور معها، اسكندر لأنه يود رؤية جاسي، وتوفيق لأنه ملّ البقاء في المنزل .


ثواني حتى ظهر جسد جاسي على مرمى بصر الجميع وهي تجر حقيبة خلفها وترتدي حقيبة أخرى اصغر على كتفها وتغطي عينها بنظارة سوداء، كانت تسير بملامح جامدة بعض الشيء قبل أن تنفرج شيئًا فشيء وهي ترى اندفاع روبين صوبها، ارتسمت بسمة واسعة على وجه جاسي وهي تتحرك بسرعة صوب اختها تتلقفها في أحضانها بحب كبير وشوق قد اضناها، ولم تستطع أن تأخذ إجازة من عملها سوى الآن فقط ولولا توسط دراجون لها لما حصلت عليها حتى، يبدو أن معرفة قائدها باختها ستجني ثمارها الآن.


" وحشتيني اوي اوي يا جاسي وحشتيني اوي "


بادلتها جاسي العناق بحب وهي تقول بحنان :


" وأنتِ وحشتيني اكتر يا حياتي "


ضمتها روبين أكثر وهي لا تصدق أنها الآن وبعد كل تلك السنوات رأت اختها والتي كانت قد سافرت مع والدها منذ سنوات لا تعلم عددها حتى ولم تكن تراها سوى في المناسبات، وحتى أنها كانت لا تحضر البعض منها متعللة بعملها الذي عرفت هويته مؤخرًا بعدما قص عليها فبريانو كل شيء .


ابتعدت روبين عن اختها وهي تمسح دموعها، ثم بحثت بعينها خلفها عن والديها، لتجد أن جاسي جائت وحدها، انكمشت ملامح روبين بتعجب وهي تقول :


" امال فين بابا وماما ؟! مش المفروض انهم معاكِ ؟!"


هزت جاسي رأسها بنعم ثم وضحت الأمر :


" أيوة ياقلبي المفروض كانوا هينزلوا معايا، لكن على آخر لحظة بابا طلع ليه مشكلة في الشركات وتصفيتها، فقرر أنه يمد إقامته يوم كمان، وماما مرضتش تسيبه المرة دي وتنزل "


أنهت حديثها وهي تنحرف بعينها لاسكندر الذي اقترب منها وهو يمنحها بسمة هادئة وقلبه يضرب بعنف بين جنبات صدره :


" حمدالله على سلامتك يا جاسي، نورتي مصر كلها "


منحته جاسي ابتسامة اذابت قلبه للمرة المليون منذ لمحها قادمة نحوهم تتحدث بتعجب :


" اسكندر ؟! عاش من شافك يا راجل ؟! ايه الغيبة دي كلها ؟!"


ابتسم اسكندر وهو يحك رقبته :


" ظروف بقى بس خلاص عدت "


ابتسمت ليه جاسي وهي تنظر الرجل الذي كان يقف خلف اسكندر، ثم ضيقت عينها وهي تحاول تذكر إن كانت تعرفه أم لا، أشارت عليه وهي تقول مخمنة :


" وأنت تبقى ....."


صمتت قليلًا تحاول معرفة هويته، لكن توفيق لم يمنحها حتى فرصة التفكير وهو يدفع اسكندر وروبين جانبًا يحتل الرؤية أمام جاسي وهو يعدّل من وضع ثيابه المكونة من قميص وبنطال قماشي :


" أنا ابقى توفيق، اكيد تعرفيني او سمعتِ عني، اصل أنا مشهور في ايطاليا "


فتحت جاسي فمها وهي تحاول معرفة إن كانت رأته في ايطاليا ام لا، لذلك خمنت بجهل :


" مشهور في ايطاليا ؟؟ صاحب مطعم معروف ؟!" 


" لا لا حاجة اكبر، ايه يا حضرة الظابط ده احنا حتى زُملة في المجال يعني، مش أنتِ ظابط برضو ؟!"


رفعت جاسي حاجبها بصدمة من معرفته بأمرها لدرجة أنها شكت لوهلة أنه ربما أحد القادة الكبار؛ لذلك تحدثت بشك :


" أنت واحد من القيادات العليا ؟!" 


استدار توفيق للخلف وهو يتحدث بجهل لروبين :


" ايه القيادات العليا دي، أنا مش معايا رخصة " 


رددت جاسي حديثه بجهل :


" رخصة ؟! رخصة ايه ؟!"


" مش القيادات دي تبع إدارة المرور!! هما اللي بيدوا رخص قيادة وكده، بس انا مش بعرف اسوق عربيات عشان مكدبش عليكِ، بس بعرف اسوق الكارو ( عربة تُجر بحمار ) "


شعرت جاسي أن رأسها أصبح مشوشًا منا تسمع :


" إدارة مرور ايه وكارو ايه ؟! أنا مش فاهمة حاجة ؟!"


نظرت لروبين وقالت بتعجب :


" مين ده ؟!"


ابتسمت روبين بسمة غبية صغيرة تخشى أن تعلم اختها أنها هي من أخبرت اسكندر وتوفيق بحقيقتها أثناء الطريق ودون شعور انجرفت في الحديث معهم واخبرتهم بحقيبتها :


" ده ...ده ده عم توفيق يبقى قريب رفقة واسكندر "


نظرت جاسي لتوفيق ثم رددت بجهل :


" يعني هو مش ظابط ولا واحد من القيادات العليا؟! امال ايه حكاية زملة وازاي عرف إني ظابط اساسا ؟!"


تدخل توفيق وهو يوضح الأمر لها :


" زملة عشان أنا كمان ضمن فريق حماية الأمن الايطالي، بشتغل فرد أمن على مجموعة شركات فوستاريكي، اما بقى مين اللي قالي فهي روبين، حكت لينا على كل حاجة "


حركت جاسي وجهها ببطء صوب روبين اللي منحتها بسمة غبية وهي تشير لباب الخروج :


" مش يلا عشان ترتاحي ؟! لولو عملت ليكِ الكيكة اللي بتحبيها "


همست جاسي بشر :


" يا ويلك مني يا روبين "


تقدم اسكندر واخذ منها الحقائب ثم أشار بيده لها :


" يلا عشان اوصلكم "


نظرت له جاسي وهي تبتسم له بلطف :


" مكنش لازم تتعب نفسك يا اسكندر"


" تعبك راحة يا جاسي يلا عشان منتأخرش "


وبالفعل تحرك اسكندر نحو السيارة وهو يحمل حقيبة جاسي، يشعر بخيبة الأمل، فجاسي مازالت تتعامل معه كأخ لها، ولم تنظر له حتى نظرة واحدة تبث الامل في علاقة بعيدًا عن الإخوة، تنهد بتعب وهو يهمس لنفسه :


" شكل الطريق طويل اوي "


________________________________


" أنا لا أريد فوضى، فقط أريدكم أن تذهبوا وتعلموا من وراء خطفي دون ترك أي دليل عليكم، لا اريد منهم أن يأخذوا حذرهم، بل اريدهم أن يتصرفوا كما لو أن شيئًا لم يكن، دعوهم يظنون أنهم مازالوا يتقدمون علينا بخطوة وأنهم ماز......"


قطع حديثه اليخاندرو المهم لاحفاده صوت تمتمات عالية صدرت فجأة من جهة احد أحفاده، ثم خمدت فجأة، عض اليخاندرو شفتيه بغيظ وهو ينظر صوب مارسيلو الذي كان غارقًا في نومه بشكل محير فهو لم يسبق له أن نام كل هذا الوقت :


" فبريانو اضرب هذا الاحمق "


نظر مايك لجده وهو ينهض من مكانه يتحرك صوب أخيه :


" لا بأس جدي أنا سأضربه "


" قلت فبريانو مايك "


نظر مايك صوب أخيه بشفقة، ثم عاد ببطء صوب مقعدة يراقب فبريانو الذي مد قدمه، ثم ضرب مقعد مارسيلو بعنف كبير تسبب في إسقاط مارسيلو ارضًا ولم يكد يستوعب ما حدث حتى وجد شيء يهبط فوق رأسه بعنف شديد، فتح مارسيلو عينه وهو يصرخ بفزع :


" يا حمقى، هكذا تتعاملون مع النائم ؟! تبًا لكم، من الغبي الذي ضربني ؟!"


أشار الجميع على فبريانو الذي ابتسم له بسمة صغيرة، ليبتلع مارسيلو ريقه وهو ينهض ويعدّل من وضعية مقعده، ثم يجلس عليه بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، ونظر لجده منتبهًا، ابتسم اليخاندرو، ثم أكمل حديثه :


" حسنًا كما قلت، دعوهم يعتقدون أن لهم الأفضلية في تلك اللعبة، أود أن يكون الهجوم على قصر ذلك الاحمق ابن شقيق ايدن ( الرجل الذي قتله اليخاندرو أثناء الاجتماع ) كما لو أنه مجرد هجوم عادي من بعض الاخصام، انتم تعلمون أن ذلك المجال لا يخلو من العداوة والغدر "


كان الجميع يركز على حديث اليخاندرو بكل جدية، بينما اليخاندرو تحرك من خلف مقعده بعدما كان يعرض لها صور المداخل والمخارج التي التقطها بكاميرا الهاتف الذي أخذه من أحد الحراس بعد قتله، استقر اليخاندرو على مقعده الوثير وهو ينظر لمارتن بجدية :


" وأنت مارتن، أود أن يكون ذلك القصر بكل ما فيه امامي، اريد أن اتحكم في كاميرات المراقبة الخاصة بهم من مكاني هنا، وكل التسجيلات السابقة لأي اجتماع أريدها عندي هنا "


هز مارتن رأسه ثم قال :


" فلتعتبره امامك جدي "


صمت اليخاندرو ثم نظر لجاكيري ثواني، نظرات جعلت الجميع يتعجب قبل أن يزداد تعجبهم ويتحول لصدمة وهم يسمعون صوت اليخاندرو يقول بجدية :


" جاكيري أنت لن تذهب معهم "


رفع جاكيري حاجبه باستنكار :


" ماذا ؟!"


" أنت فقط ستنتظرهم بطائرة للخروج من المكان باسرع وقت"


" جدي أنا يمكنني حضور المهمة وقبل انتهائها أخرج واتجهز بالطائرة كما افعل دائمًا "


رمقه اليخاندرو قبل أن يقول بتعنت :


" لكن هذه المرة أنا لا أريد أن تحضر المهمة جاكيري، هل ستخالف اوامري ؟!" 


نهض جاكيري من مكانه وملامحه تزداد قتامة، لكن رغم ذلك ابتسم بسمة صغيرة، ثم تحرك بعنف للخارج وهو يقول بلا اهتمام :


" إذن اعتقد أن وجودي هنا لم يعد له أهمية، اعذروني "


راقب الجميع خروج جاكيري من المكان كعاصفة هوجاء تكاد تقتلع ما يقابلها، ولم يتجرأ أحد على مناقشة أوامر جدهم، فهم يعلمون جيدًا أنه لا يخبرهم بشيء سوى بعد تفكير عميق، وأن كل أمر منه غير قابل للنقاش، وأنه لم يكن ليفعل شيئًا به ضرر لهم .


لم يتمكن انطونيو من الصمت أكثر وقد توجع لحزن أخيه :


" لِمَ جدي ؟! أنت تعرف أن جاكيري سيفيدنا كثيرًا في المهمة تلك "


هز اليخاندرو رأسه، ثم ضغط على الجهاز أمامه وهو يعرض صورًا لم يرد عرضها في وجود جاكيري :


" هذا القصر الذي سيتم الهجوم عليه، ليس قصرًا مخصصًا للعيش به كخاصتنا، بل هو قصر مخصص فقط للاجتماعات السرية التي يجريها ذلك الغبي، وايضًا ليخفي بها أعماله الغير قانونية كـ تجارة الأعضاء "


نظر الجميع لغرفة مظلمة لا يظهره منها سوى بعض الاجساد المتلاحمة، وقد استوعب الجميع الآن سبب استبعاد جاكيري من المهمة، اليخاندرو لا يريد انتكاسة لحفيده، فهو يعلم حساسية جاكيري بالنسبة لهذا الأمر تحديدًا.


نفخ فبريانو أنفاسه بغضب، ثم نهض وهو يقول :


" سأذهب لارى جاكيري لا بد أنه حزين "


تحرك نحو الأعلى بأقدام سريعة، ثم اتجه صوب غرفة جاكيري ....


وفي الأعلى كانت الموسيقى تخرج من غرفة جاكيري الذي كان يقف أمام المرآة الخاصة به وهو يصفف شعره ويغني مع الأغنية بسعادة كبيرة، ويحرك أقدامه مع الموسيقى .


كان فبريانو يقف وهو يستند على الباب بكتفه يراقب جاكيري وهو يبتسم بخبث، يعلم جيدًا أن ما أظهره جاكيري في الاسفل لم يكن حزنًا أو شيء من هذا القبيل، على العكس هو كان سعيدًا لأنه سيرتاح من المهمة وهو الوحيد الذي يعلم هذا جيدًا فلا أحد في هذا المنزل يعلم دواخل جاكيري كما يفعل هو، ربما لأنه أكثر المقربين له.


" ارى سعادتك تكاد تبلغ السماء "


انتفض جاكيري بفزع خوفًا أن يكتشف أحد سعادته بعدم خوض المهمة، لكن بمجرد أن لمح أن المتحدث هو فبريانو حتى ابتسم بسمة واسعة وهو يقول :


" وماذا تظن أنت؟؟ بينما أنتم تقاتلون وتُقتلون وتصابون، أنا سأكون في طيارتي العزيزة اتجرع بعض المشروبات الغازية واستمع لبعض الموسيقى "


ضحك فبريانو بصخب، ثم تحرك صوبه وهو يقول بتفكير قصير :


" يبدو الأمر ممتعًا، ما رأيك أن اتهرب من المهمة وابقى معك ؟!"


تحدث جاكيري بتشكك :


" حقًا ستفعل ذلك ؟!"


" لا هل تمازحني، متعتي الخاصة تقبع في تلك القتالات، لست مثلك ايها الكسول "


ضحك جاكيري وهو يستند بيده على كتف فبريانو يضيف بجدية :


" يا اخي أنا لستُ كسولًا، بل أنا فقط شخص مسالم "


" نعم اصدقك "


صمت جاكيري، ثم قال بعد تفكير :


" ما رأيك في سهرة قبل المهمة نحن جميعًا لم نخرج سويًا منذ فترة طويلة جدًا "


فكر فبريانو ثواني قبل أن يتحدث بلا اهتمام :


" لِمَ لا "


________________________________


تحرك من خلف مقعده وهو يراها تتحرك كعادتها بكل آلية تتمدد على الأريكة المخصصة للحالات، جلس الطبيب جوار الأريكة، ثم حمل دفتره وهو يقول ببسمة :


" مالي أرى بسمة واسعة ترتسم على فمك لورا ؟؟"


اتسعت بسمة لورا أكثر وهي تتحدث بصوت يقطر سعادة :


" أنا سعيدة جدًا، دكتور هل تصدق أنني أشعر بالسعادة، يا الله الأمر يبدو غريبًا لي "


صمتت ثم قالت بحماس شديد وبسمة واسعة :


" لقد تركت عملي "


رفع الطبيب حاجبه بتعجب :


" واخيرًا فعلتيها، لكن لِمَ هذه السعادة لتركك العمل ؟! أتذكر أنني نصحتك سابقًا بترك كل شيء يؤذيكِ، لكنك كنتِ ترفضين رفضًا قاطعًا ما الذي تغير الأن؟!" 


اعتدلت لورا وجلست على الأريكة وهي تستند بيديها عليها تنظر لقدمها قليلًا ثم رفعت رأسها وقالت بجدية كبيرة :


" لقد شعرت أن بقائي في ذلك العمل لن اجني منه سوى الوجع فقط، أنا منذ ذهبت للعمل بتلك المجلة، لم اتلقى سوى السخرية والتقريع، كنت اتحمل واقول أنه لايهم طالما أن والدىّ يودان هذا، لكن بعدما ازداد ذلك الوجع هناك، لدرجة أنني شعرت بأن الأكسجين نفذ من حولي"


صمتت كثيرًا وطال صمتها، ثم قالت وهي تختنق بعباراتها :


" دكتور أنا كنت على وشك الانتحار بسبب هذا العمل، تخيل لقد فكرت في قتل نفسي"


لم يبدي الطبيب أي ردة فعل يحاول احتواء مشاعره جراء ما تقول وينحي أي شيء جانبًا مذكرًا نفسه أنها الآن طبيبة بغض النظر عن أي علاقة صداقة تجمعها به :


" وما الذي منعك؟!"


رفعت لورا عينها له وللعجب كانت تبتسم، كانت عينها تلتمع، لكن تلك المرة تلتمع سعادة وليس من الدموع وهي تهمس باسمه :


" أنه مايك، لن تصدق عندما فكرت بتلك الفكرة وكنت على وشك تنفيذها وجدته يقف في نهاية الممر الخاص بالمجلة وكأنه يقف لي بمصباح في نهاية نفق أحزاني، يخبرني ألا أيأس، ليس هذا فقط بل ..بل ساعدني لاثبت نفسي في المجلة قبل رحيلي واريهم أنهم خسروا صحافية جيدة "


أنهت حديثها وهي تضحك ضحكة صغيرة بينما الطبيب يبتسم لأجلها، ثم نظر لها وهو يهز رأسه يقول بصوت خافت بعض الشيء :


" أرى أن العلاج يؤتي نتائج مبهرة "


رفعت لورا عينها له وهي تقول بتعجب :


"لكن دكتور أنا لا اتناول أي علاج، أنت رفضت أن تصف لي علاجًا آخر مرة، تتذكر ؟!"


" نعم اتذكر لورا، لكنني وقتها لو تتذكرين منحتك علاج آخر"


نظرت له لورا بعدم فهم قبل أن يتحدث هو ببسمة بسيطة حنونة :


" منحتك علاج العلاقات السوية، العلاقات التي لا تقوم على المصالح، العلاقات التي تدفع شعور الراحة والأمان لكِ، وها هو العلاج يثبت فعاليته أمام أي دواء آخر كتبته لكِ "


اتسعت بسمة لورا وهي تقول بتعجب :


" هل يمكن أن يكون شخصًا ما علاجًا لشخصٍ آخر ؟!"


" نعم، نحن نحتاج في حياتنا لأشخاص نتمكن من الشعور بالأمان والحرية جوارهم لورا، هذا اكبر علاج للروح"


صمت ثم قال بهدوء وبسمة :


" إذن سأكتب لكِ أن تستمري على ذلك العلاج اسبوعًا آخر، وبعد اسبوع نرى إن كنا سنتسمر عليه أكثر ام لا " 


ابتسمت له لورا وهي تهز رأسها وتحمل حقيبتها متجهة للخارج وهي تشعر بروحها خفيفة، لقد أصبحت حرة من كل القيود، العمل والتظاهر والمحيط الكاذب، تبقى فقط أن تحصل على عمل في مجالها الذي عشقته .


سمعت فجأة رنين هاتفها، حملته وهي تنظر له بتعجب لترى أن والدها هو من يتحدث إليها، تنفست نفس عميق وهي تجيب على المكالمة :


" مرحبًا ابي "


"حبيبة أبوها يا ناس اللي رفعت راسه بين الكل، حكى معي مدير المجلة من شوي وخبرني أديشك محررة موهوبة، كان عم يحاول يتواصل معك من لما التقيتِ مع مافو هاد بس ما قدر مشان هيك حكى معي"


كانت لورا تستمع لحديث ابيها وهي لا تعلم كيف ستخبره بالأمر، يعز عليها أن توجعه، كادت للحظة واحدة تستسلم مجددًا لما يحدث وتعود للحديث مع المدير بعدما وضعت رقمه ورقم كل من بالمجلة في القائمة السوداء على هاتفها، لكن فجأة خرج من فمها جملة واحدة لم تعلم كيف خرجت :


" أي بابا بخصوص هاد ، كنت بدي خبرك إني تركت الشغل بالمجلة ورح دَور على شغل جديد بشهادتي"


_______________________________


كانت اصوات الشجار بين روما وجولي تعلو في المنزل بشكل مزعج، بينما فيور تجلس على الأريكة وهي تنظر للجميع بترقب لا تود التدخل بينهما .


هبطت روز الدرج وهي تتثائب بتعجب، تشير للجميع متسائلة عما يحدث، لكن جولي لم تجب وهي تبعد يد روما عنها تتحسس ذراعها الذي تلقت فيه ضربة للتو من روما، وهي تردد بحنق شديد :


" ماذا كل هذا لأجل القبيح ؟! تخسرين صداقتك معي لأجل ذلك الاحمق؟! حسنًا أنا لن اغير حديثي في شيء، زوجك يا فتاة احمق قبيح ومخيف " 


أنهت حديثها بلا اهتمام ثم استدارت لفيور التي كانت تنظر للجميع برعب :


" مرحبًا چيور "


" بل فيور "


" إذن أنتِ صديقة ماركوس اللطيف ؟!"


تعجبت فيور من حديثها، لكنها هزت رأسها بنعم وهي تحاول رسم رسمة صغيرة على فمها، حتى لا تظهر رعبها الذي من شجارهما العنيف، لكن حديث جولي جعل ملامحها تنكمش بتعجب ...


" جيد أنكِ اخترتِ ماركوس فهو أفضل الاوغاد هنا وأكثرهم لطفًا وحنانًا على الجميع، لقد كان يحضر لي الحلوى "


أنهت حديثها ببسمة واسعة سعيدة تصف بها قدر امتنانها لماركوس، بينما فيور لا تفهم اي اوغاد تتحدث عنهم ؟! ولِمَ تصفهم هكذا وصف وهي تعيش معهم ؟! ولم تبخل علينا جولي بالإجابة وهي تقترب منها في الأريكة، بينما جلست روما تراقب ما يحدث بسخرية، وتحركت روز للمطبخ حتى تحضر شيء تشربه..


تحدثت جولي بجدية وهي تحرك يديها تشرح للفتاة ما يحدث أسفل سقف ذلك القصر :


" حسنًا يا صغيرة، أنتِ لستِ غريبة فقريبًا ستصبحين زوجة ماركوس، هذا القصر يحوي اكبر اوغاد العالم، تسع اوغاد وجدهم اللطيف الذي أخطأ سابقًا في تربيتهم كما حكت لي سيلين، ذلك الرجل المسكين لم يستطع قديمًا تربية أي واحد في التسعة سوى عزيزي مارتن "


أنهت كلماتها ببسمة واسعة ثم أكملت الحديث بجدية :


" الوغد الأكبر انطونيو وزوج تلك المجرمة روما، هو أكثر اوغاد العالم قذارة صدقيني، وحش قبيح يتناول الأطفال، ويخيف الجميع؛ لذلك اياكِ والحديث معه حتى لا يقتلك "


أنهت حديثها ولم تشعر سوى بضربة عنيفة أتت على ظهرها وصوت روما يصدح بغضب :


" هيييه هو ليس بهذا السوء أيتها الكاذبة "


" نعم صحيح بيور هو ليس بهذا السوء، بل هو اسوء، أين كنا ؟! نعم الوغد الثاني، اممم في الحقيقة أنا لم أرى شيئًا سيئًا يصدر من جاكيري لكنه ..."


صمتت ثم اقتربت من فيور بحرص وكأنها ستخبرها سرًا :


" لكنه مختل ومجنون، يظل يقفز هنا وهناك طوال الوقت وإذا صدف وركبتي سيارة معه، عليكِ بتوديع حياتك "


ثم ابتعدت وهي تقول بكل جدية :


" الوغد الثالث هو فبريانو أكثرهم دموية، شخص مرعب لا يتحدث جملة واحدة دون أن يضع بها كلمة قتل، حديثه يتمحور حول القتل والتعذيب، شخص مخيف ولا ادري ما رأت به روبين حتى تتخذه حبيبًا، الرابع هو عزيزي اللطيف والجميل مارتن، ألطفهم واكثرهم تفهمًا "


اخرجت روما صوتًا ساخرًا من فمها وهي تردد :


" نعم صحيح، من يتفهمك، فهو اكثر رجال العالم تفهمًا "


لم تهتم لها جولي وهي تكمل:


" بعدها يوجد مايك، واحذريه لأنه خطر لأي امرأة، لايوفر فرصة حتى يمارس هوايته المفضلة..... وهي مغازلة النساء"


صمتت وهي تفكر في القادم :


"ثم نأتي لمارسيلو، في الحقيقة أنا لا أعلم ما هي صفاته فهو ينام نصف وقته والنصف الآخر يجلس ويرمق الجميع بلا اهتمام، وبعدها ماركوس هو لطيف بعض الشيء، لكنه وغد أيضًا كالجميع، ثم جايك ذلك الوقح الذي لم تتكلف والديه عناء تعليمه أصول التربية حتى، هو حبيب الغبية روز على أية حال، وفي النهاية يوجد آدم هو هادئ، لكنه غليظ وفظ كأخيه فبريانو، حمدًا لله أن عزيزي مارتن ليس مثل اخويه الاحمقين، واخيرًا هناك الجد اليخاندرو "


كادت جولي تكمل حديثها لولا صوت ضحكات خافتة خرجت من خلفها جعلتها تنتفض وهي تنظر برعب لاليخاندرو الذي وصل للتو يردد بيأس وهو يتحرك لمكتبه :


" يا فتاة أنتِ خطيرة حقًا، اشعر أن مارسيلو كان محقًا حينما قال أن نهاية تلك العائلة على يديك"


لوت جولي شفتيها بحنق وهي تنظر لروما التي انفجرت بالضحك بمجرد رحيل اليخاندرو :


" اقسم أنني كنت سأمدحك يا جدي "


أنهت حديثها وهي تقول بتذمر :


"ثم نهاية ماذا؟! أنا فقط اخبرها كم هم اوغاد، ولم اخبرها شيئًا بشأن اعمالكم الــ "


ولم تكمل بسبب انقضاض روما عليها تكمم فمها مانعة إياها من استكمال حديثها، تحت نظرات فيور المصدومة مما يحدث ومرتعبة من جولي وافعالها...


فجأة ارتفع صوت روما وهي تقول متعجبة رحيل الجميع سويًا، فأنطونيو اخبرها بالفعل أن المهمة تبدأ غدًا، إذن أين هم الآن؟! ولم تدري أنها كانت تفكر بصوتٍ عالٍ حتى سمعت الإجابة من جولي في نفس وقت خروج فيور من المطبخ :


" لقد سمعت مايك يُحدث مارتن وهو يخبره أن السهرة اليوم ستكون للصباح "


استدار الجميع صوب جولي بصدمة من حديثها وللصدمة تحدثت روز امام فيور وهي تقول :


" سهرة ماذا تلك ؟! "


فتحت فيور فمها وهي تدرك أن روز ليست خرساء، لكن بنظرة من روما أدركت أنها عليها ألا تفكر في الأمر، لم تكن فيور تستوعب شيء، وصوت روز يصدح بغضب :


" أنتِ أيتها الحمقاء أي سهرة تقصدين ؟! سمعتِ أنهم سيسهرون رفقة نساء وتركتيهم يرحلون دون تحذيرنا ؟!"


" لا لا روز هم فقط خرجوا للاستمتاع من اخبرك أنهم سيسهرون مع النساء ؟!"


ضربتها جولي على رأسها بغيظ وهو تهتف من بين أنفاسها الثائرة :


" وإن لم تكن سهرتهم تضمن نساء، مع من سيسهرون أيتها الحمقاء ؟! مع كلاب الهاسكي ؟!" 


صمتت جولي ثواني وكأنها تفكر في الأمر بجدية قبل أن تفتح عينها فجأة وهي تهمس :


" هل تعتقدين أن مارتن سيجلس مع امرأة غيري ؟!"


ابتسمت روما وهي تنهض، ثم انحنت عليها تهمس في أذنها بغيظ من غبائها :


" لندعو الله أن يتوقف الأمر على الجلوس مع امرأة، والآن كيف سنعرف اين هم ؟!"


" أنا سأخبركم "


استدار الجميع صوب الصوت الذي خرج من الممر القابع في الطابق الأرضي والتي لم تكن سوى سيلين اللي ابتسمت بخبث :


" لقد سمعت مايك المنحرف يتحدث معهم على مكانٍ ما للذهاب إليه"


ابتسمت روما بسمة صغيرة ثم قالت :


" جولي حبيبتي اجري اتصالًا مع روبين ورفقة، ربما ستكونا مهتمين بأمر كهذا "


_________________________________


كانت روبين تتناول الطعام رفقة جاسي ولولو بعدما غادر كلًا من توفيق واسكندر متعللين أن رفقة وحدها في المنزل، رغم أن توفيق كان على وشك الجلوس وتناول الطعام لولا جذب اسكندر له.


رفعت روبين عينها لجاسي وهي تشير على طبق جوارها :


" معلش يا جاسي ناوليني طبق الــ "


صمتت وهي ترى نظرات اختها لها وكأنها كانت تحرقها حية في رأسها، نظرت روبين صوب لولو بريبة وبعدها عادت بنظرها لجاسي وهي تقول ببسمة صغيرة غبية ؛


" مالك يا جاسي يا حبيبتي اكل لولو معجبكيش ؟!"


تحدثت لولو بحنق وهي تنظر لجاسي :


" اكل مين اللي ميعجبهاش ؟! هي تطول اساسا تاكل اكلي ؟!"


استدارت لها جاسي تتحدث بتذمر :


" فيه ايه يا لولو أنا نطقت بكلمة ؟! أنا مش عارفة مش بتطقيني ليه "


" عشان واحدة قادرة زي امك، إنما الهبلة روبين دي يا حبة عيني متخلفة وعبيطة زي ابوها "


نفخت جاسي بعدم اهتمام فهي اعتادت ذلك منذ زمن طويل، ثم وجهت بصرها لروبين وهي تقول بجدية وغيظ :


" من بين كل رجالة العالم ملقتيش غير دراجون وتحبيه ؟!"


" فبريانو ؟!"


" زفت الطين، مش موضوعنا اسمه دلوقتي، اشمعنا هو، وازاي اساسا وقعتي في طريقه ؟!"


ابتسمت روبين بسمة خجلة ثم قالت بتردد من نظرات اختها :


" هو أنا اكيد مكنتش ناوية احبه يا جاسي، غصب عني لقيت نفسي كده، وبعدين أنتِ مش طيقاه كده ليه ؟! ده حتى بيعزك جدا "


حسنًا كذبت في آخر جملة، لكن لا بأس من بعض الكذب لتقرب ما بين اختها وفبريانو، فهي لا ينقصها أن يكسب عدواً آخر في عائلتها، لكن ضحكة جاسي التي رن صداها في جميع أرجاء المنزل اعلمتها جيدًا أنها كشفت كذبتها وهي تضيف بسخرية لاذعة :


" بيـ ايه يا ضنايا ؟! بيعزني ؟!"


اشتد بعدها ضغط جاسي على فكها وهي تقول بصراخ :


" ده كان بيكدرني بالايام زي الكلبة "


ابتسمت روبين بسمة متوترة بسبب نظرات اختها ثم قالت بغباء :


" كله عشان مصلحتك يا جاسي"


" مصلحة مين يا ام مصلحة، ده مرة وقفني خمس ساعات في درجة حرارة تحت الصفر، ده واحد معندوش دم ولا بيحس، أنا اساسا مش عارفة ولا متخيلة إزاي واحد زيه ممكن يكون انسان طبيعي ويحب"


انقلبت ملامح روبين بغيظ وهي تضرب الطاولة أسفل يدها :


" طب على فكرة بقى هو اكتر شخص حنين في الدنيا دي كلها، عمره ما زعلني ولا عمره آذاني، ولو في مرة زعلني بيصالحني على طول "


كانت تتحدث وهي تبكي دون وعي، تكره أن يسيء له أحد تكره أن يرى الجميع جانبه المظلم فقط، هي لم تكذب، هي بالفعل تراه أكثر الأشخاص حنانًا ولطفًا لم يجبرها يومًا على فعل ما لا تريده أو يحزنها يومًا بكلمة هذا إن تغاضينا عن ذكره لقبحها أكثر من ذكر اسمها .


انتهت روبين حديثها، ثم تحركت من المكان تركض لغرفتها تعلن عصيانها واعتزالها لأي مكان يُذكر فيه هو بالسوء .


راقبت جاسي رحيلها بحزن كبير، قبل أن تشعر بضربة قوية على رأسها، استدارت بفزع لـ لولو وهي تصرخ متوجعة :


" ايه يا لولو هتكسري دماغي "


تحدثت لها لولو بغيظ وغضب :


" أنا قولت أنك ست قادرة ومفتربة زي امك، مش بتلاقوا غير الغلبانة دي وتيجوا عليها، لكن لا يابنت لينا، لا انتِ ولا امك ولا حتى ابوكِ الطيب الاهبل ليكم حاجة عند روبين، وهتعمل اللي هي عايزاه غصب عن عينكم واحد واحد، وابقوا وروني هتفرضوا رأيكم ازاي عليها وانا لسه عايشة "


تحسست جاسي رأسها بوجع وهي تبرر :


" يا لولو أنتِ مشوفتيش بتحب مين ؟! ده ..."


" ده بيحبها يا جاسي، بيحبها وبيخاف عليها اكتر منكم كلكم، الوحيد اللي حسيت إن روح روبين رجعت معاه، روبين اللي أنتِ وابوكِ سبتوها لأمها عشان تبيع وتشتري فيها زي ما هي عايزة، روبين اللي كلكم بتستغلوا أنها مش بتقول غير حاضر ونعم عشان تمشوها على كيفكم، بس لا يا بنت لينا، روبين هتفضل مع فبريانو، وإلا أنا اللي هاخدهم واجوزهم بعيد عنكم كلكم وابقوا وروني هتجيبوني منين "


" يا تيتة أنتِ بتتكلمي كأني مش حابة الخير لأختي ليه؟! أنا مفيش في حياتي حد اغلى من روبين، دي بنتي مش اختي، بس أنا خايفة عليها من حياته، ومنه هو شخصيا مش متخيلة أنه ممكن يديها الحنان اللي هي بتتكلم عنه ده حجر يا تيتة وروبين عايزة واحد لين وحنين "


ابتسمت لولو بسخرية وهي تصف لها ما رأته بعينها :


" يبقى مشوفتيش بيبص عليها ازاي وهي زي الهبلة مش واخدة بالها، دائما بيلف حواليها زي العيل الرخم اللي مش بيسيب امه، لما زعلت منه اخر مرة فضل سهران تحت شباكها، باختصار مظنش أنه ممكن يكون فيه حد هيحب روبين قد الجدع ده "


كانت جاسي تفتح فاهها بصدمة :


" دراجون ؟!"


نهضت لولو وهي تشير بيدها بعدم اهتمام :


" أنا عارفة اللي ليه ميت اسم ده"


راقبت جاسي لولو وهي تتحرك، ثم نهضت صوب غرفة روبين التي بمجرد أن دخلت لها حتى وجدتها تبكي وهي تدفن رأسها في الفراش؛ خطت للغرفة وهي تتحرك صوبها مرددة بمزاح :


" عشت وشفت حد بيعيط على دراجون بعد ما كان بيخلي الوحدة كلها تعيط "


رفعت روبين عينها لاختها بحزن وهي تقول :


" لو جاية تتكلمي عليه وحش يبقى متتكلميش معايا يا جاسي"


ضحكت جاسي وهي تجلس جوارها على الفراش مرددة بحنان :


" يا روبي يا قلبي لو دراجون ده بيعاملك زي ما لولو بتقول، أنا اول واحدة هقف معاكِ، هو أنا اكره أن اختي تلاقي واحد يحبها ويحميها، خصوصا لو واحد زي دراجون يعتمد عليه "


نظرت ليها روبين بتعجب لتتنهد جاسي بتعب وهي تتسطح جوارها مرددة :


" في الحقيقة هو مش وحش بالشكل اللي قولت عليه، أنا بس اللي مش بطيقه بسبب عمايله معايا، بس هو شخص جد وقوي وواثق من نفسه ويقدر يدير منظمة كاملة بدون غلطة واحدة، وبعد تفكير قصير عرفت أن محدش يليق بالاميرة غير الوحش، لأن الفارس النبيل مش هيكون قوي بالمقدار الكافي عشان يحمي قلعة الأميرة "


ابتسمت روبين وهي تمسح دموعها ثم ضمت اختها وهي تقول :


" أنا بحبك اوي يا جاسي "


" وانا بحبك يا قلبي، أنا معنديش اغلى منك في الدنيا دي يا روبين "


ابتسمت روبين بخبث وهي ترفع وجهها تستند على مرفقها مرددة :


" الله طب واسكندر ؟؟؟" 


________________________________________


" اممم يعني أنت زعلان عشان بتعاملك كويس ؟!"


كانت تلك كلمة رفقة وهي تتناول قضمة من التفاحة بيدها، تنظر لأخيها باستنكار بعدما أتى وقص عليها سبب حزنه، لكن اسكندر اعتدل في جلسته وهو ينفخ بضيق شديد :


" يا رفقة أنتِ مش فاهمة، هي بتعاملني بتحفظ، مش عطياني فرصة اقرب منها "


تحدث توفيق من بين قضماته الموز في يديه :


" يا خويا بلا قرف، أنت كنت نيلة خالص قدامها، فيه ايه يابني تنشف كده شوية "


نظرت رفقة لأخيها وهي تستمع لحديث توفيق :


" الكلام ده صحيح يا اسكندر ؟!"


نهض اسكندر من مكانه وهو يجذب شعريات رأسه بغيظ يحاول ايصال ما يشعر به مع جاسي، لكن لا أحد يشعر به، سمع اسكندر صوت مصمصة شفاة خلفة وتوفيق يتحدث بحسرة :


" عيني عليك يا ابني، منها لله اللي مرمطتك معاها دي، أنا عارف ياختي البت دي عاملة كده ليه ؟! اللي يشوفها ميقولش أنها اخت روبين الهبلة، البت جبروت اوي يا ستير يارب "


أنها حديثه ثم نظر برفقة وهو يضيف :


" بالك يابت يا رفقة، الست دي بتفكرني بالمرحومة، كانت ولية قادرة ومفترية زيها كده، مكنتش اعرف أخد منها حق ولا باطل، الله يرحمها ورتني الويل " 


أنهى حديثه وهو يتنهد بتعب ثم ارتشف بعضًا من العصير أمامه :


" بس والله كانت بنت حلال وبحبها "


ضحكت رفقة عليه وهي تقول :


" واضح فعلًا أنك بتحبها يا عم تو...."


توقفت عن حديثها وهي ترى شاشة هاتفها تنير برقم دولي من ايطاليا جعلها تنظر له بريبة وهي تحمل الهاتف وتنظر للرقم بتعجب متسائلة من قد يتصل بها من ايطاليا غير جاكيري ؟! لكن ورغم كل تلك التساؤلات إلا أنها أجابت بهدوء :


" مرحبًا ..."


" مرحبًا رفقة كيف حالك "


صمتت رفقة قليلًا تحاول تبين ذلك الصوت قبل أن تقول ببسمة :


" جولي ؟!"


" نعم يا فتاة هذا رقمي الجديد الذي أحضره لي مارتن وقد اشترى لي أيضًا هاتفًا جديدًا، أليس هذا لطيفًا ؟! مارتن حقًا حنون و..."


توقفت جولي عن الحديث وهي تشعر بشخص ينتزع الهاتف من على أذنها وصوت روما يصدح موبخًا :


" نحن لم نتصل بالفتاة لتتغزلي في حبيبك جولي، اعطني هذا الهاتف.....مرحبًا رفقة "


تحدثت رفقة من الجانب الآخر بتعجب :


" مرحبًا روما، هل هناك مشكلة ام ماذا ؟؟"


تحدثت روما وهي ترمق الملهى الذي دخل إليه الجميع وجوارها جميع الفتيات وسيلين أيضًا :


" لا لا الأمر بسيط، فقط جاكيري يخونك "


_________________________________________


كان الشباب جميعهم يجلسون على طاولة كبيرة تدور بينهم احاديث ودية وأخرى مضحكة، و ها هم يجتمعون مجددًا بعد مدة طويلة وكلٌ منهم تشغله أموره الخاصة، ضحك مايك بصخب وهو يضرب كتف أخيه :


" يا فتى أشفق على تلك الفتاة تكاد تتوسلك لتنظر لها مرة، أي احمق هو أنت ؟!"


حرّك ماركوس عينه بملل من على وجه اخيه حتى استقر على وجه الفتاة التي يتحدث عنها والتي منذ دخل لم تنزع عينها عنه، قلب عينه بملل، لكن فجأة قفزت في رأسه ذكرى حديثه مع تلك الصغيرة فيور، مما جعله يعود بنظره للفتاة وهو يعتدل يمنحها بسمة صغيرة، ويبدو أن الفتاة لم تصدق الأمر حيث أسقطت الكأس من يدها بصدمة جعلت ماركوس يطلق ضحكة صاخبة، ومارسيلو أمامه يتجرع بعض المشروبات الخالية من الكحول، يراقب أخيه بسخرية وهو يردد :


" احذر النساء يا فتى "


ضرب جاكيري كتف جايك وهو يشير له أن يرافقه على حلبة الرقص، ولم يتأخر جايك عليه ثانية وهو يتحرك معه بسرعة والجميع خلفهم يصيح بحماس، ابتسم فبريانو وهو يتكأ بظهره على الأريكة السوداء خلفه وجواره انطونيو يراقب الجميع ببسمة، ثواني فقط حتى بدأت النساء تلتم حولهم ليس لشيء سوى في محاولة حثيثة للحصول على بعض الاموال، فهم يظهر عليهم الثراء وبشدة .


اقترب فتاة من فبريانو وهي تجلس جواره على الأريكة تغمز له ببسمة، ابتسم لها فبريانو وهو يخرج مسدسه ووضعه على الطاولة أمامها ثم غمز لها غمزة كخاصتها جعلتها تبتلع ريقها وهي تتحرك بعيدًا عنه بخوف، ضحك فبريانو عليها بقوة وهو يرفع أحد اكواب المشروبات لفمه يراقب الأجواء حوله يردد :


" هذا ممتع "


بينما انطونيو كان يجلس وهو يتحدث مع مارتن :


" ليتني لم استمع لحديث الاحمق مايك، حينما يهبط الاحمقين جاكيري وجايك من على منصة الرقص، دعونا نرحل لأحد المطاعم الهادئة ونتناول عشاء هادئ ".


أيده مارتن في حديثه وهو ينظر للاجواء حوله بغيظ :


" يا رجل النساء هنا يسيل لعابهن على أي حفنة أموال "


ابتسم له انطونيو بسخرية :


" هذا عملهن هنا مارتن "


وبمجرد انتهاءه من كلماته حتى شعر بيد تسير على ذراعه بشكل جعل جسده يرتعش بعنف متقززًا، انتفض فجأة بشكل جذب أنظار الجميع وهو يلقي الفتاة بعيدًا عنه بقوة يرميها بنظرة مشتعلة والفتاة مرتعبة منه، بينما انطونيو جسده مازال مشتدًا كوتد وهو يشعر بالتقزز من لمستها، وكل ذلك وفبريانو يراقب ما يحدث بأعين مستمتعة ومايك يجلس رفقة فتاة وهو يتحدث معها متجاهلًا الجميع .


في نفس الوقت التي اقتحمت فيه الفتيات المكان، اخذت روما تبحث بعينها عن أي أحد منهم وخلفها جميع الفتيات، تحمل في يدها هاتف به مكالمة مرئية مع رفقة التي كانت تجلس في منزل روبين، والذي أجبرت اسكندر على أن يأخذها إليه حتى تخبر روبين ما يحدث .


كان وجه روبين يكاد يلتصق بالهاتف وهي تبحث عن فبريانو :


" يا خاين يا واطي، قالي مش هيروح يخوني، ومن اول يوم وقاعد في كباريه "


دفعت رفقة وجهها بعنف بعيدًا عن الهاتف وهي تصرخ في وجهها :


" ابعدي خليني اشوف المرحوم جاكيري "


في الملهى الليلي كان جاكيري وجايك قد أشعلوا المنصة برقصهما البارع والمنظم وحولهما الفتيات يشجعن ويصرخن بمرح وصخب، وماركوس كانت الفتاة التي تغازلة تلتصق به.


لمحت جولي بطرف عينها مارتن الذي كان يقف أمام فتاة وهو يحاول منع انطونيو عن قتلها، لكنها لم ترى ذلك، بل رأت أن الفتاة تكاد تحتضنه من الخلف، فتحت فمها وهي تصرخ صرخة عالية لم تصل لهم بسبب الصوت العالي تركض صوبهم، انتبهت لها جميع الفتيات وتحركت خلفها .


بينما سيلين ابتسمت وهي تتحرك صوب البار الخاص بالمشروبات وبعدها سحبت مقعد وهي تجلس عليه تقول بغمزة للساقي الذي تعجب وجود سيد. بمثل عمرها في المكان ..


" اعطني كأسًا يا فتى دعني استمتع بالسهرة "


انقضت جولي على الفتاة التي تتمسك بسترة مارتن وهي تجذبها بعيدًا من خصلات شعرها بشكل جعل الفتاة تطلق صرخة جذبت أنظار الجميع .


كانت روبين تنظر للهاتف الذي يعرض وجوه الجميع وهي تبحث عن فبريانو الذي وجدته يجلس كعادته في ركن وهو يراقب الجميع ببسمة وبأعين شغوفة، مصمصت روبين شفتيها بتأثر :


" حبيبي ربنا يحرسك يا ابني، شايفة قاعد ازاي زي الملاك، اهو ده اللي كلكم جيتوا عليه، هو الوحيد اللي سالك فيهم "


نظرت رفقة لها بشر قبل أن تعود بنظرها للشاشة تترقب أن يظهر جاكيري حتى تسود عليه عيشته كلها ...


في الملهى كانت روما تقف ملتصقة في انطونيو وهي تنظر حولها بتحفز تقول بشر :


" ماذا فعلت لك تلك الفتاة التي تكاد جولي تأكلها ؟!"


تفاجئ انطونيو من وجود الفتيات في المكان وهو يقول بصدمة :


" ما الذي تفعلينه هنا روما ؟! وكيف علمتم مكاننا ؟!"


" جئنا لكي نخرب عليكم ليلتكم حبيبي، وسيلين هي من احضرتنا "


انتهت من كلماتها وهي تشير للمقعد الذي تجلس عليه سيلين بكل راحة أمام البار، لترفع سيلين الكأس في وجه انطونيو وهي تضحك، بينما انطونيو عض شفتيه بغيظ وهو يهمس :


" تلك العجوز "


جذب مارتن جولي بصعوبة من فوق الفتاة وهو يضمها لصدره بقوة يقيد يدها بعنف :


" حسنًا يكفي جميلتي لقد أصبحت صلعاء بالفعل "


صرخت جولي بين يديه :


" دعني تبقت شعرتين فقط، سأنتزعهم قبل أن تنهض "


ضحك مارتن بصخب وهو يقبل وجنتها هامسًا :


" يا فتاة هي بالأساس كانت تغازل انطونيو وليس أنا "


كان مايك ومارسيلو يشاهدان ذلك العرض باستمتاع شديد ومارسيلو يردد ببسمة واسعة :


" حسنًا علىّ الاعتراف أن هذا امتع من النوم "


ضحك مايك وهو يتحدث :


" أن تكون حرًا هو افضل ما في العالم "


نظر له مارسيلو بسخرية :


" أولست أنت من يشكو دائمًا لأنه لا يمتلك حبيبة ؟! "


" نعم أنا، ومازلت اشكو، لكن بالنظر لتلك الورطة التي سقط فيها الجميع أشعر بالنشوة والانتصار عليهم في أمرٍ ما "


ضحك مارسيلو على أخيه وهو يغمز له :


" استمتع بالعرض يا رجل "


في ذلك الوقت كانت الفتاة التي تغازل ماركوس قد أخذته للمنصة وهي تحاول التقرب منه للرقص، وهو يجبر نفسه على ذلك، عليه فعل ذلك علّه يتقرب منها ويحوز ما انتظره دائمًا فالفتاة ليست سيئة أبدًا، بل هي مثيرة جميلة بشكل مرهق، لكنها جريئة بعض الشيء وفي الواقع هو لا يكره الفتاة الجريئة، لكنه أيضًا لا يحبها .


وبينما هي تتعلق بعنق ماركوس وتراقصه حتى تفاجئت بفتاة تحشر جسدها في المنتصف بينها وهي تقول ببسمة مستفزة :


" حقًا يا فتى؟! رفضت جميع الفتيات التي احضرتهن لك من أجل هذه ؟! خيبت املي بني "


تفاجئ ماركوس من وجود فيور، يرمقها ببلاهة حتى أنه ظن لوهلة أن كل ذلك من خياله، لكن فيور التي دفعت الفتاة جانبًا ثم وقفت في المنتصف وهي تقول ببسمة سمجة :


" يا فتى أنت حقًا لا أمل بك، لقد انتقيت لك فتيات كالورد، تتركهن لأجل تلك الصبارة ؟! عارٌ عليك "


" ما الذي أتى بكِ هنا يا صغيرة ؟؟ كيف سمحوا بدخولك للمكان من الأساس ؟!" 


تخصرت فيور وهي تقول ببسمة باردة :


" احضرت مرافق "


رفع ماركوس حاجبه بعدم فهم، لتشير هي على الفتيات اللواتي كانت تنشأ بينهن معركة وبين الجميع عند طاولة الشباب، ابتسم ماركوس بعدم تصديق، ثم قال بسخرية :


" ها وتسألين ما سبب عدم ارتباطي حتى الآن؟!" 


" والآن أنت تعترف أنك لا تود الارتباط لأجل أن تعبث رفقة الفتيات أيها الماجن "


ابتسم ماركوس وهو يجذب خصر فيور بين يديه فجأة، ثم حرك يده الحرة وجذب بها رأسها صوبه وهو يهمس أمام وجهها :


" اممم ليس تمامًا، أنا فقط لم أجد من تطابق مع مواصفاتي المستحيلة "


نظرت له فيور بتخدر وهي تهمس :


"وكيف هي ؟!"


" عكسك تمامًا جدتي "


ابتسم ماركوس على ملامح الصدمة التي ارتسمت على وجهها ثم دفعته بعيدًا عنها وهي تصيح بجنون :


" وكأنني اموت شوقًا للارتباط بك، للجحيم يا فتى "


انتهت من حديثها وهي ترحل بعيدًا عنه، لكن توقفت فجأة وهي تستدير له صارخة :


" بالمناسبة أنت أيضًا لست نوعي المفضل، وانتظر لترى الذي سأرتبط به ايها الاحمق "


ضحك ماركوس بصخب عليها وهو يراقب رحيلها، ثم تحرك خلفها وهو يقترب من الطاولة الخاصة بهم، يستمع لحديث روما وهي تصرخ في فتاة أمامها :


" اللعنة عليكِ وعلى الملهى كله أنا لا اهتم "


شعرت روما بالهاتف يهتز في يدها، فرفعته وقد تذكرت فجأة أمر رفقة لتسمع صوت رفقة :


" اريني ذلك الحقير جاكيري "


" رفقة جاكيري ليس هنا، ربما لم يأتي معهم "


ضحكت رفقة بسخرية ثم قالت :


" ابحثي عن منصة الرقص روما ستجدينه هناك، هو لن يفوت فرصة كهذه"


وبالفعل حركت روما هاتفها حتى وصلت لمنصة الرقص التي كان جاكيري يرقص عليها بكل استمتاع وجواره جايك الذي كانت روز تراقبه ببسمة ساخرة تضم يديها لصدرها وكأنها تتوعد له، ثواني فقط حتى انتهت الرقصة وهبط كلًا من جايك وجاكيري عن المنصة وهم يتوجهون للجميع ببسمة قبل أن تنمحي البسمة تدريجيًا عن وجه جايك الذي رأى روز تنتظر وهي تحرك قدمها في حركة رتيبة، بينما جاكيري لم يهتم بأي شيء وهو يلقي بجسده جوار فبريانو يرتشف المشروب وهو يردد بتشفي :


" يبدو أن أحدهم وقع في مأزق " 


صمت بعدما رأى روما تقترب منه بخطوات خبيثة جعلته يرفع حاجبه.


رفعت روما الهاتف في وجه جاكيري الذي بصق المشروب من فمه وهو يستمع لصراخ رفقة عبر الهاتف :


" سأحيل حياتك لجحيم أيها الراقص صاحب الجسد الطاهر "


رفع جاكيري وجهه لروما وهو يقول بشر :


" أقسم أن أجعلك كعجينة البيتزا أسفل عجلات سيارتي روما"


ابتسمت عليه روما بتشفي :


" أنت لا تمتلك سيارة جاكيري "


صحح جاكيري حديثه بنبرة مختلة :


" أسفل عجلات سيارة جايك " 


بينما كان جايك يقف أمام روز وهو يبتسم لها بلطافة :


" أقسم أنني كنت ارقص فقط "


رفعت روز حاجبها وهي تبتسم بسمة جانبية ليردد هو بصدق :


" أقسم لكِ بزهرتي أنني لم افعل شيئًا سيئًا "


ويبدو أنه استطاع بحديثه أن يجبرها على الابتسام له، هي في الأساس لم تكن غاضبة ولم تأتي هنا كي تفتعل مشاكلء بل فقط أتت لأنها لم ترد الجلوس وحدها .


مسح انطونيو وجهه وهو يرى أن السهرة قد فسدت؛ لذلك جذب روما لاحضانه وهو يقول بأمر :


" لنخرج من هنا ونذهب لأي مكان آخر نكمل سهرتنا به رفقة الفتيات، لقد تدمرت الحانة على أية حال "


وبمجرد انتهاء حديثه حتى خرج من المكان يتبعه الباقون صوب السيارات في الخارج وركب كل واحد منهم سيارته وانطلقوا صوب مكان آخر أكثر هدوئًا.


في سيارة روما كانت ما تزال تنظر من النافذة بغيظ، لتشعر فجأة بجذب انطونيو لها وهو يهمس جوار أذنها :


" الآن اصبحتِ تقودين حزب معارض روما؟! تأتين بالفتيات وتفسدي ليلتنا "


نظرت له روما ثم ابتسمت وهي تقول :


" حسنًا في الحقيقة أنا فعلت هذا لأجل الفتيات الأخريات وليس لأجلي طوني "


" اه كم أنتِ حنونة روما، محظوظ أنا بكِ "


ضحكت روما بصخب وهي تقترب منه مختطفة قبلة منه قبل أن تعود لمقعدها وهي تقول له ببسمة :


" إذن أين سنذهب؟!"


" لمطعم هادئ لطيف سوف نقضي سهرة عائلية هناك "


ابتسمت له روما بحب قبل أن تنكمش بسمتها وهي تقول بصدمة وكأنها تذكرت فجأة :


" سيلين ....نسينا سيلين "


وفي الملهى كان سيلين تتجرع الكأس الخامس عشر وهي تقص حكايتها على الساقي :


" ثم جاء ادم الاخير ومنذ أن اكتمل التسعة وسجادي الثمين لم يعد نظيفًا، لقد أخبرت اليخاندرو مئات المرات والمرات أن ينتبه لتربيتهم، لكنه لم يستمع لحديثي وها هم تسع اوغاد كبار لا فائد منهم " 


____________________________________


" أنتِ يا فتاة اكبر خسائري في هذه الحياة، لم اندم يومًا على شيء بقدر ما ندمت على الاحتفاظ بكِ " 


ختمت والدة لورا حديثها وهي ترتمي على الأريكة تنفجر في البكاء وجوارها تجلس لورا بملامح جامدة وهي تنظر أمامها دون أي ردة فعل، فبعدما أخبرت والدها بقرارها اغلق معها المكالمة بهدوء ومنذ عادت للمنزل اخذت تستمع بصراخ وحديث والدتها عن كم هي مدللة وكم هي حمقاء، أكملت والدتها وصلة التأنيب وهي تبكي بقوة وكأنها هي الضحية في الأمر :


" كنت صغيرة عندما حملت بك، وقتها أجبرني والدك على الاحتفاظ بالجنين، يا ليتني وقتها عارضته على الاقل لم أكن اعيش تعاستي الحالية مع فتاة مدللة مثلك تفسد كل شيء، تركتِ رجل تحلم به كل فتاة، وتركتِ عمل يتمناه أي شخص، لِمَ تدمرين حياتك بهكذا قرارات غبية ؟!"


لم تجب لورا وهي مستمرة في النظر أمامها ودموعها بدأت تلتمع في عينها، نهضت بهدوء شديد دون قول كلمة واحدة، ثم تحركت صوب باب المنزل دون أن تعير صرخات والدتها أي اهتمام ..


" لورا توقفي، أين تظنين نفسك ذاهبة يا فتاة؟!" 


وبدأ صوتها يتلاشى بمجرد أن أغلقت لورا باب المنزل بهدوء، ثم تحركت صوب سيارتها وصعدت لها بهدوء وقادتها دون أن تنطق بكلمة واحدة، وأخرجت هاتفها وهي تضعه على أذنها تنتظر الرد الذي جاءها :


" مرحبًا بالباحثة المشهورة لورا "


صمتت لورا وهي تمالك غصتها حتى تتحدث، لكن أنفاسها لم تساعد في ذلك حيث وصلت ثائرة للطرف الآخر.


توقف مايك الذي كان على وشك الدخول للمطعم وهو يبتعد عن الجميع يقول بخوف :


" لورا ما بكِ ؟! هل أنتِ بخير ؟!" 


هنا وانفجرت لورا في البكاء بصوت عالي وهي تصرخ بوجع :


" ما فهمتني بيوم، مفكرتني مدللة وجدبة، شايفتني خسارة إلها، بتتمنى لو إني ما ولدت، بتضل عم تقتلني بكلامها، بتخليني فكر موت حالي مليون مرة باليوم الواحد، متمنية الموت وما عم لاقيه، ما اتفهمت مرضي، بتتمسخر عليه وبتقول إني عم أتدلل، أنا جدبة وحقيرة غبية ومدللة، مايك أنا كل هاد كل هاد. "


شعر مايك بالعجز وهو لا يفهم شيء من حديثها؛ لذلك حاول تهدئتها :


" اشش اهدئي لورا، اهدئي جميلتي وقولي ببطء وبلغة افهمها ما تريدينه "


" أنا احتاج إليك مايك ....ارجوك احتاج للبقاء جوارك في هذه اللحظة تحديدًا أخشى أن أضعف وافعل ما لا اريده ارجوك "


ورغم جهله معنى جملتها الأخيرة إلا أنه نظر خلفه لاسم المطعم قبل أن يقول بحنان ولطف :


" هل تحبين التجمعات العائلية الهادئة؟؟" 


__________________________________


كان آدم يجلس أمام هايز في أحد المطاعم بعدما عاد معها للتو من زيارة ايان الذي طمأنهم الطبيب عليه واخبرهم أنه يستطيع العودة معهم للمنزل بعد العملية التالية .


وضع آدم قائمة الطعام على الطاولة أمامه بعدما انتهى من اخبار النادل ما يريده، كانت هايز في هذا الوقت تنظر حولها وهي تقترب منه :


" ادم ما هذه الأسماء التي أخبرت بها النادل منذ قليل ؟؟ هل طلبت لنا اكلات فضائية

الفصل التاسع عشر من هنا

تعليقات



×